تفسير إنجيل مَرْقُسَ
الأصحَاحُ الثَّالِثُ
1ثُمَّ دَخَلَ أَيْضًا إِلَى الْمَجْمَعِ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ. 2فَصَارُوا يُرَاقِبُونَهُ: هَلْ يَشْفِيهِ فِي السَّبْتِ؟ لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ. 3فَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْيَدُ الْيَابِسَةُ: «قُمْ فِي الْوَسْطِ!» 4ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟». فَسَكَتُوا. 5فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى. 6فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ.
7فَانْصَرَفَ يَسُوعُ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَمِنَ الْيَهُودِيَّةِ 8وَمِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ أَدُومِيَّةَ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. وَالَّذِينَ حَوْلَ صُورَ وَصَيْدَاءَ، جَمْعٌ كَثِيرٌ، إِذْ سَمِعُوا كَمْ صَنَعَ أَتَوْا إِلَيْهِ. 9فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ أَنْ تُلاَزِمَهُ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ لِسَبَبِ الْجَمْعِ، كَيْ لاَ يَزْحَمُوهُ، 10لأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَفَى كَثِيرِينَ، حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهِ لِيَلْمِسَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ دَاءٌ. 11وَالأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ حِينَمَا نَظَرَتْهُ خَرَّتْ لَهُ وَصَرَخَتْ قَائِلَةً:«إِنَّكَ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!». 12وَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ.
13ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. 14وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا، 15وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ الأَمْرَاضِ وَإِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ. 16وَجَعَلَ لِسِمْعَانَ اسْمَ بُطْرُسَ. 17وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ. 18وَأَنْدَرَاوُسَ، وَفِيلُبُّسَ، وَبَرْثُولَمَاوُسَ، وَمَتَّى، وَتُومَا، وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسَ، وَسِمْعَانَ الْقَانَوِيَّ، 19وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. ثُمَّ أَتَوْا إِلَى بَيْتٍ. 20فَاجْتَمَعَ أَيْضًا جَمْعٌ حَتَّى لَمْ يَقْدِرُوا وَلاَ عَلَى أَكْلِ خُبْزٍ. 21وَلَمَّا سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّهُ مُخْتَل!». 22وَأَمَّا الْكَتَبَةُ الَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ فَقَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ! وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». 23فَدَعَاهُمْ وَقَالَ لَهُمْ بِأَمْثَال: «كَيْفَ يَقْدِرُ شَيْطَانٌ أَنْ يُخْرِجَ شَيْطَانًا؟ 24وَإِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ. 25وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ. 26وَإِنْ قَامَ الشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ وَانْقَسَمَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَثْبُتَ، بَلْ يَكُونُ لَهُ انْقِضَاءٌ. 27لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ قَوِيٍّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ. 28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. 29وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً». 30لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ رُوحًا نَجِسًا».
31فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. 32وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ». 33فَأَجَابَهُمْ قِائِلاً: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» 34ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، 35لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».
1 ثُمَّ دَخَلَ أَيْضًا إِلَى الْمَجْمَعِ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ.: دخل الرب يسوع إلى مجمع المؤمنين ليصنع آيات روحيّة، فيتعلّم منه المؤمن الّذي يبحث عن الحقّ السماوي. كان في المجمع بين المؤمنين رجل يده يابسة، آية روحيّة للمؤمن الّذي لا يعمل بالرحمة السماويّة، يده يابسة عن العطاء "يده ناشفة".
2 فَصَارُوا يُرَاقِبُونَهُ: هَلْ يَشْفِيهِ فِي السَّبْتِ؟ لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ.: هؤلاء هم الّذين لا يريدون أن يسمعوا كلمة الله في المتكلّم حسب المكتوب، لأنّهم فقط يبحثون كيف يشتكون عليه. آية لكل مؤمن يبحث كيف يدين المتكلّم الروحي فلا يسمع ليفهم منه.
3 فَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْيَدُ الْيَابِسَةُ: «قُمْ فِي الْوَسْطِ!»: قال له أن يقوم في الوسط ليصنع منه آية روحيّة، يتعلّم منها كل مؤمن يطلب أن يفهم كلمة الله الروحيّة، فيعمل بها في الروح.
4 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟». فَسَكَتُوا.: إن كان المؤمن لا يعرف أن يجيب على هذا السؤال المهم والبسيط فهو لا يعرف شيء عن كلمة الله. وإن سكت لأنّه لا يريد أن يُجيب على هذا السؤال فهو يحارب كلمة الله. السبت هو الحياة الروحيّة مع الله باسم الرب يسوع الفادي، فهو لفعل الخير وتخليص النفوس.
5 فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى.: ينظر الرب يسوع بغضب حزيناً على غلاظة قلب كل مؤمن لا يطلب الحقّ السماوي فقط في المكتوب، لأنّه يتبع أقوال الشيوخ وحكمة الناس الجسديّة فلا يعمل بكلمة الله الروحيّة فقط حسب المكتوب. هكذا ينظر الرب يسوع إلى كل مؤمن يرفض المتكلّم الروحي خادم الرب حسب المكتوب، لأنّه يسمع فقط للمعلّمين الّذين يتبعهم، حتّى وإن كان كلامهم يتعارض مع المكتوب لأنّه يختار المتكلّم وليس الكلمة. يشفي الرب يسوع يد المؤمن اليابسة فيمدّها للخدمة والعطاء.
6 فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ.: لا يتشاورون على قتله في الهيكل لذلك خرجوا من الهيكل وكأنّ الله حرّم قتل النفس في الهيكل وليس خارجه. يُكلّمهم الرب يسوع بالحقّ والرحمة وهم يتشاورون عليه ليُهلكوه، هكذا يفعل كل مؤمن لا يعمل فقط حسب الآيات الروحيّة في المكتوب، لأنّه بالعمل الجسدي والحكمة الأرضيّة يقتل كلمة الله الروحيّة للحياة الأبديّة.
7 فَانْصَرَفَ يَسُوعُ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَمِنَ الْيَهُودِيَّةِ: ينصرف الرب يسوع من أمام كل إنسان لا يبحث عن الحقّ السماوي، ومن أمام كل إنسان يحارب كلمة الله. آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه لا يقاوم المحاربين له، لكنّه ينصرف من أمامهم لأنّهم لا يستحقّون. أمّا الجمع الّذي يؤمن به فيتبعه كل حين.
8 وَمِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ أَدُومِيَّةَ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. وَالَّذِينَ حَوْلَ صُورَ وَصَيْدَاءَ، جَمْعٌ كَثِيرٌ، إِذْ سَمِعُوا كَمْ صَنَعَ أَتَوْا إِلَيْهِ.: صنع الرب يسوع من هذا الشعب آية روحيّة لكل مؤمن يطلب الحياة الأبديّة، فلا يتبع المعلّمين لأنّه يتبع الرب يسوع فقط حسب المكتوب. لأنّ المعلّمين باسم الله يمكن أن يعملوا على قتل الرب يسوع في قلوب المؤمنين. ترك هذا الجمع كل شيء وترك التعاليم والمعلّمين وأتوا إلى الرب يسوع طبيب الروح للحياة الأبديّة.
9 فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ أَنْ تُلاَزِمَهُ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ لِسَبَبِ الْجَمْعِ، كَيْ لاَ يَزْحَمُوهُ: الرب يسوع هو سفينة الخلاص، والسفينة الصغيرة هو المؤمن به لخدمة الكلمة في العالم. لماذا هو سفينة؟ لأنّ البحر هو العالم والسفينة على البحر وليس في البحر، أي أنّ المؤمن ليس من العالم لأنّه يعيش للحياة الروحيّة خارج شهوات العالم، ويلازم الرب يسوع ليخدم به الجموع. (متى 25: 40 فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.) الرب يسوع هو سفينة الخلاص والمؤمن به "بقوله: إخوتي الأصاغر" هو سفينة صغيرة يخدم لخلاص الإنسان الخاطي. يقول الرب أن تلازمه سفينة صغيرة لسبب الجمع، كي لا يزحموه. آية روحيّة بعد صعوده، فلا يزحمه جمع لأنّه بالروح يسكن في المؤمن به، السفينة الصغيرة لخدمة كلمة الله.
10 لأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَفَى كَثِيرِينَ، حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهِ لِيَلْمِسَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ دَاءٌ.: آية روحيّة طلب فيها الرب يسوع سفينة روحيّة صغيرة يستخدمها في الروح بعد صعوده في الجسد. لأنّه كان قد شفى كثيرين وهو في الجسد على الأرض، حتّى وقع عليه ليلمسه كل من فيه داء. آية روحيّة يطلب فيها الرب يسوع من المؤمن به أن يجعل من نفسه سفينة صغيرة يستخدمه الرب ليشفي كل إنسان يأتي إليه في الروح. فيقع عليه ويلمسه كل من فيه داء روحي وهو في خادمه.
11 وَالأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ حِينَمَا نَظَرَتْهُ خَرَّتْ لَهُ وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «إِنَّكَ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!».: الأرواح النجسة تعرف الرب يسوع لأنّه الوحيد الّذي انتصر على كل تجارب إبليس ولم يفعل خطيّة. الأرواح النجسة هي الخطيّة. تخر الخطيّة وتصرخ أمام الرب يسوع لأنّه يتسلّط عليها ويهلكها برفضه لها. ليس كالإنسان الخاطي الّذي تتسلّط عليه الخطيّة وتهلكه لأنّه يخرّ أمامها.
12 وَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ.: أوصى الرب يسوع الأرواح النجسة أن لا يظهروه لأنّ أعمالهم شرّيرة. لذلك يطلب الرب يسوع فقط من المؤمن به أن يُظهره بأعمال الإيمان الصالح.
13 ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ.: كثيرين يتبعون الرب يسوع وكثيرين يشفيهم الرب يسوع من أمراضهم الروحيّة، لكن ليس الجميع يستحقّ أن يدعوه الرب يسوع ليأتي إليه. لذلك صعد إلى جبل الرب ودعا الّذين أرادهم فقط فذهبوا إليه. الّذين يريدهم الرب يسوع هم الّذين يتبعونه عاملين بالروح كل حين حسب المكتوب.
14 وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا: يُقيم الرب يسوع من الّذين يدعوهم إليه تلاميذ ليكونوا معه فيعلّمهم كلمة الله الروحيّة، ليرسلهم فيكرزوا بكلمة الله الروحيّة، لخلاص الإنسان الخاطي من الدينونة الأبديّة.
15 وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ الأَمْرَاضِ وَإِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ.: أعطى الرب يسوع تلاميذه سلطانه الروحي لشفاء الأمراض الروحيّة في الإنسان الّذي يبحث عن الحقّ السماوي، فيبصر ويسمع ويخدم كلمة الله في الروح. وأعطاهم سلطان كلمة الله الروحيّة لإخراج شياطين الخطيّة من الإنسان الخاطي، فيرفض الخطيّة ويطلب البرّ في حياة روحيّة مع الرب يسوع الفادي.
16 وَجَعَلَ لِسِمْعَانَ اسْمَ بُطْرُسَ.: يمنح الرب يسوع اسماً سماوياً للمؤمن الّذي يولد من الروح. لأنّ الخلاص هو الولادة من الروح فيأخذ اسمه من فوق. (يوحنّا 3: 5 أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. 6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.). سمعان من الجسد وبطرس من الروح.
17 وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ.: جعل لهما اسماً واحداً، لأنّ الرعد هو اسم الأب وليس اسم يعقوب ويوحنّا. ابني زبدي في الجسد وابني الرعد في الروح، أي أولاد الله. (رؤيا 14: 2 وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ.). (يوحنّا 12: 28 أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضًا!». 29فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفًا وَسَمِعَ، قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ مَلاَكٌ!».). (صموئيل الأوّل 7: 10 فَأَرْعَدَ الرَّبُّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَزْعَجَهُمْ، فَانْكَسَرُوا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ.). (صموئيل الثاني 22: 14 أَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ، وَالْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ.).
18 وَأَنْدَرَاوُسَ، وَفِيلُبُّسَ، وَبَرْثُولَمَاوُسَ، وَمَتَّى، وَتُومَا، وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسَ، وَسِمْعَانَ الْقَانَوِيَّ: لم يعط الرب يسوع أسماء لتلاميذه إلاّ اسم بطرس، لأنّ المؤمنين في الجسد لهم أسماء كثيرة أمّا في الروح فلهم آب سماوي واحد واسم سماوي واحد هو بطرس، أي حجر سماوي من الصخرة السماويّة. (كورنثوس الأولى 10: 4 وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ.). المؤمنون هم حجارة روحيّة لبناء كنيسة الرب يسوع الروحيّة والرب يسوع هو حجر الزاوية. (بطرس الأولى 2: 4 الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَرًا حَيًّا مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ، 5كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ بَيْتًا رُوحِيًّا).
19 وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. ثُمَّ أَتَوْا إِلَى بَيْتٍ.: أمّا يهوذا الإسخريوطي فاسمه الروحي ابن الهلاك. (يوحنّا 17: 12 الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ، وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهَلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ.).
20 فَاجْتَمَعَ أَيْضًا جَمْعٌ حَتَّى لَمْ يَقْدِرُوا وَلاَ عَلَى أَكْلِ خُبْزٍ.: حتّى لم يقدروا ولا على أكل خبز بسبب الجمع الّذي جاء إليهم ليرى ويسمع كلمة الرب يسوع. هكذا يعمل المؤمن الصالح في خدمة الكلمة، يُهمل كل شيء جسدي عندما تستدعي الحاجة للخدمة الروحيّة.
21 وَلَمَّا سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّهُ مُخْتَل!».: أمّا اقرباؤه فلمّا سمعوا أنّه يشفي المرضى ويتبعه جمع كثير، رفضوا أعماله وقالوا عنه مختل وخرجوا ليمسكوه. الغريب يؤمن به والقريب يرفضه! آية روحيّة لخدّام الرب يسوع، فلا يندهش خادم الرب أو ينزعج إن قبِله الغريب ورفضه القريب.
22 وَأَمَّا الْكَتَبَةُ الَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ فَقَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ! وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ».: أقرباؤه يرفضونه بقولهم أنّه مختل لأنّهم جسديّين لا يفهمون كلمة الله الروحيّة. أمّا الكتبة الّذين نزلوا من أورشليم، أي الّذين يفهمون أنّ كلمة الله روحيّة، فيرفضونه بقولهم أنّ معه رئيس الشياطين. آية روحيّة فيها نوعان من الرافضين لكلمة الله الروحيّة، منهم من يرفض لأنه لا يفهم ما للروح والحياة الأبديّة فيقول أنّ المتكلّم بالروحيّات مختل. ومنهم من يقبل الروحيّات كالكتبة لكنّه لا يفهم أنّ كلمة الله فقط روحيّة وليس فيها جسديّات تزول، فيقول أنّ في المتكلّم شيطان.
23 فَدَعَاهُمْ وَقَالَ لَهُمْ بِأَمْثَال: «كَيْفَ يَقْدِرُ شَيْطَانٌ أَنْ يُخْرِجَ شَيْطَانًا؟: تكلّم الرب يسوع عن إخراج الشياطين بأمثال أرضيّة. لأنّها آيات روحيّة لحقيقة سماويّة. فهي آيات روحيّة لإخراج روح الخطيّة، أي محبّة الخطيّة، من الإنسان الخاطي باستخدام كلمة الله في الرب يسوع البارّ، أي فقط حسب المكتوب. كيف يقدر شيطان الخطيّة أن يُخرج شيطان يحبّ الخطيّة مثله؟ الروح النجس هو محبّة الخطيّة لذلك لا يمكن أن يمنع عن الإنسان محبّة الخطيّة. بالبرّ فقط يخرج شيطان الخطيّة، والرب يسوع كلمة الله هو البارّ الوحيد الّذي يستطيع أن يُخرج الشياطين، لأنّه الوحيد الّذي لم يفعل خطيّة.
24 وَإِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ.: المثل الّذي يستخدمه الرب يسوع يتكلّم عن مملكة في الأرض، والآية السماويّة منه تتكلّم عن مملكة البرّ في الرب يسوع وملائكته، أو مملكة الشرّ بإبليس وملائكته. مملكة البرّ لخلاص الإنسان ومملكة الشرّ لدينونة الإنسان. لا يمكن للمملكة الواحدة أن تعمل عمل المملكة الأخرى، لذلك مملكة الشيطان ثابتة إلى نهاية العالم.
25 وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ.: البيت هو المثل والإنسان هو الآية الروحيّة منه. (متّى 7: 24 فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ.) البيت هو الإنسان، يبني نفسه على كلمة الرب يسوع. وإن انقسم إنسان على ذاته لا يقدر أن يثبت في مملكة الرب يسوع، لأنّه بالإيمان الكامل فقط بالرب يسوع يخلص الإنسان. أمّا المنقسم على ذاته يسقط، لأنّه يؤمن بالرب يسوع لكنّه أيضاً يؤمن بغيره، فلا يعمل فقط حسب كلمة الله في المكتوب. لذلك لا يثبت بالرب يسوع للحياة الأبديّة، بل يأتي إلى دينونة الحقّ مع مملكة الشرّ.
26 وَإِنْ قَامَ الشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ وَانْقَسَمَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَثْبُتَ، بَلْ يَكُونُ لَهُ انْقِضَاءٌ.: الشيطان يحبّ الخطيّة فإن قام على ذاته وأخرج شيطان، أي علّم البرّ، فلا تقدر مملكته أن تثبت. لا يمكن للشيطان أن يعمل البرّ لأنّه رفض برّ الله وأحبّ الخطيّة. لذلك مملكة إبليس في العالم ثابتة إلى انقضاء الدهر. يسمح الله بوجود إبليس في العالم ليمنح الإنسان حرّيّة الاختيار بين الخير والشرّ.
27 لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ قَوِيٍّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ.: الرب يسوع هو الّذي دخل بيت القويّ، أي دخل العالم بيت إبليس للشهوات والخطيّة. وربطه بالبرّ لأنّه لم يفعل خطيّة في كل التجارب. وحينئذٍ نهب بيته بالفداء، فأخذ من بيت ابليس كل الّذين آمنوا به.
28 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا.: جميع الخطايا الّتي يفعلها الإنسان ضدّ الإنسان، والتجاديف الّتي يجدّفها على ابن الإنسان الفادي، جميعها تُغفر للمؤمن الّذي يتوب.
29 وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً».: ولكن من جدّف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد لأنّه يجدّف على روح الحقّ، الله الّذي بذل ابنه البارّ لخلاص الإنسان الخاطي من دينونة أبديّة.
30 لأَنَّهُمْ قَالُوا: "إِنَّ مَعَهُ رُوحًا نَجِسًا".: جدّفوا على الروح القدس الّذي في الرب يسوع بقولهم أنّ معه روح نجس. من قال أنّ في الرب يسوع روح نجس فهو يجدف على روح الله، لذلك ليس له مغفرة إلى الأبد.
31 فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ.: جاءت أمّه وإخوته في الجسد، ووقفوا خارجاً. آية لكل مؤمن يطلب الرب يسوع في الجسد، فيقف خارج المحضر الروحي للرب يسوع، لأنّه ينتظره ليخرج من الحياة الروحيّة ويأتي إليه إلى الحياة الجسديّة، فلا يخرج إليه. كالّذي يطلب ما للجسد من الرب يسوع طبيب الروح، فلا يسمع له.
32 وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ».: الجمع الّذي يجلس حوله هو الجمع الّذي يسمع منه كلمة الله الروحيّة فقط في المكتوب. يقولون له أنّ خارج هذه الكلمة الروحيّة من يطلبك في الجسد. لم يخرج لهم وهم الأقرب له في الجسد. يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة أنّه لا يأتي إلى الّذين يطلبونه في الجسد، فلا ينتظر المؤمن أن يأتي إليه الرب يسوع ليستجيب لطلباته الجسديّة، لأنّ الرب يسوع هو الطبيب الروحي للحياة الأبديّة.
33 فَأَجَابَهُمْ قِائِلاً: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟»: آية روحيّة يسأل فيها الرب يسوع كل مؤمن يطلبه للأمور الجسديّة. لا يتكلّم الرب يسوع بما للجسد، لذلك المؤمن الجسدي ينتظر منه جواب جسدي، أمّا المؤمن الروحي فيفهم أن الرب يسوع يسأل من أمّي وإخوتي في الروح. (يوحنّا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ.)
34 ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي: كلمة الله روحيّة لذلك لم يستجب لطلب أمّه وإخوته في الجسد، لأنّه ينظر إلى المؤمنين الّذين يجلسون معه ويقول أنّهم أمّي وإخوتي في الروح.
35 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».: لا يترك المؤمن كلمة الله الروحيّة ليعمل بها جسديّة، لأنّه بالعمل الروحي فقط يصنع مشيئة الله، ليصبح المؤمن الصالح هو عائلة الرب يسوع الروحيّة. تقول الآية أنّ المؤمن الواحد هو أخ وأخت وأيضاً أُم للرب يسوع، والله هو الآب السماوي. المؤمن الواحد هو أخ وأخت لأنّ الكل واحد لا مذكّر ولا مؤنّث في الروح، وهو أيضاً أُمّ لأنّه يحمل الرب يسوع في قلبه.
بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود