تفسير إنجيل مَتَّى
الأصحَاحُ الرَّابعُ وَالْعِشرُونَ
1ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ، فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ. 2فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!».
3وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟» 4فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 6وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. 7لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ. 8وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. 9حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. 10وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. 11وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 12وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ. 13وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. 14وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.
15«فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ 16فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، 17وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، 18وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. 19وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! 20وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ، 21لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. 22وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ. 23حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 24لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. 25هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. 26فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 27لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 28لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ.
29«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.
36«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. 37وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 38لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ، 39وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 40حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. 41اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.
42«اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. 43وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 44لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ.
45فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ؟ 46طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! 47اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. 48وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ الرَّدِيُّ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ. 49فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْعَبِيدَ رُفَقَاءَهُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السُّكَارَى. 50يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، 51فَيُقَطِّعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْمُرَائِينَ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.
1 ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ، فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ.: تكلّم الرب يسوع في الهيكل عن أورشليم قاتلة الأنبياء، وتكلّم عن بيت المرائين الّذي يُترك لهم خراباً لأنّهم لا يهتمّون ببيتهم الروحي للحياة الأبديّة، ثم خرج الرب يسوع ومضى من هيكلهم ليُترك لهم خراباً. وفي هذه الآية الروحيّة يتكلّم الرب يسوع عن بيت المرائين من خارجه مستخدماً تلاميذه، الّذين أرادوا أن يروه أبنية الهيكل العظيم في نظرهم، لكن الرب يسوع يجيبهم في آية روحيّة لأنّه خرج من الهيكل ليتكلّم عنه من خارجه. يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية السماويّة عن المؤمن المرائي من داخله فيتركه خرابا ليس فيه حياة روحيّة معه. وأيضاً تكلّم عن ظاهره العظيم في نظر الناس لكن ليس في نظر الرب لأنّه غير صالح للحياة الروحيّة في داخله مع الرب، لذلك يسقط عند الدينونة.
2 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هذهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!».: أجابهم الرب يسوع بكلمة الحقّ السماوي لأنّه فاحص القلوب ينظر إلى داخل المؤمن قبل ظاهره. أجاب الرب يسوع ليصنع آية روحيّة يقول فيها أنّ هيكل المرائين، أي الإيمان الباطل في المرائين سيُنقض. حجارة الهيكل الّذي يُنقض هم المؤمنون المراؤون من داخلهم، يُظهرون الإيمان والخدمة أمام الناس، لكن ليس أمام الرب يسوع الفاحص الكلى والقلوب. الهيكل هو المؤمن الّذي يسكنه الله بالروح القدس، فكل مؤمن لا يعمل بالروح فقط حسب كلمة الرب يسوع الفادي يُترك له هيكله خراباً، ليسقط إيمانه الباطل عند موت الجسد إلى ظلمة روحيّة أبديّة. (أعمال الرسل 17: 24 الإِلهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ، هذَا، إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي، 25وَلاَ يُخْدَمُ بِأَيَادِي النَّاسِ كَأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى شَيْءٍ، إِذْ هُوَ يُعْطِي الْجَمِيعَ حَيَاةً وَنَفْسًا وَكُلَّ شَيْءٍ.)
3 وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟»: الرب يسوع جالس على جبل الزيتون في برّيّة العالم، بعيداً عن شهوات العالم في أعماله وتعاليمه لأنّها أعمال وتعاليم روحيّة. تقدّم إليه تلاميذه على انفراد لأنّ الرب يسوع يتكلّم مع تلاميذه ليعملوا هم على توصيل كلمة الرب إلى العالم. (مرقس 16: 15 وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.) يسألونه عن الوقت الّذي لا يُترك فيه حجر على حجر في بناء الهيكل، وما هي علامة مجيئه وانقضاء الدهر. أجابهم الرب يسوع في آية روحيّة ليس فيها كلمة عن سقوط الهيكل المصنوع بأيدي الناس، لأنّه يتكلّم عن المؤمن المرائي هيكل الله الّذي يُترك له خراباً ثمّ يسقط في جهنّم إلى الأبد، وأيضاً عن المؤمن الصالح الّذي يسكن فيه روح الله إلى الأبد لأنّه اعتمد بكلمة الله الروحيّة. (كورنثوس الأولى 3: 16 أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ 17إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ.) (يوحنا 2: 19 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ». 20فَقَالَ الْيَهُودُ: «فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟» 21وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدهِ.).
4 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ.: آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع للمؤمنين به أن ينظروا إلى المكتوب فلا يضلّهم أحد. افحصوا ما تسمعون بالنظر إلى كلمة الله في المكتوب، لأنّ الشرّير يخدع المؤمن الّذي يسمع ولا ينظر إلى المكتوب، انظر بعين الروح للحياة الأبديّة حسب كلمة الله في المكتوب، لا بعين الجسد للحياة الأرضيّة الّتي تزول، لأنّ ما للروح لا تنظره عين الجسد لأنّه بالإيمان الروحي لا بالعيان الجسدي. انظروا إلى ما يقوله الرب يسوع في المكتوب فلا يُضلّكم أحد بحكمته الأرضيّة.
5 فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.: كثيرون سيأتون باسم الرب يقولون أنّهم المسيح الآتي من الله، ويُضلّون كثيرين من المؤمنين، لأنّهم مسحاء كذبة يخدعون كل من يسمع وينظر بعين أرضيّة، كالّذي ينتظر شفاء الجسد في حياة أرضيّة، ولا يفتّش الكتب الّتي تشهد للمسيح الطبيب الروحي للحياة الأبديّة. (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.) لم يأت المسيح فجأة إلى العالم لأنّه أتى حسب المكتوب في النبوّات الّتي تكلّمت عن مجيئه منذ بدأ الحياة على الأرض. (التكوين 4: 4 وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، 5وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ.) نظر الرب إلى هابيل وقربانه لأنّه قدّم الذبائح حسب كلمة الرب الّتي تتكلّم عن مجيء المسيح الفادي. ولم ينظر إلى قايين وقربانه لأنّه قدّم من نتاج عمله في الأرض، تقدمة لا تصلح للخلاص لأن ليس فيها إيمان بالمسيح الفادي الّذي سيأتي ليخلّص العالم بدمه.
6 وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ.: يتكلّم الرب يسوع عن حروب روحيّة على المؤمنين. تسمعون بأنفسكم بحروب قريبة منكم وعليكم، وأخبار حروب لأنّها بعيدة عنكم على غيركم من المؤمنين، لكنّ الرب يسوع يقول للمؤمنين به أن ينظروا إليه ولا يرتاعوا، فمن ينظر إلى الرب يسوع بإيمان روحي لا يرتاع من حروب أو أخبار حروب روحيّة، لأنّ الرب يسوع هو يضمن الحياة الأبديّة معه. يقول الرب يسوع أنّه لا بدّ أن تكون هذه الحروب الروحيّة كلّها لأنّ المؤمن يعيش في العالم مع أجناد الشرّ إلى أن يأتي المنتهى بموت الجسد، وهي أيضاً امتحان للمؤمن ليختبر قوّة إيمانه وثقته بالرب يسوع الفادي، لا بالكلام إنّما بالعمل الروحي والصبر. (أفسس 6: 12 فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.).
7 لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ.: لابد أن تكون هذه كلّها لأنّه تقوم أمّة على أمّة ومملكة على مملكة وليس لأنّها إرادة الله، لأنّ الإنسان الّذي يرفض محبّة الله بإرادته هو يصنع الشرّ بنفسه وبغيره ليحصل على شهواته في هذا العالم. تقوم أمّة على أمّة في حروب معتقدات روحيّة، لأنّ كلمة الله روحيّة فتتكلّم عن حروب روحيّة. ومملكة الشرّ على مملكة الخير، مملكة إبليس في الخطيّة على مملكة الرب يسوع البارّ. (عدد 9: مُبغضين من جميع الأمم) لأنّ جميع الأمم مملكة واحدة يقودها ابليس إله هذا الدهر لهدف واحد وهو موت الإنسان في الروح إلى الأبد. مملكة الشيطان للموت الروحي تقوم على مملكة الرب يسوع للحياة الأبديّة. (2كو 4: 4 الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.). تقوم مملكة الشرّ وملكها إبليس بالخطيّة وشهوات العالم والرياء على مملكة البرّ وملكها الرب يسوع، والهدف موت الروح في جهنّم مع ابليس إلى الأبد. وتقوم مملكة الرب يسوع الروحيّة بالمحبّة وسيف كلمة الحقّ السماوي على الشرّ والخطيّة، والهدف حياة روحيّة أبديّة. تكون مجاعات وأوبئة وزلازل روحيّة في أماكن، أي في مؤمنين، وهذا نتيجة الحروب الروحيّة الّتي تقوم بها أمّة على أمّة ومملكة على مملكة. الجوع الروحي والأوبئة الروحيّة تأتي على المؤمن الّذي يبتعد عن كلمة الله (يوحنّا 6: 35 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا.) (متى 8: 16 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ، 17لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا».). لا يتكلّم الرب يسوع عن زلازل أرضيّة لأنّ كلمة الله روحيّة، لذلك يتكلّم عن زلازل روحيّة في المؤمن، تتسبب بها الخطيّة والحروب الروحيّة. شرّ الإنسان لا يصنع زلازل أرضيّة إنما نفسيّة. يتكلّم الرب يسوع عن زلازل روحيّة لأنه يتكلّم عن شرّ الإنسان الّذي يتسبّب بهذه المجاعات والأوبئة والزلازل، وهذه كلّها تأتي على المؤمن قبل خلاصه لأنّه يقول في عدد 13 (وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.). (متى 7: 24 «فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. 25فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ.) لا يتكلّم الرب يسوع عن كوارث طبيعية على بناء بيت من حجر، إنما يتكلّم في آية روحيّة سماويّة عن الإنسان الّذي يبني نفسه على الصخر، أي على الرب يسوع المسيح كلمة الله، فتأتي عليه صعوبات الحياة فلا يسقط. لذلك الزلازل أيضاً هي آية تتكلّم عن زلازل روحيّة في حياة المؤمن على الأرض.
8 وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ.: هذه كلّها مبتدأ الأوجاع الروحيّة لأنّ الرب يسوع يتكلّم عن حياة المؤمن به ولا يتكلّم عن أوجاع الجسد في العالم، لأنّ مبتدأ الأوجاع الجسديّة في العالم بسبب الحروب والمجاعات والزلازل منذ بدء الخليقة على الأرض. أمّا مبتدأ الأوجاع الروحيّة في المؤمنين بالرب يسوع فهي منذ مجيء المسيح. الحياة الجسديّة هي مبتدأ الأوجاع الجسديّة، والحياة الروحيّة بالإيمان الروحي هي مبتدأ الأوجاع الروحيّة.
9 حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي.: مُبغضين من جميع الأمم لأنّكم لستم تعملون كالأمم، هم من العالم يعملون من أجل حياتهم الأرضيّة في شهوات الجسد، وأنتم لا تهتمّون بشهوات الجسد في العالم لتهتمّوا وتعملوا للحياة الروحيّة السماويّة. هم يطلبون ما هو بالعيان وأنتم تتبعون الرب يسوع الفادي بالإيمان. يُسلّمونكم إلى ضيق ويقتلونكم لأنّهم أحبّوا مجد العالم أكثر من مجد الله. (يوحنا 12: 42 وَلكِنْ مَعَ ذلِكَ آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلاَّ يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ، 43لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللهِ.). الّذي يحب مجد الله أكثر من مجد الناس يُسلّم إلى ضيق ويقتل. (يوحنّا 3: 19 وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. 20لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ.). يتكلّم الرب يسوع عن حرب روحيّة على المؤمنين لأنّهم يُسلَّمون فيها إلى ضيق ويُقتلون، ويكونون مبغضين من جميع الأمم بسبب إيمانهم بالرب يسوع. لأنّ الأمم الأرضيّة للحياة الجسديّة تعبد آلهة هذا الدهر المتسلّط عليهم إبليس، كالأنبياء الكذبة والمال وشهوات العالم، مُستعبدين من الخطيّة والطمع وحب التسلّط، والهدف واحد هو إبعاد الإنسان عن المسيح المخلّص من دينونة جهنّم الأبديّة، لأنّه هو الّذي دفع ثمن الخطيّة بموته ليفدي الإنسان الّذي يؤمن به. هذه هي مملكة ابليس إله هذا الدهر للموت الروحي، الّذي عند انقضاء الدهر سيُلقى في بحيرة النارّ الأبديّة هو وكل مملكة الشرّ التابعة له. (كورنثوس الثانية 4: 4 الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.).
10 وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.: بسبب ضيق الأيّام على المؤمنين لأنّهم مُبغضين من جميع الأمم لأجل اسم الرب يسوع، يعثر كثيرون منهم فيرفضون الرب يسوع الّذي يسمح بهذه التجارب الّتي تُظهر قوّة الإيمان أو ضعفه، لأنّ الإيمان لا يُقاس بمشاعر المؤمن أو كلامه إنّما بالعمل حسب كلمة الله مهما كان من ضيق. المحبّة الحقيقيّة لا تظهر إلاّ عند التجربة، فيعرف المؤمن حقيقة حبّه للرب يسوع الّذي تألّم ومات من أجله. الّذين يعثرون يُسلّمون بعضهم بعضاً للشيطان لأنّ الّذي يعثر يعمل على سقوط غيره أيضاً. هذا ما فعلته حوّاء عندما أعطت آدم ليأكل مثلها من ثمر الشجرة الّتي في وسط الجنّة. ويبغضون بعضهم بعضاً لأنّهم رفضوا محبة الرب يسوع البارّ الّذي وضع نفسه حتى الموت من أجلهم، فيعمل كل واحد لشهواته في هذا العالم.
11 وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.: يتكلّم الرب يسوع في هذا الاصحاح عن الضيق الروحي الّذي يأتي على المؤمنين به، لذلك يقوم أنبياء كذبة يعملون ضدّ كلمة الله والمؤمنين به. الأنبياء الكذبة هم من إبليس، يتكلّمون باسم الله لكن ليس من كلمة الله، ومنهم أيضاً من المؤمنين بالمسيح في ظاهرهم لكنّهم لا يعملون ولا يُعلّمون حسب كلمة الله في الرب يسوع المسيح، لأنّهم يتكلّمون حسب حكمتهم الأرضيّة وليس فقط حسب المكتوب. (متى 7: 15 «اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.). يُضلّون كثيرين لأنّ كثيرين من المؤمنين بالرب يسوع لا يعملون حسب المكتوب، لأنّهم يعملون حسب أقوال المعلّمين دون أن يفتّشوا الكتب ليتحقّقوا من صحّة التعليم. (يوحنّا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.). لماذا هم أنبياء كذبة؟ لأنّ إبليس لا يستطيع أن يرسل أنبياء باسمه إلى المؤمنين لأنّ المؤمن لا يترك الله ليتبع إبليس، لذلك يرسل أنبياء كذبة باسم الإيمان بالله ليعملوا على إبعاد المؤمن عن الرب يسوع الفادي، طريق الحقّ السماوي الّذي فيه غفران الخطايا والحياة الأبديّة. ينتصر إبليس على الإنسان بالخطيّة، يفعلها الإنسان فيأتي إلى الدينونة حسب أعماله، لكنّه لا ينتصر على المؤمن الّذي يغفر له الرب يسوع خطاياه، لذلك يعمل بالأنبياء الكذبة ليبتعد المؤمن عن الإيمان الحقّ بالرب يسوع الّذي يغفر الخطايا فيأتي إلى الدينونة حسب أعماله. لا يستطيع ابليس أن يخدع المؤمن الروحي الّذي لا ينظر إلى شهوات العالم ولا يهتمّ بحياة الجسد، لأنّه ينظر بالروح دائماً إلى الرب يسوع فيعمل فقط بالمكتوب، ولا يهتمّ بما تنظره العين لأنّه يتبع الرب يسوع بالإيمان. لهذا جُرّب الرب يسوع، ابن الإنسان، ليتعلّم منه المؤمن كيف ينتصر على التجارب، فقط بالمكتوب والمكتوب أيضاً. (متى 4: 4 مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ». 7 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ». 10 حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ».). لماذا سمح الله بقيام أنبياء كذبة يُضلّون كثيرين؟ ليُنقّي الثابتين في الإيمان الروحي حسب كلمة الله السماويّة. (متى 3: 10 وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ»).
12 وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ.: ولكثرة الإثم في العالم تبرد محبّة الكثيرين من المؤمنين، لأنّهم بكثرة الإثم يلومون على الرب وليس على الإنسان الّذي يفعل الشرّ. كثرة الإثم سببها الإنسان الّذي يسعى وراء شهواته في العالم. أمّا الرب يسوع فجاء ليعلّم الإنسان بأعمال البرّ والمحبّة الحقيقيّة، ويخلّص كل خاطي يتوب من الدينونة الأبديّة، والّذي يؤمن به يترك شهوات العالم الّذي يزول ويتبع الحقّ السماوي للحياة الأبديّة. المؤمن الّذي تبرد محبّته للرب يسوع عند التجربة يدل على إيمانه الضعيف غير المستحقّ للحياة الأبديّة مع الرب يسوع، لأنّ الرب يسوع تحمّل الألم حتى الموت من أجله.
13 وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.: ضيق روحي على المؤمنين، لأنّ المؤمن الّذي يصبر إلى منتهى الضيق فهذا يخلص بالروح إلى حياة أبديّة قبل موت الجسد. لذلك يتكلّم الرب يسوع عن حروب روحيّة على المؤمنين به وليس على العالم.
14 وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.: قبل انقضاء الدهر الجسدي على الأرض، يُكرز ببشارة الملكوت السماوي للحياة الأبديّة لجميع الأمم، لخلاص كل من يقبل الخلاص بالرب يسوع المسيح، وشهادة لدينونة كل من يسمع ولا يقبل كلمة الله، لأنّه رفض نعمة الخلاص ليأتي بإرادته إلى دينونة الحقّ السماوي ويُدان حسب أعماله. بشارة الملكوت قبل موت الجسد هي بشارة للخلاص بدم الرب يسوع البارّ، لكنّها بعد موت الجسد هي شهادة لدينونة كل الّذين سمعوا ورفضوا الاعتماد بكلمة الله.
15 «فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ: يتكلّم الرب يسوع عن رؤيا دانيال الّتي تكلّم فيها عن رجسة الخراب، ينظرها المؤمن حين حدوثها لكن لا يفهم الكلام عنها قبل حدوثها. (دانيال 11: 28 فَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ بِغِنًى جَزِيل وَقَلْبُهُ عَلَى الْعَهْدِ الْمُقَدَّسِ، فَيَعْمَلُ وَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ. 29«وَفِي الْمِيعَادِ يَعُودُ وَيَدْخُلُ الْجَنُوبَ، وَلكِنْ لاَ يَكُونُ الآخِرُ كَالأَوَّلِ. 30فَتَأْتِي عَلَيْهِ سُفُنٌ مِنْ كِتِّيمَ فَيَيْئسُ وَيَرْجعُ وَيَغْتَاظُ عَلَى الْعَهْدِ الْمُقَدَّسِ، وَيَعْمَلُ وَيَرْجعُ وَيَصْغَى إِلَى الَّذِينَ تَرَكُوا الْعَهْدَ الْمُقَدَّسَ. 31وَتَقُومُ مِنْهُ أَذْرُعٌ وَتُنَجِّسُ الْمَقْدِسَ الْحَصِينَ، وَتَنْزِعُ الْمُحْرَقَةَ الدَّائِمَةَ، وَتَجْعَلُ الرِّجْسَ الْمُخَرِّبَ.) ليفهم القارئ أنّ الكلام مخفي والسفر مختوم إلى وقت النهاية فلا يفهم القارئ هذا السرّ المخفي في الكلام إلاّ عند مجيء النهاية (دانيال 12: 4 «أَمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. كَثِيرُونَ يَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ تَزْدَادُ».) كثيرون يتصفّحون الرؤيا لكنّهم لن يفهموها لأنّ المعرفة تزداد لكنّها غير كاملة إلى يوم تأتي النهاية فيُفتح السفر ويُعلن السرّ. (دانيال 12: 8 وَأَنَا سَمِعْتُ وَمَا فَهِمْتُ. فَقُلْتُ: «يَا سَيِّدِي، مَا هِيَ آخِرُ هذِهِ؟» 9فَقَالَ: «اذْهَبْ يَا دَانِيآلُ لأَنَّ الْكَلِمَاتِ مَخْفِيَّةٌ وَمَخْتُومَةٌ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ.) (دانيال 12: 13 أَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ إِلَى النِّهَايَةِ فتَسْتَرِيحَ، وتَقُومَ لِقُرعَتِكَ فِي نِهَايَةِ الأَيَّامِ».) آية لكل مؤمن لا يفهم كلمة الله الروحيّة فيذهب إلى نهاية أيّامه على الأرض بالإيمان، عالماً أنّ الله سيكشف كل أسرار ملكوت السماوات، فيستريح.
16 فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ: رجسة الخراب تقوم في اليهوديّة في المكان المقدّس، لأنّها آية روحيّة تتكلّم عن رجسة الخراب الّتي تقوم على المؤمنين بالمسيح كلمة الله، المختارين منهم وغير المختارين. (عدد 24 أَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا.) لذلك سبق الرب يسوع وأخبر المؤمنين به في هذه الآية الروحيّة فلا يضلّهم أحد، لذلك لا تبرير أمامه عند الدينونة. ضيق في المؤمن لأنّ المؤمن هو المكان المقدّس، هيكل الله. يقول الرب للمؤمنين به أن يهربوا من الشرّ الروحي الّذي يأتي عليهم لأنّه رجسة الخراب الروحي. ليهرب الّذين في اليهودية إلى الجبال، آية عن هروب المؤمن بالروح إلى برّية العالم بعيداً عن الضيق الروحي، الّذي يأتي عليه من المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة المحاربين لكلمة الله الروحيّة، الّذين يتكلّمون باسم الرب لكن حسب حكمتهم الأرضيّة وليس حسب كلمة الله في المكتوب، ليضلّوا المؤمن الّذي يسمعهم عن طريق الحقّ للحياة الأبديّة.
17 وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا: والّذي على السطح أيضاً يهرب فلا ينزل إلى بيته ليأخذ منه شيء لأنّ الحياة أفضل من كل شيء. البيت هو الإنسان، والمؤمن على سطح بيته هو الإيمان الروحي فوق شهوات البيت الجسدي. المؤمن على السطح يهرب بالروح إلى الحياة الأبديّة في بريّة هذا العالم، لا يدخل إلى بيته ليأخذ معه شيء من هذا العالم. (أعمال الرسل 10: 9 صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ.) السطح هو آية للحياة الروحيّة فوق شهوات البيت الأرضي. هكذا يفعل المؤمن الروحي الّذي يتبع الرب يسوع والحياة الأبديّة، يترك بالروح شهوات العالم في بيته الجسدي الّذي يزول ويهرب بالروح لخلاص نفسه إلى حياة أبديّة في برّيّة هذا العالم مع الرب يسوع. يحتاج المؤمن إلى تجربة روحيّة تُظهر قوّة إيمانه، لأنّه بالإيمان ينظر إلى الحياة الأبديّة، فهل حقّاً يؤمن أن حياته الأبديّة هي أهم من كل شيء؟
18 وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ.: ليهرب الّذي يعمل في الحقل، أي ليترك المؤمن عمله إن كان فيه ضيق على حياته الروحيّة. يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة أن يهرب المؤمن من الضيق الروحي الّذي يأتي عليه بسبب عمله في هذا العالم دون أن ينظر وراءه، أي دون أن ينظر إلى أهميّة هذا العمل لحياته الجسديّة، لأنّ الحياة أهمّ من الثوب، والحياة الأبديّة أهمّ من الحياة الجسديّة. (لوقا 17: 31 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ فِي الْبَيْتِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ كَذلِكَ لاَ يَرْجعْ إِلَى الْوَرَاءِ. 32اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ! 33مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ أَهْلَكَهَا يُحْيِيهَا.). الضيق على المؤمن في الحقل هو الضيق عليه في هذا العالم (متى 13: 38 وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ.) لذلك يترك المؤمن شهوات العالم ليتبع المسيح، ويترك أيضاً أهم ما له لحاجة الجسد في هذا العالم إن كان يتسبّب في الضيق الروحي عليه، لأنّ الجسدي يزول وأمّا الروحي فإلى الأبد. استخدم الرب يسوع البيت والحقل في آياته الروحيّة لأنّهما المأوى والعمل أهم ما لحياة الإنسان على الأرض، يتركهما المؤمن عند الحاجة الروحيّة لخلاص نفسه من الموت الأبدي.
19 وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ!: يصعب على الحبالى والمرضعات الهرب في الضيق لبطء خطواتهم من حمل الجنين أو الرضيع. من هم الحبالى والمرضعات في الروح؟ الحبالى في الروح هم خدّام كلمة الله الّذين يبشّرون بالمسيح المخلّص. هم آباء الإيمان للّذين يسمعون ويقبلون منهم كلمة الله، ليكونوا مستعدّين للولادة من الروح فيصبحوا أولاد الله بالروح. والمرضعات هم المرشدون في المسيح، خدّام كلمة الله الّذين يعملون لخدمة المؤمنين. (كورنثوس الأولى 4: 15 أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ.) (تسالونيكي الأولى 2: 7 بَلْ كُنَّا مُتَرَفِّقِينَ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا تُرَبِّي الْمُرْضِعَةُ أَوْلاَدَهَا). (عبرانيين 5: 12 لأَنَّكُمْ إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. 13لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ). ويل للحبالى والمرضعات في الروح في أيّام الضيق لأنّه يصعب عليهم عمل التبشير والخدمة في الضيق، فيأتي عليهم ويل الضيق من المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة أكثر من المؤمن الّذي يتبع المسيح وهو لا يواجه مثل هؤلاء.
20 وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ: الشتاء والسبت وجدهما الله من أجل الإنسان، لكن الإنسان بشرّه يجعل منهما عثرة لحياته الأبديّة. الشتاء هو الخير الّذي يعطيه الله لحاجة الإنسان في حياته على الأرض، والسبت هو الخير الروحي لحياة الإنسان الأبديّة. يحوّل الإنسان الشتاء، أي الخير الّذي أعطاه الله لحاجة الإنسان في العالم، إلى شهوات جسديّة يزيد بسببها من الضيق الروحي على نفسه فلا يقدّس يوم السبت. (غلاطية 5: 16 وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. 17لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ.). والسبت جعله الله لحياة الإنسان الروحيّة فيؤمن به ويأخذ حياة أبديّة. لكن من يعثر في السبت يوم الضيق يأتي إلى دينونة أبديّة مع الندم العظيم. (متى 11: 5 اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. 6وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».) لا يأتي الضيق من الله إنّما يأتي من شرّ الإنسان على نفسه بالشهوات وعلى غيره بالخطيّة. يزيد الشتاء من صعوبة الهرب في الضيق، لكنّ الشتاء في ذاته ليس فيه ضيق، بل هو ضرورة لحياة الإنسان. صلّوا كي لا يكون هربكم في شتاء، أي كونوا عاملين بالروح كل حين كي لا تعثروا يوم الضيق بسبب محبّة العالم وشهوات الجسد، لتكونوا في سلام روحي رغم الضيق (يوحنا 14: 27 سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.) وصلّوا لكيلا يكون هربكم في سبت لأنّ السبت هو يوم مقدّس للرب، والهرب في السبت يجعل المؤمن غير مقدِّس للسبت. السبت في الحياة الروحية بعد مجيء الرب يسوع هو كل أيام الأسبوع، أي كل أيام المؤمن على الأرض (متى 19: 21 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي».) من باع كل ما له ويتبع الرب يسوع يتبعه كل يوم، لأنه بالروح باع كل شيء في العالم واشترى الحياة الأبديّة بالإيمان الروحي. (أعمال 2: 46 وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ). صلّوا كي لا تسمحوا للضيق أن يتسبّب في إبعادكم عن كلمة الله، لأنّ الهرب في السبت هو كسر للسبت وبُعد عن كلمة الله، لذلك يعثر كثيرون وتبرد محبة الكثيرين. (عدد 10 وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا). يقول الرب أن الصلاة هي العمل الوحيد الّذي يمكن فعله ليحمي المؤمن نفسه من الضيق. ليس بتكرار الكلام إنّما بالعمل الروحي.
21 لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ.: ضيق روحي على المؤمنين لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن، أي إلى يوم مجيء المسيح. يقول الرب يسوع أنّ الضيق يبدأ من يوم دخوله إلى العالم. آية روحيّة تتكلّم عن ضيق المؤمن الروحي لذلك هو ضيق عظيم لم يكن مثله قبل الإيمان. لم يكن مثله ضيق في حياة الإنسان منذ بداية حياته في العالم إلى يوم دخول الرب يسوع إلى حياته. ولن يكون مثله ضيق بعد خلاصه بالولادة من الروح.
22 وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ.: يبدأ الضيق الروحي على المؤمن عند قبوله للرب يسوع إلى يوم خلاصه. يقول الرب في عدد 24، يحاول المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة أن يضلّوا المؤمن عن طريقه، وهذا يكون فقط إلى يوم يأخذ المؤمن خلاصه من الرب يسوع فينتهي الضيق الروحي، لأنّ المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة لا يستطيعون أن يضلّوا المخلّصين (يوحنا 10: 27 خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. 28وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. 29أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. 30أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ».) تقصّر أيام الضيق على المؤمن فتنتهي عند خلاصه، لذلك لو لم تقصّر أيام الضيق لم يخلص جسد. قصّر الله أيّام الضيق من أجل المختارين للحياة الأبديّة مع الرب يسوع، لأنّهم آمنوا واعتمدوا بالروح بكلمة الله السماويّة. قصّر الله أيام الضيق الروحي فلا يُجرّب المؤمن أكثر مما يحتمل، لأنّه فقط الّذي يصبر إلى المنتهى يخلص. (متى 10: 22 وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.) (كورنثوس الأولى 10: 13 لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا.).
23 حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا.: يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة لكل مؤمن به أن يتبع المكتوب فقط، لأنّ المكتوب هو كلمة الله الروحيّة، وكل ما يُقال من خارج المكتوب هو باطل من صنع الإنسان فلا تعملوا به. حينئذٍ في أيام الضيق والتجارب، سيحاول كثيرون أن يُضلّوا المؤمنين عن طريق الحقّ بالرب يسوع المسيح بقولهم أنّ المسيح هنا أو هناك، فلا تصدّقوا لأنّ هذه الأقوال تأتي من الّذين يتبعون ما تراه العين أو ما تسمعه الأذن في حكمة بشريّة وليس من كلمة الله الروحيّة. منهم من يتبع ما تراه العين "هنا"، أو ما تسمعه الأذن "هناك" هؤلاء يبحثون عمّا هو عيان وليس إيمان. هكذا يخدع إبليس المؤمنين الّذين لا يعتمدون بكلمة الله الروحيّة السماويّة فقط حسب الإنجيل. الحقيقة السماويّة للحياة الأبديّة نقبلها فقط من الرب يسوع لأنّه الوحيد الّذي نزل من السماء (يوحنا 3: 13 وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.) أمّا الحكمة البشريّة فلا نقبلها لأنّها جسديّة أرضيّة تموت بموت الجسد. (مز 146: 3 لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَلاَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَيْثُ لاَ خَلاَصَ عِنْدَهُ. 4تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَفْسِهِ تَهْلِكُ أَفْكَارُهُ.).
24 لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا.: المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة هم كل الّذين يحاولون تغيير طريق المؤمن لإبعاده عن طريق الحقّ السماوي في الرب يسوع المسيح الفادي الوحيد من الموت الأبدي. المسحاء الكذبة هم الّذين يتبعهم الإنسان باسم الإيمان بالله ويطلب منهم كمخلّصين له في أزماته، والأنبياء الكذبة هم الّذين يقبلون المسحاء الكذبة ويخدمونهم وينادون باسمهم بين الناس. سيقول كثيرون أن المسيح هنا أو هناك لأنّهم يُصدّقون ما تراه العين وما تسمعه الأذن عن مسحاء كذبة وأنبياء كذبة لم يرسلهم الله، بل أرسلهم إبليس مستخدماً اسم الله ليُضلّ بهم العالم. يعطون آيات وعجائب لموت الروح، لأنّها تظهر بأنّها لخير الإنسان في الجسد لكنّها لموته في الروح إلى الأبد، لأنّها تجعل الإنسان يهتمّ بالأرضيّات ويترك السماويّات مع الرب يسوع المخلّص الروحي، فلا يعمل الخاطي بالمكتوب حسب كلمة الله السماويّة لخلاصه الأبدي، لذلك هي آيات وعجائب لموت الروح إلى الأبد. (رومية 8: 5 فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ، وَلكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ. 6لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ.). (يوحنّا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، 64وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ».). عدم المعرفة الروحيّة يجعل المؤمن لا يفهم أن الرب يسوع جاء لحياة الإنسان الروحيّة الأبديّة، وليس لحياته الأرضيّة في الجسد الّذي يزول. (هوشع 4: 6 قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ. لأَنَّكَ أَنْتَ رَفَضْتَ الْمَعْرِفَةَ أَرْفُضُكَ أَنَا حَتَّى لاَ تَكْهَنَ لِي. وَلأَنَّكَ نَسِيتَ شَرِيعَةَ إِلهِكَ أَنْسَى أَنَا أَيْضًا بَنِيكَ.) الّذي يبحث عن الخلاص لا يجده إلاّ عند صانع الخلاص، ليس حسب فهمه الجسدي مستنداً على حكمته البشريّة أو على ما تراه العين، لأنّه إيمان روحي وليس عيان جسدي. فيعمل فقط حسب كلمة الله السماويّة لأنّ خلاصه سماوي.
25 هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ.: سبق الرب يسوع وأخبر المؤمنين به في هذه الآية الروحيّة ليعملوا حسب كلمة الله فقط في المكتوب، فلا يضلّهم أحد. لذلك لا تبرير أمامه عند الدينونة. كل مؤمن يتبع آيات وعجائب ليست من صنع الرب يسوع حسب كلمة الله الروحيّة للحياة الأبديّة، سيأتي إلى دينونة الحقّ والموت الأبدي.
26 فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا.: إن قالوا لكم أنّ الرب يسوع يأتي في مجيئه الثاني كما أتى في مجيئه الأوّل فلا تصدّقوا. المجيء الأوّل للرب يسوع هو آية روحيّة عن مجيئه الأوّل إلى حياة الإنسان في بريّة العالم، أي بعيداً عن شهوات العالم، وفي المخادع الروحيّة، أي في خدّامه المبشّرين باسمه، يرسلهم الرب لتوصيل كلمة الله ليؤمن به الإنسان ويأخذ منه الخلاص في مجيئه الثاني بالروح القدس، في علاقة مباشرة مع الرب يسوع دون تدخّل الإنسان. لذلك إن قالوا لكم ها هو في البرّية في مجيئه الثاني فلا تخرجوا، ها هو في المخادع فلا تصدّقوا. يأتي الرب يسوع مرّتين إلى حياة كل إنسان يسمع كلمة الله، فيقبله في مجيئه الأوّل ويعتمد بالروح حسب المكتوب، ليأخذ منه الخلاص بالروح القدس في مجيئه الثاني إليه ويبقى معه إلى الأبد. المجيء الأوّل إلى حياة الإنسان بتواضع حتّى الموت لفداء الإنسان، والمجيء الثاني كالبرق بقوّة ومجد الآب السماوي ليمنح المؤمن به الحياة الأبديّة. روح الله الّذي يسكن في المؤمن هو يعلمه بخلاصه، أي بالمجيء الثاني للرب يسوع.
27 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ.: آية روحيّة لكل مؤمن يأخذ الخلاص بالمجيء الثاني للرب يسوع إلى حياته ظاهرا له في الروح كظهور البرق في السماء. المجيء الأوّل للإيمان به والتوبة، والمجيء الثاني بالروح القدس ليمنح الخلاص للمؤمن به. كما يخرج البرق من مشرقه ويبقى ظاهراً إلى مغربه، هكذا يظهر الرب يسوع ابن الإنسان في مجيئه الثاني. يظهر من المشارق وليس من المشرق الواحد إلى المغارب وليس إلى المغرب الواحد، لأنّها آية روحيّة لنور الرب يسوع الّذي يُشرق في كل إنسان يؤمن به على الأرض، ويبقى ظاهراً فيه إلى يوم غروبه عن الأرض بموت الجسد. من مشارقه في المؤمنين به إلى مغاربه عن الأرض بموتهم في الجسد. (يوحنّا 8: 12 ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».).
28 لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ.: إن قالوا لكم ها هو في البريّة فلا تخرجوا، ها هو في المخادع فلا تصدّقوا، لأنّه حيثما تكن الجثة فهناك تجتمع النسور. لا تخرجوا أنتم كالّذين يظنّون أنّهم نسور أقوياء يعرفون ماذا يفعلون، لكنّهم في الحقيقة هم يجتمعون على جثّة روحيّة. يقول الرب يسوع للمؤمنين به ألاّ يخرجوا ليبحثوا عنه في مجيئه الثاني، لأنّ الّذين يخرجون ظانّين أنّهم سينظرون المسيح في مجيئه الثاني، هم يبحثون عنه بحسب أفكارهم الأرضيّة وليس بحسب كلمة الله السماويّة التي تقول لا تخرجوا ولا تصدّقوا. لذلك هم يخرجون لملاقاة جثة روحيّة وليس المسيح الحيّ، لأنّ المسيح الكذّاب هو إنسان ميّت في الروح. أما أنتم فلا تخرجوا لأنّ المجيء الثاني للرب يسوع المسيح سيكون بقوّة سماويّة كالبرق غير محدود في مكان، هو يأتي بنوره وقوّته إلى المؤمنين به.
29 «وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ.: آية تأتي على كل إنسان عند موته في الجسد، لأنّه بالموت ينتهي العالم وينتهي الضيق في العالم. وهو أيضاً نهاية الضيق الروحي على المؤمنين، لينتقل المؤمن إلى الحياة الأبديّة. شمس الروح هو الآب السماوي كوكب الصبح المنير، (بطرس الثانية 1: 19 كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ). تظلم شمس الروح على الإنسان بعد نهاية فرصة الخلاص بموته، فيأتي الخاطي إلى الظلمة الأبديّة. (متى 25: 30 وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.) والقمر هو الرب يسوع ابن الإنسان البارّ، يعكس نور الآب السماوي لأنّه كلمة الله، سراج الروح في ظلمة الإنسان الروحيّة. (متى 4: 16 الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ».). والقمر لا يُعطي ضوءه لأنّ الفرصة تنتهي بموت الإنسان في الجسد. (رؤيا 21: 23 وَالْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا.) الشمس والقمر، الله والخروف.
والنجوم في الروح هم غير المؤمنين، لأنّهم يعتمدون على أنفسهم وليس على كلمة الله في المسيح الفادي، هكذا هي النجوم نورها من ذاتها وليس من نور الشمس كالقمر. لذلك يسقطون بعد موت الجسد إلى دينونة الحقّ الأبديّة، كل واحد حسب أعماله. (يهوذا 1: 12 هؤُلاَءِ صُخُورٌ فِي وَلاَئِمِكُمُ الْمَحَبِّيَّةِ، صَانِعِينَ وَلاَئِمَ مَعًا بِلاَ خَوْفٍ، رَاعِينَ أَنْفُسَهُمْ. غُيُومٌ بِلاَ مَاءٍ تَحْمِلُهَا الرِّيَاحُ. أَشْجَارٌ خَرِيفِيَّةٌ بِلاَ ثَمَرٍ مَيِّتَةٌ مُضَاعَفًا، مُقْتَلَعَةٌ. 13أَمْوَاجُ بَحْرٍ هَائِجَةٌ مُزْبِدَةٌ بِخِزْيِهِمْ. نُجُومٌ تَائِهَةٌ مَحْفُوظٌ لَهَا قَتَامُ الظَّلاَمِ إِلَى الأَبَدِ.). وقوّات السماوات هي الأعمال السماويّة في الإنسان على الأرض. (أعمال 19: 11 وَكَانَ اللهُ يَصْنَعُ عَلَى يَدَيْ بُولُسَ قُوَّاتٍ غَيْرَ الْمُعْتَادَةِ.) (كورنثوس الأولى 12: 8 فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ، 9وَلآخَرَ إِيمَانٌ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ. 10وَلآخَرَ عَمَلُ قُوَّاتٍ). قوات السماوات المصنوعة في الإنسان تتزعزع بعد موته في الجسد لأنّه ينتقل من حياة جسديّة بالإيمان إلى الحياة الأبديّة بالعيان.
30 وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ.: حينئذٍ عند نهاية العالم تظهر علامة ابن الإنسان في السماء، نوره كالبرق الّذي يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب فتراه جميع قبائل الأرض. حينئذٍ تنوح جميع قبائل الأرض لأنّها نهاية الفرصة لخلاصهم. ينوحون لأنّهم أبصروا علامة ابن الإنسان الفادي لكن بعد فوات الأوان، لأنّهم رفضوا أن يؤمنوا به قبل نهاية الفرصة. حينئذٍ يبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوّة ومجد كثير ليدين الخطاة حسب أعمالهم. آية لدينونة الخطاة لأنّ الّذين يبصرون الرب يسوع في هذه الآية آتيا بقوّة ومجد كثير هم قبائل الأرض وليس الّذين دخلوا ملكوت السماوات. آية لكل خاطي بعد موته في الجسد، يبصر علامة ابن الإنسان الفادي، حينئذٍ ينوح على نهاية فرصته للخلاص، ويبصر ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوّة ومجد كثير ليدينه حسب أعماله. المجيء الأوّل للرب يسوع الفادي من عذراء مُقمّطاً مضجعاً في مذود بكل فقر جسدي وتواضع روحي حتّى الموت ليفدي الإنسان. والمجيء الثاني لخلاص المؤمن بالولادة من الروح، وأيضاً لدينونة الخاطي حسب أعماله.
31 فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا.: يأتي الرب يسوع ابن الإنسان بقوة ومجد كثير ليأخذ مُختاريه أوّلاً، وبعد ذلك الدينونة. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت وهو البوق السابع والأخير (1كورنثوس 15: 52 فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ.) (رؤيا 11: 15 ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّابِعُ، فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ قَائِلَةً: «قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ».) البوق عظيم الصوت هو كلمة الله. (رؤيا 1: 10 كُنْتُ فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ، وَسَمِعْتُ وَرَائِي صَوْتًا عَظِيمًا كَصَوْتِ بُوقٍ 11قَائِلاً: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ.) يرسل ملائكته ببوق واحد، لأنّ جميع الملائكة يستخدمون كلمة الله الواحدة. يبوّق الملاك، أي يتكلّم الملاك حسب كلمة الله. البوق هو كلمة الله وصوت البوق هو صوت الرب المتكلّم في خادمه. (يوحنا 1: 23 قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ».) يوحنّا هو صوت الرب الصارخ في البريّة. يجمع الرب يسوع مُختاريه من الأربع الرياح، من أقصاء السماوات إلى أقصائها، من الساكنين على الأرض في الجسد، إلى الّذين ماتوا في الجسد وهم في الفردوس. (لوقا 23: 43 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».) وأيضاً الّذين رُفعوا في الجسد إلى السماء (التكوين 5: 24 وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.) (الملوك الثاني 2: 11 وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.). يرسل ملائكته ليأخذ مختاريه الّذين أخذوا منه الخلاص بالولادة من الروح قبل موت الجسد. (يوحنّا 3: 3 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ».) المختارون هم كل الّذين آمنوا بالمسيح الفادي واعتمدوا بالروح حسب كلمة الله السماويّة. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.).
32 فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.: شجرة التين هي الإنسان. متى صار غصنها رخصاً وأخرجت أوراقها، أي عندما يلين الإنسان ويسمع كلمة الله ويظهر إيمانه. تعلمون أنّ الصيف قريب، أي تعلمون أنّ خلاصكم قريب وينتظر منكم ثمر الروح ليدخل إليكم، لأنّ المؤمن الّذي لا يصنع ثمر الروح لا يدخل ملكوت الله. (متى 21: 19 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.). (غلاطية 5: 22 وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ 23وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ.).
33 هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ.: القريب على الأبواب هو الخلاص، والأبواب هم المؤمنين، يقف الرب يسوع على أبوابهم ويقرع ليمنح الخلاص لكل من يفتح الباب. هكذا أنتم أيضاً كشجرة التين، متى رأيتم هذا كلّه يحدث معكم فاعلموا أنّ خلاصكم قريب. (لوقا 21: 29 وَقَالَ لَهُمْ مَثَلاً: «اُنْظُرُوا إِلَى شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ. 30مَتَى أَفْرَخَتْ تَنْظُرُونَ وَتَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَنَّ الصَّيْفَ قَدْ قَرُبَ. 31هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ قَرِيبٌ.) ملكوت الله قريب لخلاص المؤمن الّذي يعتمد بالروح.
34 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ.: كلّمة الرب يسوع هي كلمة الحقّ السماوي الّذي لا يتغيّر. لذلك لا يمضي هذا الجيل قبل أن تتمّ كل كلمة قالها الرب يسوع. هذا الجيل هو جيل المولودين من الجسد، الجيل الخاطي في هذا العالم. (لوقا 11: 29 وَفِيمَا كَانَ الْجُمُوعُ مُزْدَحِمِينَ، ابْتَدَأَ يَقُولُ: «هذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ. 30لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوَى، كَذلِكَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ.) آية يقول فيها الرب يسوع أنّ هذا الجيل سيمضي من العالم لكن بعد أن يتمّ المكتوب، يمضي هذا الجيل بموت الجسد لأنه جيل المولودين من الجسد. هذا الجيل مولود من الجسد وجيل آخر مولود من الروح للحياة الأبديّة.
35 اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.: السماء والأرض تزولان لذلك الإنسان أيضاً يزول معهما في الجسد، لكنّه في الروح لا يزول. كلام الرب يسوع لا يزول لأنّه روحي، لذلك لم يأت الرب يسوع ليعمل أعمال جسديّة أرضيّة من أجل الجسد، لأنّ الجسد يزول وكلام الرب يسوع لا يزول. كل ما صنعه الرب يسوع على الأرض في الجسد هي آيات روحيّة، أمثال أرضيّة لحياة روحيّة سماويّة يفهمها ويعمل بها في الروح المؤمن الروحي فقط. لذلك لا يعمل المؤمن الروحي بكلمة الرب يسوع أرضيّة جسديّة تزول بموت الجسد، لكنّه يعمل بها روحيّة حسب آيات الكلمة السماويّة. هكذا يكون كلام الرب يسوع لا يزول. (متى 13: 10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ.). (كولوسي 2: 16 فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ، 17الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ.) أمور جسديّة تزول لأنّها ظل الأمور الروحيّة، ترمز للّذي لا يزول قبل مجيء المسيح والحياة الروحيّة. لذلك هي عبادة جسديّة للّذي يعمل بها بعد مجيء المسيح فتزول مع الجسد. أما الجسد فللمسيح لأنّ أعماله لخدمة الروح الّذي لا يزول، لذلك يجب أن تكون أعمال الجسد روحيّة لا تزول بموته، تبشير، تواضع، غفران، محبّة، رحمة وعطاء.
36 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.: ذلك اليوم هو يوم نهاية العالم. وأيضاً هو يوم موت الإنسان في الجسد، لأنّ العالم ينتهي عند كل إنسان يموته في الجسد، لينتقل بالروح إلى يوم آخر وهو الحياة الأبديّة أو الدينونة الأبديّة. فهو يوم تنتهي فيه فرصة كل إنسان للخلاص بالرب يسوع الفادي من دينونة جهنّم. تلك الساعة هي الساعة الّتي يأتي فيها الرب يسوع المسيح ليأخذ مُختاريه في نفس اليوم الّذي يُغلق فيه الباب، أي يوم نهاية العالم على الإنسان (عدد 44: لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ.). هذا اليوم هو يوم خلاص لكل إنسان آمن واعتمد بالروح (لوقا 23: 42 ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». 43فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».) وذلك اليوم هو يوم نهاية العالم وساعة مجيء ابن الإنسان ونهاية الفرصة بموت الإنسان في الجسد. علامات تدلّ على نهاية العالم والمجيء الثاني للرب يسوع، لكن لا أحد يعرف اليوم والساعة. علامات تدلّ أنّ موت الإنسان قريب كالأمراض والشيخوخة، لكن لا أحد يعرف اليوم والساعة إلاّ الآب السماوي وحده.
37 وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ.: أيّام نوح هي آية سماويّة تتكلّم عن مجيء ابن الإنسان، الرب يسوع في الجسد. أتى الرب يسوع وبنى الفلك الروحي ببرّ أعماله لأنّ الفلك الروحي هو جسد الرب يسوع البارّ. وطهّر بدمه كل خاطي يؤمن به فيدخل فلك الخلاص طاهراً من الخطيّة. يدخل المؤمن بالروح إلى ملكوت السماوات فلا يأتي عليه طوفان دينونة العالم. لا نجاة من طوفان الدينونة إلاّ بدخول فلك النجاة الوحيد الّذي صنعه الله بيد إنسان وهو الرب يسوع ابن الإنسان، كما في أيام نوح بنى الله فلكاً واحداً بيد نوح هكذا أيضاً يكون الخلاص برب واحد يسوع المسيح ابن الإنسان. خلاص الإنسان بالإيمان لا بالعيان لأنّ الّذين دخلوا الفلك آمنوا بمجيء الطوفان لأنّهم آمنوا بكلمة الله التي تقول أنّه يأتي، أما الّذين لم يدخلوه لأنّهم رفضوا الإيمان بكلمة الله الّتي أرسلها لهم مع خادمه نوح، لأنّهم شعب يطلب أن يرى ليقبل، لذلك أتى عليهم الطوفان لينظروه بأعينهم كما أرادوا لكن بعد نهاية الفرصة للنجاة. دخول الحياة الأبديّة لا يمكن أن يكون بالعيان إنّما فقط بالإيمان، لأنّ الإنسان لا يصعد إلى سفينة الخلاص يوم الطوفان الّذي يراه بعينه، لكن يصعد إلى سفينة الخلاص قبل مجيء الطوفان لذلك الخلاص بالإيمان وليس بالعيان.
38 لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ: كما كان الناس في أيام نوح قبل الطوفان يعيشون للأكل والشرب والزواج، أي يعيشون لشهوات العالم الجسديّة رافضين الحياة الروحيّة، لأنّهم رفضوا الإيمان بكلمة الله المرسلة لهم مع نوح لخلاص نفوسهم قبل مجيء الطوفان. إلى اليوم الّذي دخل فيه نوح الفلك وأُغلق الباب لتنتهي فرصة الخلاص، ومجيء ساعة الدينونة.
39 وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ.: كما في أيام نوح لا أحد كان يعلم اليوم الّذي يدخل فيه نوح الفلك ويُغلق الرب باب الخلاص، ولا أحد يعرف الساعة الّتي يأتي فيها الطوفان، هكذا يكون المجيء الثاني للرب يسوع لدينونة الخطاة. الّذين لم يعلموا هم الخطاة الّذين لم يؤمنوا بكلمة الله لخلاص نفوسهم بالحقّ ونعمة الفداء بالرب يسوع، لذلك يُفاجئهم الموت كالطوفان ليأخذهم إلى دينونة الحقّ السماوي.
الرب يسوع هو فلك النجاة الوحيد لأنّه البارّ والفادي الوحيد، والرب يسوع هو أيضاً طوفان الحقّ الّذي يدين بالعدل كل الّذين لم يقبلوا نعمة الخلاص بالحقّ الّذي دفع ثمنه الرب يسوع بموته، بموت البارّ من أجل الخطاة. لماذا آية الدينونة تمّت بالطوفان؟ لأنّ الطوفان هو الماء النازل من السماء، والماء هو كلمة الله السماويّة (يوحنّا 4: 10 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا».) الماء الحي هو كلمة الله لخلاص المؤمن أو لدينونة الخاطي بالحقّ كل واحد حسب أعمالهم. عدل ورحمة، طوفان وفلك. من يؤمن يصعد إلى الفلك ومن لا يؤمن يُدان بالطوفان. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.). جاء الرب يسوع في اليوم الروحي الأوّل متواضعاً حتّى الموت ليصنع الخلاص ويفدي الإنسان، وأيضاً يأتي في اليوم الروحي الثاني ليُغلق باب الخلاص ويأخذ معه المؤمنين به الّذين آمنوا واعتمدوا بالروح، الّذين طهّروا أنفسهم بدمه لغفران الخطايا، وليدين الخطاة بالحقّ حسب أعمالهم.
40 حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ.: الحقل هو العالم (متى 13: 38 وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ.) اثنان في الحقل هما الزرع الجيد بنو الملكوت والزوان بنو الشرّير الّذي يشبه في ظاهره الزرع الجيد لكنّه في داخله زوان. واحد مؤمن بالروح يعمل في العالم حسب الكلمة السماويّة من أجل الروح والحياة الأبديّة، والثاني يعمل أيضاً في العالم لكن فقط من أجل الجسد للحياة الأرضيّة الّتي تنتهي بموت الجسد والروح إلى الأبد. حينئذٍ، يُرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت ليجمعوا مختاريه فيأخذ الواحد ويترك الآخر. يكون اثنان في الحقل يؤخذ الواحد الّذي آمن بالرب يسوع مخلّصاً لحياته واعتمد بالروح حسب كلمة الله، ويترك الآخر الّذي لم يعتمد بالروح ليدينه حسب أعماله. يأخذ الواحد الحيّ في الروح لأنّه يعمل ويأكل في الروح، ويترك الآخر الميّت في الروح لأنّه لا يعمل ولا يأكل في الروح. (متى 26: 26 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي. 27«وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، 28لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا.).
41 اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.: آية تتكلّم عن المرأة الّتي تُكمل عمل الرجل، هو يعمل في الحقل، وهي تكمل العمل بالطحن على الرّحى. تؤخذ الواحدة الّتي تعمل للخبز الروحي، وتترك الأخرى الّتي تعمل للخبز الجسدي. تؤخذ الواحدة إلى سفينة الخلاص الروحيّة للحياة الأبديّة، وتترك الأخرى للطوفان الروحي للدينونة الأبديّة. يبحث الإنسان عن خلاصه فيجد الرب يسوع الفادي ليؤمن به ويعتمد حسب كلمة الله السماويّة، هذا هو المجيء الأوّل للرب يسوع، ثمّ ينتظر المجيء الثاني للرب يسوع ليمنحه الخلاص الروحي قبل موت الجسد ويأخذه إلى الحياة الأبديّة بعد موت الجسد.
42 «اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ.: اسهروا إذاً في الروح مصلّين كل حين بالعمل الروحي لأنّكم لا تعلمون في أيّة ساعة يأتي الرب يسوع ليمنح الخلاص للمؤمن الصالح ويترك المؤمن النائم بالروح. لذلك يتكلّم الرب في هذه الآية عن الّذي يعمل في الحقل والّتي تطحن على الرحى، يُؤخذا وهما يعملان. كيف يسهر المؤمن ولا ينام في الروح؟ المؤمن الروحي الّذي يسهر ولا ينام في الروح هو الّذي يعمل بكلمة الله كل حين، يحيا لحياته الروحيّة الأبديّة مع الرب يسوع الفادي وليس لشهوات الجسد في عالم الخطيّة والموت. لماذا يستخدم الرب يسوع كلمة اسهروا؟ لأنّه يتكلّم مع المؤمن قبل خلاصه، يسهر المؤمن في الروح مع الرب يسوع سراج الروح في الظلمة الروحيّة، ينتظر كوكب الصبح المنير ليشرق عليه نور الخلاص الأبدي. (بطرس الثانية 1: 19 وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ). (متى 4: 16 الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ».). المؤمن الّذي يسهر في الروح هو الّذي ينظر إلى رضى الرب يسوع قبل كل أفكاره وأعماله، ليعمل بها أو يرفضها حسب كلمة الرب. العمل الجسدي لا يمنع المؤمن عن حياته الروحيّة مع الرب يسوع لأنّه لا يعمل بفرائض جسديّة يحكمها الزمن، لأنّه مصلّي كل حين بالروح. (متى 26: 41 اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».). الّذي يعمل في فرائض جسديّة لا يسهر كل حين، لأنّه يسهر حينما يعمل بالفريضة وينام عندما ينتهي من العمل بها، كالّذي يصلّي في أوقات محدّدة فينام حينما يتوقّف عن الصلاة، لذلك يقول الرب يسوع اسهروا في الروح وليس في فرائض جسديّة تنام. يكلّم الرب يسوع كل مؤمن به وليس فقط الأحياء في الجسد يوم مجيئه الثاني وانتهاء العالم، لأنّ العالم ينتهي عند كل إنسان يوم موته في الجسد.
43 وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ.: آية روحيّة للمؤمن بكلمة الله الروحيّة، لأنّ المؤمن الروحي هو الّذي يسهر بالروح لحياته الأبديّة، فلا يستطيع الموت أن يدخل إليه ويسرق منه حياته لأنّه بالروح يذهب إلى الحياة الأبديّة. أمّا الّذي لا يسهر بالروح فيأتي عليه الموت ويسرق منه فرصة الخلاص ليذهب إلى الموت الروحي الأبدي. البيت هو الإنسان ورب البيت هو نفس الإنسان والسارق هو الموت الّذي يسرق فرصة الخلاص. لو عرف الإنسان في أي وقت يأتي السارق، لسهر ولم يدع السارق يدخل بيته. آية روحيّة للإنسان الّذي يؤمن بكلمة الله، فلا ينام في الروح ليعمل حسب كلمة الله كل حين ويأخذ خلاصه الروحي بالولادة من الروح القدس، لأنّه يعلم أنّه في ساعة لا يعلمها يأتي الموت ويسرق منه فرصة خلاصه. (متى 10: 28 وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ.).
44 لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ.: آية روحيّة لكل مؤمن يتبع الرب يسوع وينتظر خلاصه الأبدي بالمجيء الثاني للرب يسوع الفادي، كالعذارى الحكيمات (متى 25: 1). يستعدّ المؤمن باعتماد كلمة الله لا ينام بالروح ويخدم بأمانة إلى يوم مجيء الرب يسوع ليدخل إليه ويبقى معه إلى الأبد. لأنّه بعد الولادة من الروح لا ينام ولا يتوقّف المؤمن عن خدمة الكلمة بالروح لأنّ الرب يسوع الّذي يسكن فيه بالروح القدس هو يقوده إلى كل عمل صالح. يولد المسيح في قلب الإنسان عندما يؤمن بالرب يسوع ابن الإنسان البارّ والفادي الوحيد من الموت الأبدي، هذا هو المجيء الأوّل للرب يسوع إلى حياة الإنسان. بعد المجيء الأوّل يعتمد المؤمن بالروح وينتظر المجيء الثاني للرب يسوع مستعداً يطلبه بالروح كل حين ليأخذ منه الخلاص، ويبقى معه في حياة روحيّة على الأرض وإلى حياة أبديّة بعد موت الجسد. (رؤيا 3: 20 هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.). لا ينتظر الرب يسوع نهاية العالم ليأتي إلى العالم لأنّه في العالم، يأتي بالروح القدس إلى الإنسان ليدخل إليه ويتعشّى معه، فيبقى المؤمن مع الرب يسوع إلى الأبد. المستعد هو الّذي لا ينام في الروح لأنّه يحمل كلمة الله في قلبه ليعمل بها كل حين. (أفسس 6: 11 الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.) (أفسس 6: 17 وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ.) المجيء الثاني للرب يسوع هو نهاية العالم للّذي يأخذ الخلاص الروحي، لأنّه لا يهتمّ بشهوات العالم إنّما فقط بحياته الأبديّة. وهو أيضاً نهاية العالم للخاطي الّذي يموت في الجسد، ليسرق الموت منه فرصة خلاصه ويقف أمام الرب يسوع لدينونة الحقّ حسب أعماله.
45 فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ؟: آية روحيّة لخدمة الكلمة السماويّة. العبد الأمين هو إنسان حكيم لأنّه بأمانته في خدمة السيّد الرب هو يختار الحياة الأبديّة وليس العالم الّذي يزول. آية روحيّة فيها أيضاً يقول الرب أنّه هو الّذي يختار ويُقيم خادمه لخدمة المؤمنين، ليعطيهم الطعام الروحي كلمة الله السماويّة. (لوقا 9: 16 فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ، ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ.). من هو العبد الأمين الحكيم؟ العبد الأمين هو الّذي يخدم حسب كلمة سيّده فقط لا يزيد عليها حرف ولا يُنقص منها حرف. (رؤيا 28: 18 لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. 19وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ.). الأمين هو إنسان حكيم لأنّه من الحكمة أن يختار الإنسان حياته الأبديّة وليس حياة الجسد الّذي يزول، فلا يعمل لشهوات الجسد المؤقّت في هذا العالم إنّما لخدمة الروح والحياة الأبديّة. فلا يتسلّط على المؤمنين لمجد نفسه، بل يخدم بتواضع ومحبّة والهدف الوحيد هو خلاص المؤمنين. فلا يعمل للمجد الأرضي الّذي يزول ويخسر المجد السماوي الأبدي. الحكمة هي في المكسب الأبدي لأنّه أعظم.
46 طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا!: طوبى لذلك العبد الّذي يخدم بأمانة وحكمة روحيّة إلى يوم مجيء الرب يسوع، طوبى له لأنّه يأخذ الخلاص الأبدي من الرب يسوع، وأيضاً يأخذ أجرته على خدمته لكلمة الله. أجرة ذلك العبد عظيمة لأنّها أجرة أبديّة لا تزول. الأمانة هي أن يعمل المؤمن كما يقول الكتاب المقدّس فقط دون زيادة أو نقصان، لأنه مكتوب بقوة الروح القدس على يد تلاميذ اختارهم الرب لهذا العمل. والحكمة هي أن يفهم المكتوب ليعمل بآيات الكلمة السماويّة لحياته الروحيّة الأبديّة، فلا يعمل بالأمثال الجسديّة الّتي تزول مع الجسد.
47 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ.: هذه هي الأجرة السماويّة للخادم الأمين. هذا هو الحقّ السماوي الّذي يتكلّم به الرب يسوع لأنّه كلمة الله على الأرض. طوبى لخادم الرب الأمين لأنّ الرب يقيمه على جميع أمواله السماويّة. آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه ينظر إلى أمانة الخادم وليس إلى حجم خدمته، لأنّ الخادم الأمين هو الّذي يخدم حسب وزناته الّتي أعطاها له الرب، لذلك يقيمه الرب حسب أمانته على جميع أمواله. الخادم الأمين لا يخدم الرب ليُظهر نفسه أمام الناس، لأنّه يخدم لهدف واحد فقط وهو خلاص الآخرين. يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة عن الأجرة السماويّة الكاملة للمؤمن الكامل الأمانة، لذلك يقيمه الرب على جميع أمواله.
48 وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ الرَّدِيُّ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ.: آية روحيّة تتكلّم عن مجيء الرب يسوع عند موت الإنسان في الجسد لدينونة العبد الغير أمين في خدمته. العبد الرديّ الّذي يقول في قلبه أنّ سيّده الرب يسوع يبطئ قدومه، هو الخادم الّذي يظنّ أنّ موته في الجسد ليس بقريب. لأنّه بموت الجسد تنتهي الفرصة ويأتي الرب يسوع ليدين الخاطي حسب أعماله. لا يأتي الرب يسوع ليدين الخاطي قبل نهاية الفرصة بموت الجسد. الحكمة أن يتعلّم الإنسان من غيره، من الّذين ماتوا قبله دون سابق انذار. لذلك هذا العبد الغير أمين هو أيضاً عبد غير حكيم، لأنّ الموت يمكن أن يفاجئ كل إنسان وليس فقط المتقدّم في السّنّ أو المريض. يُكلّم الرب يسوع كل مؤمن لا يعمل بالكلمة السماويّة منتظراً بعدم حكمته أن يعمل في الغد لأنّه يقول في نفسه أن الرب يسوع لن يأتي اليوم، فيُؤجّل اعتماده بكلمة الله السماويّة من يوم إلى آخر ليعمل لشهوات الجسد في العالم.
49 فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْعَبِيدَ رُفَقَاءَهُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السُّكَارَى.: يتسلّط على عبيد الرب، رفقاءه لأنّه هو أيضاً عبد يخدم كلمة الرب. يضربهم بكلامه وأفعاله معهم ليتسلّط عليهم ويمجّد نفسه بينهم. آية روحيّة عن الّذين يخدمون باسم الرب لكنّهم غير أمناء في خدمتهم. مهما كانت خدمة المؤمن كبيرة يبقى دائماً رفيق للمؤمنين ولا يزيد عنهم بشيء، لأنّ الرب يسوع هو السيّد والمعلّم الوحيد، والمؤمنين به كلّهم إخوة ورفقاء يخدمون بعضهم بعض حسب كلمة الرب، كل واحد حسب وزناته. قال رفقاءه ولم يقل إخوته لأنه يتكلّم عن الخادم المرفوض من الله لعدم أمانته في خدمة كلمة الله. يأكل ويشرب مع السكارى لأنّه منهم، خاطي يعيش في الخطيّة لشهوات الجسد.
50 يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا: آية روحيّة لمجيء الرب يسوع على كل خادم غير أمين في خدمته، وهذا عند نهاية فرصته بموته في الجسد، لأنّ فرصة الخلاص مفتوحة للإنسان حتى نهاية حياته في العالم بموت الجسد. لذلك يأتي الرب يسوع في نهاية العالم عند كل خادم غير أمين ليدينه حسب أعماله. المجيء الأوّل للرب يسوع في عدد 45 ليُقيم عبيده على خدمة الكلمة، والمجيء الثاني في عدد 46 ليمنح الخلاص للعبد الأمين. وبمجيئه الثاني في عدد 50 لتنتهي فرصة العبد الشرّير في يوم لا ينتظره، ويأتي إلى دينونة الحقّ في عدد 51 في ساعة لا يعرفها. قال الرب يسوع لتلاميذه أنّه يأتي في ساعة لا يعلمونها ولم يتكلّم معهم عن يوم مجيئه كما تكلّم مع الخادم الغير أمين، عدد 42 اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. تكلّم عن ساعة مجيئه فقط لأنّه يتكلّم مع الخادم الأمين، فلا يتكلّم معه عن يوم موته في الجسد وانتهاء الفرصة، لأنّه يتكلّم معه عن ساعة مجيئه الثاني ليمنح الخلاص الروحي للخادم الأمين وهو في الجسد. يوم جسدي مؤقّت فيه ساعة خلاص، ويوم روحي أبدي بعد موت الجسد فيه ساعة دينونة للخاطي.
51 فَيُقَطِّعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْمُرَائِينَ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.: يقطّعه، أي تنقطع علاقته بالرب يسوع، وتنقطع عنه فرصة الخلاص، وتُأخذ منه الوزنات للخدمة الروحيّة، لأنّ الّذي لا يعمل بها تقطع منه ويُلقى إلى الظلمة الأبديّة مع الخطاة. (متى 25: 28 فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.) يجعل نصيبه مع المرائين لأنّه مرائي، يقبل العمل بكلمة الله وخدمة المؤمنين لكنّه لا يعمل حسب الكلمة ولا يخدم المؤمنين حسب كلمة سيّده. آية لكل مؤمن يخدم كلمة الله، فلا يخدم بهدف الظهور والشهوات الأرضيّة، إنّما فقط لهدف واحد وهو خلاص الإنسان. فيعمل فقط حسب كلمة الله لا يزيد على المكتوب حرف ولا ينقص منه حرف. المرائي نصيبه مع المرائين هناك يكون البكاء على نفسه وصرير الأسنان أيضاً على نفسه لتضييعه فرصة الخلاص، والسبب عدم الأمانة في الخدمة الروحيّة. البكاء وصرير الأسنان هما الألم والندم على الخسارة الكبيرة الّتي تسبّب بها لنفسه، فيبكي ويصرّ أسنانه على نفسه لأنّه أحبّ العالم الّذي يزول أكثر من كلمة الله والحياة الأبديّة.
بمشيئة الآب السماوي، وعمل الابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود