تفسير مرقس 1 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 1

تفسير إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ،

2كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي، الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 3صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». 4كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 5وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ. 6وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ وَبَرَ الإِبِلِ، وَمِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقْوَيْهِ، وَيَأْكُلُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا. 7وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلاً: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. 8أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ».

9وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ. 10وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ، وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلاً عَلَيْهِ. 11وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».

12وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، 13وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ.

14وَبَعْدَمَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللهِ

15وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ».

16وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 17فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاسِ». 18فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ. 19ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ قَلِيلاً فَرَأَى يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، وَهُمَا فِي السَّفِينَةِ يُصْلِحَانِ الشِّبَاكَ. 20فَدَعَاهُمَا لِلْوَقْتِ. فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي السَّفِينَةِ مَعَ الأَجْرَى وَذَهَبَا وَرَاءَهُ.

21ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ، وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. 22فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. 23وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، فَصَرَخَ 24قَائِلاً: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!» 25فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!» 26فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ. 27فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «مَا هذَا؟ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ!» 28فَخَرَجَ خَبَرُهُ لِلْوَقْتِ فِي كُلِّ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْجَلِيلِ.

29وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْمَجْمَعِ جَاءُوا لِلْوَقْتِ إِلَى بَيْتِ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ مَعَ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، 30وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ مُضْطَجِعَةً مَحْمُومَةً، فَلِلْوَقْتِ أَخْبَرُوهُ عَنْهَا. 31فَتَقَدَّمَ وَأَقَامَهَا مَاسِكًا بِيَدِهَا، فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى حَالاً وَصَارَتْ تَخْدِمُهُمْ. 32وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، إِذْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَدَّمُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ السُّقَمَاءِ وَالْمَجَانِينَ. 33وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا مُجْتَمِعَةً عَلَى الْبَابِ. 34فَشَفَى كَثِيرِينَ كَانُوا مَرْضَى بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَخْرَجَ شَيَاطِينَ كَثِيرَةً، وَلَمْ يَدَعِ الشَّيَاطِينَ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ.

35وَفِي الصُّبْحِ بَاكِرًا جِدًّا قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ، 36فَتَبِعَهُ سِمْعَانُ وَالَّذِينَ مَعَهُ. 37وَلَمَّا وَجَدُوهُ قَالُوا لَهُ: «إِنَّ الْجَمِيعَ يَطْلُبُونَكَ». 38فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَذْهَبْ إِلَى الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لأَكْرِزَ هُنَاكَ أَيْضًا، لأَنِّي لِهذَا خَرَجْتُ». 39فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِهِمْ فِي كُلِّ الْجَلِيلِ وَيُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ.

40فَأَتَى إِلَيْهِ أَبْرَصُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ جَاثِيًا وَقَائِلاً لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي» 41فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ لَهُ: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». 42فَلِلْوَقْتِ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ وَطَهَرَ. 43فَانْتَهَرَهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْوَقْتِ، 44وَقَالَ لَهُ: «انْظُرْ، لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ شَيْئًا، بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى، شَهَادَةً لَهُمْ». 45وَأَمَّا هُوَ فَخَرَجَ وَابْتَدَأَ يُنَادِي كَثِيرًا وَيُذِيعُ الْخَبَرَ، حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةً ظَاهِرًا، بَلْ كَانَ خَارِجًا فِي مَوَاضِعَ خَالِيَةٍ، وَكَانُوا يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ.

 

1 بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ: بدء عهد جديد في حياة روحيّة مع الله باسم الرب يسوع كلمة الله في جسد إنسان على الأرض.

2 كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي، الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ.: لم يظهر الرب يسوع فجأة في العالم كالأنبياء والمسحاء الكذبة، لأنّه جاء كما هو مكتوب عنه في الأنبياء قبل مجيئه بمئات السنين. ملاك الرب هو المؤمن الصالح الذي يخدم كلمة الله لخلاص الإنسان، فيهيئ طريق الرب يسوع الفادي مستخدماً كلمة الله إلى قلب الإنسان الخاطي. 

3 صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».: الصوت هو صوت المؤمن الصالح الّذي يخدم كلمة الله، والصارخ هو الرب يسوع الفادي كلمة الله الروحيّة الّتي يستخدمها المؤمن بصوته للخدمة. المؤمن الصالح هو صوت الإنجيل الصارخ في بريّة العالم لخلاص الإنسان في الروح من الدينونة الأبديّة. من هنا يبدأ الإنسان طريقه إلى الحياة الأبديّة مع الرب يسوع، يُعد طريق الرب إلى قلبه بالتوبة عن الخطيّة، ويجعل سبله مستقيمة بسماعه لكلمة الله بقلب يبحث عن الحقّ. فيفهم الآيات السماويّة ويعمل بها بالروح، فيأتي الرب يسوع إليه ويمنحه الخلاص. السبل غير المستقيمة هي في الّذي يسمع ليحارب كلمة الله، أو في الّذي يسمع ويُظهر الإيمان لمنفعة جسديّة أرضيّة. يرفض الله هذا الإيمان لأنّ كلمة الله روحيّة في بريّة العالم الجسدي، أي بعيدا عن شهوات العالم الجسدي، لأنّها لحياة روحيّة سماويّة أبديّة.

4 كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا.: البرّية في حياة المؤمن الروحيّة هي البعد عن شهوات العالم الجسديّة. كان يوحنّا يعمّد في بريّة العالم لأنّ الخدمة الروحيّة لا تصلح إن كان فيها شهوات أرضيّة تزول. كان يوحنّا في العالم يكرز بين الناس لكنّه في الروح كان في بريّة العالم وشهواته، لأنّه كان يعمل لحياته الروحيّة الأبديّة. كان يكرز بمعموديّة التوبة لمغفرة الخطايا بماء الروح، أي بكلمة الله للتوبة وغفران الخطايا. (أفسس 5: 26 لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ).

5 وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.: كورة اليهوديّة هم اليهود، أي كل الّذين آمنوا بالله حسب فرائض العهد الأوّل. وأهل أورشليم هم كل الأبرار بإيمانهم الصالح لأنّهم أهل المدينة المقدّسة. (رؤيا 21: 2 وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا.). خرجوا إلى البريّة واعتمدوا منه جميعهم في نهر الأردن، آية روحيّة ليخرج المؤمن في الروح من العالم ويعتمد بكلمة الله ماء الحياة الروحيّة. (رؤيا 22: 1 وَأَرَانِي نَهْرًا صَافِيًا مِنْ مَاءِ حَيَاةٍ لاَمِعًا كَبَلُّورٍ، خَارِجًا مِنْ عَرْشِ اللهِ وَالْخَرُوفِ.). اعتمدوا معترفين بخطاياهم لأنّها معموديّة التوبة لغسل الروح بكلمة الله من الخطيّة.

6 وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ وَبَرَ الإِبِلِ، وَمِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقْوَيْهِ، وَيَأْكُلُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا.: جعل الله من يوحنّا آية روحيّة لكل مؤمن يطلب الخلاص، فلا يهتمّ بما للجسد ماذا يلبس أو ماذا يأكل لأّنه يهتمّ بما للروح للحياة الأبديّة. يلبس المسيح الفادي حزام من جلد يحميه من دينونة الخطيّة (إشعياء 11: 5 وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَةَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ.) ويأكل لحاجة الجسد وليس لشهوات الجسد في العالم. (رومية 13: 13 لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. 14بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.).

7 وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلاً: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ.: يوحنّا هو كل خادم للرب يبشّر بمجيء المسيح الفادي لمغفرة الخطايا، ليأتي المسيح البارّ ويمنح الحياة الأبديّة لكل خاطي يتوب ويعمل بكلمة الله. يوحنّا هو أعظم مولود من النساء ببرّ الأعمال كما قال عنه الرب يسوع، لكنّه يعرف أنّه ليس أهلاً لينحني ويحل سيور حذاء الرب يسوع البارّ، لأنّه يعرف أنّه بخطيّة واحدة الموت، ويعرف أنّه خاطي يحتاج للرب يسوع البارّ ليفديه من الدينونة الأبديّة. لذلك قال يوحنّا أنّ الرب يسوع هو أقوى منه ببرّ أعماله لأنّه الوحيد الّذي لم يفعل خطيّة. لماذا الحذاء؟ لأنّ الحذاء يستخدمه الإنسان ليذهب به إلى فعل الخطيّة. هو المثل الّذي استخدمه الرب في الآيات الروحيّة ليتكلّم عن الإنسان الّذي يذهب بإرادته ليفعل الخطيّة. أمّا الرب يسوع فحذاءه طاهر لأنّه لم يفعل خطيّة. (خروج 3: 5 اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ».) آية تقول أنّ الخاطي لا يقف أمام الله إن لم يتب عن فعل الخطيّة.

8 أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ».: آية لخلاص الإنسان بالمعموديّة، أوّلا بمعموديّة التوبة بماء الكلمة السماويّة، ليؤمن الإنسان الخاطي بالرب يسوع الفادي، ثمّ الخلاص بمعموديّة الروح القدس لكل مؤمن يتوب ويعمل بكلمة الله. يعتمد الخاطي بكلمة الله ليغسل نفسه من محبّة الخطيّة بالتوبة، فيأتي إليه الرب يسوع ويعمّده بالروح القدس الّذي يجعله باراً في الروح للحياة الأبديّة مع الله.

9 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ.: اعتمد الرب يسوع، ابن الإنسان، من يوحنّا ليجعل من نفسه آية روحيّة لكل إنسان يطلب الحقّ السماوي، فيعتمد بكلمة الله السماويّة كما اعتمد سيّده. لم يأت الرب يسوع ليتكلّم فقط عن ملكوت السماوات إنّما جاء ليكمل كل برّ بأعماله.

10 وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ، وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلاً عَلَيْهِ.: لا يحتاج الرب يسوع لأن يعتمد من يوحنّا لأنّه هو كلمة الله البارّ، لكنّه اعتمد ليصنع آية روحيّة يعمل بها المؤمن الروحي، فيعتمد بالماء الروحي، أي بكلمة الله السماويّة. اعتمد الرب يسوع ليمنح من اعتماده الصالح للمؤمن به الّذي يطلب الحقّ السماوي، فيصبح بارا بالإيمان ويأتي عليه كل ما أتى على الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة. للوقت وهو صاعد من الماء رأى السماوات قد انشقّت، هو فقط الّذي رأى السماوات قد انشقّت، لأنّ المؤمن الّذي يعتمد هو فقط الّذي يرى ملكوت الله مفتوحا له. آية روحيّة للمؤمن الّذي يعتمد بالروح حسب كلمة الله السماويّة، لتنشقّ السماوات أمامه ويدخل ملكوت الله فيرى سلام الله في الروح نازلا عليه من السماء. لا يتكلّم الله عن سلام الجسد في العالم، إنّما السلام الروحي من السماء.

11 وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».: آية روحيّة للمؤمن الّذي يعتمد بالروح حسب كلمة الله السماويّة، فيسمع بروحه صوت الله الّذي يُعلن له أنّه أصبح ابن الله الحبيب، الّذي يسرّ قلب الله بإيمانه الصالح بالرب يسوع الفادي، ابن الإنسان الّذي سرّ قلب الله ببرّ أعماله. شبّه الله الروح القدس بالحمامة لأنّه روح السلام الّذي يأتي على المؤمن الّذي يعتمد بكلمة الله السماويّة. لماذا قال من السماوات وليس من السماء؟ لأنّه يقول أنّ هذا صوت الله الّذي تكلّم، لأنّ الله فقط هو في السماوات وليس في السماء الواحدة.

12 وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ: آية روحيّة بعد اعتماد المؤمن الروحي بكلمة الله، فيخرج للوقت بالروح من عالم الشهوات إلى بريّة العالم لحياة روحيّة مع الرب يسوع كل حين. لا تتكلّم هذه الآية عن خروج المؤمن من العالم بجسده، إنّما عن خروجه بالروح من محبّة العالم وشهواته.

13 وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ.: سمح الروح القدس بتجربة ابن الإنسان من الشيطان أربعين يوماً ليثبت أنّه بارّ بأعماله. فيفدي الإنسان الخاطي بموت البارّ من أجل الخاطي. وأيضاً ليعرف المؤمن أنّه يتبع ابن الإنسان البارّ فلا يتبع أنبياء كذبة خطاة. وكان مع الوحوش، أي مع الخطاة الّذين يحاربون كلمة الله (كورنثوس الأولى 15: 32 إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ لِي؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ، «فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ!».). وصارت الملائكة تخدمه لأنّه بارّ.

14 وَبَعْدَمَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللهِ: وبعدما أسلم يوحنّا لأنّه علّم طريق الحقّ ورفض الخطيّة، جاء الرب يسوع يكرز ببشارة ملكوت الله لخلاص الإنسان من الدينونة الأبديّة. جاء إلى الجليل، إلى بلده، لأنّ بشارة الملكوت تبدأ في بيت المبشّر أوّلا ثمّ إلى العالم أجمع.

15 وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ».: قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله بمجيء المسيح، أي اقترب الخلاص الروحي من المؤمن وهو على الأرض قبل أن ينتقل إلى الأبديّة بموت الجسد. قبل مجيء المسيح كان ملكوت الله بعيدا عن المؤمنين لأنّ علاقة المؤمن بالله كانت بالفرائض من خلال الوسطاء، أنبياء يختارهم الله لهذا العمل. لكن بعد مجيء المسيح اقترب ملكوت الله من الإنسان، لأنّ الرب يسوع ابن الإنسان هو الوسيط الوحيد بين الله والناس، وهو المخلّص الّذي يمنح الحياة الأبديّة بالفداء. فيعمل المؤمن في حياة روحيّة معه وليس في فرائض تدلّ على الإيمان به. (تيموثاوس الأولى 2: 5 لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، 6الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ). توبوا وآمنوا بالإنجيل كلمة الله حسب النبوّات الّتي تكلّمت عن مجيء المسيح الفادي.

16 وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ.: وفيما الرب يسوع يمشي في العالم أبصر سمعان وأندراوس يعملان للحياة الجسديّة. آية تقول أنّ صيد السمك في الإنجيل يعني العمل الصالح لحياة الجسد على الأرض، والسمك يعني حاجة الإنسان الجسديّة. آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه هو الّذي يأتي إلى الإنسان ليختاره تلميذا له لخدمة الكلمة السماويّة.

17 فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاسِ».: طلب منهما الرب يسوع أن يتبعاه ليجعل منهما خادمين للحياة الروحيّة السماويّة. البحر هو العالم والسمك هم الناس. يصيران صيّادي الناس لأنّ خادم الرب يصطاد الناس من العالم بكلمة الله، ليُخرجهم في الروح من محبّة العالم والخطيّة، إلى محبّة البرّ للحياة الأبديّة.

18 فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ.: هكذا يفعل المؤمن الّذي يختاره الرب للخدمة، يترك كل شيء ويتبع كلمة الله ليعمل فقط حسب المكتوب.

19 ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ قَلِيلاً فَرَأَى يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، وَهُمَا فِي السَّفِينَةِ يُصْلِحَانِ الشِّبَاكَ.: اختار الرب يسوع تلميذين واجتاز من هناك ليختار آخرين. فرأى يعقوب بن زبدي ويوحنّا أخاه، هما أيضاً صيّادين يعملان للحاجة الجسديّة.

20 فَدَعَاهُمَا لِلْوَقْتِ. فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي السَّفِينَةِ مَعَ الأَجْرَى وَذَهَبَا وَرَاءَهُ.: هكذا يفعل المؤمن الصالح حين يدعوه الرب يسوع للخدمة، يترك كل شيء، حتّى أباه، ويتبع الرب يسوع. آية روحيّة ليفهم المؤمن أنّ عدم الخدمة لا يتبرّر بعذر.

21 ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ، وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ.: تركوا كل شيء وتبعوا الرب يسوع ليكونوا له تلاميذ يتعلّمون منه، ليصبحوا رسلا للمسيح يبشّرون ويعلّمون عن معرفة روحيّة. بدأ الرب يسوع في هذه الآية بالتعليم الروحي لتلاميذه عن يوم السبت، ليفهموا الروحي منه فلا يعملوا بالتعاليم الخاطئة.

22 فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ.: بهتوا من تعليمه لأنّه علّمهم المعنى الروحي لكلمة الله، علّمهم أسرار ملكوت السماوات في تفسيره لكلمة الله الروحيّة، لذلك فيه سلطان الروح وليس كالكتبة تعليمهم حرفي يزول مع الجسد. (كورنثوس الثانية 3: 6 الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي.). آية لكل مؤمن ليعمل حسب كلمة الله فقط في المكتوب، فلا يتبع معلّمين ليس في تعليمهم سلطان الروح، لأنّها تعاليم حسب حكمتهم الأرضيّة.

23 وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، فَصَرَخَ: صرخ الروح النجس الّذي في الإنسان لأنّها آية روحيّة تتكلّم عن الإنسان الخاطي الّذي يعمل بروح الشرّ. لذلك روح الشرّ الّذي في الإنسان يصرخ خوفاً من روح البرّ عند لقائه بالرب يسوع البارّ.

24 قَائِلاً: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!»: قدّوس الله البارّ يُهلك روح الخطيّة. روح الشرّ الّذي في الإنسان الخاطي يخاف من روح البرّ لأنّه يهلكه، أي يمنعه عن فعل الخطيّة. لذلك يخاف الروح النجس من سلطان البرّ الّذي في الرب يسوع لأنّه انتصر على كل تجربة ولم يفعل خطيّة.

25 فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!»: آية روحيّة تأتي على المؤمن الّذي يعمل حسب كلمة الله في المكتوب، لأنّ المكتوب هو الرب يسوع الّذي ينتهر روح الشرّ الّذي في الإنسان الخاطي ليرفض الخطيّة ويطلب البرّ. ويُخرس روح الشرّ الّذي في الإنسان الخاطي فلا يتكلّم بالسيآت. كما يشفي الرب يسوع أخرس الروح فيتكلّم حسب كلمة الله الروحيّة، هكذا أيضاً يُخرس الرب يسوع روح الشرّ الّذي في المؤمن فلا يفتكر ولا يتكلّم بالشّرور. ويطرد منه روح الشرّ ومحبّة الخطيّة فيعمل بروح البرّ والمحبّة. لم يُهلك الرب يسوع الروح النجس لكنّه أخرجه من الإنسان ليصنع آية روحيّة تقول أنّ الرب يسوع يُخرج الروح النجس من المؤمن الروحي فقط، وليس من العالم قبل الأوان لأنّ الأوان سيأتي عند نهاية العالم لهلاك ابليس وملائكته.

26 فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ.: الروح النجس هو روح الخطيّة في الإنسان الّذي في قلبه محبّة لعمل الشرّ. يأتي الرب يسوع ويُخرجه بكلمة الله للبرّ. صرعه الروح النجس لأنّ الخطيّة تصرع الإنسان الخاطي وتسيطر عليه، لكنّها تخرج من المؤمن بقوّة البرّ الّذي في الرب يسوع. وصاح بصوت عظيم، أي ظهرت الخطيّة للمؤمن بأنّها عظيمة الشرّ، لكنّها خرجت منه بقوّة الرب يسوع البارّ. لماذا الرب يسوع هو الوحيد الّذي يُخرج الأرواح النجسة من الإنسان؟ لأنّه ابن الإنسان البارّ بأعماله، الوحيد الّذي انتصر على الخطيّة بكل أنواع التجارب.

27 فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «مَا هذَا؟ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ!»: آية تقول أنّ الرب يسوع يُخرج الشياطين بتعليمه الجديد لكلمة الله الروحيّة. لأنّهم تحيّروا من تعليمه الجديد، لأنّه بسلطان هذا التعليم يُخرج الأرواح النجسة. آية روحيّة لمن يعمل بالروح حسب كلمة الله الروحيّة فيخرج منه روح الخطيّة ويسكن فيه روح الله للبرّ، فيرفض الخطيّة ويطلب البرّ. هذا هو تعليم الرب يسوع الروحي، لذلك هو جديد، لأنّه يطرد الأرواح النجسة من الإنسان.

28 فَخَرَجَ خَبَرُهُ لِلْوَقْتِ فِي كُلِّ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْجَلِيلِ.: آية روحيّة تقول أنّ عمل الرب يسوع يظهر لجميع الّذين في محيط الإنسان الّذي تخرج منه الأرواح النجسة، لأنّ عمل الرب يسوع له نتيجة ظاهرة يراها الناس في الّذي تغيّر من إنسان خاطي يحبّ الخطيّة إلى إنسان مؤمن يرفض الخطيّة.

29 وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْمَجْمَعِ جَاءُوا لِلْوَقْتِ إِلَى بَيْتِ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ مَعَ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا: جاء الرب يسوع إلى بيت سمعان وأندراوس مع تلاميذه الّذين اختارهم لخدمة الكلمة، ليصنع أمامهم آية روحيّة لشفاء مريض الروح.

30 وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ مُضْطَجِعَةً مَحْمُومَةً، فَلِلْوَقْتِ أَخْبَرُوهُ عَنْهَا.: آية روحيّة لشفاء المؤمن مريض الروح، الّذي لا يعمل لخدمة كلمة الله الروحيّة. وُجد الرب يسوع في بيت حماة سمعان فأخبروه أنّها مضطجعة لأنّها محمومة. البيت هو الإنسان (متّى 7: 24) ووجود الرب يسوع في بيت الإنسان هو إيمان هذا الإنسان بالرب يسوع. والمضطجع المريض لا يخدم لأنّه مريض الروح. لكنّها قامة تخدمهم بعد شفائها. أية روحيّة تتكلّم عن المؤمن الّذي يحتاج إلى الشفاء ليخدم الرب يسوع.

31 فَتَقَدَّمَ وَأَقَامَهَا مَاسِكًا بِيَدِهَا، فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى حَالاً وَصَارَتْ تَخْدِمُهُمْ.: يتقدّم الرب يسوع إلى مريض الروح الّذي لا يستطيع أن يتقدّم بنفسه، ويُقيمه ماسكاً بيده فيتركه مرض الروح الّذي يمنعه من خدمة الرب والمؤمنين. لا يؤجّل الرب يسوع عمل الشفاء للمؤمن الصالح لذلك تركتها الحمّى حالاً وصارت تخدمهم.

32 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، إِذْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَدَّمُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ السُّقَمَاءِ وَالْمَجَانِينَ.: المساء هو غروب الشمس، وشمس الروح هو الله كوكب الصبح المنير (رؤيا 22: 16). غروب الله عن الإنسان الخاطي يتسبّب بأمراض روحيّة يشفيها الرب يسوع في المؤمن به، ليعمل بعد شفائه حسب كلمة الله الروحيّة فيشرق عليه كوكب الصبح المنير ويأخذ حياة أبديّة.

33 وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا مُجْتَمِعَةً عَلَى الْبَابِ.: المدينة كلّها مجتمعه على باب البيت الّذي شفى فيه الرب يسوع المريض. البيت هو المؤمن الّذي يأتي إليه مريض الروح ليجد الرب يسوع الّذي يشفي من الأمراض الروحيّة. البيت هو الإنسان (متى 7: 24) لأنّها آية روحيّة للإنسان الّذي يطلب الشفاء الروحي فيأتي إلى الرب يسوع الّذي يسكن في المؤمن به، فيسمع منه كلمة الله لشفاء الروح.

34 فَشَفَى كَثِيرِينَ كَانُوا مَرْضَى بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَخْرَجَ شَيَاطِينَ كَثِيرَةً، وَلَمْ يَدَعِ الشَّيَاطِينَ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ.: شفى الرب يسوع جميع المرضى الّذين أتوا إليه يطلبون الشفاء. أتوا إليه في الجسد فشفاهم من أمراضهم الجسديّة، لأنّها آية روحيّة للمؤمن الّذي يأتي بالروح إلى الرب يسوع، فيأخذ منه الشفاء الروحي للحياة الأبديّة. ويُخرج منه الشياطين فيرفض الخطيّة ويطلب البرّ. لا علاقة لروح البرّ مع روح الشرّ، لذلك لا يسمح الرب يسوع البارّ لروح الشرّ بالكلام معه أو عنه. آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه يرفض المتكلّم معه أو عنه إن لم يؤمن به أوّلاً. الشياطين تعرف الرب يسوع ابن الإنسان، لأنّه الوحيد الّذي انتصر على ابليس في التجارب ولم يفعل خطيّة.

35 وَفِي الصُّبْحِ بَاكِرًا جِدًّا قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ: آية روحيّة لشروق الشمس في حياة المؤمن الروحيّة. يُشرق عليه روح الله فيأخذ الخلاص الروحي ويخرج في الروح إلى بريّة العالم ويصلّي في الروح عاملاً بالكلمة في علاقة دائمة مع الله. آية للمؤمن الصالح، فهو الّذي يعمل في حياة روحيّة دائمة مع الله باسم الرب يسوع الفادي بعيداً عن شهوات العالم.

36 فَتَبِعَهُ سِمْعَانُ وَالَّذِينَ مَعَهُ.: يتبع المؤمن الرب يسوع في الروح إلى بريّة العالم موضع الخلاء من شهوات العالم.

37 وَلَمَّا وَجَدُوهُ قَالُوا لَهُ: «إِنَّ الْجَمِيعَ يَطْلُبُونَكَ».: الّذين يطلبونه هم الّذين كرز لهم بملكوت السماوات وشفى مرضاهم وأخرج منهم شياطين كثيرة.

38 فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَذْهَبْ إِلَى الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لأَكْرِزَ هُنَاكَ أَيْضًا، لأَنِّي لِهذَا خَرَجْتُ».: لم يُجب الرب يسوع بأنّه يرجع إلى الّذين يطلبونه، بل قال أنّه سيذهب إلى أماكن أخرى ليكرز لغيرهم أيضاً، لأنّ الرب يسوع خرج من بيته السماوي وأتى إلى العالم ليكرز ويشفي كل من يؤمن به. آية روحيّة تقول أنّ الرب يسوع لا يرجع إلى الّذين شفاهم لأنّه يترك لهم حرّيّة الاختيار ليتبعوه إن أرادوا أن يبقوا معه إلى الأبد.

39 فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِهِمْ فِي كُلِّ الْجَلِيلِ وَيُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ.: بدأ الرب يسوع يكرز لأهل بيته أوّلاً ويُخرج الشياطين، لأنّه من الجليل، ثمّ إلى جميع بيت إسرائيل شعب الله، ومنه إلى العالم أجمع.

40 فَأَتَى إِلَيْهِ أَبْرَصُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ جَاثِيًا وَقَائِلاً لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي»: الأبرص في الروح هو الإنسان الخاطي، يشفيه الرب يسوع لأنّه يعترف أمام نفسه وأمام الله بأنّه خاطي ويحتاج إلى الرب يسوع الفادي ليطهّره من نجاسة الخطيّة. (يوحنّا الأولى 1: 7 وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ.). يأتي مريض الروح إلى الرب يسوع بالإيمان يطلب إرادة الرب لشفائه مؤمنا بقدرته.

41 فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ لَهُ: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!».: يتحنّن الرب يسوع على كل خاطي يعترف أنّه أبرص الروح ويحتاج إلى الرب يسوع الفادي ليطهّره. كلمة الله هي يد الرب يسوع الّتي يمدّها مستخدماً تلاميذه والمؤمنين به، ليلمس بها مريض الروح فيطهر من مرضه الّذي يمنعه من دخول الحياة الأبديّة.

42 فَلِلْوَقْتِ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ وَطَهَرَ.: يشفي الرب يسوع في الحال كل مريض يأتي إليه بالإيمان ويطلب منه الشفاء الروحي. لأنّها آية روحيّة لتطهير الروح من نجاسة الخطيّة لحياة المؤمن الأبديّة. صنعها الرب يسوع في الجسد ليتكلّم بها في المثل الجسدي عن حقيقة روحيّة يعمل بها المؤمن في الروح. لم يأت الرب يسوع لشفاء الجسد الّذي يزول، إنّما ليصنع من الجسد آيات روحيّة يعمل بها المؤمن في الروح لحياته السماويّة الأبديّة.

43 فَانْتَهَرَهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْوَقْتِ: انتهره الرب يسوع كي لا يعود إلى حياته مع الخطيّة، وارسله ليشهد عن عمل الرب يسوع في حياته. آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع لكل مؤمن يطهّره من نجاسة الخطيّة ألّا يعود إلى حياته مع الخطيّة، ويطلب منه أن يشهد عن عمل الرب يسوع في حياته.

44 وَقَالَ لَهُ: «انْظُرْ، لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ شَيْئًا، بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى، شَهَادَةً لَهُمْ».: أنظر، أي افعل ما تراه مناسباً في نظرك، إن كنت تريد أن تتكلّم عن نفسك بما فعل بك الرب. لكنّ الرب يسوع يقول "لا تقل لأحد" لأنّه يُفضّل عدم كلام المؤمن عن نفسه، لأنّه بأعماله يشهد عن شفائه من أمراضه الروحيّة لا بكلامه عن نفسه أنّه تغيّر، لكن بكلمة "انظر" يقول الرب أنّه لا يخطئ إن تكلّم. بل اذهب ار نفسك للكاهن، أي للمؤمنين، لأنّ الكاهن في الحياة الروحيّة بعد مجيء الرب يسوع هو كل مؤمن أخذ خلاصه من الرب يسوع. يقدّم ما أمر به موسى في حياة روحيّة لأنّ شفاءه روحي (الاّويّين 14: 1). الّذي يعمل حسب كلمة الله في العهد الروحي مع الرب يسوع يعمل بالحقيقة الروحيّة في الآيات الّتي أمر بها موسى، فلا يعمل بالفرائض الجسديّة الّتي كان المؤمن يعمل بها قبل مجيء الرب يسوع، لأنّ الرب يسوع هو الذبيحة الحقيقيّة. (رؤيا 5: 9 لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، 10وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ.).

45 وَأَمَّا هُوَ فَخَرَجَ وَابْتَدَأَ يُنَادِي كَثِيرًا وَيُذِيعُ الْخَبَرَ، حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةً ظَاهِرًا، بَلْ كَانَ خَارِجًا فِي مَوَاضِعَ خَالِيَةٍ، وَكَانُوا يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ.: نظر هذا المؤمن كما قال له الرب يسوع فرأى أن ينشر الخبر، هذه هي نظرة هذا المؤمن بعد شفائه. يقول الرب في هذه الآية أنّ الكلام غير مرفوض لكنّه غير مطلوب، لذلك يقول "انظر، لا تقل لأحد" لأنّ الفعل هو المطلوب. ما فعله هذا المؤمن هو دليل فرحه العظيم بما فعل به الرب، لذلك نشر الخبر من فرحه وليس بطلب من الرب. نتيجة فرح هذا المؤمن ثمار كثيرة جعلت الرب يسوع لا يقدر أن يدخل مدينة ظاهرا، لذلك كانوا يأتون إليه من كل ناحية. المؤمن الصالح هو الّذي ينشر الخبر لأنّ فيه فرح حقيقي بالرب يسوع.

 

بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content