تفسير إنجيل مَتَّى
الأصحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ
1وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا. 3وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا». 4فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 5«قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ». 6فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، 7وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا. 8وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. 9وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!». 10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».
12وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ 13وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!» 14وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. 15فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ!»، غَضِبُوا 16وَقَالُوا لَهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟». 17ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ.
18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ، 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟» 21فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ. 22وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ».
23وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْهَيْكَلِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب وَهُوَ يُعَلِّمُ، قَائِلِينَ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ وَمَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ؟» 24فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ قُلْتُمْ لِي عَنْهَا أَقُولُ لَكُمْ أَنَا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا: 25مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟» فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ لَنَا: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 26وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، نَخَافُ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّ يُوحَنَّا عِنْدَ الْجَمِيعِ مِثْلُ نَبِيٍّ». 27فَأَجَابُوا يَسُوعَ وَقَالُوا: «لاَ نَعْلَمُ». فَقَالَ لَهُمْ هُوَ أَيْضًا: «وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.
28«مَاذَا تَظُنُّونَ؟ كَانَ لإِنْسَانٍ ابْنَانِ، فَجَاءَ إِلَى الأَوَّلِ وَقَالَ: يَا ابْنِي، اذْهَب الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي. 29فَأَجَابَ وَقَالَ: مَا أُرِيدُ. وَلكِنَّهُ نَدِمَ أَخِيرًا وَمَضَى. 30وَجَاءَ إِلَى الثَّاني وَقَالَ كَذلِكَ. فَأَجَابَ وَقَالَ: هَا أَنَا يَا سَيِّدُ. وَلَمْ يَمْضِ. 31فَأَيُّ الاثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ الأَبِ؟»
قَالُوا لَهُ: «الأَوَّلُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ، 32لأَنَّ يُوحَنَّا جَاءَكُمْ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَمَّا الْعَشَّارُونَ وَالزَّوَاني فَآمَنُوا بِهِ. وَأَنْتُمْ إِذْ رَأَيْتُمْ لَمْ تَنْدَمُوا أَخِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِهِ.
33«اِسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْمًا، وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا. 36ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذلِكَ. 37فَأَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الابْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا! 43لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!».
45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ، عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ، خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.
1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ: استخدم الرب يسوع تلميذين ليتمّم النبوّة الّتي تكلّمت عن دخوله إلى أورشليم، ملكاً متواضعاً على أتان وجحش ابن أتان. يقول الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة أنّه يستخدم المؤمنين به الّذين يتبعونه كل حين ليعملوا معه في ملكوت السماوات.
2 قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا.: أرسل الرب يسوع تلميذين إلى القرية ليأتيا بالأتان المربوطة ومعها جحش ابن اتان. هذه قوّة الإله الّذي في الرب يسوع لأنه رأى ما لا تراه عين الإنسان "أتان مربوطة ومعها جحش". نبوّة أعلنها الله في زكريّا منذ سنين طويلة قبل مجيء المسيح، ليتمّمها الرب يسوع المسيح بقوله لتلميذيه أين يجدان الأتان والجحش.
3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا».: نبوّة لزمن قصير قالها الرب يسوع ليتمّم نبوّة الزمن الطويل. الرب يسوع هو ابن الإنسان صانع القوّات والعجائب، وأيضاً هو نبيّ يتنبّأ بما سيكون (لوقا 19: 33 وَفِيمَا هُمَا يَحُّلاَنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ: «لِمَاذَا تَحُّلاَنِ الْجَحْشَ؟» 34فَقَالاَ: «الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ».).
4 فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: (زكريا 9: 9 اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ.)
5 «قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ».: نبوة منذ سنين طويلة قبل مجيء الرب يسوع، تتكلّم عن دخوله إلى أورشليم ملكاً متواضعاً، راكباً على حمار وجحش ابن اتان وحوله جموع كثيرة تهتف. تحقيق النبوّة هو دليل لكل من يبحث عن الحقّ السماوي، فيعرف أنّ الرب يسوع هو المسيح المُنتظر حسب النبوّات.
6 فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ: يذهب المؤمن الصالح ليعمل كما يأمره الرب يسوع دون تردد أو خوف، لأنّه يؤمن أنّ الرب يسوع ابن الإنسان هو كلمة الله. هذا هو المؤمن الّذي آمن واعتمد فيأخذ خلاصه الأبدي من الرب يسوع الفادي.
7 وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا.: أتيا بالأتان أنثى الحمار، والجحش صغير الحمار، ووضعا عليهما ثيابهما محبّة للملك السماوي المتواضع، ليس فقط بالكلام إنما بالفعل الّذي يدلّ على المحبّة الحقيقيّة. المؤمن بالرب يسوع لا يُقدّم ما يزيد عن حاجته فقط، بل يُقدّم كل ما له حتّى ثيابه.
8 وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ.: والجمع الأكثر، بين الجموع الّذين يتبعون الرب يسوع، فرشوا ثيابهم في الطريق، تحت قدميّ الرب يسوع، دليل المحبّة والتواضع أمام الملك الروحي العظيم. لا يطلب الرب يسوع ما هو كثير الثمن على الأرض لأنّه لا يطلب الأرضيّات، لكنّه ينظر إلى قلب المؤمن الّذي يقدّمها دليل المحبّة، والثوب على جسد الإنسان هو قليل الثمن لكنّه أهم ما يملك الإنسان.
وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ: هذا العمل يدلّ على محبة الجموع للرب يسوع والسجود أمامه ملكاً عظيماً، لكن ليس كسجود الّذين وضعوا ثيابهم تحت قدميه. آية روحيّة للسّجود الروحي أمام الرب يسوع لأنّه الملك السماوي العظيم، كل مؤمن يسجد أمامه حسب قوّة إيمانه. السجود الروحي أمام الرب يسوع هو في عمل المؤمن حسب كلمة الله بتواضع ومحبّة، فيتمجّد اسم الرب يسوع الفادي.
9 وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!».: الجموع الّذين تقدّموا في المسير أمام الرب يسوع، هم آية روحيّة للّذين آمنوا بالرب يسوع قبل مجيئه، لذلك هم يتبعونه لكنّهم كانوا يسيرون أمامه. والجموع الّذين تبعوا في المسير خلف الرب يسوع، هم آية روحيّة للّذين آمنوا بالرب يسوع بعد مجيئه، لذلك يسيرون خلفه. آية روحيّة لخلاص المؤمن حسب النبوّات قبل مجيء الرب يسوع، وخلاص المؤمن في الروح بعد مجيء الرب يسوع، لذلك الجموع الّذين تقدّموا والّذين تبعوا يصرخون قائلين: "المجد لابن الإنسان من نسل داود! مبارك الآتي من السماء باسم الرب! المجد للآب في السماوات!".
10 وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هذَا؟»: ارتجّت مدينة أورشليم من أصوات الساكنين فيها وهم يسألون الجموع الّتي تتبع الرب يسوع، من هذا الّذي يدخل أورشليم تتبعه جموع كثيرة تهتف وتمجّد؟
11 فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».: تقول الجموع للسائلين عن الرب يسوع أنّه النبيّ الّذي من ناصرة الجليل. (متى 2: 22 وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا».). تقول الجموع التي تتبع الرب يسوع أنّه نبيّ لأنّه كلّمهم بكلمة الله وصنع أمامهم عجائب، لكنّهم لا يعرفون أنّه أيضاً المسيح المخلّص كما يعرفه تلاميذه، لأنّ الرب يسوع أعلن لتلاميذه فقط أنه سيتألّم ويُقتل ثم يقوم. (متى 20: 17-19 وَفيِمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِداً إلِىَ أوُرُشَلِيمَ أَخَذ الاثنَيْ عَشَر تِلْمِيذاً علَىَ انْفِرَادٍ فِي الطريق...). يعلن الرب يسوع لتلاميذه عن موته وقيامته ليُعلنها مستخدماً تلاميذه لكل مؤمن يعتمد بكلمة الله.
12 وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ: أخرج الرب يسوع كل الّذين يستخدمون هيكل الله لمكاسب أرضيّة. وأيضاً أخرج الّذين يشترون منهم. آية روحيّة يطرد فيها الرب يسوع من أمامه كل مؤمن يستخدم كلمة الله لمكاسب غير روحيّة. قلب موائد الصيارفة لأنّها موائد لخدمة المال، فلا يستخدم المؤمن كلمة الله السماويّة ليخدم سيّد هذا العالم. (متى 6: 24 لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ). وقلب كراسي باعة الحمام وليس موائد باعة الحمام، لأنه يتكلم في هذه الآية عن عمل الإنسان للحاجة الجسديّة على الأرض لذلك لم يقلب موائدها، إنّما قلب كراسي باعة الحمام لأنّه يقول في هذه الآية الروحيّة أنّ العمل لخدمة الجسد لا يصلح أن يتمّ في هيكل الله، أي ليس باستخدام كلمة الله للمنفعة الجسديّة. المؤمن هو هيكل الله وكلمة الله روحيّة يستخدمها المؤمن لخلاصه الروحي إلى الحياة الأبديّة، وأيضاً يستخدمها في خدمته لكلمة الله لخلاص النفوس في حياة روحيّة، لأنّ الرب يسوع لم يأت من أجل الجسد الّذي يزول، لأنّه تألّم ومات ثم قام ليمنح الخلاص الروحي لكل مؤمن يقبله في الروح.
13 وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!»: (أشعياء 56: 7 آتِي بِهِمْ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي، وَأُفَرِّحُهُمْ فِي بَيْتِ صَلاَتِي، وَتَكُونُ مُحْرَقَاتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، لأَنَّ بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى لِكُلِّ الشُّعُوبِ»). يقول الرب يسوع للّذين يبيعون ويشترون في هيكل الله أنّهم يجعلون من أنفسهم مغارة لصوص، لأنّ المؤمن هو هيكل الله، لذلك هو بيت الصلاة يُدعى (كورنثوس الأولى 3: 16 أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ 17إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ.). لماذا يقول عنهم لصوص إن كانوا يبيعون ويشترون ما هو صالح في حياة جسديّة؟ لأنّهم يستخدمون كلمة الله الروحيّة لمكاسب جسديّة، لذلك هم لصوص يسرقون ما للروح لخدمة الجسد.
14 وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ.: يُخرج الرب يسوع الّذين يبيعون ويشترون في الهيكل لكنّه يشفي العمي والعرج الّذين يتقدّموا إليه في الهيكل. آية روحيّة فيها شفاء لمرضى الروح لأنّهم تقدّموا إليه في الهيكل طالبين الشفاء. يشفى الرب يسوع أعمى الروح ليبصر نور الكلمة الروحيّة في الرب يسوع، ويشفى أعرج الروح ليعمل ويخدم الكلمة الروحيّة فيأخذ أجرة أبديّة.
15 فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ!»، غَضِبُوا: غضب رؤساء الكهنة والكتبة من الرب يسوع لأنّه صنع عجائب شفاء في الهيكل، ولأنّ الأولاد يصرخون لمجد اسمه ويقولون: "المجد لإبن الإنسان من نسل داود". غضب رؤساء الكهنة والكتبة لأنّه أخذ منهم المجد الّذي يطلبونه لأنفسهم. آية تتكلّم عن الّذين يعتقدون أنّهم يعرفون الله لكنّ الله لا يعرفهم، لأنّهم يغضبون من الّذي يتكلّم باسم الرب يسوع ابن الله. يعتقد رؤساء الكهنة والكتبة أنّهم يتبعون الله لكنّهم لا يعملون بكلمته، لأنّهم رفضوا المسيح الّذي جاء حسب النبوّات. يبيعون ويشترون في هيكل الله للمنفعة الجسديّة الخاصّة بهم، لذلك يرفضهم الله في هيكله الروحي.
16 وَقَالُوا لَهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟».: أجابهم الرب يسوع بنعم ليعلن لهم ولكل إنسان أنّه المسيح الآتي باسم الرب من نسل داود حسب النبوّات. تكلّم الرب يسوع بالمكتوب لذلك سألهم إن كانوا يقرأون كلمة الله في المكتوب، فيعرفون أنّه المسيح المنتظر حسب النبوّات. كيف يمكن لرؤساء الكهنة والكتبة ألاّ يعرفوا المكتوب وهم معلّمون للناموس والأنبياء؟ أو أنّهم لا يريدون قبول المسيح حسب المكتوب لأنّهم أحبّوا مجد هذا العالم أكثر من حبّهم لكلمة الله والحياة الأبديّة. من هم الأطفال والرضّع الّذين يُسبّحون؟ هم الأطفال والرضّع في الروح، لأنّهم أطفال ورضّع بالإيمان والمعرفة الروحيّة (متى 18: 3 وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ). (العبرانيين 5: 12 لأَنَّكُمْ إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. 13لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، 14وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.).
17 ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ.: تركهم الرب يسوع لأنّهم مرائين يُظهرون الإيمان بكلمة الله لكنّهم لا يعملون بها، لذلك غضبوا عندما سمعوا صراخ الأولاد وهم يسبّحون الرب يسوع الّذي جاء حسب النبوّات. ترك المدينة التي يستخدم فيها المؤمنون هيكل الله السماوي لأهداف جسديّة في هذا العالم. المدينة الروحيّة هي جموع من المؤمنين لهم تعليم واحد.
18 وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ: في الآية السابقة تكلّم الرب يسوع عن حياة المؤمن الّذي لم يعتمد بالكلمة السماويّة، لذلك طرد من أمامه كل الّذين يبيعون ويشترون مُستخدمين كلمة الله الروحيّة لمكاسب جسديّة. وفي هذه الآية يتكلّم عن دينونة كل مؤمن لم يصنع ثمر الروح للحياة الأبديّة. جاع الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة إلى ثمر الروح وهو راجع إلى المدينة أورشليم ليخلّص الإنسان من الدينونة الأبديّة. المؤمن الروحي هو الّذي يعتمد طريق الحقّ السماوي بالإيمان، ويعمل في خدمة الكلمة الروحيّة ليصنع ثمر الروح الّذي يُشبع قلب الرب يسوع.
19 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ: آية يقول فيها الرب يسوع أنّه لم يأت ليدين الإنسان إنّما ليخلّص الإنسان، لكنّه سيرفض كل مؤمن لم يصنع ثمر الروح. لذلك طلب ثمر الروح وهو في طريقه إلى أورشليم لخلاص الإنسان (مرقص 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ). الّذي اعتمد هو المؤمن الّذي يصنع ثمر الروح. سينظر الرب يسوع وهو في طريقه لخلاص الإنسان إلى كل مؤمن ليطلب منه ثمر الروح، فيمنحه الخلاص الروحي قبل موت الجسد أو يرفضه إلى الأبد عند نهاية الفرصة بموت الجسد.
وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ.: شجرة التين هي الإنسان، والورق هو الإيمان، والثمر هو ثمر الإيمان بالاعتماد الروحي حسب كلمة الله في المكتوب. شجرة تين فيها ورق فقط، أي مؤمن بلا ثمر، إيمان بلا اعتماد. شجرة تين فيها ورق فقط هي مثل عن المؤمن الّذي لا يعمل بكلمة الله. لا خلاص بالإيمان دون اعتماد، ورق دون ثمر، لأنّه إيمان جسدي ميّت ليس فيه روح وحياة (يوحنا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ) (غلاطية 5: 22 وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ).
فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!».: استخدم الرب يسوع شجرة التين عندما كان على الأرض في الجسد، ليصنع آية روحيّة يتكلّم بها عن نهاية المؤمن الّذي لا يصنع ثمر الروح. فيتعلّم المؤمن ليصنع ثمر الروح قبل نهاية فرصته للخلاص. فكل مؤمن لا يجد فيه ثمر الروح، يدان إلى الأبد بعد نهاية فرصته على الأرض بموت الجسد، لأنّه يقول في هذه الآية، في مرقس 11: 13 أنّه لم يكن وقت التين، أي أنّه ليس في الوقت الّذي يصنع فيه المؤمن ثمر الروح، لأنّها آية روحيّة لما سيكون بعد موت الجسد عند الدينونة (مرقس 11: 13 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ.) دينونة أبديّة ليس له فرصة أخرى للخلاص لأنّه لا يكن منه ثمر بعد إلى الأبد.
فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.: الإنسان في جهنّم هو تينة يابسة ليس فيها ماء، لأنّ كلمة الله هي ماء الحياة الروحيّة، وكلمة الله لا توجد في جهنّم، لذلك هو موجود كالتينة اليابسة لكن دون حياة. النار في جهنّم تشتعل باستمرار لأنّ الّذين فيها هم أشجار يابسة، ليس فيهم كلمة الله لتطفئ النار المُشتعلة بينهم.
20 فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟»: تعجّب التلاميذ كيف يبست التينة في الحال من كلمة الرب يسوع، لأنّ الرب يسوع هو كلمة الله الّذي يمنح الحياة الأبديّة لكل مؤمن يتبعه، وأيضاً هو كلمة الحقّ الّذي يدين الخاطي الّذي لم يصنع ثمر الروح. كل العجائب الّتي صنعها الرب يسوع وهو في الجسد على الأرض هي آيات روحيّة فيها أسرار ملكوت السماوات، يتعلّم منها المؤمن ليعمل في حياة روحيّة لخلاص نفسه إلى الحياة الأبديّة.
21 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ.: يتكلّم الرب يسوع بالحقّ السماوي ويقول لكل مؤمن لا يشكّ أنّه يستطيع أن يفعل أمر التينة، بل أيضاً يستطيع أن يطرح هذا الجبل الّذي أمامه في البحر. كيف يفعل المؤمن أمر التينة؟ وكيف ينقل هذا الجبل لينطرح في البحر؟ وما هو هذا الجبل ولماذا يطرحه تحديداً في البحر؟ أمر التينة هو آية روحيّة عن دينونة الخاطي، والمؤمن الصالح الّذي يأخذ خلاصه من الرب يسوع سيفعل أمر التينة عند الدينونة، لأنّه سيأتي مع الرب يسوع ليدين الخطاة. (متى 19: 28 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ.) (كورنثوس الأولى 6: 2 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْقِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ الْعَالَمَ؟ فَإِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُدَانُ بِكُمْ، أَفَأَنْتُمْ غَيْرُ مُسْتَأْهِلِينَ لِلْمَحَاكِمِ الصُّغْرَى؟). يتكلّم الرب يسوع في آية روحيّة عن هذا الجبل الّذي أمام الإنسان، وهو جبل هموم الحياة على الأرض، يجتازه الإنسان من بدايته بالولادة الجسديّة إلى نهايته بموت الجسد، لذلك هو طريق جبلي يمشي فيه الإنسان بتعب وهمّ. يقول المؤمن الّذي لا يشك لهذا الجبل أن ينتقل وينطرح في البحر فيكون، لأنّها آية روحيّة تتكلّم عن جبل هموم الإنسان في هذا العالم الصعب، ينقله المؤمن من أمامه لينطرح في العالم، لأنّ البحر هو العالم، والمؤمن الروحي لا يهتمّ بشهوات العالم لأنّه يطرح جبل شهواته في العالم، ليسلك هو في طريقه الرّوحي مع الرب يسوع الّذي يمنحه السلام الروحي في حياته الجسديّة على الأرض. الحياة الروحيّة الأبديّة أعظم من الحياة الجسديّة التي تنتهي بالموت، والله يُعطي السلام الروحي لكل مؤمن حسب قوّة إيمانه الروحي.
شجرة تين فيها ورق لكن ليس فيها ثمر هي قصة الغني الّذي جاء إلى يسوع (متى 19: 17-23). الشاب الغني يؤمن بالرب يسوع لذلك أتى إليه وقال أنّه يعمل بالوصايا، فهذا ما يلزمه لخلاص نفسه، تينة فيها ورق، لكن هذا لا يضمن له الدخول إلى الحياة الأبديّة، لأنّه بخطيّة واحدة موتا يموت، لذلك هو يحتاج أن يكون كاملاً كي يضمن الدخول، وهذا الكمال يأخذه من الرب يسوع البارّ إن باع كل أملاكه وأعطى الفقراء وتبع الرب يسوع، البارّ الوحيد الّذي يضمن الحياة الأبديّة. لكن الغنيّ رفض أن يصنع ثمر الروح لأنه رفض أن يُعطي أملاكه للفقراء ومضى حزيناً من أمام الرب يسوع إلى الأبد، هكذا شجرة التين التي يبست. شجرة تين فيها ورق لكن ليس فيها ثمر، إنسان مؤمن لكن لا يعمل بكلمة الله.
22 وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ».: يفعل المؤمن الّذي لا يشكّ أمر التينة، وينقل جبل همومه إلى البحر، وأيضاً كل ما يطلبه في الصلاة يناله. هذا هو المؤمن الصالح لأنّه آمن واعتمد في الروح.
تكلّم الرب يسوع في هذه الآية الروحيّة عن دينونة المؤمن الّذي لا يصنع ثمر الروح، لأنّه آمن ولم يعتمد. وأيضاً يتكلّم فيها عن قوّة الروح في المؤمن الّذي يصنع ثمر الروح لأنّه آمن واعتمد. هذا هو المؤمن الصالح، يعيش في العالم لكنّه ليس من هذا العالم في الروح، لذلك كل ما يطلبه مصلّياً في الروح لأجل الروح يناله من الرب يسوع، لأنّ الروح هو الّذي يُحيي أمّا الجسد فلا يفيد شيء، وأعمال الرب يسوع على الأرض هي آيات روحيّة لحياة أبديّة. (يوحنا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ). كلمة الله فعل روحي لأنّها كلمة سماويّة روحيّة، لذلك المؤمن الّذي يعتمد بها هو يعمل بها في الروح، يسمعها ويفهمها ليعمل بها، فيصنع ثمر الروح ويأخذ حياة أبديّة مع الرب يسوع.
23 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْهَيْكَلِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب وَهُوَ يُعَلِّمُ، قَائِلِينَ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ وَمَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ؟»: آية روحيّة عن الّذين يسألون الرب يسوع ليحاربوه لأنّهم لا يبحثون فيه عن الحقّ السماوي. آية عن الّذين يأتون إلى خدّام الرب يسوع ليحاربوا كلمة الله الّتي يخدمونها. يجب أن يعرف رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب أنّه المسيح المنتظر حسب النبوّات، لأنّهم أكثر الناس معرفة بالناموس والأنبياء. لكنّهم رفضوا المسيح لأنّهم أحبّوا شهوات هذا العالم أكثر من محبّتهم لكلمة الله، لذلك هم عميان في الروح وقادة عميان. (متى 15: 14 اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ».). يسألون الرب يسوع بأيّ سلطان يُعلّم لأنّهم رأوا في تعليمه سلطان، وهذا السلطان لا يأتي إلاّ من الله. (متى 17: 5 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا».).
24 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ قُلْتُمْ لِي عَنْهَا أَقُولُ لَكُمْ أَنَا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا: أجاب الرب يسوع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب بسؤال، لأنّه هو فاحص الكلى والقلوب ويعرف أنّهم يسألونه ليحاربوه وليس لمعرفة الحقّ. يُجيب الرب يسوع كل إنسان حسب قلبه، فالّذي يسأله لأنّه يبحث عن الحقّ يُجيبه الرب يسوع مستخدماً تلاميذه الّذين اختارهم لهذا العمل. أما الّذين يسألون مُحاربين الكلمة فيسألهم أولاً عن سبب سؤالهم.
25 مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟» فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ لَنَا: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟: لماذا سألهم الرب يسوع عن معموديّة يوحنّا قبل أن يقول لهم بأي سلطان يعلّم في هيكل الله؟ آية لكل إنسان يطلب معرفة الرب يسوع في سلطانه الروحي، لذلك يجب أن يؤمن أوّلا بمعموديّة يوحنّا للتوبة، لأنّ التوبة هي أوّل ما يفعله الإنسان الخاطي دليل اعترافه بأنّه خاطي ويحتاج إلى المسيح المخلّص. معموديّة يوحنّا هي بداية الطريق الروحي للوصول إلى الرب يسوع الّذي يعمّد بالروح القدس للخلاص. ناموس الخطيّة يأتي أوّلا لإظهار الإنسان الخاطي الّذي يعترف أنّه خاطي حسب الناموس، فيأتي بالإيمان إلى الرب يسوع البارّ ليتبرّر بإيمانه به. (متى 3: 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.). تكلّمت النبوّات عن مجيء الرب يسوع الّذي يعمل بسلطان الآب السماوي، لذلك هو يغفر الخطايا. وأيضاً تكلّم الله في الأنبياء أنّه يرسل ملاكه أمام وجه الرب يسوع ليهيء الطريق أمامه إلى قلب الإنسان. (متى 11: 10 فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ.) (متى 3: 3 فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».) من يقبل النبوات التي تتكلّم عن مجيء الرب يسوع المُخلّص يقبل أوّلاً معموديّة يوحنا. (متى 3: 11 أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ.).
فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: كيف عرف الكاتب ماذا فكّروا في أنفسهم؟ لأنّ الكاتب هو الروح القدس فاحص الكلى والقلوب، لكنّه استخدم الإنسان ليكتب بيده ما يقوله الروح القدس (2 تيموثاوس 3: 16 كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ).
26 وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، نَخَافُ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّ يُوحَنَّا عِنْدَ الْجَمِيعِ مِثْلُ نَبِيٍّ»: رؤساء الكهنة يرفضون كلمة الله المرسلة مع خادم الرب، والشعب يقبل ويؤمن بها من الله في يوحنّا المعمدان، لذلك يوحنّا عندهم مثل نبيّ. آية لكل مؤمن يتبع الإنسان وليس كلمة الله فقط حسب المكتوب. يقول الله في هذه الآية أنّ رؤساء الكهنة والكتبة يمكن أن يُخطئوا في تعاليمهم، لذلك يجب على المؤمن أن يفتّش الكتب ليضمن صحّة ما يقوله المعلّمون، حتّى وإن كانوا رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب. (يوحنّا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.) يخافون من الشعب لأنّهم مراؤون، لا يُظهرون حقيقة رفضهم ليوحنّا أمام الشعب، لأنّهم يخافون من الشعب أن يتمرّد عليهم ويرفضهم فلا يتسلّطوا عليه.
27 فَأَجَابُوا يَسُوعَ وَقَالُوا: «لاَ نَعْلَمُ». فَقَالَ لَهُمْ هُوَ أَيْضًا: «وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.: آية روحيّة لكل إنسان لا يؤمن بمعمودية يوحنّا للتوبة، فلا يقبله الرب يسوع ولا يُجيبه في الروح، لذلك لا يفهم ما هو سلطان الرب يسوع كلمة الله السماوي. هذا السلطان هو سلطان الروح للحياة الأبديّة لا يفهمه إلاّ الّذي له حياة روحيّة مع الله باسم الرب يسوع الفادي. (يوحنا 1: 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ). رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب رفضوا معمودية يوحنا أي رفضوا التوبة والاعتراف بالخطيّة. وأيضاً لم يصنعوا سبله مُستقيمة لأنّهم مراؤون، طرقهم ملتوية يقولون ما ليس في قلوبهم، لأنّهم قالوا "لا نعلم" لكنّهم بالحقيقة يعلمون ويرفضون، وخوفهم من الشعب جعلهم يكذبون. (متى 3: 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. 3فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».).
28 «مَاذَا تَظُنُّونَ؟ كَانَ لإِنْسَانٍ ابْنَانِ، فَجَاءَ إِلَى الأَوَّلِ وَقَالَ: يَا ابْنِي، اذْهَب الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي: يستخدم الرب يسوع هذا المثل ليتكلّم به في آية روحيّة عن فئتين من المؤمنين، المؤمن الّذي يرفض العمل حسب كلمة الله لكنّه يندم أخيراً ويمضي ليعمل بها في حياة روحيّة، والمؤمن الّذي يقول أنّه يؤمن ويعمل بكلمة الله لكنّه بالحقيقة يعمل لشهوات هذا العالم، أو يعمل في عادات وتقاليد الناس وليس حسب المكتوب. قال لإبنه الأول أن يعمل اليوم في كرمه، اليوم هو حياة الإنسان على الأرض، يوم الإيمان والخلاص والعمل في كرم الرب. كرم الرب هو ملكوت السماوات على الأرض، والعمل في ملكوت السماوات هو العمل بكلمة الله السماويّة فقط حسب المكتوب.
29 فَأَجَابَ وَقَالَ: مَا أُرِيدُ. وَلكِنَّهُ نَدِمَ أَخِيرًا وَمَضَى: هذا الّذي يرفض العمل بكلمة الله لأنّه بالعمل في كرم الرب يبتعد المؤمن عن شهوات العالم. لكنّه ندم أخيراً وأحب الله أكثر من العالم واعتمد في الروح باسم الرب يسوع كلمة الله، فترك العالم بشهواته ومضى ليعمل بالكلمة الروحيّة في كرم الرب يسوع السماوي.
30 وَجَاءَ إِلَى الثَّاني وَقَالَ كَذلِكَ. فَأَجَابَ وَقَالَ: هَا أَنَا يَا سَيِّدُ. وَلَمْ يَمْضِ: هذا هو المؤمن المُرائي، يُظهر الإيمان لكنّه لا يعمل بكلمة الله، لأنّه يعمل لشهواته في هذا العالم، أو لأنّه يعمل في عادات وتقاليد من صنع الإنسان ولا يعمل بالمكتوب. هكذا يفعل رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب المراؤون الّذين كلّمهم الرب يسوع في هذا المثل، ليتكلّم في آية روحيّة مع كل من يتشبّه بهم. هؤلاء هم الّذي آمنوا ولم يعتمدوا.
31 فَأَيُّ الاثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ الأَبِ؟» قَالُوا لَهُ: «الأَوَّلُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ: آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّ الخاطي يسبق المرائي إلى ملكوت الله، أي أنّ الخاطي أقرب إلى الخلاص من المرائي، لأنّ الخاطي يعترف بخطيّته ويحتاج إلى التوبة حسب معموديّة يوحنّا ليدخل ملكوت الله، أمّا المرائي فيجب أن يتوقّف أوّلا عن ريائه ليعترف بخطيّته أمام نفسه وأمام الله، ثمّ يتوب عنها حسب معموديّة يوحنّا. رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب يعرفون الحقّ ولا يعملون به لأنّهم مراؤون، لذلك أجابوا بالحقّ معترفين على أنفسهم، لأنّهم هم الّذين قالوا أنّهم يعملون في كرم الرب، لكنّهم يعملون لشهواتهم في هذا العالم وليس لخدمة المؤمنين حسب إرادة الآب السماوي. يسأل الرب يسوع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب ليسأل في هذه الآية الروحيّة كل إنسان يؤمن بالآب السماوي، فيعرف نفسه هل هو مثل الأوّل أم الثاني. المؤمن بالله يفعل إرادة الله حسب المكتوب وليس حسب حكمة الإنسان. العشّارون والزواني هم الخطاة، العشّارون هم الّذين يأخذون ما ليس لهم، (لوقا 3: 12 وَجَاءَ عَشَّارُونَ أَيْضًا لِيَعْتَمِدُوا فَقَالُوا لَهُ: «يَامُعَلِّمُ، مَاذَا نَفْعَلُ؟» 13فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَسْتَوْفُوا أَكْثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكُمْ».) هم الّذين لا يعملون بوصايا الله للأعمال، لأنّ كل وصايا الأعمال تتكلّم عن الخاطي الّذي يأخذ ما ليس له. والزواني هم الزناة في الروح، الّذين يتبعون آلهة أخرى أمام الله (خروج 20: 1 أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.) هؤلاء هم الّذين لا يعملون بوصايا الله للإيمان. عشاّرون لوصايا الأعمال وزواني لوصايا الإيمان. الخاطي أقرب إلى الخلاص من المرائي لأنّه يعترف بخطيّته.
32 لأَنَّ يُوحَنَّا جَاءَكُمْ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَمَّا الْعَشَّارُونَ وَالزَّوَاني فَآمَنُوا بِهِ. وَأَنْتُمْ إِذْ رَأَيْتُمْ لَمْ تَنْدَمُوا أَخِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِهِ: جاء يوحنّا يبشّر بمجيء المسيح، طريق الحقّ السماوي للتوبة والخلاص، فلم يؤمنوا به لأنّهم متكبّرون يعتقدون أنّهم لا يحتاجون إلى التوبة كغيرهم من الخطاة. (لوقا 18: 11 أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. 12أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. 13وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. 14أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ».) أما العشّارون والزواني فآمنوا بمعموديّة يوحنّا لأنّهم يعترفون بأنّهم خطاة، لذلك اعتمدوا بكلمة الحقّ للتوبة منتظرين خلاص الرب يسوع، الّذي يأتي بعد التوبة ويُعمّدهم بالروح القدس للحياة الأبدية معه. يوحنا هو كل مبشّر بخلاص الرب يسوع، ومعموديّة يوحنّا للتوبة هي غسل النفوس بكلمة الله الروحيّة ليأتي الرب يسوع ويمنح الخلاص بالروح القدس.
33 «اِسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْمًا، وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ.: هذا المثل الأرضي هو آية روحيّة تتكلّم عن ربّ البيت السماوي الّذي غرس كرماً روحيّاّ في العالم، وأحاطه بسياج روحي فلا يدخله إلاّ من يؤمن بالرب يسوع الفادي. وحفر فيه معصرة ليصنع خمر الروح من ثمر الكرمة لفرح المؤمن به، يشربه كل مؤمن يعمل في كرم الرب يسوع ليفرح في الروح من نتاج الكرمة، أي من نتاج عمل الرب يسوع من أجله، لأنّ الرب يسوع هو الكرمة. (يوحنّا 15: 5 أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.) وبنى برجاً لحماية العاملين في كرمه من شرّ الخطيّة الّذي يأتي من ابليس وشهوات العالم خارج الكرم، فيكون لهم سلام روحي على الأرض. الكرم هو ملكوت السماوات للحياة الروحيّة حسب كلمة الله، والسياج لدخول من يستحق بالإيمان فقط، والمعصرة للفرح بكلمة الله من نتاج عمل الرب يسوع، والبرج لحماية العاملين في كرمه. بنى الله كرمه الروحي على الأرض مستخدماً المؤمنين به، ابراهيم واسحاق، ويعقوب الّذي أعطاه اسم اسرائيل، وبموسى والأنبياء غرس الكلمة في كرمه، ثم سلّم الكرم لكرّامين من شعبه اسرائيل وسافر تاركاً لهم حرّية العمل في كرمه سنين طويلة.
34 وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ.: يتكلّم الرب يسوع في هذا المثل عن عدم أمانة الكتبة والفرّيسيّين في خدمة الكلمة السماويّة، ليتكلّم به في آية روحيّة مع كل مؤمن يخدم الرب. أرسل الله انبياءه إلى الكرّامين ليأخذ أثماره من خدمتهم لكلمة الله في ملكوت السماوات. ما هي الأثمار الّتي يطلبها الرب من الكرّامين؟ نتيجة عمل المؤمن هي ثمار العمل، فهل هي ثمار جيّدة أم ثمار رديّة؟ الثمار الجيّدة الّتي يطلبها الرب هم المؤمنون الّذين يعملون بكلمته نتيجة خدمة الكرّامين في كرمه. هكذا يطلب الرب يسوع من كل مؤمن به يعمل في خدمة الكلمة السماويّة. (مرقص 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ) الاعتماد هو ثمر الروح في المؤمن الصالح.
35 فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا.: الكرّامون هم خدّام الكلمة السماويّة، منهم الخادم الأمين الّذي يعطي المجد للرب صاحب الكرم، ومنهم الخادم الغير أمين الّذي يعمل لمجد نفسه في شهوات هذا العالم الّذي يزول، لذلك يرفض المرسل إليه من الله فيجلده أو يقتله أو يرجمه، في الجسد أو في النفس، يجلده في كلامه معه، أو يقتله في رفضه له، أو يرجمه بالناس، لأنّه يجعلهم يرفضونه ويهاجمونه. (متى 23: 37 «يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!).
36 ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذلِكَ.: أرسل الله أنبياء آخرين ليرحم شعبه من الكرّامين غير الأمناء، لكنّهم أيضاً فعلوا بهم كما فعلوا بالّذين أتوا قبلهم. هكذا يرسل الرب تلاميذه متكلّمين فقط حسب كلمة الله في المكتوب، فيرفضهم الّذين لا يريدون الاعتماد بالكلمة الروحيّة، لأنّهم يتبعون عادات وتقاليد الناس في عبادة جسديّة.
37 فَأَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي!: أخيراً أرسل إليهم ابنه، كلمة الله المتجسّد في الرب يسوع ابن الإنسان. قال أخيراً لأنّ الرب يسوع هو كلمة الله على الأرض، فهو صاحب الكرم الّذي قام من بين الأموات ليبقى في كرمه الروحي إلى الأبد، فلا حاجة له أن يرسل أنبياء فيما بعد. قائلاً يهابون ابني، لأنّ الّذي يهاب الله يهاب كلمة الله، والرب يسوع هو كلمة الله.
38 وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الابْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ!: اتّفق الكرّامون رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على قتل الرب يسوع ابن الله الوارث. لأنّه يرث المؤمنين به الّذين فداهم بدمه، الّذين يتركون التعاليم الخاطئة ويتبعونه مع خدّام آخرين يعملون فقط حسب المكتوب. اتّفقوا على قتل الرب يسوع ابن الله لأنّهم يحبّون العالم بشهواته أكثر من محبّتهم لكلمة الله، لأنّهم يطلبون المجد لأنفسهم وليس للآب السماوي صاحب الكرم، ولأنّ الرب يسوع كلمة الله يمنع عنهم التسلّط على الشّعب الّذي منه يأخذون مكاسب جسديّة ونفسيّة في هذا العالم.
39 فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ.: أخذوا كلمة الله الرب يسوع ابن الإنسان وصلبوه خارج أورشليم، خارج الكرم الّذي غرسه الله في العالم ودخله الرب يسوع ملكاً متواضعاً راكباً على أتان وجحش ابن أتان (عدد 1 - 11). لم يجد ابن الله ثمر الروح الّذي أتى يطلبه من الكرّامين، إنّما وجد صيارفة وباعة حمام في هيكله، فطردهم وقلب موائدهم لأنّهم استخدموا كلمة الله لمكاسب جسديّة في هذا العالم، لذلك يخافون من الرب يسوع الوارث لأنه يأخذ منهم ما له ويطردهم من كرمه، لذلك أخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه ظانّين أنّهم يأخذون الكرم لأنفسهم. هكذا يفعل كل مؤمن يعمل لشهواته في هذا العالم، فيقتل كلمة الله في قلبه لأنّه لا يعمل حسب المكتوب.
40 فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟»: يسأل الرب يسوع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب ليسأل أيضاً في هذه الآية الروحيّة كل من يستخدم اسم الرب لأهداف أرضيّة، لأنّه يقتل الرب يسوع في قلبه وفي قلوب الّذين يخدمهم. كلمة الله روحيّة سماويّة، لذلك العمل بها يجب أن يكون فقط لأهداف روحيّة سماويّة. فماذا يفعل الآب السماوي بخادمه غير الأمين على الكلمة السماويّة؟ الّذي يقتل الرب يسوع في الروح هو الّذي يقتله في قلبه لأنّه يحذف ويزيد على كلمة الله حسب شهواته.
41 قَالُوا لَهُ: «أُولئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا».: حكموا على أنفسهم بالهلاك، لأنّهم يعرفون الحقّ ولا يعملون به. الحقّ الّذي تكلّموا به على أنفسهم هو آية روحيّة فيها هلاك لكل من يعمل في كرم الرب ليجمع الأثمار لنفسه، لأنّه هكذا يقتل كلمة الله الروحيّة في قلوب المؤمنين الّذين يتبعونه. من يرفض كلمة الله في الرب يسوع هو يقتل ابن الله في قلبه، لأنّ الرب يسوع هو كلمة الله، فيحكم على نفسه بالهلاك الأبدي.
42 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!: (مزمور 118: 22 - 23) سألهم الرب يسوع إن كانوا يقرأون الكتب السماويّة لأنّها تتنبّأ عن مجيء الرب يسوع، حجر الزاوية الّذي رفضه البناؤون. البنّاؤون هم رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب الّذين يبنون الشعب على كلمة الله. هو قد صار رأس الزاوية لأنّه هو حجر الأساس لبناء الكنيسة. الحجر هو الإنسان، والرب يسوع ابن الإنسان هو أوّل حجر في الكنيسة. حجر رأس الزاوية هو أول حجر يبدأ به البناء لأنّه الدليل المستقيم لباقي الحجارة. بناء الكنيسة هو بناء روحي لحياة ابديّة، لذلك كل حجر من حجارة الكنيسة الروحيّة هو حجر مستقيم في الروح، وهذا ليس من أعماله لأنّه من أعمال الرب يسوع حجر الأساس رأس الزاوية المُستقيم، الاستقامة هي الحقّ والرب يسوع هو الطريق والحقّ والحياة الأبديّة (يوحنا 14: 6 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.).
مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!: هذه إرادة الله أن يجعل من الرب يسوع ابن الإنسان حجر رأس الزاوية لبناء الكنيسة الروحيّة للحياة الأبديّة. وهو عجيب في عين الإنسان لأنّه صار رأس الزاوية بعد رفضه وقتله من رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب، والعجيب هو أنّهم خدّام كلمة الله. لكنّه قام من بين الأموات ليقوم في قلب كل إنسان يؤمن به حجر الزاوية لحياته الروحيّة.
43 لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.: قال الرب يسوع للكرّامين رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب، ليقولها آية روحيّة لكل مؤمن لا يصنع ثمر الروح، فينزع منه ملكوت الله، أي لا يأتي إلى الحياة الأبديّة مع الله لأنّه لا يعمل بأمانة في ملكوت السماوات. هذا هو الخادم الّذي يقتل ابن الله في قلبه لأنّه يعمل لشهوات هذا العالم. أعطى الكرم لأمّة تؤمن بالابن وتعتمد بالكلمة الروحيّة لتصنع ثمر الروح مع الرب يسوع المُخلّص.
44 وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!».: من يسقط على هذا الحجر العظيم، أي على الرب يسوع، كما فعل رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب، يترضّض فقط من ردّ الرب يسوع عليه بكلمة الحقّ. لكن عند الدينونة سيسقط هذا الحجر العظيم على كل من سقط عليه وهو في العالم فيسحقه إلى الأبد. آية تتكلّم عن الّذي يُحارب كلمة الله، فيسقط على الرب يسوع كلمة الله، فيترضّض من الحقّ السماوي على الأرض. لكنّه ينسحق عند الدينونة لأنّ كلمة الله تسقط عليه لتدينه بالحقّ، فيبقى في ظلمة الروح إلى الأبد.
45 وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ، عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ.: لما سمع رؤساء الكهنة والفريسيون كلام الرب يسوع ترضّضوا من ردّه على سقوطهم عليه، لأنّهم أتوا إليه يسألونه عن سلطانه لمحاربته وليس بهدف المعرفة والإيمان. الدليل على عدم إيمانهم هو أنّهم لا يؤمنون بمعموديّة يوحنا للتوبة. آية لكل إنسان يأتي إلى أولاد الله مُحارباً كلمة الله المُرسلة معهم لخلاص النفوس، فيترضّض من كلمة الله لأنّها روحيّة لا تنفع فيها الحكمة الأرضيّة. يحتاج الإنسان إلى سلطان الرب يسوع ليفهم الحياة الروحيّة ويؤمن بالحياة الأبديّة في الرب يسوع. (متى 11: 27 كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ).
46 وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ، خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.: تكلّم الرب يسوع بكلمة الحقّ السماوي ليفتح باب ملكوت السماوات أمام كل من يطلب الحقّ السماوي. لكن رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب رفضوا أن يتغيّروا للوصول إلى مجد الحياة الروحيّة الأبديّة، بل أصرّوا على رفضهم متمسّكين بالمجد الأرضي في مناصب جسديّة فيها مكاسب أرضيّة. لذلك خافوا من الجموع الّذين لم يهتمّوا برؤساء الكهنة ولا بشيوخ الشعب، لأنّهم يتبعون الرب يسوع الوحيد الّذي يمنح الحياة الأبديّة. آية تقول أنّ المؤمن الّذي يتبع الرب يسوع فقط حسب المكتوب لا يتبع إنسان يتكلّم بغير المكتوب، حتّى وإن كان من رؤساء الكهنة، لأنّ سقوط حجر رأس الزاوية عند الدينونة سيكون عظيماً جداً على كل خاطي لم يعمل فقط حسب المكتوب.
باسم الآب السماوي، والابن الرب يسوع المسيح كلمة الله، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.
تفسير شادي داود