تفسير متى 19 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 19

تفسير إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ

 

1وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذَا الْكَلاَمَ انْتَقَلَ مِنَ الْجَلِيلِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. 2وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ هُنَاكَ.

3وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» 4فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ 5وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. 6إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». 7قَالُوا لَهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟» 8قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا. 9وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي». 10قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».

13حِينَئِذٍ قُدِّمَ إِلَيْهِ أَوْلاَدٌ لِكَيْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّيَ، فَانْتَهَرَهُمُ التَّلاَمِيذُ. 14أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ». 15فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى مِنْ هُنَاكَ.

16وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟» 21قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ.

23فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ! 24وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!». 25فَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ بُهِتُوا جِدًّا قَائِلِينَ: «إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 26فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ».

27فَأَجَابَ بُطْرُسُ حِينَئِذٍ وَقَالَ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا؟» 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 30وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ.

 

1 وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذَا الْكَلاَمَ انْتَقَلَ مِنَ الْجَلِيلِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ: لما أكمل الرب يسوع كلامه عن ملكوت السماوات وأهميّة الغفران، انتقل من الجليل إلى تخوم اليهوديّة مارّاً من عبر الأردنّ لتتم النبوّة (متى 4: 14 لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 15«أَرْضُ زَبُولُونَ، وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، طَرِيقُ الْبَحْرِ، عَبْرُ الأُرْدُنِّ، جَلِيلُ الأُمَمِ.) تحقيق النبوّة هو دليل الإنسان الّذي يبحث عن الرب، فيعرف أنّ الرب يسوع هو مسيح الله الّذي جاء وحقّق النبوّات، فلا يتبع آخر ويخسر الحياة الأبديّة. (متى 11: 3 وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 4فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: 5اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. 6وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».) نبوّات تكلّمت من مئات وألوف السنين لتتمّ عند مجيء الرب يسوع المخلّص.

2 وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ هُنَاكَ: كل الّذين تبعوا الرب يسوع وهو في الجسد أخذوا منه شفاء الجسد، لأنّ الرب يسوع جاء في الجسد ليصنع من شفاء الأمراض الجسديّة آيات روحيّة، يعمل بها المؤمن الّذي يتبعه في الروح ليأخذ منه الشفاء من أمراضه الروحيّة لحياته الأبديّة، لأنّ الرب يسوع جاء لخلاص الروح إلى الأبد وليس من أجل الجسد الّذي يزول.

3 وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟»: جاء الفريسيون إلى الرب يسوع ليُجربوه مُحاولين وضع العثرات أمامه، فأجابهم الرب يسوع ليس بهدف الردّ عليهم كمُجرّبين، إنّما ليتعلّم المؤمن من كلمة الرب فيعمل بها. هكذا يفعل اليوم كل من يأتي إلى تلميذ الرب يسوع ليُجرّبه في سؤال يظنّ أنه يُحرجه أمام الناس، لكنّ الرب يسوع يُعطي إجابة تردّ على المُجرّب وتعطي السامعين إجابة يفهمون منها كلمة الرب، فيتحوّل الشرّ الّذي في قلب المُجرّب إلى ما هو لخير السامعين.

4 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟: يُجيب الرب يسوع هؤلاء المجرّبين بالمكتوب كما أجاب إبليس في كل مرّة جُرّب فيها وقال: "مكتوب" (متى 4: 1 - 11) لأنّ الإجابة الصحيحة عن السماويّات هي فقط في كلمة الله في المكتوب. خلقهما الله ذكراً واحدا وأنثى واحدة، لتكون امرأة واحدة فقط لرجل واحد فقط، لذلك خلق لآدم حوّاء واحدة. حدد الرب يسوع العدد بكلمة "خلقهما" ولم يقل خلقهم، لأنّه لا يتكلّم عن خلق الإنسان إنّما يتكلّم في هذه الآية عن الزوج والزوجة، خلقهما زوج وزوجة. لماذا يقول في البدء؟ لأنّ في البدء هي مرحلة من مرحلتين مرّ بها الإنسان، في البدء كان مع الله، وفي مرحلة أخرى أصبح خارج محضر الله بسبب الخطيّة، عندما طرد آدم وحواء ونسلهما إلى العالم، لكنّه يعود كما في البدء إلى الحياة مع الله كل من يتبع الرب يسوع المخلّص.

5 وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا: يترك الرجل أباه وأمّه ليلتصق بامرأته الواحدة كجسد واحد لا يفترقان. يصبح الرجل وامرأته جسد واحد في العمل المشترك لحياة واحدة في البيت الواحد. أعضاء تعمل معاً لخدمة الجسد الواحد، عينان، أذنان، يدان، رجلان، يعمل كل واحد منهما في توافق مع الآخر بعين وأذن ويد ورجل لخدمة البيت الواحد.

6 إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ»: يتزوّج الرجل بامرأة واحدة ليعملا في حياة زوجيّة واحدة بعد أن كانا يعملان كل واحد لحياته الفرديّة. لذلك ليسا بعد اثنين بل جسد واحد في كل شيء، فلا يعمل الواحد لنفسه فقط بل يعمل حسب الحياة الواحدة المشتركة. هذا ما جمعه الله منذ البدء عندما خلق رجل واحد لامرأة واحدة ليكونا جسد واحد. خلقهما رجل واحد لامرأة واحدة لأنّها آية روحيّة للزواج الحقيقي الأبدي بين الكنيسة العروس والرب يسوع العريس، فما جمعه الله في الروح لا يستطيع أن يفرّقه إنسان. (يوحنا 10: 27 خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. 28وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.).

7 قَالُوا لَهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟»: يحاول المجرّبون باستخدام المكتوب وضع العثرات أمام عمل الرب يسوع، هكذا حاول ابليس المُجرّب لكنّه فشل عندما جرّب الرب يسوع بقوله مكتوب (متى 4: 6). يقول المجرّب في هذه الآية: "فلماذا سمح الله عن فم موسى بالطلاق إن كان من البدء غير مسموح؟".

8 قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا.: من البدء كانت المحبّة في قلب الإنسان لأنّه كان في حياة روحيّة مع الله، لكن قساوة قلب الإنسان ظهرت بعد موته في الروح عند طرده من الجنّة محضر الله، لذلك سمح الله في ناموس موسى بالطلاق لقساوة قلب الإنسان الخاطي في الروح، إلى أن يعود كما كان في البدء لحياته الروحيّة في المحبّة مع الله باسم الرب يسوع البارّ.

هل تتغيّر كلمة الله من ممنوع في البدء إلى مسموح بموسى في الناموس، ومن ثم إلى ممنوع في الرب يسوع؟ كلمة الله لا تتغيّر إنّما الإنسان هو الّذي يتغيّر. من البدء، أي عندما كان آدم وحوّاء في الجنّة مع الله، لم يكن للطلاق وجود لأنّها آية روحيّة عن علاقة الله بالإنسان، فلا شيء يفصل بين الله والإنسان البارّ. لكن بعد فعلهما للخطيّة حصل الطلاق الروحي بين الله والإنسان بطرده من الجنّة. (التكوين 2: 16 وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».). فأصبح الإنسان ميتا في الروح يعمل حسب ناموس موسى الّذي يسمح فيه الله بالطلاق، لأنّها آية روحيّة عن طلاق الإنسان في الروح وخروجه من جنّة الله. لا طلاق في حياة البارّ لأنّ الله لا يترك البارّ إلى الأبد، أمّا الخاطي فيسمح له بالطلاق حسب الناموس لأنّه في حالة طلاق روحي. لذلك لا طلاق في حياة المؤمن باسم الرب يسوع البارّ الّذي دفع عنه ثمن الخطيّة بموته، لأنّه كما كان آدم في البدء في حياة روحيّة مع الله. هذه حياة أبديّة لأنّ الّذي جمعه الله في الروح لا يُفرّقه إنسان.

9 وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي»: يرتبط الرجل بامرأة واحدة ليصبحا جسداً واحداً، لأنّها آية روحيّة عن علاقة الرب يسوع بكنيسته الواحدة. فلا يحقّ للرجل أن يُطلّق امرأته ويرتبط بأخرى إلاّ في حالة الزنى، لأنّ الرب يسوع لا يترك المؤمن به إلاّ في حالة الزنى الروحي، لأنّ الزنى هو السبب الوحيد الّذي يفصل بين الرجل والمرأة بدخول ثالث بينهما، والزنى الروحي يفصل بين المؤمن والرب يسوع إن أدخل المؤمن ثالث بينهما، كالّذي يصلّي باسم الرب يسوع ويصلّي باسم غيره أيضاً، أو يرنّم للرب يسوع ويرنّم لغيره أيضاً، أو يطلب من الرب يسوع ويطلب من غيره أيضاً. أما الّذي يُطلّق امرأته بغير حالة الزنى فيزني إن تزوّج بأخرى، لأنّ الرابط بينهما لا يفكّه إلاّ الزنى حتى وإن افترقا في الجسد. والّذي يتزوج بمطلّقة يزني، لأنّها آية روحيّة للمؤمن الّذي يتزوّج بغير المؤمن، فيزني في الروح لأنّه جسد واحد مع غير المؤمن فيصبح غير كامل الإيمان (كورنثوس الثانية 6: 14 لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟).

الزواج هو آية روحيّة تتكلّم عن علاقة الرب يسوع الروحيّة بكنيسته، الرب يسوع هو العريس والكنيسة هي العروس، (يوحنا 3: 28 أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. 29مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ) (رؤيا 19: 9 وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفِ!») لذلك يترك المؤمن كل اهتماماته الأرضيّة ليلتصق بالرب يسوع المخلّص الوحيد للحياة الروحيّة الأبديّة، فيدخل عرس الخروف في حياة روحيّة معه وليس في عادات وواجبات أو فرائض. والطلاق هو أنّ الرب يسوع لا يترك المؤمن به إلا في حالة الزنى الروحي، لأنّه السيّد الوحيد على حياة كل مؤمن يطلب الحياة الأبديّة معه. (متى 6: 24 لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ).

10 قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!»: قال التلاميذ للرب يسوع أن هذا الكلام صعب جداً للعمل به فالأفضل للرجل ألاّ يتزوّج.

11 فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم: يقول الرب يسوع أنّ الّذي يقبل هذا الكلام هو الّذي أعطي له من فوق أن يفهمه ليقبله، لأنّ كلمة الله آيات روحيّة لا يفهمها ليقبلها إلا الّذي له حياة روحيّة مع الرب يسوع. كلمة الله روحيّة سماويّة لا يقبلها إلاّ المولود من الروح (يوحنا 3: 6 اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.) (يوحنا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ) لا يستطيع الإنسان أن يفهم ويعمل بكلمة الله الروحيّة إن لم يولد من الروح.

12 لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ»: يتكلّم الرب يسوع عن ثلاثة أسباب لعدم الزواج، فمنهم من لا يتزوّج بسبب عائق جسدي أو نفسي وُلد فيه. ومنهم من لا يتزوّج بسبب عائق يأتيه من الناس. ومنهم من لا يتزوّج ليخدم ملكوت السماوات مكرّسا حياته لخدمة كلمة الله السماويّة. من استطاع أن يقبل فليقبل أنّ من المؤمنين من لا يتزوّج لخدمة ملكوت السماوات.

13 حِينَئِذٍ قُدِّمَ إِلَيْهِ أَوْلاَدٌ لِكَيْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّيَ، فَانْتَهَرَهُمُ التَّلاَمِيذُ: آية روحيّة عن محبّة الرب يسوع للأولاد وكل الّذين فيهم بساطة قلب الأولاد، هم الّذين ليس لهم قدرة على فهم الكلمة والعمل بها. انتهر التلاميذ الأولاد الّذين قُدّموا إلى الرب يسوع لأنّ الأولاد لا يحتاجون إلى شفاء ولأنّهم لا يفهمون كلمة الرب ليأتوا إليه. فيعتقد التلاميذ أنّه ازعاج للرب يسوع دون فائدة.

14 أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ»: يعتقد التلاميذ أنّهم بالصواب فعلوا حسب فهمهم، أما الرب يسوع فقال أنّهم مخطئون، ليتعلّم المؤمن من هذه الآية أن يتبع كلمة الرب يسوع فقط ولا يعمل حسب حكمته البشريّة. يقول الرب يسوع للمؤمنين به أن يأتوا بأولادهم إلى الرب يسوع حتّى وإن كانوا لا يفهمون الكلمة الروحيّة لأنّ للأولاد ملكوت السماوات.

15 فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى مِنْ هُنَاكَ: وضع الرب يسوع يديه على الأولاد ومضى دون أن يتكلّم معهم أو يطلب منهم شيء يفعلونه كما يطلب من المؤمنين به. آية روحيّة وضع فيها الرب يسوع يديه على الأولاد ليضمن لهم حياة أبديّة دون أن يطلب منهم الإيمان. ولمثل هؤلاء ملكوت السماوات لأنّه يقبل كل مؤمن يأتي إليه ببساطة قلب الأولاد.

16 وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟»: يؤمن هذا الإنسان بأنّ الرب يسوع هو كلمة الله فدعاه المُعلّم الصالح، وأيضاً يؤمن به المخلّص فسأله ماذا يعمل ليدخل الحياة الأبديّة. هكذا يسأل المؤمن ليعرف كيف يعتمد ليصل إلى الحياة الأبديّة. إنسان يؤمن بالرب يسوع لكنه يُريد أن يعرف كيف يعتمد ليخلص. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ) يسأل المؤمن ليفهم كلمة الله الروحيّة فيعمل بها ليأخذ الحياة الأبديّة.

17 فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ: يسأل الرب يسوع كل مؤمن به إن كان يعرف أنّه الله الظاهر في الجسد فيؤمن به كلمة الله الصالح، لأنّه ليس أحد صالح إلاّ واحد وهو الله (رؤيا 19: 13 وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ، وَيُدْعَى اسْمُهُ «كَلِمَةَ اللهِ».) الإيمان الصالح هو فقط بالرب يسوع ابن الإنسان البارّ لأنّه الراعي الصالح كلمة الله الصالح (يوحنا 10: 11 أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ).

وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا»: يتكلّم الرب يسوع عن الحقّ السماوي الّذي يسمح للإنسان أن يدخل الحياة الروحيّة الأبديّة، وهو بأن يكون بارّاً بأعماله حسب الوصايا. يحقّ للإنسان الّذي يعمل بالوصايا دون خطيّة واحدة أن يدخل الحياة الأبديّة.

18 قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ: يبدأ الرب يسوع كلامه في هذه الآية عن دخول ملكوت السماوات بالأعمال، لذلك تكلّم فقط عن وصايا الأعمال الّتي في الناموس، الوصايا الست الّتي تجعل الإنسان الّذي يعمل بها باراً بأعماله. آية يقول فيها الرب يسوع أنّ المؤمن الصالح يبدأ طريقه لدخول ملكوت السماوات بالعمل في هذه الوصايا.

19 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ»: في الوصايا الأربع الأولى نهى الرب يسوع عن فعل الشرّ، وهنا يأمر بالتكريم والمحبّة. هذه هي الوصايا الست الّتي يطلب فيها الرب يسوع محبة الإنسان للإنسان. يطلب الرب يسوع من المؤمن به أن يكرم أباه وأمّه لأنّهما آية تتكلم عن محبة الله للإنسان، لأنّه كما أحبّ الله الإنسان دون مقابل، هكذا يحبّ الأب والأم أولادهما دون مقابل (يوحنا 3: 16 لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ). أحبّ قريبك كنفسك فلا تشته ما لقريبك، أي لا تنظر إلى ما لغيرك بعين الغيور فتطلب ما عنده لنفسك. قريبك هو كل محتاج إلى رحمة فلا تشهد عليه شهادة زور، ولا تشتهي ما عنده. (لوقا 10: 25 – 37 ...29قَاَلَ لِيَسُوعَ: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟» 30فَأَجَابَ يَسُوعُ... 36فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟» 37فَقَالَ: «الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا».) تعمل لكل محتاج إلى رحمة كما تعمل لنفسك. (الخروج 20: 12 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 13لاَ تَقْتُلْ. 14لاَ تَزْنِ. 15لاَ تَسْرِقْ. 16لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ. 17لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ».).

20 قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟»: قال الشاب للرب يسوع أنه منذ صغره يعمل بالوصايا الست التي ذكرها له، لكنّه مع هذا يعلم أنّ شيئاً ينقصه ليدخل الحياة الأبديّة. كل إنسان يبحث عن الخلاص يعلم أنّه خاطي حتّى وإن كان يعمل بوصايا الناموس، لأنّ خطيّة واحدة تكفي لموته في الروح، لذلك يحتاج إلى الرب يسوع ليضمن له الحياة الأبديّة. (رومية 3: 23 إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ) لذلك من يحفظ وصايا الأعمال لا يكفيه ضمان لدخول الحياة الأبدية لأنّ خطيّة واحدة تكفي لدخوله الظلمة الأبدية.

21 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي»: يقول الرب يسوع أنّ العمل بوصايا الأعمال دون ضامن لا يجعل الإنسان كاملاً لأنّه بخطيّة واحدة يفقد كماله. لذلك يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية عن الكمال للّذي يعمل بالوصيّة السابعة الّتي تشمل الأربع الوصايا الباقية، لذلك يقول في هذه الآية الروحيّة، بع في الروح كل ما لك في هذا العالم لتهتمّ بما للروح للحياة الأبديّة، فتكنز لك كنزا في السماء في العطاء الروحي لفقراء الروح وخدمة الكلمة السماويّة، واتبع الرب يسوع المخلّص الوحيد الّذي يضمن لك الحياة الأبديّة. (متى 22: 37 تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى). هذه الوصيّة تشمل الأربع الوصايا الّتي تتكلّم عن الإيمان بالرب الإله (الخروج 20: 2 (1) أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. (2) 4لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. 5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ، 6وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ. (3) 7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً. (4) 8اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. 9سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، 10وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ. 11لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ.). جاء الرب يسوع ابن الإنسان وانتصر على تجارب ابليس وأظهر برّه بأعماله كإنسان لأنّه لم يفعل ولا خطيّة واحدة، ومات ليفدي المؤمن به ويضمن له الحياة الأبديّة. لذلك يترك المؤمن كل شهوات العالم ويتبع الرب يسوع، ويعطي الفقراء الحاجة الجسديّة والروحيّة ليكنز لنفسه في السماء كنزاً أبدياً لا يفنى.

22 فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ: اختار هذا الشاب أمواله الكثيرة لحياته الجسديّة على الأرض وترك الرب يسوع المخلّص لحياته الروحيّة الأبديّة. آية روحيّة للّذين يطلبون الحياة الجسديّة في هذا العالم وأيضاً يطلبون الحياة الروحيّة الأبديّة. هكذا فعل هذا الشاب لأنّه يريد أمواله الكثيرة في هذا العالم وأيضاً يطلب من الرب يسوع كيف يدخل الحياة الأبديّة. لذلك يقول الرب يسوع في هذه الآية لكل مؤمن يطلب الدخول إلى الحياة الروحيّة أن يختار، إمّا الحياة الجسديّة بالغنى الأرضي أو الحياة الروحيّة بالغنى السماوي. آية تتكلّم عن غنى النفس وليس عن كثرة الأموال. تكلّم الرب يسوع في هذه الآية عن العشرة وصايا مختصرة بسبعة وصايا. ستة وصايا للأعمال والوصيّة السابعة للإيمان. هكذا أيضاً اختصر الوصايا العشر إلى وصيّتين في متّى 22، وصيّة للإيمان ووصيّة للأعمال (متى 22: 36 «يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».).

23 فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ!: قال الرب يسوع لتلاميذه ليقولها آية روحيّة لكل مؤمن به. يتكلم الرب يسوع بكلمة الحقّ السماوي الّذي لا يتغيّر، ويقول أنّه من الصعب أن يدخل غنيّ إلى ملكوت السماوات، لأنّه احبّ غنى الجسد في شهوات هذا العالم الّذي يزول أكثر من غنى الروح في الرب يسوع الّذي أحبّه حتى الموت لخلاصه من الدينونة الأبديّة.

24 وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!»: يقول الرب يسوع أنّه يصعب دخول الغني إلى ملكوت السماوات، لأنّ الغني يهتمّ بما له في هذا العالم أكثر من اهتمامه بكلمة الله السماويّة، لكن منهم من يترك كل شيء ويتبع الرب يسوع لذلك لم يقل مستحيل. ويقول أيضاً في هذه الآية أنّ مرور جمل من ثقب ابرة أسهل من دخول غنيّ إلى ملكوت الله. لماذا يقول ملكوت السماوات وهنا يقول ملكوت الله؟ بالإيمان يدخل الإنسان إلى ملكوت السماوات لأنّه يؤمن بالسماويّات، لكن بما صنعه الله لخلاص الإنسان يدخل المؤمن إلى ملكوت الله، لأنّه يأخذ خلاصه الروحي إلى حياة أبديّة مع الله. الإيمان هو ما يفعله الإنسان ليدخل ملكوت السماوات، والخلاص هو ما يفعله الله ليدخل الإنسان إلى ملكوت الله. المؤمن في ملكوت السماوات، والمخلّص في ملكوت الله. الدخول إلى ملكوت الله أصعب من مرور جمل من ثقب إبرة لصعوبة ما صنعه الله لخلاص الإنسان. لا يدخل ملكوت الله مؤمن غنيّ بحبّه لشهوات العالم الّذي يزول، لأنّ غنى المؤمن الصالح هو في محبّة الله الّذي اعطى الحياة الأبديّة بموت ابنه الوحيد. (متى 22: 37 تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى).

هل كلمة "أيسر" تدلّ على أنّه يسهل على الله أو يصعب عليه فعل شيء؟ صنع الله السماوات والأرض بكلمة (تكوين 1: 3- 25 وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ...) لكن الله جبل الإنسان ولم يقل "ليكن إنسان" (تكوين 2: 7 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً). وأصعب ما صنعه الله هو خلاص الإنسان الخاطي، لأنّه أرسل ابنه الوحيد ليفدي الإنسان بالموت. هذا أصعب عند الله من مرور جمل من ثقب إبرة. (فيليبي 2: 6 الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ. 7لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. 8وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.).

من هو الغنيّ الّذي لا يدخل ملكوت الله وكم قيمة ما عنده ليُقال أنّه غنيّ؟ لا يتكلّم الرب يسوع عن القيمة الماديّة الّتي يمتلكها الإنسان، لأنّ غنى الإنسان ليس فقط بكثرة المال، لذلك يتكلّم الرب يسوع عن غنى النفس وليس عما يملك الإنسان من مادّة. (متى 6: 19 لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. 20بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ، 21لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا.). يتكلّم الرب يسوع عن غنى القلب في محبّة الإنسان لشهوات العالم، أو غنى الروح في محبّة القلب لكلمة الله السماويّة. غنيّ في كثرة محبّته للعالم أو غنيّ في كثرة محبّته للرب.

25 فَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ بُهِتُوا جِدًّا قَائِلِينَ: «إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟»: كلام يصعب على الإنسان فهمه ليقبله لذلك يسأل، إذاً من يستطيع أن يخلص إن كان دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غنيّ إلى ملكوت الله؟ لأنّ الغنيّ هو كل إنسان له شيء يهمّه على الأرض، وهذا حال كل إنسان، لأنّ كل إنسان غنيّ بحبّه لنفسه على الأرض، إذاً من يستطيع أن يخلص؟ الغنى ليس بكميّة ما يملك الإنسان إنّما بكميّة حبّه لما يملك، فهل يتركه من أجل الرب يسوع؟ هل يضع نفسه من أجل الرب يسوع؟ طلب الرب يسوع وهو على الأرض في الجسد من الغنيّ أن يبيع كل ما له ويعطي الفقراء ويتبع الرب يسوع في الجسد، ليصنع آية روحيّة للّذي يتبع الرب يسوع في الروح، ليبيع المؤمن في الروح كل شيء جسدي أرضي ويهتمّ بكل شيء سماوي، فيعطي الفقراء رحمة وخدمة روحيّة ليكنز في السماء، ويتبع الرب يسوع كل حين في الروح. يقول الرب يسوع في هذه الآية انّ من أحبّ شيء أكثر منه فلا يستحقّه (متى 10: 37 مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، 38وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. 39مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.) يتكلّم الرب يسوع عن غنى الإنسان بالأب والأم والابن والابنة وبحبّه لنفسه أيضاً، لأنّهم أغلى ما عند الإنسان. لا يستطيع الإنسان أن يتبع الرب يسوع في الروح إن كان روحه في حياة العالم، لذلك يجب أن يبيع العالم في الروح ويدخل ملكوت السماوات في الروح.

26 فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ»: ينظر الرب يسوع إلى المؤمن به الّذي يسأل ليفهم كلمة الله، وليس إلى الّذي يسأل ليحارب كلمته. أجاب الرب يسوع تلاميذه ليفهم الكلمة كل مؤمن به. دخول غني إلى ملكوت السماوات غير مستطاع عند الناس بسبب الخطيّة وشهوات العالم، أمّا عند الله فكل شيء مستطاع. لكن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر عند الله من دخول الإنسان إلى ملكوته، لأنّ الإنسان الخاطي يدخل ملكوت الله بالفداء الّذي تمّ بموت ابن الله الوحيد. وأيضاً مستطاع عند الله أن يُغيّر الإنسان الّذي يُريد أن يتغيّر، فيدخل ملكوت السماوات بالإيمان بعد شفائه من أمراضه الروحيّة. فيترك المؤمن اهتمامه بالحياة الأرضيّة ويتبع الرب يسوع في الروح.

لماذا يطلب الرب يسوع من الغني أن يترك كل ما عنده للفقراء ويتبعه، ولا يطلب العُشر فقط كما في العهد القديم؟ (الاويين 27: 30) (العدد 18: 24) يطلب العُشر من المؤمن في العهد القديم لأنّه لا يعمل في الروح قبل مجيء الرب يسوع، إنّما يعمل في فرائض تدل على إيمانه بالمخلّص الّذي سيأتي، فيأخذ حياة روحيّة أبديّة بعد موته في الجسد. أمّا في العهد الروحي بعد مجيء الرب يسوع وقيامته من بين الأموات، أعطى المؤمن به حياة روحيّة معه قبل موت الجسد، لذلك يقدّم المؤمن الروحي حياته وليس فقط كل ما عنده للرب يسوع الّذي فداه وأعطاه حياة روحيّة أبديّة. قبل الحياة الروحيّة يقدّم العُشر، وبالحياة الروحيّة يقدّم كل ما له، فلا يهتمّ بما للجسد في شهوات العالم لأنّه يهتمّ بما للروح للحياة الأبديّة.

27 فَأَجَابَ بُطْرُسُ حِينَئِذٍ وَقَالَ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا؟»: تكلّم الرب يسوع في الآية السابقة عن المؤمن الّذي لا يدخل ملكوت الله، لأنّه أحبّ حياة العالم بشهواته أكثر من حبّه للرب يسوع الفادي. وفي هذه الآية يتكلّم عمّا يكون للّذي يترك شهوات العالم ليتبع الرب يسوع في الروح ويعمل حسب الكلمة السماويّة.

28 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ: آية لكل الّذين تركوا شهوات العالم وتبعوا الرب يسوع، لأنّه يتكلّم في آية روحيّة مع كل الّذين تبعوه وليس فقط الإثني عشر تلميذاً. يهوذا كان واحد من الإثني عشر ويتبع الرب يسوع لكنّه لم يدخل الحياة الأبديّة لأنّه ليس واحد من الّذين تركوا شهوات العالم. لا يتكلّم الرب يسوع عن اثني عشر تلميذاً لكنه يتكلّم عن اثني عشر كرسيّاً لإثني عشر سبطاً، كرسي إدانة لكل سبط يجلس عليه كل مؤمن أخذ خلاصه من الرب يسوع. يقول الرب يسوع لكل الّذين تبعوه على الأرض تاركين شهوات العالم، أنّهم في التجديد، أي بعد انقضاء العالم في الحياة الجديدة الأبديّة مع الرب يسوع وهو في مجده العظيم، سيجلسون على إثني عشر كرسيّ لأسباط إسرائيل الإثني عشر، كرسي إدانة لكل سبط. يجلس الجميع على كرسي إدانة السبط الواحد حتى السبط الثاني عشر. (متى 25: 31 وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.). الملائكة القدّيسين هم جميع المخلّصين، الّذين آمنوا واعتمدوا بالكلمة الروحيّة. من آمن واعتمد بالكلمة السماويّة يخلص ويأتي مع الرب يسوع لإدانة اسباط إسرائيل الإثني عشر، ومن آمن لكنّه اعتمد في حياة العالم وشهواته يأتي إلى دينونته مع اسباط إسرائيل.

29 وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ: كل مؤمن يتبع الرب يسوع في بريّة الروح، أي خارج عالم الشهوات، سيدين العالم مع الرب يسوع. وكل مؤمن يخدم كلمة الله سيأخذ أجرة عمله. لكن كل مؤمن يترك بيوتاً، أهمّ ما يملك الإنسان لحياة الجسد، أو إخوةً أو أخواتٍ أو أباً أو أماً أو امرأة أو أولاداً، أغلى ما عند الإنسان في حياته الجسديّة، أو حقولاً، عمل الإنسان لاحتياجات الجسد، يتركهم من أجل إيمانه الروحي باسم الرب يسوع، أو من أجل خدمته الروحيّة لكلمة الله، يأخذ مئة ضعف في حياة روحيّة أبديّة. كل خسارة جسديّة من أجل الرب يسوع يأخذ منه مئة ضعف في حياة روحيّة.

30 وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ: ولكن كثيرون من الّذين يظهرون أوّلون في إيمانهم أو في خدمتهم لكلمة الله أمام الناس، يكونون آخرين أمام الرب يسوع، وكثيرون يظهرون آخرون في إيمانهم أو في خدمتهم أمام الناس يكونون أوّلين أمام الرب يسوع. لأنّ الرب يسوع ينظر إلى قلب المؤمن وليس إلى ظاهره. (رؤيا 2: 23 فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبِ، وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.). هذه هي الأجرة الّتي يأخذها المؤمن الّذي يدخل ملكوت الله، أوّلون أو آخرون في الروح أمام الرب يسوع، فهي أجرة المؤمن حسب إيمانه وخدمته للكلمة، بحسب وزناته، أي حسب قدرته على العمل وليس حسب كميّة العمل الّذي قام به (متى 25: 15 فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ) الأقرب في الروح من الرب يسوع وهو على الأرض، يكون الأول في الروح إلى الأبد مع الرب يسوع في السماء. والأبعد في الروح من الرب يسوع على الأرض يكون الآخر في السماء. (متى 13: 8 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ) يأخذ الإنسان أجرة هذا الثمر حسب استخدامه لقدرته، مئة بالمئة من قدرته، وستين بالمئة من قدرته، وثلاثين بالمئة من قدرته، وهذه الأجرة هي في مكانه الأول أو الآخر أمام الرب يسوع في الروح إلى الأبد.

 

بقوّة الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح كلمة الله، وعمل الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content