تفسير مرقس 4 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content

تفسير إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1وَابْتَدَأَ أَيْضًا يُعَلِّمُ عِنْدَ الْبَحْرِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ عَلَى الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ كُلُّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ عَلَى الأَرْضِ.

2فَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال. وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: «اسْمَعُوا! هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ، 4وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ. 5وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى مَكَانٍ مُحْجِرٍ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. 6وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ. 7وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا. 8وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، فَأَعْطَى ثَمَرًا يَصْعَدُ وَيَنْمُو، فَأَتَى وَاحِدٌ بِثَلاَثِينَ وَآخَرُ بِسِتِّينَ وَآخَرُ بِمِئَةٍ». 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ»

10وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ عَنِ الْمَثَلِ، 11فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ، 12لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ». 13ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَمَا تَعْلَمُونَ هذَا الْمَثَلَ؟ فَكَيْفَ تَعْرِفُونَ جَمِيعَ الأَمْثَالِ؟ 14اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ الْكَلِمَةَ. 15وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ: حَيْثُ تُزْرَعُ الْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ. 16وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ، 17وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ. 18وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ، 19وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. 20وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ: الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ ثَلاَثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً».

21ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يُؤْتَى بِسِرَاجٍ لِيُوضَعَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ السَّرِيرِ؟ أَلَيْسَ لِيُوضَعَ عَلَى الْمَنَارَةِ؟ 22لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ صَارَ مَكْتُومًا إِلاَّ لِيُعْلَنَ. 23إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ» 24وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ! بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ. 25لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ».

26وَقَالَ: «هكَذَا مَلَكُوتُ اللهِ: كَأَنَّ إِنْسَانًا يُلْقِي الْبِذَارَ عَلَى الأَرْضِ، 27وَيَنَامُ وَيَقُومُ لَيْلاً وَنَهَارًا، وَالْبِذَارُ يَطْلُعُ وَيَنْمُو، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ، 28لأَنَّ الأَرْضَ مِنْ ذَاتِهَا تَأْتِي بِثَمَرٍ. أَوَّلاً نَبَاتًا، ثُمَّ سُنْبُلاً، ثُمَّ قَمْحًا مَلآنَ فِي السُّنْبُلِ. 29وَأَمَّا مَتَى أَدْرَكَ الثَّمَرُ، فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُ الْمِنْجَلَ لأَنَّ الْحَصَادَ قَدْ حَضَرَ».

30وَقَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ أَوْ بِأَيِّ مَثَل نُمَثِّلُهُ؟ 31مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، مَتَى زُرِعَتْ فِي الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ. 32وَلكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ جَمِيعِ الْبُقُولِ، وَتَصْنَعُ أَغْصَانًا كَبِيرَةً، حَتَّى تَسْتَطِيعَ طُيُورُ السَّمَاءِ أَنْ تَتَآوَى تَحْتَ ظِلِّهَا». 33وَبِأَمْثَال كَثِيرَةٍ مِثْلِ هذِهِ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ حَسْبَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا، 34وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ. وَأَمَّا عَلَى انْفِرَادٍ فَكَانَ يُفَسِّرُ لِتَلاَمِيذِهِ كُلَّ شَيْءٍ.

35وَقَالَ لَهُمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ لَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ: «لِنَجْتَزْ إِلَى الْعَبْرِ». 36فَصَرَفُوا الْجَمْعَ وَأَخَذُوهُ كَمَا كَانَ فِي السَّفِينَةِ. وَكَانَتْ مَعَهُ أَيْضًا سُفُنٌ أُخْرَى صَغِيرَةٌ. 37فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ. 38وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِمًا. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» 39فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. 40وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟» 41فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضًا وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!».

 

1 وَابْتَدَأَ أَيْضًا يُعَلِّمُ عِنْدَ الْبَحْرِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ عَلَى الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ كُلُّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ عَلَى الأَرْضِ.: الرب يسوع في السفينة على البحر، والجمع عند البحر على الأرض. البحر هو العالم (متّى 13: 47 أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. 48فَلَمَّا امْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى الشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا الْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا الأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا. 49هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ). يخرج من العالم كل إنسان يبحث عن الحقّ السماوي، لذلك الرب يسوع في السفينة هو فوق البحر لأنّه في العالم لكنّه ليس من العالم وشهواته. والجمع عند البحر، أي خارج شهوات العالم والحياة الجسديّة ليسمعوا من الرب يسوع ما للحياة الروحيّة. آية روحيّة للمؤمن الّذي يطلب الحياة الأبديّة فيأتي إلى الرب يسوع خارج شهوات العالم والحياة الجسديّة. ليسمع ويعمل فقط حسب كلمة الرب يسوع الروحيّة.

2 فَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال. وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: علّم الرب يسوع كثيرا بأمثال أرضيّة ليسهل على الإنسان الجسدي أن يفهمها، لكن بعد دخوله ملكوت السماوات يبدأ المؤمن بفهم الكلمة الروحيّة من هذه الأمثال. لذلك تعاليم الرب يسوع في المكتوب هي أمثال أرضيّة تحتاج إلى تفسير روحي.

3 «اسْمَعُوا! هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ: الرب يسوع هو الزارع، يزرع كلمة الله الروحيّة في قلب الإنسان. (متى 13: 37 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ.). يستخدم الرب يسوع خدّامه ليزرع الكلمة السماويّة في قلب الإنسان، فلا يُقال أنّ الزارع هو خادم الرب لأنّ الخادم يأخذ أجرة عمله في حقل الرب يسوع زارع الكلمة.

4 وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ.: وفيما الرب يسوع يعمل في خدّامه ويزرع الكلمة في العالم، سقط بعض من الكلمة في قلب إنسان عابر طريق، فجاءت طيور سماء الأرض وأكلته، أي خدّام إبليس في العالم، فترك الكلمة ومضى في حياته الأرضيّة.

5 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى مَكَانٍ مُحْجِرٍ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ.: وسقط بعض من كلمة الله في مسمع الإنسان السطحيّ، فهو الّذي يقبل كلمة الله حال سماعه لها لكنّه ينساها بعد حين، لأنّه لم يقبلها في قلبه ليعمل بها.

6 وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ.: ولكن لماّ أتى عليه ضيق احترق إيمانه، وجفّ اهتمامه بكلمة الله لأنّه لم يُدخلها إلى قلبه ليعمل بها. كلمة الله هي ماء الروح للحياة الأبديّة، تجف في الإنسان الّذي يحترق إيمانه بسبب الضّيق، لأنّه جعلها في مسمعه فقط ولم يُدخلها إلى قلبه.

7 وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا.: وسقط من كلمة الله في الإنسان الّذي يعيش لشهواته في العالم، فآمن بالكلمة واستمرّ، لكنّه لم يعط ثمر الروح لأنّ اهتمامه بحياته الأرضيّة خنق اهتمامه بحياته السماويّة. هذا هو الّذي آمن ولم يعتمد فلا يخلص. آية روحيّة تقول أنّ اهتمام المؤمن بشهوات العالم يخنق فيه كلمة الله، فلا يعمل بالكلمة الروحيّة ولا يخدمها، لذلك لا يأخذ حياة أبديّة.

8 وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، فَأَعْطَى ثَمَرًا يَصْعَدُ وَيَنْمُو، فَأَتَى وَاحِدٌ بِثَلاَثِينَ وَآخَرُ بِسِتِّينَ وَآخَرُ بِمِئَةٍ».: وسقط من كلمة الله في قلب الإنسان الّذي يطلب الحقّ السماوي، فآمن بالرب يسوع واعتمد بكلمة الله وأعطى ثمر الروح. أعطى ثمر يصعد وينموا لأنّ المؤمن الصالح ينمو في الروح عاملا بكلمة الله كل حين، فيأتي واحد بثلاثين بالمئة من قدرته، وآخر بستّين بالمئة، وآخر بمئة بالمئة.

9 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ»: من له أذنان للسّمع الروحي فليسمع كلمة الله الروحيّة ليفهم ويعمل بها.

10وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ عَنِ الْمَثَلِ: هذا هو المؤمن الّذي له أذنان للسمع الروحي، لذلك يطلب تفسير المثل. يسأل المؤمن الصالح ليفهم كلمة الله لأنّه يطلب أن يعمل بها روحيّة وليس حرفيّة، لأنّ المثل الأرضي مفهوم أمّا الروحي منه فهو أسرار ملكوت السماوات، لذلك يحتاج المثل إلى تفسير روحي من الرب يسوع، ليفهم المؤمن ويعمل بكلمة الله حسب الآيات السماويّة للحياة الأبديّة، وليس حسب المثل الأرضي الّذي يزول.

11 فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ: سرّ ملكوت الله هو الآيات السماويّة الّتي يفهمها المؤمن من تفسير الأمثال الأرضيّة الّتي تكلّم بها الرب يسوع وصنعها في الجسد وهو على الأرض. السرّ هو أنّ كلمة الله هي آيات روحيّة سماويّة لا جسديّة أرضيّة. فقط للمؤمن الروحي الّذي يدخل ملكوت الله أن يفهم أسرار كلمة الله الروحيّة، فيعمل بالآيات الروحيّة لا بالأمثال الأرضيّة. فسّر الرب يسوع مثل الزارع ليجعل من تفسيره أساس يرتكز عليه كل مفسّر روحي اختاره الرب لهذا العمل. كل شيء قاله الرب يسوع وصنعه على الأرض هو أمثال أرضيّة، تحتاج إلى تفسير روحي لأنّها آيات سماويّة. لذلك قال أنّ الّذين من خارج لهم كل شيء بأمثال.

12 لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ».: ليس بالفهم والحكمة الأرضيّة يأخذ الإنسان الخاطي حياة أبديّة، إنّما فقط بالإيمان بكلمة الله، لذلك هي سرّ مخفي في ملكوت الله لا يفهمها إلاّ المؤمن الروحي. لذلك هي أمثال للّذين من خارج لكي يراها المبصرون في العالم ولا ينظروا إلى الحياة الأبديّة الّتي فيها، لأنّ الإيمان يأتي أوّلاً ثمّ المعرفة الروحيّة. ويسمعوا الأمثال لأنّهم سامعين في العالم لذلك لا يفهموا الآيات الروحيّة منها. لئلاّ يرجعوا بالمعرفة لا بالإيمان فتُغفر لهم خطاياهم. جعل الله كلمته أسرار سماويّة لأنّه يريد أن يمنح الخلاص لكل إنسان خاطي يتوب، للحكيم وأيضاً للبسيط، لذلك الخلاص بالإيمان الروحي وليس بالمعرفة والحكمة. لذلك لا أحد يرى الله إلاّ بعد الإيمان بكلمته ليكشف له عن اسرار كلمة الله الروحيّة الّتي صنعها الرب يسوع الفادي آيات سماويّة. (يوحنّا 6: 45 وَيَكُونُ الْجَمِيعُ مُتَعَلِّمِينَ مِنَ اللهِ. فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنَ الآبِ وَتَعَلَّمَ يُقْبِلُ إِلَيَّ. 46لَيْسَ أَنَّ أَحَدًا رَأَى الآبَ إِلاَّ الَّذِي مِنَ اللهِ. هذَا قَدْ رَأَى الآبَ.).

13 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَمَا تَعْلَمُونَ هذَا الْمَثَلَ؟ فَكَيْفَ تَعْرِفُونَ جَمِيعَ الأَمْثَالِ؟: يقول الرب يسوع أنّ هذا المثل هو باب المعرفة لجميع الأمثال. لذلك فسّر هذا المثل ليجعل منه قاعدة يستند عليها كل مفسّر يستخدمه الرب لتفسير كلمة الله الروحيّة، من أمثال أرضيّة جسديّة إلى آيات سماويّة روحيّة.

14 اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ الْكَلِمَةَ.: الرب يسوع بأعماله وتعاليمه يزرع كلمة الله في قلب كل إنسان يبحث عن الحقّ السماوي. يستخدم المؤمنين به لتوصيل الكلمة فقط حسب المكتوب.

15 وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ: حَيْثُ تُزْرَعُ الْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ.: هؤلاء هم الّذين يسمعون الكلمة ولا يعملوا بها، لأنّهم يسمعون في آذانهم ويرفضون في قلوبهم. الشيطان ينزع الكلمة المزروعة في قلوبهم لأنّهم يحبّون الخطيّة وشهوات العالم.

16 وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ: هؤلاء هم الّذين يقبلون الكلمة سريعاً لكنّهم يتركونها سريعاً أيضاً، لأنّهم يقبلونها في آذانهم ويفرحون بها لأنّها كلمة المحبّة والغفران، لكنّهم لا يجعلونها تدخل إلى أعماق قلوبهم، فلا يعملوا بها من كل القلب لأنّ قلوبهم مليئة بشؤون هذا العالم وليس فيها مكان يكفي للحياة الروحيّة.

17 وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ.: لأنّهم أحبوا حياة الجسد في العالم الّذي يزول أكثر من محبّتهم للحياة الروحيّة الأبديّة، لذلك ليس لهم أصل روحي في ذواتهم، يسمعون الكلمة في آذانهم فقط فيعثرون عند الامتحان.

18 وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ: الّذين زرعوا بين الشوك هم الّذين آمنوا بالرب يسوع لأنّهم يسمعون الكلمة، لكنّهم لم يعتمدوا ليصنعوا ثمر الروح. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.).

19 وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ.: الاهتمام الأكبر في هؤلاء هو لحياتهم في العالم وليس لحياتهم الروحيّة، لذلك هموم هذا العالم وحب الغنى فيه وشهواتهم للأشياء الّتي تزول، تدخل قلوبهم مع كلمة الله فتخنقها، فلا يبقى لها مكان في أعمالهم لتصير الكلمة فيهم بلا ثمر روحي.

20 وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ: الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ ثَلاَثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً.: هؤلاء هم الّذين يعيشون حسب الوصيّة الأولى والعظمة (متى 22: 37 «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى.). الأرض الجيّدة هي قلب الإنسان الّذي يبحث عن الحقّ السماوي والحياة الأبديّة، فلا يهتمّ بشهوات العالم الّذي يزول لأنّه ينظر إلى الحياة الأبديّة والمحبّة الّتي لا تزول. هذا هو المؤمن الصالح، يسمع كلمة الله ويعمل بها ويثمر، كل واحد حسب قدرته، واحد ثلاثين بالمئة من قدرته، وآخر ستين وآخر مئة بالمئة. (غلاطية 5: 22 وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ 23وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. 24وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. 25إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. 26لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا.).

21 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يُؤْتَى بِسِرَاجٍ لِيُوضَعَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ السَّرِيرِ؟ أَلَيْسَ لِيُوضَعَ عَلَى الْمَنَارَةِ؟: السراج هو الرب يسوع كلمة الله (بطرس الثانية 1: 19 وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ). والمكيال هو قلب الإنسان مكيال الروح، لأنّ القلب هو مكيال المحبّة والإيمان وحب الخدمة والعطاء. هي بمكيال لأنّها تختلف من مؤمن إلى آخر. (عدد 20: الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ ثَلاَثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً.). لا يضع المؤمن السراج تحت المكيال، أي لا يخفي الرب يسوع في قلبه، بل يجعله معلن في حياته وأعماله. ولا يضعه تحت السرير، أي لا ينام في الروح على خدمة كلمة الله، بل يضع الرب يسوع كلمة الله على المنارة، أي ظاهراً للجميع لينير به طريق كل إنسان يبحث عن الحقّ، ليصل به إلى كوكب الصبح المنير في الحياة الأبديّة.

22 لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ صَارَ مَكْتُومًا إِلاَّ لِيُعْلَنَ.: كلمة الله مخفيّة في قلب المؤمن يُظهرها بأعماله وخدمته للكلمة، كما بسراج موضوع على المنارة. والمكتوم هو كلمة الله في الأمثال الجسديّة تُعلن عند تفسيرها آيات روحيّة للحياة الأبديّة.

23 إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ: إن كان لأحد أذنان للسمع الروحي فليسمع كلمة الله الروحيّة للحياة الأبديّة. فيفهم كلمة الله ويعمل بها روحيّة ولا يعمل بالأمثال الجسديّة. لذلك تحتاج كلمة الله إلى تفسير الأمثال الأرضيّة الّتي تكلّم بها أو صنعها الرب يسوع في الجسد على الأرض، لذلك فسّر الرب يسوع مثل الزارع ليعمل المؤمن بالآيات الروحيّة للحياة الأبديّة.

24 وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ! بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ.: يقول الرب يسوع لكل مؤمن به أن ينظر ما يسمع ولا يسمع كأعمى يتبع المتكلّم غير ناظر إلى كلمة الله في المكتوب. يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية عن كيل السمع والنظر إلى المكتوب، أي كميّة الاهتمام بكلمة الله. لذلك بالكيل الّذي يستخدمه المؤمن في اهتمامه بكلمة الله، يُكال له ويزاد لأنّه يسمع كلمة الله، أي يعمل بها.

25 لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ.: من له إيمان صالح سيعطى حياة أبديّة. ومن ليس له إيمان صالح، أي الّذي له إيمان لكن بلا اعتماد، فالّذي عنده من الإيمان والوزنات سيؤخذ منه، أي سيسقط إيمانه ويأتي إلى الدينونة. (متى 25: 29 لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.). يتكلّم الرب عن العبد البطّال، أي المؤمن البطّال، فهو الّذي آمن لكنّه لم يعتمد بالروح، أي آمن لكنّه لم يعمل حسب كلمة الله الروحيّة.

26 وَقَالَ: «هكَذَا مَلَكُوتُ اللهِ: كَأَنَّ إِنْسَانًا يُلْقِي الْبِذَارَ عَلَى الأَرْضِ: ملكوت الله هو العمل الروحي للحياة الأبديّة، ليس هو مكان ولا مشاعر عبادة، لذلك شبّه الرب يسوع ملكوت الله بعمل الإنسان الّذي يلقي البذار على الأرض. هذا هو المؤمن الّذي يستخدمه الرب يسوع ليلقي كلمة الله الروحيّة في الإنسان الخاطي، فينمو إيمانه ويأخذ خلاصه.

27 وَيَنَامُ وَيَقُومُ لَيْلاً وَنَهَارًا، وَالْبِذَارُ يَطْلُعُ وَيَنْمُو، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ: يقول الرب في هذه الآية أنّ عمل المؤمن هو توصيل الكلمة فقط، والباقي هو عمل الرب، هو ينمّي الكلمة في قلب المؤمن الّذي يستحقّ.

28 لأَنَّ الأَرْضَ مِنْ ذَاتِهَا تَأْتِي بِثَمَرٍ. أَوَّلاً نَبَاتًا، ثُمَّ سُنْبُلاً، ثُمَّ قَمْحًا مَلآنَ فِي السُّنْبُلِ.: هذا هو المؤمن الصالح الّذي يأتي بثمر. الأرض هي الإنسان تُزرع فيه كلمة الله ليصبح أوّلاً نباتا روحياً، أي ينمو إيمانه بكلمة الله. ثمّ سنبلا روحياً، أي اعتماد روحي بكلمة الله نتيجة هذا الإيمان. ثمّ قمحاً ملآن في السنبل هو ثمر الروح وخدمة الكلمة، لأنّ المؤمن المعتمد في الروح ينتج ثمر الروح ويزرع الكلمة في غيره.

29 وَأَمَّا مَتَى أَدْرَكَ الثَّمَرُ، فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُ الْمِنْجَلَ لأَنَّ الْحَصَادَ قَدْ حَضَرَ.: الحصاد في ملكوت الله هو نهاية العالم بالنسبة لكل مؤمن أخذ خلاصه من الرب يسوع وصنع ثمر الروح، ومات في الجسد لينتهي العالم بالنسبة له، لأنّه بموت الجسد ينتهي الإيمان في العالم ليذهب المؤمن بالروح إلى الحياة الأبديّة بالعيان. متى صنع ثمر الروح يرسل الرب المنجل ليقطع هذا المؤمن من العالم، فينتهي الإيمان، الّذي هو النبات، ويبقى القمح، ثمر الروح الّذي صنعه المؤمن للحياة الأبديّة.

30 وَقَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ أَوْ بِأَيِّ مَثَل نُمَثِّلُهُ؟: كلمة الله الروحيّة هي أسرار ملكوت الله، لذلك تكلّم الرب يسوع بأمثال أرضيّة جسديّة تحتاج إلى تفسير روحي لكشف هذه الأسرار. شبّه الرب يسوع ملكوت الله بأمثال أرضيّة يفهمها الإنسان الجسدي، لكنّها آيات روحيّة للمؤمن الروحي.

31 مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، مَتَى زُرِعَتْ فِي الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ.: حبّة الخردل في الروح هي الإيمان بكلمة الله. (متّى 17: 20 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ.). متى زرعت في الأرض، أي في قلب الإنسان فهي أصغر اهتماماته لنموّها في قلبه. لأنّ الإنسان يهتمّ كثيراً لنموه في العالم لحياة الجسد.

32 وَلكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ جَمِيعِ الْبُقُولِ، وَتَصْنَعُ أَغْصَانًا كَبِيرَةً، حَتَّى تَسْتَطِيعَ طُيُورُ السَّمَاءِ أَنْ تَتَآوَى تَحْتَ ظِلِّهَا».: ولكن متى زُرع الإيمان الصغير في قلب الإنسان يكبر ليصير أكبر جميع اهتماماته في العالم، ويصنع بإيمانه الكبير معرفة وقدرات كبيرة هي أغصان يمدّها لخدمة الكلمة والمؤمنين. حتّى يستطيع الإنسان الّذي يبحث لنفسه عن مأوى روحي أن يتآوى تحت ضلّ هذه المعرفة والخدمة الروحيّة.

33 وَبِأَمْثَال كَثِيرَةٍ مِثْلِ هذِهِ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ حَسْبَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا: كل المكتوب هو أمثال أرضيّة حسبما يستطيع الإنسان الجسدي أن يسمع.

34 وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ. وَأَمَّا عَلَى انْفِرَادٍ فَكَانَ يُفَسِّرُ لِتَلاَمِيذِهِ كُلَّ شَيْءٍ.: يقول الرب يسوع أنّه لم يكن يتكلّم إلاّ بأمثال، أمّا التفسير فهو فقط لتلاميذه فلا يعملوا بالمثل إنّما بالتفسير الروحي للمثل. آية لكل مؤمن يطلب الحياة الأبديّة ليعمل فقط في الروح بالآيات السماويّة لا بالأمثال الأرضيّة والجسديّة.

35 وَقَالَ لَهُمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ لَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ: «لِنَجْتَزْ إِلَى الْعَبْرِ».: ذلك اليوم هو اليوم الّذي تكلّم فيه الرب يسوع عن ملكوت الله بالأمثال. قال لهم لنجتز إلى العبر في السفينة ليصنع بهم آية روحيّة يعمل بها كل مؤمن يتبعه في الروح. تكلّم الرب يسوع بالأمثال في كلامه وأيضاً في أفعاله، كما صنع في هذه الآية في ذلك اليوم الّذي كان فيه الرب يسوع في الجسد على الأرض يتكلّم بالأمثال. ذلك اليوم لمّا كان المساء في الروح هو زمن وجود الرب يسوع في الجسد على الأرض يصنع آيات روحيّة لخلاص المؤمن به، فيُشرق عليه كوكب الصبح في حياة أبديّة.

36 فَصَرَفُوا الْجَمْعَ وَأَخَذُوهُ كَمَا كَانَ فِي السَّفِينَةِ. وَكَانَتْ مَعَهُ أَيْضًا سُفُنٌ أُخْرَى صَغِيرَةٌ.: أخذوه كما كان في السفينة يتكلّم بالأمثال، لأنّه سيُكمل كلامه ويشبّه ملكوت الله بالأمثال لكن هذه المرّة بأفعال صنعها الرب يسوع وهو في السفينة. آية تقول أنّ كلام الرب يسوع وأيضاً أعماله هي أمثال يشبّه بها ملكوت الله. وكانت معه أيضاً سفن أخرى صغيرة، كان معه تلاميذه في البحر على السفينة وأيضاً مؤمنين آخرين يتبعونه.

37 فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ.: آية روحيّة عن حياة المؤمن في العالم. البحر هو العالم والريح هي التعاليم الخاطئة الّتي تضرب المؤمن في العالم، ليمتلئ ممّا للعالم الّذي يزول فيهلك إن لم يعمل فقط حسب المكتوب. (أفسس 4: 13 إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. 14كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ.) (يعقوب 1: 6 وَلكِنْ لِيَطْلُبْ بِإِيمَانٍ غَيْرَ مُرْتَابٍ الْبَتَّةَ، لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجًا مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ وَتَدْفَعُهُ.).

38 وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِمًا. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟»: آية روحيّة لكل مؤمن ينام الرب يسوع في قلبه. هذا هو المؤمن الّذي لا يسهر ولا يصلّي في الروح كل حين، فيطلب الرب يسوع فقط عند خوفه من الهلاك. (متّى 26: 41 اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».) (أفسس 6: 18 مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ).

39 فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ.: آية روحيّة تقول لكل مؤمن بالرب يسوع أن يستخدم كلمة الله كل حين في المكتوب لينتهر التعاليم الخاطئة في العالم، فتسكت أمواج الخوف في قلبه وتبكم إلى التمام، ليصبح في هدوء روحي عظيم لا خوف فيه من الهلاك الأبدي.

40 وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟»: لماذا يقول الرب يسوع أن لا إيمان لهم وهم يؤمنون به ويتبعونه؟ لأنّ الرب يسوع يتكلّم عن إيمان الروح الّذي ليس لهم، لأنّ الّذي لهم هو إيمان جسدي يزول عند التجربة. آية روحيّة للمؤمن الّذي يخاف من الهلاك الأبدي، لأنّ إيمانه جسدي وليس فيه إيمان روحي صالح للحياة الأبديّة. والسبب هو نوم الرب يسوع في قلبه، لأنّه لا يعمل كل حين حسب كلمة الله الروحيّة. (متى 26: 41 اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».). اسهروا وصلّوا في الروح النشيط.

41 فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضًا وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!».: خافوا خوفاً عظيماً لأنّ عمل الرب يسوع يفوق قوّة وعقل الإنسان، لأنّه من يستطيع أن يُسكن الريح ويبكم أمواج البحر بكلمة إلاّ خالق الريح والبحر. آية روحيّة تقول أنّ الرب يسوع هو الله الظاهر في جسد إنسان على الأرض. وهي آية روحيّة تقول أنّ كلمة الله في الرب يسوع تُسكن ريح هذا العالم وتبكم أمواجه الّتي تضرب المؤمن الصالح، فيزول الخوف من قلبه لأنّه يترك شهوات العالم وينظر فقط إلى حياته الأبديّة.

 

بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content