تفسير إنجيل متّى
الأصحَاحُ الثَّامِنُ
1وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. 2وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ».
5وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ كَفْرَنَاحُومَ، جَاءَ إِلَيْهِ قَائِدُ مِئَةٍ يَطْلُبُ إِلَيْهِ 6وَيَقُولُ: «يَا سَيِّدُ، غُلاَمِي مَطْرُوحٌ فِي الْبَيْتِ مَفْلُوجًا مُتَعَذِّبًا جِدًّا». 7فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ». 8فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي. 9لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ. لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. أَقُولُ لِهذَا: اذْهَبْ! فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: ائْتِ! فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِيَ: افْعَلْ هذَا! فَيَفْعَلُ». 10فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ تَعَجَّبَ، وَقَالَ لِلَّذِينَ يَتْبَعُونَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا! 11وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، 12وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ». 13ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ: «اذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ». فَبَرَأَ غُلاَمُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.
14وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ، رَأَى حَمَاتَهُ مَطْرُوحَةً وَمَحْمُومَةً، 15فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى، فَقَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ. 16وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ، 17لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا».
18وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعًا كَثِيرَةً حَوْلَهُ، أَمَرَ بِالذَّهَاب إِلَى الْعَبْرِ. 19فَتَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». 20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي، وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ».
23وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ تَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. 24وَإِذَا اضْطِرَابٌ عَظِيمٌ قَدْ حَدَثَ فِي الْبَحْرِ حَتَّى غَطَّتِ الأَمْوَاجُ السَّفِينَةَ، وَكَانَ هُوَ نَائِمًا. 25فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ!» 26فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟» ثُمَّ قَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ، فَصَارَ هُدُوء عَظِيمٌ. 27فَتَعَجَّبَ النَّاسُ قَائِلِينَ: «أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ جَمِيعًا تُطِيعُهُ!».
28وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ الْجِرْجَسِيِّينَ، اسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدًّا، حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ. 29وَإِذَا هُمَا قَدْ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟» 30وَكَانَ بَعِيدًا مِنْهُمْ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَةٍ تَرْعَى. 31فَالشَّيَاطِينُ طَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ تُخْرِجُنَا، فَأْذَنْ لَنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى قَطِيعِ الْخَنَازِيرِ». 32فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا». فَخَرَجُوا وَمَضَوْا إِلَى قَطِيعِ الْخَنَازِيرِ، وَإِذَا قَطِيعُ الْخَنَازِيرِ كُلُّهُ قَدِ انْدَفَعَ مِنْ عَلَى الْجُرُفِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمَاتَ فِي الْمِيَاهِ. 33أَمَّا الرُّعَاةُ فَهَرَبُوا وَمَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَخْبَرُوا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَنْ أَمْرِ الْمَجْنُونَيْنِ. 34فَإِذَا كُلُّ الْمَدِينَةِ قَدْ خَرَجَتْ لِمُلاَقَاةِ يَسُوعَ. وَلَمَّا أَبْصَرُوهُ طَلَبُوا أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْ تُخُومِهِمْ.
1 وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ تَبِعتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ: الجموع تتبع الرب يسوع لأنّهم سمعوا أقواله فآمنوا به وتبعوه. آية تتكلّم عن الإنسان الّذي يسمع كلمة الرب يسوع فيؤمن به ويتبعه كل أيّام حياته. آية تتكلّم عن الّذي آمن واعتمد، يسمع كلمة الرب ويتبعه. الّذي يطلب الخلاص الروحي يتبع الرب يسوع في الروح وليس يسمع أقواله فقط. والّذي يتبع الرب يسوع في الروح هو الّذي يعمل بكلمة الرب يسوع الروحيّة، ليس بالأمثال الجسديّة إنّما بالآيات الروحيّة الّتي يفهمها من الأمثال. (كورنثوس الثانية 3: 6 الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي.).
2 وإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَد لَه قَائِلا يا سَيّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهرَنِي: آية روحيّة تتكلّم عن الأبرص في الروح الّذي يأتي إلى الرب يسوع ويسجد له في الروح. الأبرص في الروح هو الخاطي الّذي يعترف بأنّه خاطي ويطلب الشفاء من نجاسة الخطيّة. (الاويين 13: 44 فَهُوَ إِنْسَانٌ أَبْرَصُ. إِنَّهُ نَجِسٌ. فَيَحْكُمُ الْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ.) النجس في الروح هو نجس بسبب الخطيّة لذلك يحكم عليه كاهن، لأنّ الرب يسوع لا يتكلّم عن مرض جسدي إنّما روحي. يأتي الخاطي إلى الرب يسوع ويسجد له في الروح، فيأخذ منه الشفاء بغفران الخطايا فيطهر من برصه. كيف يسجد المؤمن في الروح؟ العمل بأقوال الرب يسوع فقط حسب المكتوب هو سجود الروح أمام الرب يسوع. لا يأخذ الإنسان شفاءه من برص الخطيّة إن لم يعترف أوّلاً أنّه أبرص الروح، ويطلب الشفاء مؤمناً بالرب يسوع سيّد على حياته ساجداً له في الروح لا مجرّباً له.
3 فَمَد يَسُوع يَدَه وَلَمَسَه: لمس الرب يسوع المريض دون أن يطلب منه شيء، لم يطلب منه أن يكرّر طلبه، ولم يطلب منه وسيط، بل مدّ يده في الحال عند طلب المريض ولمسه ليشفيه. يمد الرب يسوع يده ليشفي كل مريض روحي يعترف بمرضه ويطلب الشفاء الروحي، لأنّ الرب يسوع يصنع آية روحيّة مستخدماً المرض الجسدي مثلاً لشفاء المرض الروحي في حياة المؤمن الروحي. يلمس الرب يسوع الإنسان النجس في الروح ولا يرفضه مهما كان نجسه عظيم بسبب خطاياه العظيمة. كل ما يطلبه الرب يسوع هو أن يعترف الإنسان بمرضه الروحي ويأتي إليه بالإيمان ليشفيه.
قَائِلا: أُرِيدُ، فَاطْهُرْ: الرب يسوع يُريد أن يُطهّر كل أبرص يأتي إليه بسجود وإيمان.
وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُه: بعد أن لمسه الرب يسوع تحوّل الأبرص المشوّه المظهر إلى طاهر جميل المظهر. يأتي الإنسان النجس في الروح بسبب الخطايا إلى الرب يسوع فيشفيه من مرضه بغفران خطاياه، فيتحوّل من إنسان قبيح النفس منبوذ من الناس إلى مؤمن جميل النفس محبوب من الناس.
4 فَقَالَ لَه يَسُوعُ: انظُرْ أَنْ لا تَقُولَ لأحَد: الرب يسوع يطلب الفعل من المؤمن به وليس الكلام. يطلب الرب يسوع من المؤمن الّذي شفاه من برصه ألا يقول بالكلام، لأنّ مظهره المتغيّر يُظهر شفاءه دون الكلام. آية روحيّة تتكلم عن حياة المؤمن الّذي شفاه الرب يسوع من نجاسة الخطيّة ليظهر للناس بأفعاله وليس بقوله: "أنا مؤمن". (يعقوب 2: 18 لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي.)
بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَة لَهُمْ: القربان في العهد القديم يُقدَّم بالفرائض والذبائح الحيوانيّة لأنّه يرمز للإيمان الروحي قبل مجيء الرب يسوع الفادي (الاويين 1: 1)، أمّا القربان في العهد الجديد، بعد مجيء الرب يسوع، يُقدّم في حياة روحيّة معه بلا انقطاع لأنّه في طبيعة المؤمن الروحي. القربان الروحي هو المحبّة باسم الرب يسوع في العطاء والغفران دون شرط، مقدّماً حقّه الأرضي قرباناً روحياً لحياته السماويّة. (أفسس 5: 1 فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ، 2وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً.). لماذا يقدّم المؤمن قربانه الروحي باسم الرب يسوع؟ لأنّ الرب يسوع هو الّذي شفاه من نجاسة برصه، فيُظهر شفاءه للناس بقربانه الّذي يقدّمه باسم الرب يسوع الشافي وليس بالكلام. من هو الكاهن في الروح؟ الكاهن هو كل مؤمن روحي يأخذ خلاصه من الرب يسوع فهو كاهن للرب. (الرؤيا 1: 5 وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، 6وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.). لماذا يطلب الرب يسوع من الأبرص أن يذهب إلى الكاهن ليراه؟ كل مؤمن يشفيه الرب يسوع من نجاسة الخطيّة يأتي إلى إخوته المؤمنين لينظروا عمل الرب به، وينضمّ إليهم في حياة روحيّة شاهداً وخادماً للرب. يقول الرب قدّم القربان الّذي أمر به موسى شهادة لهم، شهادة لمن؟ شهادة للناس الّذين تريد أن تقول لهم ماذا صنع الرب بك، لأنّه قال له لا تقل لأحد، بل قدّم قربانك شهادة لهم. آية يقول فيها الرب يسوع للمؤمن به ألا يتكلّم بل يفعل، وفعله يدلّ على إيمانه بين الناس. (يعقوب 2: 14 مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَانًا وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ، هَلْ يَقْدِرُ الإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟ 15إِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ الْيَوْمِيِّ، 16فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: «امْضِيَا بِسَلاَمٍ، اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا» وَلكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ؟ 17هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي.).
5 وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ كَفْرَنَاحُومَ، جَاءَ إِلَيْهِ قَائِد مِئَة يَطْلُبُ إِلَيْهِ: كيف يدخل الرب يسوع اليوم إلى مكان، فيأتي إليه من يطلب شفاء؟ يدخل الرب يسوع من خلال المؤمنين به خدّام الكلمة السماويّة، فيأتي إليهم الّذي يطلب الشفاء الروحي من الرب يسوع الّذي يستخدمهم. كيف يطلب الإنسان من الرب يسوع وهو ليس موجوداً أمامه في الجسد؟ يطلب منه في الروح بالطلب من خدّامه الواقفين أمامه في الجسد، لأنّ المؤمن هو هيكل الله الّذي يسكن فيه في الروح، فهو سفير الرب يسوع على الأرض، يعمل فقط حسب قول الرب يسوع ولا يستخدم حكمته البشرّية. (كورنثوس الثانية 5: 20 إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ. 21لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.)
6 وَيَقُولُ يَا سَيدُ، غُلاَمِي مَطْرُوح فِي الْبَيْتِ مَفْلُوجًا مُتَعَذِبًا جِدًّا: يطلب قائد المئة من أجل خادمه، لأنّه إنسان متواضع ويؤمن أنّ الرب يسوع هو السيّد الّذي يشفي المريض بكلمة. المثل الجسدي في هذه الآية هو أنّ الخادم المفلوج لا يستطيع أن يخدم سيّده، والآية الروحيّة منه هي أنّ المفلوج في الروح لا يستطيع أن يخدم الرب يسوع. المفلوج في الروح هو المؤمن الّذي يريد أن يخدم لكنّه لا يستطيع لأنّه يعمل حسب عادات وتقاليد الناس وليس حسب أقوال الرب يسوع الروحيّة، لذلك إيمانه الروحي مفلوج ولا يستطيع أن يخدم كلمة الرب الروحيّة قبل شفائه. كيف يشفي الرب يسوع المؤمن من مرضه الروحي؟ يتمّ شفاء المريض الروحي بكلمة من الرب عندما يرفض عادات وتقاليد وأقوال من صنع الإنسان ويعمل فقط حسب كلمة الرب يسوع الروحيّة، فقط حسب المكتوب.
7 فَقَالَ لَه يَسُوعُ: أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ: آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه يستجيب لصلاة المؤمن الروحي في الحال، لا يرفض طلبه ولا يُأجّل شفاء المريض، بل يأتي في الحال ويشفيه.
8 فَأجَابَ قَائِد الْمِئَةِ وَقَالَ: يَا سَيدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَة فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلامِي: يعترف قائد المئة أمام الرب يسوع بأنه خاطي ولا يستحق أن يدخل الرب يسوع إلى بيته، لكنّه يؤمن به السيّد القادر على شفاء المريض بكلمة. ما هي الكلمة الّتي يقولها الرب يسوع لشفاء المريض الروحي؟ كلمة الرب يسوع هي كلمة الحياة الروحيّة في المكتوب، تشفي كل مريض روحي يعمل بها. آية يتعلّم منها الإنسان كيف يأتي إلى الرب يسوع ليطلب منه الشفاء الروحي، فلا يأتي ليجرّبه إنّما يأتي إليه بالإيمان والتواضع عاملاً بكلمة سيّده. هذا هو المؤمن الّذي يقبله الرب يسوع ويمنحه الشفاء الروحي بالنعمة.
9 لأَني أَنَا أَيْضًا إِنْسَان تَحْتَ سُلْطَان. لِي جُنْد تَحْتَ يَدِي. أَقُولُ لِهذَا: اذْهَبْ فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: ائْتِ! فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِيَ: افْعَلْ هذَا! فَيَفْعَلُ: يقول قائد المئة أنّه لا يستحقّ أن يدخل الرب يسوع إلى بيته لأنّه وإن كان هو قائد مئة إنّما هو أيضاً إنسان تحت سلطان، وهذا السلطان يفرض عليه أن يأمر جند وعبيد تحت يده، فيرى في هذا أنّه لا يتواضع كالأولاد (متى 18: 3 «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.).
10 فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ تَعَجَّبَ، وَقَالَ لِلَّذِينَ يَتْبَعُونَ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلا فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا: لماذا لم يرفض الرب يسوع قائد المئة بسبب عمله غير المتواضع مع جنوده وخدّامه، بل قال عنه عظيم الإيمان؟ لأنّه يؤمن بالرب يسوع الّذي يشفي المريض بالكلمة الروحيّة، بعدم حضوره في الجسد أمام المريض، ولأنّه متواضع الروح بقوله أنّه لا يستحقّ أن يدخل الرب يسوع إلى بيته، وأيضاً يعمل بخادمه حسب الرحمة الّتي قال عنها الرب يسوع (لوقا 10: 36 فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟» 37فَقَالَ: «الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا».) هكذا صنع قائد المئة بخادمه المفلوج. قائد المئة لم يُخطئ بسبب عمله لأنّه يعمل ما لقيصر (متى 22: 21 «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ».). لماذا يقول لم أجد ولا في إسرائيل؟ لأنّه من المفروض أن يأتي الإيمان العظيم من إسرائيل شعب الله، لكنّه لم يجد إيمان مثل إيمان قائد المئة غير اليهوديّ، ليس فقط عند الأمم إنّما ولا في إسرائيل.
آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع للّذي يأتي إليه يطلب الشفاء الروحي أن يأتي إليه بالإيمان والتواضع والمحبّة، والاعتراف بعدم استحقاقه لأنّه خاطي يستحقّ الموت، والإيمان بكلمة الرب يسوع لشفاء الروح، فقط حسب المكتوب لأنّها كلمة روحيّة واحدة لا يُزاد عليها حرف ولا يُحذف منها حرف حسب حكمة الإنسان الجسدي الخاطي. الإيمان بشفاء المريض الروحي من نجاسة خطيّة الموت ليدخل الحياة الأبديّة بدم وبرّ الرب يسوع.
11 وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: يقول الرب يسوع في هذه الآية أنّ قائد المئة هو واحد من كثيرين من غير اليهود سيأتون إلى الرب يسوع ويأخذون منه الخلاص في ملكوت السماوات، لأنّ دخول ملكوت السماوات يتمّ فقط بالإيمان الروحي، وليس بحسب نسب الإنسان في الجسد، أي لا يتمّ بالوراثة. لذلك الّذين هم من الأمم، الّذين يأتون من المشارق والمغارب، أي الّذين ليس لهم علاقة سابقة بالرب يسوع لأنّهم ولدوا في بيت لا يعرف الرب يسوع، سيأتون إلى الرب يسوع ويتّكئون في الروح مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات، والّذين لا يؤمنون في الروح وإن كانوا من نسل إبراهيم وإسحاق ويعقوب في الجسد، أو من نسل إنسان يؤمن بالرب يسوع، لن يتّكئوا معهم في ملكوت السماوات إن لم يؤمنوا ويعتمدوا بكلمة الرب يسوع الفادي حسب المكتوب.
12 وَأمَا بَنوُ الْمَلكُوتِ فَيطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ: بنو الملكوت هم بنو إسرائيل لأنّهم الشعب الذي أختاره الله ليأتي منه المسيح، آية تتكلّم عن كل مولود في بيت يؤمن بالرب يسوع لكنّه لم يعتمد في الروح لخلاص نفسه ودخوله ملكوت السماوات، هؤلاء هم الّذين آمنوا ولم يعتمدوا، لذلك يُطرحون إلى الظلمة الخارجية، أي إلى خارج محضر الله في الظلمة الأبديّة، لأنّ الله هو نور الحياة وخارج محضره هو الموت في الظلمة الروحيّة، المكان المعدّ لإبليس وملائكته ولكل الخطاة الّذين لم يؤمنوا بالرب يسوع الفادي، وأيضاً للّذين آمنوا ولم يعتمدوا. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان لأنّهم في ندم أبدي بسبب رفضهم للرب يسوع المخلّص الّذي أتى إليهم وتكلّم معهم في تلاميذه وخدّامه. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.).
13 ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ: «اذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ». فَبَرَأَ غُلاَمُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ: آية يقول فيها الرب يسوع أنّه يستجيب لطلب المؤمن بحسب إيمانه وليس بحسب أعماله أو في تكرار كلامه. وأنّ الرب يسوع يستجيب في الحال ولا يؤجّل. الإيمان ليس فقط في القلب أو في تكرار الكلام إنّما بالفعل الّذي يدلّ على الإيمان، قائد المئة أتى إلى الرب يسوع بالإيمان والتواضع والمحبّة والخدمة وأحبّ قريبه كنفسه (متى 22: 39 تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.) لذلك قال له الرب يسوع «اذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ». فَبَرَأَ غُلاَمُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ. كلمة الرب يسوع لشفاء المريض هي في المكتوب يعمل بها المؤمن الروحي لشفاء الروح. بالإيمان يأتي الإنسان إلى الرب يسوع من خلال معرفته لكلمة الرب في المكتوب، وأيضاً من خلال خدّامه الّذين يخدمون فقط حسب كلمة الرب يسوع الروحيّة. (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.) (افسس 4: 11 وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، 12لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، 13إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. 14كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ.).
قائد مئة يطلب لخادمه: آية روحيّة فيها فعل يدلّ على إيمان، تواضع، محبة، خدمة، اعتراف بعدم الاستحقاق وأنّ الرب يسوع يشفي بالنعمة، وأعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله وأحبّ قريبه كنفسه. هذا هو عظيم الإيمان.
14 وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ، رَأَى حَمَاتَه مَطْرُوحَة وَمَحْمُومَةً: أتى الرب يسوع إلى بيت تلميذه بطرس وشفى من فيه مريض دون أن يطلب منه بطرس. آية روحيّة، يستخدم الرب يسوع المؤمن به ليأتي في الروح إلى بيته ويشفي من فيه مريض في الروح. (أعمال الرسل 16: 31 فَقَالاَ: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ».). لماذا لا يخلص جميع الّذين في البيت؟ لأنّها آية روحيّة فيها شفاء المريض الّذي في البيت، وليس لغير المريض. المريض في الروح هو الّذي يعترف في نفسه وأمام الرب يسوع أنّه مريض ويحتاج إلى شفاء، لذلك الّذي في البيت لكن لا يعترف أنّه مريض لا يخلص (مرقس 2: 17 فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».) لا يقول الرب يسوع أنّ هناك أبرار لا يحتاجون إلى التوبة لأنّه ليس بارّ إلاّ الرب يسوع، لكنّه يقول أنّ الّذين يعترفون بخطيّتهم هم الخطاة الّذين يدعوهم إلى التوبة. (رومية 3: 10 كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ.) المريض هو الّذي يعترف بمرضه واحتياجه إلى الطبيب.
15 فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى، فَقَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ: مرض الحمّى في الروح هو مرض في المؤمن الّذي لا يخدم الكلمة السماويّة، لذلك لمس الرب يسوع يدها، لأنّ الإنسان يستخدم يده ليعمل، فتركتها الحمى وقامت تخدمهم، تخدم الرب يسوع والمؤمنين.
16 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَة، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ: آية روحيّة، يشفي الرب يسوع أولاً مَن في البيت (متى 10: 5 هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) ثم يشفي من خارج البيت (متى 28: 19 فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.). أخرج الرب يسوع الأرواح بكلمة لأنّها آية لشفاء المجانين في الروح. كلمة الرب يسوع فقط في المكتوب تشفي المجانين في الروح ليعبدوا الرب حسب المكتوب وليس حسب جنون الروح في الفكر البشري. وجميع المرضى شفاهم لأنّه يشفي الأمراض الروحيّة في كل إنسان يؤمن به ويعترف بمرضه الروحي ويطلب الشفاء.
17 لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِي الْقَائِلِ هُوَ أَخَذ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا: (أشعياء 53: 4 لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. 5وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا.) تتمّ النبوّة بمجيء الرب يسوع شهادة لكل من يطلب الحقّ السماوي. لماذا مجيء المسيح تسبقه نبوّات تشهد عنه؟ تكلّم الله في الأنبياء بالنبوّات الّتي تشهد عن مجيء المسيح ابن الإنسان المرسل من الله، فتكشف عن المسحاء الكذبة لكل إنسان يبحث عن الحقّ السماوي فقط في المكتوب، لأنّ المكتوب هو كلمة الله الّتي لا تتغيّر مع مرور الزمن. لذلك تكلّم الله في النبوّات منذ زمن بعيد ليتمّ ما قيل فيها بمجيء المسيح الحقّ المرسل من الله، فلا يستطيع المسحاء الكذبة أن يخدعوا الإنسان الّذي يبحث عن الحقّ، لأنّه لا يمكنهم أن يتمّموا النبوّات. الخطية هي سبب أمراض الإنسان الروحيّة، لأنّه بسبب فعله للخطيّة انقطعت علاقة الإنسان بالله، لكن الرب يسوع أتى ليُخلّص المؤمنين به من سُلطان إبليس، أي من سلطان الخطيّة، ويشفي المؤمن به من كل مرض روحي، لأنه تحمّل أوجاع الخطية وهو بلا خطية، ومات بسبب الخطية وهو لم يفعل خطيّة، لكنه قام لأنّه بارّ. وهذا لأنّه أحبّ الإنسان حتّى الموت من أجله. لذلك أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا.
18 وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعًا كَثِيرَة حَوْلَهُ، أَمَرَ بِالذَّهَاب إِلَى الْعَبْرِ: صنع الرب يسوع آيات روحيّة كثيرة بشفائه لجميع المرضى، وتمّم النبوّة الّتي تكلّمت عن مجيئه منذ زمن بعيد، ثمّ أمر بالذهاب إلى الجانب الآخر من البحر، ليصنع آيات أخرى يعمل بها المؤمن الروحي لخلاص النفوس. الآية الروحيّة هي أن الرب يسوع يشفي جميع الأمراض الروحيّة الّتي في الإنسان الّذي يأتي إليه بالإيمان، وهو ينتقل من جانب إلى آخر في هذا العالم ليمنح الشفاء لكل من يقبله.
19 فَتَقدَّمَ كَاتِب وَقَالَ لَهُ: يَا مُعَلِمُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي: الكاتب هو شخص يعمل في الكتابة، كل كاتب حسب وضيفته. الكاتب في كلمة الرب هو خادم الكلمة الروحيّة الّذي استخدمه الرب لكتابة الإنجيل، وهو أيضاً المترجم والمفسّر الّذي يستخدمه الرب لهذا العمل. (متى 13: 52 فَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كُلُّ كَاتِبٍ مُتَعَلِّمٍ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ يُخْرِجُ مِنْ كَنْزِهِ جُدُدًا وَعُتَقَاءَ».) يطلب هذا الكاتب من الرب يسوع أن يتبعه أينما يذهب تاركاً كل ما له، لأنّه يحبّ الرب يسوع أكثر من كل ما له على الأرض.
20 فَقَالَ لَه يَسُوعُ: للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَه: آية يقول فيها الربّ يسوع أنّ الّذي يتبعه لا ينتظر أن يأخذ منه أمور جسديّة أرضيّة لأنّ الرب يسوع، ابن الإنسان على الأرض، لم يكن له أين يُسند رأسه. الثعالب والطيور هم الناس غير المؤمنين لكن لهم بيوت في هذا العالم، لذلك المؤمن لا يميّزه الرب يسوع في هذه الأمور الأرضيّة (لوقا 13: 31 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ لَهُ: «اخْرُجْ وَاذْهَبْ مِنْ ههُنَا، لأَنَّ هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ». 32فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا وَقُولُوا لِهذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ.) (متى 6: 26 اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟). (مرقس 4: 4 وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ.) يقول الرب في تفسير هذا المثل أنّ الطيور هي الإنسان الّذي يستخدمه الشيطان (مرقس 4: 15 وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ: حَيْثُ تُزْرَعُ الْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ.).
من يتبع الرب يسوع المسيح لا يطلب ما للجسد لكن يطلب فقط ما للروح للحياة الأبدية مع الرب يسوع.
21 وَقَالَ لَه آخَرُ مِنْ تَلامِيذِهِ: يا سَيّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلا وَأَدْفِنَ أَبِي: مثل آخر يكلّم به الرب يسوع كل مؤمن يريد أن يتبعه في الروح، لذلك هو آية روحيّة يعمل بها المؤمن الروحي. يطلب المؤمن من الرب يسوع أن يأذن له لأنّه سيّده فلا يعمل من نفسه في حكمته البشريّة دون إذن سيّده. الآية الروحيّة لكل مؤمن هي أن يعمل فقط حسب كلمة الرب يسوع في المكتوب فقط ولا يعمل حسب حكمته البشريّة. هذا التلميذ يطلب من الرب يسوع أن يمضي ليدفن أبيه قبل أن يتبعه. الآية لا تتكلم عن دفن أبيه في الحال والعودة ليتبع الرب إنّما هي أن ينتظر موت أبيه أوّلا كي لا يتركه وحيداً ثمّ يتبع الرب يسوع.
22 فَقَالَ لَه يَسُوعُ: اتبعني، ودع الموتى يدفنون موتاهم: (متى 10: 37 مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، 38وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي.) لا يتكلّم الرب يسوع عن موتى الجسد لأنّها آية روحيّة يتكلّم فيها الرب يسوع عن موتى الروح. لا يتأخّر المؤمن في مجيئه إلى الرب يسوع والحياة الأبديّة، لأنّ الموتى في الروح يدفنون في الموت الأبدي موتاهم في الروح، أما الأحياء في الروح فهم للحياة الأبديّة مع المسيح. دع الموتى في الروح مع موتاهم في الروح يدفنون بعضهم بعض في حياة هذا العالم والموت الأبدي. واتبع الرب يسوع ولا تؤجّل في مجيئك إليه.
23 وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَة تَبِعَه تَلاَمِيذُهُ: لماذا دخل الرب يسوع السفينة وتبعه تلاميذه وليس الجموع الّذين شفاهم؟ لأنّ الرب يسوع ينتقل من جانب إلى آخر في هذا العالم ليشفي مرضى الروح ويتبعه تلاميذه، لأنّهم خدّام كلمة الرب يسوع يعملون لخدمة الإنسان في الروح. أمّا الجموع الّذين شفاهم الرب يسوع لأنّهم آمنوا به، لا يتبعونه إلى الجانب الآخر من العالم لأنّ الرب يسوع يريدهم أن يبقوا في حياتهم اليوميّة كما كانوا قبل الإيمان لكنّهم في حياة روحيّة يوميّة مع الرب يسوع في الروح. من يختاره الرب يسوع لخدمة الكلمة يترك كل شيء ويتبع خدمته حسب ما كلّفه الرب أن يعمل، أمّا بقيّة المؤمنين فيبقون في حياتهم اليوميّة لكن عاملين في الكلمة الروحيّة وخادمين لها حسب استطاعتهم.
24 وَإذا اضْطِرَاب عَظِيم قَدْ حَدَثَ فِي الْبَحْرِ حَتَّى غَطَّتِ الأَمْوَاجُ السَّفِينَةَ، وَكَانَ هُوَ نَائِمًا: آية روحيّة تتكلّم عن اضطراب عظيم يحدث في العالم على المؤمنين، فيخاف المؤمن الّذي يترك الرب يسوع ينام في قلبه. لماذا على المؤمنين؟ لأنّ الآية تتكلّم عن تلاميذ الرب يسوع الّذين خافوا لأنّه نائم، فقال لهم يا قليلي الإيمان. البحر هو العالم (متى 13: 47 أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. 48فَلَمَّا امْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى الشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا الْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا الأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا. 49هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ: يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ، 50وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».) الأمواج هي الخوف الّذي يأتي على المؤمن بسبب الريح، أي بسبب الصعوبات الّتي تضرب المؤمن، كالاضطهادات والتجارب الّتي تُظهر ضعف الإيمان أو قوّته. (يعقوب 1: 6 وَلكِنْ لِيَطْلُبْ بِإِيمَانٍ غَيْرَ مُرْتَابٍ الْبَتَّةَ، لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجًا مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ وَتَدْفَعُهُ.).
25 فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُه وَأَيْقَظُوه قَائِلِينَ: يَا سَيدُ، نَجنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ: تقدّم تلاميذ الرب يسوع وأيقظوه لأنّهم يؤمنون به السيّد الوحيد الّذي يُنجّيهم من الهلاك. آية روحيّة تقول لكل مؤمن بالرب يسوع أن يطلب فقط من الرب يسوع لأنّه السيّد الوحيد الّذي يستطيع أن يسمع ويستجيب، لأنّه الوحيد الّذي له الملك والقوّة والمجد إلى الأبد.
26 فَقَالَ لَهُمْ ما بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ ثُمَّ قَامَ وَانتَهَر الريَاحَ وَالْبَحْرَ، فَصَارَ هُدُوء عَظِيم: آية تتكلم عن خوف المؤمن من الهلاك الروحي بسبب حياته في عالم الخطيّة، لكن الرب يسوع يقول للمؤمن به ألاّ يخاف من الهلاك مهما أتت عليه أمواج هذا العالم لهلاك الروح، لأن لا هلاك لمن يؤمن ويعمل بكلمة الرب الروحيّة. (يوحنا 10: 27 خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. 28وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. 29أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. 30أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ».) آية يقول فيها الرب يسوع يا قليلي الإيمان للمؤمنين به الّذين يخافون، لأنّهم يتركونه ينام في قلوبهم. فالمؤمن الّذي لا يخاف هو الّذي لا يترك الرب يسوع ينام في قلبه، بل يحيا معه كل حين عاملاً بكلمته الروحيّة، لأنّ الرب يسوع البارّ هو الذي يضمن الحياة الأبديّة للمؤمن به، لذلك لا خوف من الهلاك، لأنّ الخلاص ليس بالأعمال إنّما بالإيمان. (يوحنا 11: 25 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، 26وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟»).
27 فَتَعَجَّبَ النَّاسُ قَائِلِينَ: أيُّ إِنْسَان هذَا؟ فَإِنَّ الريَاحَ وَالْبَحْرَ جَمِيعًا تُطِيعُه!: تعجّب الناس من قوّة الرب يسوع لكن هل آمنوا به وتبعوه؟ من الناس من يتعجّب ويؤمن ومنهم من لا يؤمن. لم يأت الرب يسوع ليتعجب الناس من قوّته إنّما أتى ليخلّص الناس بقوّته. لا يخلص الإنسان من دينونة الخطيّة إن تعجّب فقط من قوّة الرب يسوع لأنّه يجب أن يؤمن به ويتبعه ليخلص. كيف يتعجّب الناس اليوم من قوّة الرب يسوع؟ يتعجّب الناس من عمل الرب يسوع في حياة المؤمن، لأنّه يتحوّل من إنسان يحب الخطيّة ويخاف من الهلاك إلى مؤمن يرفض الخطيّة ولا يخاف الموت لأنّ له حياة أبديّة. آية روحيّة تتكلّم عن تغيير الرب يسوع لقلب المؤمن الّذي لا يترك الرب يسوع ينام في حياته، ليس في تغييره للعالم من حول المؤمن، إنّما ينتهر الرياح والبحر في قلب المؤمن فيصبح في سلام روحي لا يخاف الموت.
28 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْعَبْرِ إِلَى كُورَة الْجِرْجَسِيينَ اسْتَقْبَلَه مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدًّا، حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَد يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ: مثل جسدي لآية روحيّة تتكلّم عن قبر الروح في الإنسان، لأنّ القبر الروحي هو نفس الإنسان الخاطي (متى 23: 27 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.) الإنسان المجنون في الروح هو الّذي يعمل أعمال ابليس للموت الأبدي. لذلك المجنونان خارجان من القبول هائجان جداً في عمل الشرّ حتّى لم يكن أحد يقدر أن يجتاز من تلك الطريق، تلك الطريق هي طريق الخطيّة والموت الروحي لأنّها طريق القبور. لذلك جاء الرب يسوع ليخلّص الإنسان من عبوديّة ابليس، أي من عبوديّة الخطيّة والموت الروحي.
29 وَإِذَا هُمَا قَدْ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ الله؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا: سرّ من اسرار ملكوت السماوات في آية روحيّة تتكلم عن عبوديّة الخطيّة وعمل الرب يسوع في الإنسان الّذي يؤمن به، فيطرد النجاسة من نفس الإنسان الخاطي ليرفض الخطيّة وطريق الموت، ويأتي إلى طريق الحقّ والحياة الأبديّة. يطرد الرب يسوع الأرواح النجسة من الإنسان الّذي يستقبل الرب يسوع الآتي إليه في خدّامه مؤمناً به يسوع ابن الله، ومعترفاً بالشياطين الّتي تسكن قلبه، أي معترفاً بجنونه في محبّة الخطيّة الّتي تتحكّم به. الأرواح النجسة في الإنسان هي في محبّة الإنسان للخطيّة الّتي تسيطر على حياته. كيف يتعذّب الروح النجس؟ يتعذّب الشيطان من وجود الرب يسوع في حياة الإنسان لأنّ المؤمن يرفض سلطان الخطيّة على حياته برفضه لمحبّة العالم الّذي يزول، لأنّه يحبّ الرب يسوع الفادي لحياة أبديّة.
30 وَكَانَ بَعِيدًا مِنْهُمْ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَة تَرْعَى: آية روحيّة تتكلّم عن الإنسان الّذي يرفض كلمة الله، ويدوس الكلمة ويحاربها. قطيع الخنازير في الروح هو جماعة الناس الغير مؤمنين بالرب يسوع، لا يرفضون الكلمة بسلام إنّما يرفضونها كالخنازير، يدوسونها ويهاجمونها في خدّام الرب يسوع. (متى 7: 6 لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.).
31 فَالشَّيَاطِينُ طَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: إِنْ كُنْتَ تُخْرِجُنَا فَأْذَنْ لَنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى قَطِيع الْخَنَازِيرِ: يُطرد الروح النجس من الإنسان فيهلك، لأنّ الإنسان ترك محبّة العالم وتبع محبّة البرّ في الرب يسوع للحياة الأبديّة، لأنّه اختار الحياة الأبديّة ورفض محبّة الخطيّة في هذا العالم الّذي يزول. تطلب الشياطين من الرب يسوع ليأذن لها لتذهب إلى الخنازير، أي إلى الرافضين له، لأنّهم لا يؤمنون به ولا يعملون في الروح حسب برّ الكلمة السماويّة، فتعمل الشياطين في الّذين يحبّون عمل الشرّ. هل تستطيع الشياطين أن تطلب والرب يسوع يستجيب؟ لا يستجيب الرب يسوع لطلب الشياطين، لكنّه يكلّمنا في آية روحيّة يقول فيها أنّه لا يمنع الأرواح النجسة من العمل في الّذين يحبّون عمل الشرّ ولا يطلبونه ليمنعها عنهم. لكنّه يقول في عدد 32 أنّها تهلك هي والّذين سمحوا لها باستخدامهم لعمل الشرّ. طلبت الشياطين ما هو مسموح لها على أرض التجربة والخطية، لأنّها لا تستطيع أن تفعل شيء إلا بإذن من الرب.
32 فَقَالَ لَهُمُ: امْضُوا. فَخَرَجُوا وَمَضَوْا إِلى قَطِيع الْخَنَازِيرِ، وَإِذَا قَطِيعُ الْخَنَازِيرِ كُلُّه قَدِ انْدَفَعَ مِنْ عَلَى الْجُرُفِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمَاتَ فِي الْمِيَاهِ: لماذا سمح الرب يسوع للشياطين أن تذهب إلى الخنازير، مع أنّ الأرواح الشرّيرة في الخنازير تعمل ضد كلمة الرب فتهاجم المؤمنين؟ يسمح الرب بوجود الشرّ على الأرض ليعلم المؤمن كم قدر إيمانه عند التجربة، وأيضاً ليحاسب الخاطي حسب أعماله باختياره لعمل الشرّ. الشياطين في الإنسان هي عمل الشرّ الّذي يختاره الإنسان لنفسه. يطرد الرب يسوع الشياطين من المؤمن به فيرفض عمل الشرّ ويطلب البرّ، وتذهب إلى طالبي الشرّ ليحاسب كل واحد على أعمال الشرّ الّتي قام بها وليس الّتي فكّر بها. لذلك الشياطين تمنح الفرصة للّذي يبحث عن فرصة فتصبح أفكاره أعمال يحاسب عليها. لا خوف على المؤمن الروحي في الرب يسوع من خدّام ابليس لأنّ الرب يسوع معه فلا يخاف. أما الذين رفضوه فينجرفون إلى البحر، أي إلى العالم وشهواته، ويكون هلاكهم الأبدي مع الشياطين في جهنّم.
33 أَمَّا الرُّعَاة فَهَرَبُوا وَمَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَخْبَرُوا عَنْ كُل شَيْء، وَعَنْ أَمْرِ الْمَجْنُونَيْن: رعاة الخنازير في الروح هم رعاة الغير مؤمنين بالرب يسوع، لذلك هربوا إلى المدينة ولم يأتوا إلى الرب يسوع الّذي يطرد الشياطين لحياة أبديّة، لأنّهم اهتمّوا بموت الخنازير وليس بخلاص المجنونين. أخبروا عن كل شيء، ثمّ عن أمر المجنونين، لأنّ رعاة الخنازير يعطون الأهميّة لكل شيء قبل اهتمامهم بما فعله الرب يسوع للمجنونين. آية تتكلّم عن رعاة الخنازير الّذين يخسرون كل شيء ويأتون إلى دينونة الحقّ لأنّهم هربوا ولم يؤمنوا بالرب يسوع.
34 فَإِذَا كُلُّ الْمَدِينَةِ قَدْ خَرَجَتْ لِمُلاَقَاة يَسُوعَ. وَلَمَّا أَبْصَرُوه طَلَبُوا أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْ تُخُومِهِمْ: ما هي الآية الروحيّة من هذا الحدث؟ آية تتكلّم عن مجموعة من الناس يعرفون الرعاة والمجنونين، لذلك خرجت المدينة لملاقاة الرب يسوع الّذي أخرج الشياطين من المجنونين وأيضاً موت الخنازير بسبب الشياطين الّتي خرجت إليهم. المدينة هي مجموعة من الناس لا يتبعون الرب يسوع حسب المكتوب، يبصرون التغيير في إنسان يعرفونه ومع هذا لا يقبلون الرب يسوع في حياتهم، بل يطلبون منه أن ينصرف عنهم برفضهم للمتكلّم عنه. الّذين يطردون الرب يسوع لا يطردونه فقط بطردهم للمؤمن جسدياً من أمامهم، إنّما يطردونه أيضاً برفضهم لكلام المؤمن عن الرب يسوع أمامهم، حتّى وإن كلّمهم عمّا صنع به الرب يسوع من تغيير يبصرونه في حياته أمامهم لأنّهم يعرفونه. إخراج الشياطين من الإنسان يظهر للناس عند رفض المؤمن لطريق الشرّ، طريق القبور عدد 28، ومحبّته لطريق البرّ في الرب يسوع للحياة الأبديّة.
آية تتكلّم عن عبوديّة الخطيّة في حياة الإنسان، وخلاص المؤمن من هذه العبوديّة بكلمة الرب يسوع البارّ، الّذي يطرد ابليس من حياة المؤمن فيرفض الخطيّة ويتبع البرّ. لا تقدر الخطيّة أن تسيطر على الإنسان إن لم يقبلها في حياته، لذلك تكلّم الرب يسوع عن شياطين تدخل في الخنازير. الإيمان والاعتماد بكلمة الرب يسوع حسب المكتوب يطرد الشياطين من حياة المؤمن، لكن الإنسان الّذي لا ينظر إلى الحياة الأبديّة ليعيش في شهوات هذا العالم الزائل، يطرد الرب يسوع الّذي يأتي إليه في خدّامه، ليعيش في الخطيّة المؤقتّة ثمّ إلى الأبديّة المعذّبة. لذلك من لا يقبل الرب يسوع مُخلص لحياته من موت الخطيّة، يأتي إلى دينونة الحقّ ليدفع ثمن خطيّته.
باسم الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح، وقوة الروح القدس، الإله الواحد آمين.
تفسير شادي داود