تفسير متى 5 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 05

تفسير إنجيل متّى

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ. 2فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً: 3«طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. 5طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. 6طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ. 9طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ. 10طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. 12اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ.

13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.

17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 20فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.

21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. 23فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، 24فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ. 25كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ. 26اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ!

27«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.

31«وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق. 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.

33«أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، 35وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. 36وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. 37بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.

38«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.

43«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. 46لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟ 47وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟ 48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.

 

1 وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ: ولمّا رأى الجموع، المؤمنون به لأنّهم يتبعونه، صعد إلى الجبل ليُعلّمهم عن ملكوت السماوات. لماذا الجبل؟ لأنّها آية تتكلّم عن جبل الرب يسوع في حياة روحيّة معه. الجبل في الحياة الجسديّة هو العمل للوصول إلى قمّة الحياة الأرضيّة بما فيها من شهوات. أما جبل الربّ فهو الوصول إلى قمّة الإيمان في الحياة الروحيّة مع الرب يسوع في ملكوت السماوات. (إشعياء 2: 2 وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ، وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ، وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ. 3وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ، وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، إِلَى بَيْتِ إِلهِ يَعْقُوبَ، فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ، وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ.)

2 فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً: الرب يسوع هو المعلّم الّذي يقول وليس آخر، لذلك لا يسمع المؤمن للمتكلّم باسم الرب إن لم يكن كلامه من المكتوب، لأنّ المكتوب هو ما قاله الرب يسوع، والغير مكتوب هو ما يقوله الإنسان بحسب حكمته الأرضيّة ولا يصلح للحياة الروحيّة.

3 طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ: فرح الأبديّة الّذي لا يزول للمساكين في الروح. بارك الرب يسوع المساكين بالروح وأعطاهم الحياة الأبديّة في ملكوت السماوات. (متى 11: 5 اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ.) المسكين بالروح هو البسيط النفس، غير المتكبّر، الّذي يقبل ملكوت السماوات كطفل. لذلك لمثل هؤلاء ملكوت السماوات، أي لهم الحياة الأبديّة دون أن يُطلب منهم شيء يفعلونه، لأنّ الرب يسوع دفع عنهم ثمن الخطيّة وأعطاهم الحياة الأبديّة، لذلك المساكين يبشّرون. (مرقس 10: 14 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.) احتضنهم ووضع يديه عليهم وباركهم دون أن يطلب منهم شيء.

4 طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ: يتكلّم الرب يسوع عن الحزانى الّذين يحزنون بسبب إيمانهم وخدمتهم لكلمة الرب، ويصبرون على ضيق الحياة الأرضيّة ناظرين إلى الحياة السماويّة الأبديّة مع الرب يسوع. طوبى للحزانى الّذين يقبلون الرب يسوع المعزّي، فلا عزاء للّذين يرفضون. (متى 3: 18 صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ».).

5 طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ: الفرح الأبدي للودعاء المؤمنون بالرب يسوع لأنّهم يرثون الأرض، أي يأخذون حياة أبديّة. يرثون الأرض الجديدة الّتي لا تزول لأنّ الرب يسوع يتكلّم عن حياة أبديّة وهذه الأرض تزول، لذلك الودعاء يرثون الأرض الجديدة للحياة الأبديّة (مرقس 13: 31 اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.). السماء والأرض تزولان لأنّها ماديّة، لكن كلام الرب يسوع لا يزول لأنّه روحي. (بطرس الثانية 3: 10 وَلكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا.11فَبِمَا أَنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ، أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟ 12مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الَّذِي بِهِ تَنْحَلُّ السَّمَاوَاتُ مُلْتَهِبَةً، وَالْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً تَذُوبُ. 13وَلكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ.).

6 طُوبَى لِلْجِيَاع وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِر، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُون: سلام الحياة الأبديّة للمؤمنين الّذين يرفضون الخطيّة ويطلبون عمل البرّ في حياتهم على الأرض، لأنّهم يُشبعون في حياة أبديّة، أي يأخذون الحياة الأبديّة الّتي يسكن فيها البرّ.

7 طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ: فرح الأبديّة للرحماء، المؤمنون بالرب يسوع الّذين يغفرون للناس زلاّتهم، فيغفر لهم الرب يسوع زلاّتهم ويرحمهم. (متى 6: 12 وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.).

8 طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ الله: سلام الله لأنقياء القلب ليس أنقياء اللسان في الظاهر فقط بل في القلب أيضاً، لا خبث فيهم ولا غش. يحبّون ولا يبغضون مهما كانت الظروف. يعاينون الله، أي لهم أسرار ملكوت السماوات بفهمهم لآيات الكلمة الروحيّة السماويّة، وليس الأمثال الجسديّة الأرضيّة كما يفهمها الكثيرون الّذين لا يعاينون الله. (متى 13: 10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ.). أنقياء القلب يعاينون الله نور الحياة الروحيّة الأبديّة بإيمانهم بالرب يسوع كلمة الله. (يوحنا 8: 12 أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ.) (يوحنا 14: 9 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟) يعاينون الله في الرب يسوع كلمة الله. (كورنثوس الأولى 2: 9 بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ». 10فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ.).

9 طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ الله يُدْعَوْنَ: سلام الأبديّة في ملكوت الله للمؤمنين بالرب يسوع صانعي السلام. صانع السلام هو الّذي لا يقاوم الشرّ بالشرّ، (متى 5: 39 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا.) هؤلاء هم أبناء الله باسم الرب يسوع ملك السلام.

10 طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِر، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات: الفرح الأبدي من الرب يسوع في ملكوت السماوات لكل مؤمن به مطرود من أجل البرّ. يتكلّم الرب يسوع عن برّ الإيمان، لأنّه ليس بارّ بأعماله إلاّ الرب يسوع الوحيد الّذي أكمل البرّ. (رومية 3: 10 كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ.) لذلك يتكلّم الرب يسوع عن البارّ بإيمانه وهو الّذي آمن واعتمد، أي يعمل حسب المكتوب. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.) طوبى للمطرودين من أجل إيمانهم بالرب يسوع.

11 طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَة شِريرَة، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِين: سلام الرب يسوع السماوي لكم إذا عيّروكم لإيمانكم بالرب يسوع الّذي لا يراه إلاّ المؤمن الروحي، لذلك يمكن لأعمى الروح الّذي لا يقبل إلاّ ما تراه عين الجسد، أن يُعيّر الّذي يؤمن في الروح دون أن يرى بعين الجسد لأنّ الرب يسوع شفاه من عمى الروح. طوبى لكم إذا طردوكم وأهانوكم من أجل إيمانكم وخدمتكم للرب يسوع البارّ.

12 اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيم فِي السَّمَاوَات: ليس فقط لا تغضبوا بل أيضاً افرحوا وتهلّلوا، لأنّ الإهانة جسديّة لا تدوم، أمّا أجركم فيدوم إلى الأبد لأنّه روحي سماوي. لماذا يقول تهلّلوا؟ هل يتهلّل الإنسان عند إهانته؟ المؤمن الروحي فقط هو الّذي يتهلّل عند إهانته بسبب إيمانه بالرب يسوع، لأنّ أجره عظيم في السماوات مع الرب يسوع إلى الأبد.

فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبلَكُم: الأنبياء هم المتكلّمون باسم الربّ، هم خدّام الكلمة الروحيّة، لذلك يتكلّم الرب يسوع عن خدّام الكلمة الّذين يُطردون بسبب كلامهم عن الرب يسوع كلمة الحياة الروحيّة الأبديّة، لأنّ كثيرين يطلبون ما لهذا العالم ولا يُريدون السماع لمن يتكلّم عن ملكوت السماوات والحياة الأبديّة. كل مؤمن يعمل في ملكوت الله يُطرد من كثيرين، ليس فقط جسديّاً إنّما أيضاً فكريّاً لأنّه لا يستطيع أن يتكلّم بما هو يريد بسبب الرافضين للحياة الروحيّة مع الرب يسوع.

13 أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ: المؤمنون الّذين يعملون حسب المكتوب هم ملح الأرض. لأنّهم يرفضون الخطيّة ولا يقاوموا الشّرّ بالشّرّ. المحبّة هي ملح الأرض، لأنّ الحياة بلا محبّة هي حياة بلا طعم.

وَلكِنْ إِنْ فَسَد الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟: إن فسدة المحبّة فبماذا يملّح؟ إن كان الإيمان فاسداً لأنّه دون اعتماد فبماذا يملّح؟ إن كان المؤمن لا يعمل حسب كلمة الله يكون الملح فاسد، أي محبّته مزيّفة، لأنّه لا يعمل بالمحبّة حسب المكتوب لذلك إيمانه باطل، ملحٌ فاسد، لأنّه بالكلام فقط وليس بالفعل. (متى 5: 43 سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. 46لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟ 47وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟ 48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.) لا طعم للحياة من دون المحبّة الحقيقيّة الّتي علّم وعمل بها الرب يسوع.

لا يَصْلُحُ بَعْد لِشَيْء، إِلا لأنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ: إيمان دون محبّة هو إيمان دون اعتماد، والاعتماد هو العمل حسب المكتوب، والمكتوب هو أن تحبّ قريبك كنفسك، فمن لا يعمل حسب المكتوب هو ملح فاسد ولا يصلح إيمانه لشيء، إلاّ لأن يُطرح خارج ملكوت الله ويُرفض من الناس، لأنّه يقول ولا يفعل.

14 أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ: المؤمنون بالرب يسوع هم نور العالم، لأنّهم يضيئون بإيمانهم وخدمتهم لكلمة الرب الروحيّة، طريق الحياة الأبديّة أمام الّذين ينظرون إيمانهم ويقبلون كلامهم.

لا يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَة مَوْضُوعَة عَلَى جَبل: المدينة على جبل هي الّتي يراها جميع الناس، والنور في البيت هو الّذي يراه الّذين في البيت. المؤمنون الّذين اعتمدوا بماء الكلمة الروحيّة هم مدينة على جبل الرب، ظاهرين لجميع الناس ولا يمكن إخفاءهم، لأنّ إيمانهم يظهر بأعمال فَعلها وعلّمها الرب يسوع، ولا يمكن لإنسان أن يخفيها لأنّها أعمال صالحة، فالّذي يقاوم كلمة الرب في المؤمنين العاملين بها لا يستطيع أن يُجبرهم على فعل الشرّ ليخفي إيمانهم بالرب يسوع. (لوقا 6: 27 لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، 28بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. 29مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا.) هؤلاء هم مدينة على جبل الرب ولا يمكن إخفاءهم، لأنّه ليس قانون على الأرض يمنع المؤمنين من العمل بهذا التعليم ليخفي إيمانهم بالرب يسوع.

15 وَلا يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَه تَحْتَ الْمِكْيال: المؤمن بالرب يسوع هو سراج النور لأنّ فيه كلمة الرب يسوع نور العالم للحياة الروحيّة. لذلك نوره الروحي يظهر للجميع لأنّه يعمل بالكلمة ويخدمها. أمّا الّذي يؤمن بالكلمة لكن لا يعمل بها فهو سراج بلا نور فيه ظلمة روحيّة ولا يدخل الحياة الأبديّة (يعقوب 2: 17 هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ؟).

لماذا المكيال: المكيال هو وعاء يُكال به. يُستعمل لكيل السوائل والمواد الجافّة، كالزيت، القمح وغيرها. كلمة الرب يسوع لا تعطى بمكيال. لا يُحذف منها حرف ولا يُزاد عليها حرف، فالّذي يطلب الحياة الأبديّة يقبل الكلمة الروحيّة ويعمل بها دون زيادة أو نقصان لحرف واحد. (رؤيا 22: 18 لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. 19وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ.) (تيموثاوس الثانية 3: 16 كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، 17لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.).

بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيع الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ: المنارة مكان مرتفع يوضع عليه سراج النور ليصل نوره لجميع الّذين في البيت. سراج الروح هو الرب يسوع يضيء فقط للّذين في بيت الرب، المؤمنون الّذين قبلوا كلمة الله ودخلوا ملكوت السماوات، هؤلاء هم الّذين آمنوا واعتمدوا. لذلك كل من لا يقبل الرب يسوع المسيح مخلّص لحياته الأبديّة لا يرى نور الكلمة السماويّة لأنّه خارج البيت.

16 فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ: فليضئ نور إيمانكم بالكلمة الروحيّة عاملين بها قدّام الناس، لا بالكلام بل بالإيمان الظاهر في المحبّة والخدمة الروحيّة.

لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ: يروا أعمالكم الحسنة لأنّكم نور العالم للحياة الروحيّة، وملح الأرض بأعمال المحبّة دون مقابل.

وَيُمَجدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ: يمجّدوا الله لأنّه سبب هذه المحبة العظيمة الّتي يعمل بها المؤمن، فيغفر للمُذنبين إليه. وهو مصدر النور الروحي الظاهر في خدمة الكلمة الّتي يعمل بها كل مؤمن باسم الرب يسوع ابن الإنسان. المؤمن هو الملح الجيد بأعمال المحبّة حسب تعليم الرب يسوع للمحبّة الحقيقيّة، وهو نور العالم في خدمته للحياة الروحيّة فقط حسب المكتوب.

17 لا تَظُنُّوا أَني جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ: الناموس هو قانون الحقّ السماوي، والأنبياء هي نبوّات العهد القديم المكتوبة بيد الأنبياء. لم يأت الرب يسوع ليُبطل الحقّ السماوي أو النبوّات الّتي تتكلّم عن مجيئه وخلاص الإنسان بالإيمان.

مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ: الحقّ السماوي لا يتغيّر لذلك لم يأت الرب يسوع ليُبطل الناموس بل ليُكمّله، أي ليعمل به كاملاً دون زيادة أو نقصان. لذلك أتى الرب يسوع إلى العالم ليعيش فيه كإنسان يُعلّم الإنسان بأعمال البرّ الّتي في الناموس، ويكمل الناموس ليقدر أن يضمن ببرّ أعماله حسب الحقّ السماوي، حياة أبديّة لكل مؤمن يسقط في الخطيّة ولا يستطيع أن يعمل بكل الناموس، لذلك الرب يسوع هو الضامن الوحيد للحياة الأبديّة لأنّه البارّ الوحيد الّذي أكمل الناموس بأعماله. (يوحنا 1: 17 لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا.) (يوحنا 17: 4 أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.) (يوحنا 19: 30 فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.).

18 فَإنّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْض لا يَزُولُ حَرْف وَاحِد أَوْ نُقْطَة وَاحِدَة مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ: يقول الرب يسوع في هذه الآية أنّ السماء والأرض تزولان. لكنّه أيضاً يقول أنّه لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس إلى ذلك اليوم الّذي تزول فيه السماء والأرض، لأنّ الحياة بعد زوالهما هي حياة روحيّة سماويّة لا حاجة فيها إلى ناموس، لأنّها حياة يسكنها البرّ مع الرب يسوع إلى الأبد.

19 فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا: يكلّم الرب يسوع المؤمنين الّذين وُلدوا من الروح ودخلوا ملكوت السماوات، فمن لا يعمل بإحدى وصايا الرب يسوع الصغرى، كمن غضب على أخيه باطلاً، لكن علّم الناس أن يعملوا بها، يدعى أصغر في ملكوت السماوات.

لماذا قال الصغرى؟ لأنّ في الناموس وصايا الله الكبرى "لا تقتل لا تزن لا تسرق..." (متى 5: 21 – 48 قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ...) الوصيّة الكبرى لا تقتل والوصيّة الصغرى لا تغضب باطلاً. الوصيّة الكبرى هي عدل الناموس على كل من يفعل الخطيّة، والوصايا الصغرى هي وصايا الرب يسوع للمحبّة دون شرط، كما فعل الرب يسوع ومات ليخلّص الخطاة، أعداء الله بفعلهم للخطيّة (متى 5: 44 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ.).

يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: لماذا يُدعى أصغر في ملكوت السماوات ولا يُطرح خارجاً للدينونة لأنّه لم يعمل بالوصيّة؟ لأنّ المؤمن الّذي يدخل ملكوت السماوات بدم الرب يسوع وبرّه لا يخرج منه بسبب ضعفه في أعمال الجسد، لأنّ الخلاص بالإيمان وليس بالأعمال. الرب يسوع هو خبز الحياة الأبديّة الّذي يضمن عدم موت المؤمن الّذي يسقط في الخطيّة.

وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: أمّا الذي يعمل بوصايا الرب يسوع للمحبّة ويُعَلّم الناس أن يعملوا بها، فهذا يدعوه الرب عظيماً بين المؤمنين.

20 فَإِني أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرّيسِيّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ: يتكلّم الرب يسوع عن برّ الإيمان وليس الأعمال لأن ليس بارّ بأعماله ليس ولا واحد. يقول الرب يسوع في هذه الآية أنّ الّذي يُعلّم لكن لا يعمل بكلمة الله لا يدخل ملكوت الله لأنّه آمن ولم يعتمد. الكتبة والفرّيسيّون هم كل الّذين يؤمنون بالله لكن لا يعملون فقط حسب المكتوب، لأنّهم يعملون أيضاً حسب عادات وتقاليد الشيوخ وتعاليم هي وصايا الناس لا الرب. (متى 15: 1 حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: 2«لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزًا؟» 3فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ أَيْضًا، لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ؟ 4فَإِنَّ اللهَ أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا. 5وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. 6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) كل من يعمل بغير المكتوب، فقط بما قاله الرب يسوع وليس بما يقوله الإنسان، لا يدخل ملكوت الله.

الفرّيسيون هم كل الّذين يؤمنون بالله لكنّهم لا يعملون حسب كلمة الله في الرب يسوع، وهم أيضاً الّذين يأتون إليه ليجرّبوه من خلال خدّامه، لا ليتعلّموا منه لمعرفة الحقّ السماوي للحياة الأبديّة. (تيموثاوس الثانية 3: 16-17 كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.) الّذي لا يزد برّه على الكتبة والفرّيسيين، أي ليس فقط يؤمن بل يؤمن ويعمل بالمكتوب، لا يدخل هو أيضاً ملكوت السماوات.

21 «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ.: سمعتم أنّه قيل في العهد القديم في ناموس الأعمال، للقدماء، أي الّذين آمنوا قبل مجيء الرب يسوع. لا تقتل، وصيّة كبرى من وصايا الناموس للعدل بين الناس. فمن يقتل يكون مستوجب الحكم، أي يأتي إلى دينونة ليُحاكَم على أعماله بحسب خطاياه.

22 وَأَمَّا أَنَا فَأقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ: هذه هي الوصيّة الصغرى الّتي تكلّم عنها الرب يسوع في عدد 19. يتكلّم الرب يسوع عن الحكم على المؤمن في مجمع كنيسة الرب لأنّه يتكلّم عن الّذي يغضب على أخيه الّذي معه في الكنيسة. يستوجب الحكم وليس فقط التوبيخ، فيُمكن لمثل هذا أن يُعزل من مجمع الكنيسة. (كورنثوس الأولى 5: 4 بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ­ إِذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ­ 5أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.) يجب على المؤمن بالرب يسوع أن يعمل بوصايا المحبّة لأنّ الرب يسوع خلّصه بالنعمة وليس لأنّه يستحقّ. النعمة هي محبّة الرب يسوع للإنسان بدفعه على الصليب ثمن خطيّة كل من يؤمن به ويعمل حسب وصايا المحبّة وليس فقط حسب وصايا ناموس العدل. من يقتل يكون مستوجب حكم الدينونة الأبديّة، الوصيّة الكبرى، ومن يغضب بغير حقّ على أخيه كوصيّة صغرى يستوجب حكم المجمع حسب الخطأ الّذي فعله، ويُدعى الأصغر في ملكوت السماوات (عدد 19). حكم المجمع وليس حكم الدينونة لأنّه لم يقل مستوجب نار جهنّم كما قال في عدد 22.

وصايا ناموس العدل هي لإدانة الخاطي حسب أعماله، أمّا وصايا الرب يسوع فهي للحياة الأبديّة معه حسب ناموس المحبّة والغفران، لأنّه عهد النعمة والحقّ مع الرب يسوع الّذي أكمل الحقّ، ليمنح الخلاص بالنعمة لكل مؤمن يعمل بوصايا المحبّة والغفران.

وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ: من قال لأخيه "بلا فهم" مهما كانت الأسباب، يجب أن يوبّخ من مجمع الكنيسة. (أعمال الرسل 5: 21 وَدَعَوُا الْمَجْمَعَ وَكُلَّ مَشْيَخَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ) (أعمال 5: 27 فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ أَوْقَفُوهُمْ فِي الْمَجْمَعِ. فَسَأَلَهُمْ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ). المجمع هم أعضاء الكنيسة الّذين يوّجهون المؤمنين إلى ما هو أفضل.

وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ: أما من يشتم لإهانة الآخرين يكون مستوجب حكم الدينونة الأبديّة.

قال الرب يسوع: "مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ"، "وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا"، لأنّه يتكلّم عن حكم المجمع على الأخ، أي على المؤمن بين المؤمنين، حسب الوصايا الصغرى (عدد 19). ولم يقل: "من قال لأخيه يا أحمق" لأنّه يستوجب حكم الدينونة الأبديّة وليس حكم المجمع فقط. مجمع الكنيسة يحكم على المؤمن الّذي لا يعمل بالوصايا الصغرى، والدينونة على كل مؤمن لا يعمل بناموس المحبّة، كمن يقول يا أحمق.

23 فإن قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ: القربان هو ما تُقدم للرب يسوع من عطايا أو خدمة. (متى 25: 35 لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. 36عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.). المذبح هو صليب الرب يسوع، هو برّ ودم الرب يسوع المسيح الّذي يُقدّس القربان (متى 23: 19 أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: الْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟).

كيف يقدّم المؤمن في الروح قربانه إلى المذبح؟ القربان هو ما يقدّمه المؤمن باسم الرب يسوع رحمة جسديّة للمحتاج في حياته الجسديّة، وأيضاً روحيّة للمحتاج في الروح لحياته الأبديّة. يقدّم قربانه إلى المذبح، أي إلى الرب يسوع الّذي يقدّس القربان. القربان هو خدمة الكلمة الروحيّة ومساعدة المحتاجين باسم الرب يسوع.

لماذا إلى المذبح؟ لأنّه يؤمن بموت الرب يسوع من أجله فيُقدّس له القربان الّذي يقدّمه. لذلك لا يُقدّس الرب يسوع عمل التقدمة للّذين لا يؤمنون بموته وقيامته، لأنّ المذبح هو الّذي يقدّس القربان. كيف يقدّس الرب يسوع القربان؟ يتقدّس القربان عندما يقبل الرب يسوع عمل المؤمن ويمنح له أجرة في حياة أبديّة.

24 فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ: آية يقول فيها الرب يسوع أن خدمة المؤمن غير مقبولة إن كان لأخيه شيء عليه ولم يصطلح معه أوّلاً. فإن أردت أن يُقدّس لك قربانك، لا تقدّمه قبل أن تصطلح مع أخيك الّذي أنت مخطئ إليه. أترك قربانك قدّام المذبح، أي منتظراً أن تعود لتقدّمه.

وَاذْهَبْ أَوَّلا اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذ تَعَالَ وَقَدِمْ قُرْبَانَكَ: المحبّة أولاً ثم تقدمة القربان، لأنّ الرب يسوع أحبّ الإنسان حتّى الموت، من أجل خلاص كل من يؤمن به. لذلك لا يقبل الرب يسوع قربان المؤمن إن لم يقدّمه مع المحبّة. لماذا قال "أخيك"؟ لأنّها آية يتكلّم فيها الرب يسوع عن المؤمنين بعضهم مع بعض، مصالحة المؤمن لأخيه المؤمن لأنّه تحت نير معه في كنيسة الرب. (متى 11: 29 اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. 30لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ».) المؤمنون تحت نير واحد لذلك هم اخوة في الرب يسوع وعلى علاقة بعضهم مع بعض.

25 كُنْ مُرَاضِيًا لخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَه فِي الطَّرِيقِ: آية يتكلّم فيها الرب يسوع مع المؤمن وحقّ غير المؤمن عليه، لذلك يقول مراضياً لخصمك وليس لأخيك. أعطي الحقّ لصاحبه ما دمت معه في الطريق، أي معه في الحياة الأرضيّة قبل انتهاء الفرصة. (كورنثوس الثانية 6: 14 لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟) لا علاقة بين المؤمن والغير مؤمن لذلك لم يقل مصالحاً لخصمك إنّما مراضياً له، لأنّ مصالحاً تعني علاقة، ومراضياً تعني إعطاء الحقّ لصاحبه دون ضرورة لوجود علاقة.

لِئَلا يُسَلِمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِ، فَتُلْقَى فِي السجْنِ: القضاء على الأرض هو المثل الأرضي للعدل بين الناس، لكنّه آية روحيّة يتكلّم فيها الرب يسوع عن الدينونة الأبديّة. كن مراضياً لخصمك كي لا تأت إلى دينونة وتقف أمام الرب يسوع، القاضي الّذي يحكم عليك بحسب أعمالك، ويسلّمك إلى ملاك الرب، الشرطي الّذي يُلقي في جهنّم (متى 25: 30 وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.).

26 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ لا تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ: الّذي يأتي إلى دينونة يُلقى في سجن جهنّم إلى الأبد. لماذا إلى الأبد والرب يقول "حتّى توفي الفلس الأخير"؟ يتكلّم الرب يسوع عن عدل الدينونة على الخاطي، والعدل هو أنّه لا يخرج من السجن حتّى يوفي ما عليه، والمسجون لا يستطيع أن يوفي ما عليه لأنّه مسجون وليس له ما يوفي به، لذلك يبقى في جهنّم إلى الأبد. (متى 25: 41 ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ). بعد موت الجسد لا يستطيع الإنسان أن يوفي ما عليه لأنّ الرب يقول "ما دمت معه في الطريق" أي فرصة الإنسان على الأرض تنتهي عند نهاية الطريق بموت الجسد، ثمّ يأتي إلى الدينونة الأبديّة لأنّه لا يستطيع وهو مسجون أن يوفي ما عليه.

27 قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّه قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لا تَزْنِ: سمعتم أنّه قيل للقدماء، أي للّذين يعملون حسب ناموس الأعمال بالوصايا وليس بالإيمان. لا تزن وصية يخطئ الّذي لا يعمل بها إلى نفسه، وهي آية روحيّة تتكلّم عن زنى الروح. المثل الأرضي هو الزنى في الجسد والآية الروحيّة منه هو الزنى الروحي. الزنى في الجسد هو خيانة الزوج لزوجه وأيضاً خيانة الإنسان لنفسه، لأنّ الّذي يزني هو الّذي يذهب مع من لا يُريد البقاء معه طول أيّام حياته على الأرض، لذلك هي خيانة الإنسان لغيره ولنفسه أيضاً (متى 19: 3 وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» 4فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ 5وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.) الزنى في الجسد هو المثل الّذي يتكلّم عن زنى الروح لأنّه آية روحيّة يعمل بها المؤمن في الروح. الزنى الروحي هو الذهاب وراء آلهة أخرى، كالمال واهتمامات الحياة الجسديّة، والأرواح الشريرة الظاهرة بأعمال الإنسان الّذي يتبعه المؤمن به بسبب أعماله الباطلة روحياً، حتّى وإن كان فيها عجائب جسديّة، لأنّها لا تصلح للحياة الأبديّة. (كورنثوس الأولى 6: 18 اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ.). الّذي يزني في الروح يُخطئ إلى نفسه.

28 وَأَمَّا أَنَا فَأقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَة لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ: لم يأت الرب يسوع لينقض ناموس الأعمال الّذي يدين الإنسان حسب أعماله، بل هو أكمل كل ما فيه ليمنح الخاطي حياة أبديّة بالإيمان، والإيمان بالرب يسوع محبّة، والمحبّة عمل يخرج من طبيعة صالحة وليس فقط بعدم فعل الخطيّة خوفاً من الناموس، لأنّ الخطيّة تبدأ في إرادة الإنسان على الفعل، فإن فَعَل لأنه يستطيع فهو خاطي، وإن لم يفعل ليس لأنّه لا يُريد لكن لأنّه لا يستطيع فهو خاطي. الرب يسوع يتكلّم عن نفس المؤمن وليس فقط عن أعماله. آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه يرفض كل مؤمن ينظر إلى شهوات هذا العالم، حتّى وإن كان لا يحصل عليها لأنّه لا يستطيع، هذا زنى النفس في الروح، لأنّ المؤمن الّذي ينظر إلى أهميّة الحياة الأبديّة لا ينظر إلى حياة العالم الّذي يزول. من يؤمن بموت الرب يسوع من أجله لا ينظر إلاّ إلى الرب يسوع ولا يشتهي إلاّ حياة روحيّة أبديّة مع الرب يسوع. الكنيسة هي العروس والرب يسوع هو العريس، فمن ينظر إلى غير الرب يسوع هو يزني في الروح، فيطرده الرب يسوع من بيته إلى الأبد.

تكلم الرب يسوع عن المؤمن الّذي يُخطئ في تعامله مع أخيه المؤمن، وعن المؤمن الّذي يُخطئ إلى خصمه في هذا العالم، وأيضاً عن المؤمن الّذي يُخطئ إلى الرب يسوع وإلى نفسه.

29 فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَألقِهَا عنك: العين هي الباب الّذي تدخل منه شهوات العالم إلى حياة الإنسان، لذلك يقول الرب يسوع: إن كانت عينك تُعثر حياتك الروحيّة فتشتهي حياة العالم فاقلعها وألقها عنك، أي اقلعها من كل مكان فيه عثرة روحيّة وليس من الجسد، لأنّه يتكلّم عن عينك اليمنى، أي الفعل الّذي يسبب عثرة روحيّة، وليس عضو العين اليمنى دون اليسرى. ما تنظره العين فتطلبه النفس يدل على طبيعة الإنسان حتّى وإن لم يحصل على ما يشتهي. العين اليمنى هي الّتي ينظر بها الإنسان إلى ما يريد فعله، فالّذي ينظر إلى هذا العالم ليشتهي فعينه اليمنى تعثره، وإن نظر لكنّه لا يشتهي فعينه اليمنى لا تعثره ولا حاجة له أن يقلعها. لذلك قال الرب يسوع من نظر إلى امرأة ليشتهيها، أي عينه اليمنى تُعثره، وليس فقط من نظر إلى امرأة، لذلك لا يزني من نظر إلى امرأة دون أن يشتهي. (متى 26: 64 مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ). لا يتكلّم الرب عن جهة اليمين لأنّ القوّة ليس لها جهة يمين أو يسار.

لأنَّه خَيْر لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَد أَعْضَائِكَ وَلا يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّه فِي جَهَنَّمَ: خير لك أن تحيا في ظلمة هذا العالم المؤقّت من أن تُلقى في ظلمة الموت الأبدي. لأنّ المؤمن الّذي ينظر في الروح إلى نور الحياة السماويّة الأبديّة، لا ينظر في الجسد إلى شهوات هذا العالم الّذي يزول. قلع العين في هذا العالم هو هلاك لها في شهوات الحياة الأرضيّة. هلاك العضو يتمّ في عدم استخدامه وليس في قلعه من الجسد. يجب على المؤمن أن يقلع عينه من كل مكان يسبب عثرة لحياته الروحيّة. (تسالونيكي الأولى 5: 22 امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ.)

30 وإن كانت يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ: إن كانت يدك اليمنى تعثر حياتك الروحيّة، أي تتسبّب ببعدك عن الرب يسوع الّذي يغفر الخطايا ويمنحك حياة أبديّة، اقطعها وألقها عنك، أي ابتعد عن شبه الشرّ كي لا تفعل الشرّ. اقطع يدك من كل مكان أو ابتعد عن كل انسان يمكن أن تخسر بسببه حياتك الأبديّة.

لماذا تكلّم الرب عن العين ثمّ اليد؟ لأنّ العين تشتهي واليد تعمل للحصول على ما تشتهي العين. حب المال هو شهوة فيها عثرة روحيّة لأنّ المال هو سيّد هذا العالم الزّائل، والرب يسوع هو سيّد الحياة الروحيّة لأبديّة، ولا يمكن لإنسان أن يخدم سيّدين. (متى 6: 24 لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ.).

لأَنَّه خَيْر لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَد أَعْضَائِكَ وَلا يُلقَى جَسَدُكَ كُلُّه فِي جَهَنَّمَ: خير لك ألا تستخدم أحد أعضائك بالبعد عن شهوات العالم، من أن يكون سبب عثرة لكل الجسد فيُلقى كله في جهنّم إلى الأبد. الأعمى لا يشتهي لأنّه لا يرى، وأيضاً الّذي لا ينظر إلى الشيء ليشتهي فهو أعمى عنه، لذلك خير للمؤمن أن يقلع عينه من النظر ويقطع يده من العمل وليس أن يقلع ويقطع من الجسد. الأعمى هو الّذي لا يأت إلى شبه الشرّ فلا يفعل الشرّ. كما أنّ الّذي لا يأت إلى الرب يسوع هو أعمى الروح حتّى وإن كان يبصر بعينه، أيضاً الّذي لا ينظر إلى شهوات العالم فهو أعمى عنها حتّى وإن كان له عين تبصر. (تيموثاوس الثانية 2: 22 أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ.).

31 وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَه فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق: قيل في الناموس، حسب ناموس الأعمال يمكن للرجل أن يطلّق امرأته، لكن يجب أن يعطها كتاب طلاق، أي ليس في الكلام فقط إنّما بكلام مكتوب. (سفر التثنية 24: 1 إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ، وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَق وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ، 2وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُل آخَرَ، 3فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَق وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الَّذِي اتَّخَذَهَا لَهُ زَوْجَةً، 4لاَ يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لَهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذلِكَ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ. فَلاَ تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا.)

32 وَأَمَّا أَنَا فَأقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَه إلا لِعِلَّةِ الزنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي: في ناموس موسى، ناموس الأعمال، الطلاق مسموح عند وجود عيب في المرأة، لأنّها آية روحيّة يقول فيها الله أنّه يترك كل إنسان فيه عيب، أي خطيّة، أما في ناموس الإيمان فلا طلاق إلاّ في حالة الزنى الروحي وليس بسبب عيب، أي ليس بسبب خطيّة، لأنّ الرب يسوع جاء ليغفر الخطيّة، لكنّه يرفض المؤمن الّذي يزني في الروح. الزنى الروحي يتمّ عندما يؤمن الإنسان بالرب يسوع لكنّه أيضاً يسعى وراء آلهة أخرى، كالاهتمام بالمال والشهوات الأرضيّة، والاتّكال على أموات بطلب الحماية والشفاء الجسدي، هؤلاء يرفضهم الرب. لذلك قال الرب يسوع من ينظر إلى امرأة ليشتهيها زنى بها، لأنّها آية روحيّة تتكلّم عن الّذي ينظر إلى غير الرب يسوع ليشتهي، كشهوة المال، أو كمن يطلب حماية من إنسان ميّت يصنع باسمه ابليس عجائب جسديّة، ليبعد بها المؤمن عن طريق الحقّ السماوي في الرب يسوع الطبيب الروحي الوحيد للحياة الأبديّة. الّذي ينظر ليشتهي يزني وليس فقط من يفعل فعل الزنى، لأنّ الرب يسوع يطلب نفس المؤمن وليس فقط أعماله.

يقول الرب يسوع أنّه لا طلاق حسب ناموس الإيمان والمحبّة إلاّ في حالة الزنى، لأن في الزواج والطلاق آية روحيّة، مَثَلٌ جسديّ يتكلّم عن زواج الروح وطلاقها، لأنّ الكنيسة هي العروس والرب يسوع هو العريس، ولا طلاق بينهما إلاّ في حالة الزنى الروحي. الرجل هو الّذي يطلّق، لأنّ الرب يسوع هو الّذي يترك كل مؤمن يزني في الروح، والمرأة تزني لأنّها مطلّقة لعلّة الزنى، لكن إن طلّقها بغير علّة الزنى يجعلها تزني، لأنّها آية يقول فيها الرب يسوع أنّه لا يترك المؤمن به إلاّ في حالة الزنى، لأنّ الّذي يتركه الرب يزني في الروح، والرب يسوع صالح لا يمكن أن يتسبب بزنى الإنسان، لذلك لا طلاق إلاّ في حالة الزنى، كي لا يزن المؤمن في الروح بسبب طلاقه الروحي. (إرميا 3: 8 فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لأَجْلِ كُلِّ الأَسْبَابِ إِذْ زَنَتِ الْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ فَطَلَّقْتُهَا وَأَعْطَيْتُهَا كِتَابَ طَلاَقِهَا، لَمْ تَخَفِ الْخَائِنَةُ يَهُوذَا أُخْتُهَا، بَلْ مَضَتْ وَزَنَتْ هِيَ أَيْضًا.)

يجعلها تزني: إن كانت المرأة تقبل الطلاق فهي تزني بإرادتها، وإن كانت ترفضه إطاعة لكلمة الرب فهي تزني بسبب ضعفها أمام الرجل الّذي طلّقها، لذلك يغفر لها الرب كما يغفر كل خطيّة لكل مؤمن يرفض فعل الخطيّة، لكنّه يفعلها بسبب ضعف الجسد أمامها. (غلاطية 5: 16 وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. 17لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. 18وَلكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ.).

وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَة فَإِنَّه يَزْنِي: المطلقة في الروح هي غير المؤمنة بالرب يسوع، أو مؤمنة لكنّها لا تعمل بالكلمة الروحيّة. المؤمن الّذي لا يعمل بكلمة الله هو يزني في الروح. لا يتزوّج المؤمن بغير المؤمنة لأنّ الخير والشرّ لا يجتمعا ليكونا جسداً واحداً. (متى 19: 5 وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ.) الله لا يجمع بين المؤمن وغير المؤمن (كورنثوس الثانية 6: 14 لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟).

33 أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّه قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ لا تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِ أَقْسَامَكَ: القدماء هم الّذين تحت الناموس، الّذين يعيشون حسب ناموس الأعمال وليس حسب ناموس الإيمان. سمعتم أنّه قيل في العهد القديم، العهد الأوّل بين الله والإنسان في ناموس العدل بالأعمال. العهد الجديد هو العهد الثاني للخلاص بالنعمة في ناموس المحبّة بالإيمان. لا يتكلّم الرب يسوع عن زمن قديم أو جديد، لأنّ في الزمن القديم صار الخلاص لكثيرين حسب العهد الجديد بالإيمان بالرب يسوع المخلّص الروحي الّذي يأتي، كما صار الخلاص لنوح وإبراهيم وداود بالإيمان. لا يتكلّم الرب يسوع في آيات الإنجيل عن زمن قديم أو جديد لأنّها آيات روحيّة لا ترتبط بزمن، لكنّه يتكلّم عن حياة الإنسان، إمّا هو من القدماء حسب العهد القديم بالأعمال، أم هو في العهد الجديد بالإيمان بالرب يسوع المخلّص حسب ناموس المحبّة والغفران. (رومية 4: 1 فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ؟ 2لأَنَّهُ إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ تَبَرَّرَ بِالأَعْمَالِ فَلَهُ فَخْرٌ، وَلكِنْ لَيْسَ لَدَى اللهِ. 3لأَنَّهُ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا». 4أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ، بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. 5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ، وَلكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ، فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرًّا. 6كَمَا يَقُولُ دَاوُدُ أَيْضًا فِي تَطْوِيبِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَحْسِبُ لَهُ اللهُ بِرًّا بِدُونِ أَعْمَال: 7«طُوبَى لِلَّذِينَ غُفِرَتْ آثَامُهُمْ وَسُتِرَتْ خَطَايَاهُمْ. 8طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً».)

لا تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِ أَقْسَامَكَ: سمعتم أنّه قيل في ناموس الحقّ بالأعمال لا تحنث، أي لا تحلف زوراً. (خروج 20: 7 لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.) أوف للرب أقسامك لأنّك بالقسم تجعل نفسك مسؤولاً عن وعدك أمام الرب وليس فقط أمام الإنسان.

34 وَأَمَّا أَنَا فَأقُولُ لَكُمْ: لا تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ: أما الرب يسوع في عهد النعمة والمحبّة يقول للمؤمنين به أن لا يحلفوا البتّة لكن دائما صادقين، لأنّ المؤمن الروحي يتمّم وعوده دائماً أمام الرب، لذلك لا يحتاج إلى قسم. كل ما يفعله المؤمن يفعله للرب، فإن أخطأ يُخطأ أمام الرب دون قسم. (متى 25: 40 فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.).

لا بِالسَّمَاءِ لأنَّهَا كُرْسِيُّ اللِه: لا تحلف بالسماء لأنّك تحلف بالله الساكن فيها، الآب السماوي.

35 وَلا بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدمَيْهِ: لا تحلف باسم الرب يسوع، لأنّ الأرض هي موطئ قدمي الله في ابن الإنسان الرب يسوع المسيح، الله الظاهر في الجسد على الأرض (تيموثاوس الأولى 3: 16 وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.).

وَلا بِأوُرُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَة الْمَلِكِ الْعَظِيمِ: ولا بالمدينة المقدّسة، أورشليم السماويّة، ملكوت السماوات على الأرض. الملك العظيم هو الروح القدس، الملك الروحي العظيم لملكوت السماوات على الأرض، الّذي يسكن في كل مؤمن يأخذ الخلاص في الروح ويدخل المملكة السماويّة على الأرض قبل موت الجسد.

لا تحلف باسم الله: لا تحلف بالسماء لأنّ الله يسكن فيها، ولا بالأرض لأنّ كلمة الله تسكن فيها، ولا بأورشليم، ملكوت السماوات، لأنّ الروح القدس يملك عليها.

36 وَلا تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأنَّكَ لا تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَة وَاحِدَة بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ: لا تحلف بالله، وأيضاً لا تحلف بما لا تمتلك لأنّ رأسك، أي حياتك هي ملك لخالقها.

لماذا لا يستطيع الإنسان أن يحلف بالله أو بنفسه؟ لأنّه قسم باطل، لأنّ الإنسان لا يقدر أن يُغيّر بالله أو بنفسه إن لم يستطع أن يفي بما حلف من أجله. الّذي يحلف يجب أن يحلف بما يستطيع فعله إن سقط قسمه، كمن يُعطي شيء يمتلكه عوضاً. الله والنفس لا يمتلكهما الإنسان ليحلف بهما.

37 بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لا لا: ابن الله هو الّذي يعمل بكلمة الله وليس الّذي يحلف باسم الله. إن قال نعم لأنّ الحقّ هو نعم، وإن قال لا لأنّ الحقّ هو لا.

وَمَا زَاد عَلَى ذلك فَهُوَ مِنَ الشرّير: ما زاد على الحقّ فهو من ابليس، لأنّه كذّاب وأبو كل كذّاب. فإن كان الكذب بقسم أو بغير قسم فهو من الشرّير. وإن كان الصدق بغير قسم فهو من الله. المؤمن بالرب يسوع يرفض الكذب ولا يحتاج إلى قسم. لأنّ الكذّاب يحتاج إلى قسم ليثبت صدقه، أما الصادق فلا يحتاج إلى قسم لأنّه معروف بصدقه الدائم (يوحنا 8: 44 أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.).

38 سَمِعْتُمْ أَنَّه قِيلَ: عَيْن بِعَيْن وَسِن بِسِن: سمعتم أنّه قيل في ناموس العدل (الاويين 24: 20 كَسْرٌ بِكَسْرٍ، وَعَيْنٌ بِعَيْنٍ، وَسِنٌّ بِسِنٍّ. كَمَا أَحْدَثَ عَيْبًا فِي الإِنْسَانِ كَذلِكَ يُحْدَثُ فِيهِ.) هذا هو ناموس العهد القديم وهو ناموس العدل. فالعدل هو أن يدفع الإنسان بنفسه ثمن خطيّته، فيكون له مثل ما فعل بغيره. لذلك أتى الرب يسوع ليتمّم ناموس العدل بأعماله، ويصنع عهداً جديداً بدمه ليدفع بموته أجرة الخطيّة ويخلّص كل من يؤمن به، لأنّ أجرة الخطيّة هي موت حسب ناموس العدل على الإنسان. (رومية 6: 23 أَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.).

39 وَأَمَّا أَنَا فَأقُولُ لَكُمْ: لا تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِكَ الأَيْمَنِ فَحَوِلْ لَه الآخَرَ أَيْضًا: أمّا الرب يسوع في عهد النعمة والمحبّة يقول للمؤمنين به حسب ناموس المحبّة: لا تقاوموا الشرّ، بل اغفروا للمذنبين إليكم. من لطمك على خدّك الأيمن أي من اهانك بغير الحقّ، حوّل له الآخر، أي ليس فقط سامحه بل اغفر له أيضاً، لأنّ المسامحة هي عدم رد الضربة لأخذ الحقّ، لكن يمكن للمسامح أن يحقد على من ضربه. أما الغفران فهو أن يحوّل له خدّه الآخر وليس فقط ألا يضربه عوضاً، لأنّ الغافر يسامح بمحبّة ولا يحقد، كأنّ شيئاً لم يكن. كما أنّ الرب يسوع لُطم على خدّه الأيمن، أي لطم بلا ذنب، من أجل خلاصك، يجب أن تغفر أنت أيضاً للمذنب إليك.

40 وَمَنْ أَرَاد أَنْ يُخَاصِمَك وَيَأْخُذ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَه الردَاءَ أَيْضًا: تكلّم الرب يسوع عن الّذي يضربك بغير حقّ، وهنا يتكلّم عن الّذي يخاصمك بغير حقّ. يقول الرب يسوع ألا تقاوم الشرّ في أيّ حال من الأحوال. من أراد أن يخاصمك أي يجعلك خصمه في محاكمة بينك وبينه ليأخذ ثوبك، فاترك له ثوبك ومعطفك أيضاً. يطلب الرب يسوع من أولاد الله أن لا يقاوموا الشرّ، حتى وإن كان الخصام على الثوب، أي على حاجة أساسيّة في حياتك الجسديّة لأنّ الثوب هو أهمّ ما يملكه الإنسان. الأكل والماء واللباس هم أهم ما يحتاجه الإنسان في الجسد. المؤمن الروحي الّذي ينظر إلى الحياة الأبديّة السماويّة لا يهتمّ بما هو أرضي يزول، لأنّه سيأخذ مكافأة أبديّة لا تزول على كل عمل تنازل فيه المؤمن عن حقّه الجسدي على الأرض.

41 وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلا وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَه اثْنَيْنِ: من استغلّك لعملٍ ما فلا تردّه، من طلب منك خدمة دون مقابل افعل بسرور وافعل مضاعفاً. المؤمن الّذي يفعل ما يطلبه الرب يأخذ أجرة عمله من الرب في حياة أبديّة.

42 مَنْ سَألَكَ فَأعْطِهِ وَمَنْ أَرَاد أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلا تَرُدَّه: من يطلب منك شيء لا يردّه لك فاعطه، ومن طلب شيئاً ليردّه لك فاقرضه.

كما يطلب القانون من الإنسان ألا يأخذ حقّه بيده بل يلجأ إلى قاضي العدل ليأخذه له. وكما يفعل الأب الصالح ويطلب من أولاده ألا يأخذ الواحد حقّه من أخيه متعاركاً معه، بل ينتظر حكم أبيه العادل ليأخذ له حقّه. هكذا أبانا السماوي يطلب من أولاده أن يكونوا أبناءً صالحين، يحبّون بعضهم بعض، يغفرون للمذنبين إليهم، لا يُخاصموا حتى وإن كانوا محقّين، يخدمون دون مقابل، ويساعدون المحتاجين، هكذا يكنز المؤمن كنزه في السماء. (متى 6: 19 لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. 20بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ، 21لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا.) (متى 5: 12 اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ).

43 سَمِعْتُمْ أَنَّه قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وتُبْغِضُ عَدُوَّكَ: سمعتم أنّه قيل في العهد القديم في ناموس العدل، تحبّ قريبك وتبغض عدوّك، أي لا خطيّة على من يبغض عدوّه حسب حقّ الإنسان في ناموس العدل (الاويين 19: 18 لاَ تَنْتَقِمْ وَلاَ تَحْقِدْ عَلَى أَبْنَاءِ شَعْبِكَ، بَلْ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. أَنَا الرَّبُّ.) تحب قريبك وليس عدوّك.

44 وَأَمَّا أَنَا فَأقُولُ لَكُمْ: أما الرب يسوع في عهد النعمة ناموس المحبّة والغفران، يقول لكل مؤمن به يطلب منه الغفران أن يحبّ عدوّه، يبارك لاعنه، يحسن إلى الّذي يبغضه ويصلّي للأجل الّذي يسيء إليه. هل غيّر الرب يسوع كلمة الله في العهد القديم ناموس العدل فقال: أمّا أنا فأقول لكم؟ كلمة الله واحدة لا تتغيّر لكن فيها عهدان لا تناقض بينهما ولا تغيير، وعلى الإنسان أن يختار واحد منهما ليحيا به مع الربّ، إما ناموس الحقّ عهد البرّ بالأعمال، إما ناموس الحقّ عهد النعمة والغفران بدم الرب يسوع الّذي دفع بموته ثمن الحقّ، ليمنح بموته وقيامته حياة أبديّة بالنعمة للّذي يؤمن به. لا يمكن للإنسان أن يحيا حسب ناموس الأعمال لأنّه خاطي وأجرة الخطيّة موت، لذلك يحيا حسب ناموس المحبّة والغفران بالإيمان. لهذا كما يطلب المؤمن الغفران من الرب يسوع، يفعل هو أيضاً هكذا ويغفر للمذنب إليه. فمن يطلب حقّه من إنسان ولا يغفر له لأنّه يطلب حقّه حسب ناموس الأعمال، يجب أن يدفع هو أيضاً بنفسه ثمن الحقّ الّذي عليه حسب ناموس الأعمال، ولا يطلب من الربّ يسوع الغفران حسب ناموس النعمة. من يطلب الغفران والرحمة يجب أن يرحم هو أيضاً ويغفر للمذنب إليه.

أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ: يتكلّم الرب يسوع عن عداوة الغير للمؤمن وليس المؤمن لغيره، لأنّ المؤمن لا يعادي أحد. لذلك قال الرب: أحبّوا أعداءكم هم يعادون، باركوا لاعنيكم هم يلعنون، أحسنوا إلى مبغضيكم هم يبغضون. لا يطلب الرب يسوع علاقة مع الأعداء، إنّما يطلب محبّة والمحبّة فعل (خروج 23: 4 إِذَا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أَوْ حِمَارَهُ شَارِدًا، تَرُدُّهُ إِلَيْهِ). (رومية 12: 20 فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ». 21لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ.) الله أيضاً لا علاقة بينه وبين أعدائه لأنّ الخاطي يموت، أي ينفصل عن الله، لكنّه أحبّ أعداءه ومنحهم الخلاص بالإيمان بموت الرب يسوع من أجلهم. (يوحنا 3: 16 لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ) الله أحب بالفعل وليس فقط بالقلب والكلام، فدفع الرب يسوع البارّ بدمه ثمن خطيّة الإنسان، عدوّ الله بفعله للخطيّة، ليخلّص من الموت الأبدي كل من يؤمن به، فيعود إلى علاقته بالله في حياة أبديّة.

بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ: لا تلعنوا لاعنيكم بل باركوهم، لأنّ من يَلعن يُلعن حسب ناموس العدل، أي يُدان حسب أعماله ويموت في الروح إلى الأبد. لكن ناموس المحبّة في عهد النعمة بالرب يسوع الّذي بارك لاعنيه، يقول للمؤمنين به أن يفعلوا عكس فعل الشرّ، فيباركوا لاعنيهم. كيف يبارك المؤمن الّذي يلعنه؟ يباركه بردّه عن شرّه حسب كلمة الرب يسوع للمحبّة، ليؤمن ويتغيّر هو أيضاً ويأخذ حياة أبديّة. لأن من يلعن يأتي إلى دينونة والمؤمن لا يتمنّى هذا لإنسان، لذلك لا يلعن بل يبارك الخاطي بردّه عن الخطيّة حسب كلمة الله في عهد النعمة، بالمحبّة وليس بالقوّة، لأنّ الإيمان هو الّذي يطهّر قلب الإنسان فيرفض كل خطيّة بكل إرادته، أمّا القوّة فلا تطهّر قلب الإنسان بل فقط تمنعه من فعل الخطيّة في الظاهر لكن قلبه شرّير. (أعمال الرسل 3: 26 إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ). الرب يسوع يبارك الإنسان بردّه عن شرّه.

أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ: أعظم محبّة هي بالإحسان إلى الّذي يكرهك، ليس فقط محبّة دون مقابل بل محبّة مقابل البغضة. يتكلّم الرب يسوع عن الغفران الّذي يتمّ ليس فقط بعدم الردّ على الشرّ إنّما هو بالإحسان إلى من يبغضك، لأنّ العدل هو أن تبغض الّذي يبغضك، عين بعين وسن بسن، والمسامحة هي التنازل عن حقّك فلا تبغض الّذي يبغضك، أما الغفران الّذي عمل وعلّم به الرب يسوع فهو محبّة الّذي يبغضك بالإحسان إليه كما لو كان هو أيضاً يحبّك.

وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ: كيف يصلّي المؤمن لأجل الآخرين؟ الصلاة هي فعل روحي لأنّ كلمة الله فعل لحياة روحيّة. الصلاة هي علاقة المؤمن بالرب من خلال أفعاله الّتي تدل على إيمانه، ليس بالكلام لأن كثيرين يتكلّمون لكن لا يفعلون، أما الّذي يفعل فلا يحتاج إلى الكلام، (متى 5: 16 فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) (يعقوب 2: 18 لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي.) المحبّة الروحيّة بالعمل حسب كلمة الرب هي صلاة بلا انقطاع. (تسالونيكي الأولى 5: 17 صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ). صلّوا لأجل الّذين يسيئون إليكم ويطردونكم هو فعل المحبّة الروحي بتقديم كلمة الرب يسوع لفاعلي الشرّ ليمتنعوا عن فعله بإرادتهم، لأنّ المؤمن يرفض الخطيّة بإرادته وينظر إلى الحياة الروحيّة الأبديّة. صلّوا ليس فقط للّذين يحبّونكم بل أيضاً للّذين يُسيئون إليكم ويطردونكم جسدياً أو فكرياً، لأنّ المؤمن بالرب يسوع لا يقاوم الشرّ بالشرّ، إنّما بسيف الكلمة الروحيّة للحياة الأبديّة، لهلاك الجسد في حياة أرضيّة وقيامة الروح لحياة سماويّة.

45 لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ: تكلّم الرب يسوع عن المحبّة الحقيقيّة والغفران ليس فقط في القلب بل بالفعل، لأنّ الله محبّة وأولاد الله محبّة. كما أحبّ الله العالم بالفعل، آخذاً صورة عبد في الرب يسوع ابن الإنسان ليموت البارّ من أجل الخطاة فيغفر لهم خطاياهم بدمه، هكذا أيضاً أولاد الله يحبّون ويغفرون. هذا هو سلطان أولاد الله الّذي يمنحه الرب يسوع لكل مؤمن به، وهو المحبّة الحقيقيّة بالعطاء والغفران للمذنبين إليهم (يوحنا 1: 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.).

فَإِنَّه يُشْرِقُ شَمْسَه عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ: الشمس هي نور الحياة الروحيّة لكل إنسان يقبل الكلمة الروحيّة للحياة الأبديّة، والمطر هو كلمة الله، ماء الحياة الروحيّة لكل إنسان يقبل كلمة الله في الرب يسوع النازلة من السماء لخلاص النفوس. صنع الرب الخلاص لأعدائه بسبب الخطيّة، محبّة لجميع الناس، للأبرار والأشرار لأنّه جاء ليخلّص الأشرار من الموت الأبدي، فيمنح البرّ لكل خاطي يؤمن به ويطلب منه الخلاص. الأبرار والصالحين هم الّذين آمنوا بالرب يسوع وقبلوا منه الخلاص لذلك جعلهم أبرار وصالحين في الروح بالإيمان. والشرّير هو شرّير بأعماله، ورفضه بإرادته للرب يسوع المخلّص الروحي. محبّة الرب للجميع بفتحه باب ملكوت السماوات لكل من يريد الدخول، لأنّ الدخول منه هي حرّية الإنسان للاختيار. يُشرق شمسه ويمطر على أولاده، وأيضاً على الأشرار والظالمين ليمنحهم فرصة للخلاص، لأنّ الرب يسوع جاء من أجل الخطاة، ليدفع بموته ثمن خطيّة كل خاطي يؤمن به. هذه هي محبّة الله لأعدائه.

46 لأنَّه إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأيُّ أَجْر لَكُمْ؟: لمن يُقال أنّ محبّته عظيمة؟ إن أحبّ الإنسان من يحبّه فلا أجر له وليست محبّته عظيمة لأنّها محبّة مقابل محبّة. أما الّذي يحبّ عدوه الّذي لا يحبّه، فهذا محبّته عظيمة لأنّها ليست محبّة فقط دون مقابل بل محبّة مقابل الشرّ. لذلك أجره عظيم عند الله، لا على الأرض لأنّها تزول مع الجسد الّذي يزول، لذلك يأخذها المؤمن بعد موت الجسد روحيّة سماويّة أبديّة لا تزول.

أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟: العشّار هو جابي الضرائب، الّذي يأخذ العُشر. (لوقا 3: 12 وَجَاءَ عَشَّارُونَ أَيْضًا لِيَعْتَمِدُوا فَقَالُوا لَهُ: «يَامُعَلِّمُ، مَاذَا نَفْعَلُ؟» 13فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَسْتَوْفُوا أَكْثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكُمْ».) (لوقا 5: 27 وَبَعْدَ هذَا خَرَجَ فَنَظَرَ عَشَّارًا اسْمُهُ لاَوِي جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي».) العشّار هو مثل عن الرجل الخاطي الّذي يأخذ لنفسه ما لا يستحقّ. (لوقا 18: 13 وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ.) (لوقا 19: 1 – 10). يقول الرب أنّ الخطاة أيضاً يحبّون الّذين يحبّونهم، فلا فرق بين المؤمن وبينهم إن كان يحب فقط الّذي يحبّه.

47 وإِن سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟: لا فضل لمن يسلّم على أخيه لأنّه يأخذ منه السلام أيضاً، سلام مقابل سلام. أما المؤمن الّذي يسلّم على من لا يسالمه فأجره عظيم عند الله، لأنّه يحيا في سلام الرب يسوع إلى الأبد. المؤمن بالرب يسوع يسالم الجميع حتّى أعدائه، لأنّه لا ينظر إلى وجوه الناس لكن فقط إلى وجه الرب يسوع الّذي مات من أجله، فلا يرى الشرّ الّذي يصنعه الإنسان إنّما فقط المحبّة العظيمة الّتي صنعها الرب يسوع بموته من أجله.

أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟: أليس الخطاة أيضاً يسلّمون على إخوتهم؟ لا أجرة لمن يعمل حسب ناموس العدل لأنّه حقّ وواجب، الحقّ هو أن تسلّم على من يسلّم عليك، وألا تسلّم على من لا يسلّم عليك (عين بعين وسن بسن) أما الأجرة فهي لمن لا يأخذ سلامه من الّذي سلّم عليه. دفع الرب يسوع ثمن الخطيّة عن الإنسان ليرحمه من الموت الأبدي، لذلك لا يهتمّ المؤمن بحياته الأرضيّة الّتي تزول ليهتمّ فقط بالروحيّة السماويّة الّتي لا تزول، فيتنازل عن حقّه الّذي يزول ليأخذه سماوي لا يزول.

48 فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِل: المؤمن بالرب يسوع هو ابن الله والابن يتمثّل بأبيه، كما بذل الله ابنه، الرب يسوع ابن الإنسان، ليموت من أجل المحبّة، هكذا يبذل ابن الله، المؤمن بالرب يسوع، نفسه من أجل المحبّة. (يوحنا 3: 16 لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.) الرب يسوع بذل نفسه بإرادته ليموت من أجل الخطاة، محبّة للإنسان الّذي يقبله مخلّصاً مهما كانت خطاياه عظيمة. (يوحنا 10: 18 لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي.).

 

باسم الآب السماوي، والابن الرب يسوع المسيح، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content