تفسير إنجيل مَتَّى
الأصحَاحُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ
1«حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. 2وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. 3أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، 4وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. 5وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. 6فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! 7فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. 8فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. 9فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. 10وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. 11أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! 12فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. 13فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ.
14«وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، 15فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. 16فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. 17وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. 18وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. 19وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. 20فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. 21فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 22ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. 23قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 24ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. 25فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. 26فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، 27فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا. 28فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
31«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. 32وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، 33فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. 34ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 35لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. 36عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. 37فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ 38وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ 39وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ 40فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.
41«ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، 42لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. 43كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي. 44حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضًا قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا أَوْ عَطْشَانًا أَوْ غَرِيبًا أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ 45فَيُجِيبُهُمْ قِائِلاً: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. 46فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».
1«حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ.: حينئذٍ، عند المجيء الثاني للرب يسوع، يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى. يشبّه الرب يسوع ملكوت السماوات بعشر عذارى لأنّه يتكلّم في هذه الآية الروحيّة عن المؤمنين به، لأنّ ابن الإنسان هو العريس الروحي والكنيسة هي العروس، عذراء في الروح لا تؤمن إلاّ بعريسها الواحد. يشبّه الرب يسوع ملكوت السماوات بمثل أرضي يفهمه الإنسان الجسدي الّذي يبحث عن الحقّ السماوي، لكن بعد الإيمان الروحي يفهم الآية السماويّة من المثل ليعمل بها في الروح. عشر عذارى في ملكوت السماوات خرجن للقاء العريس الواحد، آية روحيّة لكل مؤمن يخرج من شهوات العالم ليأتي إلى المسيح الواحد، فلا يؤمن به ويطلب من آخر لأنّه عذراء في الروح يتبع السيّد والمخلّص الواحد. الرب يسوع هو العريس، والعذارى هم المؤمنون به، والمصباح هو الإيمان بكلمة الله، خرجن بالإيمان للقاء العريس في ظلمة هذا العالم الروحيّة. لكن هذا المصباح يحتاج إلى الزيت ليعمل في الظلمة، لذلك الزيت هو الاعتماد بكلمة الله الروحيّة لدخول ملكوت الله. (2كو 11: 2 فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةَ اللهِ، لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُل وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ).
2 وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ.: خمس من المؤمنات بالمسيح حكيمات، وخمس من المؤمنات بالمسيح جاهلات. جميعهنّ مؤمنات لأنّ جميعهنّ خرجن للقاء العريس. العشر عذارى هم آية روحيّة تتكلّم عن جميع المؤمنين بالمسيح، منهم مؤمنون حكماء في الروح، ومنهم مؤمنون جاهلون في الروح.
3أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا: المصباح هو كلمة الله، والزيت هو العمل بكلمة الله. ينير مصباح الكلمة في الظلمة الروحيّة لكل من يعمل بكلمة الله. المؤمنات الجاهلات يحملن الإنجيل لكن لا يعملن حسب المكتوب. الجاهلات هم كل المؤمنون بكلمة الله لكنّهم لا يعملون بها، حاملين مصباح الكلمة لكن دون زيت ينير لهم طريق الحياة السماويّة، إيمان دون اعتماد.
4 وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ.: الحكيمات هم المؤمنون بكلمة الله الّذين اعتمدوا بالروح. حكيمات أخذن زيتاً في آنيتهنّ ليعمل المصباح وينير لهنّ الطريق. المصباح هو كلمة الله ينير للمؤمن طريقه السماوي في ظلمة العالم. والزيت هو الاعتماد بكلمة الله ليعمل المصباح، لذلك هو في آنيتهنّ، أي في داخلهنّ لأنّ الإناء هو الإنسان. (أعمال 9: 15 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.). المصباح هو الإيمان والزيت هو الاعتماد. إيمان بلا اعتماد كالمصباح بلا زيت. يعتمد المؤمن بكلمة الله لينير لنفسه ظلمة الروح في العالم على الأرض، ليصل إلى باب الحياة الأبديّة ويدخل بالولادة من الروح إلى النور العظيم في ملكوت الله مع الرب يسوع إلى الأبد.
5 وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ.: ينتظر المؤمن خلاصه بمجيء الرب يسوع ليسكن فيه إلى الأبد بالولادة من الروح. لكن إن أبطأ الرب في مجيئه ينعس هذا الانتظار لينام في قلب المؤمن إلى ساعة مجيء الرب، الانتظار فقط هو الّذي ينعس وينام لأنّ روح المؤمن الصالح لا ينعس ولا ينام، لذلك يقول الرب اسهروا وصلّوا في الروح كل حين. (مرقس 14: 38 اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».) (متى 24: 42 اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ.). لذلك العذارى نِمْنَ وهنّ ينتظرنَ مجيء العريس ولم ينمنَ في إيمانهنّ بمجيء العريس. آية روحيّة للمؤمن الّذي ينعس وينام في انتظاره للمجيء الثاني للرب يسوع إلى حياته، ليأخذ منه الخلاص بالولادة من الروح، لأنّ الدخول إلى العرس هو الخلاص الأبدي بمجيء العريس. ينام المؤمن في انتظاره لكنّه في الروح يعمل بكلمة الله كل حين.
6 فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ!: في نصف الليل، الوقت الّذي كانت فيه العذارى نائمات في انتظارهنّ لمجيء العريس. صار صراخ الملائكة بصوت البوق السابع والأخير (متى 24: 31 فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا.). العريس مقبل فاخرجن للقائه، هذا هو صوت البوق الّذي يعلن عن مجيء الرب يسوع ليأخذ معه الكنيسة، عروس الرب الروحيّة إلى الحياة الأبديّة. يأتي ليأخذ كل مؤمن يحمل مصباح الكلمة الّذي يعمل بزيت الاعتماد الروحي.
7 فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ.: يعلن الرب يسوع للمؤمن عن اقترابه من الخلاص أو عن اقترابه من نهاية الفرصة للخلاص. لذلك جميع العذارى قمن ليصلحن مصابيحهنّ، الحكيمات وأيضاً الجاهلات. لأنّ مجيء الرب يسوع هو الخلاص للمؤمن الصالح كالعذارى الحكيمات، أو هو نهاية فرصة الخلاص للمؤمن الجاهل في الروح كالعذارى الجاهلات. يقوم المؤمن من نوم انتظار العريس ويصلح كلمة الله في قلبه كالعذارى الحكيمات وأيضاً الجاهلات، ويعمل بها بما يحمل من زيت في إنائه كالعذارى الحكيمات ليدخل مع الرب يسوع إلى الحياة الأبديّة. يبدأ المؤمن حياته الروحيّة مع الرب يسوع بالإيمان، مصباحاً ينير له الطريق الروحي ليصل إلى الرب يسوع والحياة الأبديّة، لكن هذا الإيمان يضعف وينطفئ إن لم يعتمد المؤمن في الروح بكلمة الله عاملاً فقط حسب المكتوب.
8 فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ.: لا يستطيع المؤمن أن يدخل ملكوت الله مع العريس إن انطفأ مصباحه قبل مجيء الرب يسوع لخلاصه. بموت الجسد ينطفئ المصباح فيأتي الخاطي إلى الدينونة الأبديّة إن لم يدخل ملكوت الله بزيت الإيمان قبل موت الجسد. بنور مصباح الكلمة المشتعل بزيت الاعتماد يدخل المؤمن إلى ملكوت الله. لذلك لا يستطيع المؤمن أن يدخل بثمر صنعه آخر كما طلبت الجاهلات من الحكيمات. الجاهلات هم كل المؤمنين الّذين لا يفهمون كلمة الله الروحيّة فلا يعملون بالروح حسب المكتوب، لذلك يطلبون الدخول إلى ملكوت السماوات بزيت يحمله آخر، كوسيط بينهم وبين الرب يسوع.
9 فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ.: لعلّه لا يكفي لنا ولَكُنّ لأنّ العمل بالكلمة السماويّة لدخول ملكوت الله ينير الطريق للّذي يعمل بالكلمة فقط وليس لغيره. لأنّ المؤمن الّذي يعمل بالكلمة لا يستطيع أن يصنع ثمر يزيد عن حاجته ليُعطي آخر. (بطرس الأولى 4: 18 «وَإِنْ كَانَ الْبَارُّ بِالْجَهْدِ يَخْلُصُ، فَالْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ أَيْنَ يَظْهَرَانِ؟»). اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. كيف يشتري المؤمن زيت الخلاص؟ من أين يشتريه وبأي ثمن؟ يبيع المؤمن الروحي شهوات العالم ويشتري بالروح زيت الخلاص الروحي للحياة الأبديّة، أي يترك شهوات العالم الجسديّة ويتبع الرب يسوع حسب كلمة الله الروحيّة السماويّة. (متى 13: 44 أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزًا مُخْفىً فِي حَقْل، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ.) من أين يشتري الزيت؟ يشتريه بالروح من كلمة الله في المكتوب، ومن خدّام الكلمة الّذين أقامهم الرب لهذا العمل. والثمن هو الوقت الّذي يضعه المؤمن ليقرأ ويسمع ويتعلّم ليفهم، فيعمل بالكلمة الروحيّة زيت ينير له مصباح الكلمة التي يؤمن بها، فيدخل ملكوت الله مع الرب يسوع الّذي دفع ثمن الخلاص بدمه.
10 وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ.: المؤمن الجاهل هو الّذي يؤجّل اعتماده بكلمة الله كالعذارى الجاهلات، لأنّه لا يعرف اليوم الّذي يأتي فيه الرب يسوع ويغلق الباب، فيخسر خلاصه الأبدي ويأتي إلى الدينونة. يأتي الرب يسوع ويغلق الباب بموت الإنسان في الجسد، لأنّ الإنسان له فرصة للخلاص إلى يوم موته في الجسد، لينتقل في الروح إلى الحياة الأبديّة كالعذارى المستعدّات أو يأتي إلى الدينونة الأبديّة كالعذارى الجاهلات. دخول العذارى إلى العرس مع العريس هو دخول المؤمن الّذي اعتمد بالروح إلى ملكوت الله لحياة أبديّة مع الرب يسوع.
11 أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا!: أخيراً، عند موت الجسد، بعد نهاية الفرصة للدخول إلى الحياة الأبديّة، تأتي بقيّة العذارى الجاهلات، المؤمنون الّذين لم يعملوا بكلمة الله فقط حسب المكتوب. يأتي المؤمن الجاهل إلى الرب يسوع ليفتح له باب الحياة الأبديّة لكن بعد فوات الأوان. أتوا إليه لأنّهم ظنّون أنّهم آمنوا بالمسيح ومن حقّهم الدخول، متجاهلين كلمة الله الّذي يقول أنّ الدخول فقط لمن آمن واعتمد وليس لمن آمن فقط. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.) من آمن هو الّذي يحمل المصباح، واعتمد هو الّذي معه الزيت لينير له المصباح في ظلمة العالم الروحيّة، فيدخل الحياة الأبديّة مع الرب يسوع كوكب الصبح المنير. (متى 7: 21 لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) ليس كل من يحمل المصباح يدخل ملكوت السماوات. بل الّذي يحمل الزيت مع المصباح.
12 فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ.: آية روحيّة للّذين يظنّون أنّهم يعرفون الرب يسوع لكنّ الرب يسوع لا يعرفهم، لأنّهم لا يعرفون كلمة الله الروحيّة ولا يعملون بها في الروح. (متى 7: 22 كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!) يعرف الرب يسوع ويقبل العذارى في الروح، الّذين يؤمنون به المخلّص الوحيد لحياتهم الروحيّة للحياة الأبديّة، الّذين يتركون شهوات الجسد الّذي يزول ويتبعونه في الروح عاملين بكلمته السماويّة. لا فرصة ثانية لخلاص الخاطي، لأنّ الّذي لا يدخل مع العريس قبل اغلاق الباب يبقى في ظلمة الروح إلى الأبد.
مثل العذارى هو آية روحيّة لكل مؤمن لا يعمل بكلمة الله حسب المكتوب. لأنّ الّذي يؤمن فقط لا يأخذ الخلاص إن لم يعتمد بالروح حسب الآيات السماويّة. (يعقوب 2: 18 لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي.) (يعقوب 2: 17 هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ.).
13 فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ.: آية روحيّة لكل مؤمن يعمل بكلمة الله، ينام في انتظاره للخلاص كالعذارى، لكنّه يسهر في الروح عاملاً بكلمة الله إلى يوم مجيء الرب يسوع المفاجئ لخلاصه قبل موت الجسد وانتهاء الفرصة. وأيضاً هي آية روحيّة لكل مؤمن لا يعمل بكلمة الله كالعذارى اللواتي لم يدخلن معه، فيأتي الرب يسوع بعد انتهاء الفرصة بموت الجسد في يوم وساعة لا يعرفها أحد ليدين الخاطي حسب أعماله. الّذي يسهر يحتاج إلى نور المصباح ليضيء له في الظلمة، هكذا الّذي يسهر في الروح يحتاج إلى كلمة الله مصباح ينير له بزيت الاعتماد في ظلمة الروح إلى يوم مجيء الرب يسوع كوكب الصبح المنير. (بطرس الثانية 1: 19 وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ). اسهروا في الروح عاملين كل حين بكلمة الله الروحيّة. فلا ينام المؤمن بالروح منشغلاً بشهوات الجسد في العالم، لأنّه في يوم لا يعرفه تنتهي الفرصة ويخسر حياته الأبديّة.
14 «وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ: السيّد هو الرب يسوع وعبيده هم المؤمنون به، لكن ليس جميعهم مخلّصون، لأنّ منهم من يعمل بكلمة سيّده ومنهم من لا يعمل بها. كأنّما إنسان مسافر لأنّ الرب يسوع صعد في الجسد إلى السماء لكنّه معنا في الروح. (مرقس 16: 19 ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ. 20وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ.) دعا الرب يسوع خدّامه وسلّمهم كل ما يملك على الأرض، والّذي يملكه الرب يسوع على الأرض هو الحقّ السماوي للحياة الأبديّة. سلّمهم كلمة الله الروحيّة ليخدموا بها كل من يبحث عن الحقّ السماوي. فيعمل الخادم الأمين حسب كلمة الله فقط، ولا يعمل حسب أفكاره بحكمة أرضيّة لا تصلح للحياة الأبديّة. (متى 28: 20 وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.).
15 فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ.: الوزنات هي الرصيد الّذي أعطاه السيّد لخدّامه كل واحد حسب قدرته على العمل، ليجمعوا الربح لسيّدهم صاحب الفضّة، والخادم الصالح يأخذ أجرة خدمته. آية سماويّة أعطى فيها الرب يسوع كلمة الله للمؤمنين به، وأعطى معها مواهب روحيّة لخدمة المؤمنين. (أفسس 4: 11 وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، 12لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ). وزنات روحيّة لكل مؤمن، كلّ واحد على قدر طاقته فيخدم بها ليأخذ أجرته على حسب استخدامه لوزناته. (متى 10: 41 مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ، 42وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ».). وسافر للوقت، ليترك خدّامه يعملون بحرّية كل واحد حسب ارادته. يعمل أو لا يعمل، نشيط أو غير نشيط، يعمل فقط حسب وزناته أو يعمل بوزنات لا يمتلكها فيفشل في عمله. هكذا يترك الرب يسوع خدّامه يعملون بحرّية تامّة لأنّه فقط عند دفع الأجرة سيعطي كل واحد حسب خدمته.
16 فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ.: كيف يتاجر المؤمن بوزناته الروحيّة؟ بماذا يشتري وماذا يربح؟ الوزنات الروحيّة هي المواهب الروحيّة الّتي يستخدمها المؤمن حسب كلمة الله ليشتري بها الإنسان الخاطي، فيربح النفوس للحياة الأبديّة مع سيّده الّذي أعطى الكلمة السماويّة والمواهب الروحيّة. تاجر بالخمس وزنات وربح خمس وزنات أخر لأنّه استخدم كل مواهبه بكل قدرته فربح نفوس بقدر ما عنده من مواهب.
17 وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ.: وهكذا الّذي أخذ مواهب بمقدار وزنتين لقدرته على العمل بوزنتين، هو أيضاً تاجر بكل طاقته بما له من مواهب روحيّة، فربح أيضاً وزنتين من النفوس لتدخل ملكوت السماوات. أخذ وزنتين وربح وزنتين، أخذ مقدار من المواهب الروحيّة لخدمة الكلمة السماويّة، وربح أيضاً نفوس تخدم كلمة الله السماويّة.
18 وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ.: هذا هو الإنسان الّذي آمن ولم يعتمد. أخذ الوزنة من سيّده ليخدم بها، لكنّه أخفاها في الأرض، أي مضى في حياة جسديّة أخفى فيها المواهب الروحيّة. كلمة الله روحيّة لذلك يتكلّم الرب عن فضّة سماويّة لا أرضيّة. الفضّة الروحيّة هي المواهب السماويّة لتجارة روحيّة يستخدمها المؤمن الروحي ليربح بها النفوس لحياة سماوية أبديّة. لذلك الّذي اخذ الفضّة الروحيّة أخفاها في الأرض الروحيّة، أي في جسده، لأنّ الجسد الترابي هو أرض الروح في العالم. أخذ المواهب من الرب لكنّه لم يعمل بها لخدمة الروح، لأنّه استخدمها لخدمة الجسد في الأرض. (متى 13: 23 وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ») الأرض هي الإنسان لأنّه تراب تُزرع فيه الكلمة السماويّة ليأخذ حياة روحيّة أبديّة. صاحب الوزنة الواحدة أخفى الموهبة في نفسه ولم يستخدمها ليصنع بها ثمر الروح ويدخل الحياة الأبديّة.
19 وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ.: يأتي الرب يسوع ليحاسب عبيده بعد زمان طويل ليمنح الفرصة الكافية للمؤمن ليعمل بالوزنات ويأتي بثمر الروح، فيدخل إلى العرس السماوي مع الرب يسوع. أجرة الخادم الصالح يأخذها بعد نهاية العمل في ملكوت السماوات على الأرض، أي بعد موته في الجسد، لأنّها أجرة سماويّة أبديّة. وأيضاً يأتي الرب يسوع عند نهاية الفرصة بموت المؤمن الّذي لم يصنع ثمر الروح ليدينه حسب أعماله.
20 فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا.: هذا هو الخادم الصالح والأمين، استخدم الخمس وزنات بكل طاقته فصنع خمس وزنات أخر. أعطى الله المواهب للإنسان وأعطى له الحرّيّة ليستخدمها في حياته الجسديّة في العالم الّذي يزول، أو ليستخدمها في حياته الروحيّة ويأخذ أجرة سماويّة لا تزول. هذا الخادم الأمين استخدم بكل طاقته كل مواهب الله لخدمة كلمة الله، ليربح النفوس فتعمل هي أيضاً في المواهب لخدمة كلمة الله. قدّم الوزنات الّتي ربحها لسيّده صاحب الفضّة، أما الأجرة فهي للخادم الأمين. قدّم الوزنات لمجد سيّده ولم يأخذها لمجد نفسه كما يفعل الخادم غير الأمين. (متى 21: 38 وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الابْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟ 41قَالُوا لَهُ: «أُولئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا».).
21 فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.: يفرح الرب يسوع بخادمه الّذي يعمل بكل ما عنده من قدرة مستخدماً المواهب الّتي أعطاها له الرب. لذلك يقول الرب نعمّا أيّها الخادم الصالح والأمين، أي أحسنت عملاً فأنت صالح وأمين بعين الرب. لذلك تأخذ أجرتك وتدخل فرح سيّدك، أي تدخل فرح الحياة الأبديّة مع الرب يسوع. آية روحيّة يطلب فيها الرب يسوع الأمانة في الخدمة الروحيّة، لذلك يريد من المؤمن أن يخدم حسب وزناته التي أعطاها له الرب دون زيادة أو نقصان، فلا يعمل حسب أفكاره محاولاً أن يعمل بوزنات لا يمتلكها، أي يحاول العمل بمواهب ليست موجودة فيه، كواعظ أو مرنّم أو مفسّر أو مترجم. هذا عمل غير مطلوب إن لم يكن له من الرب وزنات يستخدمها لهذا النوع من العمل. فتسقط خدمته أمام الرب ولا يدعوه صالحاً، لأنّه يعمل لمجد نفسه أمام الناس وليس فقط لمجد الرب. والّذي لا يعمل بكل وزناته لا يأخذ أجرة كاملة لأنّه يأخذها حسب نسبة استخدامه لوزناته. (متى 13: 23 وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ»). كل مؤمن حسب استخدامه لوزناته.
22 ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا.: أيضاً الّذي أخذ الوزنتين قدّم مئة بالمئة حسب وزناته الّتي أخذها من سيّده، أخذ وزنتين وأتى بوزنتين أخريين. نتيجة الخدمة نسبيّة بعين الرب لأنّ الّذين أخذوا الوزنات أخذوها كل واحد حسب كامل طاقتهم (عدد 15)، لذلك ينظر الرب إلى ثمر الخدمة على حسب استخدام المؤمن لطاقته. (مرقس 12: 42 فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ. 43فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ، 44لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ مَعِيشَتِهَا».) أعطت مئة في المئة.
23 قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.: كما قال الرب للّذي له الخمس وزنات يقول أيضاً للّذي له الوزنتين، أنّه عبد صالح وأمين ويقيمه على الكثير، وأدخله فرح سيّده لخلاص الروح إلى حياة أبديّة. يقول الرب يسوع أنّ أجرة الخادِمَيْن متساوية لأنّ النتيجة واحدة هي مئة بالمئة، فهي ليست بكثرة العمل بل بحسب أمانة المؤمن باستخدامه لوزناته. لذلك الّذي يعمل بخمس وزنات يقيمه الرب على الكثير وأيضاً الّذي يعمل بوزنتين يقيمه على الكثير، لأنّ المطلوب من كل مؤمن أن يعمل حسب وزناته فقط. (متى 20: 9 فَجَاءَ أَصْحَابُ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَأَخَذُوا دِينَارًا دِينَارًا. 10فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَكْثَرَ. فَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا دِينَارًا دِينَارًا.) ليس عند الرب حساب لطول الزمن في الخدمة إنّما للأمانة في العمل حسب الوزنات.
24 ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ.: ثم جاء الّذي له القدرة على العمل بوزنة واحدة لكنّه لم يستخدمها، بل برّر كسله بشرّ حكمته وقال أنّ السيّد، الرب يسوع، إنسان قاسٍ، لكنّ الحقيقة هي أنّ الرب يسوع هو السيّد الّذي أحبّ حتى الموت ليغفر بالعدل خطيّة كل من يؤمن به. وأيضاً قال لسيّده أنّه يحصد حيث لم يزرع، مبرّراً بشرّه عدم خدمته واستخدامه لوزناته، لكنّ الحقيقة هي أن الرب يسوع يحصد ما يزرع لأنّه هو الّذي صنع الخلاص بموته ليحصد لنفسه نفوس المؤمنين به. وهو الّذي أعطى خدّامه الوزنات ليحصد من خدمتهم ربح وزناته، والخادم يأخذ أجرته. وأيضاً قال أنّه يجمع من حيث لم يبذر، لكنّ الرب يسوع يجمع إلى مخزنه نتيجة ما يبذر، لأنّه هو الّذي يزرع كلمة الله ببرّ أعماله. (متى 13: 37 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ.) الزارع هو الرب يسوع الّذي زرع الزّرع الجيّد، أي زرع كلمة الله في العالم ببرّ أعماله، ليتبعه الإنسان الّذي يبحث عن الحقّ.
25 فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ.: يخاف العبد من سيّده لأنّه ينظر إليه كديّان للخاطي وليس كمخلّص أحبّ حتّى الموت لفدائه. الرب يسوع هو السيّد الوحيد الّذي أحبّ عبده حتى الموت من أجله. العبد الّذي يرفض كلمة الله لفدائه هو الّذي يخاف من دينونة الحقّ حسب أعماله. أخفى الموهبة في الأرض أي أخفاها في داخله، لأنّ الإنسان الجسدي هو أرضي من التراب. أخفى ما زرع الرب فيه من موهبة ولم يستخدمها لمجد الرب والربح الروحي.
26 فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ: يقول الرب يسوع للّذي لا يعمل حسب وزنته أنّه شرّير وكسلان. شرّير لأنّه مرائي يبرّر بالكذب عدم خدمته ويُلقي اللوم على سيّده. وكسلان لأنها حقيقة هذا العبد الّذي لا يستخدم ما أعطاه الله من مواهب لخدمة الكلمة الروحيّة للحياة الأبديّة. فلا عذر له لأنّ وزنته البسيطة تساوي قدرته البسيطة على العمل. يجيب الرب يسوع بأنّه لا عذر للعبد الشرّير والكسلان، لأنّه حتى وإن برّر كسله بما قاله عن سيّده يستطيع بأقل ما يمكن العمل به أن يضع فضّة سيّده عند الصيارفة.
27 فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا.: لا يبرّر الخادم الشرّير والكسلان نفسه أمام الرب يسوع، لأنّ الرب يسوع لا يطلب من خادمه فوق طاقته، لذلك أعطى مواهب تناسب قدرة الخادم ليعمل بها. الصيارفة في الروح هم خدّام الرب الّذين لهم وزنات أكثر من الّذي له الوزنة الواحدة. لذلك كان ينبغي على الّذي ليس له مواهب كافية لربح النفوس أن يضع مواهبه البسيطة عند الصيارفة، أي في خدمة من لهم مواهب يعملون بها للربح الروحي. لذلك مهما كانت مواهب المؤمن بسيطة، يمكنه أن يضع نفسه خادماً لمن له مواهب أكثر، فيخدم معه في أعمال بسيطة لخدمة كلمة الله والمؤمنين، أو يمكنه أن يقدّم المادة الّتي يحتاجها الصرّاف في خدمته لكلمة الله، فيأتي بربح روحي حسب وزناته. هذا هو الربا الروحي الّذي يأتي من الوزنات البسيطة. (فيليمون 1: 10 أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ ابْنِي أُنِسِيمُسَ، الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي، 11الَّذِي كَانَ قَبْلاً غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي، 12الَّذِي رَدَدْتُهُ. فَاقْبَلْهُ، الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي. 13الَّذِي كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ أُمْسِكَهُ عِنْدِي لِكَيْ يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ فِي قُيُودِ الإِنْجِيلِ) أنسيمس يضع وزناته البسيطة في خدمة الصرّاف بولس خادم الرب. (متى 10: 41 مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ، 42وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ.).
28 فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ.: يأخذ الرب وزناته من العبد الكسلان بعد انتهاء فرصة الخلاص وخدمة الكلمة السماويّة. فيأتي يوم الحساب ليأخذ الخادم الأمين أجرته الكاملة، والعبد الشرّير لأنّه لم يصنع ثمر الروح يأتي إلى الدينونة الأبديّة بالحقّ حسب أعماله. المؤمن الّذي لا يستخدم وزناته تؤخذ منه وتعطى للّذي له العشر وزنات، لأنّ الرب يسوع سيُعطي كل خادم أمين أجرته الكاملة ويزيد له فوق أجرته حسب استخدامه للمواهب في الخدمة الروحيّة أكثر من العمل بها لخدمة الجسد في العالم.
لماذا يأمر الرب بأن تؤخذ الوزنة من العبد الكسلان؟ وكيف تؤخذ منه؟ الوزنات هي مواهب كل إنسان، هي هبة من الله للإنسان ليستخدمها كما يشاء. لذلك الإنسان الّذي يستخدم وزناته لحياة الجسد في العالم تؤخذ منه عند نهاية العالم بموت الجسد، أمّا الّذي يعمل بها في الروح فتبقى معه في الروح إلى الأبد، لأنّه في الروح يذهب إلى الحياة الأبديّة. وأيضاً تزيد هذه المواهب في الحياة الأبديّة حسب ما يزيد الله للخادم الأمين فوق أجرته.
29 لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ.: كل من له أجرة لأمانته في خدمة الكلمة السماويّة يُعطى فوقها فيزداد، كالّذي له الخمس وزنات، صاروا عشرة أجرة عمله وأخذ واحدة فازداد إلى أحد عشر. لكن من ليس له أجرة لعدم أمانته في استخدامه لوزناته، فالّذي عنده من الله يُؤخذ منه ويأتي إلى دينونة الحقّ السماوي.
30 وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.: العبد البطّال هو المؤمن الّذي لا يعمل بكلمة الله الروحيّة. مؤمن عاطل عن العمل الروحي. يُطرح في الظلمة الخارجيّة، ظلمة الروح خارج محضر الله إلى الأبد. يُطرح في الظلمة الخارجيّة لأنّه دخل بالإيمان ملكوت السماوات على الأرض في يوم فرصته للخلاص، لكن لعدم أمانته في العمل حسب كلمة الله الروحيّة يطرح إلى ظلمة الروح الأبديّة بعد انتهاء الفرصة بموت الجسد. (يوحنا 9: 4 يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. 5مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ».). (متى 7: 21 «لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.). هناك البكاء وصرير الأسنان ندماً على ضياع الفرصة من يده. يبكي ويصرّ بأسنانه على نفسه لأنّه ضيّع على نفسه فرصة كانت في يده لخلاصه من الظلمة الأبديّة. يصرّ بأسنانه على نفسه لأنّه أحب العالم الّذي يزول أكثر من الرب يسوع والحياة الأبديّة.
31 «وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.: المجيء الثاني للرب يسوع بعد نهاية العالم ليأخذ معه المخلّصين إلى الحياة الأبديّة، وأيضاً ليدين الخطاة كل واحد حسب أعماله. (متى 13: 49 هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ: يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ). حينئذٍ يجلس على كرسيّ مجده ليدين بالحقّ كل خاطي لم يؤمن به في مجيئه الأوّل متواضعاً وفادياً لحياته. وأيضاً ليدين الّذين آمنوا به لكنّهم لم يعملوا بكلمة الله السماويّة فقط حسب المكتوب. (عدد 26 فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ) الّذي يؤمن لكن لا يعتمد بكلمة الله الروحيّة لا يدخل ملكوت الله، لأنّه عبد شرّير وكسلان.
32 وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ: يأتي الرب يسوع في مجده العظيم ليأخذ معه إلى الحياة الأبديّة كل الّذين آمنوا واعتمدوا بكلمة الله الروحيّة، ويدين بالعدل كل الّذين لم يعملوا بها. تجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميّز بعظهم من بعض، الأبرار من الخطاة. الخراف هم الأبرار في الروح لأنّهم آمنوا بالمسيح الفادي واعتمدوا بكلمة الله الروحيّة. (يوحنّا 10: 11 أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.). والجداء هم الخطاة في الروح، الّذين آمنوا لكنّهم لم يعتمدوا لفداء الروح. وهم أيضاً كل الّذين لم يؤمنوا بالرب يسوع الفادي، لأنّهم اختاروا حياة العالم ورفضوا الحياة الأبديّة بإرادتهم.
33 فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ.: اليمين للبرّ، واليسار للخطيّة، لذلك يقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار وليس عن يساره. لأنّ الرب يسوع ليس له يسار للخطيّة، لأنّه بارّ بأعماله، له يمين البرّ الّذي يُعطيه للّذين أقامهم عن يمينه. أمّا الّذين عن اليسار فهم للدينونة بسبب أعمالهم وليس للرب يسوع يد في ذلك. الجداء عن اليسار للموت الأبدي بسبب الخطيّة لأنّهم لم يقبلوا يمين الرب يسوع البارّ لفدائهم. (لوقا 22: 69 مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ».).
34 ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.: لماذا يقول الملك: تعالوا يا مباركي أبي؟ لأنّ الرب يسوع هو الملك الروحي ابن الإنسان، والله هو الآب السماوي الّذي يبارك الّذين يتبعونه مؤمنين بابنه الوحيد كلمة الله في العالم. لذلك يبارك الله المؤمن من خلال الابن الوحيد الّذي يقول: "تعالوا يا مباركي أبي". ليس لأنّهم أبرار بأعمالهم إنّما لأنّهم أبرار بإيمانهم بابن الله البارّ، الملك السماوي ابن الإنسان الفادي، كلمة الحقّ السماوي في العالم. الوحيد الّذي يضمن دخول المؤمنين إلى ملكوت الله المعدّ لهم منذ تأسيس العالم، أي منذ تأسيس فرصة الخلاص للإنسان الخاطي ليعود إلى حياته الأبديّة مع الله. لذلك الّذين يخلصون لا يعودون إلى جنّة الأرض التي خرج منها آدم لأنّها قبل تأسيس العالم، لكنّهم يأتون إلى ملكوت أعدّه الله منذ تأسيس العالم ليكونوا مع الرب يسوع الفادي في ملكوته إلى الأبد.
35 لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي.: آية روحيّة للمحبّة الحقيقيّة. هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد. هكذا أحب الرب يسوع الإنسان حتى الموت لفدائه. لذلك يستحقّ الرب يسوع من الإنسان محبّة حقيقيّة، فيطعمه ويسقيه ويأويه. هكذا يعمل المؤمن الصالح بكلمة الله للمحبّة، لا كوصيّة تُفرض عليه إنّما لأنّه أحب الرب يسوع الّذي وضع نفسه حتّى الموت من أجله. (رومية 5: 8 وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا.).
36 عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.: هكذا يعمل المؤمن الروحي لحياته الأبديّة، يستخدم الجسد الّذي يزول ليكنز لنفسه أجرة سماويّة لا تزول. يطلب الرب يسوع المحبّة والرحمة من المؤمن الّذي يطلب منه الحياة الأبديّة. لذلك المؤمن الصالح الّذي يقيمه الرب يسوع عن يمينه يعمل بهذه الآية دون مقابل أرضي ليأخذ أجرته السماويّة، وأيضاً لا يعمل بها فريضة دهريّة لأنّه يعمل بها محبّة روحيّة أبديّة. هذا هو ثمر الروح الّذي يطلبه الرب يسوع من كل مؤمن يتبعه. (متى 6: 19 «لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. 20بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ، 21لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا.). الربح الجسدي يزول مع الجسد، أمّا الأجرة الروحيّة فهي أبديّة لا تزول، يأخذها المؤمن من الرب يسوع في السماء بعد موت الجسد.
37 فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟: يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة أنّ الخلاص بالإيمان والعمل حسب كلمة الله وليس بالمعرفة والفهم الكامل للكلمة. لذلك يسألون الرب يسوع عن أعمال هم لا يفهمون أنّهم عملوها بالرب يسوع. لأنّ المؤمن الصالح يعمل بكلمة الله حتّى وإن كان لا يفهم كل المكتوب، لأنّ روح الله الساكن في المؤمن هو يقوده لكل عمل صالح. (رومية 8: 14 لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.). آية للمؤمن الصالح الّذي يعمل بالروح حسب كلمة الله، لكنّه يسأل ليفهم أنّ كل ما يعمل به هو حسب كلمة الله في المكتوب. الجائع في الروح نقدّم له جسد الرب يسوع للبرّ، والعطشان في الروح نقدّم له دم الرب يسوع لغفران الخطايا. (يوحنّا 6: 53 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. 54مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقّ).
38 وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟: العمل بهذه الآية السماويّة هو عمل بوصيّة الله العظمى "تحب قريبك كنفسك". فرصة عمل روحي للمؤمن الصالح، يعمل باسم الرب يسوع ليصنع ثمر الروح ويأخذ أجرة سماويّة. غريب الروح هو غير المؤمن بالرب يسوع، لذلك الّذي له إيمان مثل حبّة خردل لا يرفض غريب الروح، بل يأتي به إلى بيت الرب يسوع ليصبح من أولاد الله. (متى 13: 32 وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا). وعريان الروح هو الخاطي الّذي يبحث عن البرّ السماوي، فيُلبسه خادم الرب كلمة الله ثوب البرّ الّذي في الرب يسوع للحياة الأبديّة. (رومية 13: 14 الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ).
39 وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟: لا يتكلّم الرب يسوع عن مريض أو محبوس الجسد، لأنّ كل ما يعمل به المؤمن باسم الرب يسوع هو عمل الروح للحياة الأبديّة. لذلك خدمة المؤمن للرب يسوع هي خدمة لمريض الروح والمحبوس في الروح. (يوحنّا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ). (يوحنّا 3: 6 اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.) المولود من الروح هو الّذي يخدم الرب يسوع في الروح. مريض الروح هو الأعمى والأصمّ والأخرس والأبرص في الروح وكل مرض روحي يمنع الإنسان من الحياة الروحيّة مع الرب. (لوقا 7: 22 إِنَّ الْعُمْيَ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمَّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ.). ومحبوس الروح هو الإنسان المحبوس بعادات وتقاليد جسديّة من صنع الإنسان، لأنّه يتبع المعلّمين وليس كلمة الرب يسوع فقط في المكتوب. (أعمال 5: 19 وَلكِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ فِي اللَّيْلِ فَتَحَ أَبْوَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ: 20«اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هذِهِ الْحَيَاةِ».). يفتح الرب أبواب السجن الروحي ليخرج المؤمن إلى العالم ويتكلّم حسب كلمة الله الروحيّة للحياة الأبديّة.
40 فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.: يتكلّم الرب يسوع عن خدمة المؤمن الروحيّة، لأنّه يقول أنّ العمل باسم الرب يسوع تمّ بأحد إخوة الرب الأصاغر، أي المحتاجين في الروح، لذلك لم يقل فعلتموه بكل إنسان محتاج ليتكلّم عن حاجة جسديّة. يعمل خادم الرب ليخدم كل محتاج في الروح، ليدخل الّذي يؤمن إلى ملكوت الله ويصبح أخ للرب يسوع. (متى 12: 50 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي). جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. (متى 26: 26 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، 28لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا.) الرب يسوع هو الطعام والشراب الروحي. غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي (متى 13: 31 قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قَائِلاً: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ، 32وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ، وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا».). خادم الرب هو مأوى للغريب في الروح. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي (روميا 13: 12 قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. 13لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. 14بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.). مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. (يعقوب 5: 14 أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، 15وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ، وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ. 16اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا.) شيوخ الكنيسة للشفاء الروحي، والشفاء من المرض الروحي ليُقيمه الرب من الموت الروحي، ويغفر له الخطايا في حياة روحيّة. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. (أعمال الرسل 5: 18 فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ الْعَامَّةِ. 19وَلكِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ فِي اللَّيْلِ فَتَحَ أَبْوَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ: 20«اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هذِهِ الْحَيَاةِ».) آية روحيّة لتحرير المؤمن من سجن الروح في العالم فيخدم الرب.
41 «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ: يقول الرب للّذين عن اليسار وليس عن يساره، لأنّ الرب يسوع له يمين القوّة والسلطان الّذي في البرّ، وليس له يسار الضعف وسلطان الخطيّة. لذلك الخطاة هم عن يسار الضعف وسلطان الخطيّة لعدم إيمانهم بيمين القوّة الّذي في الرب يسوع البارّ. يقول الرب يسوع للخطاة يوم الدينونة أن يذهبوا عنه، لأنّهم لم يعتمدوا بكلمة الله الروحيّة يوم أعطاهم فرصة للخلاص وهم في الجسد على الأرض. لذلك يرسلهم إلى النار الأبديّة مع ابليس وملائكته. النار الأبديّة هي الدينونة المشتعلة بأعمال الشرّ الّتي يتسبّب بها الأشرار بعضهم مع بعض.
42 لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي.: الّذي لا يعمل بالمحبّة والرحمة الروحيّة لا يطلبها لنفسه من الرب يسوع. هؤلاء هم الّذين آمنوا بالمسيح لكنّهم لا يعملون بكلمة الله لخلاص المحتاجين في الروح. لا يطعمون جسد الرب يسوع البارّ، ولا يسقون دمه لتطهير الروح من الخطيّة.
43 كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي.: يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة مع الجداء، المؤمنون بالمسيح لكنّهم لم يعتمدوا بالروح لخلاص نفوسهم. هؤلاء هم الّذين لا يخدمون كلمة الله، فلا يأوون المحتاج في الروح ولا يكسونه بالرب يسوع، ولا يزورون مريض الروح ولا محبوس الروح في شهوات العالم وتقاليد الناس. المريض والمحبوس في الروح هو الإنسان الّذي يعترف أنّه مريض ومحبوس، ويعترف أنّه يحتاج إلى العون الروحي من المؤمنين. يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة أنّ المؤمن لا يدخل ملكوت الله إن لم يفعل كل هذه الخدمة الروحيّة باسم الرب يسوع.
44 حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضًا قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا أَوْ عَطْشَانًا أَوْ غَرِيبًا أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟: يجيبون كالخراف ويقولون هم أيضاً يارب، لأنّ الجداء هم المؤمنون بالرب يسوع لكنّهم لا يعملون بكلمته. آمنوا ولم يعتمدوا بكلمة الله الروحيّة، لذلك يسألون كالخراف ويقولون يارب. الجداء هم المؤمنون العاطلون عن العمل الروحي. (يعقوب 2: 17 هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ؟).
45 فَيُجِيبُهُمْ قِائِلاً: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا.: لا يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة عن حاجات الإنسان في الجسد، لأنّه تكلّم مع الخراف الّذين فعلوا الرحمة مع إخوته، لكنّ الجداء يقول أنّهم لم يفعلوا الرحمة مع هؤلاء الأصاغر ولم يقل مع إخوتي، لذلك هؤلاء الأصاغر لم يدخلوا الحياة الأبديّة معه ليدعوهم إخوة، والسبب عدم خدمة الجداء لهم في الروح لخلاصهم. أرسلهم الرب يسوع إلى النار الأبديّة لأنّهم لم يصنعوا الرحمة مع من احتاج إلى رحمة روحيّة لحياة أبديّة. من يطلب الرحمة لنفسه يعمل هو أيضاً بالرحمة مع غيره. يقول الرب يسوع في هذه الآية السماويّة أنّ الّذي لا يصنع رحمة مع من يحتاج إلى رحمة لا يدخل الحياة الأبديّة معه. لأنّ الرب يسوع تألّم ومات من أجل الخطاة المحتاجين إلى الرحمة. لذلك يطلب الرب يسوع من المؤمن به أن يعمل هو أيضاً بالمحبّة والرحمة السماويّة. (متى 22: 39 تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.).
46 فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».: يمضي الّذين آمنوا ولم يعتمدوا إلى عذاب الدينونة الأبديّة مع الخطاة. هذا هو الموت الثاني والأبدي على الّذين رفضوا المسيح الفادي يوم أعطاهم الله فرصة للخلاص قبل موت الجسد. (رؤيا 21: 8 وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي».) هم في العذاب الأبدي لأنّهم في المكان المعد لهم خارج محضر الله، المكان الّذي لا توجد فيه المحبّة السماويّة الّتي رفضوها على الأرض يوم أعطاهم الله فرصة للخلاص. وأيضاً هم في عذاب أبدي لأنّهم لا يعملون بالمحبّة والرحمة بعضهم مع بعض. هذا هو العدل السماوي على الّذين رفضوا الرحمة السماويّة. لذلك الخلاص بالإيمان للخراف، والدينونة بحسب الأعمال للجداء.
بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود