تفسير متى 11 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 11

تفسير إنجيل متّى

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ أَمْرَهُ لِتَلاَمِيذِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ، انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ لِيُعَلِّمَ وَيَكْرِزَ فِي مُدُنِهِمْ.

2أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 3وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 4فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: 5اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. 6وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».

7وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هذَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ 8لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ. 9لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. 10فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ. 15مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.

16«وَبِمَنْ أُشَبِّهُ هذَا الْجِيلَ؟ يُشْبِهُ أَوْلاَدًا جَالِسِينَ فِي الأَسْوَاقِ يُنَادُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ 17وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا! 18لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ. 19جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا».

20حِينَئِذٍ ابْتَدَأَ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ لأَنَّهَا لَمْ تَتُبْ: 21«وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ. 22وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكُمَا. 23وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ. 24وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرْضَ سَدُومَ تَكُونُ لَهَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكِ».

25فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. 26نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ. 27كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ. 28تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. 29اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. 30لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ».

 

1 وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ أَمْرَهُ لِتَلاَمِيذِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ، انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ لِيُعَلِّمَ وَيَكْرِزَ فِي مُدُنِهِمْ: أرسل الرب يسوع تلاميذه ليكرزوا ببشارة الملكوت لخلاص النفوس، وانصرف من هناك ليكرز هو أيضاً في مدن إسرائيل.

2 أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: استخدم الله يوحنّا الّذي وُلد من بطن أمّه ممتلئ من الروح القدس (لوقا 1: 15 لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) ليكون آية يتعلّم منها الإنسان كيف يفحص إن كان المسيح الّذي يصنع العجائب هو من الله أم هو من المسحاء الكذبة. سمع يوحنّا بأعمال المسيح، فهل يؤمن به دون أن يتحقّق منه؟ لا يؤمن الإنسان بالمسيح فقط لأنّه يصنع العجائب، لأنّ يوحنا سمع بأعمال المسيح لكنّه لم يؤمن إلاّ بعد أن تحقّق منه، فأرسل يسأل المسيح ولم يسأل غيره. آية تقول للمؤمن أن يسأل فقط المسيح في المكتوب ولا يسأل حكمة الإنسان.

3 وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟: سأل يوحنّا الرب يسوع إن كان هو الآتي لفداء الإنسان أم ننتظر آخر. لم يطلب يوحنا من تلميذيه أن يتحقّقا بأنفسهما بل طلب منهما فقط أن يسألاه، لأنّ يوحنا خادم الرب المُرسل من الله لا يعمل إلاّ حسب كلمة الرب، لذلك سأل الرب وليس الناس، آية تقول للمؤمن الروحي أن يسأل الرب فقط في المكتوب ولا يسأل قول الناس. لأنّ المسيح الآتي من الله لا يتكلّم ولا يعمل حسب الحكمة البشريّة ليُظهر قدرات خارقة تدلّ على أنّه من الله كما يفعل الأنبياء الكذبة، لكنّه يتمّم المكتوب الّذي في النبوّات الّتي تكلّمت عن مجيئه، والهدف الوحيد هو خلاص الإنسان.

4 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: يُجيب الرب يسوع كل إنسان يأتي إليه طالبا أن يفهم، ولا يجيب الّذي يأتي إليه مجرّباً أو محارباً. آية روحيّة يُجيب فيها الرب يسوع ويقول لكل إنسان يسأل ليفهم أنّ أعمال الرب يسوع تشهد له أنّه المسيح الآتي من الله، لأنّها أعمال روحيّة لحياة أبديّة سماويّة وليست جسديّة لحياة أرضيّة تزول.

5 اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ: أجاب الرب يسوع يوحنا بأعماله الّتي تُتمّم النبوات المكتوبة في ناموس العهد القديم، الّتي تشهد عن المسيح الآتي من الله. (أشعياء 35: 4 قُولُوا لِخَائِفِي الْقُلُوبِ: «تَشَدَّدُوا لاَ تَخَافُوا. هُوَذَا إِلهُكُمُ. الانْتِقَامُ يَأْتِي. جِزَاءُ اللهِ. هُوَ يَأْتِي وَيُخَلِّصُكُمْ». 5حِينَئِذٍ تَتَفَقَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ. 6حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ، لأَنَّهُ قَدِ انْفَجَرَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ مِيَاهٌ، وَأَنْهَارٌ فِي الْقَفْرِ.). لم يجب الرب يسوع بإظهار قدرته في صنع العجائب ليؤمن به يوحنّا، لأن ليس كل من يصنع عجيبة هو من الله، فالشيطان أيضاً يصنع عجائب، لكنّها آيات لموت الروح، (خروج 7: 10 طَرَحَ هَارُونُ عَصَاهُ أَمَامَ فِرْعَوْنَ وَأَمَامَ عَبِيدِهِ فَصَارَتْ ثُعْبَانًا. 11فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَيْضًا الْحُكَمَاءَ وَالسَّحَرَةَ، فَفَعَلَ عَرَّافُو مِصْرَ أَيْضًا بِسِحْرِهِمْ كَذلِكَ. 12طَرَحُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَصَاهُ فَصَارَتِ الْعِصِيُّ ثَعَابِينَ. وَلكِنْ عَصَا هَارُونَ ابْتَلَعَتْ عِصِيَّهُمْ.). (رؤيا 13: 13 وَيَصْنَعُ آيَاتٍ عَظِيمَةً، حَتَّى إِنَّهُ يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ قُدَّامَ النَّاسِ، 14وَيُضِلُّ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِي أُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَهَا أَمَامَ الْوَحْشِ، قَائِلاً لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَصْنَعُوا صُورَةً لِلْوَحْشِ الَّذِي كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ. 15وَأُعْطِيَ أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ). لذلك أجاب الرب يسوع لينظروا أعماله في تحقيق النبوّات الّتي تشهد عنه أنّه المسيح المنتظر، الّذي أتى ليصنع آيات روحيّة لشفاء الروح لحياة أبديّة.

اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ: يُبصرون في الروح الحياة الأبديّة في نور المسيح المخلص.

وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ: يمشون في الروح ليتبعوا المسيح دون خوف أو تردّد.

وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ: يُطهّرون في الروح من قباحة الخطية، ليصبحوا أبرار بالإيمان.

وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ: يسمعون في الروح صوت الرب يسوع الواقف على الباب ويقرع بواسطة خدّامه والمكتوب، ليفتحوا الباب لخلاص نفوسهم.

وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ: يقومون من الموت الروحي بسبب الخطية إلى حياة أبدية مع الرب يسوع.

وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ: المساكين هم بسطاء الروح، يمنحهم الرب يسوع خلاصهم الأبدي دون أن يطلب منهم معرفة روحيّة كبيرة في كلمة الرب لأنّهم لا يستطيعون. مساكين الروح هم كالأولاد لذلك يُبشّرون بحياة أبديّة مع الرب يسوع الّذي يحتضنهم ويده عليهم ويباركهم لبساطتهم. (مرقس 10: 14 دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.) يد الرب يسوع على الأولاد دون أن يطلب منهم إيمان ومعرفة روحيّة ليعملوا بالكلمة السماويّة لأنّهم لا يستطيعون، لذلك احتضنهم الرب يسوع وباركهم ليمنحهم الفداء بدمه دون أن يطلب منهم شيء، هكذا يُبشّر بالخلاص كل إنسان مسكين في الروح لا يعمل بحكمة جسديّة تحارب الكلمة الروحيّة، إنّما يعمل فقط ببساطة الروح والإيمان.

6 وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ: طوبى لمن يؤمن بالرب يسوع ولا يعثر في كلمة الرب الروحيّة، لأنّ كثيرين يعثرون في الرب لأنّهم ينظرون إليه حسب حكمتهم الجسديّة وليس حسب الحكمة الروحيّة لخلاص النفوس بالعدل والنعمة. فيرفضون كلمة الرب لأنّهم لا يفهمونها ويرفضون خدام الرب الّذين يعملون لخدمتهم في الروح. الرب يسوع سبب بركة وخلاص لمن يسمع ليعمل بالكلمة. وسبب عثرة لمن يرفض الكلمة لأنّه يأتي إلى الرب ليجرّبه في خدّامه ويحارب كلمته. (رومية 9: 33 كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «هَا أَنَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى».).

7 وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هذَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟: يكلّم الرب يسوع الّذين خرجوا إلى يوحنّا وسألهم عن سبب خروجهم إليه، هل لينظروا قصبة تُحركها الريح؟ أي لينظروا إنسان ضعيف الإيمان تحرّكه هموم الحياة. لم يخرجوا لينظروا قصبة تحركها الريح لأنّهم خرجوا ليعتمدوا منه.

8 لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ: لم يخرجوا لينظروا إنساناً غنياً همه لحياته الجسديّة في هذا العالم، إنساناً يُخدم ولا يخدم، لأنّهم خرجوا إلى يوحنّا في البريّة. الّذي يلبس الثياب الناعمة في بيت الملك هو الإنسان في عالم الشهوات الجسديّة، لكن يوحنّا في بريّة العالم، أي بعيداً عن شهوات الجسد لأنه يعمل في حياة روحيّة.

9 لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ: خرجوا ليعتمدوا من خادم الكلمة السماويّة، النبي المرسل من الله لأنّه يبشّر باقتراب ملكوت السماوات. يخرج المؤمن بعيداً عن شهوات العالم ليسمع الكلمة من خادم الرب فلا ينظر إليه كقصبة تحرّكها الريح ولا ينظر إليه كإنسان في ثياب ناعمة لأنّه يخرج لينظر بساطة النبي في الجسد وقوّة إيمانه في الروح. يوحنّا نبيّ لأنه مُرسل من الله يتنبأ عن مجيء المسيح الفادي. وأفضل من نبيّ لأنه الصوت الّذي يستخدمه الرب، ليس فقط لتوصيل كلمة الرب، إنّما أيضاً ليقرع به على الباب لخلاص الإنسان في الخدمة والتعليم ووضع اليد. يوحنّا هو كل مؤمن يرسله الرب أمام وجهه ليستخدم صوته في خدمة الكلمة السماويّة. (متى 3: 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. 3فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». 4وَيُوحَنَّا هذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا. 5حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ، 6وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.). (رؤيا 3: 20 هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي). خادم الرب هو صوت الرب الّذي يقرع.

10 فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ: تمّت النبوّة الّتي تتكلّم عن مجيء المسيح ويوحنّا الّذي يرسله الله أمام وجهه (ملاخي 3: 1 هأَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي.). يوحنّا أفضل من نبيّ لأنّه ملاك الرب الممتلئ من الروح القدس ليعمل أمام وجه الرب يسوع لخلاص النفوس. (لوقا 1: 15 أَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.).

11 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْن الْمَوْلُودِينَ مِنَ النسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ: يوحنا المعمدان هو أعظم المولودين من النساء، أي أعظم مولود في الجسد، لأنه عاش فقط لخدمة الرب ولم يهتم بما للجسد (متى 3: 4).

وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ: لكن أصغر المولودين من الروح أعظم منه (يوحنا 3:3  الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ الله) الأصغر في ملكوت السماوات هو الّذي أخذ خلاصه بالإيمان لكنّه الأصغر في العمل بوصايا الرب يسوع (متى 5: 19 فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 20فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.) المولود من الروح أعظم من المولود في الجسد لأن ليس بارّ بالأعمال في الجسد، لكن المؤمن في ملكوت السماوات بارّ في الروح بإيمانه بالرب يسوع البارّ. والجسد يزول أمّا الروح فإلى الأبد.

12 وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَه: من أيّام يوحنّا المعمدان إلى الآن يُغصب ملكوت السماوات بتعاليم خاطئة تخطف الحقّ السماوي من الإنسان. لماذا من أيّام يوحنّا المعمدان؟ لأنّ يوحنّا جاء ليعمّد المؤمن بكلمة الرب ليدخل ملكوت السماوات في حياة روحيّة مع الرب يسوع قبل موت الجسد. لأنّه منذ البدء الى بداية خدمة يوحنا المعمدان كان الأنبياء والناموس يتنبّؤون عن مجيء المسيح وليس عن حياة روحيّة مع المسيح، لذلك المؤمن قبل مجيء يوحنا المعمدان كان يؤمن بالمسيح الّذي يأتي. اما بداية خدمة يوحنا المعمدان فهي تهيئة الطريق قُدام الرب يسوع المسيح الملك السماوي على الأرض إلى حياة المؤمن به. (متى 3: 2 توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات) فمن ذلك اليوم ابتدأ العالم يعمل ضد ملكوت السماوات بالقوة. والغاصبون يحاولون ابعاد الانسان عن ملكوت السماوات بخطفهم لملكوت السماوات من حياتهم بتعاليم خاطئة.

13 لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا: هذا هو الفرق بين الأنبياء ويوحنا المعمدان، الأنبياء والناموس تنبأوا عن مجيئ المسيح المُخلّص، لكن يوحنا بشّر بوجود يسوع المسيح المُخلّص على الأرض، وكان يعمل لتهيئة الطريق قدامه إلى حياة الإنسان، لذلك يقول الرب أنّه أفضل من نبيّ.

14 وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ: (ملاخي 3: 1 هأَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ). إيليّا ملاك الرب في يوحنا المعمدان. (لوقا 1: 17 وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا). ولادة يوحنا غير عادية لأنه وُلد من عاقر (لوقا 1: 7-17 وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا) إيليّا لم يمت لأنّ الله أصعده في العاصفة إلى السماء ليعود في يوحنّا المعمدان، لأنّ الأموات الّذين دفنهم البشر ليس لهم أن يعودوا إلى الأرض. (الملوك الثاني 2: 11 وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.) وُلد يوحنا من عاقر لأنه من الله أعدّه من بطن أمه لخدمة المسيح (لوقا 1: 15 لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ).

15 مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ: من له أذنان للسمع الروحي فليسمع كلمة الرب الروحيّة. كثيرين لهم آذان لكن ليس للسمع الروحي لأنّهم جسديين ويطلبون ما للجسد، هؤلاء هم الّذين يرفضون كلمة الرب.

16 وَبِمَنْ أُشَبِّهُ هذَا الْجِيلَ؟: هذا الجيل هو الجيل الخاطي في هذا العالم الجسدي، هو جيل المولودين في الجسد الّذين لم يولدوا من الروح ليدخلوا ملكوت السماوات ويصبحوا من الجيل الروحي السماوي. (يوحنا 3: 3 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ).

يُشْبِهُ أَوْلاَدًا جَالِسِينَ فِي الأَسْوَاقِ يُنَادُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ: هؤلاء هم أولاد الله في أسواق العالم وشهواته، لا ليشتروا منه إنّما ليُنادوا إلى أصحابهم، أي إلى الّذين في العالم، الّذين لا يعملون بكلمة الرب لخلاص نفوسهم لذلك هم أصحاب وليسوا إخوة في الروح.

17 وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا!: بشّرناكم بالرب يسوع لترقصوا فرحاً في الروح لكنّكم لم ترقصوا لأنّكم رفضتم أن تسمعوا. أخبرناكم عن دينونة العذاب الأبدي بنواحٍ خوفاً عليكم، فلم تهتمّوا لتلطموا خوفاً من الموت الأبدي.

18 لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ: لم يقبلوا الرب يسوع الفادي فرفضوا يوحنا خادم الرب، مبرّرين رفضهم له بقولهم أنّ يوحنا فيه شيطان لأنّه لا يأكل ولا يشرب. لا يتكلّم الرب عن حاجة يوحنّا الجسديّة للأكل والشرب، لأنّها آية روحيّة يقول فيها أنّ يوحنا جاء لا يأكل ولا يشرب في أمور الحياة الجسديّة، لأنّه كرّس نفسه فقط لخدمة كلمة الرب في حياة روحيّة، هذه هي الحياة في بريّة العالم لخدم الرب. (يوحنا 1: 23 أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ) صوت صارخ ليس للحياة الجسديّة إنّما فقط للحياة الروحيّة.

19 جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا: جاء الرب يسوع ابن الإنسان يأكل ويشرب كما كل إنسان في هذا العالم لكن لم يفعل خطيّة. لماذا جاء الرب يسوع يأكل ويشرب في أمور الحياة الجسديّة؟ لأنّه ابن الإنسان الّذي جاء ليعيش كما يعيش كل إنسان فيُظهر البرّ في أعماله بين الخطاة، فيعرف الخاطي أن لا تبرير لفعل الخطيّة بسبب وجوده في عالم الخطاة. جاء الرب في جسد إنسان ليُظهر محبّته للعشارين، المكروهين من الشعب لأنّهم يأخذون ما لا يحقّ لهم، فيُعلّمهم الحقّ (لوقا 3: 12 وَجَاءَ عَشَّارُونَ أَيْضًا لِيَعْتَمِدُوا فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا نَفْعَلُ؟» 13فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَسْتَوْفُوا أَكْثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكُمْ».) ومُحبّ للخطاة ليشفي أمراضهم الروحيّة ويفدي بدمه كل خاطي يتوب. (متى 9: 12 فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى) الرب يسوع يأكل ويشرب مع المرضى ليس لأنّه مريض بل لأنّه الطبيب.

وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا: كل خطيّة يفعلها الإنسان ولا يعترف بها يبرّرها حسب حكمته، لكن عند الدينونة سيُدان حسب أعماله ولن ينفعه حكمة أو تبرير. لذلك جاء الرب يسوع ابن الإنسان ليبطل كل تبرير لفعل الخطيّة، لأنّه عاش في العالم مع الخطاة دون أن يفعل خطيّة.

20 حِينَئِذٍ ابْتَدَأَ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ لأَنَّهَا لَمْ تَتُبْ: يوّبخ الرب يسوع كل الّذين وصلتهم كلمة الرب الفادي ولم يؤمنوا به لخلاص نفوسهم، فيُعلن لهم عن الدينونة الأبديّة الّتي ستأتي عليهم.

21 وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ: ويل الدينونة على كورزين وبيت صيدا لأنّ الرب يسوع صنع فيهما قوّات عظيمة ولم تتوبا. لأن ما صنعه الرب فيهما لو صُنع في صور وصيداء في القديم، في عهد الأنبياء والإيمان بالفرائض الّتي ترمز للمسيح قبل مجيئه لتابتا، وهنا الرب يسوع المسيح بنفسه يصنع فيهما قوّات عظيمة ومع ذلك لم تتوبا.

22 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكُمَا: صور وصيداء لهما دينونة عادلة مثل كورزين وبيت صيدا، كل واحدٍ حسب أعماله، لكن ما يجعل دينونتهما في حالة أكثر احتمالاً من دينونة كورزين وصيدا هو صرير الأسنان الأبدي الّذي يجعل الدينونة في حالة أصعب احتمالاً على كورزين وصيدا، لأنّه الندم العظيم بسبب رفضهما للرب يسوع الّذي صنع لهما قوّات عظيمة ليؤمنا به فيخلصا من الدينونة. استخدم الرب يسوع كورزين وبيت صيدا ليكونا آية روحيّة يتكلّم بها مع كل إنسان تصله الكلمة السماويّة ويرى قوّتها الروحيّة في الّذين تغيّرت حياتهم، من رافضين ومحاربين للكلمة إلى مؤمنين يحبّون ويخدمون كلمة الرب السماويّة، ومع هذا يرفض الرب يسوع فيأتي إلى الدينونة العادلة وإلى صرير الأسنان في الندم الأبدي.

23 وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ: آية روحيّة يكلّم بها الرب يسوع كل إنسان يرفع نفسه ظاناً أنّه عظيم، أعمى لا يرى أنّه خاطي ضعيف نهايته الهبوط إلى الهاوية للدينونة والموت الأبدي.

لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ: سدوم هي آية روحيّة تتكلّم عن دينونة الخاطي لأنّها المدينة التي أحرقها الله بالنار والكبريت بسبب شرّها (تكوين 19: 24). لو صُنعت في سدوم القوات المصنوعة في كفرناحوم لتابت عن شرّها وآمنت بالرب صانع القوّات ولم تُحرق في جهنّم وبقيت إلى الأبد.

24 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرْضَ سَدُومَ تَكُونُ لَهَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكِ: أرض سدوم هي أرض الشرّ، استخدمها الرب مثلاً لتكون آية روحيّة تتكلّم عن دينونة الخاطي، لكن لها حالة أكثر احتمالاً من دينونة الخاطي المتكبّر الّذي تصله كلمة الرب ويرفضها، لأنّه يأخذ دينونة عادلة حسب خطاياه ويزيد عليها عذاب الندم الأبدي لتعاليه على كلمة الرب يسوع وخدّامه ورفضه للمخلّص الّذي كان واقفاً على بابه ولم يفتح له.

25 فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ: في ذلك الوقت الّذي كان فيه الرب يسوع على الأرض في الجسد يصنع آيات سماويّة لحياة المؤمن الروحيّة مع الله. صنع آية يحمد فيها ابن الإنسان الآب السماوي. الرب يسوع ابن الإنسان يحمد الآب السماوي ربّ السماء والأرض في الروح. الرب يسوع ابن الإنسان هو نور العالم الّذي يحمد الآب السماوي مصدر النور الذي في السماوات، أي في كل مكان. "الشمس في السماء ونورها يعمل على الأرض والاثنين واحد". الرب يسوع هو الله الظاهر في الجسد، جعل من نفسه آية روحيّة سماويّة في جسد إنسان يتعلّم من أعماله وأقواله المؤمن الّذي في الجسد. (إشعياء 7: 14 وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»).

لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ: أخفاها عن حكماء هذا العالم الّذين يعتقدون في أنفسهم أنّهم فهماء يعرفون كل شيء، لذلك يرفضهم الله لأنّهم اختاروا أن يتبعوا أفكارهم وليس كلمة الرب. يحمد الآب السماوي لأنّه أخفى الحياة الروحيّة عن حكماء هذا الدهر وأعلنها للأطفال في النفس، ليعلن أنّ الحياة الروحيّة مع الرب يسوع لا تحتاج إلى حكمة بشريّة إنّما فقط إلى تواضع وبساطة قلب.

26 نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ: مسرّة الله هي في خلاص بسطاء النفس لأنّهم كالأطفال، وليس في المتكبّرين الظانين أنفسهم فهماء لا يحتاجون إلى الرب يسوع. لذلك يتركهم الله حسب إرادتهم تاركاً لهم فرصتهم للخلاص إلى يوم موت الجسد، وبعد ذلك إلى دينونة الحقّ. مسرّة الآب هي في أولاده المؤمنين بالرب يسوع، ليس حسب فهمهم إنّما فقط حسب إيمانهم ولو بمعرفة بسيطة، لأنّه هو الضامن لحياتهم حسب إيمانهم، فيعطيهم أن يعرفوا الآب في الروح لأنّهم أولاد الله في الروح. (متى 5: 3 طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ). فقط الّذين لهم ملكوت السماوات لهم أن يعرفوا المَلك السماوي.

27 كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي: كل شيء قد دفع من روح الله خالق السماوات والأرض إلى الرب يسوع ابن الإنسان. الله في جسد إنسان على الأرض (كولوسي 2: 9 فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا).

وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ: آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه لا يستطيع أحد أن يعرف الله إلاّ من خلال إيمانه بالرب يسوع ابن الإنسان كلمة الله على الأرض، ليعلن له الرب يسوع في الروح فيعرف حقيقة الآب والابن. (يوحنا 14: 6 أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.) الآب والابن واحد، روح الله يعمل في جسد إنسان لخلاص الإنسان. لا يستطيع أحد أن يفهم هذه الحقيقة الروحيّة إن لم يعلنها له الرب، لأنّه بالحكمة البشريّة لا يستطيع إنسان أن يفهم ما للروح. لأنّ الآب ربّ السماء والأرض أخفاها عن الحكماء والفهماء وأعلنها للأطفال في الروح.

28 تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ: تعالوا إلى الرب يسوع يا جميع المتعبين في هموم هذا العالم، والثقيلي الأحمال في متطلّبات الحياة الجسديّة، والرب يسوع يريحكم بالصبر والتعزية الروحيّة والسلام في حياة أبديّة يسكنها البرّ. الإيمان بالرب يسوع لا يمنع صعوبة الحياة الجسديّة بتعبها وأمراضها لأنّه جاء ليموت من أجل الحياة الروحيّة للمؤمن به، لذلك يُريح المؤمن من هموم الحياة النفسيّة في هذا العالم المؤقّت لأنّه ينظر إلى الحياة الأبديّة مع الرب يسوع. يفهم المؤمن بالرب يسوع أنّ حياته على الأرض مؤقّتة لا تستحقّ التعب من أجل أمور تزول، فينظر إلى الحياة الروحيّة لأنّها أبديّة. هكذا يُريحه الرب يسوع من تعبه وحمله لأنّه يبتعد عن أمور أرضيّة كثيرة كان يهتمّ بها قبل إيمانه.

29 اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ: النير في المثل الأرضي هو الخشبة المعترضة فوق عُنق الثّور أو عنقي الثّورين المقرونين، كي لا يفترقا، ليجرّا معاً المحراث أو غيره. أمّا النير الروحي في الآية السماويّة فهو الرابط الروحي بين الإنسان والرب يسوع المسيح المُخلص. من يحمل نير الرب يسوع ويتعلّم منه هو من يمشي معه في حياة روحيّة لا يفترق عنه كل أيّام حياته، يتعلّم من كلمة الرب في المكتوب ليعمل بها كما عمل بها الرب يسوع. يجد المؤمن راحة في حياته الروحيّة مع الرب يسوع لأنّه يعمل بكلمة الرب يسوع، لأنّها كلمة المحبّة والتواضع والعطاء والحياة الأبديّة، لذلك تجدوا راحة لنفوسكم في كلمة الرب يسوع.

30 لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ: نير العالم صعب وثقيل لكثرة الواجبات والهموم، أما نير الرب يسوع فهو هيّن ليس فيه واجبات، وحمله خفيف ليس فيه هموم، لأنّ الحياة مع الرب يسوع هي حياة المحبّة والتواضع وراحة النفس. النير الّذي يحمله الإنسان في الحياة الجسديّة ثقيل جداً لأنّه مليء بالهموم والخطايا ونهايته في الدينونة الأبديّة. أمّا نير الرب يسوع فهو خفيف لأنّ الرب يسوع هو الّذي يحمل عن المؤمن به ثقل ناموس الخطيّة، ويمنحه شفاء روحي ليزول عنه حمله العظيم في الخوف من يوم الدينونة. (متى 8: 16 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ، 17لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا».) (رومية 8: 1 إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. 2لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ.).

 

باسم الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content