تفسير متى 22 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 22

تفسير إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ

 

1وَجَعَلَ يَسُوعُ يُكَلِّمُهُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال قَائِلاً: 2«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا صَنَعَ عُرْسًا لابْنِهِ، 3وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا الْمَدْعُوِّينَ إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا. 4فَأَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ قَائِلاً: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هُوَذَا غَدَائِي أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ! 5وَلكِنَّهُمْ تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا، وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ، 6وَالْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ وَشَتَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ. 7فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ. 8ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا الْعُرْسُ فَمُسْتَعَدٌّ، وَأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ. 9فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فَادْعُوهُ إِلَى الْعُرْسِ. 10فَخَرَجَ أُولئِكَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ. فَامْتَلأَ الْعُرْسُ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ. 11فَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ، رَأَى هُنَاكَ إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لاَبِسًا لِبَاسَ الْعُرْسِ. 12فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ الْعُرْسِ؟ فَسَكَتَ. 13حِينَئِذٍ قَالَ الْمَلِكُ لِلْخُدَّامِ: ارْبُطُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَخُذُوهُ وَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. 14لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ».

15حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. 16فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. 17فَقُلْ لَنَا: مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ 19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَارًا. 20فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ». 22فَلَمَّا سَمِعُوا تَعَجَّبُوا وَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.

23فِي ذلِكَ الْيَوْمِ جَاءَ إِلَيْهِ صَدُّوقِيُّونَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، فَسَأَلُوهُ 24قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلاَدٌ، يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ بِامْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلاً لأَخِيهِ. 25فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ، وَتَزَوَّجَ الأَوَّلُ وَمَاتَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ تَرَكَ امْرَأَتَهُ لأَخِيهِ. 26وَكَذلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلَى السَّبْعَةِ. 27وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. 28فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ!» 29فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ. 30لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ. 31وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: 32أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ». 33فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ.

34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعًا، 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلاً: 36«يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».

41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ 42قَائلاً: «مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.

 

1 وَجَعَلَ يَسُوعُ يُكَلِّمُهُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال قَائِلاً: يتكلّم الرب يسوع بالأمثال مع الجموع، المؤمنين وغير المؤمنين، لكنّها آيات روحيّة للمولودين من الروح لأنّها أسرار ملكوت السماوات لحياة المؤمن الروحيّة السماويّة. (متى 13: 10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ.).

2 «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ: يُشبّه الرب يسوع ملكوت السماوات بأمثال أرضيّة من الحياة الجسديّة، لكنّه يتكلّم فيها عن آيات روحيّة هي حقيقة سماويّة للحياة الروحيّة، يفهمها المؤمن الروحي فيعمل بها في الروح. فسّر الرب يسوع مثل الزارع لتلاميذه ليفهم المؤمن كيف يجب تفسير المثل، فيعرف أنّ الأمثال هي آيات روحيّة يجب تفسيرها ليصلح العمل بها في حياة روحيّة. (متى 13: 1 -23). (يوحنا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ).

إِنْسَانًا مَلِكًا صَنَعَ عُرْسًا لابْنِهِ: كما فسّر الرب يسوع مثل الزارع هكذا يجب تفسير كل المكتوب. الملك هو الآب السماوي، صنع عرساً روحيّاً لابنه، الابن هو كلمة الله في جسد إنسان على الأرض (يوحنا 1: 14 وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.) العريس هو ابن الإنسان، الرب يسوع المسيح، والعروس هي كنيسة الرب يسوع الروحيّة، هم المؤمنون العذارى في الروح، المؤمنون الّذين اعتمدوا باسم الرب يسوع فقط حسب المكتوب، فأخذوا حياة روحيّة أبديّة بالولادة من الروح القدس.

3 وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا الْمَدْعُوِّينَ إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا.: أرسل الرب خدّامه ليدعوا شعبه بيت اسرائيل إلى العرس، ليدخلوا ملكوت الله، لكنّهم رفضوا أن يأتوا لأنّهم رفضوا العريس. يدخل المؤمن إلى العرس السماوي بقبوله للرب يسوع، العريس الروحي للحياة الأبديّة.

4 فَأَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ قَائِلاً: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هُوَذَا غَدَائِي أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ!: أرسل الله عبيدا آخرين وكرّر الدعوة لأنّ رحمته عظيمة، وقال للمدعوّين أنه أعدّ كل شيء لخلاصهم بالإيمان، لأنّ الإنسان الخاطي ميّت في الروح ولا يستطيع الخلاص بأعماله، لذلك أعدّ الله كل شيء لخلاص الإنسان الّذي يقبل الدعوة، فيلبس لباس العرس ويدخل ملكوت السماوات. غداء الرب هو خبز الحياة الروحيّة، كلمة الله للحياة الأبديّة في جسد الرب يسوع البارّ بأعماله. (متى 26: 26 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي»). ثيراني ومسمّناتي قد ذُبحت، (العدد 7: 87 كُلُّ الثِّيرَانِ لِلْمُحْرَقَةِ اثْنَا عَشَرَ ثَوْرًا، وَالْكِبَاشُ اثْنَا عَشَرَ، وَالْخِرَافُ الْحَوْلِيَّةُ اثْنَا عَشَرَ مَعَ تَقْدِمَتِهَا، وَتُيُوسُ الْمَعْزِ اثْنَا عَشَرَ لِذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ.) هذا هو دم الرب يسوع الّذي دفع به ثمن الخطيّة ليغفرها لكل خاطي يتوب. (متى 26: 27 وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، 28لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا.).

"هُوَذَا غَدَائِي أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ" يقول الرب أنّه أعدّ الغداء بنفسه لكنّه لم يذبح بنفسه لأنّ المسمّنات قد ذُبحت. الغداء الّذي أعدّه بنفسه هو كلمة الله للبرّ الّذي أكمله الرب يسوع في الجسد على الأرض. (يوحنا 8: 46 مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟). لكنّه يقول: "ثِيرَانِي وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ" هي له، لكنّه لم يذبحها بيده إنّما سمح بذلك من أجل العرس لخلاص الإنسان الخاطي. (يوحنا 10: 18 لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي».) الرب يسوع وضع نفسه بإرادته ليُذبح من أجل الإنسان، لخلاص الخاطي الّذي يؤمن به حسب المكتوب.

5 وَلكِنَّهُمْ تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا، وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ: تهاونوا بالعريس الروحي وبالعُرس السماوي لأنّهم لا يهتمّون بما للروح والحياة الأبديّة. رفضوا الدخول إلى ملكوت السماوات ومضوا، واحد إلى حقله ليعمل لحياته الأرضيّة بعيداً عن كلمة الله، وآخر إلى تجارته ليجمع المال في هذا العالم. تركوا ما للروح والحياة الأبديّة ليهتمّوا بما للجسد الّذي يزول والحياة الأرضيّة.

6 وَالْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ وَشَتَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ.: من المدعوّين إلى العرس من يرفض الدعوة مسالماً خدّام الرب، فيكمل طريقه في حياته الجسديّة رافضاً الخلاص بالرب يسوع. ومنهم من يرفض الدعوة مهاجماً خدّام الرب، فيشتمون ويقتلون عبيد الرب المرسلين إليهم لخلاصهم من الدينونة الأبديّة.

7 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ.: يغضب الرب من الّذين يقتلون عبيده، المرسلين بكلّ محبّة وسلام ليدعوهم للعرس السماوي لخلاص نفوسهم من الموت في الظلمة الأبديّة. لذلك يرسل الله ملائكته عند الدينونة ويُهلك القاتلين في النار الأبديّة. (متى 13: 49 هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ: يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ، 50وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».) وأحرق مدينتهم في جهنّم لأنّ مدينتهم هي كل الّذين يتبعونهم ولا يعملون حسب كلمة الله في المكتوب. القاتلون هم الّذين يحاربون كلمة الله وليس فقط يرفضونها، لأنّ الّذي يقتل خادم الله هو يقتل كلمة الله المرسلة معه.

8 ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا الْعُرْسُ فَمُسْتَعَدٌّ، وَأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ.: العرس مستعدّ لأنّ الله صنع الخلاص للإنسان قبل أن يدعوه للخلاص، لكنّه دعا شعبه أوّلاً إلى العرس، بيت إسرائيل الّذي أتى منه المسيح. لكن هذا الشعب رفض العريس الروحي لأنّه يهتمّ فقط بما للجسد، لذلك هو شعب غير مُستحقّ. آية تتكلّم عن المستحقّ وغير المستحقّ للخلاص. المُستحقّ هو الخاطي الّذي يسمع كلمة الله ويقبلها فيدخل إلى عرس سيّده بالإيمان. أمّا غير المُستحقّ فهو الخاطي الّذي يرفض كلمة الله المرسلة إليه مع خادم الكلمة الروحيّة، فيمضي في طريقه ولا يسمع للمتكلّم، أو يسمع للمتكلّم ليحارب كلامه، أو يرفضه بعنف ويطرده من أمامه. (متى 10: 11 وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. 12وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، 13فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ. 14وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ.).

9 فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فَادْعُوهُ إِلَى الْعُرْسِ.: قال الرب لعبيده أن يخرجوا من بيت إسرائيل ويذهبوا إلى مفارق الطرق ليدعوا الأمم. لماذا مفارق الطرق؟ لأنّها آية يقول فيها الرب يسوع أنّ جميع الناس مدعوّين إلى العرس، من الشمال والجنوب والشرق والغرب، كل إنسان مدعو إلى عرس الرب للخلاص الروحي، لذلك خادم الرب لا ينظر إلى جنس الإنسان، أو لغته، أو عقيدته، أو لونه، أو إن كان من الأشرار أو الصّالحين. يقول الرب في هذه الآية أنه يدعو الجميع إلى عرس الخلاص، فالّذي يقبل الدعوة ويأتي بلباس العرس يكون من المُختارين للخلاص. والّذي يرفض الدعوة هو يرفض بإرادته محبّة الله الّذي اختاره للحياة الأبديّة. (تيموثاوس الأولى 2: 3 أَنَّ هذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، 4الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.).

10 فَخَرَجَ أُولئِكَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ. فَامْتَلأَ الْعُرْسُ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ.: آية روحيّة عن خدمة الكلمة السماويّة المستمرّة حتى نهاية العالم. يرسل الرب خدّامه إلى العالم ليجمعوا كل الّذين يقبلون الدعوة السماويّة للخلاص، هذه الخدمة تنتهي عند نهاية العالم، عندما يمتلئ العرس من المتّكئين. من أين خرج عبيد الرب وإلى أين ذهبوا؟ خرجوا من بيت اسرائيل، الشعب الّذي اختاره الله ليأتي منه المسيح، لذلك هو البيت الّذي بدأت فيه الدعوة إلى العرس، لأنّ الدعوة تكون أوّلاً لأهل البيت ثم إلى الّذين من خارج البيت، لذلك خرجوا إلى مفارق الطّرق في العالم خارج البيت، ودعوا كل الّذين وجدوهم أشراراً وصالحين. لماذا دعوا الأشرار إلى العرس؟ لأنّهم يعملون حسب كلمة الرب الّذي قال لهم أن يدعوا الجميع إلى العرس، لذلك المبشّر باسم الرب يسوع لا يُفرّق بين إنسان وآخر ولا ينظر إلى أعماله. يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة مع كل خادم له، فلا ينظر إلى أعمال الإنسان إن كانت صالحة أم شرّيرة ليدعوه للخلاص بالرب يسوع، لكنّه يطلب منه أن يفحص فقط إن كان يستحقّ الدعوة، لأنّ المستحقّ هو الّذي يقبل كلمة الرب المُرسلة مع عبده، فإن قبل الكلمة يقبل الدعوة لدخول العرس لأنّه يقبل العريس، لكنّه إن قبل الدعوة دون قبول العريس حسب المكتوب فهو مؤمن مرائي له أهداف غير صالحة، لذلك يُطرد من العرس عند مجيء العريس. تأتي نهاية العالم عندما يمتلئ العرس من المتّكئين ويأتي العريس بكل سلطانه ليأخذ العروس معه إلى الأبد.

11 فَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ، رَأَى هُنَاكَ إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لاَبِسًا لِبَاسَ الْعُرْسِ.: متى يدخل الملك؟ وما هو لباس العرس؟ يدخل الملك إلى العرس عندما يمتلئ المكان بالمدعوّين، أي عند نهاية العالم لينظر المؤمنين، فيطرد كل مؤمن لم يعتمد بكلمة الله الروحيّة، لأنّ الاعتماد هو لباس العرس الروحي لتبرير الروح بالإيمان، فيغفر له الرب يسوع خطيّة الأعمال. الرب يسوع هو لباس البرّ لأنّه البارّ الوحيد بأعماله، يلبسه المؤمن الّذي يعتمد بكلمة الله الروحيّة ليتبرّر في الروح أمام الآب السماوي (مرقص 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.). يلبس المؤمن لباس البرّ باعتماد الكلمة الروحيّة فقط حسب الآيات السماويّة في المكتوب. (2 تيموثاوس 3: 16 كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ).

12 فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ الْعُرْسِ؟ فَسَكَتَ.: قبل نهاية العالم ومجيء يوم الدينونة على الخطاة، يتكلّم الخاطي ويبرّر نفسه في العالم كما يشاء، لكنّه سيسكت عند مجيء الرب يسوع يوم الدينونة بالحقّ. وأيضاً المؤمن غير المعتمد سيسكت عند مجيء الرب يسوع لأنّه رفض خادم الكلمة الروحيّة الّذي كلّمه عن لباس العرس، أي كلّمه للاعتماد بالكلمة التي يؤمن بها. الإنسان المؤمن هو الّذي يقبل الدعوة لدخول العرس، والاعتماد هو لباس العرس.

13 حِينَئِذٍ قَالَ الْمَلِكُ لِلْخُدَّامِ: ارْبُطُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَخُذُوهُ وَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.: يُطرد كل مؤمن دخل ملكوت السماوات بلباس العالم، أي دخل كنيسة الرب بالشهوات الجسديّة ومحبّة العالم، دون لباس العرس الروحي حسب كلمة الله الروحيّة. يُطرد لأنّه لم يقبل اللباس الروحي وهو في الجسد ليدخل به إلى العرس السماوي على الأرض. عرس سماوي يحتاج إلى لباس سماوي. الكل مدعو إلى عرس الخلاص بالرب يسوع، لذلك كنيسة الرب يسوع على الأرض فيها الصالح والشرّير، لكن سيأتي اليوم الّذي ينتهي فيه عمر الإنسان على الأرض، فيطرد الشرّير في الروح من أمام الرب لأنّه لم يعتمد بكلمة الله الروحيّة فقط حسب المكتوب. حينئذٍ، أي عند نهاية الفرصة في العالم بموت الإنسان في الجسد، سيطرد إلى الظلمة الأبديّة كل إنسان آمن بالمسيح لكن لم يعتمد بكلمة الله في الروح. هذا هو الّذي لم يقبل لباس العرس الّذي حاول المبشّرون بكلمة الله أن يُقدّموه له قبل نهاية الفرصة. يقول الرب للملائكة أن يربطوا رجليه ويديه، ليقول في هذه الآية الروحيّة أن ليس له فرصة أخرى للخلاص، لأنّ الّذي لم يقبل لباس العرس ورفض العمل بكلمة الله للخلاص عندما كان طليق اليدين والرجلين للعمل الروحي، فلا يمكن له أن يعمل في الروح وهو مربوط الرجلين واليدين. آية روحيّة عن نهاية العمل الروحي بعد نهاية الفرصة للخلاص، مربوط الرجلين واليدين في الروح إلى الأبد. هو التينة التي يبست ولا تعطي ثمر إلى الأبد. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان بسبب الندم على ضياع الفرصة الّتي كان واقفاً أمامها ورفضها بكل إرادته. الظلمة الخارجيّة هي الدينونة الأبديّة في ظلمة الروح، لأن ليس فيها نور المسيح للسلام والمحبّة. هذه هي جهنّم، مربوط الرجلين واليدين ومطروح في ظلمة أبديّة مع الندم والألم.

14 لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ».: الكل مدعو للخلاص أشرار وصالحين، لذلك كثيرون يُدعون، ولكن قليلون يُختارون للحياة الأبديّة مع الرب يسوع، لأنّ الله يختار الّذين لبسوا لباس العرس، أي الّذين عملوا بكلمة الله السماويّة فقط حسب المكتوب. لأنّ المكتوب هو لباس الروح للعرس السماوي. الله لا يقبل الخاطي في ملكوته، لذلك يحتاج المؤمن إلى لباس البرّ الروحي ليحميه من دينونة الحقّ السماوي، هذا اللباس هو الرب يسوع ابن الإنسان البارّ الوحيد بأعماله، والّذي دفع ثمن الخطيّة بموته ليغفرها لكل مؤمن يعتمد في الروح. لنظهر أبراراً أمام الله القدّوس الّذي ينظر إلى لباس العرس، ليقبل أو يطرد المدعو إلى عرس ابنه الوحيد. (رومية 13: 12 قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. 13لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. 14بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.) (رومية 4: 7 «طُوبَى لِلَّذِينَ غُفِرَتْ آثَامُهُمْ وَسُتِرَتْ خَطَايَاهُمْ. 8طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً».) لباس البرّ هو العمل بكلمة الرب يسوع البارّ الوحيد الّذي يضمن الحياة الأبديّة، لأنّه يغفر كل خطيّة للّذي يؤمن به ويعمل بكلمته، لأنّ الرب يسوع هو الّذي دفع ثمن الخطيّة بموته من أجل الخاطي.

15 حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ.: يتشاور الفريسّيون لكي يصطادوا الرب يسوع بكلمة لأنّه تكلّم عن خلاص المؤمن بلباس العرس، ودينونة الخاطي الّذي رفض الدعوة، وأيضاً دينونة المؤمن الّذي قبل الدعوة لكن لم يعتمد بالروح حسب كلمة الله. كلمة الرب لم تجعل الفريسيّين يخافون من الدينونة الأبديّة ليهتمّوا بالحياة الروحيّة قبل نهاية الفرصة، لأنّهم يهتمّون فقط في شهوات الحياة الجسديّة، لذلك يحاولون أن يصطادوه بكلمة، أي يُحاولون إظهاره مخطئاً أمام الناس لأنّ جموع كثيرة تركتهم وتبعت الرب يسوع المسيح. لكن الرب يسوع هو الحقّ السماوي على الأرض ولا يُخطئ أبداً.

16 فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ.: أرسلوا تلاميذهم متّفقين مع الهيرودسيين على الشرّ ضدّ الرب يسوع. يختلفون فيما بينهم لكنّهم يتّفقون معاً على تجربة الرب يسوع، مستخدمين الرياء المكشوف أمام الرب يسوع، لأنّه يعلم خبثهم الّذي في قلوبهم. يتكلّمون بالحقّ ويقولون أنّهم يعلمون أنّه صادق ويُعلّم طريق الله بالحقّ ولا يُبالي بأحد لأنّه لا ينظر إلى وجوه الناس، أي يتكلّم بالحقّ أمام الجميع، أمام الكبير كما أمام الصغير، لا يتغير حسب السامعين.

17 فَقُلْ لَنَا: مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟»: يحاول المجرّبون أن يصطادوا الرب يسوع بكلمة ليجعلوا عداوة بينه وبين قيصر، فيشتكوا عليه ليُقتل. لأنّهم يعلمون أنّه إن كان لا يجوز أن تُعطى الجزية لقيصر سيقول الرب يسوع لا يجوز، لأنّه لا يتكلّم إلاّ بالحقّ ولا ينظر إلى وجوه الناس إن كان السامع ملكاً أم عبداً. يعترفون أنّ الرب يسوع يتكلّم بالحقّ ومع ذلك لا يتبعونه، بل يحاولون استخدام الحقّ الّذي فيه لنصرة ابليس وشهواتهم في هذا العالم.

18 فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟: علم الرب يسوع خُبث قلوبهم الشرّيرة والمصيدة التي يُحاولون استخدامها لنصرة الباطل باستخدام الحقّ الظاهر في كلامهم (يوحنا 8: 44 أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.)

19 أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَارًا.: لا يستجيب الرب يسوع للّذين يأتون إليه ليجرّبوه، لكنّه أجابهم ليصنع من شرّهم آية روحيّة يعمل بها كل مؤمن يعتمد بكلمة الله. قال لهم أن يأتوا إليه بمعاملة الجزية لينظروا بأنفسهم إن كانت تحقّ لقيصر أم لا، فقدّموا له ديناراً.

20 فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟»: لا يسأل الرب يسوع لأنّه لا يعرف الإجابة، إنّما يسأل ليجعل من كلامهم إجابة على سؤالهم.

21 قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ».: أجابوا أنّ الصورة هي لقيصر، الملك الحاكم في كل ما هو جسدي على الأرض. قيصر هو القانون، لأنّ القانون هو القيصر الّذي يحكم الجميع، يمثّله إنسان يتغيّر مع الزمن. يقول الرب في هذه الآية لكل مؤمن به أن يعمل على إطاعة القانون الأرضي، فيعطي ما لقيصر لقيصر كي لا يدان من قيصر على الأرض. لكن ليس لقيصر سلطة على الروح، لذلك ما لله لله لأنّ ما للروح هو لله، الّذي يدين الخاطي حسب أعماله عند الدينونة بعد موت الجسد. ترك الله ما للجسد للقانون الأرضي الّذي يضعه الإنسان حسب الحاجة، هذه قوانين بشريّة تتغيّر حسب الزمن وتتعدّل حسب الحاجة. أما القانون الروحي فهو كلمة الله الّتي لا تتغير مع الزمن ولا تحتاج إلى تعديل، لأنّ كلمة الله واحدة لا تتغيّر. كل ما هو جسدي يُعطى لقيصر وكل ما هو روحي يُعطى لله.

22 فَلَمَّا سَمِعُوا تَعَجَّبُوا وَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.: تعجّبوا وتركوه ومضوا لأنّه أفشل أهدافهم الشرّيرة، بل حوّل شرّهم إلى آية روحيّة للمؤمنين به. يحاول ابليس مع خدّامه محاربة الرب يسوع ليمنعوا الخلاص عن كثيرين. لكن الرب يسوع غلب الشرّ بالمحبّة وربط الشرّير ببرّ أعماله (متى 12: 29 أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟) يتعجّب ويمضي الشرّير الّذي يحارب الرب يسوع عندما يسمع ردّه على سؤاله لأنّ كلمة الرب هي كلمة المحبّة والبرّ. الرب يسوع البارّ أفشل كل مُحاولات ابليس الّذي يستخدم غير المؤمنين، وأيضاً المؤمنين غير الصالحين كرؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين.

23 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ جَاءَ إِلَيْهِ صَدُّوقِيُّونَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، فَسَأَلُوهُ: في ذلك اليوم، يوم المحاولات لاصطياد الرب يسوع بكلمة، جاء إليه صدّوقيّون ليجرّبوه ظانّين أنّهم على حقّ بقولهم أنّه ليس قيامة من الأموات.

24 قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلاَدٌ، يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ بِامْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلاً لأَخِيهِ.: محاولة باستخدام طريقة أخرى لاصطياد الرب يسوع بكلمة، تختلف عن الّتي استخدمها الفرّيسيّون والهيرودسيّون الّذين حاولوا فيها وضع العداوة بين الرب يسوع وبين قيصر. أما الصدّوقيّون فيحاولون استخدام المكتوب ظانّين أنّهم بحكمتهم الأرضيّة يفهمون كلمة الله السماويّة. يتعلّم المؤمن من هذه الآية الروحيّة ألاّ يتعامل مع كلمة الله مستخدماً طريقة الاستنتاج، لأنّ كلمة الله روحيّة لا تصلح فيها الحكمة الأرضيّة.

25 فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ، وَتَزَوَّجَ الأَوَّلُ وَمَاتَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ تَرَكَ امْرَأَتَهُ لأَخِيهِ.: هذا هو الحقّ حسب شريعة موسى.

26 وَكَذلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلَى السَّبْعَةِ.: لم يخطئ أحد من الإخوة لأنّ السبعة تزوّجوا حسب الشريعة. لذلك محاولة اصطياد الرب يسوع بكلمة تبدأ بكلمة الحقّ لأنّه عمل حسب المكتوب.

27 وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا.: يتكلّمون عن موت المرأة وأزواجها السبعة في الجسد، لأنّهم لا يفهمون أنّ كلمة الله روحيّة تتكلّم عن موت الروح والقيامة الروحيّة. (رومية 7: 14 فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ، وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ.).

28 فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ!»: هذا هو المؤمن الجسدي الّذي لا يفهم أنّ كلمة الله روحيّة ولا تصلح فيها الحكمة البشريّة، لأنّ الزواج عمل جسدي على الأرض والقيامة حياة روحيّة سماويّة. يسألون عن القيامة وهم لا يؤمنون بقيامة الأموات، لأنّهم مراؤون لم يأتوا إلى الرب يسوع ليفهموا كلمة الله ويعملوا بها، لكنّهم يسألون لمحاربة كلمة الله في الرب يسوع. هكذا يحارب المرائي كلمة الله في تلاميذ الرب يسوع محاولاً بسؤاله إظهارهم في ضعف المعرفة، لأنّه لا يفهم أنّ الخلاص بالإيمان وليس بكثرة المعرفة. لكنّ الرب يسوع جعل في المكتوب إجابة لكل سؤال روحي.

29 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ.: آية لكل مؤمن لا يعرف الكتب ولا قوّة الله. يطلب الرب يسوع من كل مؤمن به أن يفهم المكتوب ليعمل به، فيعرف قوّة الله لخلاص الإنسان، فلا يضل المؤمن طريقه إلى الحياة الأبديّة بسبب جهله، فلا يعمل بوصايا جسديّة من صنع الإنسان، بل يعمل فقط حسب المكتوب. (هوشع 4: 6 قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ. لأَنَّكَ أَنْتَ رَفَضْتَ الْمَعْرِفَةَ أَرْفُضُكَ أَنَا حَتَّى لاَ تَكْهَنَ لِي.). تضلّون لأنّكم لا تعرفون الكتب السماويّة بآياتها الروحيّة، ولا تعرفون قوّة الله لخلاص الإنسان بالفداء لقيامة الأموات في الروح. يجب أن يفهم المؤمن أنّ كلمة الله روحيّة ليعمل بها في الروح.

30 لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ.: الزواج هو علاقة جسديّة على الأرض تنتهي بموت الجسد، لذلك في القيامة الروحيّة تنتهي الروابط الجسديّة، ليكون الجميع كملائكة الله في السماء في علاقة محبّة واحدة أبديّة مع الرب يسوع الفادي. (متى 12: 49 ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».).

31 وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: أجابهم الرب يسوع عن سؤالهم، وأكمل يجيبهم على هدفهم من السؤال، لأنّهم لم يسألوا ليعرفوا لمن تكون الزوجة، إنّما ليقولوا أن ليس قيامة. مراؤون لا يستحقّون الإجابة لأنّهم لم يأتوا إلى الرب يسوع ليسألوه عن القيامة، إنّما حاولوا أن يصطادوه بسؤالهم. لكنّ الرب يسوع استخدم سؤالهم ليُجيب كل إنسان يبحث عن الحقّ السماوي. المؤمن الصالح الّذي يبحث عن الحقّ السماوي يسأل إن كان في المكتوب ما يدلّ على قيامة الأموات. المؤمن الجسدي الّذي لا يعمل في الروح يتكلّم بحكمة أرضيّة كما تكلّموا في سؤالهم عن الّتي تزوّجت السبعة، ليقولوا أن ليس قيامة لأنّ في القيامة لا يمكن أن تكون لسبعة، لكن المعرفة الروحيّة تبطل كل حكمة جسديّة لأن لا زواج في القيامة الروحيّة. يموت الجسد فيذهب الإنسان إلى حياة أبديّة ليس لها علاقة بالحياة الجسديّة على الأرض، لأنّ الحياة على الأرض هي حياة مؤقّتة أعطى فيها الله للإنسان فرصة ليقبل الخلاص بالرب يسوع، فيأخذ حياة أبديّة معه في السماء قبل أن تنتهي الفرصة بموت الجسد، فلا يأتي إلى دينونة الحقّ الأبديّة. أجابهم الرب يسوع من المكتوب "أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ"، آية يقول فيها الرب يسوع للمؤمنين به أن يفتّشوا الكتب ولا يتبعوا تقليد الشيوخ ووصايا الناس، لأنّ في المكتوب إجابة على كل سؤال. (2 تيموثاوس 3: 16 كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ). (كولوسي 2: 8 اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ.).

32 أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ».: كما يتكلّم الرب يسوع من المكتوب هكذا يتكلّم المؤمن من المكتوب. يقول الرب يسوع للّذين يؤمنون بالله لكنّهم لا يؤمنون بالحياة الأبديّة، أن يقرأوا المكتوب ليعرفوا الحقّ السماوي حسب كلمة الله وليس حسب الحكمة البشريّة. ليس الله إله أموات في الروح لأنّه إله ابراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب، الّذين ماتوا في الجسد لكنّهم أحياء في الروح. لذلك يوجد قيامة للأموات لكنّها قيامة روحيّة أبديّة لأنّ كلمة الله أزليّة أبديّة. إبراهيم وإسحاق ويعقوب كانوا أموات في الروح بسبب الخطيّة، لكنّهم قاموا من الموت الروحي لأنّهم آمنوا بالمسيح الفادي الّذي يأتي إلى العالم لخلاص المؤمنين.

33 فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ.: الجموع هم الّذين بهتوا وليس السائلين، لأنّ الصدّوقيون لم يأتوا إلى الرب يسوع ليعرفوا الحقّ ويتبعوه. حوّل الرب يسوع أفكار الصدّوقيّين الخاطئة إلى ما هو خير للسامعين الباحثين عن الحقّ، لذلك لمّا سمع الجموع بُهتوا من تعليمه لقوّة الكلمة الروحيّة التي تأتي من المكتوب وليس من تعاليم في حكمة بشريّة محدودة.

34 أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعًا: أبكم الرب يسوع الصدّوقيّين ومن قبلهم الفرّيسيّين مُتكلّماً من المكتوب، بكلمة الله السماويّة التي يؤمنون بها، ورغم ذلك لم يعترفوا بأخطائهم ولم يقبلوا يسوع المسيح رباً آتياً من السماء لخلاص نفوسهم، بل اجتمعوا معاً على الشرّ لتجربته في محاولة ثالثة لاصطياده بكلمة. يختلفون فيما بينهم لكنّهم يجتمعون معاً على الحقّ الّذي في الرب يسوع.

35 وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلاً: أيضاً واحد من المؤمنين بناموس الله، أتى إلى الرب يسوع ليُجرّبه وليس ليفهم منه طريق الحقّ. محاولات فاشلة لكنّها مُثمرة للسامعين الباحثين عن الحقّ. يحاربون الرب يسوع كلمة الله الروحيّة في محاولات فاشلة لإظهاره في صورة مشوّهة أمام الناس، كي لا يتركوهم ويتبعوه، ليبقوا معهم أسرى العادات والتقاليد الجسديّة مُعتقدين أنها من الناموس. هذا عمل الإنسان حسب إرادة ابليس الّذي يحاول إبعاد المؤمن عن الطريق والحقّ والحياة في الرب يسوع المسيح، الضامن الوحيد للحياة الأبديّة. انتصر الرب يسوع على كل التجارب، وجعل من انتصاره تعليماً نافعاً للباحثين عن الحقّ السماوي.

36 «يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟»: كل الّذين أتوا إلى الرب يسوع ليُجرّبوه، فرّيسيّون، هيرودسيّون، صدّوقيّون وناموسيّون يختلفون فيما بينهم على أمور كثيرة لذلك هم طوائف عديدة، لكنّهم في هذه الآية اظهروا أنّهم متّفقين على أمر واحد وهو الرياء، مراؤون يُظهرون ما ليس في قلوبهم لأنّهم يسألون لتجربة الرب وليس ليفهموا منه. يقول الناموسيّ للرب يسوع يا معلّم وهو لا يؤمن به معلّم لأنّه يسأل ليجرّبه وليس ليتعلّم منه. يجرّب الرب يسوع في سؤاله عن الوصيّة العظمى في الناموس لأنّه يُحاول كالمحاولات السابقة اصطياده بكلمة، لأنّ الناموس هو كلمة الله فإن كان الرب يسوع هو كلمة الله يُجيب على كل التجارب من كلمة الله، وإن لم يكن من الله فلا يستطيع الإجابة، هذا هو فكر المُجرّبين في مُحاولاتهم ضد الرب يسوع.

37 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ.: أجابه الرب يسوع ليس لأنّه لا يعرف أنّها محاولة فاشلة لتجربته، لكنّه يجيب ليصنع من جوابه آية روحيّة يعمل بها كل مؤمن به. (رومية 8: 28 وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.) هكذا يحاول الرافضون للرب يسوع محاربة كلمة الله في المؤمنين بالرب يسوع، لكن دائماً في الإجابة منفعة للسامعين الباحثين عن الحقّ.

38 هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى.: الوصيّة الأولى والعظمى هي أن تحب الرب إلهك من كل قلبك فيملأ قلبك ولا يبقى مكان لمحبّة آلهة أخرى في هذا العالم، كمحبّة الخطيّة والمال والشّهوات، (خروج 20: 2 أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.) هكذا تكون المحبّة للرب إلهك من الروح، لأنّه هو أحبّك أوّلاً من كل قلبه فخلّصك بموته وقيامته من الدينونة الأبديّة. وتحبّه من كل نفسك كما هو أحبّك أوّلاً من كل نفسه ومات من أجلك. لم يهتم الرب يسوع بنفسه على الأرض لأنّ همّه الوحيد هو خلاص الإنسان، فوضع نفسه حتّى الموت من أجله. لذلك يحبّه المؤمن من كل نفسه وهو مستعد للموت من أجل اسمه (متى 16: 24 حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، 25فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا). وتحبّ الرب إلهك من كل فكرك فلا يفارق فكرك أبداً لأنّك أنت لا تفارق فكره إلى الأبد، فتعمل دائماً حسب كلمة الرب وتصنع ثمر الروح. (متى 28: 20 وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.). من أحبّ الرب من كل فكره هو الّذي يعمل دائماً بوصايا الرب فقط حسب المكتوب، فلا يعمل حسب فكره في حكمة بشريّة.

39 وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.: محبّة الرب هي الوصيّة الأولى ومحبّة المؤمن لقريبه هي الوصيّة الثانية، لكن الوصيّة الثانية هي عظيمة مثل الأولى، لأنّ الّذي لا يحب قريبه كنفسه لا يحب الرب الإله الّذي قال تحب قريبك كنفسك. الّذي يحب الرب يحب قريبه كنفسه، والّذي لا يحب قريبه كنفسه لا يحب الرب. هذه المحبّة الروحيّة السماويّة أعظم من المحبّة الجسديّة الأرضيّة لأن فيها عطاء ورحمة لكل إنسان، يترك فيها المؤمن حقّه من أجل الرحمة لغيره، ليس فقط لقريبه حسب الجسد إنّما لكل محتاج. (لوقا 6: 27-38 لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، 28بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ...). من هو قريب المؤمن؟ قريبك في الروح هو كل إنسان يحتاج إلى رحمة (لوقا 10: 29-37 فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟» 37فَقَالَ: «الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا».) وصيّة لإظهار المحبّة بعمل الرحمة وليست وصيّة محبّة بالعواطف والكلام، لأنّ من أحبّ نفسه لا يتكلّم مع نفسه بقوله أنّه يُحبّها، بل يعمل كل ما تطلبه نفسه، لذلك تحبّ قريبك كنفسك بالعمل في العطاء للمحتاجين.

40 بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».: الناموس هو الحقّ والأنبياء هي الرحمة، لأنّ الله في الأنبياء يتكلّم عن رحمته للإنسان بمجيء المسيح الفادي، الّذي بموته وقيامته يخلّص الخطاة من دينونة الموت الأبدي. بهاتين الوصيّتين يتعلّق الحقّ كلّه والرحمة. الحقّ هو أن ترحم غيرك كما رحمك الله بالفداء، فمن يطلب الرحمة لنفسه من الرب يعمل هو أيضاً بالرحمة مع غيره. بهاتين الوصيّتين تتعلّق الوصايا العشر، فمن يعمل بالوصيّة الأولى فهو يعمل بالوصايا الأربعة الأولى، (خروج 20: 1 – 11) فمن أحبّ الرب الإله لا يتبع آلهة أخرى، ولا يصنع تمثالا منحوت ولا صورة، ولا ينطق باسم الرب الإله باطلاً لأنّه قدّوس (متى 6: 9 أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) ويذكر يوم الرب ليقدّسه طول أيّام حياته. ومن يعمل بالوصيّة الثانية فهو يعمل بالست الوصايا الباقية، لأنّها لمحبّة الإنسان لقريبه الإنسان كنفسه، فيطلب لغيره كما يطلب لنفسه. (متى 7: 12 فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.). (خروج 20: 12 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 13لاَ تَقْتُلْ. 14لاَ تَزْنِ. 15لاَ تَسْرِقْ. 16لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ. 17لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ».).

41 وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: بعدما أجاب الرب يسوع على أسئلتهم سألهم هو، ليُظهر لهم ولكل مؤمن جسدي لا يستطيع أن يجيب على سؤاله أنّه لا يفهم كلمة الله الروحيّة.

42 قَائلاً: «مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ».: سأل الرب يسوع الفرّيسيين، وأيضاً يسأل كل مؤمن بالله لكن لا يعمل في حياة روحيّة حسب الكلمة السماويّة. أجابوا أنّ المسيح هو ابن داود، لأنّه يأتي من نسل داود حسب المكتوب في الأنبياء. أجاب الفريسيون حسب الجسد فقط ولم يجيبوا حسب الروح، لأنّ الرب يسوع المسيح هو ابن الله حسب الروح ومن نسل داود حسب الجسد. إيمانهم جسدي لا روح فيه للخلاص.

43 قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلاً: كيف يدعوه داود رباً إن كان سيأتي من نسله؟ كيف يكون ابن داود رباً لداود قبل أن يولد. يقول الرب يسوع أنّه يدعوه بالروح ربّاً. لأنه في الروح كائن منذ الأزل، لكنّه من نسل داود حسب الجسد. ليعرف الإنسان الباحث عن الحقّ أنّ المسيح يأتي في الجسد حسب النبوّة القائلة أنّه من نسل داود. (رومية 1: 1 بُولُسُ، عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْمَدْعُوُّ رَسُولاً، الْمُفْرَزُ لإِنْجِيلِ اللهِ، 2الَّذِي سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ، 3عَنِ ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ).

44 قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ.: (مزمور110: 1) الرب هو الله، وربّي هو المسيح كلمة الله على الأرض ونور العالم ابن الإنسان الرب يسوع الفادي. قال الله لربي أن يجلس عن يمين القوّة الروحيّة ليدوس أعداء الإنسان في الروح، لأنّ أعداء الإنسان في الروح هم أعداء الرب يسوع ابن الإنسان. موطئاً لقدميه لأنّه يأتي إليهم بنفسه إلى العالم. أعداء الرب يسوع البارّ هم ابليس والأرواح الشرّيرة الّذين يعملون في الإنسان الخاطي. لذلك انتصر الرب يسوع في التجارب على ابليس، أي على الخطيّة والشهوات، وأظهر برّه ليبرّر المؤمنين به ويضمن لهم الحياة الأبديّة (متى 4: 1 - 11). وأيضاً طرد الشياطين من الإنسان بكلمة الله (متى 17: 18 فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ، فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.) وأبكم الفريسيين وغيرهم من الّذين حاولوا اصطياده بكلمة. هذه قوّة المسيح الجالس عن يمين الآب.

45 فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟»: لا يستطيع المؤمن الجسدي الّذي لا يفهم أنّ كلمة الله روحيّة أن يُجيب على هذا السؤال، لأنّه كيف يمكن لداود أن يدعو ابنه رباً وهو لم يولد بعد؟ كلمة الله روحيّة يشبّهها الرب على الأرض بأمثال جسديّة، لذلك هي آيات روحيّة يفهمها المؤمن الروحي، فيفهم أنّ الرب يسوع هو ابن الله، وهو أيضاً ابن الإنسان جاء من عذراء من نسل داود في الجسد حسب النبوّة الّتي يؤمن بها داود. الرب يسوع هو كلمة الله الروحيّة في ابن الإنسان من نسل داود، لذلك داود يدعوه رباً بالإيمان، لأنّه يؤمن بالنبوّات الّتي تتكلّم عن مجيئه. (كولوسي 1: 13 الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ، 14الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا. 15الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ.).

46 فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ.: لم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة لأنّ إيمانهم جسدي، لا يفهمون كلمة الله الروحيّة. يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية مع كل مؤمن جسدي لا يفهم المكتوب، لأنّ كلمة الله روحيّة لا حرفيّة يفهمها المؤمن الّذي يتبع الرب يسوع في الروح. (كورنثوس الثانية 3: 6 الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي.) (يوحنّا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، 64وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ».) (روميا 7: 14 فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ، وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ.). كلمة الله روحيّة لحياة سماويّة أبديّة، لأنّ الرب يسوع جاء لخلاص الروح ولم يأت من أجل الجسد الّذي يزول.

وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.: من ذلك اليوم لم يجسر أحد من المجرّبين أن يحاول اصطياده بكلمة لأنّهم سقطوا بالمصيدة الّتي نصبوها له، حاولوا إظهاره بالضعف أمام الشعب لكنّه أظهر قوّة الكلمة الروحيّة بعد جوابه على أسئلتهم، فظهروا هم في ضعفهم أمام الشعب. هكذا يترضّض المجرّب عند سقوطه على حجر رأس الزاوية.

 

باسم الآب السماوي، والابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content