تفسير إنجيل مَرْقُسَ
الأصحَاحُ السَّابعُ
1وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَقَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَادِمِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ. 2وَلَمَّا رَأَوْا بَعْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ، أَيْ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ، لاَمُوا. 3لأَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ وَكُلَّ الْيَهُودِ إِنْ لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ بِاعْتِنَاءٍ، لاَ يَأْكُلُونَ، مُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِ الشُّيُوخِ. 4وَمِنَ السُّوقِ إِنْ لَمْ يَغْتَسِلُوا لاَ يَأْكُلُونَ. وَأَشْيَاءُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَسَلَّمُوهَا لِلتَّمَسُّكِ بِهَا، مِنْ غَسْلِ كُؤُوسٍ وَأَبَارِيقَ وَآنِيَةِ نُحَاسٍ وَأَسِرَّةٍ. 5ثُمَّ سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ: «لِمَاذَا لاَ يَسْلُكُ تَلاَمِيذُكَ حَسَبَ تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ، بَلْ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ؟» 6فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ! كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا، 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ، وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ». 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ! 10لأَنَّ مُوسَى قَالَ: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمُ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا. 11وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي 12فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ».
14ثُمَّ دَعَا كُلَّ الْجَمْعِ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا مِنِّي كُلُّكُمْ وَافْهَمُوا. 15لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ الإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، لكِنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. 16إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ». 17وَلَمَّا دَخَلَ مِنْ عِنْدِ الْجَمْعِ إِلَى الْبَيْتِ، سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَنِ الْمَثَلِ. 18فَقَالَ لَهُمْ: «أَفَأَنْتُمْ أَيْضًا هكَذَا غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ أَمَا تَفْهَمُونَ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، 19لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ إِلَى الْجَوْفِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْخَلاَءِ، وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ». 20ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ ذلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. 21لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ، 22سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ. 23جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».
24ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ، 25لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. 26وَكَانَتْ الامْرَأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا. 27وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». 28فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ!». 29فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ». 30فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ، وَالابْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ.
31ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ. 32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. 33فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ، 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا. 36فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ. وَلكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيرًا. 37وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ».
1 وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَقَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَادِمِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ.: اجتمع إليه عدد من المؤمنين بالله، من الطائفة الفرّيسيّة وقوم من الكتبة، قادمين من أورشليم، أي أكبر المعلّمين لكلمة الله. آية روحيّة يتكلّم بها الرب يسوع مع جميع المؤمنين والمعلّمين لكلمة الله، مهما عظم شأنهم بين الناس، فلا يظنّوا أنّهم معصومون من الخطأ في فهمهم أو تعليمهم لكلمة الله.
2 وَلَمَّا رَأَوْا بَعْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ، أَيْ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ، لاَمُوا.: يتكلّمون عن غسل الجسد في حياتهم الروحيّة لأنّهم لم يفهموا كلمة الله الروحيّة، لأن كلمة الله هي آيات روحيّة للحياة الأبديّة، وليست حرفيّة لحياة الجسد الّذي يزول.
3 لأَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ وَكُلَّ الْيَهُودِ إِنْ لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ بِاعْتِنَاءٍ، لاَ يَأْكُلُونَ، مُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِ الشُّيُوخِ.: هذه تعاليم الشيوخ حسب حكمتهم الأرضيّة وفهمهم الخاطئ لكلمة الله، لأنّها تعاليم جسديّة لا تنفع المؤمن في حياته الروحيّة.
4 وَمِنَ السُّوقِ إِنْ لَمْ يَغْتَسِلُوا لاَ يَأْكُلُونَ. وَأَشْيَاءُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَسَلَّمُوهَا لِلتَّمَسُّكِ بِهَا، مِنْ غَسْلِ كُؤُوسٍ وَأَبَارِيقَ وَآنِيَةِ نُحَاسٍ وَأَسِرَّةٍ.: يمكن لهذه الأمور أن تنفع كل إنسان في حياته الجسديّة دون الحاجة للإيمان بالله، لأنّها تنفع المؤمن والخاطي وتزول مع الجسد. لذلك هي من حكمة الإنسان الجسديّة وليست من الله، لأنّ كلمة الله تنفع المؤمن الروحي فقط، ليصل بها إلى الحياة الأبديّة.
5 ثُمَّ سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ: «لِمَاذَا لاَ يَسْلُكُ تَلاَمِيذُكَ حَسَبَ تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ، بَلْ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ؟»: الفرّيسيّون والكتبة هم آية لكل الّذين يظنّون في أنفسهم أنّهم يفهمون كلمة الله ولا يحتاجون أن يعلّمهم أحد. هم كل الّذين يعملون حسب تقليد الشيوخ وليس حسب كلمة الله الروحيّة، لأنّهم يتبعون من علّمهم كلمة الله وليس كلمة الله فقط حسب المكتوب.
6 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ! كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا: (إشعياء 29: 13 فَقَالَ السَّيِّدُ: «لأَنَّ هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي، وَصَارَتْ مَخَافَتُهُمْ مِنِّي وَصِيَّةَ النَّاسِ مُعَلَّمَةً.) تنبّأ أشعياء عنهم وعن كل مؤمن مُرائي يكرم الله بشفتيه، أي بالكلام، لكنّه لا يعمل حسب كلمة الله الروحيّة لأنّ قلبه في هموم العالم وشهواته.
7 وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ.: لا يستطيع المؤمن أن يكرم الله بالكلام، لأنّ الله لا ينظر إلاّ للمؤمن الصالح الّذي يعمل بكلمة الله فقط حسب المكتوب. باطلا يخدمون لأنّهم باطلا يعبدون الله، لأنّهم لا يُعلّمون كلمة الله حسب الآيات الروحيّة في المكتوب، بل يعلّمون وصايا الناس الباطلة لأنّها جسديّة ومن حكمة بشريّة تزول.
8 لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ، وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ».: هؤلاء هم المؤمنون الّذين يعملون حسب عادات وتقاليد الناس وليس حسب كلمة الله الروحيّة فقط حسب المكتوب. غسل الأباريق والكؤوس هو عمل لحياة الجسد ولا يصلح لحياة الروح. أمّا الآية الروحيّة من الأعمال الجسديّة في المكتوب فهي لحياة الروح، لأنّها لغسل النفس بكلمة الله من نجاسة الخطيّة. (أعمال 9: 15 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.). المؤمن هو إناء الروح.
9 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!: حسناً، أي بكل معرفة وإرادة، رفضتم وصيّة الله لتعملوا بعادات وتقاليد مجتمعكم. هذه وصايا الناس المرفوضة من الله لأنّ المؤمن الصالح يعمل فقط بكلمة الله الواحدة حسب المكتوب لكل المؤمنين، فلا يعمل المؤمن حسب العادات والتقاليد الّتي تتغيّر من مجتمع إلى آخر.
10 لأَنَّ مُوسَى قَالَ: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمُ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا.: تركتم وصيّة الله في الناموس الّذي أعطي لكم بموسى، لتعملوا بوصيّة أعطيت لكم من شيوخكم. (الخروج 20: 12 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.) (الاويين 20: 9 كُلُّ إِنْسَانٍ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. قَدْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ.).
11 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي: يعبدون الله لكنّهم يُعلّمون وصايا الناس. قال الله: أكرم أباك وأمّك، أمّا هم فيقولون: يكفي أن تقدّم لأبيك أو أمّك هديّة. يُعلّمون وصايا الناس على أنّها من الله. (رؤيا 22: 18 لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. 19وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ.).
12 فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ.: وصايا الناس هي تعاليم أرضيّة باطلة لأنّها من حكمة بشريّة لا تنفع للحياة السماويّة، بل إنّها تجعل المؤمن لا يعمل بكلمة الله الروحيّة فقط حسب المكتوب للحياة الأبديّة.
13 مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ».: في هذه الآية الروحيّة يقول الرب يسوع للمؤمنين به أن يتبعوا كلمة الله فقط حسب المكتوب، فلا يتبع المؤمن معلّمه كأعمى، بل يسمع الكلمة لكن ناظرا إلى المكتوب، فلا ينخدع من التعاليم الخاطئة حسب حكمة الإنسان الباطلة. لأنّ الكثيرين ينظرون إلى المعلّمين لكلمة الله وليس إلى الرب يسوع في المكتوب. (متّى 15: 12 حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَقَالُوا لَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا الْقَوْلَ نَفَرُوا؟» 13فَأَجَابَ وَقَالَ: «كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ. 14اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ».). (يوحنّا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.).
14 ثُمَّ دَعَا كُلَّ الْجَمْعِ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا مِنِّي كُلُّكُمْ وَافْهَمُوا.: يقول الرب يسوع للجميع أن يسمعوا منه كلمة الله لحياتهم الروحيّة، فلا يسمعوا للتعاليم الخاطئة من الّذين يتكلّمون بحكمة الإنسان الأرضيّة. اسمعوا منّي كلّكم وافهموا كلمة الله الروحيّة في المكتوب لأنّها للحياة الأبديّة.
15 لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ الإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، لكِنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.: ليس شيء من الأكل أو الشرب ينجّس الإنسان، لكنّ أفعال الشرّ الّتي تخرج منه هي الّتي تنجّس روح الإنسان. ما يدخل إلى الإنسان قد ينفع أو يضرّ الجسد، لذلك هذا عمل جسدي في حياة الإنسان الأرضيّة يزول مع الجسد، وليس فيه عمل روحي لحياة الإنسان الروحية للحياة الأبديّة.
16 إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ».: إن كان لأحد أذنان للسمع الروحي فليسمع كلمة الله الروحيّة. الجميع لهم آذان للسمع الجسدي، لكن ليس الجميع لهم آذان للسمع الروحي لأنّ قلوبهم غليظة، لا يريدون أن يفهموا كلمة الله في التفسير الروحي للآيات السماويّة. (كورنثوس الثانية 3: 6 الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي.).
17 وَلَمَّا دَخَلَ مِنْ عِنْدِ الْجَمْعِ إِلَى الْبَيْتِ، سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَنِ الْمَثَلِ.: هذا ما يفعله المؤمن الصالح، فهو لا يترك كلمة الله تمرّ عليه دون أن يفهم معنى المثل، لأنّ كلمة الله في المكتوب كلّها أمثال أرضيّة جسديّة فيها آيات روحيّة هي أسرار ملكوت السماوات، يجب تفسيرها ليفهم المؤمن ويعمل بها في الروح لحياته السماويّة.
18 فَقَالَ لَهُمْ: «أَفَأَنْتُمْ أَيْضًا هكَذَا غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ أَمَا تَفْهَمُونَ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ: يسأل الرب يسوع ويقول لكل مؤمن يتبعه: هل أنت أيضاً كالفرّيسيين لا تفهم كلمة الله الروحيّة؟ فسّر الرب يسوع هذا المثل الجسدي لتلاميذه لأنّه يريد من المؤمن به أن يعمل في حياة سماويّة معه، وليس في فرائض جسديّة لا تصلح للحياة الروحيّة. فسّر الرب يسوع هذا المثل لكي يجعل من تفسيره أساس يرتكز عليه المفسّر الروحي، وأيضا لكي يفحص المؤمن صحّة التفاسير على مثال هذا الأساس.
19 لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ إِلَى الْجَوْفِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْخَلاَءِ، وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ».: يقول الرب يسوع أن كلمة الله هي من أجل الروح للحياة الأبديّة وليست من أجل الجسد الّذي يزول. لذلك لا يتكلّم عمّا يدخل الجوف من أجل الجسد، بل فقط عمّا يخرج من القلب لحياة الإنسان في الروح أو موته الأبدي.
20 ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ ذلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.: إنّ الّذي يخرج من الإنسان من الكلام الباطل وأعمال الشرّ ذلك ينجّس الإنسان في الروح، لأنّ هذه الأعمال لا تزول مع الجسد، لأنّ الإنسان سيأتي بها في الروح إلى الدينونة الأبديّة.
21 لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ: يتكلّم الرب يسوع عن محبّة الخطيّة في قلب الإنسان الخاطي، لتخرج منه الأفكار الشرّيرة بكل إرادة وتخطيط لعمل الشرّ.
22 سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ.: يتكلّم الرب يسوع عن وصايا الأفكار وليس فقط عن وصايا الأعمال كما جاء في الناموس، لأنّها أفكار تخرج من القلب يرفضها الرب يسوع في المؤمن به. وأيضا هي آية ليفهم المؤمن أنّ الرب يسوع لا يتكلّم عن خطايا كبيرة وأخرى صغيرة لأنّ القتل والطمع والكبرياء والجهل كلّها أفكار يرفض الرب يسوع أن توجد في قلب المؤمن به. الجهل هو الحماقة والاستهتار.
23 جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».: الخطيّة والأفكار الشرّيرة هي الّتي تنجّس الإنسان وليس الطعام أو الشراب. لأنّ الله سيحاسب الإنسان على أعماله عند الدينونة وليس على أكله أو شربه في الجسد الّذي يزول. لا يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة عن دينونة الخاطي، لأنّ الرب يسوع يتكلّم عن قلب المحبّة الّذي يريده في المؤمن به.
24 ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ: بيت الروح هو الإنسان، لذلك لا يقدر الرب يسوع أن يختفي بعد دخوله إلى حياة المؤمن الصالح. لأنّ المؤمن الصالح ينشر كلمة الله ويعمل بها فيظهر الرب يسوع الساكن فيه. يريد الرب يسوع أن لا يعلم أحد بالكلام أو بالمظاهر، أي بقول المؤمن لكلمات أو بحمله لرموز يدل بها على إيمانه، لكنّه لا يقدر أن يختفي بسبب أعمال المؤمن الصالح.
25 لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ.: لا يقدر الرب يسوع أن يختفي بسبب أعماله الصالحة من أجل الإنسان، فيأتي إليه بالتواضع كل من يسمع به ليشفيه من أمراضه الروحيّة. لذلك أتت إليه هذه الامرأة لكي يُخرج الروح النجس من ابنتها، وخرّت عند قدميه لأهميّة الطلب الّذي جاءت من أجله، ولإيمانها العظيم بقدرته على الشفاء، أي أنّها لم تأت لتجرّب حظّها، بل لأنّها واثقة من قدرته. لذلك لم يختف عنها وكان يسمع لها.
26 وَكَانَتْ الامْرَأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا.: أمميّة فينيقيّة سوريّة، ليست من شعب الله، لكنّها تؤمن به المخلّص الروحي للحياة الأبديّة، لذلك سألته أن يُخرج الشيطان من ابنتها. الشيطان هو روح محبّة الخطيّة الّذي يسكن في الإنسان الخاطي.
27 وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».: تكلّم الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة ليُظهر قوّة الإيمان والتواضع في هذه المرأة المؤمنة به. ليجعل منها آية روحيّة يعمل بها المؤمن الصالح. البنين هم شعب الله وهذه المرأة من الأمم. ليس حسنا أن تُطرح كلمة الله لأنّها خبز الحياة الروحيّة للبنين وليس للكلاب، أي ليس للّذين يهاجمون كلمة الله. (متّى 7: 6 لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.).
28 فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ!».: في هذه الآية الروحيّة تقول المرأة أنّها لم تأت لتهاجم كلمة الله، بل جاءت بكل تواضع لتقف أمام سيّدها، وأنّها ترضى بفتات البنين الّذين يأكلون على مائدة الرب، أي أنّها لا تسعى للظهور في المقدّمة أمام الناس، بل فقط تريد أن تقف أمام الرب يسوع وإن كان تحت المائدة، لتأكل فتات الكلمة الروحيّة من المؤمنين به. فتات البنين هو المعرفة البسيطة لكلمة الله. الكلاب تهاجم الغريب لكنّها مسالمة بكل تواضع أمام أصحابها.
29 فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ».: لم يرفض الرب يسوع طلبها بل استجاب لها في الحال، لأنّ الرب يسوع لا يؤجّل شفاء المريض الروحي الّذي يأتي إليه بالإيمان الصالح. آية لكل مؤمن لا يستجيب الرب يسوع في الحال لطلبه، ليفهم أنّه لا يطلب حسب كلمة الله الروحيّة. وهي آية لكل إنسان يأتي إلى الرب يسوع ليطلب منه الشفاء الروحي لحياته الأبديّة، فيُخرج منه شيطان الخطيّة، أي يتغيّر من إنسان يحبّ الخطيّة إلى إنسان يرفض الخطيّة. في هذه الآية جاءت المرأة لتطلب الشفاء من أجل ابنتها، فهي مؤمنة بالرب يسوع وتطلب لابنتها الشفاء من شيطان الخطيّة.
30 فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ، وَالابْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ.: خرج منها شيطان محبّة الخطيّة لكنّها مطروحة على فراش الروح، أي لا تعمل لخدمة الكلمة السماويّة. المؤمن الصالح يطلب الشفاء الروحي من الرب يسوع ليقوم من فراشه الروحي ويعمل في حياة روحيّة لخدمة الكلمة السماويّة.
31 ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ.: انتقل الرب يسوع في الجسد من مكان إلى آخر ليشفي مرضى الجسد، ليس بهدف شفاء الجسد الّذي يزول، إنّما ليصنع آيات روحيّة بأعمال أرضيّة يراها الإنسان الجسدي، لكنّها آيات سماويّة لشفاء الروح بعد صعود الرب يسوع في الجسد. يستخدم الرب يسوع المؤمنين به لينتقل بهم من إنسان إلى آخر ليشفي كل من يطلب منه الشفاء الروحي.
32 وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ.: آية روحيّة ليأتي المؤمن إلى الرب يسوع بأصمّ الروح لأنّه لا يسمع كلمة الله بروح الإيمان وطلب المعرفة الروحيّة. وأعقد اللسان لأنّه لا يتكلّم بكلمة الله الروحيّة كما يجب لأنّه يفهمها جسديّة، لذلك هو أعقد اللسان الروحي. يطلب المؤمن من الرب يسوع أن يشفيه بوضع يده الروحيّة عليه، لأنّ الرب يسوع مع المؤمن في الروح. وضع اليد لشفاء الروح هو في العمل مع مريض الروح بالتعليم الروحي لكلمة الله، ليسمع كلمة الله بروح الإيمان في العقل والقلب، فيتكلّم بكلمة الله الروحيّة كما يجب.
33 فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ: أخذه من بين الجمع على ناحيةٍ، لأنّها آية روحيّة لشفاء مريض الروح بوضع اليد، لذلك على ناحية وليس مع الجمع، ليتعلّم كلمة الله بوضع اليد لشفاء الروح. وضع أصابعه في أذنيه لأنّ خدّام الرب يسوع هم أصابع الرب يسوع في العالم، يضعها في أذني مريض الروح ليسمع كلمة الله، ويلمس بهم لسانه ليتكلّم بكلمة الله في حياة روحيّة. (كورنثوس الأولى 12: 27 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا. 28فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِي الْكَنِيسَةِ: أَوَّلاً رُسُلاً، ثَانِيًا أَنْبِيَاءَ، ثَالِثًا مُعَلِّمِينَ، ثُمَّ قُوَّاتٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ، أَعْوَانًا، تَدَابِيرَ، وَأَنْوَاعَ أَلْسِنَةٍ.).
34 وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ.: رفع نظره نحو السماء ليقول أنّه يصنع آية روحيّة سماويّة لشفاء المريض في الروح، وليس عمل أرضي لشفاء الجسد الّذي يزول، لأنّ العمل الأرضي يزول أمّا السماوي فإلى الأبد. أنّ الرب يسوع لأنّه يحزن على مريض الروح. وقال له انفتح لأنّ كلمة الله في الرب يسوع تشفي مريض الروح، ليسمع الآيات الروحيّة فيتكلّم بالسماويّات وليس كأعقد اللسان الروحي الّذي يتكلّم بالأرضيات، لذلك خادم الرب يسوع يشفي مريض الروح بالآيات الروحيّة حسب كلمة الله السماويّة.
35 وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا.: وللوقت شُفي المريض، لأنّ من يطلب الشفاء الروحي يشفيه الرب يسوع في الحال. آية روحيّة لكل مؤمن يطلب الشفاء، ليفهم أنّ الرب يسوع يشفي المريض في الحال ولا يؤجّل. لذلك المؤمن الّذي لا يأخذ شفاءه من الرب يسوع عند طلبه، يفهم من هذه الآية أنّه لا يطلب حسب كلمة الله الروحيّة.
36 فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ. وَلكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيرًا.: أوصاهم أن لا يقولوا لأحد بالكلام، لأنّ الرب يسوع لا يريد من المؤمن به أن يُظهر إيمانه أو شفاءه الروحي بالكلام، بل بالعمل حسب كلمة الله فيَظهر إيمانه الصالح بين الناس. التغيير الّذي يأتي على الإنسان بعد شفائه الروحي يظهر بالعمل الروحي بين الناس وليس بالكلام. ولكنّ المؤمن على قدر فرحه بالرب يسوع ينادي بعمل الرب يسوع من أجله. لذلك عمل الرب يسوع في المؤمن به هو عمل روحي لحياة أبديّة، وليس عمل جسدي لا يُستجاب لأنّه يزول، فلا ينادي بعمل الرب يسوع من أجله.
37 وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ».: تمّت نبوّة الشفاء بشهادة كل الجمع الّذي أبصر شفاء المريض، فنطق الجمع بكلمات نبوّة إشعياء الّتي تنبّأ بها قبل مجيء المسيح بمئات السنين. (إشعياء 35: 5 حِينَئِذٍ تَتَفَقَّعُ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ.).
بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود