تفسير متى 12 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 12

تفسير إنجيل متّى

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1فِي ذلِكَ الْوَقْتِ ذَهَبَ يَسُوعُ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ، فَجَاعَ تَلاَمِيذُهُ وَابْتَدَأُوا يَقْطِفُونَ سَنَابِلَ وَيَأْكُلُونَ. 2فَالْفَرِّيسِيُّونَ لَمَّا نَظَرُوا قَالُوا لَهُ: «هُوَذَا تَلاَمِيذُكَ يَفْعَلُونَ مَا لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السَّبْتِ!» 3فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟ 4كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لَهُ وَلاَ لِلَّذِينَ مَعَهُ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ. 5أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ الْكَهَنَةَ فِي السَّبْتِ فِي الْهَيْكَلِ يُدَنِّسُونَ السَّبْتَ وَهُمْ أَبْرِيَاءُ؟ 6وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ههُنَا أَعْظَمَ مِنَ الْهَيْكَلِ! 7فَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لَمَا حَكَمْتُمْ عَلَى الأَبْرِيَاءِ! 8فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا».

9ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى مَجْمَعِهِمْ، 10وَإِذَا إِنْسَانٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ، فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «هَلْ يَحِلُّ الإِبْرَاءُ فِي السُّبُوتِ؟» لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ. 11فَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ سَقَطَ هذَا فِي السَّبْتِ فِي حُفْرَةٍ، أَفَمَا يُمْسِكُهُ وَيُقِيمُهُ؟ 12فَالإِنْسَانُ كَمْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْخَرُوفِ! إِذًا يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ!» 13ثُمَّ قَالَ لِلإِنْسَانِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا. فَعَادَتْ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى.

14فَلَمَّا خَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ تَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ، 15فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعًا. 16وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ، 17لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 18«هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ. 19لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. 20قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. 21وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».

22حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ، حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ. 23فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟» 24أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «هذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ». 25فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. 26فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ 27وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! 28وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ! 29أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟ 30مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. 31لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. 32وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي. 33اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّدًا، أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيًّا، لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. 34يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. 35اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ. 36وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ. 37لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ».

38حِينَئِذٍ أَجَابَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً». 39فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 40لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ. 41رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا! 42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! 43إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ، يَطْلُبُ رَاحَةً وَلاَ يَجِدُ. 44ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ فَارِغًا مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. 45ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ! هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ الشَّرِّيرِ».

46وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. 47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». 48فَأَجَابَ وَقَالَ لِلْقَائِلِ لَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتي؟» 49ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».

 

1 فِي ذلِكَ الْوَقْتِ ذَهَبَ يَسُوعُ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ، فَجَاعَ تَلاَمِيذُهُ وَابْتَدَأُوا يَقْطِفُونَ سَنَابِلَ وَيَأْكُلُونَ: في ذلك الوقت الّذي كان فيه الرب يسوع في الجسد على الأرض يصنع آيات روحيّة ليعمل بها المؤمن الروحي في كل وقت. ذهب الرب يسوع في السبت بين الزروع ليصنع آية يتعلّم منها المؤمن كيف يعمل في السبت، أي في الحياة الروحيّة مع الرب، ليس كما يفعل الشيوخ في عادات توارثوها عن آبائهم، إنّما ليعمل المؤمن فقط حسب كلمة الرب يسوع في المكتوب. السّبت هو اليوم السابع يقدّسه المؤمن للرب حسب الوصيّة. (سفر الخروج 20: 8 اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. 9سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، 10وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ.). جاع تلاميذ الرب يسوع وابتدأوا يقطفون السنابل في يوم السبت ويأكلون.

2 فَالْفَرِّيسِيُّونَ لَمَّا نَظَرُوا قَالُوا لَهُ: «هُوَذَا تَلاَمِيذُكَ يَفْعَلُونَ مَا لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السَّبْتِ: لا يحلّ العمل في السّبت حسب الوصيّة في العهد القديم قبل مجيء الرب يسوع، لأنّ المؤمن قبل مجيء الرب يسوع كان يعمل في فرائض هي آيات روحيّة تدل على إيمانه بالرب يسوع الفادي قبل مجيئه. (خروج 20: 8 اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا...) السبت ليس يوم محدّد اسمه يوم السبت إنّما هو يوم فيه سبت للرب لأنّ أيّام أخرى في العهد القديم هي أيضاً سبوت لأنّها أيام فيها سبت للرب وليس اسمها يوم السبت (الآويين 16: 29 وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً، أَنَّكُمْ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَل لاَ تَعْمَلُونَ: الْوَطَنِيُّ وَالْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ. 30لأَنَّهُ فِي هذَا الْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ تَطْهُرُونَ. 31سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً.). هل أبطل الله وصيّة يوم السبت بعد مجيء المسيح؟ لا يغيّر الله كلامه ولا يبطل وصاياه، لأنّها آيات روحيّة ونبوّات تتكلّم عن مجيء المسيح والحياة الروحيّة الأبديّة معه. وصايا الله لا تتغيّر ولا تُبطل، لكن تتغيّر طريقة العمل بها في فرائض جسديّة قبل مجيء المسيح الفادي للعمل بها في حياة روحيّة معه بعد مجيئه. لذلك في العهد القديم هي محدّدة بزمن وهو اليوم السابع، وغيره من الأيام حسب الفرائض المطلوبة من المؤمن قبل مجيء المسيح، أمّا العهد الجديد فهو العمل بها مع الرب يسوع المسيح الفادي في حياة روحيّة بلا انقطاع. (لوقا 22: 20 هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ.) يوم السبت في الروح هو يوم الحياة الروحيّة للأبديّة مع الرب يسوع، لذلك يصبح المؤمن في عبادة روحيّة يوميّة مع الرب دون فرائض جسديّة. (كولوسي 2: 16 فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ، 17الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ.).

3 فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟: آية يقول فيها الرب يسوع للمؤمن به أن يعمل بالمكتوب، لأنّه يقول: أما قرأتم المكتوب؟ لأنّ المكتوب هو الطريق الوحيد لخلاص الإنسان، فيعمل المؤمن حسب كلمة الرب في الآيات الروحيّة لخلاص نفسه إلى حياة أبديّة. ويتعلّم ألاّ يدين الّذين يعملون بكلمة الرب الروحيّة لأنّه هو يعمل بها جسديّة، كما فعل الفرّيسيون الّذين يظنّون أنّهم على حقّ وهم لا يفهمون كلمة الرب الروحيّة.

4 كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لَهُ وَلاَ لِلَّذِينَ مَعَهُ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ: يقول الرب أنّ داود لم يخطئ عندما دخل بيت الله وأكل خبز التقدمة (صموئيل الأوّل 21: 1) الّذي يحل أكله للكهنة فقط (اللاويين 6: 14).

5 أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ الْكَهَنَةَ فِي السَّبْتِ فِي الْهَيْكَلِ يُدَنِّسُونَ السَّبْتَ وَهُمْ أَبْرِيَاءُ؟: يقول الرب يسوع أنّ الكهنة لا يدنّسون السبت في عملهم في الهيكل، لأنّهم يعملون في السبت للحياة الروحيّة في خدمة الله والمؤمنين، لأنّ العمل الروحي يتمّ في السبت. ستّة أيام يعمل المؤمن لحياته الجسديّة، واليوم السابع يعمل لحياته الروحيّة. لكنّه يأكل ويشرب يوم السبت لأنّها حاجة جسديّة يوميّة وليس عمل للربح الجسدي.

6 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ههُنَا أَعْظَمَ مِنَ الْهَيْكَلِ!: الرب يسوع المسيح أعظم من الهيكل لأنّه هو الربّ الّذي يقدّس الهيكل. المؤمن هو هيكل الله في العهد الروحي بعد موت وقيامة الرب يسوع المخلّص. لأنّ هيكل الله في العهد القديم قبل مجيء الرب يسوع، هو آية روحيّة يرمز لحياة المؤمن الّذي يتقدّس بالرب يسوع البارّ بعد إيمانه بموته وقيامته. (رؤيا 3: 20 هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي). (كورنثوس الأولى 3: 16 أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟).

7 فَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لَمَا حَكَمْتُمْ عَلَى الأَبْرِيَاءِ!: (هوشع 6: 6 «إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، وَمَعْرِفَةَ اللهِ أَكْثَرَ مِنْ مُحْرَقَاتٍ. 7وَلكِنَّهُمْ كَآدَمَ تَعَدَّوْا الْعَهْدَ. هُنَاكَ غَدَرُوا بِي.). ما الفرق بين الرحمة والذبيحة؟ الرحمة في الأعمال، والذبيحة في الإيمان. يُريد الله من الإنسان الرحمة في الأعمال لا ذبيحة في الإيمان، لكن بسبب عدم الرحمة في أعمال الإنسان بفعله للخطيّة صنع له الله خلاصاً بالإيمان، فطلب منه ذبيحة الإيمان ليرحمه من دينونة جهنّم. ما يريده الله هو الرحمة لكن لعدم وجود الرحمة طلب الذبيحة. الذبيحة هي آية روحيّة لخلاص الإنسان بالإيمان بالرب يسوع البارّ الوحيد الّذي صنع الرحمة، لأنّه أكمل البرّ بأعماله ومات لفداء الخاطي. الرب يسوع هو الذبيحة الحقيقيّة لخلاص كل مؤمن به يعمل حسب الكلمة السماويّة في المكتوب. هذه هي الذبيحة الروحيّة بعد مجيء الرب يسوع. أعطى الرب يسوع نفسه ذبيحة فصُلب ومات بلا ذنب ليرحم الإنسان المُذنب. الرحمة الروحيّة في الحياة مع الرب يسوع هي في العطاء بلا مقابل، كما أعطى الرب يسوع نفسه بلا مقابل ليفدي الإنسان بالرحمة والحقّ. (متى 25: 34 ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 35لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. 36عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. 37فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ 38وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ 39وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ 40فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ).

8 فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا: لماذا يقول كلمة "أيضاً" لأنّه يقول أنّ الله هو ربّ السبت وأنّ ابن الإنسان، الرب يسوع المسيح، هو ربّ السبت أيضاً، لأنّه يقول أنّه الله الظاهر في جسد انسان. (خروج 20: 8 اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ.) التقديس لله فقط، وللرب يسوع لأنّه هو ربّ السبت الظاهر في الجسد.

9 ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى مَجْمَعِهِمْ: انصرف الرب يسوع وجاء إلى مجمع الفرّيسيّين ليُعلّم فيه عن السبت، ليس حسب تعاليم الفرّيسيّين الخاطئة إنّما حسب كلمة الله في المكتوب. جاء الرب يسوع ليحوّل شرّ الفرّيسيين إلى آية يتعلّم منها المؤمن الصالح، فيترك تعاليم الناس الخاطئة ويعمل فقط حسب كلمة الرب الروحيّة في المكتوب.

10 وَإِذَا إِنْسَانٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ، فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «هَلْ يَحِلُّ الإِبْرَاءُ فِي السُّبُوتِ؟» لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ: الّذين في المجمع يعرفون أنّ الرب يسوع قادر على شفاء المريض بكلمة، لذلك أتوا إليه يسألونه إن كان يحل الإبراء في السبوت، لكن ليس لأنّهم يطلبون المعرفة والفهم في كلمة الرب إنّما ليشتكوا عليه، لأنّهم يعرفون في أنفسهم أنّه لا يحلّ العمل في السّبوت. هذا يدل على إرادة الإنسان في رفضه للرب يسوع وليس على عدم فهمه، لأنّهم يعرفون أنه يشفي المريض بكلمة ومع ذلك يُريدون أن يشتكوا عليه. لماذا يقول في السبوت وليس في السبت؟ لأنّه يتكلّم عن كل الأيّام الّتي قدّسها الرب وباركها وليس فقط عن اليوم السابع (خروج 20: 8 اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ.) (الاويين 25: 4 وَأَمَّا السَّنَةُ السَّابِعَةُ فَفِيهَا يَكُونُ لِلأَرْضِ سَبْتُ عُطْلَةٍ، سَبْتًا لِلرَّبِّ. لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ وَلاَ تَقْضِبْ كَرْمَكَ.).

11 فَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ سَقَطَ هذَا فِي السَّبْتِ فِي حُفْرَةٍ، أَفَمَا يُمْسِكُهُ وَيُقِيمُهُ؟: أي إنسان منكم أنتم الّذين تقولون ولا تفعلون، أو تفعلون عكس ما تقولون. لأنّكم إن كان لواحد منكم خروف واحد وسقط في السبت في حفرة، سيعمل ويقيمه كي لا يخسره. الخروف الواحد هو المثل الّذي يتكلّم عن الإنسان الواحد، لأنّ موت الخروف الواحد يُحزن صاحبه لذلك يعمل في السبت لإنقاذه، وموت الإنسان الواحد في الروح يُحزن الرب لذلك جاء ليفديه من الموت الأبدي. تتكلّم الآية الروحيّة من هذا المثل عن الإنسان الّذي في الحفرة، أي في الهاوية الروحيّة في حياته على الأرض، لأنّه لا يستطيع الخروج من الهاوية الروحيّة إلاّ بإيمانه بالرب يسوع، الّذي يمسك به قبل موته الأبدي ليقيمه من الموت الروحي إلى حياة أبديّة. (يوحنا 10: 11 أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.). (مزمور 103: 2 بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. 3الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. 4الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ.). (مزمور 16: 10 أَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا.).

12 فَالإِنْسَانُ كَمْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْخَرُوفِ! إِذًا يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ!: الإنسان أفضل من الخروف لأنّه يأتي إلى حياة أبديّة مع الرب يسوع الّذي يقيمه من حفرة الموت الروحي، أمّا الخروف فيزول. فإن كنّا نهتم بالّذي يزول فكم يجب أن نهتمّ بالإنسان الّذي لا يزول! فعل الخير واجب في السّبوت لأنّه عمل روحي في خدمة الرب وليس عمل للربح الجسدي. عمل الخير هو جزء من العبادة الروحية.

13 ثُمَّ قَالَ لِلإِنْسَانِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا. فَعَادَتْ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى: آية روحيّة فيها شفاء للمريض الروحي الّذي يعمل حسب كلمة الرب، لأنّه آمن بالرب يسوع الشافي فسمع الكلمة ومدّ يده، فعادت صحيحة. كلمة الرب يسوع فيها شفاء روحي لكل مريض يؤمن بالرب يسوع ويطلب منه الشفاء سامعاً وعاملا بالكلمة.

ما هو السبت في الروح؟ يوم السبت في حياة المؤمن قبل مجيء الرب يسوع هو يوم واحد من كل أسبوع مخصّص لعبادة الرب (خروج 20: 9 سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، 10وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.). وهو أيضاً في أيام أخرى حدّدها الرب للمؤمن حسب العهد الأوّل الّذي وضعه الرب بينه وبين المؤمن قبل مجيء الرب يسوع، ليعمل بالفرائض دليل إيمانه بالمسيح الفادي قبل مجيئه. أمّا السبت الروحي بعد مجيء الرب يسوع والعهد الروحي الجديد الّذي صنعه الرب يسوع بموته وقيامته، ليقيم معه كل مؤمن به إلى يوم جديد هو السبت الروحي في حياة روحيّة أبديّة قبل موت الجسد، لا ينفصل عنه كل أيام حياته على الأرض ليبقى معه في الأبديّة السماويّة بعد موت الجسد. يوم السبت قبل مجيء المسيح الفادي هو يوم العبادة بالفرائض الجسديّة دليل الإيمان الروحي، لذلك هو يوم محدّد لأنّه فريضة جسديّة، أمّا السبت بعد مجيء المسيح الفادي هو يوم العبادة الروحيّة بلا انقطاع في علاقة دائمة ومباشرة مع الرب يسوع. (تسالونيكي الأولى 5: 17 صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ.). (متى 26: 41 اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».).

14 فَلَمَّا خَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ تَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ: خرج الفريسيون من المجمع ليتشاوروا عليه في السبت لكي يقتلوه. هؤلاء هم المراؤون، يقولون لا يحل الإبراء في السبت لكنّهم يتشاورون للقتل في السبت. الرب يسوع يشفي في السبت والهدف حياة أبديّة للمؤمن به، وهم في السبت بتعاليمهم الخاطئة يقتلون كلمة الله في حياة المؤمنين، لأنّها ليست حسب المكتوب لخلاص النفوس إنّما هي حسب أفكارهم ليتسلّطوا على النفوس. آية روحيّة تتكلّم عن كل الّذين يعملون ويعلّمون من حكمة بشريّة وليس من كلمة الله في المكتوب، فيقتلون كلمة الله في حياة الّذين يسمعون لهم بتعاليم خاطئة وتقاليد جسديّة لا تصلح للحياة الروحيّة. (متى 15: 8 يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».). (كولوسي 2: 20 إِذًا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ الْمَسِيحِ عَنْ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِي الْعَالَمِ؟ تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ: 21«لاَ تَمَسَّ! وَلاَ تَذُقْ! وَلاَ تَجُسَّ!» 22الَّتِي هِيَ جَمِيعُهَا لِلْفَنَاءِ فِي الاسْتِعْمَالِ، حَسَبَ وَصَايَا وَتَعَالِيمِ النَّاسِ، 23الَّتِي لَهَا حِكَايَةُ حِكْمَةٍ، بِعِبَادَةٍ نَافِلَةٍ، وَتَوَاضُعٍ، وَقَهْرِ الْجَسَدِ، لَيْسَ بِقِيمَةٍ مَا مِنْ جِهَةِ إِشْبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ.).

15 فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعًا: يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة أنّه يعلم ما في القلوب، فينصرف من أمام الرافضين والمحاربين له ويشفي جميع الّذين يتبعونه. هذه آية روحيّة لخدّام الرب يسوع ليعملوا بها، فينصرفوا من أمام الرافضين والمحاربين لكلمة الرب. كثيرون يحاولون قتل كلمة الله كالفريسيين، لأنهم يفتّشون المكتوب أو يسألون في المكتوب لا لمعرفة الرب يسوع إنّما ليُحاربوا كلمة الرب في المُتكلّم باسم الرب يسوع.

16 وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ: أوصى الجموع الّذين شفاهم أن لا يُظهروه ليُكمل البرّ ويتمّم النبوات قبل موته، لأنّ الفريسيين تشاوروا لكي يقتلوه. وبعد ان تمم الفداء، أرسل تلاميذه إلى جميع الأمم (متى 28: 19 فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.). يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة لكل مؤمن يتبعه ألاّ يُظهره قبل أن يفهم ويؤمن بعمل الرب من أجله، ليؤمن به في الروح فيُظهره حسب كلمة الرب الروحيّة في المكتوب. يؤمن الإنسان بالرب يسوع الّذي أكمل البرّ ومات من أجله فيتكلّم عنه بعد قيامته في قلبه، فلا يُقتل الرب يسوع الّذي في قلبه من الّذين يرفضون التغيير في حياة المؤمن الجديد.

17 لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: (اشعياء 42: 1) لا يستطيع الفريسيّون أن يقتلوا الرب يسوع قبل أن تأتي ساعته، لأنّه أوّلا يتمّم النبوّات الّتي تكلّمت عن مجيئه، فيعلم المؤمن أنّه المسيح المرسل من الله، فيميّزه بالنبوّات الّتي حقّقها عن المسحاء الكذبة.

18 هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ: نبوّة تتكلّم عن مجيء الرب يسوع، ابن الإنسان الّذي اختاره الله ليُخلّص الإنسان الّذي يؤمن به من الدينونة الأبديّة. حبيبي الّذي سرّت به نفسي لأنّه الوحيد الّذي لم يفعل خطيّة، لذلك يستحقّ أن أضع روحي عليه ليُخبر الأمم بالحقّ. الرب يسوع هو الإنسان الوحيد الحيّ في الروح على الأرض لأنّه بالأعمال أكمل البرّ ولم يفعل خطيّة، (يوحنا 8: 46 مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟) (رومية 6: 23 أَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.) لذلك هو الإنسان الوحيد الحيّ في الروح الّذي يستطيع أن يخبر بالحقّ السماوي لفداء المؤمن به. الرب يسوع هو هيكل الله الّذي يحلّ فيه كل ملء اللاهوت، هو الهيكل الّذي يأتي إليه الإنسان من جميع الأمم ليتقدّس به بالإيمان. (كولوسي 2: 9 إِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا). (يوحنا 14: 10 أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ).

19 لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ.: تقول النبوّة الّتي تكلّمت عن مجيء الرب يسوع أنّه لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته، لأنّه أتى ليخلّص من يقبله بمحبّة وتواضع، ولا يخاصم الّذي يرفضه بل يترك له فرصة للخلاص حتى يومه الأخير في الجسد على الأرض. لا يُخاصم أحد حتى الّذين صلبوه (لوقا 23: 34 فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».) ولا يصيح لأنه جاء ليرحم الخُطاة بالمحبّة.

لا يسمع أحد في الشوارع صوته لأنّه لم يأت ليُظهر للناس قوّة أرضيّة جسديّة إنّما أتى لخلاص الروح إلى حياة أبديّة. (متى 6: 5 وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ) آية يقول فيها الرب يسوع أنّ الشوارع تعني الظهور للناس. لذلك هي آية تقول أنّ الرب يسوع لا يسمع أحد صوته بهدف إظهاره لنفسه، لأنّه أتى لهدف واحد وهو خلاص الإنسان بقوّة الروح في المحبّة السماويّة، الّتي يظهر فيها ضعف الجسد الّذي عذّبوه وصلبوه، لكنّها آية روحيّة فيها قوّة الروح في المحبّة العظيمة لخلاص الإنسان في الروح.

20 قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ: القصبة المرضوضة هي الإيمان الخاطئ الّذي يرتكز عليه الّذي لا يؤمن فقط حسب كلمة الرب في المكتوب. لا يقصف الرب يسوع مرضوض الإيمان، لأنّه يترك له فرصة الخلاص الروحي مفتوحة حتّى نهاية حياته الجسديّة على الأرض، ليأتي إلى الإيمان الصحيح حسب كلمة الرب الروحيّة. (اشعياء 36: 6 إِنَّكَ قَدِ اتَّكَلْتَ عَلَى عُكَّازِ هذِهِ الْقَصَبَةِ الْمَرْضُوضَةِ، عَلَى مِصْرَ، الَّتِي إِذَا تَوَكَّأَ أَحَدٌ عَلَيْهَا دَخَلَتْ فِي كَفِّهِ وَثَقَبَتْهَا. هكَذَا فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ لِجَمِيعِ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ.). والفتيلة المدخنّة هي الإنسان الذي يقترب إلى نهاية حياته الجسديّة على الأرض، الّذي يقترب من نهاية الفرصة للخلاص الروحي. لا يرفضه الرب يسوع ولا يمنع عنه الخلاص حتّى آخر يوم له على الأرض. الفتيلة المُدخنة هي التي كانت مُشتعلة وانطفأت لكنها مُدخنة لأنّها على وشك أن تزول. الإنسان هو فتيلة مشتعلة طول أيام حياته إلى أن ينطفئ في أواخر أيامه فيُصبح كالفتيل المُدخن ثم يموت. الرب يسوع يُعطي فرصة للنجاة حتى في آخر لحظات الحياة، فهو يُعطي فرصة حتى لمن ليس له قُدرة على العمل والخدمة لأنّه في أواخر أيامه، حتى لمن عاش لمُشتهيات الجسد وفي أواخر أيامه أصبح فتيلاً مُدخناً. لا يرفض الرب يسوع أي إنسان يأتي إليه تائباً عن الخطيّة ليأخذ معه حياة أبديّة. المُذنب على الصليب فتيلة مدخّنة أخذ خلاصه قبل موته بقليل (لوقا 23: 42 ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». 43فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».).

حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ: أخرج الرب يسوع الحقّ إلى النصرة ببرّ أعماله وبموته وقيامته، ليمنح الغفران بالحقّ والنعمة. دون الحقّ لا يتمّ الخلاص، لأنّ الله يحبّ الإنسان ويريد أن جميع الناس يخلصون لكن بالحقّ (تيموثاوس الأولى 2: 3 لأَنَّ هذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، 4الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.) لذلك جاء الرب يسوع الوحيد الّذي أخرج الحقّ إلى النصرة بإكماله للبرّ، وبالموت الّذي دفع به أجرة الخطيّة لكل من يؤمن به. (رومية 6: 23 لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.).

21 وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ: على اسمه رجاء الأمم لأنّه بالأعمال لا يستطيع أن يخلص أحد لأن أجرة الخطية هي موت أبدي. لذلك رجاء الأمم على الرب يسوع ليمنحهم الخلاص الّذي دفع ثمنه بموته بدلاً عن كل مؤمن به. لذلك قال الرب يسوع في يوحنا 14: 6 «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي. لأنّه الوحيد الّذي لم يفعل خطيّة لكنّه دفع ثمن الخطيّة ليفدي الخاطي الّذي يؤمن به.

22 حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ، حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ: آية روحيّة عن شفاء المريض الروحي الّذي يُحضره المؤمن إلى الرب يسوع ليشفيه. يُحضر المؤمن المريض الروحي إلى الرب يسوع الّذي يعمل في خدّامه، فيشفيه باستخدام صوت خادمه الّذي يتكلّم فقط حسب كلمة الرب في المكتوب لشفاء المريض في الروح. (كورنثوس الثانية 13: 3 إِذْ أَنْتُمْ تَطْلُبُونَ بُرْهَانَ الْمَسِيحِ الْمُتَكَلِّمِ فِيَّ، الَّذِي لَيْسَ ضَعِيفًا لَكُمْ بَلْ قَوِيٌّ فِيكُمْ.). (متى 10: 20 أَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ.). الآية الروحيّة لحياة المؤمن الروحي هي احضار مجنون أعمى وأخرس الروح إلى الرب يسوع طبيب الروح. لماذا مجنون أعمى وأخرس؟ لأنّ مجنون الروح هو الّذي يرفض الخلاص الروحي الأبدي لأنّه يهتمّ بأمور الحياة الجسديّة الّتي تزول، لأنّه أعمى الروح لا يبصر بالإيمان الروحي ليهتمّ بما للروح، فلا يقبل كلمة الرب يسوع والحياة الأبديّة، لذلك هو أخرس الروح لا يتكلّم بما للحياة الروحيّة.

حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ: لماذا لم يتكلّم عن شفاء الجنون؟ لأنّ الرب يسوع شفاه من عمى الروح ليرى الخلاص بالرب يسوع، ومن خرسه ليتكلّم عنه في حياة روحيّة صحيحة، فيُشفى من جنونه لأنّه بعد شفائه من العمى والخرس الروحي يفهم أنّ الحياة الأبديّة أهم من الحياة الجسديّة الّتي تزول. يشفي الرب يسوع مجنون الروح الّذي يرفض الحياة الروحيّة لعدم فهمه، ليس كالّذي يحارب كلمة الرب، فيتغيّر من إنسان يهتمّ بما للجسد إلى إنسان يهتمّ فقط بما للروح. كما نأتي بالمريض الجسدي إلى الطبيب البشري ليشفيه، نأتي أيضاً بالمريض الروحي إلى الطبيب الروحي ليشفيه. لذلك اختار الرب يسوع تلاميذ يعملون حسب كلمته لشفاء المرضى من أمراضهم الروحيّة (متى 10: 8 اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا.) المريض الّذي يشفيه الرب يسوع هو الّذي يعترف بأنّه مريض ويحتاج إلى شفاء. ليس كالّذين يأتون إليه ليجرّبوه أو ليحاربوه في خدّامه.

لماذا الأعمى الأخرس تكلم أولاً ثم أبصر؟ أعمى الروح هو أخرس الروح، لأنّ الّذي لا يرى الخلاص بالرب يسوع لا يتكلّم عنه، لكن بعد شفائه من عمى الروح يتكلّم ليظهر بأنّه أبصر. آية تقول أنّ الّذي يشفيه الرب يسوع من عمى الروح يُعرف من كلامه، لأنّه يتكلّم حسب كلمة الرب فقط في المكتوب، فيُعرف أنّه أبصر في الروح.

23 فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟: شفاء أعمى الروح وكلامه عن الرب يسوع يبهر الجموع الّذين يعرفونه، لأنّهم ينظرون التغيير المفاجئ بعد سنين الرفض والخرس الروحي. فيقولون ألعلّ هذا هو المسيح المخلّص من نسل داود الّذي يشفي المرضى حسب ما كُتب عنه في النبوّات. (أشعياء 35: 4 قُولُوا لِخَائِفِي الْقُلُوبِ: «تَشَدَّدُوا لاَ تَخَافُوا. هُوَذَا إِلهُكُمُ. الانْتِقَامُ يَأْتِي. جِزَاءُ اللهِ. هُوَ يَأْتِي وَيُخَلِّصُكُمْ». 5حِينَئِذٍ تَتَفَقَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ. 6حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ).

24 أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «هذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ»: أما الفريسيون لأنّهم يخافون على أنفسهم من خسارة المجد الأرضي الّذي يأخذونه من الّذين يتبعون تعاليمهم الخاطئة باسم الرب، يقولون أنّه يخرج الشياطين برئيس الشياطين. هذا يقوله كل الّذين لهم تعاليم خاطئة ويأتي مَن يُغيّر تعاليمهم حسب كلمة الرب في المكتوب. ابليس لا يُخرج الشياطين لأنّ الشياطين هي الخطيّة، وابليس يطلب الخطيّة للإنسان ولا يبعدها عنه. الفريسيون هم معلّمو الناموس والمفروض أنّهم يعرفون المكتوب أكثر من الجموع، لكنّهم لا يعملون بالمكتوب لأنّهم يتبعون عادات وتقاليد هي من صنع الإنسان. آية روحيّة تتكلّم عن كثيرين يتركون التعاليم الخاطئة ليتبعوا الرب يسوع في الروح حسب المكتوب، بينما معلموهم يرفضون ويحاربون المنفصل عنهم بقولهم أنّه عمل إبليس.

25 فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ: يعلم الرب أفكار الإنسان لأنّه هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبِ (رؤيا 2: 23). آية يقول فيها الرب يسوع للمؤمنين بالله كالفرّيسيين الّذين يحاربون كلمة الرب يسوع الروحيّة في خدّامه، ويقولون فيهم شيطان لرفضهم للكلام الروحي الّذي يُظهر أخطائهم في التعاليم الجسديّة، لأنّهم لا يفهمون أنّ كلمة الرب هي آيات روحيّة لخلاص الروح بأعمال روحيّة وليس جسديّة. يقول الرب أنّه لا يمكن للشيطان أن يُخرج الشياطين، لأن مملكة الشيطان لها هدف واحد وهو هلاك الإنسان، ولا يمكن للشيطان أن ينقسم على ذاته ويعمل على خلاص الإنسان بإخراج الشياطين. الشيطان هو محبّة الخطيّة والبعد عن الرب يسوع الفادي، لذلك لا يخرج الشيطان إلاّ من الّذي يرفضه، أي يرفض الخطيّة ويتبع الرب يسوع الّذي يُخرج الشياطين ببرّ أعماله. الشيطان هو الخطيّة والرب يسوع هو البرّ، الشيطان لا يُخرج الشيطان لأنّه لا يمكن للخطيّة أن تُبطل خطيّة، فقط الرب يسوع البارّ يُخرج الشيطان لأنّه يغفر الخطيّة، لأنّه دفع أجرة الخطيّة بالموت من أجل الخاطي. يوجد على الأرض مملكتين، مملكة البرّ بالرب يسوع، ومملكة الشرّ بالشيطان، لا يمكن لمملكة البرّ أن تصنع الشرّ ولا يمكن لمملكة الشرّ أن تصنع البرّ. ملكوت الله لخلاص الإنسان بالتوبة والإيمان بالرب يسوع الفادي (متى 12: 28 وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.). ومملكة الشيطان لهلاك الإنسان بفعل الخطيّة ورفض الرب يسوع المخلّص الّذي يغفر الخطايا بالحقّ. الإنسان الّذي في مملكة ابليس يسلك طرق كثيرة من الإيمان، هدفها الوحيد هو إبعاد الإنسان عن كلمة الله، طريق الحقّ السماوي والحياة الأبديّة بالرب يسوع الفادي.

وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ: المدينة هي مجموعة من الناس لها إيمان واحد في مملكة واحدة، مدن كثيرة في مملكة واحدة. والبيت هو الإنسان الواحد في المدينة، أي في المجموعة، بيوت كثيرة في مدينة واحدة. فإن انقسم إيمان المجموعة الواحدة، لا تثبت لأنّها تنقسم إلى أكثر من مجموعة واحدة. وإن انقسم إيمان البيت، أي إيمان الإنسان الواحد على ذاته لا يثبت، فيترك إيمانه الأوّل ليؤمن بآخر. يتبع الإنسان إيمان واحد من اثنين إمّا في ملكوت السماوات مع الرب يسوع المخلّص بالنعمة والعدل، إمّا خارج ملكوت السماوات بطرق عديدة نهايتها الدينونة حسب أعماله. المنقسم على ذاته لا يثبت لأنّه يقوم على مملكته ليتبع الأخرى.

26 فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟: مملكة الشرّ ثابتة إلى نهاية العالم، لذلك لا ينقسم الشيطان على ذاته لأنّه لا يستطيع أن يترك مملكة الشرّ ليأتي إلى مملكة البرّ، لأنّ الشيطان هو الشرّ ومحبّة الخطيّة، لذلك رئيس الشياطين لا يُخرج الشياطين لأنهم من مملكة واحدة عدوّهم الواحد هو عمل البرّ. والرب يسوع أكمل البرّ بأعماله لينتصر على ابليس الشرّ ويفدي المؤمن به بالحقّ، فيدخل معه إلى مملكة البرّ في ملكوت السماوات.

27 وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ!: أبناؤكم يحكمون عليكم بأنّكم مراؤون تحاربون كلمة الله، لأنّكم تقولون أنّ إخراج الشياطين يتمّ برئيس الشياطين وأنتم تعلمون أنّ أبناءكم يُخرجونهم بقوّة الله. احكموا على أنفسكم بما تعرفونه عن أبنائكم، فإن هم يُخرجون الشياطين بالشيطان فأنتم منهم، وإن كان بقوة روح الله فأنتم مُراؤون تقبلون لأنفسكم ما لا تقبلونه لغيركم.

28 وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ!: (متى 6: 10 لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.) يأتي ملكوت الله على حياة الإنسان الّذي يقبله باسم الرب يسوع، لأنّ الرب يسوع هو كلمة الله الّذي يُخرج شياطين الشرّ من المؤمن به ليستحقّ الدخول إلى ملكوت الله، لأنّ من فيه شيطان لا يدخل ملكوت الله. فيعمل المؤمن في الروح حسب كلمة الرب للبرّ والمحبّة ويدخل الحياة الأبديّة. الإنسان الّذي فيه شيطان هو الإنسان الّذي فيه محبّة للخطيّة، يُخرجه الرب يسوع بروح الله ليُخرج منه محبّة الخطيّة، والهدف محبّة البرّ والحياة الأبديّة في ملكوت الله.

لماذا قال الرب يسوع "ملكوت الله ولم يقل ملكوت السماوات"؟ ملكوت الله هو هو ملكوت السماوات، لكنّه في هذه الآية يُعلن أنّ الرب يسوع هو الله على الأرض في جسد إنسان، لذلك بمجيء الرب يسوع أقبل ملكوت الله.

29 أمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِي وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟: لماذا يتكلّم الرب في هذه الآية بعد كلامه عن إخراج الشياطين؟ لأنّها آية روحيّة عن فداء الإنسان، يتكلّم فيها الرب يسوع عن نفسه كيف يُخرج الشياطين من حياة الإنسان وكيف يفديه من الموت الأبدي. بيت القوي هو الإنسان الخاطي بيت ابليس، أي بيت الخطيّة. أمتعة ابليس هي محبّة الخطيّة في الإنسان. يربط القوي ببرّ أعماله. ينهب بيته بالفداء لغفران الخطايا. كيف يستطيع الرب يسوع أن يدخل بيت القويّ، أي بيت إبليس في حياة الإنسان، وينهب أمتعته، أي ينزع منه سلطان الموت وهو محبّة الخطيّة في الإنسان سلاح ابليس للموت الروحي، إن لم يربطه أوّلاً ببرّ أعماله فلا يمسّه، لذلك جُرّب الرب يسوع ابن الإنسان من ابليس ولم يفعل خطيّة (متى 4: 1 – 11) وحينئذٍ ينهب بيته بالفداء، بالموت والقيامة ليدفع ثمن خطيّة الموت فيغفرها بالحقّ للمؤمن به. أوّلاً يربط ابليس ببرّ أعماله لينتصر على الموت وسلطان ابليس، ثمّ يموت ليدفع أجرة الخطيّة للبيت الّذي يدخله، ويقوم لأنّه بارّ، فيسكن ذلك البيت. (عبرانيين 2: 14 فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، 15وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ.). بيوت ابليس هي حياة كل إنسان خاطي، لأنّ ابليس هو الخطيّة والإنسان الخاطي هو بيت الخطيّة. يؤمن الإنسان بالرب يسوع فيُخرج منه الشياطين، أي يُخرج منه محبّة الخطية ويغفر له خطايا الموت.

30 مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ: من ليس مع الحياة فهو مع الموت، لأنّ الإنسان إمّا هو حيّ أو هو ميّت، لا يمكن له أن يكون مع الحياة والموت في آن معاً. من ليس مع الرب يسوع فهو ميّت في الروح ويعمل في مملكة الخطيّة للموت الأبدي. على كل إنسان أن يختار إمّا أن يدخل ملكوت السماوات ويخدم كلمة الرب للحياة الروحيّة، أو يبقى في مملكة إبليس تحت سلطان الموت الروحي وخدمة الخطيّة. من لا يجمع مع الرب يسوع في خدمة الكلمة فقط حسب المكتوب لخلاص الإنسان إلى حياة أبديّة معه، فهو يفرّق بين الرب والإنسان.

31 لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ: آية للمؤمن بالرب يسوع لأن لا غفران لغير المؤمن. الخطيّة هي الخطأ الّذي يفعله الإنسان ضدّ غيره، والتجديف هو الخطأ الّذي يفعله الإنسان ضدّ كلمة الرب أو ضدّ الروح القدس. (يوحنا 10: 33 أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا»). يقولون أنّه يجدّف لأنّهم يظنّون أنّه يُخطئ بحقّ الله. يغفر الرب يسوع الفادي خطيّة المؤمن به لأنّه يتوب، ويغفر أيضاً التجديف للمؤمن الّذي لا يفهم كلمة الرب يسوع.

وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ: (أعمال 6: 11 حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَال يَقُولُونَ: «إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللهِ».) التجديف على موسى يُغفر للناس وأمّا التجديف على الله فلن يُغفر. يغفر الله للمؤمن إن جدّف على خادم الرب لأنّه لا يفهم كلامه الروحي كالّذي يقول فيه شيطان. لكن الّذي يجدّف على الروح القدس فهو الّذي يعتبر نفسه أحكم من روح الله، فلا يُغفر له لأنّ إيمانه باطل.

32 وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ: التجديف على ابن الإنسان هو كما فعل الفريسيون بقولهم أن الرب يسوع يُخرج الشياطين برئيس الشياطين. يُغفر لهم إن كانوا يقولون لعدم فهمهم وليس لرفضهم له، لأنّ الرافض للرب يسوع لا تُغفر خطاياه. هم يجدّفون على ابن الإنسان لأنّهم يرفضون الإيمان به، لذلك كانوا يبحثون عن شاهد زور ليقتلوه.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي: كل كلمة بطّالة تُقال على الروح القدس هي تجديف لذلك لا غفران لقائلها. الّذي يجدّف على الروح القدس هو الّذي يؤمن حسب حكمته البشريّة بتغيير المكتوب فيعمل حسب فهمه الّذي يظنّه أحكم من المكتوب، فهذا تجديف على حكمة الله. كالّذي يتكلّم عن المكتوب بقوله أنّ الله لا يمكن أن يفعل ما يراه هو غير معقول. لذلك لا يغفر له الله خطاياه في هذا العالم، عالم الجسد في فرصته لخلاص الروح، لتبقى خطيّته فيأتي إلى دينونة الحقّ بعد موت الجسد في عالم الروح.

33 اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّدًا، أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيًّا، لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ: الشجرة هي الإنسان والثمر هو نتاج أعماله، لا تكونوا شجرة جيدّة في ظاهرها ورديّة في أهدافها. آية للمرائين، الّذين يجعلون الشجرة جيّدة وثمرها رديء، لأنّهم يخادعون بإظهار الإيمان لكن ثمارهم رديّة لأنّ تعاليمهم ليس فيها خلاص للّذين يتبعونهم. يريدون أن يقتلوا كلمة الله مع أنّه يُخرج الشياطين، هذا لأنّه يُظهر عدم صحّة تعاليمهم. هكذا يحاول المؤمن المزيّف أن يقتل كلمة الرب الّتي في المؤمن الصالح، لأنّه يعمل في المكتوب فيُظهر الخطأ في التعاليم الباطلة. لذلك هم مراؤون لا يعملون لخدمة المؤمنين كما يُظهرون، لأنّ هدفهم هو خدمة أنفسهم في التسلّط على المؤمنين. ثمر الإنسان المرائي في الحياة الروحيّة نهايته الموت الأبدي للّذين يتبعونه، لذلك هو أخطر من الشجرة الرديّة وثمرها رديء لأنّ المؤمن لن يتبع الإنسان الّذي ظاهره رديء فلا يفقد حياته الأبديّة بسببه. الخلاص من المرائين هو للّذين يتبعون الرب في المكتوب وليس للّذين ينخدعون لأنّهم يتبعون تعاليم الناس دون استخدام المكتوب. (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.).

34 يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ: أولاد الأفاعي هم أولاد الشياطين، لأنّهم أولاد الخطيّة ولا يمكن أن يتكلّموا بالصالحات. الّذي يفعل الخطيّة ويفتخر بها هو ابن ابليس لأنّه ابن الخطيّة، والّذي يؤمن بالرب يسوع ويعمل بكلمته هو ابن الله لأنّه يرفض الخطيّة. (يوحنا 8: 44 أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.). الصالحات هي كلمة الرب الّتي يتكلّم بها المؤمن، والأشرار هم كالفريسيين الّذين يتكلّمون باسم الرب لكن ليس من المكتوب. فكيف يقدر المؤمن الّذي لا يعمل بكلمة الرب حسب المكتوب أن يتكلّم بالصالحات؟ لذلك من فضلة القلب يتكلّم الفم فيتكلّم بالشرور، لأنّه يتكلّم حسب فهمه الباطل وليس حسب كلمة الرب في المكتوب. لا صالح إلاّ الرب يسوع، لذلك الّذي يتكلّم بالصالحات هو الّذي يتكلّم فقط حسب كلمة الرب يسوع في المكتوب.

35 اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ: الإنسان الصالح هو المؤمن الصالح لأن لا صالح بالأعمال إلاّ الرب يسوع. والكنز الصالح هو كلمة الرب يسوع في قلب المؤمن الصالح، ليس إيمان في الظاهر فقط إنّما إيمان القلب في محبّة الرب يسوع والعمل بكلمته، فيُخرج الصالحات فقط من المكتوب لأنّ المكتوب هو كنز المؤمن الصالح لخدمة الكلمة في التعليم الصالح.

وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ: الإنسان الشرّير هو الإنسان الخاطي الّذي لم يغفر له الرب يسوع خطاياه، لأنّه لم يؤمن به حسب المكتوب. الكنز الشرّير هو شهوات النفس في حياة أرضيّة جسديّة تزول مليئة بالخطايا، هو كنزٌ شرّير لأنّ فيه موت الإنسان في الروح إلى الأبد، يبتعد بسببه الإنسان عن الحياة الروحيّة فيخسر فرصة خلاصه إلى الأبد. آية يتكلّم بها الرب يسوع مع المؤمن الّذي لا يعمل في حياة روحيّة حسب المكتوب، كالفريسيين في عدد 24، فيقول أنّه إنسان خاطي من شهوات العالم يُخرج الشرّور، لأنّه يتكلّم باسم الرب وقلبه في شهوات العالم، ولا يعمل بكلمة الرب للحياة الروحيّة.

36 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ: الإنسان الشرّير الّذي من كنزه الشرّير يُخرج الشرّور سيعطي حساباً يوم الدينونة عن كل كلمة بطّالة تكلّم بها. يهتم الإنسان بأمور الحياة الجسديّة ويهمل ما للحياة الروحيّة، لذلك يأتي بعد موت الجسد إلى دينونة الحقّ ليعطي حساباً عن كل خطيّة وكلمة بطّالة تكلّم بها، لأنّه لم يؤمن بالرب يسوع الفادي ليدفع عنه ثمن الخطيّة.

37 لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ: يتكلّم الرب يسوع عن إيمان الإنسان الّذي يتبرّر بكلامه أو يدان، لأنّ الفريسيين يؤمنون بالله لكن كلامهم بطّال ليس من المكتوب، لأنّهم قالوا حسب أفكارهم الشرّيرة أن الشيطان يُخرج الشياطين وهذا غير صحيح لأنّه ليس من المكتوب. يتبرّر المؤمن بكلامه إن كان فقط من المكتوب لخلاص الروح. ويدان المؤمن إن كان كلامه من غير المكتوب لأنّه يأتي من حكمته البشريّة. بكلامك الصالح من الكنز الصالح يتبرّر إيمانك فتتبرّر أعمالك ولا تأتي إلى الدينونة، وبكلامك البطّال يدان إيمانك الباطل فتأتي إلى دينونة الأعمال.

38 حِينَئِذٍ أَجَابَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً»: قوم من الكتبة والفريسيّين الرافضين للرب يسوع، يطلبون منه آية ويقولون يا مُعلّم وهم لا يعملون بكلامه. ما هو طلب الفرّيسيّين وما معنى آية؟ ليفهم المؤمن كلمة الله يجب أن يفهم أوّلاً معنى كلمة آية لأنّ كلمة الله كلّها آيات سماويّة. الآية هي عمل جسدي أو مثل أرضي يُخبرنا به الرب يسوع عن عمل روحي وحقيقة سماويّة، لذلك جعل الرب يسوع مفسّرين لكلمته ليعمل المؤمن الروحي حسب الآيات السماويّة وليس حسب الأمثال الجسديّة. كلمة الرب هي آيات سماويّة يفهمها ويعمل بها المؤمن الّذي يشفيه الرب يسوع من أمراضه الروحيّة، فيعمل بها في الروح. الآيات السماويّة هي مفاتيح ملكوت السماوات تفتح الباب لكل الّذين يُريدون الخلاص بالرب يسوع، فيعملوا بها في الروح ليدخلوا إلى الحياة الأبدية معه. (متى 13: 10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟ 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ.). أسرار ملكوت السماوات هي الآيات الروحيّة الّتي في الأمثال الأرضيّة.

39 فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ: من هو الجيل الشرّير؟ يوجد جيلين على الأرض الجيل الشرّير والجيل البارّ. الجيل الشرّير هو كل مولود من الجسد لم يولد من الروح بالإيمان، هو شرّير لأنّه خاطي لذلك طرده الله من جنّته. (تكوين 3: 23 فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ). الجيل الثاني هو الجيل البارّ المولود من الروح في ملكوت السماوات، هو جيل الأبرار بالإيمان بالرب يسوع البارّ الّذي يغفر خطاياهم، وأعطاهم خلاصه الروحي بالولادة من فوق ليصبحوا أبرار في الروح (يوحنا 3: 5 أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. 6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.) (يوحنا 1: 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.) المؤمنون باسم الرب يسوع الّذين يعملون حسب كلمة الرب هم جيل أولاد الله في الروح.

وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ: لماذا لا تعطى للجيل الشرّير آية إلاّ آية يونان النبي؟ لأنّ آية يونان النبيّ هي نبوّة عن موت وقيامة الرب يسوع لفداء الإنسان، لذلك هي الآية الوحيدة الّتي تُعطى للإنسان قبل إيمانه، ليؤمن أوّلاً بموت وقيامة الرب يسوع الفادي فيصبح في علاقة روحيّة معه، ثمّ يعمل حسب المكتوب في كل الآيات الروحيّة. آية يقول فيها الرب يسوع أنّ إيمان الإنسان باطل إن لم يؤمن أوّلاً بموت وقيامة الرب يسوع لخلاص الروح.

40 لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال: يفسّر الرب يسوع معنى كلمة آية، فيقول أنّ الآية هي حدث أو مثل أرضي يتكلّم عن حدث أو حقيقة سماويّة لحياة الإنسان الروحيّة. ويقول أيضاً في هذه الآية أنّ ما حدث مع يونان ليس لهدف إظهار عجيبة جسدية إنما هي عجيبة لآية روحيّة فيها نبوّة عن مجيء المسيح الفادي، الرب يسوع ابن الإنسان الّذي يموت لمدّة ثلاث أيّام وثلاث ليال ثمّ يقوم لفداء الإنسان.

41 رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا: (يونان 3: 4-10) رجال نينوى سيقومون يوم الدّينونة مع القدّيسين ليدينوا مع الرب يسوع هذا الجيل الخاطي، لأنّه جيل الّذين لم يتوبوا ولم يقبلوا الخلاص بالرب يسوع المُخلّص الوحيد من الدينونة. رجال نينوى تابوا بمناداة يونان النبيّ لأنّهم آمنوا بالمسيح الفادي قبل مجيئه، وهنا أعظم من يونان لأنّه المُخلّص نفسه الّذي تكلّمت عنه آية يونان.

42 مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا: ملكة التيمن هي ملكة سبا (الملوك الأول 10: 1-13) ستأتي مع الرب يسوع والملائكة القدّيسين يوم دينونة هذا الجيل الذي لم يقبل الرب يسوع، لأنها سمعت بالحكمة الّتي أعطاها الله لسُليمان فأتت من اقاصي الأرض لتسمعه (الملوك الأول 10: 2 فَأَتَتْ إِلَى أُورُشَلِيمَ بِمَوْكِبٍ عَظِيمٍ جِدًّا، بِجِمَال حَامِلَةٍ أَطْيَابًا وَذَهَبًا كَثِيرًا جِدًّا وَحِجَارَةً كَرِيمَةً.). وقَبِلَت إله سُليمان (الملوك الأول 10: 9 لِيَكُنْ مُبَارَكًا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي سُرَّ بِكَ وَجَعَلَكَ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ. لأَنَّ الرَّبَّ أَحَبَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ جَعَلَكَ مَلِكًا، لِتُجْرِيَ حُكْمًا وَبِرًّا».).

وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا: هنا الرب يسوع الفادي، الأعظم من الجميع لأنّه المخلّص الّذي تكلّمت عنه جميع الآيات السماويّة بواسطة الأنبياء من أيّام آدم إلى مجيئه. ملكة التيمن أتت من أقاصي الأرض لتسمع ما يقوله الرب على فم سليمان، وهنا أعظم من سُليمان لأنّه هو الرب الذي أعطى سُليمان. آية تتكلّم عن الّذين يأتون إلى الرب يسوع من بعيد، ليس فقط من بعد المسافة إنّما أيضاً من بعد الفكر والعقيدة، بينما يوجد كثيرون يرفضون أن يسمعوا وهم في بيت واحد مع مؤمنين.

43 إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ، يَطْلُبُ رَاحَةً وَلاَ يَجِدُ: الروح النجس هو روح الخطيّة، يخرج من إنسان ليأتي إلى آخر ليس فيه ماء، أي ليس فيه كلمة الرب، لأنّ كلمة الرب هي ماء الحياة الروحيّة في الإنسان، وروح النجاسة لموت الإنسان في الروح بفعل الخطيّة، لذلك يجتاز في أماكن ليس فيها ماء الحياة الروحيّة. (أفسس 5: 26 لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، 27لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ.). (يوحنا 7: 38 مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ».). يطلب الروح النجس راحة ولا يجد لأنّ راحته في الإنسان الّذي يحبّ الخطيّة.

44 ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ فَارِغًا مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا: يرجع روح الخطيّة إلى الإنسان الذي خرج منه ليجد راحته في الّذي ليس فيه ماء. فيجده فارغاً مكنوساً مزيّناً. فارغاً لا يسكن فيه الرب يسوع الّذي يغفر الخطيّة. مكنوساً من كلمة الرب لأنّه إنسان يرفض كلمة الرب. ومزيّناً بشهوات العالم. فيسكن فيه روح محبّة الخطيّة ومعه أرواح الشرّ لفعل الخطيّة.

45 ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!: يأخذ الروح النجس معه سبعة أرواح أشرّ منه لتسكن الإنسان الفارغ من خلاص الرب يسوع، وحياته مكنوسة من كلمة الرب لأنّه لا يعمل بها، ومُزيّن بشهوات العالم لذلك هو مُستعد لاستقبال أرواح الشرّ بكل أنواعها، فتصير أواخر ذلك الإنسان أشرّ من أوائله، إنسان خاطي يحبّ الخطيّة ويعمل كل شرّ. الروح النجس الأوّل هو محبّة الخطيّة، والسبع الأشرّ منه هم لفعل كل خطيّة. (يوحنا 3: 19 وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً.) الروح النجس الأوّل هو حب الناس للظلمة والسبع أرواح الأشرّ منه هي في البعد عن كلمة الله والعمل بكل خطيّة.

لماذا سبعة أرواح نجسة؟ لأنّها كمال الشرّ بالعمل ضد وصايا الله العشر. الوصايا الأربعة الأولى هم في الوصية الأولى والعظمى (متى 22: 37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى.) (خروج 20: 2 أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ لا يكُنْ لكَ آلِهَة أخْرَى أمَامِي. لا تصْنَعْ لكَ تمْثاَلا مَنْحُوتاً... لأني أنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِله غَيورٌ. لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً. أُذكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَه) أربع وصايا لعمل واحد وهو محبّة الرب بالعمل فقط حسب كلمة الرب في المكتوب. روح نجس لإبعاد الإنسان عن إيمانه الصحيح بالله ليمنع عنه الخلاص بالرب يسوع كلمة الله، هذا يسكن في الّذي لا يعمل بكلمة الرب حسب المكتوب. الوصايا الست الباقية هي لدينونة الخاطي حسب أعماله، روح نجس لكل وصيّة لا يعمل بها الإنسان، يقتل. يزني. يسرق. يشهد بالزور. لا يكرم أباه وأمّه. ولا يحب قريبه كنفسه. الإنسان الّذي يعمل كل هذه الشّرور هو إنسان كامل الشرّ، فيه سبعة أرواح الشرّ. هم أشرّ من الروح النجس الأوّل لأنّ الأول هو محبّة الشرّ والسبعة هم فعل الشرّ. (متى 19: 18 قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟» 21قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي».) هذه الآية فيها سبعة وصايا لكنها تحتوي الوصايا العشر. الست وصايا لم يجعلوا الشاب كاملاً لذلك قال له الرب يسوع، إن أردت أن تكون كاملاً فاترك كل شيء واتبعني، هذه هي الوصية السابعة ليكون كاملاً. الوصية السابعة تحتوي وصايا الله الأربعة الأولى: أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ... لا يكُنْ لكَ آلِهَة أخْرَى أمَامِي. لا تصْنَعْ لكَ تمْثاَلا مَنْحُوتاً... لا تسْجُدْ لهُنَّ وَلا تعْبدْهُنَّ، لأني أنَاَ الرَّبَّ إِلهَكَ إلِه غَيوُرٌ. لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً. اذُكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتقُدِسَّه.

هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ الشَّرِّيرِ: هذا الجيل الشرّير هو الذي لم يسكن فيه الرب يسوع ليغفر له الخطايا، لأنّه يحب الخطيّة ولا يعمل بكلمة الرب. لذلك أواخره أشرّ من أوائله لأنّه يأتي إلى دينونة جهنّم الأبديّة. أوائله هي حياته على الأرض وأواخره هي الدينونة الأبديّة بعد موت الجسد.

46 وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ: وفيما الرب يسوع يكلّم الجموع بما للحياة الروحيّة، إذا أمه وإخوته في الجسد قد وقفوا خارجاً طالبين أن يُكلّموه. آية يكلّم فيها الرب يسوع كل الّذين يهتمّون بما للجسد بينما الرب يسوع يتكلّم بما للروح.

47 فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ»: يكلّم الرب يسوع في هذه الآية كل إنسان يتكلّم معه بما للحياة الجسديّة بينما هو يتكلّم بما للحياة الروحيّة. كلّمه واحد من السامعين له وهو يُعلّم عن خلاص الروح للحياة الأبديّة ليقول له حسب الجسد: "هوذا أمك وإخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يكلّموك"، آية تقول أنّهم واقفون خارج الكلام الروحي الّذي في كلمة الرب يسوع، لأنّهم يطلبون يسوع المولود في الجسد على الأرض وليس الرب يسوع المولود في حياتهم الروحيّة. كالّذين يطلبون أن يأتوا لينظروا الأماكن الّتي اجتاز فيها الرب يسوع عندما كان في الجسد على الأرض، هؤلاء يطلبون يسوع في الجسد وليس لهم علاقة روحيّة معه. آية لكل الّذين يسمعون كلمة الرب يسوع لكنّهم يتكلّمون معه بما للجسد. (يوحنا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، 64وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ».).

48 فَأَجَابَ وَقَالَ لِلْقَائِلِ لَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتي؟»: أجاب الرب يسوع وقال للقائل ليقولها لكل من يتكلم معه حسب الجسد، لأنّها آية روحيّة لكل مؤمن جسدي يهتمّ بالأمور الجسديّة في حياته مع الرب يسوع.

49 ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتي: مدّ الرب يسوع يده نحو تلاميذه وليس نحو الجمع لأنّ الجمع يسمعونه لكن تلاميذه يسمعونه ويتبعونه ويعملون بكلامه، لذلك قال: هم أمي وإخوتي. كلمة الرب يسوع روحيّة لذلك يتكلّم عن أمّه وإخوته في الروح لأنّ الجسد لا يفيد شيء.

50 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي»: يقول الرب يسوع في هذه الآية أن المولود من الجسد أعماله جسدية والمولود من الروح أعماله روحيّة. من يصنع مشيئة الآب السماوي هو الّذي يعمل فقط حسب المكتوب للحياة الروحيّة السماويّة، وليس حسب الحكمة الأرضيّة في حياة جسديّة تزول، لأنّ مشيئة الآب هي خلاص الإنسان في الروح إلى حياة أبديّة (يوحنا 6: 40 لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ».) (متى 6: 10 لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.) مشيئة الله سماويّة روحيّة لذلك نتكلّم معه باسم الرب يسوع فقط بما للروح. من يطلب أن يكون ابناً للآب السماوي يجب أن يكون من عائلة الرب يسوع الروحيّة، أخ وأخت وأمّ لآب واحد في الرب يسوع ابن الله. (يوحنا 1: 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ).

 

باسم الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content