تفسير إنجيل متّى
الأصحَاحُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ
1وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. 2وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. 4فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. 5فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ: «لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. 6لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ. 7وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا». 8فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. 10فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي».
11وَفِيمَا هُمَا ذَاهِبَتَانِ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ. 12فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ، وَتَشَاوَرُوا، وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً 13قَائِلِينَ: «قُولُوا إِنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلاً وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ. 14وَإِذَا سُمِعَ ذلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ». 15فَأَخَذُوا الْفِضَّةَ وَفَعَلُوا كَمَا عَلَّمُوهُمْ، فَشَاعَ هذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
16وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. 17وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. 18فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، 19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.
1 وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ.: وبعد السبت، اليوم السابع والأخير من الأسبوع، (خروج 20: 8 اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. 9سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، 10وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) جاءت مريم المجدليّة ومريم الأخرى لتنظرا القبر في فجر أوّل الأسبوع يوم قيامة الرب يسوع. آية روحيّة عن قيامة الرب يسوع في فجر أوّل الأسبوع الروحي في قلب المؤمن به، ليبدأ حياة روحيّة معه فلا يعمل في فرائض جسديّة تدل على الإيمان، لأنّه يعمل في حياة روحيّة مع الرب يسوع من أوّل الأسبوع، ليكون معه كل أيّام الأسبوع وليس فقط يوم السبت آخر يوم في الأسبوع. بعد السبت، أي بعد العمل في الفرائض الجسديّة يوم السبت دليل الإيمان، يبدأ فجر أوّل الأسبوع الروحي مع الرب يسوع في حياة روحيّة معه وليس في فرائض، لأنّه مات وقام وأعطى المؤمن به حياة روحيّة أبديّة.
2 وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ.: زلزلة عظيمة تحدث عندما يدحرج ملاك الرب باب القبر في قلب الّذين يطلبون الرب يسوع فيبصرون القبر فارغاً، أي يؤمنون بأنّه قام من الأموات. دحرج ملاك الرب الحجر عن باب القبر لا ليخرج منه الرب يسوع لكن ليُبصر الّذين يطلبونه أنّه قام من الأموات، رغم وجود الحراس الّذين يرفضون قيامة الرب يسوع في قلوب الباحثين عنه. هؤلاء هم الّذين يحرسون في كلامهم وأعمالهم باب القبر مغلقا. القبر هو قلب الإنسان، وموت الرب يسوع هو موت كلمة الله في قلبه، والحارس هو الّذي يعمل ضدّ كلمة الله كي لا يؤمن به الّذي يطلب الخلاص بقيامته. لكن الرب يسوع يرسل خادم الكلمة ليُسكت حرّاس الشرّ ويفتح باب القبر بتوصيل كلمة الحياة. لم يفتح الباب إنسان من الأرض لأنّ الرب يسوع هو الّذي يرسل ملاكه من السماء. آية تتكلّم عن المؤمن الّذي في ملكوت الله، الّذي أخذ خلاصه من الرب يسوع وقام من الأموات في الروح، هو ملاك الرب من السماء. (متى 11: 10 فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ.) يوحنّا المعمدان في الجسد إنسان وفي الروح ملاك الرب. يفتح خادم الرب باب القبر للّذين يطلبون الحقّ، فيؤمنوا بقيامة الرب يسوع الفادي من الأموات ليأخذوا معه حياة أبديّة رغم وجود الحرّاس، أي رغم وجود الرافضين لقيامة كلمة الله في حياة الباحثين عن الحقّ السماوي لخلاص نفوسهم. جلس ملاك الرب على الباب لأنّه يفتح باب القبر ويحرسه مفتوحاً بكلامه فقط حسب المكتوب مع المؤمنين بالرب يسوع، فلا يُضلّهم أحد عن كلمة الله الروحيّة للحياة الأبديّة.
3 وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ.: ملاك الرب هو المؤمن الّذي يرسله الرب يسوع كالبرق في قدرته لا يقف أمامه محارب، لذلك من خوفه ارتعد الحرّاس وصاروا كأموات. ويُلبسه ثوبه الأبيض كالثلج ليخدم به كلمة الله. ثوب الرب يسوع هو المحبّة والتواضع حتّى الموت من أجل الإنسان. ملاك الرب كالبرق ولباسه أبيض كالثلج لأنّ الرب يسوع هو الّذي يعمل في المؤمن الّذي يستخدمه. (مرقس 9: 2 وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ وَحْدَهُمْ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، 3وَصَارَتْ ثِيَابُهُ تَلْمَعُ بَيْضَاءَ جِدًّا كَالثَّلْجِ) (لوقا 17: 24 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ الَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ابْنُ الإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ.).
4 فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ.: آية روحيّة تتكلّم عن ملاك الرب الّذي يخدم كل من يطلب الرب يسوع مخلّصاً لحياته الروحيّة، فيمنع عنه حرّاس الشرّ الّذين يحرسون القبر مغلقاً، أي الّذين يرفضون قيامة الرب يسوع، فيقفوا كالأموات أمام المؤمن ليس لهم قوّة عليه. ملاك الرب هو الخادم الّذي أخذ الخلاص من الرب يسوع. (لوقا 20: 36 إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضًا، لأَنَّهُمْ مِثْلُ الْمَلاَئِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ، إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ الْقِيَامَةِ.) وهو الّذي يرتعد منه المقاومين لكلمة الله لأنّه يُسكتهم كأموات. هكذا كان التلاميذ بعد قيامة الرب يسوع، يجاهرون أمام المحاربين لكلمة الله ويمنحون الشفاء الروحي لكل طالب شفاء باسم الرب يسوع.
5 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ: «لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ.: قال الملاك لا تخافا أنتما لأنّه أخاف حرّاس الشرّ وتركهم كأموات ليس لهم قدرة على محاربة الحقّ، أمّا المرأتين فقال لهما لا تخافا أنتما لأنّه يعلم أنّهما يطلبان الرب يسوع المصلوب بإيمان ومحبّة. يرسل الرب ملاكه لكل مؤمن يقف أمام قبر الرب يسوع يطلبه في تواضع حسب كلمة الله، فيفهم أنّه قام من الأموات. القبر الروحي هو الإنسان الخاطي، يقف أمام الرب يسوع بإيمان ليقوم من الموت الروحي ويأخذ حياة أبديّة.
6 لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ.: يستخدم الرب يسوع ملاكه ليُعلن للمؤمنين الّذين يطلبونه أنّه ليس في القبر، أي أنّه قام من الأموات فيؤمنوا به حيّ في قلوبهم. الموضع الّذي كان الرب يسوع مضطجعاً فيه هو قلب الإنسان الخاطي والرافض للرب يسوع، ليصبح قلبه بعد قيامته مسكن للرب يسوع البارّ كلمة الله الحيّ. موت الرب يسوع في قبر الإنسان الروحي الّذي نحته لنفسه بالخطيّة، يجعله الرب يسوع بقيامته فارغاً من الموت وكل نجاسة.
7 وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا».: أعلن لهما ملاك الرب عن قيامة الرب يسوع وأرسلهما ليبشّرا المؤمنين به. آية روحيّة تقول أنّ قيامة الرب يسوع يعلنها ملاك الرب للمؤمنين الّذين يبحثون عنه في الروح، فيفهمون حقيقة موت الرب يسوع وقيامته للفداء. هؤلاء هم الّذين يبشّرون بالقيامة من الأموات للحياة الأبديّة. لماذا يسبقهم إلى الجليل؟ لأنّه من ناصرة الجليل عاد إليها بعد قيامته (لوقا 2: 4) (لوقا 2: 39 وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ، رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ.) يولد الإنسان حيّ في الروح لأنّ فيه خلاص الرب يسوع الّذي منحه للأولاد، لأنّه احتضنهم ووضع يديه عليهم وباركهم (مرقس 10: 15 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.) لكنّ الإنسان يموت في الروح عندما يصبح مسؤول عن نفسه ويفعل خطيّة، لكنّه يقوم من موته إن آمن بالرب يسوع فيرجع إلى حياته الروحيّة الّتي ولد فيها، هناك ينتظره الرب يسوع ليكون معه إلى الأبد. (متى 18: 3 «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.). ها هو في الروح يسبقكم إلى قلوبكم، هناك ترونه إن أتيتم إليه مؤمنين بقيامته.
8 فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ.: خرجتا من القبر بخوف من الحدث العظيم لأنّ قيامة الأموات أمر مستحيل عند الناس. لكنّهما خرجتا بفرح عظيم لأنّ قيامة الرب يسوع من الأموات فرح عظيم للمؤمنين به، لأنّهم يأخذون حياة أبديّة بقيامته في قلوبهم.
9 وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ.: آمنتا بقيامة الرب يسوع دون رؤيته لذلك أظهر الرب يسوع نفسه لهما دون أن تطلبا (يوحنا 20: 29 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا».) آية تتكلّم عن الّذين يؤمنون بالرب يسوع حيّ في قلوبهم قبل رؤيته بعين الجسد، لذلك يُظهر لهم الرب يسوع نفسه في بعض الأحيان بأمور أرضيّة غير مألوفة أو عجائب تُرى بعين الجسد فيبصرون وجوده معهم من خلالها، هكذا يقول الرب يسوع للمؤمن به "سلام لك". هذه العجائب الّتي يصنعها الرب يسوع مع المؤمنين به لا يصنعها لهدف جسدي يزول، إنّما فقط لإظهار نفسه بما يُرى أمام المؤمن به. لذلك المؤمن الّذي يرى الرب يسوع الحيّ بعد موته في قلبه، يسجد له ويمسك بقدميه ليسلك في طريق الرب يسوع البارّ.
10 فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي».: قال لهما الرب يسوع كما قال الملاك لأنّ ملاك الرب لا يتكلّم من نفسه، لأنّه يتكلّم فقط حسب كلمة الله. آية تقول أنّ خادم الرب لا يتكلّم من أفكاره إنّما يتكلّم فقط من كلمة الله في المكتوب. قال الملاك "قولا لتلاميذه" وهنا يقول الرب "قولا لإخوتي" (مرقس 3: 35 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) يطلب الرب يسوع تلاميذه وأيضاً يطلب كل مؤمن يعمل بكلمة الله، ليأتي إليه بعد قيامته، أي ليعتمد بالروح بعد إيمانه بالمسيح الحيّ فيأخذ منه حياة أبديّة.
11 وَفِيمَا هُمَا ذَاهِبَتَانِ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ.: كما يعمل خدّام الرب لخدمة كلمة الحقّ السماوي في الرب يسوع للحياة الأبديّة، يعمل أيضاً حرّاس الشرّ لخدمة ابليس والموت الأبدي. وفيما هما ذاهبتان لخدمة الرب والمؤمنين، ذهب قوم من الحرّاس اليهود، ليس لخدمة الله الّذي يؤمنون به، إنّما لخدمة رؤساء الكهنة المرائين. آية لكل مؤمن لا يخدم كلمة الله فقط حسب المكتوب لأنّه يتبع الناس ويخدم أفكارهم.
12 فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ، وَتَشَاوَرُوا، وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً: ليس كل من يُظهر إيمانه وخدمته للرب يدخل ملكوت الله، لأنّ رؤساء الكهنة هم أكثر الّذين يظهرون في خدمة الله لكنّهم يعملون على قتل كلمة الله، حتّى بعد أن ظهرت لهم حقيقة الرب يسوع الّذي قام من الأموات بشهادة حرّاسهم. أعطوا الفضّة ليهوذا ليسلّمه للموت، وأعطوا الفضّة للعسكر ليمنعوا قيامته أمام الناس. آية تدلّ على إصرار الرافضين للرب يسوع والحياة الأبديّة بسبب شهواتهم في العالم الّذي يزول.
13 قَائِلِينَ: «قُولُوا إِنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلاً وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ.: كلام لا يُصدّق لأنّ النائم لا يعرف إن كانوا قد سرقوه أو أنّه قد قام. آية تتكلّم عن الّذي يرفض الرب يسوع بكل إرادته دون سبب معقول، ليس لأنّه لا يفهم كلمة الله إنّما لأنّه لا يريد أن يأتي إليه مهما يرى أو يسمع. هذا هو الّذي يرفض كلمة الله ويتكلّم محارباً دون أن يعرف ما هو المكتوب. (متى 13: 13 مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال، لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. 14فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ. 15لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ.).
14 وَإِذَا سُمِعَ ذلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ».: يمكن لصانع الشرّ على الأرض أن يحصل على فضّة كثيرة وأيضاً على اطمئنان مؤقّت، لكنّه لا يستطيع أن يهرب من دينونة الحقّ السماوي حسب أعماله بعد موت الجسد.
15 فَأَخَذُوا الْفِضَّةَ وَفَعَلُوا كَمَا عَلَّمُوهُمْ، فَشَاعَ هذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.: آية لكل إنسان يبحث عن الحقّ السماوي فيعمل فقط حسب كلمة الله في المكتوب ولا يتبع شائعات من صنع الإنسان. شاع هذا القول لأنّ الّذي يرفض الرب يسوع البارّ يبحث عمّا يبرّر به رفضه للحقّ الّذي في الرب يسوع فيستخدم شائعات غير منطقيّة. (لوقا 7: 35 وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ جَمِيعِ بَنِيهَا.) الباحث عن الحقّ يجده فقط في المكتوب، فيضمن نفسه من التعاليم الخاطئة بسبب أقوال وعادات ينشرها الإنسان بين الناس فيعملوا بها كما لو كانت من الله.
16 وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ.: الّذين أخذوا الفضّة يطلبون المال إله هذا الدهر، أمّا تلاميذ الرب يسوع الاحد عشر الّذين خافوا وشكّوا به لكنّهم لم يسلّموه للموت كما فعل يهوذا من أجل الفضّة، آمنوا بقيامته وانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم الرب يسوع.
17 وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا.: سجدوا له في الجسد لأنّه امامهم في الجسد، لكنّها آية روحيّة ليسجد المؤمن بالروح أمام الرب يسوع الّذي يتبعه بالروح. يسجد المؤمن بالروح أمام الرب يسوع عندما يعمل بكلمة الله حسب المكتوب. (يوحنّا 4: 23 وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.). لكن بعضهم شكّوا لأنّه يمكن لبعض المؤمنين أن يشكّوا بوجود الرب يسوع معهم في الروح، لذلك يُظهر الرب يسوع نفسه لبعض الوقت بعجائب يراها المؤمن فلا يشك.
18 فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ: دفع الله للرب يسوع، ابن الإنسان الفادي الّذي قام من الأموات لأنّه بارّ، كل سلطان في السماء وعلى الأرض لأنّه اشترى الإنسان الخاطي على الأرض بألمه وموته من أجله، ليصنع من المؤمن به إنساناً صالحاً في الروح فيأتي معه إلى الحياة الأبديّة في السماء.
19 فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.: تلمذوا جميع الأمم ليفهموا كلمة الله وأهميّة الفداء ليأتوا إلى الرب يسوع ويعملوا هم أيضاً في خدمة الكلمة. وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس للخلاص، لأنّ كل من يؤمن يحتاج لأن يعتمد ليخلص. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.). عمّدوهم بكلمة الله، باسم الآب خالق الإنسان والابن فادي الإنسان والروح القدس الّذي يعمل في الإنسان، لتنقية قلوبهم وغسل الروح بالكلمة، ليس فقط ليُعلّموا غيرهم، إنّما ليكونوا هم أيضاً أنقياء في الروح ليأخذوا حياة أبديّة لأنفسهم وليس فقط للّذين يسمعون منهم كلمة الله. قال الرب اذهبوا إلى جميع الأمم لأنّه يقول أنّ الرب يسوع الفادي جاء من أجل كل إنسان على الأرض بلا استثناء.
20 وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.: وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، فقط بما أوصى به الرب يسوع، أي فقط حسب المكتوب بقوّة الروح القدس (تيموثاوس 3: 16 كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.). لا يطلب الرب يسوع من المؤمن به أن يحفظ وصاياه في عقله، إنّما ليحفظها في روحه عاملاً بها. علّموهم أن يعملوا من الروح بوصايا الرب يسوع للمحبّة السماويّة. (متى 5: 43 «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.). وعلّموهم أن يخدموا كلمة الله لخلاص الآخرين، فيكنزوا لهم كنوزا في السماء مع الرب يسوع إلى الأبد. والرب يسوع في الروح مع الّذين يؤمنون به في الروح، لأنّه يصعد في الجسد لكنّه يبقى في الروح القدس ليعمل مع المؤمن الروحي في كل أيّامه على الأرض.
بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود