تفسير مرقس 6 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content

تفسير إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. 2وَلَمَّا كَانَ السَّبْتُ، ابْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ. وَكَثِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا بُهِتُوا قَائِلِينَ: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ؟ وَمَا هذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هذِهِ؟ 3أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَخُو يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ ههُنَا عِنْدَنَا؟» فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ. 4فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ». 5وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصْنَعَ هُنَاكَ وَلاَ قُوَّةً وَاحِدَةً، غَيْرَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَرْضَى قَلِيلِينَ فَشَفَاهُمْ. 6وَتَعَجَّبَ مِنْ عَدَمِ إِيمَانِهِمْ. وَصَارَ يَطُوفُ الْقُرَى الْمُحِيطَةَ يُعَلِّمُ.

7وَدَعَا الاثْنَيْ عَشَرَ وَابْتَدَأَ يُرْسِلُهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ، 8وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ غَيْرَ عَصًا فَقَطْ، لاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ نُحَاسًا فِي الْمِنْطَقَةِ. 9بَلْ يَكُونُوا مَشْدُودِينَ بِنِعَال، وَلاَ يَلْبَسُوا ثَوْبَيْنِ. 10وَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا فَأَقِيمُوا فِيهِ حَتَّى تَخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ. 11وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمْ، فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ». 12فَخَرَجُوا وَصَارُوا يَكْرِزُونَ أَنْ يَتُوبُوا. 13وَأَخْرَجُوا شَيَاطِينَ كَثِيرَةً، وَدَهَنُوا بِزَيْتٍ مَرْضَى كَثِيرِينَ فَشَفَوْهُمْ.

14فَسَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ، لأَنَّ اسْمَهُ صَارَ مَشْهُورًا. وَقَالَ: «إِنَّ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانَ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ وَلِذلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّاتُ». 15قَالَ آخَرُونَ: «إِنَّهُ إِيلِيَّا». وَقَالَ آخَرُونَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ كَأَحَدِ الأَنْبِيَاءِ». 16وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ قَالَ: «هذَا هُوَ يُوحَنَّا الَّذِي قَطَعْتُ أَنَا رَأْسَهُ. إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ!»

17لأَنَّ هِيرُودُسَ نَفْسَهُ كَانَ قَدْ أَرْسَلَ وَأَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، إِذْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا. 18لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لِهِيرُودُسَ: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأَةُ أَخِيكَ» 19فَحَنِقَتْ هِيرُودِيَّا عَلَيْهِ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ، 20لأَنَّ هِيرُودُسَ كَانَ يَهَابُ يُوحَنَّا عَالِمًا أَنَّهُ رَجُلٌ بَارٌّ وَقِدِّيسٌ، وَكَانَ يَحْفَظُهُ. وَإِذْ سَمِعَهُ، فَعَلَ كَثِيرًا، وَسَمِعَهُ بِسُرُورٍ. 21وَإِذْ كَانَ يَوْمٌ مُوافِقٌ، لَمَّا صَنَعَ هِيرُودُسُ فِي مَوْلِدِهِ عَشَاءً لِعُظَمَائِهِ وَقُوَّادِ الأُلُوفِ وَوُجُوهِ الْجَلِيلِ، 22دَخَلَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا وَرَقَصَتْ، فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ لِلصَّبِيَّةِ: «مَهْمَا أَرَدْتِ اطْلُبِي مِنِّي فَأُعْطِيَكِ». 23وَأَقْسَمَ لَهَا أَنْ «مَهْمَا طَلَبْتِ مِنِّي لأُعْطِيَنَّكِ حَتَّى نِصْفَ مَمْلَكَتِي». 24فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ لأُمِّهَا: «مَاذَا أَطْلُبُ؟» فَقَالَتْ: «رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ». 25فَدَخَلَتْ لِلْوَقْتِ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْمَلِكِ وَطَلَبَتْ قَائِلَةً: «أُرِيدُ أَنْ تُعْطِيَنِي حَالاً رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ عَلَى طَبَق». 26فَحَزِنَ الْمَلِكُ جِدًّا. وَلأَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرُدَّهَا. 27فَلِلْوَقْتِ أَرْسَلَ الْمَلِكُ سَيَّافًا وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِرَأْسِهِ. 28فَمَضَى وَقَطَعَ رَأْسَهُ فِي السِّجْنِ. وَأَتَى بِرَأْسِهِ عَلَى طَبَق وَأَعْطَاهُ لِلصَّبِيَّةِ، وَالصَّبِيَّةُ أَعْطَتْهُ لأُمِّهَا. 29وَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ، جَاءُوا وَرَفَعُوا جُثَّتَهُ وَوَضَعُوهَا فِي قَبْرٍ.

30وَاجْتَمَعَ الرُّسُلُ إِلَى يَسُوعَ وَأَخْبَرُوهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، كُلِّ مَا فَعَلُوا وَكُلِّ مَا عَلَّمُوا. 31فَقَالَ لَهُمْ: «تَعَالَوْا أَنْتُمْ مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَاسْتَرِيحُوا قَلِيلاً». لأَنَّ الْقَادِمِينَ وَالذَّاهِبِينَ كَانُوا كَثِيرِينَ، وَلَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلأَكْلِ. 32فَمَضَوْا فِي السَّفِينَةِ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدِينَ. 33فَرَآهُمُ الْجُمُوعُ مُنْطَلِقِينَ، وَعَرَفَهُ كَثِيرُونَ. فَتَرَاكَضُوا إِلَى هُنَاكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُدُنِ مُشَاةً، وَسَبَقُوهُمْ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ. 34فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا، فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا، فَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا. 35وَبَعْدَ سَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ مَضَى. 36اِصْرِفْهُمْ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الضِّيَاعِ وَالْقُرَى حَوَالَيْنَا وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ خُبْزًا، لأَنْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ». 37فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». فَقَالُوا لَهُ: «أَنَمْضِي وَنَبْتَاعُ خُبْزًا بِمِئَتَيْ دِينَارٍ وَنُعْطِيَهُمْ لِيَأْكُلُوا؟» 38فَقَالَ لَهُمْ: «كَمْ رَغِيفًا عِنْدَكُمُ؟ اذْهَبُوا وَانْظُرُوا». وَلَمَّا عَلِمُوا قَالُوا: «خَمْسَةٌ وَسَمَكَتَانِ». 39فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْجَمِيعَ يَتَّكِئُونَ رِفَاقًا رِفَاقًا عَلَى الْعُشْبِ الأَخْضَرِ. 40فَاتَّكَأُوا صُفُوفًا صُفُوفًا: مِئَةً مِئَةً وَخَمْسِينَ خَمْسِينَ. 41فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَبَارَكَ ثُمَّ كَسَّرَ الأَرْغِفَةَ، وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا إِلَيْهِمْ، وَقَسَّمَ السَّمَكَتَيْنِ لِلْجَمِيعِ، 42فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. 43ثُمَّ رَفَعُوا مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوَّةً، وَمِنَ السَّمَكِ. 44وَكَانَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الأَرْغِفَةِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.

45وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ، إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ. 46وَبَعْدَمَا وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. 47وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَتِ السَّفِينَةُ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ، وَهُوَ عَلَى الْبَرِّ وَحْدَهُ. 48وَرَآهُمْ مُعَذَّبِينَ فِي الْجَذْفِ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ ضِدَّهُمْ. وَنَحْوَ الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ أَتَاهُمْ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَجَاوَزَهُمْ. 49فَلَمَّا رَأَوْهُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ ظَنُّوهُ خَيَالاً، فَصَرَخُوا. 50لأَنَّ الْجَمِيعَ رَأَوْهُ وَاضْطَرَبُوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «ثِقُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا». 51فَصَعِدَ إِلَيْهِمْ إِلَى السَّفِينَةِ فَسَكَنَتِ الرِّيحُ، فَبُهِتُوا وَتَعَجَّبُوا فِي أَنْفُسِهِمْ جِدًّا إِلَى الْغَايَةِ، 52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً. 53فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ وَأَرْسَوْا.

54وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ عَرَفُوهُ. 55فَطَافُوا جَمِيعَ تِلْكَ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ، وَابْتَدَأُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى عَلَى أَسِرَّةٍ إِلَى حَيْثُ سَمِعُوا أَنَّهُ هُنَاكَ. 56وَحَيْثُمَا دَخَلَ إِلَى قُرىً أَوْ مُدُنٍ أَوْ ضِيَاعٍ، وَضَعُوا الْمَرْضَى فِي الأَسْوَاقِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا وَلَوْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. وَكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفِيَ.

 

1 وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ.: خرج من هناك حيث صنع آيات روحيّة لخلاص الإنسان، وجاء إلى وطنه ومعه تلاميذه ليصنع آيات روحيّة يكمل بها عمله الروحي من أجل الإنسان. جاء إلى وطنه، أي جاء إلى أولئك الّذين عاش بينهم في حياته الجسديّة، لأنّها آية روحيّة لحالة خدّامه في أوطانهم.

2 وَلَمَّا كَانَ السَّبْتُ، ابْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ. وَكَثِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا بُهِتُوا قَائِلِينَ: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ؟ وَمَا هذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هذِهِ؟: بعد أن أظهر الرب يسوع بكل أعماله من أجل الإنسان أنّه ابن الله، ابتدأ في السبت يعلّم في المجمع، أي ابتدأ يعلّم شعب الله تعاليمه الروحيّة، لذلك كثيرون بهتوا إذ سمعوا منه كلمة الله بحكمة روحيّة لم يسمعوا مثلها من قبل، ليس لأنّه غيّر كلمة الله إنّما لأنّه تكلّم بقوّة التفسير الروحي للفرائض الجسديّة. الإيمان بالفرائض قبل مجيء المسيح، والإيمان في حياة روحيّة بعد مجيئه بالعمل حسب الآيات الروحيّة وليس بالفرائض الجسديّة. الآيات الروحيّة هي أسرار ملكوت السماوات في التفسير الروحي للفرائض الجسديّة. (كولوسي 2: 14 إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِالصَّلِيبِ). يتساءلون من أين لهذا هذه المعرفة والحكمة الروحيّة حتّى تجري على يديه قوّات مثل هذه؟ القوّات هي التفاسير الروحيّة لكلمة الله، لأنّ كلمة الله هي قوّة عمل روحي لا يزول وليس عمل جسدي يزول.

3 أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَخُو يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ ههُنَا عِنْدَنَا؟» فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ.: بهتوا من تعليمه ومع هذا عثروا به لأنّ قلوبهم غليظة. (مرقس 6: 52 لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.). العقل الغليظ لا يستطيع أن يفهم أمّا القلب الغليظ فلا يريد أن يفهم. ينظرون إليه حسب الجسد ولا ينظرون إليه حسب الروح في أعماله وتعاليمه لخلاص الإنسان في الروح إلى حياة أبديّة، لذلك كانوا يعثرون به. آية لكل من ينتظر من الرب يسوع حياة جسديّة فيعثر به في الروح. (يوحنّا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، 64وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ».) من يفهم هذه الآية لا يعثر به.

4 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ».: يتكلّم الرب يسوع عن الإنسان غير الحكيم، لأنّه يقبل الكلمة من الغريب ويرفضها من القريب، أو يكرم الغريب ويحتقر القريب. هذا هو الّذي لا ينظر إلى كلمة الله في المتكلّم فقط حسب المكتوب ليقبل الكلمة أو يرفضها، لأنّه ينظر إلى المتكلّم بها ليقبله أو يرفضه. هكذا رفضوا الرب يسوع في وطنه لأنّه قريب، وهكذا كثيرين من خدّام الرب يسوع بلا كرامة روحيّة بين معارفهم وبين أقربائهم وفي بيوتهم، لكنّهم في كرامتهم عند الغريب. آية لكل إنسان يطلب الحياة الأبديّة فلا ينظر إلى المتكلّم بها، بل فقط إلى الكلمة حسب المكتوب، لأنّ خلاصه بالكلمة وليس بالمتكلّم.

5 وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصْنَعَ هُنَاكَ وَلاَ قُوَّةً وَاحِدَةً، غَيْرَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَرْضَى قَلِيلِينَ فَشَفَاهُمْ.: لم يقدر أن يصنع قوّة خلاص واحدة في وطنه لعدم إيمانهم به. ووضع يديه على مرضى قليلين لأنّهم اعترفوا أمامه بمرضهم فشفاهم. آية روحيّة لكل من يطلب قوّة الله لخلاصه من الدينونة الأبديّة، فيأتي بالإيمان إلى الرب يسوع ليعمل بالكلمة المرسلة إليه مع خادم الرب، الّذي يتكلّم فقط حسب المكتوب، فلا ينظر إلى المتكلّم إنّما فقط إلى كلمة الله.

6 وَتَعَجَّبَ مِنْ عَدَمِ إِيمَانِهِمْ. وَصَارَ يَطُوفُ الْقُرَى الْمُحِيطَةَ يُعَلِّمُ.: تعجّب الرب يسوع من عدم إيمانهم لأنّهم بهتوا من تعليمه ومن حكمته الروحيّة، ومن شفاء الأمراض بلمسة من يديه، ورغم ذلك لم يؤمنوا به لأنّه من وطنهم. فتركهم وأكمل عمله في القرى المحيطة يعلّم.

7 وَدَعَا الاثْنَيْ عَشَرَ وَابْتَدَأَ يُرْسِلُهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ: يرسلهم اثنين اثنين لكي تقوم الكلمة على فم شاهدين. (متى 18: 16 وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.). وأعطاهم سلطان على الأرواح النجسة الّتي في كل إنسان خاطي، يطردها خادم الرب بكلمة الله، أي بتعليمه لكلمة الله، فتخرج من كل إنسان يطلب الحقّ السماوي في برّ الرب يسوع. أعطاهم سلطان على الأرواح النجسة، أي أعطاهم سيف الكلمة الروحيّة ليطردوا بقوّة تعليم الكلمة السماويّة محبّة الخطيّة من الإنسان الخاطي. 

8 وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ غَيْرَ عَصًا فَقَطْ، لاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ نُحَاسًا فِي الْمِنْطَقَةِ.: العصا الروحيّة بيد المؤمن هي كلمة الله لتحذير الخاطي من الدينونة الأبديّة (كورنثوس الأولى 4: 21 مَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَبِعَصًا آتِي إِلَيْكُمْ أَمْ بِالْمَحَبَّةِ وَرُوحِ الْوَدَاعَةِ؟). لا مزود ولا خبز ولا نحاس في المنطقة، أي لا تحمل أكثر من الحاجة اليوميّة، لأنّ من يحمل في المنطقة هو يحمل ما يزيد عن سعة يده لحاجته اليوميّة، لأنّك من خدمتك تستحقّ أن تأخذ حاجات الجسد. المنطقة هي الحقيبة (متّى 3: 4 وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ). النحاس هو المال (مرقس 12: 41 وَجَلَسَ يَسُوعُ تُجَاهَ الْخِزَانَةِ، وَنَظَرَ كَيْفَ يُلْقِي الْجَمْعُ نُحَاسًا فِي الْخِزَانَةِ.).

9 بَلْ يَكُونُوا مَشْدُودِينَ بِنِعَال، وَلاَ يَلْبَسُوا ثَوْبَيْنِ.: خدّام الرب يسوع مشدودين بنعال، أي منفصلين عن شهوات العالم المادّي، لأنّ النعل يرمز إلى الفصل بين المؤمن والعالم المادّي. (أعمال 7: 33 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اخْلَعْ نَعْلَ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ.) نعل المؤمن هو الّذي يلمس عالم الشهوات. ولا يلبسوا ثوبين، أي يلبسوا الرب يسوع في كلامهم وأعمالهم في حياة روحيّة ولا يلبسوا معه حياة الجسد في شهوات العالم. (رومية 13: 14 بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.).

10 وَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا فَأَقِيمُوا فِيهِ حَتَّى تَخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ.: متى دخلتم إلى حياة الإنسان الروحيّة لأنّه يسمع منكم كلمة الله، فأقيموا فيه حتّى تخرجوا من هناك باكتمال العمل الروحي معه. أي يبقى خادم الرب في خدمة هذا الإنسان إلى أن يفهم الكلمة ويصبح في علاقة روحيّة مع الرب يسوع.

11 وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمْ، فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ».: وكل من لا يقبلكم ولا يسمع لكم فهو لا يستحقّ الخلاص، لأنّه يرفض كلمة الله المرسلة معكم. لذلك اخرجوا بالروح من حياته، لأنّه يقبلكم للحياة الجسديّة في العالم ويرفضكم للحياة الروحيّة. وانفضوا التراب الّذي تحت أرجلكم شهادة عليهم لأنّ تراب أرجلكم يشهد عليهم يوم الدينونة بأنّكم أتيتم إليهم لخدمتهم لكنّهم رفضوا كلمة الله بإرادتهم. لذلك سيكون لخطاة سدوم وعمورة يوم الدينونة حسب أعمالهم حالة أكثر احتمالا من الخطاة الّذين رفضوا كلمة الله لخلاصهم بالإيمان. الندم على ضياع الفرصة للخلاص بالرب يسوع الفادي، يجعل الخاطي عند الدينونة في حالة أصعب من الخاطي الّذي يُدان على أعماله دون أن تصله كلمة الخلاص بالإيمان. (التكوين 13: 13 وَكَانَ أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَارًا وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدًّا.).

12 فَخَرَجُوا وَصَارُوا يَكْرِزُونَ أَنْ يَتُوبُوا.: هذه هي معموديّة يوحنّا بالماء، أي بكلمة الله للتوبة، لأنّ التوبة هي بداية الطريق إلى ملكوت الله. (متّى 3: 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.) (متى 3: 5 حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ، 6وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.).

13 وَأَخْرَجُوا شَيَاطِينَ كَثِيرَةً، وَدَهَنُوا بِزَيْتٍ مَرْضَى كَثِيرِينَ فَشَفَوْهُمْ.: إخراج الشياطين بكلمة الله هو إخراج محبّة الخطيّة من الإنسان الخاطي. لأنّ الّذي يقبل كلمة الله للبرّ تخرج منه روح الخطيّة، أي تخرج منه محبّة الخطيّة، فيطلب البرّ في حياة روحيّة مع الرب يسوع. والزيت هو الاعتماد بكلمة الله لأنّه زيت المصباح الّذي في الإناء، أي في المؤمن المتكلّم باسم الرب، هكذا باعتماده يدهن مريض الروح ليقبل منه كلمة الله، لأنّه يراه يعمل بما يقول. (متّى 25: 3 أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، 4وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ.). الإناء هو المؤمن والزيت هو الاعتماد، أي العمل بكلمة الله.

14 فَسَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ، لأَنَّ اسْمَهُ صَارَ مَشْهُورًا. وَقَالَ: «إِنَّ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانَ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ وَلِذلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّاتُ».: صار اسم الرب يسوع مشهورا بين الناس لكثرة أعماله العظيمة من أجل الإنسان. قال هيرودس أنّه يوحنّا المعمدان لأنّه كان يسمع منه كلمة الله، الكلمة الّتي تكلّم وعمل بها الرب يسوع وصنع قوّات عظيمة، فضنّ أنّه يوحنّا المعمدان قد قام من الأموات. آية تدلّ على مجيء الرب يسوع بشهادة هيرودس، ليس فقط بشهادة الّذي يتبع الرب يسوع، إنّما أيضاً بشهادة الّذي قتل كلمة الله في يوحنّا المعمدان.

15 قَالَ آخَرُونَ: «إِنَّهُ إِيلِيَّا». وَقَالَ آخَرُونَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ كَأَحَدِ الأَنْبِيَاءِ».: آخرون قالوا أنّه إيليّا لأنّ إيليّا كان يعمل بكلمة الله وسيأتي حسب كلمة الله في المكتوب، هؤلاء يؤمنون بقيامة الموتى. وقال آخرون أنّه نبيّ أو كأحد الأنبياء لأنّ جميع الأنبياء تكلّموا بكلمة الله الواحدة. شهادة من الجميع بأنّ الرب يسوع جاء حسب كلمة الله في الأنبياء.

16 وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ قَالَ: «هذَا هُوَ يُوحَنَّا الَّذِي قَطَعْتُ أَنَا رَأْسَهُ. إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ: آمن هيرودس بقيامة الأموات حين سمع بالمسيح. قال أنّه يوحنّا لأنّه كان يسمع منه كلمة الله الّتي سمع بها في المسيح. شهادة من المؤمنين بكلمة الله وأيضا من غير المؤمنين بأنّ الرب يسوع هو المسيح المنتظر. 

17 لأَنَّ هِيرُودُسَ نَفْسَهُ كَانَ قَدْ أَرْسَلَ وَأَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، إِذْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا.: كان هيرودس يسمع بمحبّة ليوحنّا المتكلّم بكلمة الله، لكنّ حبّه لشهوات العالم جعله لا يعمل بها. لذلك هو آية لكل مؤمن يعمل لشهواته في العالم وليس لحياته الروحيّة حسب كلمة الله. أوثق يوحنّا في السجن من أجل هيروديّا، آية للّذي يسمع كلمة الله بمحبّة ويعمل بها إلى أن تتعارض مع شهواته، فيوثقها في سجن قلبه ولا يعمل بها ليعمل لشهواته في العالم. هيروديّا تمثّل ابليس الخطيّة في العالم وهيرودس يمثّل محبّة الخطيّة في العالم لذلك تزوّج بها.

18 لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لِهِيرُودُسَ: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأَةُ أَخِيكَ»: أوثقه في السجن بسبب قوله أنّه لا يحل أن تكون امرأة أخيه زوجة له، ولأنّه بهذا القول كان يُغضب هيروديّا امرأته، فرفض هيرودس كلمة الله من أجلها.

19 فَحَنِقَتْ هِيرُودِيَّا عَلَيْهِ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ: هكذا يحنق الإنسان الخاطي على كلمة الله لأنّها تُظهر خطاياه، لذلك يريد الخاطي أن يقتل كلمة الله بقتله للمتكلّم بها. ليس بالضرورة أن يقتله جسدياً لأنّها آية روحيّة للّذي يقتل كلمة الله في قلبه، بقتله أو برفضه للمتكلّم بها ومنعه من الكلام.

20 لأَنَّ هِيرُودُسَ كَانَ يَهَابُ يُوحَنَّا عَالِمًا أَنَّهُ رَجُلٌ بَارٌّ وَقِدِّيسٌ، وَكَانَ يَحْفَظُهُ. وَإِذْ سَمِعَهُ، فَعَلَ كَثِيرًا، وَسَمِعَهُ بِسُرُورٍ.: كان يهاب يوحنّا المتكلّم بالحقّ باسم الرب عالماً أنّه بارّ وقدّيس بإيمانه العظيم، لأنّه كان يعمل بالكلمة الّتي علّمها. لذلك كان يحفظه من الشرّ ويسمع منه الكلمة ويعمل بالكثير منها بسرور. آية تتكلّم عن المؤمن الّذي يسمع الكلمة بسرور ويفعل كثيراً، لكنّه عند التجربة يسقط.

21 وَإِذْ كَانَ يَوْمٌ مُوافِقٌ، لَمَّا صَنَعَ هِيرُودُسُ فِي مَوْلِدِهِ عَشَاءً لِعُظَمَائِهِ وَقُوَّادِ الأُلُوفِ وَوُجُوهِ الْجَلِيلِ: وإذ كان يوم موافق للشهوات في هذا العالم، بعد سجنه ليوحنّا وكلمة الله، صنع هيرودس في مولده عشاء لعظماء هذا العالم.

22 دَخَلَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا وَرَقَصَتْ، فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ لِلصَّبِيَّةِ: «مَهْمَا أَرَدْتِ اطْلُبِي مِنِّي فَأُعْطِيَكِ».: دخلت ابنة هيروديّا ورقصت، فسرّت قلب الإنسان الخاطي وضعيف الإيمان. (متّى 5: 29 فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.) (تسالونيكي الأولى 5: 22 امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ.). دخل هيرودس هذه التجربة لأنّه أحبّ العالم أكثر من كلمة الله. هكذا يستخدم ابليس أولاده الخطاة في العالم ليبتعد المؤمن عن كلمة الله بالشهوات، فيأخذه معه إلى الدينونة الأبديّة.

23 وَأَقْسَمَ لَهَا أَنْ «مَهْمَا طَلَبْتِ مِنِّي لأُعْطِيَنَّكِ حَتَّى نِصْفَ مَمْلَكَتِي».: أقسم لها أن يعطيها حتّى نصف مملكته، فهل يملك هيرودس بالحقّ حياة يوحنّا المعمدان؟

24 فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ لأُمِّهَا: «مَاذَا أَطْلُبُ؟» فَقَالَتْ: «رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ».: هكذا يطلب الإنسان الخاطي من إبليس، فيجيبه بما يبعده عن كلمة الله السماويّة، لأنّ رأس يوحنّا المعمدان هو رأس المتكلّم باسم الرب للحياة الأبديّة. آية روحيّة لما يطلبه إبليس من خدّامه باستخدام شهوات العالم، يطلب رأس الإنسان الّذي به يسمع لكلمة الله وبه يتكلّم لخدمة كلمة الله وبه ينظر إلى كلمة الله لخلاصه الأبدي، وبه يعمل من كل فكره حسب كلمة الله. (متّى 22: 37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى.).

25 فَدَخَلَتْ لِلْوَقْتِ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْمَلِكِ وَطَلَبَتْ قَائِلَةً: «أُرِيدُ أَنْ تُعْطِيَنِي حَالاً رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ عَلَى طَبَق».: دخلت بسرعة لأنّ الإنسان الخاطي يفرح عندما يجد ما يحارب به كلمة الله في الرب يسوع البارّ. يأخذ الإنسان الخاطي أفكاره من إبليس ليعمل بها ضدّ كلمة الله مستخدماً من له القدرة على عمل الشرّ. رأس يوحنّا المعمدان على طبق لأنّ الّذي يمنع كلمة الله من الوصول إلى قلب الإنسان هو يقدّم وليمة لسيّده إبليس.

26 فَحَزِنَ الْمَلِكُ جِدًّا. وَلأَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرُدَّهَا.: حزن الملك جدا لأنه آمن بالكلمة الّتي يخدمها يوحنّا المعمدان، لكنّه أحب العالم أكثر من كلمة الله في يوحنّا المعمدان، لذلك لم يرد أن يردّها.

27 فَلِلْوَقْتِ أَرْسَلَ الْمَلِكُ سَيَّافًا وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِرَأْسِهِ.: الملك في هذا العالم هو الإنسان الخاطي الّذي يعمل الشرّ دون رادع أو سلطان للبرّ فوق رأسه. بسبب أعمال الإنسان حسب أفكار إبليس ومحبّة الملك لحياة العالم أكثر من كلمة الله، استخدم سيف الحقّ في هذا العالم لعمل الشرّ، فقتل خادم الرب لإسكات كلمة الله لأنّها تُظهر خطيّة الإنسان.

28 فَمَضَى وَقَطَعَ رَأْسَهُ فِي السِّجْنِ. وَأَتَى بِرَأْسِهِ عَلَى طَبَق وَأَعْطَاهُ لِلصَّبِيَّةِ، وَالصَّبِيَّةُ أَعْطَتْهُ لأُمِّهَا.: آية روحيّة عن الإنسان الخاطي في العالم. السيّاف هو الجسد، لأنّه الأداة الّتي يستخدمها الإنسان الخاطي في العالم لعمل الشرّ، والملك هو نفس الإنسان الخاطي الّذي يطلب عمل الشرّ، والصبيّة هي الشهوات الّتي يستخدمها ابليس لعمل الشرّ، وأمها هي ابليس في فكر الإنسان الخاطي الّذي يقدّم الخطيّة على طبق لإبليس.

29 وَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ، جَاءُوا وَرَفَعُوا جُثَّتَهُ وَوَضَعُوهَا فِي قَبْرٍ.: انتهى عمل يوحنّا بموته فوضعوا حثّته في قبر. لم يقل جسده في قبر كما هو مكتوب عند موت الرب يسوع، (متّى 27: 58 فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ). لأنّه بكلمة جثّة يقول أنّ علاقة يوحنّا بالإنسان قد انتهت لأنّه أصبح جثّة. أمّا عند موت الرب يسوع البارّ فقال "جسده" لأنّه الوحيد الّذي لم ير فساداً، لذلك هو الوحيد الّذي يسمع للمؤمن به. آية تقول للمؤمن الروحي ألاّ يتكلّم مع الأموات حتّى مع يوحنّا المعمدان أعظم المولودين من النساء حسب قول الرب يسوع، لأنّ جميعهم أموات على الأرض، جثث لا يسمعون.

30 وَاجْتَمَعَ الرُّسُلُ إِلَى يَسُوعَ وَأَخْبَرُوهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، كُلِّ مَا فَعَلُوا وَكُلِّ مَا عَلَّمُوا.: التلاميذ أصبحوا رسل للرب يسوع. الّذي يختاره الرب يسوع لخدمة الكلمة والمؤمنين يجعله أوّلاً تلميذاً له يتعلّم منه كلمة الله الروحيّة، ثمّ يرسله للخدمة ليصبح رسولاً يعلّم كلمة الله لخلاص الآخرين. فلا يعمل كل مؤمن حسب أفكاره وحكمته الشخصيّة، لأنّ الرب يسوع هو الّذي يختار تلاميذه ويرسلهم لخدمة المؤمنين، كالمفسرّين والمترجمين وغيرهم، ليعمل المؤمن فقط حسب حكمة الرب يسوع في المكتوب وليس حسب حكمته الأرضيّة. (أفسس 4: 10 اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ. 11وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، 12لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ.).

31 فَقَالَ لَهُمْ: «تَعَالَوْا أَنْتُمْ مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَاسْتَرِيحُوا قَلِيلاً». لأَنَّ الْقَادِمِينَ وَالذَّاهِبِينَ كَانُوا كَثِيرِينَ، وَلَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلأَكْلِ.: لم تتيسّر لهم فرصة للأكل الروحي منفردين، لأنّهم بين الجموع يخدمون كلمة الله. طلب منهم أن يذهبوا إلى موضع خلاء ليصنع بهم وبالجموع آية روحيّة يعمل بها المؤمن الروحي، فيأكل كلمة الله في بريّة العالم مع الرب يسوع وتلاميذه.

32 فَمَضَوْا فِي السَّفِينَةِ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدِينَ.: مضوا في السفينة على البحر، أي فوق هموم العالم. إلى موضع خلاء منفردين، أي إلى موضع يخلو من شهوات العالم منفردين مع المؤمنين. هكذا يأتي المؤمن إلى كنيسة الرب يسوع ليجتمع منفرداً مع المؤمنين، في حياة روحيّة تخلو من الأمور الجسديّة وشهوات العالم المادّي.

33 فَرَآهُمُ الْجُمُوعُ مُنْطَلِقِينَ، وَعَرَفَهُ كَثِيرُونَ. فَتَرَاكَضُوا إِلَى هُنَاكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُدُنِ مُشَاةً، وَسَبَقُوهُمْ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ.: هذا هو المؤمن الصالح الّذي يستحقّ أن يأكل كلمة الله الروحيّة. صنع الرب يسوع آيات روحيّة في الجسد على الأرض ليعمل بها المؤمن في الروح. استخدم الرب يسوع تلاميذه والجموع الّذين آمنوا به ليصنع بهم هذه الآية الروحيّة.

34 فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا، فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا، فَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا.: يخرج الرب يسوع إلى الجموع الّذين ينتظرونه ليسمعوا منه كلمة الحياة، فيتحنّن على الّذي ينتظره كالخروف الّذي لا راعي له، فيعلّمه كيف يتبع الرب يسوع في حياة روحيّة. هكذا يأتي الإنسان الّذي يبحث عن الحقّ السماوي إلى الرب يسوع، أوّلاً وديعاً كالخروف وليس محارباً كالذئب، ثانياً كمن ليس له راعي، ليفهم كلمة الله حسب المكتوب فلا يحارب حسب فهمه من أقوال رعاته. فيتحنّن عليه الرب يسوع ويعطيه أن يفهم كلمة الله الروحيّة. آية للمؤمنين الّذين يتبعون رعاتهم دون أن ينظروا إلى كلمة الله في المكتوب. (مرقس 4: 23 إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ» 24وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ!). انظروا إلى المكتوب ليشهد على صحّة ما تسمعون.

35 وَبَعْدَ سَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ مَضَى.: بداية لآية روحيّة يصنعها الرب يسوع مستخدما تلاميذه. لذلك تقدّم التلاميذ إلى الرب يسوع يطلبون منه أن يصرف الجموع لحاجاتهم الجسديّة، لكنّ الرب يسوع ينظر إلى حاجات الإنسان الروحيّة للحياة الأبديّة.

36 اِصْرِفْهُمْ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الضِّيَاعِ وَالْقُرَى حَوَالَيْنَا وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ خُبْزًا، لأَنْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ».: لا ينتظر الرب يسوع من المؤمن به أن يخبره عن حاجة الإنسان لأنّه يعلم كل شيء. لذلك يصنع الرب يسوع هذه الآية الروحيّة لحياة الإنسان الأبديّة. يتكلّم التلاميذ من أجل الإنسان في الجسد أمّا الرب يسوع فيعمل لحياة الإنسان الروحيّة الأبديّة.

37 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». فَقَالُوا لَهُ: «أَنَمْضِي وَنَبْتَاعُ خُبْزًا بِمِئَتَيْ دِينَارٍ وَنُعْطِيَهُمْ لِيَأْكُلُوا؟»: يطلب الرب يسوع من المؤمن به أن يعطي ممّا عنده للمحتاج، والرب يسوع يبارك هذا العمل ليكفي المحتاج في الجسد والروح. لذلك قال لهم أعطوهم أنتم ليأكلوا وهو يعلم أنّهم لا يملكون ما يكفي من الطعام لهذا الجمع الكبير.

38 فَقَالَ لَهُمْ: «كَمْ رَغِيفًا عِنْدَكُمُ؟ اذْهَبُوا وَانْظُرُوا». وَلَمَّا عَلِمُوا قَالُوا: «خَمْسَةٌ وَسَمَكَتَانِ».: سألهم وطلب منهم أن يذهبوا وينظروا للتدقيق، لأنّ كلمة الله هي آيات روحيّة لا يصلح فيها القول بالتقريب، لذلك المتكلّم باسم الرب يجب أن ينظر إلى كلمة الله فيتكلّم فقط حسب المكتوب دون زيادة أو نقصان. الخبز هو كلمة الله للحياة الروحيّة. والسمك هو حاجة الإنسان للحياة الجسديّة. (متّى 26: 26 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي».) الخبز هو جسد الرب يسوع البارّ للحياة الروحيّة. (متّى 4: 18 وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ مَاشِيًا عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ أَخَوَيْنِ: سِمْعَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 19فَقَالَ لَهُمَا: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ».). صياد السمك هو العامل في الجسد لحياة الجسد، يجعله الرب يسوع في الروح صيّاد الناس لحياته الروحيّة.

39 فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْجَمِيعَ يَتَّكِئُونَ رِفَاقًا رِفَاقًا عَلَى الْعُشْبِ الأَخْضَرِ.: يتّكئ المؤمن ليأكل كلمة الله على العشب الأخضر، أي يسمع كلمة الله الروحيّة بنفس خضراء تطلب ماء الحياة، فيفهم الكلمة ليعمل بها. (بطرس الأولى 1: 24 «كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ، وَكُلَّ مَجْدِ إِنْسَانٍ كَزَهْرِ عُشْبٍ. الْعُشْبُ يَبِسَ وَزَهْرُهُ سَقَطَ، 25وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ».) تتكئ روح الإنسان على الجسد الأخضر ليسمع كلمة الله الروحيّة للحياة الأبديّة، لأنّ الّذي يسمع كلمة الله في جسد يابس، كالمجرّب والمحارب، لا ينتفع من ماء الحياة الروحيّة. يجتمعون رفاقا رفاقا لأنّ كنيسة الرب يسوع تتكوّن من عدد كبير من المجموعات، يجتمعون رفاقا رفاقاً حسب فهم كل مجموعة لكلمة الله.

40 فَاتَّكَأُوا صُفُوفًا صُفُوفًا: مِئَةً مِئَةً وَخَمْسِينَ خَمْسِينَ.: فاتّكأوا صفوفا صفوفا ليأكلوا كلمة الله الروحيّة بتنظيم وانضباط وليس في عشوائيّة وفوضى. هذه الآية تتكلّم عن كنيسة الرب يسوع الروحيّة على الأرض، فهي مجموعات من المؤمنين يجتمعون ليأكلوا كلمة الله الروحيّة في بريّة عالم الشهوات، ويجتمعون بتنظيم وانضباط في مجموعات تختلف أعدادها من مكان إلى آخر.

41 فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَبَارَكَ ثُمَّ كَسَّرَ الأَرْغِفَةَ، وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا إِلَيْهِمْ، وَقَسَّمَ السَّمَكَتَيْنِ لِلْجَمِيعِ: أخذ الأرغفة من التلاميذ، أي استخدم القليل الّذي عند تلاميذه من المعرفة لكلمة الله الروحيّة، وأيضا القليل من السمك، أي ممّا عندهم للحاجة الجسديّة، ورفع نظره نحو السماء، أي بنظرة سماويّة لحياة أبديّة وليس بهدف أرضي جسدي يزول. بارك القليل الّذي عند تلاميذه ليكفي كثيرين، وكسّر جسده البارّ من أجل الخطاة لخلاص الّذين آمنوا به وتبعوه. (يوحنّا 6: 51 أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ».). (كورنثوس الأولى 11: 24 وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي».). وأعطى التلاميذ ليقدّموا للجموع، ليقول في هذه الآية الروحيّة أنّه لا يعطي الخبز الروحي بنفسه للجميع، لأنّه يستخدم تلاميذه الّذين يختارهم بنفسه ليُقدّموا كلمة الله للجموع. أمّا السمك فقسّمه بنفسه للجميع، لأنّ السمك هو حاجة الإنسان الجسديّة الّتي يجدها في صيد السمك، أي في العمل الّذي وجده الله للجميع على الأرض. (متّى 6: 31 فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.).

42 فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا.: أكل جميع الّذين يتبعون الرب يسوع وشبعوا لأنّ كلمة الله في الرب يسوع البارّ تُشبع الجياع إلى البرّ. وأيضاً تشبع الإنسان من جوعه في العالم فلا يطلب من شهواته، لأنّ القليل من السمك مع الرب يسوع يُشبع قلب الإنسان في حياته الأرضيّة. (متّى 5: 6 طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ.).

43 ثُمَّ رَفَعُوا مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوَّةً، وَمِنَ السَّمَكِ.: رفعوا اثنتي عشرة قفّة مملوّة بكلمة الله، على عدد التلاميذ الّذين خدموا الجموع بكلمة الله الّتي أخذوها من الرب يسوع، أي فقط من المكتوب. آية روحيّة تقول أنّ خادم الرب يسوع بخدمته لكلمة الله يزداد ليمتلئ من المعرفة الروحيّة. (متّى 13: 12 فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ.). ومن السمك، أي ما يفيض عن حاجة الإنسان دون النظر إلى الكميّة.

44 وَكَانَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الأَرْغِفَةِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.: صنع الرب يسوع هذه الآية الروحيّة بقوّة سماويّة، ليقول للمؤمن به أنّه مع الرب يسوع لا خوف عليه من الموت بسبب الحاجة الروحيّة أو الجسديّة. لأنّ الرب يسوع أطعم خمسة آلاف رجل من الأكل الّذي يكفي فقط احتياجات التلاميذ. وفي هذه الآية يقول الرب يسوع أنّه بعدد قليل من التلاميذ تصل الكلمة إلى أكثر من خمسة آلاف إنسان.

45 وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ، إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ.: ألزم تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوا إلى العبر ليصنع بهم آية روحيّة يتكلّم بها الرب يسوع مع المؤمنين به في الروح. تكلّم الرب يسوع بالأمثال الأرضيّة وايضاً بالأعمال الجسديّة ليصنع منها آيات روحيّة يعمل بها المؤمن الروحي.

46 وَبَعْدَمَا وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ.: بعدما ودّع الجميع مضى إلى الجبل ليصلّي بمفرده لنفسه. صلّى بمفرده لأنّه يفعل ما يقول. (متّى 6: 5 وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 6وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.). يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة مع المؤمن الّذي يخدم الآخرين حسب الكلمة، فيعمل هو أيضاً بكلمة الله لحياته الأبديّة، لأنّ الصلاة الروحيّة هي العمل الروحي حسب المكتوب، ليس بتكرار الكلام وليس بهدف الظهور أمام الناس. لذلك يقول: "فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً." الله الّذي يرى الأعمال وليس الّذي يرى الكلام. لذلك يجازيك على أعمالك في الصلاة وليس على كلامك في الصلاة.

47 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَتِ السَّفِينَةُ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ، وَهُوَ عَلَى الْبَرِّ وَحْدَهُ.: المساء في الروح هو حالة المؤمن قبل خلاصه، لأنّه في حالة روحيّة بين النور والظلمة، لكنّه في الظلمة إلى أن يُشرق على المؤمن الصالح كوكب الصبح المُنير لخلاصه الأبدي. السفينة في وسط البحر والرب يسوع على البرّ وحده، أي المؤمن في وسط العالم قبل خلاصه، والرب يسوع على البرّ وحده بعيدا عن شهوات هذا العالم المادّي.

48 وَرَآهُمْ مُعَذَّبِينَ فِي الْجَذْفِ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ ضِدَّهُمْ. وَنَحْوَ الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ أَتَاهُمْ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَجَاوَزَهُمْ.: يرى الرب يسوع المؤمنين به معذّبين في التقدّم روحيّا في هذا العالم الصعب. البحر هو العالم والمؤمن سفينة في العالم، والأمواج هم الخطاة في العالم، والريح هي التعاليم الخاطئة الّتي تحرّك الخطاة لمواجهة المؤمنين في العالم. لذلك المؤمن يواجه صعوبات في حياته الروحيّة وخدمة الكلمة لأنّه في بحر من الخطاة بسبب ريح التعاليم الخاطئة. (أفسس 4: 14 كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ.). (يهوذا 12 هؤُلاَءِ صُخُورٌ فِي وَلاَئِمِكُمُ الْمَحَبِّيَّةِ، صَانِعِينَ وَلاَئِمَ مَعًا بِلاَ خَوْفٍ، رَاعِينَ أَنْفُسَهُمْ. غُيُومٌ بِلاَ مَاءٍ تَحْمِلُهَا الرِّيَاحُ. أَشْجَارٌ خَرِيفِيَّةٌ بِلاَ ثَمَرٍ مَيِّتَةٌ مُضَاعَفًا، مُقْتَلَعَةٌ. 13أَمْوَاجُ بَحْرٍ هَائِجَةٌ مُزْبِدَةٌ بِخِزْيِهِمْ.). هم غيوم بلا ماء وأمواج بحر هائجة تحملها ريح التعاليم الخاطئة. ونحو الهزيع الرابع من الليل أتاهم ماشيا على البحر. نحو الهزيع الرابع والأخير من ظلمة الروح في العالم جاء الرب يسوع ماشيا على البحر، أي فوق شهوات العالم لخلاص الإنسان. لأنّ مجيء الرب يسوع هو خلاص الإنسان الخاطي من الظلمة الروحيّة إلى حياة روحيّة في النور السماوي مع الرب يسوع على الأرض، ثمّ إلى الأبديّة بعد موت الجسد. هو الهزيع الأخير من الليل الروحي لأنّ المؤمن بالرب يسوع يُشرق عليه كوكب الصبح المنير إلى الأبد. حياة الإنسان الخاطي في العالم هي ليلة روحيّة مظلمة من أربعة هُزُع. أوّلا بلا ناموس ولا إيمان، ثانيا عند قبوله لناموس الأعمال، ثالثا عند إيمانه الجسدي بالمسيح عاملا بالفرائض الجسديّة، رابعا عند إيمانه الروحي بالرب يسوع المسيح عاملاً حسب الآيات الروحيّة ليشرق عليه نور الحياة الأبديّة. الهزيع الأوّل قبل الناموس، والهزيع الثاني في الناموس، والهزيع الثالث في العهد القديم للإيمان الجسدي بالمسيح قبل مجيئه، والهزيع الرابع للإيمان الروحي بمجيء المسيح. (يوحنّا 1: 17 لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا.). قبل موسى وبعده وقبل المسيح وبعده. أراد أن يتجاوزهم لأنّ الرب يسوع أتى لخلاص الإنسان الّذي يطلبه. يمشي الرب يسوع أمام الإنسان في خدّامه المبشرّين بخلاصه، ويتجاوز من أمامه ليترك له حرّية الاختيار. فمن يختاره مخلّصا لحياته لا يتركه إلى الأبد.

49 فَلَمَّا رَأَوْهُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ ظَنُّوهُ خَيَالاً، فَصَرَخُوا.: هكذا يرى الإنسان الرب يسوع في أوّل إيمانه، لأنّ الرب يسوع هو الوحيد البارّ بين الخطاة، يمشي على شهوات العالم ولا يهتمّ إلاّ بالحياة الروحيّة السماويّة، لذلك يراه الإنسان وكأنّه خيال في هذا العالم، فتصرخ نفس الإنسان الّذي يبحث عن الحقّ السماوي لعدم فهمه لكلمة الله لأنّه في ظلمة الحياة الروحيّة.

50 لأَنَّ الْجَمِيعَ رَأَوْهُ وَاضْطَرَبُوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «ثِقُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا».: الجميع رأوه كخيال فاضطربوا لأنّ الإنسان يضطرب من المجهول. لكنّ الرب يسوع يكلّم الإنسان الّذي يبحث عن الحقّ السماوي ليفهم ويثق أنّ الرب يسوع ليس خيال، إنّما هو الله الظاهر في الجسد من أجل الإنسان، فلا يخاف المؤمن منه كمجهول لأنّه يصبح عنده معلوم في حياة روحيّة. 

51 فَصَعِدَ إِلَيْهِمْ إِلَى السَّفِينَةِ فَسَكَنَتِ الرِّيحُ، فَبُهِتُوا وَتَعَجَّبُوا فِي أَنْفُسِهِمْ جِدًّا إِلَى الْغَايَةِ: السفينة هي المؤمن في العالم، يدخل الرب يسوع إلى قلبه فتسكن الريح لأنّه يرفض كل تعليم ليس من كلمة الله في المكتوب، لذلك المؤمن الصالح لا يعمل إلاّ حسب كلمة الله في المكتوب. فتهدأ الأمواج في قلبه لأنّه لا ينظر إلاّ إلى الرب يسوع والحياة الأبديّة. بهتوا جداً لأنّ المؤمن يتعجّب من التغيير الّذي يأتي عليه بعد دخول الرب يسوع إلى قلبه.

52 لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.: بهتوا وتعجّبوا إلى الغاية لأنّهم لم يفهموا بالأرغفة أنّ كلمة الله آيات روحيّة سماويّة، لأنّ الرب يسوع يصنع آيات سماويّة وليس أعمال أرضيّة تزول. لم يفهموا لأنّ قلوبهم غليظة وليس لأنّ عقولهم غليظة. كالمؤمن الّذي لا يفهم كلمة الله في تفسيرها الروحي لأنّه يريد أن يتبع حكمته البشريّة أو المعلّمين له وليس كلمة الله حسب الآيات السماويّة في المكتوب، لذلك قلبه غليظ ولا يريد أن يفهم. (يوحنّا 6: 25 وَلَمَّا وَجَدُوهُ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ، قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَتَى صِرْتَ هُنَا؟» 26أَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: أَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي لَيْسَ لأَنَّكُمْ رَأَيْتُمْ آيَاتٍ، بَلْ لأَنَّكُمْ أَكَلْتُمْ مِنَ الْخُبْزِ فَشَبِعْتُمْ. 27اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ».).

53 فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ وَأَرْسَوْا.: ينتقل الرب يسوع مع تلاميذه من مكان إلى آخر ليصنع آيات روحيّة، لينتقل في الروح بعد صعوده في الجسد من إنسان إلى آخر بتلاميذه ليشفي مرضى الروح. الرب يسوع مع المؤمن في الجسد يشفي الجسد، ومع المؤمن في الروح لشفاء الروح.

54 وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ عَرَفُوهُ.: لمّا خرجوا من السفينة عرفه سكّان جنّيسارت بفضل أعماله الصالحة لخير الإنسان، لذلك ابتدأوا يأتون بالمرضى إليه ليشفيهم. (متّى 14: 34 فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ، 35فَعَرَفَهُ رِجَالُ ذلِكَ الْمَكَانِ.). هكذا يُعرف المؤمن الصالح من أعماله وليس من مظاهر الإيمان بتكرار الكلام.

55 فَطَافُوا جَمِيعَ تِلْكَ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ، وَابْتَدَأُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى عَلَى أَسِرَّةٍ إِلَى حَيْثُ سَمِعُوا أَنَّهُ هُنَاكَ.: يطوف الرب يسوع في خدّامه لينشر كلمة الله، فيأتي إليه الّذين يؤمنون ويعترفون بأنّهم مرضى الروح ليطلبوا منه الشفاء، والهدف هو الحياة الأبديّة. السرير يحمل المريض، لذلك الجسد هو السرير الّذي يحمل مريض الروح، لأنّ مريض الروح تحمله شهوات الجسد. لكن بعد شفاء المريض بكلمة الله الروحيّة، يتحرّر الروح من عبوديّة الجسد فيحمل هو الجسد بعيدا عن شهوات العالم. (مرقس 2: 10 قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: 11«لَكَ أَقُولُ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!».) يحمل المؤمن سرير مرضه الروحي، أي لا ينسى أنّه كان مريضاً بالشهوات والخطيّة والرب يسوع هو الّذي منحه الشفاء، فلا يدين الخطاة. (متّى 7:1 لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا.).

56 وَحَيْثُمَا دَخَلَ إِلَى قُرىً أَوْ مُدُنٍ أَوْ ضِيَاعٍ، وَضَعُوا الْمَرْضَى فِي الأَسْوَاقِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا وَلَوْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. وَكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفِيَ.: يدخل الرب يسوع بخدّامه ليشفي مرضى الروح في جميع المجتمعات، قرى، مدن أو ضياع، كل مجتمع حسب معتقداته. فيأتي إليه المؤمنون به ومعهم مرضى الروح ليشفيهم. الأسواق في العالم يجد فيها الإنسان كل حاجاته الجسديّة، والأسواق الروحيّة يجد فيها كل حاجاته الروحيّة، لذلك يضعون المرضى في الأسواق الروحيّة ليجدوا حاجاتهم الروحيّة عند خدّام الرب يسوع. مريض الروح هو الّذي يعترف أمام نفسه وأمام الرب يسوع بأنّه مريض الروح، أعمى لا يرى الرب يسوع وأصمّ لا يسمع صوته وأخرس لا يتكلّم باسمه، وأبرص يعترف بأنّه خاطي يستحق الدينونة، لذلك يحتاج إلى الطبيب الروحي الوحيد لشفائه من أمراضه الروحيّة لخلاصه من الدينونة الأبديّة. ثوب الرب يسوع هو البرّ، لذلك يأتي إليه الخاطي ليلمس هدب ثوبه، أي يأتي إلى كلمة الله بالإيمان والتواضع، لأنّ الخاطي الّذي يستحقّ الدينونة يقف بتواضع أمام كلمة البرّ للحياة الأبديّة.

 

بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content