تفسير إنجيل متّى
الأصحَاحُ السَّابعُ
1«لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، 2لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ 5يَامُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! 6لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.
7«اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 8لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. 9أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزًا، يُعْطِيهِ حَجَرًا؟ 10وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً، يُعْطِيهِ حَيَّةً؟ 11فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ! 12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.
13«اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! 14مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!
15«اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟ 17هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَارًا جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، 18لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا جَيِّدَةً. 19كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.
21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!
24«فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. 25فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. 26وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. 27فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا!».
28فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، 29لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ.
1 لا تَدِينُوا لِكَيْ لا تُدَانُوا: هل يتكلّم الرب يسوع عن إدانة فاعل الشرّ في المحاكم؟ وهل يمكن للقاضي أن يكون مؤمناً وهو يدين الخطاة كل يوم؟ لا يتكلّم الرب يسوع عن إدانة الخاطي حسب قانون الأرض في الحقّ بين الناس، لأنّه قال ما لقيصر لقيصر، وقيصر هو القانون الّذي يحكم بالعدل بين الناس، القاضي الّذي يحكم على فاعل الشرّ يحكم حسب قيصر وليس حسب نفسه. يتكلّم الرب يسوع بما لله مع المؤمن، فلا يدين المؤمن غيره لأنّه هو أيضاً خاطي ويستحقّ الإدانة، فإن أراد أن يغفر له الرب يسوع خطاياه يغفر هو أيضاً لغيره. (متى 22: 21 «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ».).
2 لأنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ: اتركوا الدينونة للديّان. كما يترك الإنسان للقضاء الحكم بالحقّ على فاعل الشرّ، هكذا يترك المؤمن إدانة الخاطي للديّان. كل ما يطلبه الإنسان لنفسه يفعله هو أيضاً مع غيره، فمن يطلب الرحمة لنفسه بغفران الخطايا يرحم هو أيضاً غيره ويغفر لهم. لا يتكلّم الرب يسوع عن إدانة الإنسان بالفعل فقط إنّما بفكره أيضاً، لأنّ الّذي يرفض خطيّة في الإنسان ويفعلها هو، يحكم بفكره على نفسه، لذلك يُدان بنفس الدينونة الّتي بها يدين غيره.
وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ: هذا هو حكم العدل على الإنسان في الناموس وأيضاً للّذي لا ناموس له ليعمل به، لأنّ الله خلق الناموس في داخل الإنسان ليحكم على نفسه بذات الحقّ الّذي يطلبه من غيره، لذلك كل عمل يرفضه الإنسان من غيره هو ناموس لنفسه يُعاقب على فعله مع غيره. بذات المقياس الّذي يقيس به الإنسان يُقاس له، فيُعاقب بنفس الدينونة الّتي يدين بها غيره.
3 وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَة الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلا تَفْطَنُ لَهَا؟: القذى هو جزء بسيط من الخشبة، هو الخطيّة الواحدة من الخطايا الكثيرة الّتي في الإنسان. يقول الرب للإنسان أن ينظر إلى خطاياه الكثيرة قبل أن ينظر إلى الخطيّة الواحدة في غيره. الإنسان بعينه ينظر إلى خطيّة غيره ولا يفطن إلى ما في عينه الّتي ينظر بها إلى غيره.
4 أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِج الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَة فِي عَيْنِكَ؟: كيف يمكن لإنسان خاطي أن يصلح أخيه بمنعه عن فعل خطيّة؟ لا يقبل الإنسان نصيحة إنسان لا يعمل بما يقول. لذلك الرب يسوع وحده يحقّ له أن يصلح الخاطي لأنّه الصالح الوحيد. لماذا يقول كلمة أخيك؟ لأنّ الرب يسوع يتكلّم عن الّذي يُريد أن يُخرج القذى بالمحبّة وليس بالقوّة.
5 يَامُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلا الْخَشَبَة مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذ تُبْصِرُ جَيدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ: المرائي هو الّذي ينظر إلى خطيّة غيره وكأنّه لا يخطئ. لماذا يقول الرب يسوع أنّ الخطيّة في عين الإنسان؟ لأنّه لا يتكلّم فقط عن فعل الخطيّة إنّما أيضاً عن محبّة الخطيّة، لذلك هي في عين الخاطي ينظر إليها ويطلبها. يا مرائي أخرج أوّلاً الخشبة من عينك قبل أن تُخرج القذى من عيني، هكذا يقول الإنسان للّذي في عينه خشبة ويأتي ليُخرج القذى من عين أخيه. كيف يُخرج الإنسان الخشبة من عينه؟ الخشبة في العين هي محبّة الخطيّة والإنسان مهما حاول أن يُصلح نفسه لرفض الخطيّة لا يصبح صالحاً بلا خطيّة، لذلك الإيمان فقط بالرب يسوع البارّ والاعتماد بكلمته الروحيّة، يُخرج الإنسان الخشبة من عينه ليصبح بارّاً بالإيمان الروحي وليس بأعمال الجسد، فيرفض الخطيّة ولا يطلبها لأنّ الرب يسوع أخرجها من عينه، فيُخرجها هو أيضاً من عين أخيه مستخدماً كلمة الرب يسوع البارّ، فقط حسب المكتوب وليس حسب حكمة نفسه المرفوضة من الله. (كورنثوس الأولى 1: 19 لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الْحُكَمَاءِ، وَأَرْفُضُ فَهْمَ الْفُهَمَاءِ». 20أَيْنَ الْحَكِيمُ؟ أَيْنَ الْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هذَا الدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ اللهُ حِكْمَةَ هذَا الْعَالَمِ؟).
6 لا تعْطُوا الْقدْسَ لِلْكِلاب: القدس هو كلمة الله، والكلاب هم الرافضين للكلمة المهاجمين لها بالكلام أو الفعل، لا تتكلّموا بكلمة الله مع المهاجمين لها لأنّهم لا يستحقّونها. لا يعطي الله فهم تفسير كلمة الله الروحيّة لمن يرفضها ويُهاجمها.
وَلا تطْرَحُوا درَرَكُمْ قداّمَ الْخَنَازِيرِ: الدرر هي الأشياء الثمينة في حياة الإنسان، ففي حياة المؤمن هي كلمة الرب. الخنازير هم الّذين يدوسون الأشياء الثمينة الّتي في حياة المؤمن، يحتقرون بالاستهزاء والاهانة كلمة الرب الّتي في حياة المؤمن. لا تتكلّموا عن حياتكم الروحيّة مع الّذين يدوسون درركم المقدّسة.
لئلَا تدوسَهَا بأِرْجلهِا وَتلتفتَ فتُمَزِقكم: يقول الرب يسوع للمؤمن به ألا يتكلّم عن حياته الروحيّة مع كل من كان، لأنّ الخنازير تدوس الكلمة والكلاب تمزّق نفس المؤمن أو تقتله، فيكون المؤمن سبب إهانة لنفسه ولكلمة الرب. لذلك يجب على المؤمن أن يفحص أوّلاً إن كان الّذي يكلّمه يستحقّ. (متى 10: 11 وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. 12وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، 13فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ. 14وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ.).
7 اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ.: لماذا تكلّم الرب يسوع في هذه الآية بعد كلامه عن الكلاب والخنازير؟ لأنّه يقول أنّ الخلاص ليس للمهاجمين والّذين يدوسون الكلمة إنّما هو فقط للّذي يسأل ويطلب ويقرع. لا يتكلّم الرب يسوع عن طلب ما للجسد لأنّ كلمة الرب روحيّة والجسد لا يُفيد شيء. (يوحنا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ). تفسير هذه الآية هو في آية (يوحنا 14: 6 قَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي) اسألوا تعطوا الطّريق، يسأل الإنسان ليعرف الطريق الّذي يسلكه للوصول إلى الحياة؟ الطريق هو الرب يسوع المسيح كلمة الله الوحيد، يسلك المؤمن طريق الرب يسوع الروحي وليس طريق هذا العالم الجسدي بشهواته. اطلبوا تجدوا الْحقّ، يطلب الإنسان الحقّ لأنّه من دون الحقّ لا يصل الإنسان إلى الحياة مع الله، لأنّ الله حقّ ورحمة وليس رحمة فقط، الحقّ هو في الرب يسوع المسيح البارّ الّذي أكمل كل برّ وفدى الإنسان ليغفر له الخطايا بالحقّ والرحمة، لأنّه دفع بموته ثمن الحقّ لغفران الخطايا. اقرعوا يفتح لكم باب الْحياة الأبديّة، يقرع المؤمن باب الحياة الأبديّة باعتماده لطريق الحقّ حسب الكلمة الروحيّة في الآيات السماويّة الّتي صنعها الرب يسوع في جسده على الأرض، منتظراً خلاصه الروحي.
8 لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْألُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَه: كل من يسأل يأخذ على الأرض أسرار ملكوت السماوات، الطريق الروحي للحياة الأبديّة (مرقس 4: 10 وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ عَنِ الْمَثَلِ، 11فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ). ومن يطلب يجد الحقّ الروحي على الأرض في دم الرب يسوع الفادي البارّ، الآية الروحيّة لخلاص الإنسان (لوقا 11: 29 هذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ. 30لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوَى، كَذلِكَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ.) من يطلب آية يجد آية الخلاص في الرب يسوع. لماذا يجد؟ لأنّ الرب يسوع صنعها للإنسان، لكن الّذي يطلبها يجدها. ومن يقرع يُفتح له باب الحياة الروحيّة الأبديّة على الأرض قبل موت الجسد. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.) من آمن بالرب يسوع، الطريق والحقّ والحياة، واعتمد هذا الإيمان يُفتح له باب الحياة ليخلص في الروح قبل موت الجسد، ومن لا يؤمن يُدن حسب أعماله بعد انتهاء الفرصة بموت الجسد.
9 أَمْ أَيُّ إِنْسَان مِنْكُمْ إِذَا سَألَه ابْنُه خُبْزًا، يُعْطِيهِ حَجَرًا؟: لا يعطي الإنسان ابنه حجراً للموت إذا طلب منه خبزاً للحياة. خبز الحياة الروحيّة هو كلمة الله في الرب يسوع. (يوحنا 6: 35 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا.). الحجر للدينونة والموت (يوحنا 8: 7 وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!») (متى 18: 6 وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ).
10 وَإِنْ سَألَه سَمَكَةً، يُعْطِيهِ حَيَّةً؟: السمك هو حاجة الجسد في العمل الصالح دون خطيّة، والحيّة هي العمل غير الصالح لأنّ فيه سمّ الخطيّة. (مرقس 1: 16 وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ.) (متى 17: 27 وَلكِنْ لِئَلاَّ نُعْثِرَهُمُ، اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً، وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا، وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا، فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ»). صيد السمك هو العمل الصالح الّذي يجد فيه الإنسان حياة الجسد. الحية هو العمل غير الصالح فيه سمّ الخطيّة للموت. (تكوين 3: 13 فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».) لا يعطي الإنسان ابنه حيّة للموت بل سمكةً للحياة.
11 فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَار تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِي أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَات لِلَّذِينَ يَسْألُونَه: المثل هو الإنسان لأنّه يزول وعطاياه تزول لأنّها جسديّة، والحقيقة هو الله الّذي لا يزول وعطاياه لا تزول لأنّها سماويّة روحيّة. فإن كان الأب الخاطي يعرف أن يُعطي أولاده عطايا حسنة فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات يهب خيرات سماويّة للّذين يسألونه. هل يتكلّم الرب يسوع عن الّذين يسألون لما للجسد؟ لا يتكلّم الرب يسوع عن الّذي يسأل لما للجسد إنّما لما للروح لأنّ ما للجسد يُزاد له دون أن يسأل (متى 6: 32 فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.) لذلك ما يطلبه الإنسان من الله هو روحي للحياة الأبدية. لماذا يطلب ما للروح وليس ما للجسد؟ لأنّ الله يعطي الإنسان في الجسد والروح حسب حاجته، والحاجة هي السؤال، ليس السؤال بالكلام إنّما بالنفس المحتاجة، الحاجة الروحيّة في إرادة الإنسان، يطلبها في حياته أو يرفضها حسب إرادته، أمّا الجسديّة فليس له إرادة أن يقبلها أو يرفضها. لذلك هو يحتاج في الجسد فيزاد له من الله، لكنّه هل يحتاج في الروح؟ إن احتاج في الروح إذاً هو يسأل لما للروح فيأخذ من الله ما للروح لأنّ الحاجة هي السؤال، لذلك الّذي لا يسأل لا يأخذ لأنّه يرى في نفسه أنّه لا يحتاج.
12 فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ: ناموس العدل هو أن يفعل الإنسان بغيره ما يطلبه من غيره لنفسه. ناموس الوصايا هو العدل بين الناس فكل من يطلب من الناس أن يفعلوا به حسب الوصايا يفعل هو أيضاً بهم حسب الوصايا، لأنّ الإنسان هو ناموس لنفسه ويُدان حسب إدانته لغيره. (لوقا 6: 37 «وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ). (متى 22: 37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) الناموس هو أن تحب قريبك كنفسك فلا تُدان، والأنبياء هو أن تحب الرب إلهك لأنّه باستخدامه للأنبياء خلّصك من دينونة الناموس. (يوحنا 1: 17 لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا) العدل في الناموس بموسى أعطي من الله للإنسان، والخلاص بالنعمة والحقّ فبيسوع المسيح صارا حسب استخدام الله للأنبياء الّذين تكلّموا عن مجيء الرب يسوع المخلّص الروحي. الأنبياء هم ليس فقط الّذين تكلّموا عن الرب يسوع قبل مجيئه، إنّما هم أيضاً الّذين يتكلّمون مع الّذين لا يعرفون الرب يسوع حسب الكلمة الروحيّة في الآيات السماويّة، لأنّها أسرار ملكوت السماوات يكشفها الرب لأنبياء هو يختارهم لتوصيل الكلمة الروحيّة لكل من يطلب الخلاص. (كورنثوس الأولى 12: 28 فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِي الْكَنِيسَةِ: أَوَّلاً رُسُلاً، ثَانِيًا أَنْبِيَاءَ، ثَالِثًا مُعَلِّمِينَ، ثُمَّ قُوَّاتٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ، أَعْوَانًا، تَدَابِيرَ، وَأَنْوَاعَ أَلْسِنَةٍ.).
13 اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيقِ: الباب الضيق هو الرب يسوع كلمة الله الّذي يدخل منه المؤمن إلى ملكوت السماوات. لماذا الباب ضيّق؟ لأنّه بالإيمان وليس بالعيان، ولأنّه فقط حسب المكتوب لا يتغيّر حسب حياة وزمن الإنسان، لا يُزاد عليه حرف ولا يُحذف منه حرف. كيف يدخل المؤمن من الباب الضيّق؟ يدخل المؤمن من الباب الضيّق إلى ملكوت السماوات بالعمل فقط حسب الكلمة الروحيّة في المكتوب، لا يزيد على حياته الروحيّة حرف ولا يحذف حرف.
لأَنَّه وَاسِع الْبَابُ وَرَحْب الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِي إِلَى الْهَلاَكِ: الباب الواسع هو هذا العالم في شهوات الجسد والروح للهلاك الروحي، يدخل الإنسان من الباب الواسع بمحبّته لشهوات هذا العالم، فيمشي في الطريق الرحب بفعل الخطيّة من أجل الوصول إلى شهواته. هذا الطريق رحب لأنّ أعمال الشرّ كثيرة ويسهل على الإنسان الخاطي العمل بها، لكن نهاية هذا الطريق هو الهلاك. محبّة العالم الجسدي باب واسع، والعمل بالخطيّة طريق رحب للوصول إلى هذه الشهوات.
وَكَثيِرُونَ هُمُ الذِّينَ يدَخُلوُنَ مِنْه: كثيرون يدخلون من الباب الرحب لأنّ الشرّ والشهوات هي أمام كل إنسان ولا يحتاج أن يبحث عنها، لكن عليه أن يختار الدخول منه أو عدم الدخول.
14 مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِي إِلَى الْحَيَاةِ: الباب ضيّق والطريق كرب لأنّه باب المحبّة وطريق العطاء، ليس فقط دون مقابل إنّما أيضاً في الضيق باسم الرب يسوع المسيح، في الكتاب الواحد والربّ الواحد والمخلّص الواحد، لا يُزاد عليه حرف ولا يُحذف منه حرف. (متى 5: 44 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ.) الباب هو الإيمان بكلمة الرب والطريق هو العمل بها دون زيادة أو نقصان ليصل المؤمن إلى حياة أبدية مع الرب يسوع. الطريق ضيّق لأن لا تبرير فيه للخطيّة أو لضعف الإيمان، ولا يتوسّع حسب حاجات البشر لأنّ كلمة الله روحية ثابتة لا تتغير مع الزمن.
وَقلِيلوُنَ هُمُ الذِّينَ يجِدوُنهَ: الباب الواسع في العالم لا حاجة للإنسان أن يبحث عنه لأنّه أمامه ودخل منه، أمّا الباب الضيق فهو الرب يسوع ويجب أن يبحث عنه ويجده. (يوحنا 5: 39 فتشوا الْكُتُب لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.). المؤمن بالرب يسوع يخرج من الباب الواسع وهو شهوات العالم، ليدخل من الباب الضيّق وهي الحياة الروحيّة. قليلون هم الّذين يجدونه، لأنّهم قليلون هم الّذين يبحثون عنه. لذلك كثيرون هم الّذين يدخلون من الباب الواسع ويمشون في الطريق الرحب لحياتهم الجسديّة في شهوات هذا العالم الزائل، غير مهتمّين بحياتهم الروحيّة الّتي لا تزول. (يوحنا 14: 6 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.).
15 احْتَرِزُوا مِنَ الأنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ: من هم الأنبياء الغير كذبة؟ هم الّذين يستخدمهم الله لتوصيل الكلمة الروحيّة للناس والهدف خلاص الإنسان. من هم الأنبياء الكذبة؟ هم الّذين يتكلّمون باسم الرب لكن ليس بحسب المكتوب إنّما بحسب حكمتهم البشرّية أو بحسب تقاليد ووصايا الناس (متى 15: 8 يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) هؤلاء لا يستخدمهم الله للعمل في خدمة الكلمة لأنّهم يتكلّمون في غير المكتوب والمكتوب أيضاً. (متى 4: 5 ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ، 6وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 7قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ».) كلمة الرب هي في المكتوب والمكتوب أيضاً، فمن يحذف منها حرف أو يزيد عليها حرف هو نبيّ كذّاب.
الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَاب خَاطِفَة: هم ذئاب خاطفة لكنهم متنكّرين بثياب الحملان الوديعة. يُظهرون كل وداعة وبساطة ومحبة، لكن في قلوبهم أهدافهم الحقيقيّة لإبعاد المؤمن عن كلمة الرب في المكتوب. هؤلاء هم أولاد ابليس وخدّامه لذلك هم ذئاب خاطفة للموت الروحي. لا يقبل المؤمن كل ما تراه العين أو تسمعه الأذن إن لم يكن في المكتوب حسب كلمة الرب يسوع فقط وليس حسب تقاليد وعادات الناس، حتّى وإن كان يُظهر الخير للإنسان لكن في الحقيقة فيه موت روحي لأنّه ليس من كلمة الرب الروحيّة.
16 مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ: لم يقل الرب يسوع من أعمالهم أو من عجائبهم تعرفونهم، إنّما من ثمارهم، لأنّ العمل لا يدل على هدف الإنسان، لأنّ ابليس لا يستخدم فقط الشرّ الظاهر لهدف الموت إنّما يستخدم أيضاً لباس الحمل للموت الروحي. كيف يعرف المؤمن إن كان الخادم من الله أم من ابليس؟ الّذي من الله يتكلّم بما قاله الله فقط في المكتوب، والّذي يتكلّم بما تراه العين أو الحكمة البشريّة فهو نبيّ كذّاب. النبيّ الكذّاب يتكلّم من نفسه بحسب حكمته البشريّة وليس من المكتوب، أو يتكلّم من المكتوب مضيفاً إليه مما تراه العين أو الحكمة البشريّة. نبيّ الله يتكلّم فقط بكلمة الله في المكتوب والهدف فقط حياة روحيّة أبديّة. هدف خدمة المؤمن هي الحياة الأبديّة للإنسان، لأنّ الرب يسوع جاء ليخلّص الإنسان من موته الروحي، فإن كانت نتيجة عمل خادم الرب جسديّة وليس للحياة الروحيّة الأبديّة فهو نبيّ كذّاب. (يوحنّا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.)
هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟: الشوك هو نبتة الشوك، والحسك هو نبات على ثماره شوك. الشوك هو الخطيّة، والحسك هو شهوات العالم الّتي تنتج الخطيّة. (كورنثوس الأولى 15: 55 أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟» 56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ، وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ.) فلا يجتنون من الخطيّة ثمراً روحياً ولا من الشهوة ثمر الإيمان. الإنسان هو الشجرة ومن ثمر أعماله يُعرف إن كان شجرة جيّدة أو رديئة. إن كان هدف أعماله محبّة فهو شجرة جيّدة لأنّ ثماره جيّدة، وإن كانت أهدافه رديئة فهو شجرة رديئة. نتيجة الأعمال تظهر نوع الشجرة وليس الأعمال نفسها، لأنّ مظهر الشجرة مهما كان جيّداً لا يدل على جودة ثمارها. أعمال ابليس هي في المحبّة الظاهرة لأهداف رديئة. (متّى 4: 3 فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا».) الخبز خير للإنسان لكن الموت الروحي هو هدف إبليس. (متى 4: 8 ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا، 9وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي».) يُظهر ابليس المحبّة بالعطاء الجسدي لكن ثماره رديئة لأنّها للموت الروحي. (العبرانيين 6: 7 لأَنَّ أَرْضًا قَدْ شَرِبَتِ الْمَطَرَ الآتِيَ عَلَيْهَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَأَنْتَجَتْ عُشْبًا صَالِحًا لِلَّذِينَ فُلِحَتْ مِنْ أَجْلِهِمْ، تَنَالُ بَرَكَةً مِنَ اللهِ. 8وَلكِنْ إِنْ أَخْرَجَتْ شَوْكًا وَحَسَكًا، فَهِيَ مَرْفُوضَةٌ وَقَرِيبَةٌ مِنَ اللَّعْنَةِ، الَّتِي نِهَايَتُهَا لِلْحَرِيقِ.). الإنسان الّذي يعيش في الخطيّة ويسمع كلمة الرب لا يأت بثمر روحي، لأنّهم لا يجتنون من الشوك عنباً بل موتاً. (متى 13: 22 وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ.). العنب هو ثمر الخلاص الروحي الّذي من الكرمة، أي من الرب يسوع المسيح المخلّص الروحي (يوحنا 15: 5 أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.). والتين هو ثمر التينة، أي ثمر المؤمن باعتماد الكلمة الروحيّة الّتي يؤمن بها ليأخذ الخلاص، لأنّ الرب يسوع يطلب من التينة، أي من كل مؤمن به، ثمر الإيمان ليمنحه حياة أبديّة، لكن إن لم يجد فيه ثمر الإيمان يأخذ دينونة أبديّة (متى 21: 19 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) أمّا التينة الّتي تعطي ثمر، أي المؤمن الّذي يأتي بثمر الإيمان الروحي معتمداً بالكلمة السماويّة، يمنحه الرب يسوع حياة أبديّة في الولادة من الروح ليصبح غصن روحي ثابت في الكرمة ينتج ثمر كثير، الثمر الروحي الّذي من الرب يسوع.
17 هكَذَا كُلُّ شَجَرَة جَيدَة تَصْنَعُ أَثْمَارًا جَيدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَة الرَّدِيَّة فَتَصْنَعُ أَثْمَارًا رَدِيَّةً: الشجرة الجيدة أو الرديّة هي نفس الإنسان، ونفس الإنسان تُعرف من ثمار أعماله وليس من مظهره أو كلامه أو حتّى أعماله، فإن كانت نفسه جيّدة تكون أهدافه جيّدة، وإن كانت نفسه رديّة تكون أهدافه رديّة. المؤمن هو الشجرة الّتي يتكلّم عنها الرب يسوع لأنّه يتكلّم مع المؤمنين به عن أنبياء كذبة، فإن كان المؤمن شجرة جيدة يصنع أثمار روحيّة حسب الكلمة الروحيّة وإن كان شجرة رديّة يصنع أعمال جسديّة حسب العادات والتقاليد الّتي تزول بموت الجسد، ويأتي في الروح إلى الموت الأبدي.
18 لا تَقْدِرُ شَجَرَة جَيدَة أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، وَلا شَجَرَة رَدِيَّة أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا جَيدَة: الشجرة الجيّدة هي المؤمن الروحي الّذي أخذ خلاصه الأبديّ من الرب يسوع، لذلك لا يقدر أن يصنع أثمار رديّة لأنّه يخدم كلمة الرب والمؤمنين لخلاص نفوسهم ولا يمكن أن يعمل العكس، لأنّه لا يكنز له كنوزاً جسديّة في الأرض إنّما فقط روحيّة في السماء. أما الشجرة الرديّة فهي المؤمن الجسدي، لأنّ إيمانه ليس بحسب المكتوب الروحي إنّما بعادات وتقاليد الناس الّتي تبعد المؤمن عن طريق الحقّ والحياة الروحيّة الأبديّة، لذلك ثماره رديّة لأنّها جسديّة ولا يمكن أن يصنع أثمار روحيّة جيّدة.
19 كُلُّ شَجَرَة لا تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ: كل مؤمن لا يصنع ثمر روحي حسب كلمة الرب لا يأخذ خلاصه الأبدي بل يقطع من كنيسة الرب عند موت الجسد ويُلقى في دينونة النار الأبديّة. (غلاطية 5: 22 وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ 23وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. 24وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. 25إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. 26لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا.).
20 فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ: فإذاً من ثمارهم تعرفونهم وليس من كلامهم أو أعمالهم. النبيّ هو المتكلّم باسم الرب ويُعرف من نتيجة تعاليمه، هل هي روحيّة؟ لأنّ الله روح وكلمته روحيّة، أم ثمارها جسديّة تزول بموت الجسد. هل هي لخلاص الروح من الدينونة الأبديّة في النعمة والحقّ السماوي؟ أم هي فقط بغفران الخطايا لكن بغير الحقّ الّذي صنعه الرب يسوع بالموت والقيامة.
21 لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَة أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ: ليس كل من يتكلّم باسم الرب يسوع أو يصلّي بالكلام يدخل ملكوت السماوات، لا يتكلّم الرب يسوع فقط عن المرائين بل أيضاً عن الّذين يؤمنون بصدق لكن فقط بالكلام ولا يعملون حسب المكتوب. يقول الرب يسوع لكل مؤمن يقول يارب يارب أنّه بالكلام والإيمان دون أعمال لا يدخل إلى ملكوت السماوات، لأنّ الّذي يدخل هو فقط المؤمن الّذي يعمل حسب كلمة الرب الروحيّة في المكتوب فقط وليس الّذي يحفظ المكتوب أو يتكلّم به. لماذا يقول الرب: "الّذي يفعل إرادة أبي الّذي في السماوات"؟ لأنّ الّذي يؤمن بالله لا يدخل ملكوت السماوات إن لم يؤمن بابن الله، كلمة الله الوحيد في الجسد على الأرض. الّذي يفعل إرادة أبي الّذي أرسلني، الّذي أرسل كلمته إلى العالم في جسد إنسان ليخلّص به العالم. من يطلب الحياة الأبديّة بالولادة من الروح ليدخل ملكوت السماوات يجب أن يعمل حسب ارادة الآب السماوي، لأنّ الخلاص لا يتمّ إلاّ حسب إرادته، وإرادة الله حقّ، لذلك غفران الخطايا لا يمكن أن يتمّ إلاّ بالحقّ الّذي صنعه الرب يسوع بموته وقيامته. الكلام بلا أعمال هو إيمان بلا اعتماد لا خلاص فيه، لأنّ الرب يسوع المخلّص الروحي لا يعرف الّذي يؤمن ويُصلّي بالكلام فقط، حتّى وإن قال "ياربّ ياربّ". (مرقص 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ). الربّ هو ربّ الّذين يعملون بكلمته وليس ربّ الّذين يسمعون ويتكلّمون ولا يفعلون.
22 كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّات كَثِيرَةً؟: كثيرون من المؤمنين لا يدخلون الحياة الأبديّة حتّى وإن كانوا يخدمون الكلمة كما يظنّون، لأنّهم يخدمون بحسب تعاليم الناس وليس بحسب كلمة الله الروحيّة، أو لأنّهم لا يعملون بالمكتوب. سيقولون في ذلك اليوم، أي في يوم الدينونة، "ياربّ، ياربّ! أليس باسمك تنبأنا، أخرجنا شياطين، صنعنا قوّات" صنعوا لغيرهم لكنّهم لم يصنعوا لأنفسهم، لذلك لا يأتوا إلى حياة أبديّة مع الرب يسوع. (لوقا 10: 20 وَلكِنْ لاَ تَفْرَحُوا بِهذَا: أَنَّ الأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ، بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ».) من لا يعمل بالمكتوب لا يدخل ملكوت السماوات حتّى وإن كان يخدم ليلاً ونهاراً.
23 فَحِينَئِذ أُصَرّحُ لَهُمْ: إِني لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَني يَا فَاعِلِي الإِثْمِ: الرب يسوع هو فاحص الكلى والقلوب ويعرف أفكار الإنسان وأهدافه. لذلك كثيرون يخدمون باسم الربّ لكنّ الربّ لا يعرفهم لأنّ أهدافهم شرّيرة. كل من يخدم باسم الربّ لمنفعة شخصيّة في هذا العالم لا يعرفه الربّ، لأنّ الخدمة الروحيّة هي فقط للحياة الروحيّة. وكل من علّم بزيادة حرف أن حذف حرف من كلمة الله في الكتاب المقدّس هو نبيّ كذّاب وخادم مزيّف، لأنّ كل حرف يُزاد على المكتوب هو من حكمة بشرّية وليس من الربّ يسوع لذلك يرفضه الربّ، ومن يحذف حرف هو يحذف قول الرب وفعله لذلك لا يستحقّ أن يأتي إلى حياة أبديّة مع الربّ، لذلك هؤلاء هم فاعلوا الإثم ولا يعرفهم الرب. (رؤيا 22: 18 لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. 19وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ.).
24 فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا: يتكلّم الرب يسوع مع المؤمنين به لأنّه يتكلّم مع الّذين يسمعون أقواله، فكل مؤمن يعمل بكلمة الرب الروحيّة لا يسقط إيمانه ويأتي إلى حياة أبديّة، والمؤمن الّذي يسمع لكن لا يعمل بكلمة الرب الروحيّة يسقط إيمانه ويأتي إلى الدينونة الأبديّة. لماذا قال أقوالي هذه؟ لأنّه يتكلّم عن أقواله في المكتوب فقط بقوّة الروح القدس، وكل ما زاد على ذلك هو من حكمة بشريّة مرفوضة، لأنّها ليست أقوال الرب يسوع الّذي يتبعه المؤمن ويعمل فقط بأقواله. المؤمن الّذي يطلب الخلاص الروحي يسمع أقوال الرب يسوع في الآيات الروحيّة ويعمل بها في الروح، لأنّ المؤمن الّذي لا يعمل بالكلمة السماويّة لا يدخل ملكوت السماوات.
أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل: الرجل العاقل هو الّذي لا يخطئ، وهو الّذي يعمل بحكمة روحيّة لأنّها لحياة أبديّة. كل من يسمع أقوال الرب يسوع ويعمل بها، يمنحه الرب يسوع شبه الرجل العاقل، أي شبه نفسه، لأنّ الرجل العاقل هو الرب يسوع، الوحيد الّذي لم يفعل خطيّة. المؤمن الّذي يعمل بأقوال الرب يسوع يأخذ شبه الرب يسوع البارّ. لماذا شبه؟ لأنّ الرب يسوع بارّ بأعماله والمؤمن بارّ بإيمانه بالرب يسوع البارّ.
بَنَى بَيْتَه عَلَى الصَّخْرِ: من يبني بيته على الصخر لا يسقط لأنّه يبنيه على أساس متين لا يتزعزع. هذا هو المثل الأرضي من الآية الروحيّة الّتي تتكلّم عن الرب يسوع، الصخرة الروحيّة الّتي يبني عليها المؤمن حياته (متى 16: 18 وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.) (كورنثوس الأولى 10: 4 وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ.) الصخرة هي كلمة الرب يسوع الروحيّة والبيت هو المؤمن الّذي يعمل بالكلمة الروحيّة ليبني حياة أبديّة لا تسقط.
25 فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الريَاحُ: المطر هو كلمة الخلاص بالنعمة والأنهار هي كلمة الحقّ للدينونة والرياح هي هموم الحياة. المطر والأنهار والرياح هي المثل الأرضي للآية السماويّة. المطر هو كلمة الله الروحيّة النازل من السماء لخلاص المؤمن بالنعمة، والأنهار هي كلمة الله لدينونة الحقّ، والرياح هي هموم الحياة الّتي تهبّ على المؤمن في هذا العالم. (العبرانيين 6: 7 لأَنَّ أَرْضًا قَدْ شَرِبَتِ الْمَطَرَ الآتِيَ عَلَيْهَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَأَنْتَجَتْ عُشْبًا صَالِحًا لِلَّذِينَ فُلِحَتْ مِنْ أَجْلِهِمْ، تَنَالُ بَرَكَةً مِنَ اللهِ. 8وَلكِنْ إِنْ أَخْرَجَتْ شَوْكًا وَحَسَكًا، فَهِيَ مَرْفُوضَةٌ وَقَرِيبَةٌ مِنَ اللَّعْنَةِ، الَّتِي نِهَايَتُهَا لِلْحَرِيقِ) يأتي المطر من السماء ليمنح الحياة بالنعمة، لكنّ الماء يأتي أيضاً بأنهار تضرب البيت كالطوفان للدينونة. كلمة الله في الرب يسوع هي المطر النازل من السماء ليمنح الحياة الأبديّة لكل مؤمن يعمل بها، وهي أيضاً كلمة الحقّ لدينونة كل من لا يعمل بها، كل واحدٍ حسب أعماله.
وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّه كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ: المؤمن الّذي بنى نفسه على كلمة الرب يسوع الروحيّة لا يسقط إن وقعت عليه كلمة الرب، لأنّه بنى حسب المكتوب وليس حسب عادات وتقاليد ووصايا الناس. كيف تقع كلمة الرب على المؤمن؟ امتحان النفس بكلمة الربّ بين المؤمنين، وتجارب الإيمان الّتي يُجرّب بها المؤمن في حياته، هي وقوع الكلمة عليه، لذلك فقط الّذي يعمل حسب المكتوب لا يسقط. وإن أتت عليه كلمة الحقّ بسبب الخطيّة كما تأتي الدينونة على كل إنسان خاطي، لا يسقط لأنّ الرب يسوع البارّ يضمن كل مؤمن يسمع ويعمل بأقواله، وإن أتت عليه هموم الحياة فلا يسقط إيمانه لأنّ الّذي يسمع أقوال الرب يسوع ويعمل بها لا يهتمّ بما للعالم الّذي يزول إنّما فقط بما للروح والحياة الأبديّة.
26 وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلا يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّه بِرَجُل جَاهِل، بَنَى بَيْتَه عَلَى الرَّمْلِ: آية يُكلّم بها الرب يسوع كل مؤمن لم يعتمد بالكلمة الروحيّة، لأنّه يسمع أقوال الرب يسوع لكن لا يعمل بها. من يسمع أقوال الرب يسوع لكن لا يعمل بها، يُشبّه برجل جاهل، وليس يُشبّهه الرب كما قال في عدد 24، لأنّه هو يعطي الشبه لنفسه وليس الرب يشبّهه، لأنّه بإرادته بنى بيته على الرمل، أي بنى حياته الروحيّة على عادات وتقاليد ووصايا الناس الّتي تزول، وليس على كلمة الرب الروحيّة في المكتوب، لذلك يسمع الكلمة في المكتوب لكن لا يعمل بها في الروح.
27 فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الريَاحُ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ: كلمة الرب هي المطر الّذي يروي روح المؤمن تأتي عليه لخلاص نفسه، فإن اعتمد بها يخلص وإن لم يعمل بها يسقط إيمانه. وتأتي عليه أنهار الدينونة فيسقط لأنّه يبني على أعمال جسديّة وليس على إيمان واعتماد روحي، وتهبّ عليه هموم الحياة فيسقط إيمانه لأنّه ينظر إلى الحياة الّتي تزول وليس إلى الحياة الأبديّة. هذا هو المؤمن الّذي يبني على الرمل، يسمع أقوال الرب يسوع لكن يعمل بأقوال الناس.
وَكَانَ سُقُوطُه عَظِيمًا: هذا السقوط عظيم لأنه سقوط أبدي في دينونة جهنّم بعد موت الجسد، دينونة كل إنسان بالعدل حسب أعماله. الإنسان الساقط على الأرض بسبب الخطيّة لا يُدعى سقوطه عظيم لأنّ له الفرصة للقيامة. لكن بعد موت الجسد تنتهي الفرصة فيصبح سقوطه عظيم لأنّه أبدي.
الإيمان وحده لا يكفي لدخول ملكوت السماوات، لأنّ الّذي يؤمن بالطريق لكن لا يسلك فيه بالحقّ لا يدخل إلى الحياة. (يوحنا 14: 6 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.) يؤمن الإنسان بالطريق فيسلك فيه بالحقّ ليدخل من الباب إلى الحياة الأبديّة. الحياة مع الرب يسوع عمل وليس إيمان فقط. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.) (يعقوب 2: 17 هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ.) الخلاص ليس بالإيمان فقط إنّما بالإيمان والاعتماد بكلمة الرب الروحيّة لتطهير الروح من الخطايا. يبني المؤمن حياته على كلمة الرب في الكتاب المقدس فقط، لأنّه الكتاب الموحى به من الله. (تيموثاوس الثانية 3: 16 كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ.).
28 فَلَمَّ أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ: هذا يحدث مع كل إنسان يسمع كلمة الرب بقلب يبحث عن الحقّ السماوي. كلمة الرب يسوع هي كلمة الحياة، لذلك كل مؤمن يسمع الكلمة الروحية يندهش من عظمتها. آية فيها مقياس الإيمان، كل مؤمن يندهش من عظمة كلمة الرب يسوع الروحيّة حسب قوّة إيمانه بالربّ. أوّلاً يندهش الإنسان حين يسمع الكلمة في العجائب الجسديّة الّتي صنعها الرب يسوع، لكنّه يندهش أكثر حين يفهم أنّها آيات روحيّة لخلاص الروح في حياة أبديّة، وكلّما ازدادت معرفته الروحيّة يزداد اندهاشه بعظمة كل كلمة وحرف قاله الرب يسوع.
29 لأَنَّه كَانَ يُعَلِمُهُمْ كَمَنْ لَه سُلْطَان وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ: الرب يسوع يُعلّم بسلطان لأنه يعلّم بسلطان كلمة الله فقط وليس بتعاليم ووصايا الناس، ولأنّه يعمل بما يُعلّم، لم يفعل خطيّة، وديع ومتواضع القلب، يغفر للمذنبين إليه، لا يهتمّ بما للجسد في شهوات هذا العالم الزائل. ليس كالكتبة لأنّهم يُعلّمون كلمة الله لكن لا يعملوا بها، بل يعملون في تقاليد ووصايا الناس، لذلك ليس في تعليمهم سلطان. (متى 23: 1 حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ 2قَائِلاً: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، 3فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.). (متى 15: 6 فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».).
باسم الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود