تفسير إنجيل مَتَّى
الأصحَاحُ السَّابعُ وَالْعِشْرُونَ
1وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، 2فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي.
3حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ، نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ 4قَائِلاً: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا». فَقَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!» 5فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. 6فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ». 7فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ. 8لِهذَا سُمِّيَ ذلِكَ الْحَقْلُ «حَقْلَ الدَّمِ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 9حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «وَأَخَذُوا الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، ثَمَنَ الْمُثَمَّنِ الَّذِي ثَمَّنُوهُ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ، 10وَأَعْطَوْهَا عَنْ حَقْلِ الْفَخَّارِيِّ، كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ».
11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلاً: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ». 12وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. 13فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ:«أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟» 14فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا.
15وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ. 16وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ. 17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 19وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». 20وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. 21فَأجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْ الاثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟» فَقَالُوا: «بَارَابَاسَ!». 22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ!» 23فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!».
25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.
27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.
32وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا إِنْسَانًا قَيْرَوَانِيًّا اسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ. 33وَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى «مَوْضِعَ الْجُمْجُمَةِ» 34أَعْطَوْهُ خَّلاً مَمْزُوجًا بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ. 35وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». 36ثُمَّ جَلَسُوا يَحْرُسُونَهُ هُنَاكَ. 37وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ». 38حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ، وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ.
39وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ 40قَائِلِينَ: «يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!». 41وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: 42«خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ! 43قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللهِ، فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللهِ!». 44وَبِذلِكَ أَيْضًا كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ.
45وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ 47فَقَوْمٌ مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا». 48وَلِلْوَقْتِ رَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً وَمَلأَهَا خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ. 49وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا: «اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ!». 50فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.
51وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، 52وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ. 54وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوْا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ، خَافُوا جِدًّا وَقَالُوا: «حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ!». 55وَكَانَتْ هُنَاكَ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُنَّ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَ يَسُوعَ مِنَ الْجَلِيلِ يَخْدِمْنَهُ، 56وَبَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَيُوسِي، وَأُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي.
57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْمِيذًا لِيَسُوعَ. 58فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ، 60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَرًا كَبِيرًا عَلَى بَاب الْقَبْرِ وَمَضَى. 61وَكَانَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى جَالِسَتَيْنِ تُجَاهَ الْقَبْرِ.
62وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ 63قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. 64فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!» 65فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ». 66فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.
1 وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ: ولمّا كان الصباح بعد إنكار المؤمن للرب يسوع وصياح الديك، تشاور جميع رؤساء كهنة الله وشيوخ الشعب ليقتلوا ابن الله البارّ، لأنّهم خافوا أن يخسروا شعب الله الّذي كان يتركهم ليتبع ابن الله. لأنّ الرب يسوع ابن الإنسان هو الوسيط الوحيد بين الله وشعبه. (تيموثاوس الأولى 2: 5 لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، 6الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ).
2 فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي.: أوثقوا الرب يسوع ومضوا به إلى بيلاطس البنطيّ ليحكم عليه بالموت حسب عدلهم المزيّف أمام الشعب بشهادة زور.
3 حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ، نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ: ندم يهوذا لأنّه أسلم المسيح البارّ ليُدان على يد الخطاة. آية تتكلّم عن الإنسان الّذي يندم على عمل الشرّ لأنّه أسلم كلمة الله للموت في قلبه بسبب شهواته في العالم الّذي يزول. (متى 6: 24 لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ.) ردّ يهوذا الثلاثين من الفضّة دليل رفضه لخدمة المال بعد ندمه على عمل الشرّ.
4 قَائِلاً: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا». فَقَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!»: لم يندم يهوذا أمام الرب يسوع ليغفر له، لكنّه أظهر ندمه أمام الّذين دفعوا له الفضّة، فقالوا له: ماذا علينا؟ أنت أبصر، أي لا شأن لنا بما تقول افعل أنت ما تراه مناسباً لك. آية يتعلّم منها المؤمن الّذي يندم على عمل الشرّ أن يتوب أمام الرب يسوع، بالعمل حسب كلمة الله دليل التوبة الحقيقيّة. فلا يفعل كما فعل يهوذا ويندم أمام فاعلي الشرّ الّذين قتلوا كلمة الله في قلوبهم فيخسر حياته الأبديّة.
5 فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ.: التوبة أمام الرب يسوع هي بداية الطريق للوصول إلى الحياة الأبديّة. لذلك طرح يهوذا الفضّة في الهيكل تائباً أمام الّذين أسلم لهم المسيح، وليس أمام الرب يسوع الفادي ليطلب منه الرحمة والغفران، بل مضى وقتل نفسه. لماذا لا يقبل الله ندم يهوذا ولا يغفر له الخطيّة؟ لأنّ الله لا يغفر خطيّة الإنسان إلاّ بالعدل، لذلك بالندم فقط على فعل الشرّ لا يغفر الله الخطايا. لذلك جاء الرب يسوع ومات على الصليب ليغفر خطيّة الإنسان بالحقّ، لأنّ أجرة الخطيّة هي موت. (رومية 6: 23 لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.). (متى 7: 21 لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.).
6 فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ».: لا يحل أن يلقوا ثمن القتل في خزانة الهيكل، لكنّهم حلّلوا لأنفسهم قتل المسيح البارّ. مراؤون يحلّلون ويحرّمون حسب إرادتهم لشهواتهم الأرضيّة في العالم الّذي يزول. حلّلوا القتل وحرّموا الثمن المدفوع للقتل. هؤلاء هم آية روحيّة لكل مؤمن مرائي، يُظهر الإيمان لكنّه يعمل حسب أفكاره لشهواته الأرضيّة وليس حسب المكتوب لحياته الأبديّة. محلّلين ومحرّمين باسم الرب لكن ليس حسب كلمة الرب في المكتوب.
7 فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ.: الفخاري هو الله الّذي صنع الإنسان، والحقل هو العالم مقبرة الروح للإنسان الخاطي الغريب عن بيت الرب لأنّه لا يؤمن بالمسيح الفادي. بالخطيّة أفسد الإنسان نفسه فطرده الله من الجنّة إلى العالم، هذا هو الموت الروحي. لكن الرب يسوع جاء ليصنع منه إنساناً صالحاً ببرّ الإيمان ويقيمه من موته الروحي بالفداء. (أرمياء 18: 3 فَنَزَلْتُ إِلَى بَيْتِ الْفَخَّارِيِّ، وَإِذَا هُوَ يَصْنَعُ عَمَلاً عَلَى الدُّولاَبِ. 4فَفَسَدَ الْوِعَاءُ الَّذِي كَانَ يَصْنَعُهُ مِنَ الطِّينِ بِيَدِ الْفَخَّارِيِّ، فَعَادَ وَعَمِلَهُ وِعَاءً آخَرَ كَمَا حَسُنَ فِي عَيْنَيِ الْفَخَّارِيِّ أَنْ يَصْنَعَهُ. 5فَصَارَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 6«أَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ كَهذَا الْفَخَّارِيِّ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ هُوَذَا كَالطِّينِ بِيَدِ الْفَخَّارِيِّ أَنْتُمْ هكَذَا بِيَدِي يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ.).
8 لِهذَا سُمِّيَ ذلِكَ الْحَقْلُ «حَقْلَ الدَّمِ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ.: سمي حقل الدّم لأنّها آية تتكلّم عن حياة الإنسان في العالم، في حقل الموت الروحي، لأنّ فيه يسلَّم الرب يسوع للموت في قلب الإنسان، لذلك هو مقبرة للموت الروحي لكل غريب عن بيت الرب. يرفض الإنسان خلاصه بالرب يسوع فيقتل كلمة الله في قلبه ويشتري العالم بشهواته مقبرة لموته الروحي.
9 حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «وَأَخَذُوا الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، ثَمَنَ الْمُثَمَّنِ الَّذِي ثَمَّنُوهُ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ: تمّت النبوّة ليفهم كل من يبحث عن الحقّ السماوي أنّ الرب يسوع هو المسيح الفادي المنتظر لخلاص الإنسان من الدينونة الأبديّة. جاء المسيح وتمّم النبوّات ليعرف المؤمن أنّه هو مسيح الله، فلا يتبع المسحاء الكذبة إلى الهلاك الأبدي.
10 وَأَعْطَوْهَا عَنْ حَقْلِ الْفَخَّارِيِّ، كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ».: ردّ يهوذا الثلاثين من الفضّة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ فاشتروا بها حقل الفخّاري لتتمّ النبوّة حسب كلمة الله الّتي يؤمنون بها، لكنّهم أصرّوا على رفضهم للمسيح الّذي جاء حسب النبوّات. (متى 13: 14 فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ. 15لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ.). آية لكل مؤمن بالله لكن لا يعمل حسب كلمة الله في المكتوب.
11 فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلاً: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ».: لم يسأل الوالي الرب يسوع ليعرف الحقّ ويؤمن به لأنّه يسأل ليحكم عليه، لذلك أجابه الرب يسوع "أنت تقول"، لأنّ الرب يسوع لا يُجيب من يسأله ليحكم عليه. آية تتكلّم عن الّذين يسألون الرب يسوع في تلاميذه والمؤمنين به، ليس بهدف معرفة الحقّ لحياة روحيّة معه إنّما ليحكموا عليه في قلوبهم وأمام الناس، لأنّهم يبحثون عن سبب رفضهم له وليس عن الحقّ ليؤمنوا به.
12 وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ.: لا يجيب الرب يسوع من يسأل ليحكم عليه، وأيضاً لا يجيب الّذين يشتكون عليه بشهادة زور لأنّه ربّ المحبّة والبرّ، جاء ليموت من أجل الإنسان الخاطي الّذي يستحقّ الدينونة حسب أعماله. أتى الرب يسوع ليفدي ويمنح الحياة الأبديّة لكل إنسان يبحث عن الحقّ السماوي، وليس لمن يأتي إليه محارباً له، لأنّ من يحارب كلمة الله هو يرفض بإرادته الخلاص بالرب يسوع.
13 فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟»: سأله بيلاطس إن كان يسمع كم يشهدون عليه لأنّه لم يكن يُجيبهم بشيء ليدافع عن نفسه. لا يجيب الرب يسوع الّذين يشهدون عليه زوراً لأنّه لم يأت ليدافع عن نفسه، إنّما جاء ليمنح الحياة الأبديّة للّذين يقبلونه مخلّصاً لنفوسهم.
14 فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا.: لم يُجبه الرب يسوع ولا عن كلمة واحدة لأنّه لا يجيب الّذين ينتظرون منه جواباً على شهادة زور ليحكموا عليه. يجيب الرب يسوع كل إنسان يسأل ليبحث عن الحقّ السماوي، هكذا أجاب تلاميذه لأنّهم كانوا يسألون ليفهموا وليس ليحكموا عليه. تعجّب الوالي جداً، ويتعجّب كل إنسان يرى أنّ الرب يسوع لا يدافع عن نفسه أمام المشتكي عليه. لأنّ الرب يسوع جاء ليخلّص الإنسان وليس ليدافع عن نفسه أمام الإنسان. كلمة الله هي الحقّ، والحقّ لا يدافع عن نفسه أمام الّذي يرفضه. الحقّ السماوي أتى إلى العالم في الرب يسوع ليمنح الخلاص لكل من يقبله وليس لمن يحاربه.
15 وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ.: كان الوالي في عيد الفصح يُطلق لليهود أسيراً واحداً من أرادوه، كهديّة لهم في العيد، ليصنع الرب من هذا الفعل آية روحيّة في حياة المؤمن، إمّا أن يختار الرب يسوع طليقاً في حياته لعمل البرّ أو ليرفض الرب ويختار شهوات العالم طليقة في حياته لعمل الشرّ. (يوحنا 3: 19 وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. 20لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. 21وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ».).
16 وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ.: باراباس أسير مشهور لأنّه قاتل ولص. يُظهر الرب في هذه الآية أنّه يمكن للإنسان أن يختار الخاطي ويرفض البارّ، لأنّ الشعب كان يعلم أنّ باراباس قاتل ولص. فهو يرمز للشرّ الّذي يختاره الإنسان بكل إرادته. (مرقس 15: 7 وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقًا مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ، الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً.) (يوحنا 18: 40 فَصَرَخُوا أَيْضًا جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ: «لَيْسَ هذَا بَلْ بَارَابَاسَ!». وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصًّا.).
17 فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟»: سألهم الحاكم ليختاروا بإرادتهم إن كان يطلق لهم باراباس الخاطي، دليل محبّتهم للشرّ، أم يسوع المسيح البارّ دليل محبّتهم للبرّ.
18 لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا.: يعلم بيلاطس الحاكم أنّ الرب يسوع لم يفعل الشرّ، وأنّهم أسلموه حسداً لأنّ جموعاً كثيرة كانت تتركهم وتتبعه. لذلك قال لهم أن يختاروا باراباس الخاطي أم يسوع المسيح البارّ؟
19 وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ».: وإذ كان جالساً على كرسيّ الولاية، أي أنّه الحاكم الّذي بيده أن يحكم على الإنسان بالموت، أرسل إليه الله يحذّره من أن يحكم على ابن الإنسان البارّ. آية تقول أنّ الله يرفض عمل الشرّ ولا يُحرّض عليه ليتم المكتوب. آية تقول أنّ الشرّ يصنعه الإنسان بإرادته وليس هي إرادة الله، لأنّ الله ترك للإنسان حرّيّة الاختيار. آية يتعلّم منها الإنسان أن يفرّق بين علم الله السابق وبين إرادته.
20 وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ.: رؤساء كهنة الله وشيوخ الشعب يحرّضون على قتل ابن الله البارّ ويطلبون الحريّة لباراباس الخاطي، لأنّهم اختاروا ظلمة الروح لشهواتهم في العالم ورفضوا نور المسيح للحياة في البرّ السماوي. بيلاطس الحاكم غير المؤمن بكلمة الله يطلب إطلاق البارّ، ليس لإيمانه به إنّما لكيلا يظلم البارّ. أمّا رؤساء الكهنة والشيوخ فيطلبون قتله وهم الّذين ائتمنهم الله على كلمة البرّ والمحبّة. آية روحيّة للّذين يُظهرون الإيمان لكنّهم يحاولون قتل الكلمة في حياة المؤمنين بالمسيح، لأنّهم يعملون لشهواتهم في العالم وليس لخدمة كلمة الله.
21 فَأجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْ الاثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟» فَقَالُوا: «بَارَابَاسَ!».: مرّة أخرى يطلب الوالي من الشعب ورؤساء الكهنة والشيوخ ليختاروا واحد من الاثنين، البارّ أم الخاطي ليطلقه لهم. فطلبوا باراباس الخاطي ليظهر في هذه الآية إصرار الخاطي على عمل الشرّ ورفضه للحقّ وعمل البرّ.
22 قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ!»: قال لهم بيلاطس أن يختاروا ماذا يفعل بالرب يسوع لأنّه لا يريد أن يحكم عليه وهو بارّ، وأيضاً لا يريد أن يعمل ضدّ إرادة الشعب ورؤساء الكهنة والشيوخ. لذلك يسألهم مرّة أخرى لعلّهم يبصرون الحقّ فيطلبوا إطلاق البارّ، لكنّهم أصرّوا على شرّهم بكل إرادة وتصميم وطلبوا منه أن يصلبه. يمنح الله الفرصة للإنسان الّذي يرفض الرب يسوع الفادي، فيرسل له مراراً ليرجع عن شرّه ولا يقتل كلمة الله في حياته وفي حياة الآخرين.
23 فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!»: يريد الوالي أن يحكم بالعدل لذلك يسألهم عن السبب الّذي من أجله يستحقّ الموت، لكنّهم ازدادوا صراخاً طالبين أن يصلب بلا سبب. الوالي غير المؤمن بالله يطلب العدل، أمّا رؤساء الكهنة والشيوخ المؤمنون بالله، الّذين لا يعملون بكلمة الله حسب المكتوب، لا يطلبون العدل بل يطلبون قتل ابن الله البارّ. آية لكل إنسان يرفض المسيح بسبب الّذين يظنّهم كهنة الله، فينظر فقط إلى المسيح ليتبعه حسب المكتوب وليس حسب أعمالهم، لأنّهم لا يعملون لخدمة الله بل لشهواتهم في العالم. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.) كاهن الله هو الّذي يعتمد بالروح فيعمل إرادة الآب فقط حسب المكتوب. لذلك هؤلاء المراؤون يأخذون دينونة أعظم من الّذي لم يؤمن لكنّه حاول أن يحقّق العدل. (يوحنا 19: 11 أَجَابَ يَسُوعُ: «لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ».).
24 فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!».: رأى بيلاطس بعد محاولاته لإطلاق البارّ أنّه لا ينفع شيء مع شعب يصرّ على قتل البرّ وإطلاق الشرّ. أخذ ماءً وغسل يديه قدّام الجمع ليقول في هذا الفعل أنّه لم يصلب المسيح بإرادته لكنّها إرادة الشعب. لا يستطيع بيلاطس أن يهرب من الدينونة بهذا الفعل لأنّه يغسل يديه أمام الشعب وليس أمام الرب الّذي يغفر الخطايا. (يوحنا 19: 11 لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ».) بيلاطس له خطيّة لكن الّذي أسلمه له خطيّة أعظم.
25 فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا».: ساعة الإصرار على الشرّ لا يُبصر الشرّير خطورة ما يفعل، فحكموا على أنفسهم بالموت والدينونة الأبديّة والسبب شهواتهم في العالم الّذي يزول. يقولون أنّهم كهنة الله وهم لا يخافون الله، مراؤون يقولون أنّ دمه عليهم وعلى أولادهم مع أنّهم يقولون أنّه لا يجوز لهم أن يقتلوا أحد (يوحنا 18: 31 فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ». فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا».).
26 حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.: بعد إصرار الجميع على صلب الحقّ وإطلاق الشرّ، وبعد فشل بيلاطس في كل محاولاته معهم لإطلاق البارّ، أطلق لهم باراباس وجلد الرب يسوع وأسلمه للموت. بيلاطس هو اليد الّتي نفّذت حكم الشرّ على البارّ خوفاً من الشعب.
27 فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ: أخذ عسكر الوالي الرب يسوع البارّ كمجرم حُكم عليه بالألم والموت، وجمعوا عليه كل الكتيبة ليستهزئوا به. لا حاجة لهم لكل الكتيبة لأنّ الرب يسوع لم يأت ليقاوم الشرّ.
28 فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا: فعرّوه من ثوبه المتواضع، ثوب الملك السماوي للتواضع والمحبّة حتى الموت ليفدي الإنسان من موت الخطيّة، لذلك مملكة الرب يسوع ليست من هذا العالم الجسدي بشهواته وشرّه. وألبسوه ثوب ملوك الأرض ليستهزئوا بالملك المتواضع الّذي لا يلبس لباس ملوك التكبّر والتسلّط، لأنّه ملك المحبّة والحقّ.
29 وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!»: إكليل الشوك هو الألم الّذي قدّمه الإنسان للرب يسوع بسبب الخطيّة. صنعوا إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه، تاج الملك السماوي، لأنّ إكليل الشوك يرمز إلى الملك العظيم الّذي تألّم من أجل رعيّته، وليس كملوك الأرض ليتسلّط عليهم. وأعطوه قصبة في يمينه لأنّه راعي الخراف. كانوا يركعون أمامه ويستهزئون به لأنّه ملك اليهود، أي الملك الروحي للحياة الأبديّة، يستهزأ به كل خاطي يعيش لشهواته في العلم الجسدي. الرب يسوع هو ملك التواضع، والمحبّة، والسلام، والرحمة بالحقّ.
30 وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ.: بصقوا عليه بلا سبب، لأنّهم يحبّون عمل الشرّ حتّى بالّذي لم يفعل الشرّ. هؤلاء هم الّذين يرفضون كلمة الله في الرب يسوع، رافضين المؤمنين به باحتقار وبلا سبب. وأخذوا القصبة الّتي ترمز إلى سلطان الملك السماوي وضربوه على رأسه لأنّ الرب يسوع يُضرب بعصا مُلكه، أي بحسب سلطانه وإرادته من أجل الإنسان الخاطي. هكذا يتمّ الفداء لغفران الخطايا بالعدل والحقّ السماوي. هذه هي محبّة الرب يسوع السماويّة للإنسان.
31 وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.: استهزأوا بملك المحبّة والسلام لأنّ قلوبهم لا تعرف المحبّة والسلام. آية روحيّة لكل من يستهزأ بملك المحبّة والسلام ليعترف على نفسه أنّ في قلبه شهوات العالم ولا يعرف المحبّة والسلام. وبعد أن استهزأوا به، نزعوا عنه الرداء وألبسوه ثيابه فيتمّ المكتوب في عدد 35 ويقترعوا على ثيابه وليس على الثوب القرمزي. ومضوا به للصلب. أُسلم الرب يسوع للموت بسبب شهوات ماديّة في يهوذا، وشهوات معنويّة في رؤساء الكهنة والشيوخ، وبسبب خوف بيلاطس من الشعب. آية روحيّة تُظهر أسباب قتل الرب يسوع في قلب كل إنسان يرفض الحقّ السماوي.
32 وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا إِنْسَانًا قَيْرَوَانِيًّا اسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ.: خرج الرب يسوع حاملاً صليبه من دار الولاية، وفيما هم خارجون وجدوا إنسانًا قيروانيًّا، أي من الأمم وليس يهوديًّا، فسخّروه ليحمل صليبه. آية تقول أنّ اليهود صلبوا المسيح والأمم حملوا صليبه. (مرقس 10: 21 فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ.) (لوقا 23: 26 وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَانَ، رَجُلاً قَيْرَوَانِيًّا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ الصَّلِيبَ لِيَحْمِلَهُ خَلْفَ يَسُوعَ).
33 وَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى «مَوْضِعَ الْجُمْجُمَةِ»: موضع الجمجمة لأنّه موضع الموت، المكان المعدّ لصلب اللصوص. الموضع الّذي تمّ فيه حكم الموت على الرب يسوع البارّ. آية روحيّة لدينونة المسيح البارّ ليفدي الخطاة من حكم الموت الأبدي. (يوحنّا 10: 15 وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ.).
34 أَعْطَوْهُ خَّلاً مَمْزُوجًا بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ.: أعطوه خلاً ممزوجاً بمرارة ليشرب لأنّ أعمال الإنسان شرّيرة حتّى مع الرب يسوع الّذي لم يفعل خطيّة، بل علّم المحبّة والعطاء. الخلّ والمرّ هي الكأس الّذي ذاقها الرب يسوع من أجل الخطاة ليمنح الخمر نتاج فرحٍ للمؤمنين به. الخل من الرب يسوع لأنّه هو الّذي وضع نفسه للموت، والمرّ من الإنسان بسبب الخطيّة. الرب يسوع هو الكرمة والخل هو نتاج الكرمة، هو وضع نفسه ليصنع الفداء. أمّا خطيّة الإنسان فهي سبب المرّ الّذي ذاقه الرب يسوع بالموت. ذاق الرب يسوع الخلّ والمرّ ولم يشرب، لأنّها آية عن الألم والموت الّذي ذاقه من أجل الإنسان، لأنّه لم يتألّم إلى الأبد وأيضاً لم يمت إلى الأبد لأنّه بارّ، لذلك تألّم ومات وقام في اليوم الثالث. الّذي يُطرح في جهنّم هو الّذي يشرب المرّ لأنّه إلى الأبد.
35 وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً».: الرب يسوع يتألّم على الصليب دون ذنب وهم يقترعون على ثيابه فرحين بعمل الشرّ. (المزامير 22: 18 يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ.) تمّت نبوّة داود لتُعلن أنّ الرب يسوع هو المسيح المنتظر بحسب النبوّات التي تكلّمت عنه قبل مجيئه بثمانية وعشرين جيلاً، أي بحوالي ألف سنة. (متى 1: 17 فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً.).
36 ثُمَّ جَلَسُوا يَحْرُسُونَهُ هُنَاكَ.: يحرسونه كي لا يُنزله أحد عن الصليب. هكذا يفعل الّذي يحارب كلمة الله فيحرسه مصلوبا في قلب غيره حتّى يموت.
37 وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ».: علّة الرب يسوع الّتي صُلب من أجلها هي أنّه ملك اليهود. جُعلت مكتوبة فوق رأسه على الصليب لتشهد عليهم أنّهم قتلوا ملك اليهود، أي قتلوا الملك الروحي لشعب الله.
38 حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ، وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ.: صُلب الرب يسوع البارّ وصُلب معه لصّان ليتم المكتوب. (أشعياء 53: 12 لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.). أحصي البارّ مع أثمة ليحمل خطيّة الخاطي الّذي يقبله مصلوباً لأجله. وشفع في المذنبين، كاللص الّذي أخذ الخلاص وهو على الصليب (لوقا 23: 42 ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ. 43»فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».). صُلب مع الرب يسوع لصّان لأنّها آية روحيّة عن الخاطي الّذي خلّص نفسه بإيمانه بالرب يسوع البارّ مصلوباً، والخاطي الّذي لم يخلص لعدم إيمانه. جاء الرب يسوع لخلاص الروح لا الجسد لذلك مات في الجسد اللص الّذي أخذ الخلاص لكنّه في الروح مع الرب يسوع في الفردوس.
39 وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ: هكذا يفعل كل إنسان يرى الرب يسوع على الصليب ولا يفهم أنّه هكذا بمحبّته العظيمة دفع بالحقّ ثمن خطيّة الإنسان. فيجدّف عليه برفضه له أن يكون ابن الله، ويهزّ رأسه مستهزئ به لأنّه بفهمه الأرضي يرفض أن يُصلب ابن الله من الإنسان الضعيف أمام قوّة الله.
40 قَائِلِينَ: «يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!».: آية للّذين لا يفهمون كلمة الله فيقولون ساخرين أنّ الرب يسوع لا يفعل ما يقول. أمّا الّذي يبحث عن الحقّ فيفهم أنّ الرب يسوع يتكلّم بأمثال أرضيّة يفهمها الإنسان الجسدي، لكنّها آيات روحيّة يفهمها ويعمل بها المؤمن الروحي. لذلك هي أسرار ملكوت السماوات يعلنها الرب فقط للّذين معه في الروح. يقولون: "يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاث أيّام" لكن الرب يسوع قال: (يوحنّا 2: 9 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ».) قال "أنقضوا أنتم" وليس "أنا أنقض". وقال "أقيمه" وليس "أبنيه". آية لمن يشهد زور على كلمة الله، لأنّ من يحذف حرف أو يزيد حرف واحد على كلمة الله فهو شاهد زور أمام الرب يسوع. لأنّه بهذا يغيّر معنى الآية السماويّة. (يوحنّا 2: 20 فَقَالَ الْيَهُودُ: «فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟» 21وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ. 22فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ.) المثل الأرضي هو الهيكل، والآية السماويّة هي الرب يسوع ابن الإنسان هيكل الله الحيّ.
41 وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: شعب الله الّذي لا يفهم كلمة الله لأنّه يتبع رؤساء كهنة وكتبة وشيوخ لا يفهمون كلمة الله. لذلك ليس فقط الشعب لم يفهم وكان يستهزئ بالرب يسوع، إنّما أيضاً رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ لأنّهم جسديّين، لا يفهمون كلمة الله الروحيّة في النبوّات الكثيرة الّتي تتكلّم عن مجيء الرب يسوع المخلّص الروحي. (متى 13: 13 لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ). لا يفهمون لأنّهم يبحثون عن مجد الجسد في الأرضيّات وليس عن مجد الروح في السماويّات للحياة الأبديّة.
42 «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ!: الّذي لا يفهم أنّ الله لا يغفر الخطايا إلاّ بالعدل لا يفهم عمل الرب يسوع الفادي. لا يتمّ خلاص الإنسان بالرحمة فقط، إنّما بالرحمة مع العدل السماوي. لا ينزل الرب يسوع عن الصليب لأنّه جاء ليكمّل عمل الخلاص بموته ثمن الخطيّة، وقيامته لبرّ أعماله رحمة وعدل لخلاص الخاطي من الدينونة الأبديّة. ماذا ينتفع الإنسان إن آمن بالرب يسوع الّذي ينزل عن الصليب لكنّه لم يتمّم عمل الفداء بالموت؟ لا يصلح الإيمان لشيء إن لم يتم دفع ثمن الخطيّة بالعدل. جاء الرب يسوع ليصنع الخلاص الروحي بالآيات الروحيّة مستخدماً عجائب جسديّة وماديّة هي أمثال أرضيّة تتكلّم عن حقيقة روحيّة سماويّة.
43 قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللهِ، فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللهِ!».: لا ينقذه الله كما يريد الإنسان، لأنّه ينقذه كما يريد هو، وهذا بقيامته من الموت وليس بنزوله عن الصليب. هم يريدون أن يؤمنوا به إن فعل هو كما هم يريدون وينزل عن الصليب، هذا ما يريده إبليس كي لا يتمّ الخلاص فلا ينفعهم إيمانهم. أمّا الله فيريد الرحمة بالحقّ للإنسان، لذلك بذل ابنه الوحيد رحمة لخلاص الإنسان بالحقّ من الدينونة الأبديّة. آية تتكلّم عن الّذين يرفضون خطّة الله لخلاص الخاطي بموت الرب يسوع ابن الإنسان وقيامته، فيقترحون بحكمتهم الأرضيّة ما يظنّون أنّه الأنسب، فلا يؤمنون به لأنّهم يرفضون موت الرب على يد إنسان. لا فداء بلا موت، لأنّ أجرة الخطيّة هي موت، لذلك دفع الرب يسوع بموته وقيامته أجرة الخطيّة ليغفرها بالحقّ لكل إنسان يؤمن به. لا يمكن للإنسان البسيط أن يقول للرّب الّذي خلق السماوات والأرض ما يجب فعله ليؤمن به، لأنّ الله هو الأعلم بما يجب.
44 وَبِذلِكَ أَيْضًا كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ.: وأيضاً اللصّان كانا يعيّرانه كما فعل رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ والشعب. لماذا يقول هنا أنّ اللصّان كانا يعيّرانه لكنّه يقول في لوقا أنّ واحداً من اللصّان كان يطلب منه أن يذكره متى جاء في ملكوته؟ (لوقا 23: 42 «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ»). يجعل الرب من الّلصان آية روحيّة تتكلّم عن الإنسان الخاطي الّذي يرفض الرب ولا يؤمن أبداً، وعن الخاطي الّذي يرفض أوّلاً لكنّه يتغيّر ويؤمن قبل نهاية الفرصة بموته في الجسد، فيطلب من الرب يسوع أن يقبله في ملكوته، لذلك يجيبه الرب يسوع (لوقا 23: 43 «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».). لا يرفض الرب يسوع من يرفضه لكنّه يترك له الفرصة حتى آخر نفسٍ له على الأرض. (متى 12: 20 قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ.).
45 وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ.: ثلاث ساعات من الظلمة على الأرض بسبب صلب المسيح لأنّه نور العالم. مثل أرضي تمّ عند صلب الرب يسوع لأنّه آية روحيّة عن ظلمة الروح في الإنسان الخاطي. (يوحنا 9: 5 مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ.) الّذي يصلب المسيح في الروح هو الّذي يرفض عمل المسيح من أجله، لذلك يبقى في ظلمة الروح إلى الأبد أو إلى يوم قيامة الرب يسوع في قلبه ليشرق عليه نور الحياة الأبديّة. أظلم العالم بموت الرب يسوع وعاد النور بعد ثلاث ساعات، آية روحيّة عن موت الرب يسوع وقيامته بعد ثلاثة أيام منتصراً على ظلمة الموت ليمنح الحياة الأبديّة لكل من يؤمن به. (لوقا 22: 53 إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلكِنَّ هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ) ينتصر الرب يسوع بقيامته من الموت على سلطان الظلمة في قلب كل إنسان يؤمن به.
46 وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟: لا يتكلّم الرب يسوع مع الله عن صلبه وموته في الجسد، لأنّه يتكلّم عن انفصاله في الروح عن الآب السماوي. الرب يسوع ابن الإنسان لا يتكلّم عن جسده لأنّه يصنع من جسده آيات سماويّة تتكلّم عن الروح والحياة الأبديّة مع الله. (متى 10: 28 لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ.) الرب يسوع لا يصرخ خوفا من موت الجسد، إنّما يصرخ ويطلب الآب ألماً من موت الروح. لأنّ موت الروح هو انفصال ابن الإنسان عن الآب السماوي. ونحو الساعة التاسعة من النهار بعد الظلمة التّي وقعت على كل الأرض صرخ الرب يسوع بصوت عظيم، ليس بسبب الألم الجسدي لأنّه لم يصرخ ساعة ضربه وصلبه، بل فقط قبل موته لأنّ أباه السماوي تركه في الروح، لذلك قال: "إلهي إلهي لماذا تركتني"، هذا هو الموت الروحي. موت الرب يسوع على الصليب هو آية روحيّة منظورة بحدث جسدي لأنّ موته في الجسد لا يفدي الإنسان في الروح، لذلك هو مات في الجسد ليصنع آية روحيّة تتكلّم عن موته في الروح بانفصال ابن الإنسان الفادي عن الآب السماوي، ليفدي الإنسان من موته الروحي وليس الجسدي. الموت الروحي هو الانفصال في الروح عن الله.
47 فَقَوْمٌ مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا».: ابن الله ينادي إيليّا لينقذه من الموت؟ قوم يقول أنّه ينادي إيليّا لكنه قال إلهي وليس إيليّا. هؤلاء القوم هم آية لكل مؤمن لا يعتمد حسب كلمة الله فقط في المكتوب فيقول ويعتقد ما يريد. أمّا المؤمن الّذي يعمل فقط حسب كلمة الله فيقول ويعمل فقط حسب المكتوب، لأنّ المكتوب هو ما قاله الرب يسوع دون زيادة أو نقصان. المؤمن الصالح لا ينادي ويطلب من إنسان لأنّه يطلب فقط من الله، لأنّ الرب يسوع ناد الله وليس إيليّا.
48 وَلِلْوَقْتِ رَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً وَمَلأَهَا خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ.: هكذا تمّ المكتوب ليفهم المؤمن بالله أنّ الرب يسوع هو المسيح المنتظر (مزمور 69: 21 وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلاً.) (يوحنا 19: 28 فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ». 29وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَّلاً، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ. 30فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.). الخل هو نتاج الكرمة الّذي ذاقه الرب يسوع، أي هو الموت الّذي ذاقه الرب يسوع بإرادته ليفدي الخطاة. لماذا ذاقه؟ لأنّه مات وقام.
49 وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا: «اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ!».: هل يأتي إيليّا الإنسان ليُخلّص ابن الله؟ هل يمكن للإنسان أن يعود إلى الأرض بعد موته؟ يقول الرب يسوع في كلامه عن الإنسان الغني ولعازر المسكين، أنّه لا يستطيع الإنسان بعد موته في الجسد أن يعود إلى الأرض (لوقا 16: 19). يقولون إيليّا لأنّهم يعلمون أن إيليّا يأتي كما هو مكتوب. (متى 17: 10 وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» 11فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. 12وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». 13حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.).
50 فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.: صرخ الرب يسوع ابن الإنسان من شدّة ألمه بسبب انفصاله في الروح عن أبيه، ليموت في الروح ويفدي الإنسان الخاطي الّذي مات في الروح بانفصاله عن الله. أسلم ابن الإنسان روحه كما يفعل كل إنسان عند موته في الجسد، لأنّ الإنسان بعد موت الجسد ليس له اختيار ليذهب حيث يريد، فيسلم الروح إلى خالقها ليرسله إلى المكان المعدّ له. (لوقا 23: 46 وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.).
51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ: انشقّ حجاب الهيكل الّذي يفصل بين القدس وقدس الأقداس، أي بين المؤمن لأنّه خاطي والرب الإله القدّوس. (الخروج 26: 31 وَتَصْنَعُ حِجَابًا مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ وَأُرْجُوَانٍ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ. صَنْعَةَ حَائِكٍ حَاذِق يَصْنَعُهُ بِكَرُوبِيمَ. 32وَتَجْعَلُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَعْمِدَةٍ مِنْ سَنْطٍ مُغَشَّاةٍ بِذَهَبٍ. رُزَزُهَا مِنْ ذَهَبٍ. عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ مِنْ فِضَّةٍ. 33وَتَجْعَلُ الْحِجَابَ تَحْتَ الأَشِظَّةِ. وَتُدْخِلُ إِلَى هُنَاكَ دَاخِلَ الْحِجَابِ تَابُوتَ الشَّهَادَةِ، فَيَفْصِلُ لَكُمُ الْحِجَابُ بَيْنَ الْقُدْسِ وَقُدْسِ الأَقْدَاسِ. 34وَتَجْعَلُ الْغِطَاءَ عَلَى تَابُوتِ الشَّهَادَةِ فِي قُدْسِ الأَقْدَاسِ.) انشقّ حجاب الهيكل عند موت الرب يسوع لأنّه دفع بموته ثمن الخطيّة الّتي تفصل بين المؤمن والآب السماوي، فيدخل المؤمن إلى قدس الأقداس مع الرب يسوع الّذي فتح له باب ملكوت السماوات. هذا هو العهد الجديد الروحي ليس بالفرائض إنّما في حياة روحيّة مع الله باسم الرب يسوع الفادي. (2كورنثوس 6: 16 أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: «إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا.). (1تيموثاوس 2: 5 لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ).
لماذا انشقّ حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل؟ الهيكل هو المؤمن والحجاب هو الفاصل بين المؤمن الخاطي وبين الرب الإله القدّوس. الّذي شقّ الحجاب هو الله من فوق إلى أسفل ببرّ أعمال الرب يسوع ابن الإنسان وموته ثمن الخطيّة، وليس ببرّ أعمال الإنسان من أسفل إلى فوق لأنّه خاطي. لم يسقط الحجاب لكنّه انشقّ إلى اثنين ليدخل منه إلى قدس الأقداس كل إنسان يؤمن بالرب يسوع الّذي شقّه. هذا هو باب ملكوت السماوات الضيّق، الّذي فتحه الرب يسوع بموته ليدخل منه إلى الحياة الأبديّة كل إنسان يؤمن بموته وقيامته. (متى 7: 13 اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! 14مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!).
وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ: الأرض هي الإنسان، (متى 13: 23 وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ».) آية تتكلّم عن حياة الإنسان الروحيّة الّتي تتزلزل لموت الرب يسوع، لكنّه قام لينتصر على الموت ويمنح القوّة والسلام الروحي لكل من يؤمن بقيامته. (متى 26: 31 حِينَئِذٍ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ. 32وَلكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ».) موت الرب يسوع الفادي هو زلزلة روحيّة وخوف من دينونة الخطيّة في حياة كل إنسان لا يؤمن بقيامته. (متى 27: 54 وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوْا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ، خَافُوا جِدًّا وَقَالُوا: «حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ!»).
وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ: تشقّقت الصخور عند موت الرب يسوع لأنّها آية روحيّة للصخور الّتي يبني عليها الإنسان بيته، أي حياته على الأرض. الّذي يبني على غير الرب يسوع فهو يبني على صخور متشقّقة. كالّذي يبني نفسه ببرّ أعماله، وليس بإيمانه بالرب يسوع البارّ، لذلك الصخرة الّتي يبني عليها متشقّقة بسبب موت الرب يسوع في حياته، فيسقط بناءه عند دينونة الحقّ الّتي تُظهر عدم برّه. والّذي يبني نفسه في حياة روحيّة حسب عادات وتقاليد الناس وليس على كلمة الله فقط حسب المكتوب، هذا موت للرب يسوع في قلبه لذلك صخرته متشقّقة فيسقط بناءه ويأتي إلى دينونة الحقّ. والّذي يبني نفسه على قوّة المال، هذا أيضاً موت للرب يسوع في قلبه، فهو يبني على صخرة متشقّقة فيسقط بناءه عند موت الجسد. أمّا الّذي يبني نفسه على كلمة الله في الرب يسوع لا يسقط أبداً، لأنّه يبني على الصخرة الروحيّة للحياة الأبديّة، الصخرة غير المتشقّقة لأنّه قام من الأموات. (متى 7: 24 فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. 25فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ.).
52 وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ: آية تتكلّم عن قيامة الأموات في الروح بعد موت وقيامة الرب يسوع. تفتّحت أبواب الموت ليخرج منها كل من يؤمن بموت الرب يسوع من أجله. لذلك بعد قيامته قام كثير من أجساد القدّيسين الراقدين شهادة للفداء الّذي تمّ بموت وقيامة الرب يسوع.
53 وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ.: آية تتكلّم عن القبور الروحيّة على الأرض. تفتّحت أبواب الموت الروحي على الأرض بموت الرب يسوع وقيامته، ليخرج منها إلى الحياة الأبديّة كل من يؤمن به. القبر الروحي على الأرض هو الهاوية، هو الموت الروحي الأول على الأرض يخرج منه المؤمن بالرب يسوع ليأخذ حياة أبديّة بالإيمان قبل موته في الجسد. دخلوا المدينة المقدّسة، أي أورشليم المقدّسة، أي ملكوت السماوات على الأرض. كل إنسان على الأرض هو حيّ في الجسد لكنّه ميّت في الروح بسبب الخطيّة، والّذي يدخل المدينة المقدّسة في الروح، أي ملكوت السماوات، هو الّذي يؤمن بموت وقيامة الرب يسوع الفادي ويعمل بكلمة الله، فيخرج من قبره الروحي ويدخل ملكوت الله. ويظهر لكثيرين في ملكوت السماوات لأنّه حيّ في الروح يراه المؤمن الروحي الّذي آمن بالرب يسوع الفادي. (أعمال 2: 27 لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا.) القبر الروحي على الأرض هو الهاوية في حياة جسديّة وموت روحي، لأنّ المؤمن يقوم من موته الروحي وهو على الأرض قبل موت الجسد. يخرج من القبر الّذي فتحه الرب يسوع للمؤمنين بموته وقيامته. (متى 23: 27 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.) القبر هو الإنسان الميّت في الروح على الأرض.
54 وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوْا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ، خَافُوا جِدًّا وَقَالُوا: «حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ!».: يحرسون الرب يسوع على الصليب فلا يُنزله أحد قبل موته. خافوا جداً لما رأوا الزلزلة وما كان بسبب موت الرب يسوع فآمنوا به معترفين أنّه ابن الله. الّذين هم من الأمم آمنوا بالمسيح بسبب ما رأوا عند موته، أمّا اليهود فأصرّوا على رفضهم لابن الله وهم شعب الله الّذي كلّمهم في النبوّات عن مجيء المسيح. آية تتكلّم عن الّذين لا يؤمنون بالله لأنّهم من الأمم، فيقتلون كلمة الله عند وقوفه امامهم متكلّماً في المؤمنين به، لكنّهم يتغيّرون لأنّهم ينظرون ويسمعون فيفهمون بأنّه كلمة الله المخلّص.
قائد المئة والّذين معه يحرسون الرب يسوع إلى موته على الصليب، هم آية للّذين يرفضون الرب يسوع ويعملون على موته في حياة المؤمنين به، فيقفون يحرسون بكلامهم وأفعالهم لإصرارهم على موته في قلب المؤمن به. هم الّذين لا يعلمون ماذا يفعلون، (لوقا 23: 34 فَقَالَ يَسُوعُ: «يَاأَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».) لكنّهم بعد موته يؤمنون به معترفين بأنّه ابن الله لأنّهم يفهمون الحقيقة الروحيّة في الآيات السماويّة الّتي صنعها الرب يسوع بموته، "انشقّ حجاب الهيكل والأرض تزلزلت والصّخور تشقّقت والقبور تفتّحت".
55 وَكَانَتْ هُنَاكَ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُنَّ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَ يَسُوعَ مِنَ الْجَلِيلِ يَخْدِمْنَهُ: نساء كثيرات ينظرن من بعيد موت الرب يسوع على الصليب، لكنّهنّ لم يخفن كما خاف قائد المئة والّذين معه، لأنّهنّ مؤمنات بالرب يسوع وتبعنّه من الجليل يخدمنه. الّذي يؤمن لا يخاف من موت الرب يسوع لأنّه يعلم أنّ الرب يسوع مات من أجله ليقوم غالباً الموت، فيفتح له القبر ليخرج من موته الروحي، ويشقّ له حجاب الهيكل ليدخل ملكوت الله إلى الأرض الّتي لا تتزلزل لأنّه على الصخرة الّتي لا تتشقّق. لذلك الّذي قتل الرب يسوع خاف عندما رأى ما حصل أمّا المؤمن فلا يخاف.
56 وَبَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَيُوسِي، وَأُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي.: أعلن الرب أسماء ثلاثة من الّذين كانوا يتبعونه وينظرون موته على الصليب، لأنّ الرب يسوع يعلن أسماء كل المؤمنين به الّذين ينظرونه مصلوباً من أجلهم.
57 وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْمِيذًا لِيَسُوعَ.: كيف يمكن للغنيّ أن يكون من تلاميذ الرب يسوع؟ (متى 19: 23 فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ!) يعسر أن يدخل بسبب حبّه لماله، لذلك الغني الّذي لا يدخل ملكوت الله هو الّذي يحبّ ما له على الأرض أكثر من محبّته للرب يسوع المخلّص من الموت الأبدي. أمّا يوسف فهو رجل غنيّ بالرب لأنّه يخدم الرب يسوع بماله، لذلك هو من تلاميذ الرب يسوع لأنّه يحبّ الرب يسوع الّذي يخدمه وليس المال الّذي يخدم به. لماذا يقول كلمة أيضًا؟ "وَكَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْمِيذًا لِيَسُوعَ" لأنّه يقول أنّ الرب يسوع اختار تلاميذه الاثني عشر وأيضاً له تلاميذ يختارهم في كل وقت لخدمة الكلمة والمؤمنين به.
58 فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ.: آية روحيّة لكل مؤمن يطلب الخلاص بجسد الرب يسوع البارّ وبدمه لغفران الخطايا. فيأخذ جسد الرب يسوع المصلوب من أجله ليضعه في قبره الروحيّ، أي في قلبه، لأنّ الإنسان الخاطي هو القبر الروحي بسبب الخطيّة. (متى 23: 27 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.) يضع المؤمن الرب يسوع المصلوب في قبره الّذي نحته لنفسه بالخطيّة، ليطهّر نفسه بدم الرب يسوع البارّ الّذي مات من أجله، وهذا باعترافه بموت الرب يسوع من أجله ليفديه من موت الخطيّة، فيقوم من موته الروحي بقيامة الرب يسوع في قلبه بالعمل حسب المكتوب، فيفتح له باب القبر ليخرج معه إلى حياة أبديّة.
59 فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ: في الكتان النقيّ آية روحيّة لموت الرب يسوع الفادي. لأنّه هو الّذي يكفّر عن كل خاطي يؤمن بموته وقيامته. (الاويين 16: 32 وَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ الَّذِي يَمْسَحُهُ، وَالَّذِي يَمْلأُ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ الْكَتَّانِ، الثِّيَابَ الْمُقَدَّسَةَ، 33وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ الْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَالْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ الْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ الْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ.).
60 وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَرًا كَبِيرًا عَلَى بَاب الْقَبْرِ وَمَضَى.: وضع يوسف جسد الرب يسوع في القبر الّذي نحته لنفسه في الصخرة ليُدفن فيه بعد موته. آية روحيّة لكل إنسان يؤمن بموت الرب يسوع من أجله، فيضعه في قبره الروحي الّذي نحته لنفسه بالخطيّة لموته الأبدي في الروح بعد انتهاء فرصة الخلاص بموت الجسد. وُضع الرب يسوع في قبر الروح ليفدي المؤمن به من الموت الروحي الأبدي. قبر الإنسان الخاطي مغلق بحجر كبير لا يستطيع فتحه ليخرج منه، لذلك وضع الرب يسوع البارّ نفسه حتى الموت ليُدفن في قبر الإنسان الخاطي الّذي يؤمن به، فيفتح له باب القبر بالقيامة ليخرج منه إلى الحياة الأبديّة.
61 وَكَانَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى جَالِسَتَيْنِ تُجَاهَ الْقَبْرِ.: الجالس تجاه القبر هو الإنسان الّذي يؤمن بموت الرب يسوع من أجله، ينظر إلى القبر وينتظر قيامة الرب يسوع في قلبه ليأخذ خلاص الروح بعد اعتماده بكلمة الله الروحيّة.
62 وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ: الغد الّذي بعد الاستعداد هو يوم السبت. (مرقس 15: 42 وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، إِذْ كَانَ الاسْتِعْدَادُ، أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ) اجتمع رؤساء الكهنة والفرّيسيّون في يوم السّبت ليعملوا ضد كلمة الله في الرب يسوع. مراؤون يشتكون على الرب يسوع لأنّه يعمل للخير في يوم السّبت وهم يعملون للشرّ في يوم السّبت. (متى 12: 10 وَإِذَا إِنْسَانٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ، فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «هَلْ يَحِلُّ الإِبْرَاءُ فِي السُّبُوتِ؟» لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ.) (لوقا 23: 56 فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطًا وَأَطْيَابًا. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ.) استرحن حسب الوصيّة لكن رؤساء الكهنة لم يستريحوا حسب الوصيّة في السبت.
63 قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ.: يقولون أنّ بيلاطس هو سيّدهم، ويقولون أنّ الرب يسوع هو المضلّ. أعمى الروح كرؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ لا يقبل الرب يسوع حتى وإن رأى آيات وعجائب صنعها الرب يسوع أمامه، لأنّه يعمل لمجده في الحياة الأرضيّة الّتي تزول ولا يعمل لحياته السماوية الأبديّة.
64 فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: «إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!»: يقوم الرب يسوع من الأموات ويظهر للمؤمنين به، لذلك قيامته ليست فقط قبر فارغ يُسرق منه كما يقول رؤساء الكهنة والفرّيسيّون. يقوم الرب يسوع من الأموات ليمنح الحياة الأبديّة فقط للّذين يظهر لهم بعد قيامته لأنّهم آمنوا به. لكنّ قيامته هي قبر فارغ لغير المؤمنين به لأنّه خرج من القبر لكنّه لم يظهر لهم، لذلك لا يأخذون منه حياة أبديّة. يضبطون القبر ليظهر إصرارهم على رفض الرب يسوع كلمة الله وليس لأنّه مضلّ كما يقولون، لأنهّ يخرج من القبر دون أن يسرقه أحد لوجود الحرّاس.
65 فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ».: جاءوا إلى الحاكم ليساعدهم في منع انتشار الكلمة السماويّة. الحاكم هو القانون لذلك لا يرفض القانون ضبط القبر لكنّه قال لهم أن يضبطوه بحرّاسهم كما يريدون. لا يمنع القانون نشر الكلمة السماويّة لأنّها حرّيّة الإنسان الروحيّة. لكنّه أيضاً لا يمنع الّذين يحاربون الكلمة السماويّة، بما لا يخالف القانون. لأنّ الحاكم، أي القانون الّذي يحكم الإنسان، له فقط بما للإنسان في الجسد وليس له بما للروح والحياة السماويّة.
66 فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.: الّذي يضبط القبر ويختم الحجر على بابه هو الّذي يرفض قيامة الرب يسوع من الأموات. محاولاً بما عنده من قدرة أن يمنع قيامة الرب يسوع في قلوب المؤمنين به، لأنّ الرب يسوع ينتصر على الموت ويفدي الخطاة بقيامته من الأموات. لذلك لا يحتاج ابليس إلاّ لأن يمنع قيامة الرب يسوع بضبط القبر. لكن الرب يسوع قام وخرج من القبر وأعطى الحياة الأبديّة لكل إنسان يؤمن بموته وقيامته.
بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود