تفسير متى 16 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 16

تفسير إنجيل متّى

الأصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

1وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ. 2فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا كَانَ الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ. 3وَفِي الصَّبَاحِ: الْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ. يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ، وَأَمَّا عَلاَمَاتُ الأَزْمِنَةِ فَلاَ تَسْتَطِيعُونَ! 4جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ». ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَمَضَى.

5وَلَمَّا جَاءَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعَبْرِ نَسُوا أَنْ يَأْخُذُوا خُبْزًا. 6وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْظُرُوا، وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ». 7فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا لَمْ نَأْخُذْ خُبْزًا». 8فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ أَنَّكُمْ لَمْ تَأْخُذُوا خُبْزًا؟ 9أَحَتَّى الآنَ لاَ تَفْهَمُونَ؟ وَلاَ تَذْكُرُونَ خَمْسَ خُبْزَاتِ الْخَمْسَةِ الآلاَفِ وَكَمْ قُفَّةً أَخَذْتُمْ؟ 10وَلاَ سَبْعَ خُبْزَاتِ الأَرْبَعَةِ الآلاَفِ وَكَمْ سَّلاً أَخَذْتُمْ؟ 11كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ أَنِّي لَيْسَ عَنِ الْخُبْزِ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ تَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ؟» 12حِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْخُبْزِ، بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ.

13وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» 14فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 15قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» 16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!». 17فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ». 20حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ.

21مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ. 22فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: «حَاشَاكَ يَارَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!» 23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَاشَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».

24حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، 25فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. 26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ 27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. 28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ».

 

1 وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ: الفرّيسيّون والصدّوقيّون هم طوائف يهوديّة لكل طائفة إيمانها الخاص بها، يأخذون من المكتوب ويزيدون عليه أو يحذفون منه حسب تعاليم الشيوخ في عادات وتقاليد أرضيّة. لذلك تعاليمهم غير صالحة لخلاص الإنسان (متى 16: 12 حِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْخُبْزِ، بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ). هم خدّام ابليس المُجرّب، لذلك أتوا إلى الرب يسوع ليُجرّبوه (متى 4: 1 ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ.) إبليس هو المجرّب، يستخدم الإنسان الّذي لا يعمل فقط حسب كلمة الله في المكتوب.

فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ: سألوا الرب يسوع أن يُعلن لهم عن سرّ من اسرار ملكوت السماوات، لأنّ الآية السماويّة هي فعل أرضي يتكلّم عن سرّ سماوي يعلنه الرب يسوع للمؤمن به (متى 13: 10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ).

2 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا كَانَ الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ: آية يقول فيها الرب يسوع أنّهم يبصرون بعين الجسد ويميّزون وجه السماء، لكنّهم في الروح لا يبصرون الحياة السماويّة.

3 وَفِي الصَّبَاحِ: الْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ: ينظرون بعين الجسد فيعرفون إن كان صحو أم شتاء، أمّا في الروح فهم عميان لأنّهم يطلبون آية من السماء وهم واقفون أمام الرب يسوع ولا يفهمون أنّه هو الآية السماويّة الّذي جاء حسب النبوّات. يعرفون أن يميّزوا وجه السماء في المساء وفي الصباح، لكنّهم لا يفهموا في الروح ليميّزوا المساء والصباح في ملكوت السماوات، لأنّهم لم يفهموا النبوّات الروحيّة الّتي تتكلّم عن ظلمة الروح ونور المسيح لخلاص الروح. (أشعياء 9: 2 اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ).

يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ، وَأَمَّا عَلاَمَاتُ الأَزْمِنَةِ فَلاَ تَسْتَطِيعُونَ!: أعمى الروح يفهم كلمة الرب جسديّة ولا يفهمها روحيّة، لذلك يعرف أن يميّز وجه السماء فيفهم النبوّات السماويّة على أنّها أرضيّة ستتمّ حسب الجسد، لكنّه لا يعرف أن يميّز أعماق السماوات لأنّه مولود من الجسد وليس من الروح، فلا يستطيع أن يميّز علامات الأزمنة الّتي تمّت فيها النبوّة لأنّها نبوّات روحيّة. لذلك جاء المسيح ولم يعرفوه. وجه السماء هو كلمة الرب الظاهرة بأمثال جسديّة، وملكوت السماوات هو الأسرار المخفيّة في هذه الأمثال. هم مراؤون لأنّهم أتوا إليه ليجرّبوه وليس ليتحقّقوا إن كان هو المسيح حسب النبوّات. الحكمة الجسديّة لا تصلح للحياة الروحيّة لأنّها تزول بموت الجسد، أمّا الحكمة الروحيّة فهي بالعمل فقط حسب كلمة الرب في حياة روحيّة لا تزول. المعنى الروحي لهذه الآية هو أنّ من يميّز وجه السماء هو من يفهم كلمة الرب سطحيّة، أي جسديّة. والّذي يميّز علامات الأزمنة هو الّذي يفهم في الروح لأنّه يفهم أنّ الرب يسوع هو المسيح ابن الله الّذي جاء حسب النبوّات لخلاص الروح. جسدياً يستطيعون أن يميزوا وجه السماء لكن روحياً لا يستطيعون أن يميزوا كلمة الله. هم مراؤون لأنهم أتوا إلى الرب يسوع يطلبون آية ليجرّبوه وليس لأنّهم يحتاجون إلى آية كما يُظهرون. علامات الأزمنة هي الأزمنة الّتي تمّت فيها النبوّات لأنّها علامة على مجيء المسيح (أشعياء 35: 5 حِينَئِذٍ تَتَفَقَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ. 6حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ، لأَنَّهُ قَدِ انْفَجَرَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ مِيَاهٌ، وَأَنْهَارٌ فِي الْقَفْرِ). تمّت النبوّة في زمن مجيء المسيح (متى 11: 4 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: 5اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. 6وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».).

4 جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً: جيل خاطي يطلب سرّاً من أسرار ملكوت السماوات. الجيل الشرّير الفاسق هو جيل كل إنسان خاطي مولود من الجسد ولم يولد من الروح القدس، هو جيل الّذين لم يأخذوا الخلاص الروحي من الرب يسوع البارّ. (يوحنا 3: 3 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ). (يوحنا 3: 6 اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.) المولود من الجسد هو من الجيل الشرّير الفاسق لأنّه خاطي. والمولود من الروح هو من الجيل البارّ بالإيمان لأنّه آمن واعتمد حسب كلمة الرب يسوع ابن الإنسان البارّ بأعماله.

وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ»: لا يفهم الإنسان كلمة الله لأنّها أسرار ملكوت السماوات، المكتوبة في آيات روحيّة مخفيّة في الأمثال الأرضيّة، لذلك لا يفهمها إلاّ من أعطي له من فوق ليعمل بها. لذلك يقول الرب يسوع أنّ آية يونان هي الآية الوحيدة الّتي تُعطى لهذا الجيل الخاطي، فيؤمن أوّلا بالرب يسوع الّذي دفع ثمن الخطيّة حسب نبوّة يونان، لأنّها آية تتكلّم عن موت الرب يسوع وقيامته، ثمّ يُعطى جميع الآيات السماويّة بعد إيمانه بموت الرب يسوع وقيامته ليعمل بها في الروح. (متى 12: 40 لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال).

ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَمَضَى: آية يقول فيها الرب يسوع أنّه يترك ويبتعد عن كل إنسان يأتي إليه ليجرّبه، فلا يُشفى من أمراضه الروحيّة ولا يأخذ منه الخلاص. إبليس هو المُجرّب لذلك كل إنسان يأتي إلى الرب يسوع ليجرّبه هو من أولاد إبليس. (يوحنا 8: 44 أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا). كيف يأتي الإنسان إلى الرب يسوع ليجربه؟ يأتي إليه مجرّباً الكلمة في خدّامه، لذلك يرفضه الرب ولا يمنحه الشفاء الروحي، فلا يفهم أهميّة الكلمة الروحيّة لحياته الأبديّة لأنّه مريض الروح ولا يطلب الشفاء، إنّما يحارب الكلمة في خدّام الرب يسوع. فيتركه الرب يسوع وينصرف في خدّامه ليشفي من يسمع الكلمة ويطلب الحقّ السماوي. (متى 4: 7 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ».).

5 وَلَمَّا جَاءَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعَبْرِ نَسُوا أَنْ يَأْخُذُوا خُبْزًا: يستخدم الرب يسوع تلاميذه ليصنع آيات سماويّة يتعلّم منها المؤمن في حياته الروحيّة. جاء التلاميذ إلى العبر ليأتوا إلى الرب يسوع لكنّهم نسوا أن يأخذوا معهم خبزاً للطريق.

6 وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْظُرُوا، وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ»: يقول الرب يسوع في هذه الآية لكل مؤمن به أن ينظر بنفسه ويتحقق من التعليم الروحي قبل أن يعمل به، لأنه يوجد تعاليم خاطئة من مُعلّمين يُعلّمون تقاليد الناس وليس كلمة الله الروحيّة. (متى 15: 6 فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ!).

7 فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا لَمْ نَأْخُذْ خُبْزًا»: لم يفهم التلاميذ الآية الروحيّة من المثل الّذي قاله الرب يسوع، لأنّ المؤمن في بداية إيمانه لا يفهم كلمة الله روحيّة لأنّه يفهمها جسديّة حرفيّة.

8 فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ أَنَّكُمْ لَمْ تَأْخُذُوا خُبْزًا؟: يكلّم الرب يسوع تلاميذه وكل مؤمن به لا يفهم كلمة الرب روحيّة، لذلك يقول أنّه قليل الإيمان كل مؤمن يتبعه ويهتم بما للجسد.

9 أَحَتَّى الآنَ لاَ تَفْهَمُونَ؟ وَلاَ تَذْكُرُونَ خَمْسَ خُبْزَاتِ الْخَمْسَةِ الآلاَفِ وَكَمْ قُفَّةً أَخَذْتُمْ؟: آية يتكلّم بها الرب يسوع مع تلاميذه ومع كل مؤمن يضعف إيمانه، فيتذكّر قوّات صنعها به وبغيره من المؤمنين (متى 14: 19-20). هذه آية لكل مؤمن لا يفهم حتى الآن أن كلمة الرب سماويّة لحياة روحيّة، ليست أرضيّة لحياة جسديّة كما فهمها التلاميذ. ضعيف الإيمان هو الّذي لا يذكر في وقت ضيقه أنّ الرب يسوع نجّاه في الماضي من ضيقات كثيرة.

10 وَلاَ سَبْعَ خُبْزَاتِ الأَرْبَعَةِ الآلاَفِ وَكَمْ سَّلاً أَخَذْتُمْ؟: (متى 15: 36) الآية الثانية الّتي أطعم بها الرب يسوع الأربعة آلاف، الّتي صنعها بقوّة سماويّة لأنّها آية روحيّة لإشباع كل مؤمن به في الروح.

11 كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ أَنِّي لَيْسَ عَنِ الْخُبْزِ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ تَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ؟»: كيف لا تفهمون أنّ كلمة الرب يسوع روحيّة، لا يتكلّم فيها عن أمور جسديّة، لأنّه يتكلّم بأمثال أو بأعمال جسديّة ليصنع بها آيات روحيّة، فيها أسرار ملكوت السماوات يعمل بها المؤمن في حياة روحيّة. (يوحنّا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، 64وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ».).

12 حِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْخُبْزِ، بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ: فسّر الرب يسوع لتلاميذه معنى المثل لذلك فهموا أنه يتكلّم عن التعاليم الخاطئة وليس عن خمير الخبز. آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّ الكلمة السماويّة هي أمثال أرضيّة تحتاج إلى تفسير روحي من الرب يسوع ليعمل بها المؤمن في حياة روحيّة. يفسّر الرب يسوع كلمته لتلاميذه لأنّهم خدّام الكلمة السماويّة الّذين اختارهم بنفسه لتعليم الكلمة الروحيّة.

13 وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»: آية أخرى يتكلّم بها الرب يسوع عن ملكوت السماوات، فيقول أنّ من يعرف الرب يسوع ابن الإنسان يدخل ملكوت السماوات، ومن لا يعرف من هو الرب يسوع ابن الإنسان لا يدخل ملكوت السماوات. لماذا يقول "إني أنا ابن الإنسان؟" ولم يقل "من يقول الناس إنّي أنا؟" لأنّه هو الله في الروح وهو ابن الإنسان في الجسد، لذلك هو يسأل عن شخصه كإنسان، المخلّص من الموت الروحي بموت ابن الإنسان وقيامته.

14 فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ»: هؤلاء هم الّذين يؤمنون به أو يعرفونه كواحد من الأنبياء، لأنّهم يعرفون أنّه ابن الإنسان لكنّهم لا يعرفونه أنّه أيضاً ابن الله، لأنّهم يعملون حسب حكمتهم الأرضيّة وليس حسب المكتوب، فلا يعرفونه مولود من إنسان وأيضاً من الروح القدس. التعاليم الخاطئة تقود الإنسان إلى الدينونة الأبديّة لأنّه يتبع دون أن يفتّش الكتب. فقط بالعمل في المكتوب يضمن المؤمن لنفسه حياة أبديّة لأنّ المكتوب هو كلمة الله الروحيّة (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.).

15 قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟»: هل يعرف المؤمن من هو الرب يسوع؟ هل يعرفه كما يقول الناس أنّه واحد من الأنبياء؟ أم يؤمن به المسيح ابن الله الحيّ؟

16 فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!»: المؤمن الّذي يسمع كلمة الله ويعمل بها يعرف من هو الرب يسوع المسيح ابن الإنسان. المسيح هو إنسان ممسوح من الله لعمل مُقدّس، وابن الله الحيّ هو ابن الإنسان الحيّ في الجسد والروح لأنّه لم يفعل خطيّة، لذلك مات وقام من بين الأموات، فهو الإنسان الوحيد الحيّ إلى الأبد ببرّ أعماله لأنّه لم يفعل خطيّة. أمّا الخاطي فيأخذ منه حياة أبديّة بالتوبة عن الخطيّة والإيمان بابن الله الحيّ. الرب يسوع هو ابن الله الحيّ لأنّه كلمة الله الّتي لا تزول ولا تتغيّر.

17 فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا: يتكلّم الرب يسوع مع كل مؤمن بمفرده ويُناديه باسمه، ليقول في هذه الآية أنّه في علاقة شخصيّة مع كل مؤمن به يعترف أنّه ابن الإنسان وأيضاً ابن الله الحيّ. لأنّ كثيرين يظنّون أنّهم يعرفون الرب يسوع، لكن الرب يسوع لا يعرفهم لأنّهم لم يؤمنوا به حسب كلمته في المكتوب. آية روحيّة تقول أنّ العلاقة بين المؤمن والرب يسوع هي علاقة شخصيّة وليست علاقة جماعيّة، أي ليست حسب المجموعة الّتي ينتمي إليها الإنسان، لأنّ الرب يسوع ينادي كل مؤمن باسمه.

إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ: لا يعلن الإنسان للمؤمن عن أسرار ملكوت السماوات حتّى وإن فسّر له معنى الآية الروحيّة، لأنّ الإعلان هو حقيقة يعيشها المؤمن وليست فقط معلومة يعرفها. لذلك الآب السماوي يعلن للمؤمن الصالح عن أسرار ملكوت السماوات بعد تفسيره للآيات بواسطة خدّامه، فيعمل بها المؤمن في حياة روحيّة. لذلك يقول في هذه الآية أن الناس يعرفون ويفهمون كلمة الرب حرفيّة في أعمال جسديّة، لأنّهم يعرفون الرب يسوع من خلال أعماله الجسديّة على الأرض فيقولون أنّه واحد من الأنبياء، لكنّهم لا يؤمنون به في الروح حسب المكتوب، كما يؤمن بطرس ويعرف أنّها آيات روحيّة لحياة أبديّة، يعلنها الآب السماوي لكل مؤمن يعمل بكلمة الله.

لماذا سأل الرب يسوع في عدد 13 كل التلاميذ عمّا يقول الناس أنه هو، فأجابوه كلّهم في عدد 14، لكن أجاب بطرس فقط في عدد 16 عندما سألهم كلّهم في عدد 15 عمّا يقولون هم أنه هو؟ لأنّها آية تقول أنّ المؤمن وغير المؤمن يستطيع أن يُجيب عمّا يسمع من الناس، لكن المؤمن الّذي يعلن له الآب السماوي يستطيع أن يُجيب عن نفسه فقط، لأنّ علاقة المؤمن بالرب يسوع هي علاقة شخصيّة بينه وبين الرب الّذي يعرف قلب المؤمن به. يهوذا كان مع الرب يسوع كباقي التلاميذ ويستطيع أن يقول معهم ماذا يسمع من الناس، لكنّه لا يستطيع أن يقول أنّ الرب يسوع هو المسيح ابن الله الحي لأنّه لم يعتمد حسب كلمة الرب، لأنّ القول ليس بالكلام إنّما بالعمل في حياة روحيّة مع الرب يسوع.

18 وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ،: آية يقول فيها الرب يسوع أنّ الآب السماوي يعلن للمؤمن فيعرف من هو الرب يسوع ابن الإنسان، ليعلن له ابن الإنسان أنّ اسمه بطرس، حجر روحي حيّ في كنيسة الرب الروحيّة للحياة الأبديّة. (بطرس الأولى 2: 4 الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَرًا حَيًّا مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ، 5كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.).

وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي: الرب يسوع هو الصخرة (كورنثوس الأولى 10: 4 وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيح). وهو أيضاً حجر الزاوية، والمؤمنون به الّذين يعملون حسب كلمته هم حجارة الكنيسة المبنيّة مستقيمة حسب استقامة حجر الزاوية. تُبنى الكنيسة على الصخرة، أي على كلمة الرب يسوع في المكتوب، وحسب حجر الزاوية لأنّ الرب يسوع هو ابن الإنسان الّذي أكمل كل برّ بأعماله، فيتشبّه به كل مؤمن يبني في كنيسة الرب. (أفسس 2: 20 مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ، 21الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ. 22الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا ِللهِ فِي الرُّوحِ).

وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا: أبواب الجحيم هي الخطايا، بفعلها يدخل الإنسان إلى الجحيم. هذه الأبواب لن تقوى على كنيسة الرب يسوع المبنيّة على كلمة الحقّ السماوي في برّ الرب يسوع الفادي، الّذي دفع ثمن الخطيّة بموته وقيامته ليغفرها للمؤمن به، وليمنح المؤمن به حياة أبديّة بالبرّ الّذي أكمله بأعماله كإنسان فلا تقوى عليه أبواب الجحيم. لذلك فقط من يعمل بكلمة الرب يسوع، فقط حسب المكتوب، هو من كنيسة الرب يسوع ولا تقوى عليه أبواب الجحيم.

19 وَأعْطِيكَ مَفاَتيِحَ مَلكُوتِ السَّمَاوَاتِ: آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه يعطي أسرار ملكوت السماوات لكل تلميذ يختاره ليفتح أمام الناس باب ملكوت السماوات. المفاتيح هي أسرار ملكوت السماوات لأنّها الآيات الروحيّة في كلمة الرب، يستخدمها خادم الرب ليفتح بها ملكوت السماوات أمام كل إنسان يبحث عن الحقّ السماوي. (متى 15: 36 وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ.). مفاتيح كثيرة لملكوت واحد لأنّها الآيات الروحيّة التي صنعها الرب يسوع على الأرض بأمثال وأعمال جسديّة، ليُعلن في تفسيرها عن أسرار ملكوت السماوات. لذلك أعطى الرب يسوع تلاميذه مفاتيح الآيات السماويّة لتفسيرها روحيّة. (متى 13: 10 فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ). لماذا يقول الرب أنّها مفاتيح؟ لأنّ خادم الرب يسوع يفتح بها باب ملكوت السماوات فقط، والّذي يسمع هو يختار أن يدخل من الباب المفتوح أو يرفض الدخول حسب الحريّة الّتي أعطاها الله للإنسان.

فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تحُلُّه عَلىَ الأرْضِ يكُونُ مَحْلوُلا فيِ السَّمَاوَاتِ: كل مؤمن يُعلن له الآب السماوي، وليس من تعلن له نفسه أو إنسان، يُعطيه الرب يسوع مفاتيح ملكوت السماوات فيربط أو يحل في حياته الروحيّة حسب الكلمة السماويّة، وليس في حياة الآخرين (متى 7: 1 لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا). كل ما يربطه أو يحله المؤمن هو حقّ معلن له من الله في الآيات السماويّة حسب المكتوب، لذلك يكون مربوطاً أو محلولاً أيضاً في السماوات. يحل أو يربط المؤمن في علاقته بالآخرين كما قال الرب يسوع في المثل المكتوب في متى 18: 15. يربط في علاقة جيدة مع الآخرين حسب كلمة الرب الروحيّة، أو يحل هذه العلاقة أيضاً بحسب كلمة الله (متى 18: 17 وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ.) مربوط أيضاً في السماوات كالوثني والعشّار لأنّه لم يستجب لكلمة الرب في علاقته مع المؤمنين.

20 حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ: يوصي الرب يسوع في هذه الآية كل مؤمن يتبعه بأن لا يتكلّم عنه قبل إيمانه أوّلاً بموت الرب يسوع وقيامته، لأنّ الخاطي لا يتكلّم عن مخلّصه قبل خلاصه هو أوّلاً، فيختبر ويفهم ما هو الخلاص قبل أن يتكلّم به، لأنّ الخلاص هو حياة روحيّة لا يفهمها إلاّ الّذي قام من الموت الروحي. (يوحنّا 3: 3 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ».). (متى 12: 39 فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ.) قبل أن يتكلّم الإنسان عن الرب يسوع يجب أن يولد أوّلاً من الروح بقبوله أولاً آية يونان الّتي تتكلّم عن موت وقيامة الرب يسوع. (يوحنّا 3: 6 اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.).

21 مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ: من الوقت الّذي يعلن به الآب السماوي للمؤمن عن حقيقة الرب يسوع ابن الإنسان، فيؤمن به ابن الله الحيّ، ويعطيه مفاتيح ملكوت السماوات ليفهم الكلمة الروحيّة، يبدأ في إظهار الحقيقة الروحيّة الّتي جاء من أجلها، وهي أنّه ينبغي أن يذهب أوّلاً إلى أورشليم ليتألّم من خدّام الناموس، لأنّهم لم يفهموا كلمة الله الروحيّة، ويُقتل وفي اليوم الثالث يقوم كما تكلّمت عنه آية يونان النبيّ. يوصي الرب يسوع في هذه الآية كل مؤمن به، فلا يتكلّم عنه قبل أن يفهم كلمة الرب الروحيّة، ويؤمن بأنه تألم ومات وقام في اليوم الثالث لخلاص الخاطي من الدينونة الأبديّة. لأنّه باطل كل من يتكلّم عن الرب يسوع دون الإيمان الروحي الصحيح.

22 فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: «حَاشَاكَ يَارَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!»: آية روحيّة لكل مؤمن لا يعمل فقط حسب كلمة الرب في المكتوب. بطرس محدود العقل لأنّه إنسان جسدي، يؤمن بالرب يسوع ابن الله الحيّ، لكنّه لا يفهم عمل الرب يسوع لخلاص الإنسان في الروح. لذلك أخذ الرب يسوع إليه وابتدأ ينتهره في حكمة بشريّة ويقول أنّ الرب العظيم لا يتألّم ولا يُقتل من إنسان. هذا يقوله غير المؤمن أو المؤمن الجسدي الّذي لا يعمل حسب كلمة الرب الروحيّة في المكتوب، ظانّاً أنّه يتكلّم بالتواضع والحقّ.

23 فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَاشَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي: يرفض الرب يسوع كل مؤمن يتكلّم عنه من غير المكتوب، ويقول أنّه شيطان حتّى وإن كان يتكلّم في تواضع ومحبّة. لأنّ كل كلمة من غير المكتوب هي من الشيطان وفيها معثرة لعمل الخلاص في الّذي يسمع.

لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ»: (العبرانيين 2: 14 فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ). مات الرب يسوع ليقوم من بين الأموات ويبطل سلطان الموت الروحي عن كل مؤمن به في الروح، أي يبطل سلطان الخطيّة لأنّ أجرة الخطيّة موت. لذلك من يهتم بما للناس هو الّذي يتكلّم بحكمة الناس الجسديّة، ولا يهتم بما لله بحسب كلمة الله الروحيّة. لذلك يجب على المؤمن أن يُطيع الله بحسب الكلمة الروحيّة وليس بحسب حكمته البشريّة، فلا يأتي إلى الدينونة الأبديّة بسبب جهله. (متى 11: 27 كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ).

24 حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي يقول الرب يسوع لتلاميذه ليقولها لكل مؤمن به، لأنّ الرب يسوع يتكلّم في آيات سماويّة للحياة الروحيّة لكل مؤمن به. يقول الرب يسوع في هذه الآية أنّ حرّية الاختيار هي للإنسان، لكن إن اختار أن يتبعه فيجب أن يتبعه فقط حسب كلمة الرب في المكتوب، وليس حسب حكمته الأرضيّة أو عادات وتقاليد الناس. لذلك من اختار أن يتبع الرب يسوع يجب أن يُنكر نفسه، أي ينكر أفكاره وحكمته الأرضيّة، فلا يزيد ولا يحذف حرف واحد من كلمة الرب حسب فهمه، بل يتواضع أمام كلمة الله ويسمع الكلمة من خدّام الرب يسوع الّذين يخدمون فقط حسب كلمة الله في المكتوب. ويحمل صليبه فيتبع الرب يسوع عاملاً بالكلمة الروحيّة تاركاً شهوات العالم. (غلاطية 5: 24 وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. 25إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. 26لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا.) من يحمل صليبه هو الّذي يعمل بالمحبّة ناكراً نفسه وحقّه من أجل الرحمة كما فعل الرب يسوع من أجل الإنسان.

25 فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا: من أراد أن يخلّص نفسه حسب حكمته البشريّة وليس فقط حسب حكمة الرب السماويّة في المكتوب، كما فعل بطرس في هذه الآية حتّى وإن كان في تواضع أمام الرب، فهو يهلك نفسه في دينونة أبديّة.

وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا: من يهلك نفسه في الحياة الأرضيّة من أجل كلمة الرب السماويّة، فينكر أفكاره وشهواته في هذه العالم ليخدم ويعمل فقط حسب كلمة الرب الروحيّة، فيجد نفسه في الحياة الأبديّة مع الرب يسوع.

26 لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟: ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه في الجسد الّذي يزول، وخسر نفسه الروحيّة في دينونة أبديّة؟ الإنسان الحكيم هو الّذي يعمل ليربح ما لا يزول، فيعمل ليربح الخلاص الأبدي لنفسه، ولا يهتمّ بشهوات الجسد الّذي يزول في هذا العالم.

أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟: ماذا يُعطي الإنسان ليفدي نفسه من الموت الأبدي؟ أجرة الخطيّة موت روحي فكيف يفدي الميّت في الروح نفسه ليأخذ حياة أبديّة؟ الفداء يتم عندما يقدّم الإنسان ثمن يساوي أو يزيد على ثمن الّذي يفديه، فكيف يفدي نفسه وهو لا يملك ما يعادل قيمة نفسه ليفديها. لذلك لا فداء إلاّ بالرب يسوع البارّ، الحيّ الّذي قدّم نفسه من أجل الأموات في الروح، لذلك هو وحده يستطيع أن يفدي كل أموات الروح، لأنّ جميع الأموات مهما كان عددهم لا يعادل قيمة حي واحد.

27 فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ واحدٍ حسَبَ عملهِ: من يؤمن بكلمة الرب يؤمن أن ابن الإنسان، الرب يسوع في الجسد، سيأتي مرّة ثانية لكن بقوّة روح الآب السماوي، لأنّه جاء في المرّة الأولى بقوّة المحبّة في ضعفه كإنسان لأنّه أخلى نفسه ليصنع الخلاص للإنسان. (فيليبّي 2: 6 الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ. 7لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. 8وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.) أمّا في مجيئه الثاني فسيأتي بقوّة روحه القدّوس مع ملائكته ليدين الخطاة كل واحد حسب أعماله، وأيضاً ليُجازي ملائكته، الّذين آمنوا واعتمدوا حسب كلمة الرب، كل مؤمن به حسب خدمته وعمله بالكلمة. هذه أجرة المؤمن السماويّة لأنّه أنكر نفسه وحمل صليبه وتبع الرب يسوع على الأرض.

28 اَلحَقَّ أقَوُلُ لكُمْ: إنَ مِنَ الْقِيَامِ ههُناَ قَوْمًا لا يذَوُقوُنَ الْمَوْتَ حَتىَّ يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ: هذا هو الخلاص الروحي قبل موت الجسد. إنّ من القيام ههنا على الأرض مؤمنين لا يذوقون الموت الجسدي حتى يروا في الروح الرب يسوع آتياً في ملكوته إلى حياتهم على الأرض. الّذي يذوق الموت هو الّذي يموت في الجسد ولا يموت في الروح لأنه في الروح مع الرب يسوع في حياة أبديّة. والّذي يموت هو الّذي يموت في الجسد والروح لأنه لم ير الرب يسوع آتياً عليه في ملكوته، أي لم يأخذ خلاصه ليقوم من موته الروحي بسبب الخطيّة. كل مؤمن يأخذ ولادة جديدة يرى الرب يسوع في الروح آتياً في ملكوته السماوي وليس في العالم الجسدي، فيفهم الكلمة الروحية في آيات سماويّة وليس في أمثال جسديّة أرضيّة.

 

باسم الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح، وقوّة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content