تفسير إنجيل مَتَّى
الأصحَاحُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ
1حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ 2قَائِلاً: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، 3فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ. 4فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ، 5وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ، 6وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، 7وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي! 8وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ. 9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 10وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ. 11وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ. 12فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.
13«لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا. 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَب الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ. 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟ 18وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ. 19أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟ 20فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ! 21وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ، 22وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ. 23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. 29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، 30وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ 34لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، 35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!
37«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا. 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».
1 حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ: بعدما أبكم الرب يسوع بكلمة الحقّ السماوي الفرّيسيّين وغيرهم من المرائين، خاطب الجموع وتلاميذه يُكلّمهم عن تعاليم الكتبة والفرّيسيّين، ليجعل منهم آية روحيّة تتكلّم عن كل المعلّمين الّذين يقولون ولا يفعلون.
2 قَائِلاً: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ: موسى الّذي اختاره الله ليكون وسيطاً للعهد الأوّل بين الله وشعبه إسرائيل. بموسى أعطى الله وصايا الناموس لشعبه. (يوحنّا 1: 17 لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا.). وأيضاً صنع بموسى آيات تتكلّم عن مجيء الرب يسوع المخلّص لحياة أبديّة. (يوحنّا 3: 14 «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، 15لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.) كرسيّ موسى هو كرسي العدل السماوي حسب الناموس، وهو أيضاً كرسيّ النبوّات للإيمان والخلاص بالرب يسوع الّذي يأتي إلى العالم. جلس الكتبة والفرّيسيّون على كرسيّ الخدمة ليعملوا في كرم الرب السماوي على الأرض لخدمة المؤمنين.
3 فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.: يتكلّم الرب يسوع عن الجالسين على كرسيّ موسى، أي الّذين يُعلّمون كلمة الله التي كتبها موسى ولا يتكلّم عن فرائض من صنع الإنسان، لذلك يقول للمؤمن أن يعمل بكل ما يقولون فقط حسب المكتوب. يقول كرسيّ موسى لأنّ خلاص إسرائيل شعب الله من العبوديّة في مصر كان باستخدام الله لموسى، ليصنع آية روحيّة تتكلّم عن الرب يسوع المخلّص الروحي للمؤمن به من العبوديّة الروحيّة، من عبوديّة الخطيّة إلى حياة البرّ السماوي في الروح إلى الأبد، فكل ما كتب موسى والأنبياء هو من الله لخلاص الإنسان. ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنّ المؤمن يتبع أعمال الرب يسوع البارّ وليس أعمال الّذين يعلّمون كلمة البرّ. لأنّ كثيرين من خدّام الكلمة السماويّة يعملون في عادات وتقاليد هي من صنع الإنسان. آية لكل مؤمن يتبع الرب يسوع فلا ينظر إلى أعمال المتكلّم باسم الرب يسوع، إنّما إلى التعليم الصحيح حسب المكتوب.
4 فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ: يتكلّم الرب يسوع عن الكتبة والفرّيسيّين مُعلّمي الناموس، ليجعل منهم مثل يتكلّم به مع كل الّذين يستخدمون كلمة الله لمجد أنفسهم والتّسلّط على الشعب. الّذين يحزمون أحمالا ثقيلة من الوصايا الجسديّة والتقاليد الأرضيّة الّتي لا تصلح للحياة الروحيّة السماويّة لأنّها من صنع الإنسان، ويضعونها على أكتاف الناس ليعملوا بها، وهم لا يريدون أن يساعدوا على حملها حتّى بإصبعهم، لأنّهم يقولون ولا يفعلون. (متى 11: 28 تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. 29اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. 30لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ».).
5 وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ: يعملون باسم الرب لمجد أنفسهم لتنظرهم الناس، وليس ليمجّدوا الرب صاحب الكرم، الّذي به وله يعمل المؤمن الّذي يعتمد بالكلمة السماويّة. هؤلاء لا يعملون للحياة الأبديّة إنّما لمجد الحياة الأرضيّة. يُعرّضون عصائبهم ويُعظّمون أهداب ثيابهم ليظهروا في صورة مختلفة عن باقي الشعب، والهدف هو التكبّر والمكانة المميّزة بين الناس. العصابة هي ربطة رأس لتمييز الشخص بين الناس "كالعمامة" (حزقيال 24: 23 وَتَكُونُ عَصَائِبُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ). يُعرّضون عصائبهم ليظهروا أكثر تميّزاً عن غيرهم، والسبب هو حب الظهور وعدم التواضع. هدب الثوب هو طرف الثوب الّذي لم يُنسج، يتدلّى من ذيل الثوب. (العدد 15: 38 كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: أَنْ يَصْنَعُوا لَهُمْ أَهْدَابًا فِي أَذْيَالِ ثِيَابِهِمْ فِي أَجْيَالِهِمْ، وَيَجْعَلُوا عَلَى هُدْبِ الذَّيْلِ عِصَابَةً مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ.) أمر الرب شعبه إسرائيل دون تمييز أن يصنعوا أهداباً لثيابهم وعصابة على هدب الذيل لتمييزهم عن غير المؤمنين، لأنّ من لا يؤمن لا يصنع كما أمر الرب فيُعرف من عدم إطاعته أنّه ليس من شعب الرب، لكنّ الكتبة والفرّيسيين عرّضوا عصائبهم وطوّلوا أهداب ثيابهم ليُعظّموا أنفسهم بين المؤمنين، هذا العمل يرفضه الرب لأنّه يدل على التكبّر بين الإخوة في الروح، لأنّ الجميع إخوة في الرب يسوع فادي الجميع من موت الخطيّة، لذلك يخدمون بعضهم بعض بمحبّة وتواضع. (متى 12: 50 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) يتميّز المؤمن بين الناس بمحبّته وتواضعه، كما يتميّز الرب يسوع البارّ. الناس هي الّتي تميّز المؤمن فلا يميّز نفسه كما يفعل الكتبة والفرّيسيّون.
6 وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ: يحبّون المتكأ الأول في الولائم لأنّهم يحبّون أن يتعظّموا بين الناس "أنظروني أنا مهمّ". ويحبّون المجالس الأولى في المجامع لأنّهم يحبّون التكبّر على غيرهم من الناس "أنظروني أنا أهمّ من غيري". يؤمنون بالله السماوي لكنّهم يطلبون مجد الأرض الّذي يزول، لذلك هم لا يعملون حسب كلمة الله السماويّة. (متى 18: 3 وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.).
7 وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!: لهذا السبب يُعرّضون عصائبهم ويُعظّمون أهداب ثيابهم، ليُميزوا أنفسهم في الأسواق لأنّهم يُحبّون التحيّات من كل الناس، من الّذين يعرفونهم وأيضاً من الّذين لا يعرفونهم، فيدعوهم الجميع سيّدي سيّدي. السيّد الوحيد هو الرب يسوع صاحب الكرم، لكنّهم يطلبون الثمر لأنفسهم من الخدمة في كرم الرب، لذلك هم يأخذون أجرهم من الناس على الأرض فيزول عند موت الجسد.
8 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ.: يُكلّم الرب يسوع تلاميذه والجموع التي تؤمن به وتتبعه. آية روحيّة لكل مؤمن يعمل بكلمة الله الروحيّة، فيعمل فقط حسب كلمة السيّد والمعلّم الوحيد الرب يسوع المسيح، والجميع إخوة يتكلّمون بكلمة الرب يسوع كل واحد حسب معرفته الروحيّة من المكتوب. لا سيّد بين الإخوة لأنّ الجميع واحد في المسيح الفادي، يخدمون كلمة الله لخلاص النفوس. السيّد هو من صنع الخلاص وليس المتكلّم بالخلاص. السيّد هو الّذي يُعطي تلاميذه والمؤمنين به معرفة روحيّة لتعليم الكلمة الروحيّة، ويُعطي مواهب لخدمة الكلمة السماويّة. المؤمنين جميعاً إخوة في الرب يسوع المخلّص والسيّد الروحي الوحيد الّذي يستخدم أولاده لخلاص الآخرين وليس ليتسلّطوا عليهم.
9 وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.: كلمة الله روحيّة لذلك لا يتكلّم الرب يسوع عن الأب الجسدي على الأرض، لكنّه يتكلّم عن الأب الروحي لحياة الإنسان الروحيّة، لذلك يقول للمؤمن به ألاّ يدعو أباً روحيّاً على الأرض لأن له أب واحد سماوي، الّذي منه يأخذ المؤمن ولادة روحيّة من فوق. للإنسان في الجسد أب واحد على الأرض وللروح أب واحد في السماوات، منه يأخذ المؤمن بالولادة الروحيّة حياة أبديّة. (يوحنا 3: 3 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ».).
10 وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.: لا يدعوكم الناس معلّمين في الروح لأنّ المعلّم الروحي الوحيد هو الرب يسوع المسيح، الّذي يمنح خادمه فهم الكلمة الروحيّة ليخدم بها. يتكلّم الرب يسوع عن حياة الإنسان الروحيّة، لذلك لا يتكلّم عن معلّمين للحياة الجسديّة، إنّما للحياة الروحيّة. آية تتكلّم أيضاً مع كل مؤمن يسمع الكلمة الروحيّة من خدّام الكلمة السماويّة، فلا يدعوهم مُعلّمين، لأنّ الرب يسوع هو المعلّم الوحيد وهم يتكلّمون باسمه، لأنّ الرب يسوع هو الّذي يقف بين المتكلّم والسامع إن اجتمعا باسمه، فيعطي الكلام الصالح للمتكلّم ويمنح الفهم للسامعين كل واحد حسب قلبه. (متى 10: 20 لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ.) (متى 18: 20 لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ».). (متى 14: 19 فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.) الرب يسوع هو الّذي بارك وأعطى كلمة الحياة الروحيّة لتلاميذه والتلاميذ أعطوها للجموع، لأنّهم خدّام الكلمة الروحيّة لخلاص كل من يقبل منهم خبز الحياة الروحيّة الّذي باركه الرب يسوع، لذلك هو المعلّم الوحيد وهم يعملون فقط لتوصيل الكلمة.
11 وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ.: أكبركم في الإيمان أو في المعرفة الروحيّة يكون خادماً لكم بالمحبّة والتواضع، لأنّه يخدم كلمة الله من أجل المؤمنين، يُجيب من يسأل ليفهم كلمة الله، ويُعين ضعيف الإيمان حسب كلمة الله في المكتوب، فلا يرفع نفسه ولا يتسلّط على ضعيف الروح. من يرفع نفسه يستوفي أجره من الناس فلا يبقى له أجر في السماء.
12 فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.: يتكلّم الرب يسوع مع المؤمنين به الّذين يأتون معه إلى الحياة الأبديّة. فمن يرفع نفسه في هذا العالم يتّضع في الحياة الأبديّة، ومن يضع نفسه في هذا العالم يرتفع في الحياة الأبديّة. هذا هو القانون السماوي، من يأخذ أجره على الأرض فلا يأخذه في السماء ومن لا يأخذ أجره على الأرض يأخذه في السماء. فمن يرفع نفسه في الجسد على الأرض يتّضع في الروح في السماء لأنّ الآخذ اجرته يأخذها مرة واحدة، إمّا على الأرض في حياة قصيرة تنتهي بموت الجسد، أو في السماء في حياة روحيّة أبديّة بعد موت الجسد. يطلب الرب يسوع من المؤمن به أن يكون خادماً متواضعاً لا يبحث عن مجده الأرضيّ فيأخذ أجرة أبديّة معه في السماء. (متى 18: 4 فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.).
13 «لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ.: كلّم الرب يسوع الكتبة والفرّيسيّين المرائين مُعلّمي الناموس، ليصنع آية روحيّة يتكلّم فيها مع كل مُعلّم لا يتكلّم فقط حسب كلمة الله في المكتوب، لأنّه يتكلّم في عادات وتقاليد أو وصايا من صنع الإنسان. وأيضاً يُكلّم الّذين يضعون أحمالاً عسرة الحمل في تعاليمهم على أكتاف الناس. هكذا يُغلقون ملكوت السماوات قدّام الناس الّذين يرفضون الرب يسوع بسبب تعاليمهم الخاطئة. لا يدخلون ولا يدعون الداخلين يدخلون بسبب تعاليمهم الباطلة وكسل السامعين، الّذين لا يفحصون الكتب السماويّة ليتحقّقوا من صحّة التعليم (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.).
14 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ.: يُكلّم الرب يسوع الكتبة والفرّيسيّين المرائين ليجعل من كلامه معهم آية روحيّة لكل مؤمن مرائي. يتكلّم الرب يسوع مع المؤمنين المرائين في هذه الآية لأنّه يتكلّم مع الكتبة والفرّيسيّين المؤمنين بالله لكن أعمالهم شرّيرة، لذلك يقول ويل للمؤمن المرائي لأنّ إيمانه باطل. المؤمن الصالح يحب قريبه كنفسه، والمؤمن المرائي يحب نفسه فقط. يقول الرب يسوع ويل للمؤمن الّذي يأكل بيوت الأرامل، أي يتسلّط على الضعيف الّذي لا معين له، لكن عند حاجته إلى معين لعلة في حياته يطيل الصلوات يطلب الرب معيناً له. مؤمن مرائي أمام وجه الرب الفاحص الكلى والقلوب، يعمل الشرّ بغيره لشهواته الأرضيّة ويأتي إلى الرب في ضيقه يطلب الرحمة لنفسه. يأخذ المؤمن المرائي دينونة أعظم من الخاطي غير المؤمن لأنه خاطي يعمل الشرّ في قريبه الإنسان وأيضاً يعمل الشرّ في ريائه أمام وجه الرب. الصلاة لحاجة الإنسان في الجسد هي فعل يدل على محبّة الإنسان لنفسه وليس لله، لذلك من لا يعمل بوصايا الله ويُطيل الصلاة لعلة تصيبه فهو يحب نفسه وليس الله، لذلك بالصلاة هو ينافق الله فيأخذ دينونة أعظم.
15 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا.: ويل للمؤمنين المرائين لأنّهم يطوفون البحر والبرّ، أي يعملون بكل طاقتهم مستخدمين كلمة الله ليكسبوا دخيلاً واحداً، والهدف زيادة في العدد وليس خلاص الإنسان. يتكلّم الرب في هذه الآية الروحيّة عن المؤمن الّذي يعمل لمجد نفسه، مستخدماً كلمة الله ليجمع لنفسه مؤمنين يتبعونه. يصنعون منه ابناً لجهنّم بتعاليمهم الجسديّة ووصايا الناس لأنّهم لا يعلّمون فقط حسب المكتوب. يجعلون منه ابنا لجهنّم أكثر منهم مضاعفاّ لأنه يعمل في هذه التعاليم الباطلة أكثر ممّا هم يعملون. المؤمن الّذي يعمل أكثر في تعاليم باطلة دون ان يُفتّش الكتب السماويّة ليتحقّق من صحّة التعليم، هو ابن لجهنّم أكثر من الّذي لا يعمل بها. هكذا فعل بولس بسبب تعاليمهم الباطلة قبل أن يتبع المسيح، فحارب المؤمنين بالرب يسوع مُعتقداً أنه يخدم الله، لكنّ الله رحمه لأنّه قبل المسيح وترك كل تعاليمهم الباطلة. (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.) كثيرين يتجاهلون المكتوب ليعملوا في تعاليم باطلة هي وصايا الناس. الإنسان المدرك هو المسؤول عن حياته الأبديّة وليس له عذر بوضع اللوم على التعليم، لأنّ التعليم الصحيح يأتي من المكتوب وليس من الإنسان في حكمة بشريّة، لأنّه تعليم روحي لحياته الأبديّة.
16 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَب الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ.: ويلٌ للقادة العميان في الروح الّذين يُعلّمون بحكمة جسديّة لا تصلح للحياة الروحيّة. أعمى الروح يتكلّم بحكمة جسديّة لأنّه لا يفهم كلمة الله الروحيّة، لأنّه يحتاج إلى شفاء روحي من الرب يسوع الشافي الوحيد من الأمراض الروحيّة. أعمى الروح ينظر بعين الجسد الأرضي إلى قيمة الهيكل بالذهب الّذي فيه، أمّا المؤمن الروحي فينظر إلى أهميّة الهيكل الروحيّة.
17 أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟: الجاهل في الروح هو الّذي لا يفهم كلمة الله الروحيّة، لذلك يُقدّس الذهب بالهيكل لكنّه لعدم فهمه الروحي يحلف بالذهب الّذي في الهيكل. الروح أعظم من الجسد لأنّ الروح لا يزول، لذلك الذهب في قيمته الأرضيّة يزول بموت الجسد، أمّا الهيكل في قيمته السماويّة فللحياة الأبديّة. عميان لا يفهمون قداسة الهيكل لأنّها روحيّة، فيبحثون عن قيمة مادّية تراها العين الجسديّة. جاهل وأعمى الروح يُعلّم جاهل أعمى مثله. (متّى 15: 14 اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ».).
18 وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ.: مراؤون يضلّون شعبهم الأعمى لأنّه لا يفتّش الكتب السماويّة ليعمل بالحقّ السماوي فقط حسب كلمة الله. المذبح مقدّس بالرب يسوع، والقربان هو ما يقدّمه المؤمن للرب يسوع الفادي على المذبح الروحي. خدمة الكلمة هو قربان المؤمن الروحي (متى 5: 23 فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، 24فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.).
19 أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟: قربان المؤمن الروحي مقدّس لأنّه باسم الرب يسوع الفادي، لذلك لا قيمة روحيّة لخدمة المؤمن إن لم تكن فقط من المكتوب حسب الآيات الروحيّة. جهال وعميان في الروح لأنّهم لا يفهمون كلمة الله الروحيّة، لذلك يعملون حسب حكمتهم الجسديّة. أعمى الروح لا يفهم ما للروح لذلك ينظر إلى كلمة الله بعين أرضيّة ليعمل بها حرفيّة لا روحيّة سماويّة، لذلك يرفضه الرب ويقول أنّه جاهل وأعمى. المذبح هو الّذي يقدّس القربان لذلك لا قيمة روحيّة للقربان إن لم يقدّم إلى المذبح. الهيكل هو مسكن الله، ومسكن الله هو المؤمن بالرب يسوع المخلّص (1 كورنثوس 3: 16 أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟) والمذبح هو الرب يسوع الفادي ابن الإنسان البارّ الّذي يُقدّس عمل المؤمن أمام الله.
20 فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ!: فمن حلف بالمذبح الّذي يُقدّس القربان فقد حلف به وبكل ما هو مقدس به. فمن حلف بالمذبح حلف بالرب يسوع المسيح كلمة الله ابن الإنسان الفادي الّذي يُقدّس عمل المؤمن به.
21 وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ: من حلف بالهيكل فقد حلف بروح الله، لأنّ الله هو الّذي يقدّس الهيكل الّذي يسكن فيه بالروح القدس.
22 وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ.: ومن حلف بالسماء فقد حلف بقوّة الآب السماوي خالق كل شيء.
المذبح هو الرب يسوع البارّ الّذي يقدّس عمل المؤمن به، والساكن في الهيكل هو الروح القدس الّذي يسكن في المؤمن باسم الرب يسوع (1 كورنثوس 6: 19 أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟). (رؤيا 3: 20 هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.). والجالس على العرش في السماء هو الآب السماوي. (متى 6: 9 فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) الآب والابن والروح القدس إله واحد. الآب السماوي كلي الوجود خالق السماوات والأرض. الابن كلمة الله الروحيّة على الأرض في الرب يسوع ابن الإنسان ليفدي الإنسان، كلمة الله صار جسداً ليصنع آيات روحيّة لخلاص المؤمن الروحي الّذي في الجسد. (يوحنا 1: 14 وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.) والروح القدس يسكن في المؤمن الّذي تبرّر بالابن الفادي ليعمل بالروح للحياة الأبديّة. الله هو الآب السماوي خالق الإنسان، وهو فادي الإنسان بالابن، وهو يسكن في الإنسان بالروح القدس لحياة روحيّة أبديّة.
يكلّم الرب يسوع الكتبة والفرّيسيّين المرائين وأيضاً كل مؤمن مرائي يهتمّ بالأرضيّات ويهمل السماويّات. المؤمن الروحي بالرب يسوع لا يحلف البتّة لأنّه يرفض الباطل ويتبع الحقّ. (متى 5: 33 أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، 35وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. 36وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. 37بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.).
23 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ.: ويل للمرائين الّذين يُقدّمون عشورهم المادّيّة البسيطة ليعملوا بأبسط الناموس، لكنّهم يتركون أثقل الناموس فلا يعملوا بالحقّ والرحمة والإيمان. يقدّمون النعنع ويتركون الحقّ، يقدّمون الشّبثّ ويتركون الرحمة، ويقدّمون الكمّون ويتركون الإيمان. هل بهذه الأعمال يختارهم الله للحياة الأبديّة معه؟ (متى 6: 15 وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ.) هذا هو الحقّ السماوي والرحمة الإلهيّة والإيمان الروحي. ينبغي العمل بكل ما هو مكتوب، البسيط منه والثقيل أيضاً، لأنّ الله لا يقبل المؤمن الّذي ينتقي من كلمة الله فيعمل بما يريد ويرفض ما لا يريد، لذلك يقول ويلٌ لمثل هؤلاء المراؤون لأنّهم يظنّون أنّهم بعشورهم يدخلون ملكوت الله.
24 أيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ.: يتكلّم الرب يسوع مع القادة العميان في الروح، لأنّهم ينظرون فقط بعيونهم الأرضيّة لشهوات الجسد في هذا العالم الّذي يزول، لذلك هم في ظلمة روحيّة. يصفّون عن البعوضة، أي يُصفّون في عطاياهم إلى أقل ما يمكن. ويبلعون الجمل، أي يأخذون لأنفسهم ما يزيد كثيراً عن حاجاتهم. البعوضة تأخذ القليل جداً من دم الجمل وهم يأخذون الباقي منه.
25 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً.: الكأس هو كأس الدم، دمٌ نقيّ للحياة أو دمٌ ملوّث للموت. والصحفة هو صحن الخبز، خبزٌ صالح لاستمرار الحياة أو خبزٌ فاسدٌ للموت. الإنسان هو الكأس والصحفة، هو كأس الدم وصحن الخبز، الدم الفاسد في الإنسان الخاطي للموت الروحي، والخبز الفاسد في محبة الإنسان الخاطي لشهوات هذا العالم. ويل للمرائين الّذين يُنقّون خارجهم أمام الناس ليظهروا أمامهم في صورة البرّ، وهم من داخل كأس اختطاف لموت الآخرين في الروح، وصحن دعارة في محبّة الخطيّة وشهوات العالم.
26 أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا.: آية روحيّة لكل مرائي أعمى الروح، فينقّي أولاً داخله الشرّير ليكون خارجه أيضاً نقيّاً أمام الناس. (متى 4: 17 مِنْ ذلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».) ينقّي الخاطي نفسه بالتوبة عن الخطيّة والإيمان الصالح بالرب يسوع البارّ، فيعمل حسب كلمة الله لخلاص نفسه وخلاص الّذين يخدمهم في الروح. (متى 26: 26 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، 28لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا.) من يأكل جسد الرب يسوع هو الّذي يؤمن ويعمل بكلمة الله للبرّ الّذي أكمله الرب يسوع بجسده، ومن يشرب دمه هو الّذي يؤمن بموته وقيامته من أجله لخلاصه بمغفرة الخطايا.
27 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.: آية روحيّة لكل مؤمن مرائي يُظهر الإيمان السماوي أمام الناس لكنّه من داخل له أهداف شرّيرة في شهوات هذا العالم. هم قبور الموت الروحي لكل الّذين يتبعونهم في الروح. هم قبور مبيّضة بالتعاليم الأرضيّة الّتي تظهر جميلة للسامعين الغير فاهمين كلمة الله الروحيّة، لكن في جوهرها كل نجاسة روحيّة للموت الأبدي لأنّها ليست من كلمة الله الروحيّة. آية روحيّة لكل خادم مرائي كالقبر المبيّض من خارج، يُظهر البرّ والإيمان أمام الناس لكنّه للموت الروحي في تعاليمه الخاطئة، لأنّها تعاليم من حكمة بشريّة لا تستند على المكتوب من كلمة الله الروحيّة. (كورنثوس الثانية 3: 6 الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي.). المؤمن الصالح هو الّذي يتبع الرب يسوع في المكتوب، ولا يتبع المتكلّم باسم الرب يسوع (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.).
ابليس في هذا العالم هو القبر الروحي المبيّض في الشهوات والغنى الأرضي والتعاليم في حكمة بشريّة، يخدع الإنسان الجسدي لأنّه أعمى الروح ينظر بعين الجسد فيرى فقط خارج القبر المبيّض، لكنّه لا يرى بعين الروح داخل القبر فلا يفهم أنّه للموت الروحي. لذلك يطلب الرب يسوع من الإنسان أن يهتمّ فقط بما للروح لحياته الأبديّة، لأنّ الجسد بحاجاته وشهواته وضعفه، هو باب لإبليس الّذي يُظهر الخير للإنسان في هذا العالم ليقوى عليه لموت الروح. فهو قبر خارجه جميل للحياة الجسديّة وداخله موت للحياة الروحيّة. (متى 6: 31 فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.).
28 هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا.: فسّر الرب يسوع آية 27 ليفهم المؤمن كيف يجب تفسير كل آيات كلمة الله الروحيّة. القبر هو الإنسان المرائي، المبيّض والجميل من الخارج هو إظهار البرّ للناس، والمليء من داخل عظام أموات وكل نجاسة هو الرياء والإثم لموت الروح. (مز 78: 36 فَخَادَعُوهُ بِأَفْوَاهِهِمْ، وَكَذَبُوا عَلَيْهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ. 37أَمَّا قُلُوبُهُمْ فَلَمْ تُثَبَّتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي عَهْدِهِ. 38أَمَّا هُوَ فَرَؤُوفٌ، يَغْفِرُ الإِثْمَ وَلاَ يُهْلِكُ. وَكَثِيرًا مَا رَدَّ غَضَبَهُ، وَلَمْ يُشْعِلْ كُلَّ سَخَطِهِ.) هذا هو المؤمن المرائي، يُظهر الإيمان بكلامه أمام الناس لكن في قلبه محبّة العالم وشهواته.
29 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ: ما الفرق بين القبر والمدفن؟ القبر هو الداخل والمدفن المزيّن هو مظهر القبر من خارج. المؤمن المرائي هو قبر الأنبياء، لأنّه يقتل الأنبياء في قلبه برفضه السماع لهم. وهو مدفن الصّدّيقين المزيّن بالتّبرير أمام الناس. ويل لكل مؤمن مرائي لأنّه يبني قبر الأنبياء، أي يرفض كلمة الله الروحيّة المرسلة مع خادم الرب. لذلك هو قبر لموته في الروح بسبب الخطيّة ورفض كلمة الله (أية 27). ويزيّن مدافن الصدّيقين، أي يحاول إظهار المؤمن الصالح بمظهر غير صالح، ليُظهر نفسه صالح أمام الناس لأنّه هو مدفن الصدّيقين المزيّن. فهو لا يزيّن نفسه بالإيمان الصالح لأنّ إيمانه غير صالح، لذلك يزيّن نفسه بتبرير رفضه للمؤمن الصالح حسب حكمته أمام الناس. هكذا رفض الكتبة والفرّيسيّون المراؤون كلمة الله في الرب يسوع أمام الشعب.
30 وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ.: يعترف الكتبة والفرّيسيّون المراؤون أنّهم أبناء قتلة الأنبياء، ومع ذلك يتبعون تعاليمهم الخاطئة في عادات وتقاليد ورثوها عن آبائهم القتلة. وأيضاً يعترفون بأنّهم مراؤون، لأنّهم يقولون لو كنّا في أيام آبائنا لما شاركناهم في قتل الأنبياء، لكنّهم قتلوا كلمة الله المرسلة مع يوحنّا المعمدان، وأيضاً قتلوا الرب يسوع ابن الإنسان كلمة الله على الأرض الّذي جاء حسب النبوّات، لذلك هم قتلة الأنبياء أيضاً. (متى 17: 12 وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». 13حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.).
31 فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ.: يشهدون على أنفسهم أنّهم ليسوا أبناء ابراهيم في الإيمان لأنّهم أبناء قتلة الأنبياء، ولأنّهم لم يتغيّروا ليعملوا حسب المكتوب فيقبلوا المسيح الّذي جاء حسب النبوّات، لأنّهم يتبعون تعاليم آبائهم القتلة في الإيمان الباطل. (متى 3: 9 وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ.).
32 فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ.: فاملأوا أنتم مكيال الدم الّذي أخذتموه من آبائكم، مكيال قتل الأنبياء لذلك هو مكيال دينونة الأعمال. أبناء القتلة يملؤون مكيال آبائهم لأنّهم يعملون حسب تعاليم آبائهم القتلة، فيُكملون عمل آبائهم بملء مكيال الدم بقتلهم للأنبياء هم أيضاً.
33 أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟: الحيّات أولاد الأفاعي هم الخطاة أولاد الخطاة لأنّهم يتبعون تعاليمهم الخاطئة. كيف يهرب الخاطي بريائه من دينونة جهنّم وهو يعلم أنّ الله الديّان يرى أعماله وأفكار قلبه الّتي في الخفاء. الله لا ينظر فقط إلى أعمال المؤمن الظاهرة، لأنّ الله الفاحص الكلى والقلوب ينظر إلى هدف المؤمن من أعماله. فهل يهرب المؤمن المرائي من دينونة جهنّم؟
34 لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ: لذلك، أي بسبب تبريرهم لشرّهم بالرياء، ها الرب يرسل أنبياء يتكلّمون معهم بكلمة الله الروحيّة، وحكماء في الروح يُعلّمونهم أهميّة العمل بكلمة الله في حياة روحيّة بعيداً عن شهوات العالم، لأنّ حكمة الجسد تزول بموته أمّا حكمة الروح فأبديّة. وكتبة يكتبون كلمة الله بقوّة الروح القدس فتوجد لكل إنسان يطلب معرفة الحقّ السماوي، فيعمل فقط حسب المكتوب. (يوحنّا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.) إنجيل، تفسير، ترجمة. فمنهم تقتلون وتصلبون برفضكم لهم خدّام لكلمة الله. ومنهم تجلدون بكلامكم في مجامعكم محاولين إظهارهم على خطأ أمام الّذين يتبعونكم، فتطردونهم من مدينة إلى مدينة. المدينة الروحيّة هي المجموعة بإيمان واحد، كالطوائف. يُرفض خادم الرب من قادة المدينة الروحيّة فيجلدونه بكلامهم أمام شعبهم، فيطرده الجميع من مدينتهم، وهكذا من مدينة إلى مدينة.
35 لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ.: يأتي دم المقتول على القاتل وعلى كل من شارك بقتله، فكل من يرضى بقتله هو شريك القاتل وسافك دم. الدم الزكيّ هو دم القدّيسين، دم المؤمن الصالح الّذي تبرّر بالرب يسوع. يأتي عليهم كل دم الأنبياء القدّيسين الّذين قُتلوا بسبب إيمانهم الصالح، من دم هابيل الصدّيق، المؤمن الصالح، أوّل دمٍ زكيّ سفك على الأرض بسبب إيمانه الصالح بالمسيح الّذي سيأتي حسب النبوّات، لذلك نظر الله إلى هابيل وقربانه لأنّه قدّم ذبائح حسب كلمة الله، لكنّه رفض قايين وقربانه لأنّه قدّم حسب أفكاره وليس حسب كلمة الله، فاغتاظ قايين وقتل هابيل (التكوين 4: 3). من دم هابيل المؤمن الصالح بالمسيح إلى دم زكريّا الخادم الصالح الّذي تنبّأ عن مجيء المسيح المخلّص (زكريا 9: 9 اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ.). لماذا كل دم زكي من هابيل إلى زكريّا؟ لأنّ الرب يتكلّم في هذه الآية عن دم كل المؤمنين بالمسيح قبل مجيئه، من أوّل مؤمن قُتل بسبب إيمانه بالمسيح المُنتظر، إلى آخر نبيّ تنبّأ عن مجيء المسيح المخلّص، ثمّ جاء المسيح وقتلوه. المؤمن المرائي يرفض المؤمن الصالح والخادم الصالح، لأنّه لا يعمل بكلمة الله فقط حسب المكتوب كما هم يعملون.
36 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!: يتكلّم الرب يسوع في هذا الأصحاح عن الويلات الّتي ستأتي ليس فقط على الكتبة والفرّيسيّين المرائين، إنما على هذا الجيل بأكمله، على المؤمن المرائي وأيضاً على غير المؤمن. هذا الجيل هو الجيل الّذي وُلد من الجسد لكن لم يولد من فوق ليصبح من جيل المولودين من الروح لحياة أبديّة مع الرب يسوع. الجيل الجسدي خاطي يستحقّ الموت الروحي، والجيل الروحي خلاصه بالرب يسوع البارّ. عند الدينونة تأتي هذه الويلات على هذا الجيل الفاسد الّذي عاش لشهوات الجسد والخطيّة، وترك الخلاص الروحي لأنّه لم يعتمد حسب كلمة الله السماويّة باسم الرب يسوع المسيح البارّ.
37 «يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!: يتكلّم الرب يسوع مع أورشليم لأنّها العاصمة الروحيّة لإسرائيل شعب الله. دخلها الرب يسوع المسيح بالمحبّة والتواضع ليمنح الخلاص لشعبه، لكن رؤساء الكهنة رفضوا محبّته فعذّبوه وقتلوه، لكنّه غلب الموت بالقيامة. هكذا رفضوا وعذّبوا وقتلوا الأنبياء والمرسلين من قبله. الرب يسوع هو الله المتكلّم في هذه الآية بقوله: "كم مرة أردت أن أجمع أولادك". منذ سقوط الإنسان والله يعمل لخلاص الإنسان من الموت الأبدي، لكنّ الله ترك الحرّية للإنسان ليختار، لذلك كثيرون يرفضون محبّة الله ويختارون دينونة أبديّة حسب أعمالهم. هؤلاء هم الّذين رفضوا الأنبياء الّذين أرسلهم الله ليتنبّأوا عن مجيء المسيح المخلّص، وأيضاً رفضوا المسيح والمبشّرين باسمه. فراخ الدجاجة تحتمي تحت جناحي أمّها من كل خطر يأتي عليها، لكن كثيرين من الناس يرفضون محبة الله لهم برفضهم للمرسلين إليهم لخلاص نفوسهم من الموت الأبدي. محبّة الله هي محبّة أبديّة لحياة روحيّة أبديّة أظهرها الرب يسوع بموته من أجل الخطاة. آية روحيّة يتعلّم منها كل مؤمن يتبع الله حسب المعلّمين، وليس حسب كلمة الله فقط في المكتوب.
38 هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا.: البيت هو بيت إسرائيل، يتركه الله فيصبح خراباً روحيّاً (أعمال الرسل 2: 36 فَلْيَعْلَمْ يَقِينًا جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هذَا، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ، رَبًّا وَمَسِيحًا».) آية روحيّة تتكلّم عن بيت المؤمن المرائي الّذي يُترك له خراباً، لأنّ الله لا يسكن في المؤمن الّذي لا يعتمد بالروح حسب المكتوب. البيت هو الإنسان، بيت الله هو المؤمن بالرب يسوع الفادي، وبيت الخطيّة هو الإنسان الخاطي تسكنه الأرواح الشرّيرة. لذلك البيت الّذي يرفض الرب يسوع يُترك له خراباً لأنّه خاطي لا يسكن فيه كلمة الله ليغفر له الخطايا. لماذا الإنسان خراباً في الروح إن لم يسكنه الرب يسوع؟ لأنّ الرب يسوع هو كلمة الله البارّ والفادي الوحيد الّذي يطهّر المؤمن من نجاسة الخطيّة، ويطرد الشياطين من الخرابة ليمنح البيت حياة روحيّة أبديّة. (متى 12: 43 إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ، يَطْلُبُ رَاحَةً وَلاَ يَجِدُ. 44ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ فَارِغًا مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. 45ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ! هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ الشَّرِّيرِ».) هكذا يكون أيضاً لهذا الجيل الخاطي المولود من الجسد وليس من الروح، لأنّه لم يقبل الخلاص بالرب يسوع ليولد من فوق ويصبح من الجيل السماوي للحياة الأبديّة. الجيل الأرضي هو الّذي يعمل لمجد الجسد باهتمامات وشهوات جسديّة في هذا العالم، أما الجيل السماوي فهو روحي يستخدم الجسد لأعمال روحيّة حسب كلمة الله السماويّة.
39 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».: يقول الرب يسوع في هذه الآية لكل مؤمن مرائي كالكتبة والفرّيسيين، أنّه لا يرى الرب يسوع في الروح إن لم يؤمن ويقول بالروح، أي بأعمال روحيّة يبارك فيها الآتي باسم الرب يسوع المسيح الفادي. لا يتكلّم المؤمن الروحي بفم الجسد بتكرار الكلام، لأنّه يتكلّم بفم الروح بأعمال روحيّة تُظهر إيمانه، لأنّ المؤمن الروحي لا يرى الرب يسوع في الجسد ليقولها بالجسد، لكنّه يؤمن ويرى الرب يسوع بالروح فيقولها بالروح، والروح يقول بأعمال لا بكلام. من يرى الرب يسوع بالروح يقول أيضاً بالروح ليأخذ خلاصه الروحي من الرب يسوع قبل موت الجسد، لأنّ روح الله يسكن فيه.
باسم الآب السماوي، والابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود