تفسير إنجيل متّى
الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ
1فِي ذلِكَ الْيَوْمِ خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبَحْرِ، 2فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ. وَالْجَمْعُ كُلُّهُ وَقَفَ عَلَى الشَّاطِئِ. 3فَكَلَّمَهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال قَائِلاً: «هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ، 4وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ. 5وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. 6وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ. 7وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. 8وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ. 9مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ»
10فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ. 12فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ. 13مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال، لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. 14فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ. 15لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ. 16وَلكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَلآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ. 17فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا.
18«فَاسْمَعُوا أَنْتُمْ مَثَلَ الزَّارِعِ:
19كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ. 20وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ، 21وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ. 22وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. 23وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ».
24قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قِائِلاً: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ. 25وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى. 26فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَرًا، حِينَئِذٍ ظَهَرَ الزَّوَانُ أَيْضًا. 27فَجَاءَ عَبِيدُ رَبِّ الْبَيْتِ وَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَلَيْسَ زَرْعًا جَيِّدًا زَرَعْتَ فِي حَقْلِكَ؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ زَوَانٌ؟ 28فَقَالَ لَهُمْ: إِنْسَانٌ عَدُوٌّ فَعَلَ هذَا. فَقَالَ لَهُ الْعَبِيدُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَهُ؟ 29فَقَالَ: لاَ! لِئَلاَّ تَقْلَعُوا الْحِنْطَةَ مَعَ الزَّوَانِ وَأَنْتُمْ تَجْمَعُونَهُ. 30دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى الْحَصَادِ، وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أَوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني».
31قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قَائِلاً: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ، 32وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ، وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا».
33قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ». 34هذَا كُلُّهُ كَلَّمَ بِهِ يَسُوعُ الْجُمُوعَ بِأَمْثَال، وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ، 35لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «سَأَفْتَحُ بِأَمْثَال فَمِي، وَأَنْطِقُ بِمَكْتُومَاتٍ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ».
36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ». 37فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ. 38وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ. 39وَالْعَدُوُّ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيسُ. وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ. 40فَكَمَا يُجْمَعُ الزَّوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ، هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هذَا الْعَالَمِ: 41يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ، 42وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. 43حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ.
44«أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزًا مُخْفىً فِي حَقْل، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ. 45أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً، 46فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا. 47أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. 48فَلَمَّا امْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى الشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا الْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا الأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا. 49هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ: يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ، 50وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».
51قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَفَهِمْتُمْ هذَا كُلَّهُ؟» فَقَالُوا: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ». 52فَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كُلُّ كَاتِبٍ مُتَعَلِّمٍ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ يُخْرِجُ مِنْ كَنْزِهِ جُدُدًا وَعُتَقَاءَ». 53وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَمْثَالَ انْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ.
54وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟ 55أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟ 56أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ جَمِيعُهُنَّ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ كُلُّهَا؟» 57فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَفِي بَيْتِهِ». 58وَلَمْ يَصْنَعْ هُنَاكَ قُوَّاتٍ كَثِيرَةً لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ.
1 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبَحْرِ: في اليوم الّذي خرج فيه الرب يسوع من بيته السماوي وأتى إلى العالم. البحر هو العالم (متى 13: 47 أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. 48فَلَمَّا امْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى الشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا الْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا الأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا. 49هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ: يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ).
2 فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ. وَالْجَمْعُ كُلُّهُ وَقَفَ عَلَى الشَّاطِئِ: تأتي الجموع الكثيرة إلى الرب يسوع ليسمعوا كلمة الله للحياة السماويّة. الرب يسوع في السفينة على البحر، والجموع على الشاطئ. آية روحيّة تتكلّم عن الرب يسوع الّذي في السفينة على البحر، أي في ملكوت السماوات فوق شهوات العالم وليس في العالم واهتماماته، لذلك الّذي يطلب الرب يسوع يجب أن يترك شهوات العالم ليأتي في الروح إلى الرب يسوع في السفينة على البحر. والجموع الّتي تسمع كلمة الرب هي على الشاطئ تقف ما بين العالم وملكوت السماوات، تسمع كلمة الرب ليأخذ كل إنسان قراره إمّا بالدخول إلى السفينة الروحيّة أو بالعودة إلى حياة العالم وشهواته. (تيموثاوس الأولى 1: 19 وَلَكَ إِيمَانٌ وَضَمِيرٌ صَالِحٌ، الَّذِي إِذْ رَفَضَهُ قَوْمٌ، انْكَسَرَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ مِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ أَيْضًا). الّذي يؤمن بالرب يسوع يجب أن يعتمد بكلمة الرب الروحيّة فلا تنكسر به السفينة ويأتي بها إلى الحياة الأبديّة.
3 فَكَلَّمَهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال: يتكلّم الرب يسوع بأمثال مع الّذين يسمعونه لتصبح آيات روحيّة للّذين يؤمنون به ويعملون بكلمته. يبدأ الرب يسوع في كلامه مع الإنسان بأمثال، لأنّ الإنسان في حياته الجسديّة يفهم المثل ولا يفهم الآية الروحيّة منه، لأنّه لا يعرف الحياة الروحيّة ولا يفهمها قبل أن يؤمن أوّلا بموت الرب يسوع وقيامته، ليدخل ملكوت السماوات في حياة روحيّة مع الرب يسوع، فيفهم ويعمل بالآيات الروحيّة في ملكوت السماوات على الأرض. الأمثال الجسديّة أرضيّة والآيات الروحيّة سماويّة لذلك هي أسرار ملكوت السماوات المخفيّة في الأمثال، لا يراها إلاّ من يدخل ملكوت السماوات. (متى 12: 39 فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ.). (متى 13: 10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ.)
قَائِلاً: «هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ: المثل الأوّل الّذي بدأ يتكلّم به الرب يسوع هو مثل الزارع الّذي خرج ليزرع. لأنّه يتكلّم عن نفسه كيف خرج من بيته السماوي ليزرع كلمة الله في حياة الإنسان على الأرض. والهدف خلاص الروح من الدينونة الأبديّة إلى حياة أبديّة مع الرب يسوع.
4 وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ: وفيما الرب يسوع يزرع الكلمة في العالم سقط بعض كلامه في إنسان لا يثبت فيه كلام، لأنّ قلبه طريق للمرور وليس للثبات فلا تسكن في قلبه كلمة الله. لذلك تأتي طيور الشرّ، أي خدّام ابليس في أفكارهم الشرّيرة ليخدعوا هذا الإنسان وينزعوا من قلبه كلمة الرب. كالّذي يرسله ابليس ليقول أنّ الله يغفر الخطايا بغير الرب يسوع، فيخدع الإنسان ليأتي إلى الدينونة بعد نهاية الفرصة بموت الجسد، لأنّه لم يؤمن بالّذي دفع ثمن الخطيّة ليغفرها الله بالعدل مع الرحمة.
5 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ: سقط بعض من كلمة الرب في قلب إنسان فيه حجارة كثيرة وتربة قليلة، أي أنّ قلبه لا يقبل بعمق. فقبل الكلمة حال سماعه لها لكنّ قبوله سطحيّ لا عمق له ليثبت. هذا هو ضعيف الإيمان.
6 وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ: لكن لما أشرقت الشمس احترق إيمانه الضعيف بسبب كثرة الحجارة وقلّة التربة فيه، أي قلّة العمل على نمو الكلمة في قلبه. إنسان ضعيف الإيمان لا تنمو كلمة الرب الروحيّة في قلبه لأنّه يقبل الكلمة لكنّه لا يعمل بها، لذلك يسقط إيمانه عند أوّل تجربة، ويجفّ من ماء الحياة الروحيّة لأنّه يُخرجها من قلبه عند أوّل تجربة.
7 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ: الشوك هو هموم الحياة الجسديّة وشهوات العالم. يخنق الشوك الحياة الروحيّة في الإنسان الّذي يسمع كلمة الرب ولا يترك اهتمامه بشهوات الحياة الجسديّة. لأنّ الإهتمام بشهوات الحياة الجسدية، وإن كانت بلا خطيّة، يؤدّي إلى الموت الروحي بسبب إهمال المؤمن للحياة الروحية الأبديّة مع الرب يسوع المُخلّص، ليهتمّ بشهوات الحياة الجسديّة الّتي تزول.
8 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ: سقطت كلمة الرب في قلب إنسان يسمع ليفهم فيؤمن ويعمل بالكلمة بعيداً عن شهوات العالم. فتنمو كلمة الرب في حياته ليعطي ثمر الروح كل واحدٍ حسب قدرته ووزناته. البعض يعطي مئة بالمئة من قدرته، والبعض ستين بالمئة من قدرته، وآخر ثلاثين بالمئة من قدرته. لذلك كل واحد يأخذ أجرته بحسب نسبة عطائه من قدرته.
9 مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ»: من له أذنان للسمع الروحي فليسمع ما تقوله كلمة الرب يسوع للخلاص الروحي. فيُنجّي نفسه من الموت الأبدي بالعمل حسب كلمة الرب الروحيّة.
10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟»: تقدم التلاميذ إلى الرب يسوع لأنهم معه على السفينة وليس على الشاطئ مع الجموع، وقالوا لماذا "تُكلّمهم"، وليس "تُكلّمنا"، لأنه يُكلّم الّذين على الشاطئ بأمثال، لأنّهم لم يقبلوا الرب يسوع مُخلّص لكنهم يسمعونه ليأخذوا قرارهم. إما دخول ملكوت السماوات كالتلاميذ مع الرب يسوع في السفينة، أو العودة إلى حياة العالم بهمومه وشهواته. آية روحيّة فيها ثلاث أماكن تدل على مكان وجود الإنسان في الروح، البحر والشاطئ والسفينة. البحر هو العالم يسكن فيه الإنسان في حياة جسديّة تاركاً الرب يسوع في الروح. الشاطئ عليه من يسمع كلمة الرب لكنه لم يولد من فوق لأنّه مازال يسمع ليأخذ قراره. والسفينة هي ملكوت الله على الأرض في الرب يسوع، فيها المؤمن الّذي في العالم لكنه فوق شهوات العالم لأنّه في سفينة الخلاص الروحي للحياة الأبديّة، يسمع كلمة الرب ويعتمد بها ولا يهتمّ بما للجسد الّذي يزول.
11 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ: اسرار ملكوت السماوات هي الآيات الروحيّة من المثل الجسدي. المؤمن الجسدي لا يعرف أسرار ملكوت السماوات لأنّه يعمل بالمثل المكتوب وليس بمعنى المثل في الآيات الروحيّة. والمؤمن الروحي له أسرار ملكوت السماوات ليعمل بها في حياته الروحيّة. (كورنثوس الثانية 3: 6 الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي.). المثل الجسدي للّذين لم يولدوا من الروح، لأنّ المولود من الجسد يفهم ويعمل ما للجسد، والمولود من الروح يفهم ويعمل ما للروح. يؤمن الإنسان بالرب يسوع فيمنحه حياة روحيّة إن كان إيمانه يستحقّ، فيعمل في الروح حسب الآيات الروحيّة في أسرار ملكوت السماوات.
12 فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأمَا مَنْ لَيْسَ لَه فاَلذِّي عِنْده سَيؤْخَذ مِنْه: فإنّ من له إيمان حسب كلمة الرب سيعطى أسرار ملكوت السماوات ويُزاد في المعرفة الروحيّة لأنّه يتعلّم في ملكوت السماوات، وأيضاً يُزاد بعد موت الجسد في حياة أبديّة مع الرب يسوع. ومن ليس له إيمان حسب المكتوب ليس له ولادة من الروح، لذلك ليس له أن يعرف أسرار ملكوت السماوات، فالّذي عنده من إيمان ومواهب سيؤخذ منه عند موت الجسد ويذهب إلى الدينونة الأبديّة، لأنّ فرصة الإنسان للخلاص باقية إلى يوم موته. (متى 25: 28 فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ). العبد البطّال هو المؤمن البطّال لأنّه لا يعمل حسب المكتوب ولا يخدم حسب الوزنات الّتي أعطاه الله لخدمة الكلمة.
13 مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال، لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ: خلقهم الله مبصرين لكنّهم لا يبصرون كلمة الرب لأنّهم لا يريدون. وخلقهم الله سامعين لكنّهم لا يسمعون كلمة الرب فلا يفهمون، من أجل هذا يكلّمهم الرب يسوع بأمثال. فالّذي يبصر ويسمع ليفهم ويؤمن بالرب حسب المكتوب، يأخذ من الرب يسوع حياة روحيّة معه ليعمل في الروح بأسرار ملكوت السماوات ولا يعمل بالأمثال الجسديّة. لا يستطيع الإنسان أن يفهم الحياة الروحيّة في ملكوت السماوات إن لم يُدخله الرب يسوع في الروح إلى ملكوت السماوات ليبصر ويسمع ويفهم في الروح.
(متى 12: 39 جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ.) هذه الآية الروحيّة الوحيدة التي تُعطى للإنسان الخاطي، يقبلها أولاً في إيمانه بالرب يسوع ليأخذ الخلاص بالولادة من الروح، ليصبح من الجيل السماوي المُبرّر بالرب يسوع، فيفهم ويعمل بكل آيات الكلمة الروحية.
14 فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ: (إشعياء 6: 9-10) هؤلاء هم الّذين يؤمنون بالله لكنّهم لا يهتمّون بكلمة الله، لذلك يسمعون سمعاً ولا يفهمون. ومبصرين في عقول تبصر، أي سليمة الفهم، لكنّهم لا ينظرون إلى كلمة الله ليعتمدوا حسب المكتوب لأنّهم لا يهتمّون. لا يتكلّم الرب عن بصر العين لأنّه يتكلّم عن بصر العقل الّذي خلقه الله في الإنسان وليس في باقي المخلوقات. يستخدم الإنسان بصره لينظر إلى ما يهتمّ، أي يستخدم عقله في كل ما يهتمّ، لكن كثيرين لعدم اهتمامهم بكلمة الرب لا ينظرون إلى المكتوب ليؤمنوا حسب كلمة الرب، لأنّهم يعملون في عادات وتقاليد من صنع الإنسان. يجب على الإنسان أن يقبل الرب يسوع مُخلّصاً لحياته أولاً، فيشفيه من أمراضه الروحية ليسمع ويفهم، ويُبصر النور الّذي في الكلمة ويعمل بها. نبوّة تتكلّم عن كل إنسان يرى الحقّ السماوي حسب البيت الّذي ولد فيه، فلا يستخدم عقله لينظر إلى كلمة الرب ليرى الحقّ السماوي حسب كلمة الرب. الحياة الأبديّة لا تؤخذ بالوراثة الجسديّة لأنّها حياة روحيّة فقط حسب المكتوب، يرثها المؤمن الروحي من الآب الواحد السماوي.
15 لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ: لماذا تمّت فيهم نبوّة إشعياء؟ لأنّ قلب هذا الشعب عنيد الفهم، ليس لأنّه لا يفهم لكنّه لا يريد أن يفهم، لأنّ اهتمامه في شهوات العالم وفي وصايا الناس وليس في حياته الأبديّة حسب كلمة الرب يسوع، لذلك تكلّم عن قلب واحد في العالم لكل الشعب خارج ملكوت السماوات. وآذانهم يثقل سماعها عند سماع كلمة الرب لأنّهم لا يطلبون ما للروح. وغمّضوا عيونهم عن كلمة الرب لأنّها تكشف عن إيمانهم الخاطئ بسبب تعاليم من صنع الإنسان وهم لا يريدون التغيير.
لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ: لماذا يبدأ الرب يسوع في هذه الآية بكلامه عن القلب أوّلاً ثمّ السمع وأخيراً النظر، وينتهي هنا بكلامه معكوساً، البصر أوّلاً ثمّ السمع وأخيراً القلب؟ يبدأ بكلامه عن الإنسان الّذي يرفض الرب يسوع لأنّ قلبه في العالم لذلك لا يسمع لكلمة الرب الروحيّة لأنّه لا يُريد أن يرى الرب في حياته. لكن من يطلب الحياة الروحيّة يرى أولاً الخلاص بالرب يسوع المُخلّص الوحيد من الموت الروحي، فيسمع الكلمة الروحيّة ليفهم في قلبه ويعمل بها، لأنّ من يفهم في قلبه هو الّذي يعمل بما يسمع. هكذا يأتي الإنسان بالإيمان إلى الرب ليشفيه. العجائب التي صنعها الرب يسوع في الإنسان تبدأ أولاً بنظر المريض في الروح إلى الرب يسوع الشافي، أي الإيمان به الطبيب الروحي الوحيد. ثمّ يسمع المريض لكلمة الرب ويفهم في قلبه ليعمل بها، فيشفيه الرب يسوع من مرضه. (مرقص 10: 47 فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ، ابْتَدَأَ يَصْرُخُ وَيَقُولُ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!» 48فَانْتَهَرَهُ كَثِيرُونَ لِيَسْكُتَ، فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!». 49فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى. فَنَادَوُا الأَعْمَى قَائِلِينَ لَهُ: «ثِقْ! قُمْ! هُوَذَا يُنَادِيكَ». 50فَطَرَحَ رِدَاءَهُ وَقَامَ وَجَاءَ إِلَى يَسُوعَ. 51فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟» فَقَالَ لَهُ الأَعْمَى: «يَا سَيِّدِي، أَنْ أُبْصِرَ!». 52فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَ، وَتَبِعَ يَسُوعَ فِي الطَّرِيقِ.) هذا الأعمى نظر إلى الرب يسوع بعين الإيمان والإصرار وسمع ما قاله الرب واستجاب بقوله: "يا سيّدي أن أبصر" فشفاه الرب لإيمانه.
16 وَلكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَلآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ: أما التلاميذ فطوبى لعيونهم لأنّهم يبصرون الرب يسوع في حياة روحيّة معه، ولآذانهم لأنّها تسمع كلمة الرب يسوع. طوبى لكل مؤمن ينظر إلى الحياة الأبديّة مع الرب يسوع، ويسمع كلمة الرب في المكتوب ليفهم ويعمل بها في حياة روحيّة، فيأتي إلى الحياة الأبديّة معه.
17 فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا: قبل مجيء الرب يسوع إلى العالم كان الأنبياء والأبرار في الإيمان يعملون بالفرائض الجسديّة حسب العهد القديم، دليل الإيمان بالرب يسوع المخلّص الّذي يأتي حسب النبوّات. فكانت شهوة هؤلاء أن يروا الرب يسوع في حياة روحيّة معه قبل موتهم في الجسد، لكنّهم لم يروا ولم يسمعوا كما يرى ويسمع المؤمن الروحي بعد مجيء الرب يسوع والعهد الجديد. (متى 11: 27 كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.) معرفة الآب الروحيّة يعلنها الرب يسوع بعد دخوله إلى حياة المؤمن الّذي يترك شهوات الحياة الجسديّة ليسمع كلمة الرب ويعمل بها، فيفهم حقيقة الحياة الروحيّة مع الآب والابن.
المؤمن الّذي يخرج من بحر هذا العالم ليأتي على سفينة الخلاص بالرب يسوع، يأتي أولاً إلى شاطئ الحياة الجسديّة بعيداً عن عالم الشهوات الأرضيّة ليسمع كلمة الرب، فيسمع أمثال أرضيّة ويرى أعمال جسديّة صنعها الرب يسوع، ليفهم منها أهمية الكلمة السماويّة للحياة الأبديّة. فيقبل الآية الأولى التي صنعها الرب يسوع لهذا الجيل الخاطي، وهي آية يونان النبي (متى 12: 39 فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ.) ليقبله أوّلاً مُخلّصاً روحياً لحياته، فيأخذ منه الشفاء من كل مرض روحي ليفهم أسرار ملكوت السماوات من الأمثال الّتي يفسّرها خدّام الرب يسوع، الّذين يختارهم الرب يسوع لتفسير الأمثال المكتوبة والأعمال الجسديّة الّتي صنعها الرب يسوع. كما اختار الله الّذين كتبوا الإنجيل هكذا يختار الّذين يفسّرونه، ليعمل المؤمن الروحي بالآيات السماويّة وليس بالأمثال الأرضيّة، فيبقى مع الرب يسوع في الروح إلى حياة أبديّة.
18 «فَاسْمَعُوا أَنْتُمْ مَثَلَ الزَّارِعِ: فسّر الرب يسوع مثل الزارع لتلاميذه لأنّ لهم أن يعرفوا السرّ الّذي في المثل. وأيضاً ليجعل من تفسيره لهذه الآية أساس لكل تفسير، يستخدمه المؤمن ليميّز به التفاسير الخاطئة من التفاسير الصحيحة. التفسير الصحيح يشبه الأساس الّذي وضعه الرب يسوع في تفسيره لهذه الآية، لذلك هو تفسير من الرب على يد خادم الرب. والتفسير الخاطئ لا يستند على هذا الأساس لأنّه من فكر الإنسان الجسدي، لذلك هو مرفوض لأنّه لا يصلح للحياة الروحيّة.
19 كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ: المزروع على الطريق هو الكلمة المزروعة في الّذي يسمع كلمة الله لكنّه لا يفهم في قلبه فلا يعمل بها. لا تثبت كلمة الملكوت المزروعة في الإنسان الّذي لا يعمل بها، لأنّ قلبه طريق لمرور الكلمة وليس لثباتها، لذلك يأتي الشرّير ويخطف الكلمة المزروعة فيه، باستخدام الّذين لا يعملون حسب كلمة الرب الروحيّة فقط في المكتوب. فينزع كلمة البرّ من الإنسان الّذي لا يفهم المكتوب.
20 وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ: والكلمة المزروعة في الأماكن المحجرة هي في الإنسان السطحيّ، سريعاً يقترب من الكلمة وسريعاً يبتعد عنها، لذلك هو الّذي يسمع الكلمة وحالاً يقبلها بفرح دون أن يفهمها بعمق ليعمل بها في الروح، لذلك يسقط سريعاً لأن ليس في قلبه عمق الإيمان. يفرح بالمحبّة والغفران فيقبل الرب يسوع بفرح طالما ليس ضيق أو اضطهاد.
21 وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ: هذا هو ضعيف الإيمان، الّذي في قلبه تربة قليلة وحجارة كثيرة، الّذي يقبل كلمة الله لكن ليس له جذور في عمق الإيمان لأنّه لا يعمل بكلمة الرب في الروح، فيسقط عند أول تجربة. كالمؤمن الّذي لا يغفر للّذين يُسيئون إليه، فتختفي المحبة من قلبه عند أوّل تجربة. وإن أتى عليه ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة، يترك الرب يسوع لأنّ قلبه في العالم ومحبّته للرب يسوع والحياة الروحيّة تقل عن محبّته لحياته الجسديّة الّتي تزول، لذلك إيمانه إلى حين.
22 وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ: والكلمة المزروعة بين الشوك هي في الإنسان الّذي يسمع الكلمة لكنّه لا يعمل بها فلا يصنع ثمر الروح، لأنّ قلبه في حياة العالم وشهواته وهمّه فيما يزيد عن حاجته وغرور الغنى الّذي يزول. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.) هذا هو الّذي آمن ولم يعتمد لأنّ همّه في العالم الّذي يزول. (متى 6: 24 لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ). شهوات الجسد هي الشوك الّذي يخنق كلمة الرب الروحية في المؤمن، فيصير بلا ثمر ولا يدخل الحياة الأبديّة.
23 وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ»: الكلمة المزروعة على الأرض الجيدة هي في الإنسان الّذي يسمع كلمة الرب ليفهمها ويعمل بها فيأتي بثمر الروح. فيصنع بعض مئة بالمئة من قدرته وآخر ستّين بالمئة من قدرته وآخر ثلاثين. كل واحد حسب اهتمامه بكلمة الرب وبعده عن شهوات العالم. (غلاطية 5: 22 وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ 23وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. 24وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. 25إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. 26لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا.).
24 قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قِائِلاً: يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ: قدّم الرب يسوع للجموع مثلاً آخر يُشبّه به ملكوت السماوات، لأنّ الجموع لهم الأمثال والمؤمن الروحي له الآيات الروحيّة من تفسير الأمثال ليعمل بها في الروح. كلمة "يُشبه" هي لمن يشبه المؤمن الروحي لأنّه يسمع الكلمة لكنّه لا يعمل بها في الروح، لكن الّذي يؤمن ويعتمد بكلمة الرب يدخل ملكوت السماوات ويعمل بالكلمة الروحيّة لا بالمثل الجسدي الّذي يشبه الحقيقة الروحيّة. (رومية 7: 5 لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا، لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ. 6وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ تَحَرَّرْنَا مِنَ النَّامُوسِ، إِذْ مَاتَ الَّذِي كُنَّا مُمْسَكِينَ فِيهِ، حَتَّى نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ.).
ما هو ملكوت السماوات؟ ملكوت السماوات هو في أعمال الإنسان الروحيّة السماويّة على الأرض، (لوقا 17: 20 وَلَمَّا سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟» أَجَابَهُمْ وَقَالَ: «لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ بِمُرَاقَبَةٍ، 21وَلاَ يَقُولُونَ: هُوَذَا ههُنَا، أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ».) لذلك يشبّه الرب يسوع ملكوت السماوات بأعمال روحيّة في حياة الإنسان. المثل هو العمل الجسدي في العالم محدود في مكان وزمان ومادّة، والعمل الروحي في ملكوت السماوات هو كل عمل غير محدود بمكان أو زمان أو مادّة، لذلك يعمل به المؤمن بلا انقطاع. (تسالونيكي الأولى 5: 17 صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ.). جاء الرب يسوع فأتى معه ملكوت السماوات ليعمل به المؤمن الروحي على الأرض وإلى الأبد. (متى 12: 28 وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ!).
إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ: الإنسان هو الرب يسوع ابن الإنسان، والزرع الجيّد هو كلمة الله، وحقله هو ملكوت السماوات في العالم.
25 وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى: وفيما الناس نيام في الروح، لأنّهم لا يعملون فقط حسب كلمة الله في المكتوب، جاء ابليس عدو الرب يسوع كلمة الله، لأنّ ابليس هو الخطيّة للموت الروحي والرب يسوع هو الخلاص من الخطيّة للحياة الأبديّة. وزرع كلمة الموت الروحي في وسط الكلمة الّتي في المؤمنين، بهدف إبعاد المؤمن عن خلاصه بكلمة الله الّتي في المكتوب. ومضى تاركاً مُعلّمين كذبة وكُتب مُزيّفة لا تصلح لخلاص الإنسان. هي زوان لأنها تشبه الحنطة بالشكل لكن لها طعم مُختلف لأنّه طعم جسدي فيه موت الروح، أمّا كلمة الرب ففيها موت لشهوات الجسد وحياة روحيّة أبديّة.
26 فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَرًا، حِينَئِذٍ ظَهَرَ الزَّوَانُ أَيْضًا: النبات هو الإيمان الّذي ينمو في الإنسان نتيجة هذا الزرع، فهو إيمان حنطة أو إيمان زوان. الإيمان يُعرف من ثماره لذلك ظهر الزوان في الإيمان الباطل، لأنّ ثماره لا تصلح لخلاص الروح لأنّه إيمان جسدي ليس من المكتوب حسب الآيات الروحيّة. آية للمؤمنين بالرب يسوع الّذين لا يعملون فقط حسب المكتوب في كلمة الرب الروحيّة، لأنّهم يعملون حسب تعاليم الناس، نيام في الروح تاركين المكتوب.
27 فَجَاءَ عَبِيدُ رَبِّ الْبَيْتِ وَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَلَيْسَ زَرْعًا جَيِّدًا زَرَعْتَ فِي حَقْلِكَ؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ زَوَانٌ؟: عبيد رب البيت هم االمؤمنون الّذين يخدمون الزارع، الّذين يعملون حسب كلمة الرب. يعرفون أنّ الرب يسوع زرع زرعاً جيداً في العالم، ويسألون من أين ظهر زوان بين المؤمنين. بسبب التعاليم الخاطئة ظهر إيمان خاطئ لأنّه ليس من المكتوب.
28 فَقَالَ لَهُمْ: إِنْسَانٌ عَدُوٌّ فَعَلَ هذَا. فَقَالَ لَهُ الْعَبِيدُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَهُ؟: بينما الناس نيام في الروح استخدم ابليس الإنسان خادم الشرّ على صورة خادم الرب ليزرع زوان بين المؤمنين، لأنّه يتكلّم عن الإيمان لكن ليس من المكتوب فيُضلّ المؤمن الّذي لا ينظر إلى المكتوب (متى 24: 4 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ.) (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.) فتّشوا الكتب لتفحصوا الحقّ من الباطل فلا تتبعوا معلّمين كذبة (بطرس الثانية 2: 1 وَلكِنْ، كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا). ابن الله هو الّذي يتبع كلمة الله فقط في المكتوب (2 تيموثاوس 3: 16 كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ).
فَقَالَ لَهُ الْعَبِيدُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَهُ؟: آية سماويّة تتكلم عن العبد الصالح لأنّه يسأل سيّده ولا يعمل بحكمته البشرّية. في هذه الآية عبيد الرب يظنّون أنّه جيّد إن ذهبوا وجمعوا الزوان من بين الحنطة، لذلك سألوا الرب إن كان يريد هذا. مهما كانت حكمة المؤمن جيّدة في نظره، لا يعمل إلا حسب كلمة الرب في المكتوب. آية للمؤمنين الّذين يسألون إن كان يجب طرد المؤمن المزيّف من بينهم.
29 فَقَالَ: لاَ! لِئَلاَّ تَقْلَعُوا الْحِنْطَةَ مَعَ الزَّوَانِ وَأَنْتُمْ تَجْمَعُونَهُ: آية يقول فيها الرب يسوع أنّه لا يطرد المؤمن المزيّف من بين المؤمنين بالحقّ، لأنّه لا يستأصل الأشرار من بين الأبرار قبل انتهاء فرصة خلاص الإنسان بموت الجسد. يقول الرب للمؤمنين به ألا يقلعوا الزوان من بينهم كي لا يقلعوا الحنطة معهم، لأنّ الإنسان يمكن له ألاّ يميّز الزوان من الحنطة فيقلع الحنطة ظانّاً أنّه زوان.
30 دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى الْحَصَادِ: اتركوا المؤمن غير الصالح ينموا مع المؤمن الصالح إلى انقضاء العالم، إلى نهاية فرصته للخلاص عند نهاية حياته في العالم، إلى اليوم الّذي يفصل به الرب المؤمن الصالح من غير الصالح، يوم الحصاد لدينونة الخاطي حسب أعماله في الموت الأبدي، ومجيء المؤمن الصالح إلى الحياة الأبديّة مع الرب يسوع.
وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أَوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ: عند نهاية العالم يأتي يوم الدينونة، فيقول الرب لملائكته أن يجمعوا أولاً الأشرار، الّذين لم يغفر لهم الرب يسوع خطاياهم لأنّهم لم يؤمنوا به مخلّصاً، أو لأنّهم زوان آمنوا ولم يعتمدوا. فيجمعونهم إلى حزم كل واحد حسب أعماله في حزمة مع من مثله، لأنّ الدينونة ليست واحدة على الجميع، فكل حزمة، أي مجموعة من الناس، تأخذ دينونة تزيد أو تقل عن الحزمة الأخرى، كل واحد مع مجموعته حسب أعماله. آية يقول فيها الرب يسوع أن الموت الروحي في جهنّم هو الوجود في مجموعات، كمجموعات من دول لها حدود يسكن في كل دولة كل الّذين لهم دينونة واحدة، لتكون دينونة كل خاطي حسب أعماله مع من مثله. النار هي وجود هؤلاء بمجموعات تجعل نار الشرّ الذي ينتج من أعمالهم حسب شرّهم بعضهم على بعض. الأكثر شرّ في حزمة واحدة ليأخذوا دينونة أعظم بشرّهم الأعظم بعضهم على بعض. والأقل شرّ في حزمة واحدة لدينونة الشرّ فيها أقل. هذه هي نار جهنّم.
وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني: يجمع الرب يسوع إلى مكان واحد جميع الأبرار الّذين غفر لهم خطاياهم لأنّهم آمنوا به واعتمدوا بالكلمة الروحيّة، كلّهم مع بعض لا يُحزموا إلى حزم كالّذين في جهنّم، لأن الجميع مع الرب يسوع ملك الملوك في حياة سماويّة واحدة يسكنها البرّ.
31 قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قَائِلاً: يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ: يشبّه الرب يسوع ملكوت السماوات بحبة خردل لأنّه يتكلّم عن عمل الكلمة السماويّة في حياة المؤمن الروحي الّذي ينمو في ملكوت السماوات، كيف حبة الخردل تُزرع وتنمو وتأوي. كلها أعمال تُعلّمنا أنّ ملكوت السماوات فعل باسم الرب يسوع وليس فقط كلام نسمعه أو نردّده باسم الرب. حبة الخردل هي الكلمة التي زرعها الرب يسوع ابن الإنسان في حقله السماوي الّذي في العالم.
32 وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ: كلمة الرب هي أصغر ما يُزرع في قلب الإنسان، لأنّ الإنسان لا يفهم أهميّة الكلمة إلاّ بعد نموّه في الإيمان. تُزرع الكلمة كحبّة خردل أصغر الاهتمامات في حياة الإنسان لكنّها تصبح أكبر البقول، أي تصبح أهمّ ما في حياة المؤمن الّذي يرويها باهتمامه بها في قلبه. البقول في حياة الإنسان هي ما ينبت نتيجة ما يزرع في قلبه، هي اهتمامات الإنسان على أنواعها. أكبر البقول هي الأكثر أهمية في حياة هذا الإنسان.
وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا: الشجرة هي كلمة الرب الّتي نمت في الإنسان، والطيور هم الّذين يبحثون عن الحقّ السماوي، وأغصان الشجرة هي كلمة الرب الروحيّة الّتي يستخدمها المؤمن لخدمة الإنسان في الروح. بعد نمو الكلمة صغيرة في قلب الإنسان وتصبح أكبر ما في قلبه واهتماماته، يعمل خادماً للرب لتصبح الكلمة المزروعة في قلبه شجرة تعمل لخدمة الآخرين. طيور السماء هم الّذين يبحثون عن الحياة الروحية، يأتون إلى خادم الرب الّذي زُرعت فيه الكلمة ونمت شجرة يتآوون في آياتها الروحيّة.
33 قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ»: تكلّم الرب في المثل السابق عن المؤمن الصالح كيف ينمو في ملكوت السماوات كحبّة خردل، وهنا يتكلّم في هذا المثل عن سقوط الإنسان وسبب خروجه من ملكوت السماوات. يتكلّم الرب عن سقوط الإنسان بسبب الخطيّة خميرة الشرّ، أخذتها امرأة وهي حواء وخبأتها في ثلاث أكيال دقيق، في نفسها وفي آدم وفي نسلهما. (كورنثوس الأولى 5: 6 لَيْسَ افْتِخَارُكُمْ حَسَنًا. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟ 7إِذًا نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِينًا جَدِيدًا كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ. لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا. 8إِذًا لِنُعَيِّدْ، لَيْسَ بِخَمِيرَةٍ عَتِيقَةٍ، وَلاَ بِخَمِيرَةِ الشَّرِّ وَالْخُبْثِ، بَلْ بِفَطِيرِ الإِخْلاَصِ وَالْحَقِّ.).
34 هذَا كُلُّهُ كَلَّمَ بِهِ يَسُوعُ الْجُمُوعَ بِأَمْثَال، وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ: آية تقول أنّ كلمة الرب يسوع كلّها أمثال، لكنّها آيات روحيّة يعمل بها المؤمن الروحي. كلمة الرب كلّها أمثال للّذين يسمعون، لكنّها آيات روحيّة للّذين يؤمنون. يسمع الإنسان كلمة الرب ليفهم الأمثال فيقبل الرب يسوع ويؤمن به مخلّصاً لحياته، ليفهم ويعمل بالكلمة آيات روحيّة يفسّرها الرب يسوع مستخدماً خدّامه.
35 لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: سَأَفْتَحُ بِأَمْثَال فَمِي، وَأَنْطِقُ بِمَكْتُومَاتٍ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ: (مزمور 78: 2 أَفْتَحُ بِمَثَل فَمِي. أُذِيعُ أَلْغَازًا مُنْذُ الْقِدَمِ) نبوّة تتكلّم عن الرب يسوع الّذي يُكلّم الجموع بأمثال، هذه الأمثال هي أسرار ملكوت السماوات، هي المكتومات التي يعلنها الرب يسوع للمؤمن به في الروح من خلال تفسير الأمثال.
36 حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ: صرف الرب يسوع الجموع لكن لم يصرف التلاميذ لأنّه جاء إلى البيت ومعه تلاميذه. البيت هو بيت الرب يسوع الّذي لا يدخل إليه الجمع الّذي يسمع فقط، لكن يدخل إلى بيت الرب يسوع كل الّذين يُؤمنون به رباً ومُخلصاً لحياتهم الروحيّة، وهم الّذين يتبعونه في كل حين.
فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ: طلب التلاميذ من الرب يسوع وهم معه في البيت أن يُفسّر لهم المعنى الروحي من مثل زوان الحقل، لأنّ التفسير هو إعلان لأسرار ملكوت السماوات يعلنه الرب يسوع فقط للمؤمن الروحي الّذي يعتمد بالكلمة السماويّة. لذلك مهما كانت حكمة الإنسان وقدرته على الفهم، لن يفهم معنى الكلمة الروحيّة إن لم يسأل خدّام الرب يسوع عن تفسيرها. يختار الرب يسوع تلاميذه ويفسّر لهم المثل بقوة الروح القدس، ليخدموا الرب في توصيل تفاسير الكلمة الروحية إلى المؤمنين. (متى 28: 19 فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.)
37 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ: ابن الإنسان هو الرب يسوع كلمة الله، أتى في جسد إنسان ليزرع ببرّ أعماله وبموته وقيامته كلمة الحقّ والرحمة في العالم، لخلاص المؤمن به إلى حياة أبديّة. لذلك هو الزارع الزرع الجيّد.
38 وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ: الحقل هو العالم الّذي زرع فيه الرب يسوع الكلمة السماويّة لخلاص الإنسان. والزرع الجيد هو بنو الملكوت لأنّهم آمنوا واعتمدوا بكلمة الرب. والزوان هو بنو الخطيّة لأنّ أعمالهم شرّيرة ولم يعتمدوا بكلمة الرب لخلاص نفوسهم بغفران الخطايا.
39 وَالْعَدُوُّ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيسُ. وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ: إبليس هو الخطيّة عدو البرّ، لذلك هو في الإنسان الّذي يحبّ الخطيّة. هو عدو الرب يسوع البارّ كلمة الله لخلاص الخاطي. لذلك يستخدم خدّامه ليزرع كلمة الموت الروحي بين المؤمنين. والحصاد هو انقضاء العالم ويوم الدينونة، والحصّادون هم ملائكة الرب الّذين ينفّذون حكم الدينونة على الخطاة.
الزرع الجيد هو الّذي زرعه الرب يسوع في العالم، هذا يعني أنّ الفرصة التي أعطاها الله للإنسان لخلاص نفسه بالرب يسوع من الموت الأبدي هي فقط في العالم، تنتهي عند ترك الإنسان لهذا العالم بموت الجسد. هي فرصة واحدة لأنّه بانقضاء العالم يأتي الخاطي إلى الدينونة، أي عند موت الإنسان في الجسد يترك هذا العالم ويأتي إلى الدينونة. (عبرانيين 9: 27 وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ).
40 فَكَمَا يُجْمَعُ الزَّوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ، هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هذَا الْعَالَمِ: كما يُجمع الزوان الّذي ينبت مع الحنطة ليُحرق في المثل الأرضي، هكذا يكون في ملكوت السماوات في انقضاء هذا العالم. لأنّ الأمثال الأرضيّة هي فقط لتوضيح الكلمة للّذين يسمعونها، لكنّها آيات روحيّة سماويّة للّذين يعملون بها.
41 يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ: في انقضاء العالم يوم الحصاد يُرسل الرب يسوع ملائكته ليجمعوا من ملكوته كل المعاثر، أي الّذين لهم صورة التقوى بين المؤمنين لكنّهم حجارة عثرة للمؤمنين، لأنّ تعاليمهم خاطئة فيها موت الروح للّذين يتبعونهم. وفاعلي الإثم لأنّهم لم يعتمدوا بكلمة الرب يسوع لغفران الخطايا. لماذا من ملكوته؟ لأنّه في هذه الآية يتكلّم عن زوان الحقل الّذي ينمو مع الحنطة في ملكوته، أي عن الّذين آمنوا ولم يعتمدوا، أو الّذين يتبعون الرب يسوع لكن أهدافهم شرّيرة، كما تبعه يهوذا الإسخريوطي. لذلك يرسل الرب يسوع عند انقضاء العالم ملائكته ليجمعوا من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم.
42 وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ: أتون النار هو جهنّم، النار التي لا تُطفأ بسبب شرّ الخطاة بعضهم على بعض إلى الأبد. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان بسبب الندم الأبدي على ضياع الفرصة الّتي كانت أمام الإنسان الّذي رفض الخلاص بالرب يسوع، وأيضاً ندم الإنسان الّذي آمن ولم يعتمد بكلمة الرب الروحيّة فقط حسب المكتوب.
43 حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ: المؤمنون بالرب يسوع هم نور العالم (متى 5: 14 أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ) هم سراج يُنير لغيره (متى 5: 15 وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ) هؤلاء الّذين كانوا سراجاً يُضيء في ظلمة العالم الروحيّة، سيُضيؤون كالشمس في ملكوت الله إلى الأبد.
الأرض هي مكان مؤقّت لزمن عيّنه الله، يمنح به الفرصة لخلاص الإنسان الّذي مات في الروح بسبب فعله للخطيّة، فيعود بإيمانه بالرب يسوع البارّ إلى حياته مع الله. لكن من يرفض الرب يسوع الّذي يغفر الخطايا بالنعمة والحقّ، يأتي إلى دينونة الحقّ ليبقى في الموت الروحي إلى الأبد.
مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ: يطلب الرب من الّذين لهم آذان للسمع الروحي أن يسمعوا كلمة الرب ويعتمدوا بها حسب المكتوب، ولا يسمعوا كلام الناس بتقاليد وعادات تُفقد الإنسان حياته الأبديّة، فيندم إلى الأبد في جهنّم بعد نهاية الفرصة للخلاص.
44 أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزًا مُخْفىً فِي حَقْل، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ: مثل آخر يُشبّه به الرب يسوع ملكوت السماوات ليتكلّم في هذه الآية عن عمل الإنسان في ملكوت السماوات. في أمثال سابقة تكلّم الرب يسوع عن زرع الكلمة في الإنسان وعن المؤمن الصالح في ملكوت السماوات كحبّة خردل، وفي هذا المثل يتكلّم عن عمل الإنسان في ملكوت السماوات للوصول إلى الخلاص. الكنز المخفى في حقل هو الرب يسوع المخفى في كلمة الله الروحيّة في العالم، لذلك كثيرون لا يجدونه في الروح (متى 7: 14 مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!) الرب يسوع هو باب الحياة الأبديّة، يجب أن يبحث عنه الإنسان ويجده ليخلص. وجده إنسان يبحث عن الحقّ السماوي فأخفاه في قلبه ليشتري به الحياة الأبدية. الرب يسوع كنز مخفى في حقل لأنّ كلمة الرب أمثال مكشوفة للجميع لكنّها أيضاً آيات روحيّة مخفيّة هي أسرار ملكوت السماوات، كل آية فيها هي جوهرة ثمينة مخفيّة في تفسيرها، لا يفهمها غير المؤمن الروحي في ملكوت السماوات.
وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ: ومن فرحه بالرب يسوع، الكنز المخفى في حقل، مضى وباع الحياة الجسديّة بشهواتها واشترى ذلك الحقل، أي اشترى الحياة الروحية في ملكوت السماوات مع الرب يسوع للحياة الأبديّة. (متى 19: 21 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي). هذا الإنسان باع كل ما له واشترى حقل الحياة الروحية الّذي وجد فيه الكنز السماوي في الرب يسوع. الحقل هو العالم، فيه الحياة الجسديّة وفيه الحياة الروحيّة وعلى الإنسان أن يبيع اهتمامه بالواحد ليشتري الآخر (متى 6: 24 لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ).
45 أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً: الإنسان التاجر في ملكوت السماوات هو الإنسان الّذي يبحث عمّا هو مربح للروح يبيع ما يزول ويشتري ما لا يزول.
46 فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا: فلمّا وجد الرب يسوع، لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن لأنّه الوحيد الّذي يربح بشرائه الحياة الأبديّة، باع كل ما كان له في هذا العالم الّذي يزول واشترى الرب يسوع المسيح المخلّص للحياة الأبدية. كيف يبيع الإنسان كل ما له ويشتري الحياة الأبديّة مع الرب يسوع؟ كلمة الرب يسوع روحيّة (يوحنا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ) هي أمثال جسديّة فيها حقيقة روحيّة يعمل بها المؤمن الروحي، إذاً البيع يتمّ في الروح ولا أهميّة لبيع ما للجسد، لذلك المؤمن الروحي يبيع في قلبه كل ما له من اهتمامات جسديّة تزول ليشتري في الروح كلمة الرب يسوع، فيهتمّ ويعمل بما لا يزول. هذا هو الإنسان الّذي يجد الرب يسوع فيحمل صليبه ويتبعه، تاركاً في الروح هذا العالم الجسدي الّذي يزول عاملا بالكلمة السماويّة أيضاً في الروح. (متى 19: 21 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي).
اللؤلؤ عبارة عن إفراز صلب كروي يتشكّل داخل الصدفة، بعض أنواع الرخويات والمحار، ويُستخدم كحجر كريم لكنّه لا يُقطع ولا يُصقل كالأحجار الأخرى.
47 أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ: كلمة الرب هي أمثال أرضيّة على شبه الحقيقة الروحيّة. الشبكة هي كلمة الرب المطروحة في العالم، وجامعة من كل نوع من الإيمان، كالطوائف المتعدّدة. شبكة فيها مؤمنين معتمدين ابرار في الروح، وأيضاً فيها مؤمنين غير معتمدين في الروح.
48 فَلَمَّا امْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى الشَّاطِئِ: مثل يشبّه به الرب يسوع ملكوت السماوات عند انقضاء العالم، فهو آية سماويّة تتكلّم عن المؤمن الصالح والمؤمن الغير صالح. فلمّا امتلأت الشبكة عند انقضاء العالم، أي عند انتهاء عمل الكلمة السماويّة في العالم، تأتي الملائكة على الشاطئ بكل الّذين آمنوا بكلمة الرب الصالحين وغير الصالحين. الشاطئ على الأرض في حياة الإنسان الروحيّة هو زمن اختياره لحياته في شهوات العالم أو لحياته في سفينة الخلاص لأنّه يسمع الكلمة ليختار. والشاطئ عند انقضاء العالم هو الزمن الّذي يفرز به الرب بين المؤمن الصالح للحياة الأبديّة والمؤمن الغير صالح للظلمة الخارجية.
وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا الْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا الأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا: تجمع الملائكة الجياد في الإيمان الّذين اعتمدوا بكلمة الرب يسوع، الّذين سمعوا وعملوا بالكلمة وأعطوا ثمر، إلى أوعية في ملكوت الله مع الرب يسوع. أوعية وليس وعاء واحد لأنّ المؤمن سيأخذ أجرته حسب الثمر الّذي صنعه وحسب استخدامه لوزناته. كثير الثمر في وعاء ومتوسط الثمر في وعاء وقليل الثمر في وعاء لكن الجميع في مخزن واحد. (متى 13: 8 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ). (متى 13: 30 اجْمَعُوا أَوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني».) الجودة في الروح تُعرف من ثمر الروح. أما الأردياء وهم الّذين آمنوا ولم يعتمدوا، الّذين لم يعملوا في الروح حسب كلمة الرب يسوع لغفران الخطايا، يُدانون كل واحد حسب أعماله ويُطرحون خارج ملكوت الله في جهنم.
49 هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ: يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ: فسّر الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة معنى المثل الّذي شبّه به ملكوت السماوات، ليكون تفسيره أساس يرتكز عليه تفسير كل آيات الكلمة السماويّة، فيميّز المؤمن تفاسير خدّام الرب من التفاسير الخاطئة. سرّ الآية السماويّة الّذي في المثل الأرضي يُعلنه الرب يسوع في تفسير الآية الروحيّة ليعمل بها المؤمن في الروح.
50 وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ»: أتون النار هو جهنّم للدينونة الأبديّة، هو الموت الروحي الأبدي في انقطاع العلاقة مع الله إلى الأبد. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان لأنّه الندم العظيم في الّذين سمعوا كلمة الرب يسوع ورفضوا الاعتماد الروحي بها لغفران الخطايا.
51 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَفَهِمْتُمْ هذَا كُلَّهُ؟» فَقَالُوا: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ»: يسأل الرب يسوع كل مؤمن إن كان يسمع كلمة الرب ويفهم تفسيرها الروحي، لأنّه يجب أن يعمل بها في الروح وليس بالأمثال في فرائض جسديّة. لذلك يجب على المؤمن أن يسمع كلمة الرب في المكتوب ويفهمها ليعمل بها في الروح.
52 فَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كُلُّ كَاتِبٍ مُتَعَلِّمٍ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية عن الكاتب الّذي يعمل في تفسير الآيات الروحيّة، لذلك تكلّم عن الكاتب المتعلّم في ملكوت السماوات بعد كلامه في أمثال شبّه بها ملكوت السماوات، وبعد تفسيره لبعض هذه الأمثال. الكاتب المُتعلم في ملكوت السماوات هو الّذي يختاره الرب يسوع ليتعلّم منه تفسير الآيات الروحيّة، فيعمل كاتباً يخدم الكلمة السماويّة حسب حكمة الرب في التفسير وليس حسب فهمه الأرضي. هو كاتب لأنّه الخادم الّذي ينقل كلمة الرب مكتوبة ليتعلّم منها كل إنسان يبحث عن الحقّ السماوي. يتكلّم الرب يسوع عن الكاتب المتعلّم في ملكوت السماوات لأنّه يوجد من يكتب في تعاليم من حكمة بشريّة لم يعلنها له الرب يسوع. هؤلاء هم الأنبياء الكذبة.
يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ يُخْرِجُ مِنْ كَنْزِهِ جُدُدًا وَعُتَقَاءَ»: الجديد هو المثل الأرضي والعتيق هو الحقيقة الروحيّة من المثل لأنّ الروحي هو أصل كل شيء. الجدد هي الأمثال الّتي شبّه بها الرب يسوع ملكوت السماوات للجموع، والعتقاء هي تفسير الأمثال لتلاميذه، لذلك يقول يخرج جدداً وعتقاء. رجل البيت هو الرب يسوع ربّ البيت السماوي، والكنز هو كلمة الرب الروحيّة. الكاتب المُتعلّم في ملكوت السماوات يُشبه مُعلّمه، الرب يسوع ربّ البيت السماوي. لذلك يُخرج من كنزه، من كلمة الرب في المكتوب، جدداً في تعليم المثل الحرفي وعتقاء في تعليم الآية الروحيّة منه. (كورنثوس الأولى 3: 1 وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ، 2سَقَيْتُكُمْ لَبَنًا لاَ طَعَامًا، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ الآنَ أَيْضًا لاَ تَسْتَطِيعُونَ، 3لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ.) الجدد هي الأمثال والأعمال الجسديّة الّتي صنعها الرب يسوع في الجسد يفهمها الإنسان الجسدي بمعناها الحرفي، والعتقاء هي الآيات الروحيّة الّتي في الأمثال والأعمال الجسديّة، يفهمها المؤمن الروحي في ملكوت السماوات. العجائب التي صنعها الرب يسوع هي جدد بمعناها الجسدي، وهي عتقاء بمعناها الروحي. (يوحنا 3: 6 اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.).
53 وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَمْثَالَ انْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ: علّم الرب يسوع عن ملكوت السماوات بأمثال، وانتقل تاركاً الحريّة للإنسان ليبحث عنه ويتبعه إن أراد أن يفهم معنى هذه الأمثال.
54 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟: آية تتكلّم عن رفض شعب الله لابن الله، مع أنّهم بُهتوا من حكمته في التعليم، ومن القوات التي صنعها أمامهم بالتغيير الّذي صنعه بمرضى الروح وإخراج الشياطين. هكذا أيضاً يرفضون خدّام الكلمة السماويّة الّذين يستخدمهم الرب يسوع لتعليم الكلمة الروحيّة، وعمل قوّات روحيّة في الّذين يسمعون الكلمة. الحكمة هي في التعليم الروحي للحياة الأبديّة. والقوّات هي في إخراج الشياطين، أي في العمل الّذي يصنعه الرب يسوع في الإنسان ليرفض الخطيّة ويتبعه عاملاً بالكلمة الروحيّة بعد محبّته للخطيّة ورفضه للرب يسوع.
55 أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟: هذا من يرى الرب يسوع بعين الجسد، فيراه ابن النجار وأمه مريم وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا. لكن من يرى الرب يسوع في الروح لا ينظر إليه بعين الجسد إنّما فقط بعين الروح، فيراه ابن الله ويرى أمّه وإخوته في المؤمنين به في الروح (متى 12: 49 ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي.).
56 أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ جَمِيعُهُنَّ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ كُلُّهَا؟: أخوات الرب يسوع في الجسد هم عندهم في مجمعهم. آية تتكلّم عن إيمانهم الجسدي في تعاليم جسديّة في مجمعهم. التعاليم الجسديّة تنظر إلى ما للجسد والتعاليم الروحيّة تنظر فقط إلى ما للروح. هم يعرفون الرب يسوع المولود في وطنهم لذلك تعجبوا من أين له هذه الحكمة والقوات. بُهتوا لكنهم لم يفهموا ولم يتبعوا.
57 فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ: واليوم كثيرون يعثرون به لأنّهم ينظرون إليه بعين الجسد فلا يفهمون ما للروح، لأنّ الإنسان الجسدي يرى الحكمة والقوّات لكنّه لا يفهمها لأنّها حكمة وقوّات روحيّة، لكن من يسمع كلمة الرب يسوع ويطلب منه الشفاء الروحي لينظر إليه بعين الروح، فيرى الحكمة الروحيّة في الكلمة السماويّة ويفهم القوات الروحيّة لحياة الإنسان الأبديّة، فلا يعثر به. التكبّر وصلابة قلب الإنسان وعدم الإهتمام بكلمة الرب في المكتوب بسبب تعاليم الناس، هم سبب عثرة الإنسان بالرب يسوع ومجيئه إلى الدينونة الأبديّة.
وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَفِي بَيْتِهِ»: النبي هو المُتكلّم باسم الرب، وهو بلا كرامة في وطنه وفي بيته لأنه تغيّر ليعمل خادماً روحياً للرب، فيرفضه الّذين يعرفونه لأنّهم من العالم في حياة جسديّة وهو سماوي في حياة روحيّة.
58 وَلَمْ يَصْنَعْ هُنَاكَ قُوَّاتٍ كَثِيرَةً لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ: لا يصنع الرب يسوع قوّات روحيّة في الّذين لا يؤمنون به، لذلك لم يصنع في وطنه قوّات كثيرة لعدم إيمان الكثيرين.
باسم الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود