تفسير مرقس 5 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content

تفسير إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَجَاءُوا إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ. 2وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، 3كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلاَ بِسَلاَسِلَ، 4لأَنَّهُ قَدْ رُبِطَ كَثِيرًا بِقُيُودٍ وَسَلاَسِلَ فَقَطَّعَ السَّلاَسِلَ وَكَسَّرَ الْقُيُودَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ. 5وَكَانَ دَائِمًا لَيْلاً وَنَهَارًا فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ، يَصِيحُ وَيُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالْحِجَارَةِ. 6فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ، 7وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ؟ أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!» 8لأَنَّهُ قَالَ لَهُ: «اخْرُجْ مِنَ الإِنْسَانِ يَا أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِسُ». 9وَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَأَجَابَ قِائِلاً: «اسْمِي لَجِئُونُ، لأَنَّنَا كَثِيرُونَ». 10وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيرًا أَنْ لاَ يُرْسِلَهُمْ إِلَى خَارِجِ الْكُورَةِ. 11وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى، 12فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». 13فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ. وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ، فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ. 14وَأَمَّا رُعَاةُ الْخَنَازِيرِ فَهَرَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ. فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى. 15وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَنَظَرُوا الْمَجْنُونَ الَّذِي كَانَ فِيهِ اللَّجِئُونُ جَالِسًا وَلاَبِسًا وَعَاقِلاً، فَخَافُوا. 16فَحَدَّثَهُمُ الَّذِينَ رَأَوْا كَيْفَ جَرَى لِلْمَجْنُونِ وَعَنِ الْخَنَازِيرِ. 17فَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ تُخُومِهِمْ. 18وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ طَلَبَ إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ مَجْنُونًا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ، 19فَلَمْ يَدَعْهُ يَسُوعُ، بَلْ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ، وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ». 20فَمَضَى وَابْتَدَأَ يُنَادِي فِي الْعَشْرِ الْمُدُنِ كَمْ صَنَعَ بِهِ يَسُوعُ. فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ.

21وَلَمَّا اجْتَازَ يَسُوعُ فِي السَّفِينَةِ أَيْضًا إِلَى الْعَبْرِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ. 22وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، 23وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيرًا قَائِلاً: «ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا!». 24فَمَضَى مَعَهُ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَكَانُوا يَزْحَمُونَهُ.

25وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، 26وَقَدْ تَأَلَّمَتْ كَثِيرًا مِنْ أَطِبَّاءَ كَثِيرِينَ، وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئًا، بَلْ صَارَتْ إِلَى حَال أَرْدَأَ. 27لَمَّا سَمِعَتْ بِيَسُوعَ، جَاءَتْ فِي الْجَمْعِ مِنْ وَرَاءٍ، وَمَسَّتْ ثَوْبَهُ، 28لأَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ مَسَسْتُ وَلَوْ ثِيَابَهُ شُفِيتُ». 29فَلِلْوَقْتِ جَفَّ يَنْبُوعُ دَمِهَا، وَعَلِمَتْ فِي جِسْمِهَا أَنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ مِنَ الدَّاءِ. 30فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِرًا فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَقَالَ: «مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟» 31فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ، وَتَقُولُ: مَنْ لَمَسَنِي؟» 32وَكَانَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَرَى الَّتِي فَعَلَتْ هذَا. 33وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ وَهِيَ خَائِفَةٌ وَمُرْتَعِدَةٌ، عَالِمَةً بِمَا حَصَلَ لَهَا، فَخَرَّتْ وَقَالَتْ لَهُ الْحَقَّ كُلَّهُ. 34فَقَالَ لَهَا: «يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ، اذْهَبِي بِسَلاَمٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ».

35وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جَاءُوا مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: «ابْنَتُكَ مَاتَتْ. لِمَاذَا تُتْعِبُ الْمُعَلِّمَ بَعْدُ؟» 36فَسَمِعَ يَسُوعُ لِوَقْتِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي قِيلَتْ، فَقَالَ لِرَئِيسِ الْمَجْمَعِ: «لاَ تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ». 37وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَتْبَعُهُ إِلاَّ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ، وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ. 38فَجَاءَ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ وَرَأَى ضَجِيجًا. يَبْكُونَ وَيُوَلْوِلُونَ كَثِيرًا. 39فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَضِجُّونَ وَتَبْكُونَ؟ لَمْ تَمُتِ الصَّبِيَّةُ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». 40فَضَحِكُوا عَلَيْهِ. أَمَّا هُوَ فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ، وَأَخَذَ أَبَا الصَّبِيَّةِ وَأُمَّهَا وَالَّذِينَ مَعَهُ وَدَخَلَ حَيْثُ كَانَتِ الصَّبِيَّةُ مُضْطَجِعَةً، 41وَأَمْسَكَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وَقَالَ لَهَا: «طَلِيثَا، قُومِي!». الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ: قُومِي! 42وَلِلْوَقْتِ قَامَتِ الصَّبِيَّةُ وَمَشَتْ، لأَنَّهَا كَانَتِ ابْنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَبُهِتُوا بَهَتًا عَظِيمًا. 43فَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ بِذلِكَ. وَقَالَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ.

 

1 وَجَاءُوا إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ.: أسكت الرب يسوع ريح العالم وأبكم أمواجه عن المؤمنين به، ثمّ جاء إلى عبر البحر ليصنع آية روحيّة يُخرج فيها الشياطين من الإنسان الخاطي الّذي يأتي إليه.

2 وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ: لمّا خرج الرب يسوع من سفينة المؤمنين ودخل العالم بين الخطاة ليخلّص آخرين، استقبله من القبور إنسان فيه روح نجس. الإنسان الخاطي هو قبر الروح في العالم، فيه روح نجس، أي فيه محبّة للخطيّة وشهوات العالم. (لوقا 11: 44 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ مِثْلُ الْقُبُورِ الْمُخْتَفِيَةِ، وَالَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَيْهَا لاَ يَعْلَمُونَ!».).

3 كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلاَ بِسَلاَسِلَ: يتكلّم الرب يسوع عن الروح النجس الّذي يسكن في القبور، أي في الإنسان الخاطي. لم يقدر أحد أن يربطه ولا بسلاسل، أي لم يقدر أحد أن يمنعه بالقوّة عن محبّة الخطيّة وفعل الشرّ. ولا بسلاسل، أي لا باللين ولا بالقوّة. الإنسان الخاطي هو قبر الروح، والروح النجس هو الّذي يسكن في هذه القبور الروحيّة.

4 لأَنَّهُ قَدْ رُبِطَ كَثِيرًا بِقُيُودٍ وَسَلاَسِلَ فَقَطَّعَ السَّلاَسِلَ وَكَسَّرَ الْقُيُودَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ.: آية روحيّة يتكلّم فيها الرب يسوع عن الأرواح النجسة في الإنسان الخاطي. لأنّه كثيراً ما رُبط بقيود قانون الإنسان، وسلاسل قوّة هذا القانون لمنعه من فعل الشرّ، لكنّه لم يتوقّف عن محبّة الخطيّة وفعل الشرّ، لذلك لم يقدر أحد أن يذلّله ولا بالقوّة. آية روحيّة تقول أنّه لا يمكن إصلاح الروح النجس في الإنسان، لأنّه لا يُربط بقيود ولا بسلاسل، فيجب فقط طرده من الإنسان. والرب يسوع هو الوحيد الّذي يطرد الأرواح النجسة من الإنسان الخاطي لأنّه ابن الإنسان البارّ.

5 وَكَانَ دَائِمًا لَيْلاً وَنَهَارًا فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ، يَصِيحُ وَيُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالْحِجَارَةِ.: هكذا هي حياة الإنسان الخاطي لأنّه يعيش دائما لشهواته في العالم، لذلك هو ليلاً ونهاراً في جبال هذا العالم الصعب، لأنّ الجبال هي هموم هذا العالم في الإنسان الخاطي. وفي القبور الروحيّة، لأنّ الروح النجس، أي روح محبّة الخطيّة وشهوات العالم، يسكن أموات الروح ويجعلهم في القبور، أي دائماً مع الخطاة أموات الروح، لأنّهم في علاقة واحدة مع الخطيّة ومحبّة العالم الّذي يزول. والروح النجس يجعل الإنسان الخاطي يصيح لعدم السلام في نفسه، ويجرّح نفسه بالحجارة، أي يجرّح نفسه بكلام الناس الّذين يرفضون أعماله الشرّيرة، لأنّ الحجارة هي الإنسان. (متّى 3: 9 أَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ.) (بطرس الأولى 2: 5 كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ بَيْتًا رُوحِيًّا).

6 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ: تسجد الأرواح النجسة أمام الرب يسوع لأنّه ابن الله البارّ، خوفاً منه وليس طاعةً له، لأنّ الأرواح النجسة هي محبّة الخطيّة في قلب الإنسان، والرب يسوع هو ابن الإنسان البارّ يغفر الخطيّة ويُخرج محبّة الخطيّة من قلب الإنسان.

7 وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ؟ أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!»: ابن الله العليّ يعذب الأرواح النجسة ببرّه ومحبّته للإنسان، لأنّه يطردها من مسكنها في الإنسان الخاطي. يقول الروح النجس ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلّيّ لأنّ الأرواح النجسة تعرف الله وتعرف ابن الله البارّ فادي الإنسان. (يعقوب 2: 19 أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ؟).

8 لأَنَّهُ قَالَ لَهُ: «اخْرُجْ مِنَ الإِنْسَانِ يَا أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِسُ».: الروح النجس الّذي يسكن في الإنسان الّذي يأتي إلى الرب يسوع هو يصرخ ويقول ما لي ولك يا يسوع البارّ، لأنّ ابن الإنسان البارّ هو ابن الله العليّ. لم يأت الرب يسوع ليُهلك الأرواح النجسة ويُخرجها من العالم، لأنّه جاء فقط ليُخرجها من الإنسان الّذي يؤمن به سيدا على حياته للبرّ.

9 وَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَأَجَابَ قِائِلاً: «اسْمِي لَجِئُونُ، لأَنَّنَا كَثِيرُونَ».: أيضاً للأرواح النجسة أسماء، لذلك سأله الرب يسوع عن اسمه لنفهم أنّ أرواح نجسة كثيرة تسكن في الإنسان الخاطي، أي في الّذي يعمل بكل أنواع الخطيّة.

10 وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيرًا أَنْ لاَ يُرْسِلَهُمْ إِلَى خَارِجِ الْكُورَةِ.: إلى خارج الكورة، أي إلى هلاكهم خارج عالم الإنسان. (لوقا 8: 31 وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَأْمُرَهُمْ بِالذَّهَابِ إِلَى الْهَاوِيَةِ.).

11 وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى: الخنزير في الروح هو الإنسان الّذي يدوس كلمة الله ويهاجم المؤمنين. (متّى 7: 6 لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.). يُخرج الرب يسوع من المؤمن به جميع الأرواح النجسة، ويسمح لها أن تدخل في الإنسان الّذي يرفض كلمة الله للبرّ. قطيع من الخنازير يرعى، أي يأكل لحياته وشهواته في هذا العالم الّذي يزول.

12 فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا».: أرواح نجسة كثيرة يُخرجها الرب يسوع من الإنسان، لكن لا يخرجها من العالم لذلك تدخل في خنازير هذا العالم، أي في الّذين يعيشون في الخطيّة لشهواتهم في هذا العالم، لذلك يرفضون كلمة الله للبرّ والحياة الأبديّة.

13 فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ. وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ، فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ.:

آية روحيّة تقول أنّ الرب يسوع يأمر الأرواح النجسة فتخرج من كل إنسان يؤمن به، لكنّه لا يأمرها لتدخل في خنازير هذا العالم إنّما يأذن لها. لأنّ الأرواح النجسة هي محبّة الخطيّة وفعل الشرّ، فتجد لها مكان في قلب كل إنسان يرفض كلمة الله للمحبّة والحياة الأبديّة. أكثر من ألفين من الأرواح النجسة خرجوا من الإنسان الّذي جاء إلى الرب يسوع، ودخلوا في الخنازير فاختنقت الخنازير في البحر. آية روحيّة عن الإنسان الّذي يرفض الخلاص بالرب يسوع فتجعله الأرواح النجسة يخنق نفسه في بحر شهوات هذا العالم، ليهلكها أخيرا في الدينونة الأبديّة.

14 وَأَمَّا رُعَاةُ الْخَنَازِيرِ فَهَرَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ. فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى.: رعاة الخنازير هم رعاة الإنسان الخاطي لأنّ تعاليمهم غير صالحة أمام الله. الرب يسوع هو الراعي الصالح لأنّه الوحيد الّذي يطرد الشياطين ببرّ أعماله. (يوحنّا 10: 11 أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.). هربوا من أمام الرب يسوع لأنّه كلمة الحقّ والمحبّة وهم رعاة خنازير. وأخبروا في مدينتهم وفي الضياع، أي أخبروا الّذين يسمعون لهم كرعاة يشهدون بما رأوا. لم يخبروا ليخدموا كلمة الله إنّما ليطلبوا إليه أن يمضي من تخومهم، لذلك خرجوا ليروا ماذا جرى للمجنون والخنازير. لم يؤمنوا بعمل الرب يسوع الصالح للمجنون لأنّهم عمي الروح، يتبعون رعاتهم ولا ينظرون إلى كلمة الله الصالحة لحياة المحبّة والبرّ.

15 وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَنَظَرُوا الْمَجْنُونَ الَّذِي كَانَ فِيهِ اللَّجِئُونُ جَالِسًا وَلاَبِسًا وَعَاقِلاً، فَخَافُوا.: جاءوا إلى الرب يسوع لينظروا أعماله، فرأوا نتيجة أعماله في المجنون الّذي كان فيه الأرواح النجسة جالسا ولابساً وعاقلاً. فخافوا على أنفسهم لأنّهم لا يريدون أن يتبعوا الرب يسوع. آية روحيّة تتمّ في كل إنسان خاطي يتوب أمام الرب يسوع فيُخرج منه الأرواح النجسة ليصبح جالساً في الروح، أي هادئ الروح غير مضطرب في نفسه لأنّه لا يهتم بما للعالم. ولابسا في الروح، أي لابسا كلمة الله للحقّ السماوي والحياة الأبديّة (رومية 13: 14 بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.) وعاقلا في الروح لأنّه لا يهتمّ لشهوات الجسد الّذي يزول، بل يرفض الخطيّة ويهتمّ لحياته الأبديّة. وكل الّذين يعرفونه ينظرون التغيير الّذي حصل فيه بقوّة الرب يسوع، فيخافون على أنفسهم من الهلاك لأنّهم لا يريدون أن يتبعوا الرب يسوع حتّى ولو أبصروا أعماله العظيمة لخلاص الإنسان.

16 فَحَدَّثَهُمُ الَّذِينَ رَأَوْا كَيْفَ جَرَى لِلْمَجْنُونِ وَعَنِ الْخَنَازِيرِ.: الّذين رأوا هم شهود يتحدّثون عن أعمال الرب يسوع من أجل الإنسان، فتنتقل كلمة الله حسب المكتوب من الإنسان الّذي يرى ويسمع في الروح إلى كل إنسان يأتي لينظر ماذا فعل الرب يسوع لخلاص الإنسان الخاطي. آية روحيّة عن توصيل كلمة الله للخلاص الروحي من موت الخطيّة، وأيضاً للتحذير من دينونة الخطاة والهلاك الأبدي.

17 فَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ تُخُومِهِمْ.: رفضوا الرب يسوع حتّى بعد رؤيتهم لأعماله الصالحة من أجل الإنسان، لأنّهم يرفضون الحقّ السماوي كي لا يُغيّروا من عاداتهم وأقوال رعاتهم. آية روحيّة لكل إنسان يطلب الحقّ السماوي فلا يتبع عادات الشيوخ وأقول الناس، إنّما ينظر فقط إلى أعمال الرب يسوع في المكتوب. (يوحنّا 3: 19 وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. 20لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. 21وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ».).

18 وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ طَلَبَ إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ مَجْنُونًا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ: ولمّا دخل السفينة ليذهب ويكمل عمله ويصنع آيات روحيّة لخلاص المؤمنين، طلب إليه المؤمن الّذي أخرج منه الأرواح النجسة أن يكون معه، لأنّه بعد خلاصه من نجاسة الخطيّة يطلب خدمة البرّ في الرب يسوع كلمة الله.

19 فَلَمْ يَدَعْهُ يَسُوعُ، بَلْ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ، وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ».: آية روحيّة لكل مؤمن لا يطلبه الرب يسوع للخدمة معه كالتلاميذ، فيذهب إلى بيته وإلى أهله، ويخبر الجميع كم صنع به الرب ورحمه من نجاسة الخطيّة. هذا عمل كل مؤمن لم يطلب منه الرب يسوع خدمة خاصّة، فيعمل في الوزنة الواحدة حسب قدرته ويخدم بها كلمة الله.

20 فَمَضَى وَابْتَدَأَ يُنَادِي فِي الْعَشْرِ الْمُدُنِ كَمْ صَنَعَ بِهِ يَسُوعُ. فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ.: فمضى في حياة روحيّة مع الرب يسوع، وابتدأ يُخبر في كل مكان كم صنع به الرب يسوع. تعجّب الجميع عند رؤيتهم للمجنون المليء بالأرواح النجسة، أي الإنسان الخاطي المليء بأعمال الشرّ على أنواعه، كيف أصبح عاقلا يخدم كلمة الله للبرّ. هكذا يتعجّب كل إنسان يرى كثير الخطيّة يتوب أمام الرب يسوع، ويعمل حسب كلمة الله ويطلب البرّ ويخدم في حياة روحيّة.

21 وَلَمَّا اجْتَازَ يَسُوعُ فِي السَّفِينَةِ أَيْضًا إِلَى الْعَبْرِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ.: ولمّا اجتاز الرب يسوع أيضاً إلى العبر ليصنع أيضاً آيات روحيّة يتعلّم منها المؤمن الروحي لخلاصه الأبدي، اجتمع إليه جمع كثير ليسمعوا كلمة الله للحياة الأبديّة. وكان عند البحر، أي ليس في العالم إنّما عند العالم من أجل الإنسان الّذي في عالم الشهوات.

22 وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ: واحد من رؤساء المجمع اسمه يايرس آمن بالرب يسوع فجاء إليه عندما احتاج لعمل الرب يسوع لحياة ابنته. ولمّا رأى الرب يسوع خرّ عند قدميه. آية روحيّة لكل إنسان يأتي إلى الرب يسوع منتظراً منه استجابة لطلبه، فيأتي إليه بالإيمان الروحي لأنّ له حاجة روحيّة للخلاص من الموت الأبدي. فلا يأتي محارباً إنّما متواضعاً أمام قدمي الرب يسوع البارّ، أي عاملا بالمكتوب بمحبّة وخضوع للرب يسوع كلمة الله.

23 وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيرًا قَائِلاً: «ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا!».: طلب من الرب يسوع كثيراً ليس تكرارا للكلام إنّما لإصراره على طلبه. آية روحيّة تتكلّم عن إصرار المؤمن كل حين في الروح على طلب الشفاء الروحي والهدف حياة أبديّة، لذلك قال له أنّها على آخر نسمة، وطلب منه أن يأتي ويضع يده عليها لتُشفى فتحيا.

24 فَمَضَى مَعَهُ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَكَانُوا يَزْحَمُونَهُ.: يستجيب الرب يسوع لكل طلب روحي ولا يتأخّر. آية روحيّة تقول أنّ الرب يسوع يستجيب في الحال لكل مؤمن يطلب منه حسب كلمة الله الروحيّة. لذلك على المؤمن الّذي لا يستجيب الرب يسوع لطلبه أن يفهم أنّه لا يعمل حسب كلمة الله الروحيّة للحياة الأبديّة. لا يطلب المؤمن الروحي ما للجسد لأنّها آية روحيّة للشفاء الروحي. (أفسس 6: 18 مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ).

25 وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً: نزف الدم هو نزف النفس في العالم حتّى نهاية الفرصة وموت الروح إلى الأبد. مثل أرضي فيه مرض جسدي من نوع آخر، ليس كالأعمى والأصمّ والأعرج أو المشلول، لأنّ نزف الدم بعد مرور الوقت يصل بالمريض إلى الموت، لذلك يقول عدد 26 أنّها صارت إلى حال أردأ. صنع الرب يسوع من هذا المرض آية شفاء لمرض الروح، والهدف هو الحياة الأبديّة. نزف الدم يتكلّم عن الإنسان الّذي في الهاوية، يسقط حتّى وصوله إلى الموت. الخاطي الّذي يتوب يُنقذه الرب يسوع قبل وصوله إلى الموت الأبدي، أي قبل نهاية الفرصة بموت الجسد. هكذا يوقف الرب يسوع نزف النفس في العالم قبل وصول الإنسان إلى الموت الأبدي، لأنّ الدم هو نفس الإنسان. (التثنية 12: 23 لكِنِ احْتَرِزْ أَنْ لاَ تَأْكُلَ الدَّمَ، لأَنَّ الدَّمَ هُوَ النَّفْسُ. فَلاَ تَأْكُلِ النَّفْسَ مَعَ اللَّحْمِ. 24لاَ تَأْكُلْهُ. عَلَى الأَرْضِ تَسْفِكُهُ كَالْمَاءِ.). يُسفك الدم حتّى الموت، لذلك مات الرب يسوع ليفدي الإنسان.

26 وَقَدْ تَأَلَّمَتْ كَثِيرًا مِنْ أَطِبَّاءَ كَثِيرِينَ، وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئًا، بَلْ صَارَتْ إِلَى حَال أَرْدَأَ.: آية روحيّة للّذي يطلب الشفاء الروحي من الطبيب الخطأ، فيُنفق كل ما عنده من طاقة ليعمل ما يُطلب منه دون أن ينتفع شيئا، بل يصير إلى حال روحي أردأ، لأنّ التعاليم الخاطئة تجعل الإنسان يبتعد أكثر عن الحقيقة الروحيّة للحياة الأبديّة. كالّذي يتبع تعاليم جسديّة للشفاء والقيامة من الموت الجسدي في العالم الّذي يزول، فيبتعد بها عن حياته الروحيّة مع الرب يسوع طبيب الروح، ويُضيّع فرصة خلاصه الأبدي لأنّه يهتمّ بما للجسد وليس بما للروح.

27 لَمَّا سَمِعَتْ بِيَسُوعَ، جَاءَتْ فِي الْجَمْعِ مِنْ وَرَاءٍ، وَمَسَّتْ ثَوْبَهُ: لمّا سمعت بيسوع آمنت به، وجاءت إليه لتأخذ منه الشفاء. ومسّت ثوبه لأنّ ثوب الرب يسوع هو البرّ والمحبّة لخلاص الروح. (رومية 13: 14 بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.). آية روحيّة في الإنسان الّذي يعترف أنّه مريض الروح ويحتاج إلى الرب يسوع طبيب الروح، فيأتي إليه بقوّة الإيمان والتواضع. لذلك جاءت من ورائه لأنّها تعترف أنّها لا تستحقّ لتقف أمام الرب يسوع. آية روحيّة ليعترف المؤمن أمام نفسه وامام الرب يسوع أنّه خاطي لا يستحقّ أن يقف أمام وجه الرب يسوع البارّ.

28 لأَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ مَسَسْتُ وَلَوْ ثِيَابَهُ شُفِيتُ».: آية روحيّة للمؤمن الصالح الّذي يبحث عن شفائه الروحي للخلاص الأبدي. لا يحتاج الإنسان للكثير من المعرفة الروحيّة أو لطول الزمان في الإيمان ولا لتكرار الكلام ليأخذ الشفاء الروحي من الرب يسوع، إنّما يأتي فقط بالإيمان الصالح إلى الرب يسوع ويأخذ منه الشفاء في الحال. ثوب الرب يسوع هو كلمة الله في المكتوب، لذلك يخلص كل إنسان يأتي إلى الرب يسوع بقوّة الإيمان ويلمس كلمة الله ليعمل بها فقط حسب المكتوب.

29 فَلِلْوَقْتِ جَفَّ يَنْبُوعُ دَمِهَا، وَعَلِمَتْ فِي جِسْمِهَا أَنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ مِنَ الدَّاءِ.: للوقت، أي حال إيمانها واعتمادها. إيمان لأنّها أتت إلى الرب يسوع تطلب لنفسها الشفاء، واعتماد لأنّها مسّت ثوبه. لم يقل أنّها أتت وطلبت منه الشفاء بتكرار الكلام لأنّها آية لخلاص الإنسان من الموت الأبدي بالإيمان والعمل الروحي. فلا يأتي المؤمن إلى الرب يسوع ويطلب منه الخلاص بتكرار الكلام. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.) (متّى 6: 7 وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. 8فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ.). جفّ ينبوع دمها، أي توقّف نزيف النفس في العالم فلا يصل بها الحال إلى الموت الأبدي. وعلمت في جسمها أنّها قد برئت من الدّاء لأنّها آية روحيّة لكل مؤمن يأخذ خلاصه من الرب يسوع فيعلم في نفسه أنّه مخلّص. آية روحيّة تقول أنّ خلاص المؤمن لا يُعلنه إنسان، لأنّه عمل روحي يعلمه المؤمن في نفسه بإعلان روحي من الرب يسوع الّذي يمنح الشفاء.

30 فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِرًا فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَقَالَ: «مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟»: يلتفت الرب يسوع إلى المؤمن الصالح لينظره وجها لوجه. هكذا يرى المؤمن الصالح في الروح وجه الرب يسوع، ليس في مشاعر وأفكار جسديّة، إنّما في إعلان من الرب يسوع الّذي يلتفت بنفسه إلى المؤمن به ليراه وجها لوجه في حقيقة روحيّة. (متّى 11: 27 كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.). يلتفت الرب يسوع إلى كل مؤمن يلمس المكتوب بتواضع وحاجة روحيّة باحثا فيه عن خلاصه بالرب يسوع.

31 فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ، وَتَقُولُ: مَنْ لَمَسَنِي؟»: آية روحيّة تقول أنّ علاقة الرب يسوع بالمؤمن به هي علاقة روحيّة خاصّة، لذلك تلاميذ الرب يسوع لم يعلموا بالّذي حصل بين المرأة المؤمنة والرب يسوع. آية لكل إنسان يطلب الرب يسوع فلا ينتظر وسيط ليأتي به إلى الرب يسوع. خادم الرب يسوع هو فقط لخدمة المؤمن ليفهم كلمة الله، فيعمل بها في علاقة روحيّة خاصّة مع الرب يسوع فقط حسب المكتوب، وهو أيضاً لتوصيل كلمة الله للإنسان الخاطي، فيأتي بنفسه إلى الرب يسوع الفادي ليأخذ منه الشفاء بقوّة الإيمان لا بتكرار الكلام. آية روحيّة تقول أنّ كثيرين يزحمون الرب يسوع كهذا الجمع، لكنّ الرب يسوع ينظر فقط إلى الّذي يلمسه بالإيمان الصالح.

32 وَكَانَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَرَى الَّتِي فَعَلَتْ هذَا.: آية تقول أنّ الرب يسوع ينظر ليرى المؤمن الصالح وجهاً لوجه، لذلك لا حاجة للمؤمن أن يبحث عن وسيط بينه وبين الرب يسوع، لأنّه يستطيع أن يأتي إليه بنفسه والرب يسوع يلتفت لينظره ويعلن له أنّ إيمانه قد شفاه.

33 وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ وَهِيَ خَائِفَةٌ وَمُرْتَعِدَةٌ، عَالِمَةً بِمَا حَصَلَ لَهَا، فَخَرَّتْ وَقَالَتْ لَهُ الْحَقَّ كُلَّهُ.: يأتي المؤمن بعد شفائه من محبّة العالم إلى الرب يسوع بخوف ورعدة لأنّه يعلم قوّة الله الّذي غيّر حياته. فيعترف في نفسه وأمام الرب يسوع بكل محاولاته الفاشلة للخلاص من محبّة الخطيّة وشهوات العالم قبل مجيئه إلى الرب يسوع طبيب الروح.

34 فَقَالَ لَهَا: «يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ، اذْهَبِي بِسَلاَمٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ».: قال لها يا ابنة لأنّها آية خلاص المؤمن فيصبح ابن الله. يفهم المؤمن من هذه الآية الروحيّة أنّه لا يحصل على خلاصه بكثرة المعرفة أو بالحكمة الأرضيّة أو بطول الزمان في الإيمان، إنّما فقط بالإيمان الصالح واعتماده بكلمة الله. فينظر إليه الرب يسوع ويعلن له الشفاء الأبدي بقوله "اذهب بسلام روحي وكن صحيحاً من دائك إلى الأبد" شفاء روحي وإلى الأبد لأنّ كلمة الله روحيّة لحياة أبديّة. لا خلاص للمؤمن إلاّ بإعلان روحي من الرب يسوع. (متّى 11: 27 لاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.).

35 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جَاءُوا مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: «ابْنَتُكَ مَاتَتْ. لِمَاذَا تُتْعِبُ الْمُعَلِّمَ بَعْدُ؟»: آية روحيّة تقول: بينما يتكلّم الرب يسوع مع المؤمن به عن شفائه من أمراضه الروحيّة للحياة الأبديّة، جاء الإنسان الّذي لا يفهم كلمة الله السماويّة ليتكلّم بحكمته الأرضيّة. يفهم أنّ الرب يسوع يشفي المريض بكلمة الله ولا يفهم أنّه أيضاً يقيمه من الموت بالفداء. هذا هو المؤمن الّذي لا يفهم أنّ كلمة الله روحيّة لشفاء الروح للحياة الأبديّة.

36 فَسَمِعَ يَسُوعُ لِوَقْتِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي قِيلَتْ، فَقَالَ لِرَئِيسِ الْمَجْمَعِ: «لاَ تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ».: يقول الرب يسوع للمؤمن به ألاّ يسمع للكلمة الّتي قيلت حسب حكمة الإنسان، لأنّ المؤمن بكلمة الله يسمع فقط لكلمة الله حسب المكتوب. يقول الرب يسوع للمؤمن به لا تخف! آمن فقط. آية تقول أنّه ليس بتكرار الكلام أو بكثرة المعرفة أو بطول الزمان في الإيمان يستجيب الرب يسوع للمؤمن به، إنّما فقط بالإيمان الصالح حسب كلمة الله في المكتوب.

37 وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَتْبَعُهُ إِلاَّ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ، وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ.: لم يدع أحدا يتبعه إلاّ ثلاثة من تلاميذه ليشهدوا على آية قيامة الإنسان من نومه الروحي الّتي صنعها الرب يسوع في بيت رئيس المجمع. (متى 18: 16 وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.). (أعمال 14: 17 مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ، وَهُوَ يَفْعَلُ خَيْرًا: يُعْطِينَا مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَارًا وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً، وَيَمْلأُ قُلُوبَنَا طَعَامًا وَسُرُورًا».). لماذا لم يدع الجميع يتبعونه؟ لأنّ العمل الجسدي الّذي صنعه الرب يسوع بوجود ثلاثة شهود من تلاميذه هو آية شفاء روحي لجميع المؤمنين، فلا يعمل المؤمن حسب العمل الجسدي إنّما فقط حسب الآية الروحيّة منه.

38 فَجَاءَ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ وَرَأَى ضَجِيجًا. يَبْكُونَ وَيُوَلْوِلُونَ كَثِيرًا.: البيت هو الإنسان (متّى 7: 24 فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ.) البيت هو الإنسان العاقل الّذي يبني نفسه على كلمة الله. يبكون ويولولون على موته الروحي في الدينونة الأبديّة بسبب الخطيّة.

39 فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَضِجُّونَ وَتَبْكُونَ؟ لَمْ تَمُتِ الصَّبِيَّةُ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ».: يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة أنّ الأولاد ليسوا أمواتاً في الروح، إنّما هم في نوم روحي بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على فهم كلمة الله الروحيّة. كلمة الله روحيّة للحياة الأبديّة لذلك لم يتكلّم الرب يسوع عن موت أو نوم الجسد، لأنّه يقول في هذه الآية الروحيّة أنّها لم تمت في الروح لكنّها نائمة في الروح. لا يتكلّم الرب يسوع عن حياة الإنسان في الجسد الّذي يزول، لكنّه يصنع من الجسد آيات روحيّة للحياة الأبديّة، وفي هذه الآية قيامة الأولاد من النوم الروحي. (يوحنّا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، 64وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ».).

40 فَضَحِكُوا عَلَيْهِ. أَمَّا هُوَ فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ، وَأَخَذَ أَبَا الصَّبِيَّةِ وَأُمَّهَا وَالَّذِينَ مَعَهُ وَدَخَلَ حَيْثُ كَانَتِ الصَّبِيَّةُ مُضْطَجِعَةً: ضحكوا عليه لأنّهم جسديين، لا يفهمون أنّ كلمة الله في الرب يسوع هي كلمة روحيّة، لأنّه جاء لخلاص الإنسان في الروح بقيامته من الموت الأبدي وليس لقيامة الجسد الّذي يزول. يضحك ويسخر من كلمة الرب يسوع كل إنسان لا يؤمن به لقيامة الموتى والحياة الأبديّة، لذلك يُخرج الرب يسوع من بيت المؤمن به كل إنسان يسخر من كلمة الله. هكذا يرفض المؤمن الصالح كل إنسان يسخر من كلمة الله، ليُبقي في حياته أهل بيته والمؤمنين.

41 وَأَمْسَكَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وَقَالَ لَهَا: «طَلِيثَا، قُومِي!». الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ: قُومِي!: في هذه الآية الروحيّة يمسك الرب يسوع بيد الأولاد عند بلوغهم ويطلب منهم أن يقوموا من نومهم الروحي، فيمشي في حياة روحيّة مع الرب يسوع كل من يسمع كلمة الله. ليس كما أقام لعازر من الموت لأنّه لم يمسك يده، بل طلب منه أن يخرج بنفسه من القبر (يوحنّا 11: 43 وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا!») آية تقول أنّ الرب يسوع يقيم المؤمن من موته الروحي لأنّه يسمع ويعمل بكلمة الله فيخرج من قبره الروحي إلى الحياة الأبديّة. أمّا الأولاد فيأتي المؤمن إليهم بكلمة الله الروحيّة ليقيمهم الرب يسوع من نومهم الروحي.

42 وَلِلْوَقْتِ قَامَتِ الصَّبِيَّةُ وَمَشَتْ، لأَنَّهَا كَانَتِ ابْنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَبُهِتُوا بَهَتًا عَظِيمًا.: قامت الصبيّة ومشت لأنّها ابنة اثنتي عشرة سنة، أي لأنّها الآن أصبحت مسؤولة عن حياتها الروحيّة، لذلك أمسك بيدها وقال لها قومي، فقامت ومشت في حياة روحيّة معه. يد الرب يسوع على الأولاد يحتضنهم ويباركهم دون أن يطلب منهم شيء، لذلك يقول أنّها نائمة في الروح. (مرقس 10: 14 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.). أمّا الآن فهي مسؤولة عن أعمالها وعن إيمانها لأنّها ابنة اثنتي عشرة سنة، فتحتاج أن تقوم من نومها الروحي لتسلك في الحياة الروحيّة باختيارها.

43 فَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ بِذلِكَ. وَقَالَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ.: أوصاهم كثيرا أن لا يعلم أحد لأنّها في هذه الآية الروحيّة هي على مفترق طرق وتحتاج أن تختار طريق الرب يسوع في حياة روحيّة أو طريق العالم للشهوات الجسديّة. لا يعلم أحد كي لا يؤثّر عليها الّذين من خارج لأنّهم أعداء الكلمة السماويّة، لذلك أدخل معه أبا الصّبيّة وأمّها والمؤمنين فقط. قال أن تعطى لتأكل كلمة الله للحياة الروحيّة، لأنّها ابنة اثنتي عشرة سنة وتحتاج أن تأكل كلمة الله لتحيا في الروح بعد أن أقامها الرب يسوع من نومها الروحي. آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع للمؤمنين به أن يُقدّموه لأولادهم عند بلوغهم ليقوموا من نومهم الروحي ويمشوا مع الرب يسوع في حياة روحيّة، فلا يعيشوا لشهوات العالم الّذي يزول. آية لقيامة الأولاد من نومهم الروحي بعد بلوغهم، ليصبحوا مسؤولين عن أعمالهم وعن خلاصهم بالإيمان، فيمشوا ويأكلوا في ملكوت السماوات مع المؤمنين.

 

بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content