تفسير متى 15 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 15

تفسير إنجيل متّى

الأصحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

 

1حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: 2«لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزًا؟» 3فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ أَيْضًا، لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ؟ 4فَإِنَّ اللهَ أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا. 5وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. 6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً:

8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».

10ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا وَافْهَمُوا. 11لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ». 12حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَقَالُوالَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا الْقَوْلَ نَفَرُوا؟» 13فَأَجَابَ وَقَالَ: «كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ. 14اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ». 15فَأَّجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضًا حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ 17أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ؟ 18وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، 19لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ. 20هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا الأَكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».

21ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». 27فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». 28حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.

29ثُمَّ انْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى جَانِب بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. 30فَجَاءَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ، وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ 31حَتَّى تَعَجَّبَ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوْا الْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ، وَالشُّلَّ يَصِحُّونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ. وَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيلَ.

32وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ» 33فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعًا هذَا عَدَدُهُ؟» 34فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ وَقَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ». 35فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، 36وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ. 37فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ سَبْعَةَ سِلاَل مَمْلُوءَةٍ، 38وَالآكِلُونَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفِ رَجُل مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ. 39ثُمَّ صَرَفَ الْجُمُوعَ وَصَعِدَ إِلَى السَّفِينَةِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ مَجْدَلَ.

 

1 حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: الكتبة والفرّيسيّون هم مُعلّمو الناموس، الّذين من أورشليم، أي رأس التعليم اليهودي للعهد القديم.

2 «لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ: آية روحيّة للّذين يتبعون تقاليد الشيوخ ووصايا الناس متجاهلين كلمة الرب في المكتوب. كتبة وفرّيسيّون من أورشليم لكنّهم مراؤون يعلّمون تعاليم خاطئة. يرفضون تعدّي المؤمن لتقليد الشيوخ، ولا يرفضون التعدّي على وصايا الله، جاعلين من تقاليدهم فرائض روحيّة. لذلك هم عثرة للّذين يتبعونهم، لأنّ الّذي يتبع الرب يسوع يعمل فقط حسب كلمة الرب يسوع في المكتوب، ولا يعمل حسب تقاليد وعادات أرضيّة.

فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزًا؟»: فرائض جسديّة لسلامة الجسد ليس لها علاقة بسلامة الروح، لكن جهل الإنسان لكلمة الرب لأنّه يتبع تعاليم ووصايا الناس رافضاً فحص تعاليمهم بالمكتوب، يجعله يعمل في فرائض جسديّة ظاناً أنّها روحيّة. فيخسر فرصة الخلاص عند موت الجسد ويأتي إلى الدينونة الأبديّة. يحذّر الرب يسوع في هذه الآية من ضياع الفرصة في عادات وتقاليد جسديّة من صنع الإنسان. فلا يتبع المؤمن معلّمون يتكلّمون عن تطهير الجسد الّذي يزول، حتّى وإن كانوا من أورشليم. بل يتبع الرب يسوع الّذي يتكلّم عن تطهير الروح للحياة الأبديّة، لأنّ الرب يسوع هو كلمة الله السماوي لخلاص الروح، يتبعه المؤمن فقط حسب المكتوب لأنّه خبز الحياة الروحية للحياة الأبدية.

3 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ أَيْضًا، لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ؟:   يُجيب الرب يسوع أنّ تلاميذه يتعدّون تقاليد الشيوخ، لكن الكتبة والفرّيسيّون يتعدّون وصايا الله. لأنّهم يهتمّون بالتقاليد الجسديّة التي وضعها الإنسان، والرب يسوع يهتمّ بكلمة الله الروحيّة. آية روحيّة لكل مؤمن يتبع الرب يسوع، ليعمل بكلمة الرب فقط حسب المكتوب وليس بتقاليد الشيوخ.

4 فَإِنَّ اللهَ أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا: أوصى الله الإنسان ليكرم أباه وأمّه لأنّ الله يخلق الإنسان مستخدماً الأب والأم، فقد جعلهما شركاء معه في خلق الإنسان. وكما أحب الله الإنسان وبذل ابنه الوحيد لخلاصه دون مقابل، هكذا جعل الله محبّة الأب والأم لأولادهم دون مقابل. لذلك من يشتم أبأً أو أماً فليمت موتاً.

5 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ: مراؤون، يعملون باسم الرب لمجد أنفسهم وليس لمجد الرب، يحذفون من كلمة الرب ويزيدون عليها كما يشاؤون، فيُضلّوا من يتبعهم بوصيّة جسديّة تُبطل وصيّة الله السماويّة. يقولون: من قدّم لأباه أو أمّه هديّة، يستطيع أن يتعدّى وصيّة الله ولا يُكرم أباه أو أمّه. قربان يعني هديّة. (مرقس 7: 11 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي).

6 فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ!: كثيرون اليوم أيضاً يُبطلون وصيّة الله بسبب تقاليد وجهل القدماء، فيُبطلون ما يقوله الرب يسوع في الكلمة السماويّة للحياة الروحيّة، ليعملوا في عادات وتقاليد من صنع الإنسان، أو في تفاسير جسديّة لا تصلح للحياة الروحيّة، لأنّها ليست من الرب الّذي يختار تلاميذه لهذا العمل، إنّما هي من اجتهاد الإنسان في حكمة بشريّة أرضيّة.

7 يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: هم مراؤون أمام الله لأنّهم لا يعملون بوصيّة الله لكنّهم يشتكون على من لا يعمل بتقاليد الناس. مراؤون لأنّهم يرفعون أنفسهم فوق الجميع وهم يُطيعون وصايا الناس أكثر من وصايا الله. والله العالم بكل شيء جعل إشعياء يتنبأ عنهم وعن كل الّذين يعملون في تقاليد ووصايا الناس، تاركين كلمة الله المكتوبة بقوّة الروح القدس، الّتي كتبها خدّام اختارهم الرب لهذا العمل.

8 يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا: إيمان بلا اعتماد. مؤمن يكرم الله بالكلام لكن لا يعمل بكلمة الله، لأنّه يعمل بتعاليم وتقاليد الناس ولا يريد أن يعمل حسب كلمة الله في المكتوب، لأنّ همّه في إرضاء الناس الّذين يتبعهم، فأغمض عينيه عن كلمة الله كي لا يرى أخطاءهم، لأنّه يرفض ترك قادته من أجل الحقّ الّذي يشهد عن أخطائهم. لأنّ همّه ليس في إرضاء الله، بل الناس. (يوحنا 5: 39 فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.) (مرقص 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ). العمل بكلمة الله يبدأ من القلب، لأنّه عمل المحبّة والرحمة. لذلك يقول أنّ هذا الشعب يكرم الله بكلامه فقط، أمّا قلبه فهو لمحبّة العالم وشهواته.

9 وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ»: عبادة باطلة لأنّ تعاليمهم باطلة من صنع الإنسان. أمّا المؤمن الصالح فيعمل فقط حسب كلمة الرب في المكتوب، فيقارن تعاليمهم بالمكتوب ليتحقّق من صحّة التعليم. فلا يعبد الله باطلاً بسبب جهله وجهل الّذين يتبعهم مغمض العينين. العبادة الصالحة هي عبادة روحيّة في حياة سماويّة مع الرب يسوع، ليس فيها عادات وتقاليد جسديّة أرضيّة. (يوحنا 6: 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ).

10 ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا وَافْهَمُوا: دعا الرب يسوع الجمع أن يسمعوا ويفهموا، لأنّ كلمة الله روحيّة سماويّة يجب فهمها للعمل بها في حياة روحيّة. يطلب الرب يسوع من المؤمن به أن يسمع الكلمة ويفهمها ليعمل بها. لماذا دعا الرب يسوع الجمع وليس الكتبة والفريسيين؟ لأنّ الجمع أتوا ليسمعوا الكلمة الروحيّة من الرب يسوع، أمّا الكتبة والفرّيسيّين فأتوا ليحاربوا الرب يسوع ويجربوه، لذلك لا يقبل الرب يسوع من يأتي إليه مجرّباً أو محارباً.

11 لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ»: لم يأت الرب يسوع من أجل الإنسان في الجسد الّذي يزول، إنّما أتى من أجله في الروح، لذلك مات وقام لخلاصه في الروح إلى حياة أبديّة. ما يدخل الفم هو لحياة الجسد فلا علاقة له بالحياة الروحيّة مع الرب يسوع، إنّما الكلام الّذي يخرج من الفم فهذا ينجّس الإنسان لأنّه سبب دينونة على الإنسان.

12 حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَقَالُوا لَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا الْقَوْلَ نَفَرُوا؟»: الفريسيون هم المثل الّذي يتكلّم عن كل مُرائي يُبطل قول الله ليعلّم قول الناس، لذلك ينفر من كلمة الرب يسوع الروحيّة، لأنه يعمل حسب تعاليم وتقاليد الناس الجسديّة فلا يفهم كلمة الله الروحيّة.

13 فَأَجَابَ وَقَالَ: «كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ: الغرس الّذي يغرسه الآب السماوي هو خادم الرب الّذي يختاره الله لخدمة كلمة الله الروحيّة. يقول أبي السماوي لأنّه يقول أنّ الإيمان بالآب هو في الإيمان بابن الآب كلمة الله الوحيد. كل معلّم للكلمة لم يختاره الآب لهذا العمل يُقلع عند نهاية حياته على الأرض. إذاً ليس كل من علّم هو من الله، لذلك يقول الرب فتّشوا الكتب لتميّزوا التعاليم الصالحة من التعاليم الباطلة، لأنّ المكتوب فقط يضمن للمؤمن طريقه الصحيح إلى الحياة الأبديّة. كثيرون يختارون أنفسهم للعمل بما لا يطلبه الآب منهم لذلك تعاليمهم خاطئة، يُعلّمون وصايا الناس في تقاليد جسديّة من صنع الإنسان. (أفسس 4: 11 وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، 12لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ).

14 اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ: يقول الرب يسوع لتلاميذه ولكل الّذين اختارهم لخدمة الكلمة، أن يتركوا مثل هؤلاء المرائين الّذين ينفرون من كلمة الله الروحيّة. هم عميان في الروح لأنّهم ينظرون إلى كلمة الله في حياة جسديّة رافضين قبولها كلمة روحيّة، لذلك ينفرون من كلمة الرب يسوع الروحيّة. وهم قادة عميان لأنّ الّذي يتبعهم هو أعمى الروح لا ينظر إلى الحقّ السماوي في المكتوب، ليعرف من الرب يسوع كلمة الله وليس من حكمة الإنسان الأرضيّة، فيعلم أنّه يمشي وراء أعمى سيسقطه معه في حفرة الموت الأبدي.

وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ»: كتبة وفرّيسيون مؤمنون ومعلّمون للناموس من أورشليم، لكنّهم عمي الروح يقول الرب يسوع، لأنّهم لا يعملون ولا يعلّمون فقط حسب المكتوب، يزيدون على كلمة الله ويحذفون منها حسب حكمتهم البشريّة. أعمى الروح هو كل إنسان لا يعمل فقط حسب كلمة الرب يسوع الفادي، لأنّه في ظلمة روحيّة بسبب الخطيّة، لذلك هو أعمى يقود بتعليمه أعمى لا ينظر إلى المكتوب، فيسقطان كلاهما في جهنّم، الحفرة الأبديّة للموت الروحي. طرد الله الإنسان من الجنّة محضر الله بسبب فعله للخطيّة، فسقط في حفرة هي الهاوية في الظلمة الروحيّة على الأرض، ليأخذ فرصة أعطاها الله للإنسان لخلاصه من حفرة الموت الأبدي. لذلك كل من يتبع أعمى الروح ولا يتبع كلمة الله فقط في المكتوب، يسقط معه في حفرة الموت الأبدي بعد موت الجسد، الحفرة الّتي لا يخرج منها إلى الأبد.

15 فَأَّجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هذَا الْمَثَلَ»: آية روحيّة لكل مؤمن يتبع الرب يسوع، فيطلب تفسير الكلمة ليعمل بها في الروح. طلب بطرس من الرب يسوع أن يفسّر لهم هذا المثل لأنّ كلمة الرب كلّها أمثال جسديّة، يجب تفسيرها ليعمل بها المؤمن في حياة روحيّة. (كورنثوس الثانية 3: 6 الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي.).

16 فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضًا حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟: يطلب الرب يسوع من كل مؤمن به أن يفهم الكلمة ليعمل بها، فيسلك في الطريق الصحيح ليصل إلى الحياة الأبديّة مع الرب يسوع. كلمة الله عمل لذلك من يفهم تفسير الكلمة يعمل بها في الروح ومن لا يفهم لا يعمل بها، أو يعمل بها جسديّة فلا يصل إلى الحياة الأبديّة.

17 أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ؟: أكل الجسد لا ينجّس الإنسان لأنّ نجاسة الإنسان تأتي من نفسه وليس من أكل جسده الّذي يزول. الجسد هو أعضاء تستخدمها النفس لعمل الخير أو الشرّ، لخلاص النفس في الروح أو لهلاكها. بعد نهاية الفرصة على الأرض ينتهي عمل الجسد بموته، أمّا النفس فتنتقل في الروح إلى حياة أبديّة أو إلى دينونة أبديّة، لذلك لا أهميّة للجسد ماذا يأكل أو ماذا يشرب، لأن هذا ليس إلاّ لاستمرار حياة الجسد قبل أن يزول.

18 وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ: ما يصدر من القلب هو ما تطلبه نفس الإنسان ليعمل به الجسد، فإن كانت نفس الإنسان في ظلمة روحيّة يعمل في الجسد والروح بأعمال الظلمة، وإن كانت نفسه في النور الروحي مع الرب يسوع يعمل في الجسد والروح بأعمال النور، وترفض نفسه أعمال الظلمة التي يسقط فيها الجسد (غلاطية 5: 17 لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ.)

19 لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ: لماذا يقول أنّ الأفكار الشرّيرة تخرج من القلب ولم يقل أنّها تخرج من العقل؟ لأنّها آية عن نفس الإنسان الشرّير وليس فقط عن الّذي يفعل الخطيّة. فالمؤمن الصالح إن سقط في الخطيّة لا يتنجّس لأنّها لم تخرج من قلبه، لأنّه يرفض الخطيّة في قلبه لكن يمكن أن يفعلها بسبب ضعفه أمام الخطيّة، لذلك يشتهي الجسد ضد الروح. أما الّذي تخرج أفكاره الشرّيرة من قلبه فهو الّذي فيفعلها بنفس تقبل الخطيّة.

20 هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا الأَكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ»: فعل الشرّ بنفس تقبل الشرّ هذا ينجّس روح الإنسان، لذلك يأتي فاعل الشرّ إلى الدينونة الأبديّة. أما الأكل بأيد غير مغسولة فلا يُنجّس روح الإنسان لذلك لا يأت إلى الدينونة. أتى الرب يسوع لخلاص الإنسان في الروح لحياة أبديّة، وليس لحياة الجسد الّذي يزول. الجسد لخدمة الروح وليس الروح لخدمة الجسد، لذلك لا أهميّة لنظافة الجسد في الحياة الروحيّة. الروح لا يهتمّ بنظافة الجسد إنّما الجسد يهتمّ بطهارة الروح.

21 ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ: يخرج الرب يسوع وينصرف من أمام الّذين ينفرون من أقواله كالفرّيسيين (عدد 12)، ليأتي في خدّامه إلى أماكن أخرى يعلّم فيها عن ملكوت السماوات، ليمنح الشفاء لكل محتاج يطلب الشفاء من أمراضه الروحيّة.

22 وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا»: امرأة كنعانية غير يهودية ليست من خراف بيت اسرائيل الضّالة، لكنّها تؤمن بالرب يسوع وتدعوه سيّد، وتعترف بأنه المُخلّص، المسيح المنتظر ابن داود، وتطلب من أجل ابنتها المجنونة جداً بصراخ وإصرار.

23 فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ: لم يُجبها الرب يسوع بكلمة ليمتحن إصرارها وليس لأنّه لا يريد أن يعطيها ما تريد، لكن ليجعل منها آية يتعلّم منها الإنسان كيف يأتي إلى الرب يسوع بتواضع وإصرار.

فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!»: هذا ما يراه الإنسان وليس ما يراه الرب يسوع. انزعج التلاميذ من صراخها لكنّ الرب يسوع فرح بصراخها لذلك لم يصرفها، بل أعطاها ما تريد. الرب يسوع لا يصرف إنسان يطلب منه الشفاء الروحي، لكنّه يُجرّب قوة إيمان المؤمن به، ليعرف المؤمن حقيقة إيمانه عند التجربة.

24 فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ»: الله الآب أرسل كلمته إلى العالم في جسد إنسان من نسل داود، من بيت إسرائيل إلى خراف بيت اسرائيل الضالة، لكنه أعطى الخلاص لكل مؤمن يتبعه ويعمل بكلمته. بدأ عمل الرب يسوع ابن الإنسان في بيته اسرائيل، الشعب الّذي اختاره الله ليأتي منه المسيح حسب النبوّات. هكذا أوصى الرب يسوع تلاميذه حين أرسلهم لخدمة الكلمة في بيتهم إسرائيل أوّلاً ثمّ إلى العالم أجمع (متى 10: 5 هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) وبعد ذلك أرسلهم إلى العالم أجمع (مرقص 16: 15 وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.)

25 فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي! »: لم يُجبها الرب يسوع بكلمة لكنّها بإصرار أتت إليه وسجدت له سيّد ومُعين. آية روحيّة لمن يطلب الرب يسوع، يأتي إليه بإصرار ويقترب منه سامعاً للكلمة بتواضع وسجود، فيفهم الكلمة ويعمل بها في الروح ولا يتركه حتّى يأخذ منه طلبه.

26 فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب»: البنون هم اولاد الله المؤمنون باسم الرب يسوع (يوحنا 1: 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.) والكلاب هم الّذين يهاجمون كلمة الله، لذلك ليس حسناً أن يؤخذ خبز الحياة الروحية، الّذي هو للبنين الّذين يؤمنون ويعملون حسب كلمة الله باسم الرب يسوع، ويُطرح للكلاب الّذين يرفضون الكلمة ويهاجمونها، لأنّ الكلمة الروحيّة للحياة الأبديّة هي فقط لمن يطلبها بتواضع وسجود. (متى 6: 7 لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ).

27 فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!»: تكلّم الرب يسوع عن الكلاب الّتي تحارب الكلمة، وهي تكلّمت عن الكلاب التي تخضع لأسيادها وترضى بالفتات الّذي يسقط من مائدة أربابها، إيمانها عظيم فيه إصرار بتواضع وخضوع.

28 حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ: المؤمن الروحي بتواضع وسجود له ما يريد من الرب يسوع، لأنّه يتبع الرب بتواضع وإصرار وليس فقط بالكلام. أخذت هذه الامرأة ما تريد لأنّ إيمانها عظيم وتطلب ما للروح، فشفيت ابنتها من تلك الساعة لأنّ الرب يسوع لا يؤجّل عطاءه إن كان المؤمن يطلب حسب كلمة الرب الروحيّة. الرب يسوع يُعطي الخلاص لكل مؤمن يتواضع ويخضع لمشيئة الآب السماوي، ويرضى حتى بالفتات دون تكبّر. الخبز هو الرب يسوع كلمة الله (يوحنا 6: 35 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا.) والبنين هم المُخلّصون بدم الرب يسوع الفادي. والكلاب هم أعداء الكلمة السماويّة (متى 12: 30 مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.) لذلك يقول الرب يسوع في هذه الآية السماويّة أنّه لا خلاص إلاّ لأبناء الله وليس للكلاب، أي ليس لأعداء الله لأنّهم يهاجمون الكلمة الروحيّة. لكن إيمان هذه الامرأة وقبولها للسيّد المُخلّص بتواضع وسجود، باعترافها أنها ليست من البنين لكنّها ليست من مُحاربي الكلمة لأنها ترضى بالفتات الّذي يسقط من مائدة البنين، أي يكفيها أن تأخذ كلمة الله من أولاد الله بكل تواضع وإنكار الذات. (متى 16: 24 حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي). يخضع المؤمن لمشيئة الرب ويتواضع في قبول الكلمة المرسلة مع خادم الرب يسوع، لأنّ هدفه الوحيد هو فهم الكلمة للعمل بها في حياة روحيّة.

29 ثُمَّ انْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى جَانِب بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَجَلَسَ هُنَاكَ: الرب يسوع هو الطبيب الروحي الوحيد الشافي من كل مرض روحي، ينتقل في خدّامه ليشفي كل مريض يطلب الشفاء. جاء الرب يسوع إلى جانب بحر الجليل، أي إلى جانب عالم الإنسان، لأنّه خارج اهتمامات العالم الجسدي. وصعد إلى الجبل وجلس هناك ليشفي كل مريض روحي يخرج من شهوات العالم ويأتي إليه على جبل الرب للحياة الروحيّة.

30 فَجَاءَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ،: جاء إلى الرب يسوع على الجبل خارج العالم جموع كثيرة من المؤمنين، هم خدّام الكلمة السماويّة لشفاء المرضى لأنّهم جاؤوا ومعهم مرضى كثيرون. ثمر الإيمان يظهر في خدمة الكلمة لشفاء مرضى الروح من كل مرض يمنع عنهم الخلاص. يأتي المؤمن إلى الرب يسوع ومعه مرضى يحتاجون إلى شفاء روحي، فيفهموا كلمة الرب يسوع بعد شفائهم ويعملوا بها في حياة روحيّة أبديّة.

عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌ: هذه أمراض جسديّة شفاها الرب يسوع ليصنع منها آيات روحيّة لشفاء الروح من كل مرض روحي في الإنسان. الأعرج في الروح هو الّذي يأتي ببطء وتردّد إلى الرب يسوع، وأعمى الروح هو الّذي لا يرى الخلاص بالرب يسوع، وأخرس الروح هو الّذي لا يتكلم بكلمة الرب يسوع المُخلّص، ومشلول الروح هو الّذي لا يعمل بكلمة الله حسب المكتوب. كلّها أمراض روحيّة يشفيها الرب يسوع من كل إنسان يؤمن بأنّه الطبيب الشافي من كل مرض روحي. يشفي الأعرج فيأتي إليه بكل قوّة روحيّة وفرح، لأنّه أبصر فيرى الخلاص بموت الرب يسوع وقيامته، فيتكلّم عن خلاصه في حياة روحيّة لأنّ الرب يسوع شفاه من خرس الروح، ويعمل بكلمة الله فقط حسب المكتوب بعد شفائه من شلل الروح، ويأتي بثمر الروح في خدمة كل إنسان يحتاج إلى شفاء.

وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ: يشفي الرب يسوع في الحال ولا يؤجّل كل من يأتي عند قدميه في الروح بحسب الكلمة السماويّة وليس بحسب الجسد، لأنّ الرب يسوع أتى لخلاص الروح، لذلك صنع عجائب جسديّة هي آيات روحيّة لحياة الروح الأبديّة وليس لحياة الجسد الّذي يزول. يأتي الخاطي مريض الروح عند قدمي الرب يسوع بالتواضع أمام كلمة الله، يطلب فهم الكلمة ببساطة نفس فلا يحارب كلمة الرب أو يهاجمها لعدم فهمه لها. من لا يأخذ شفاءه في الحال، لا يقول أنّ الرب لا يستجيب في الحال، إنما يجب أن يبحث عن سبب عدم استجابة الرب له في الحال، وهذا سببه ليس إرادة الرب لأنّ الرب يسوع يشفي في الحال كما تقول هذه الآية، لكنّه ضعف في المؤمن الّذي يعمل حسب إرادته الأرضيّة وليس حسب إرادة الله في الكلمة السماويّة. استجاب الرب يسوع في الحال لأنّ المرضى أتوا إليه بإيمان وتواضع.

31 حَتَّى تَعَجَّبَ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوْا الْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ، وَالشُّلَّ يَصِحُّونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ. وَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيلَ: آية روحيّة صنعها الرب يسوع لتتمّ النبوّة الّتي تكلّمت عن مجيئه منذ زمن بعيد (أشعياء 35: 4 قُولُوا لِخَائِفِي الْقُلُوبِ: «تَشَدَّدُوا لاَ تَخَافُوا. هُوَذَا إِلهُكُمُ. الانْتِقَامُ يَأْتِي. جِزَاءُ اللهِ. هُوَ يَأْتِي وَيُخَلِّصُكُمْ». 5حِينَئِذٍ تَتَفَقَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ. 6حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ، لأَنَّهُ قَدِ انْفَجَرَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ مِيَاهٌ، وَأَنْهَارٌ فِي الْقَفْرِ.). تعجّب الجموع من قوّة الرب يسوع المسيح الشافي بكلمة الله، لأنّها آية فيها شفاء الروح بكلمة الله الروحيّة. ومجّدوا إله اسرائيل لأنّها نبوّة تكلّم بها إله إسرائيل في خادمه إشعياء، وأكملها في ابن الإنسان الرب يسوع كلمة الله. يتعجّب المؤمن ويمجّد الله عندما يرى أعرج الروح يمشي مع الرب يسوع دون تردّد، وأعمى الروح يرى الخلاص بالرب يسوع، وأخرس الروح يتكلّم بكلمة الرب يسوع الروحيّة، ومشلول الروح يعمل بكلمة الرب يسوع في حياة روحيّة بعد شلل الإيمان دون اعتماد.

32 وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ: دعا الرب يسوع تلاميذه ليصنع بهم وبالجموع آية روحيّة لحياة المؤمن الّذي يأتي إليه ليشفيه من أمراضه الروحيّة، وبعد شفائه يعطيه الرب يسوع مستخدماً تلاميذه كلمة الحياة الروحية لغذاء الروح للحياة الأبديّة. أية شفاء وغذاء روحي. يشفق الرب يسوع على الجمع الّذين يتبعونه لثلاثة أيّام، لأنّ عدد ثلاثة هو شهادة لثبات إيمانهم في المسيح. (كورنثوس الثانية 13: 1 «عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ وَثَلاَثَةٍ تَقُومُ كُلُّ كَلِمَةٍ».) الأيام تشهد على ثبات الإيمان.

لم يطلب الجمع من الرب يسوع ليأكلوا، لكنّ الرب يسوع هو أشفق عليهم وأعطاهم ليأكلوا. من يتبع الرب يسوع لا يحتاج أن يطلب ماذا يأكل لأنّ الرب يسوع يعرف ما يحتاجه المؤمن به (متى 6: 7 وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. 8فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ.).

وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ»: الرب يسوع لا يصرف الّذين يأتون إليه بأمراضهم طالبين الشفاء الروحي دون أن يُعطيهم شبع الروح لحياتهم الأبديّة، فلا يخوروا في طريق الحياة الروحيّة قبل موت الجسد. الطريق هي حياة الإنسان في الجسد على الأرض تنتهي عند موت الجسد، يصل بها الإنسان إلى الحياة الأبديّة أو إلى الدينونة الأبديّة إن لم يؤمن ويعتمد طريق الرب يسوع في حياة روحيّة.

33 فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعًا هذَا عَدَدُهُ؟»: التلاميذ يتكلّمون عن خبز الجسد لذلك ليس لهم في البريّة ما يُشبع هذه الجموع الكثيرة، لكنّ الرب يسوع يصنع آية لشبع المؤمن الروحي بخبز الحياة الروحيّة، وأيضاً آية يبارك فيها الرب يسوع في القليل من السمك لاكتفاء الجسد في هذا العالم. لذلك هي آية روحيّة في البريّة، أي بعيداً عن شهوات العالم الجسديّة.

كيف ينسى تلاميذ الرب أنّه أطعم الخمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد، فيقولون: "من أين لنا أن نطعم في البريّة جمعا هذا عدده"؟ (متى 14: 14-21). لأنّها آية عن حياة المؤمن الّذي يضعف إيمانه عند التجربة فينسى أنّ الربّ يسوع معه وساعده في أوقات كثيرة مضت.

34 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ وَقَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ»: يعمل الرب يسوع لخلاص الإنسان مُستخدماً ما عند تلاميذه من خبز، أي ما عندهم من معرفة وقدرة للخدمة الروحيّة، فيبارك في القليل الّذي عندهم ليطعم كثيرين من خبز الحياة الروحيّة. وأيضاً يبارك في القليل الّذي عندهم من السمك، أي يبارك بالقليل الّذي عند المؤمن لخدمة المحتاج في الجسد. سأل الرب يسوع كم عندهم من الخبز لكنّ التلاميذ قدّموا أيضاً ما عندهم من السمك، لأنّ الرب يسوع يطلب من المؤمن به خدمة الإنسان في حياته الروحيّة لأنّه جاء لحياة الإنسان الأبديّة، والمؤمن الصالح يقدّم أيضاً ممّا عنده لحاجة الإنسان الجسديّة دليل المحبّة والرحمة، فيبارك الرب يسوع بالقليل ليشبع كثيرين.

35 فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ: الرب يسوع يأمر كل من يأتي إليه أن يتّكئ على الأرض في البريّة، أي يأتي إليه بتواضع دون الاهتمام بالشهوات الجسديّة، ليأكل من خبز الحياة الروحيّة كلمة الله المرسلة إليه مع تلاميذ الرب يسوع، ليسمع ويفهم فينصرف إلى حياته اليوميّة عاملاً بالكلمة السماويّة في حياة روحيّة. من يأتي إلى الرب يسوع يأكل خبز الحياة الروحيّة متّكئاً على الأرض، أي بتواضع، تاركاً شهوات العالم لأنّه في بريّة الحياة الجسديّة.

36 وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ: أخذ الرب يسوع ما قدّمه التلاميذ من الخبز والسمك، كل ما لهم من الخبز لخدمة الحياة الروحيّة، وكل ما لهم من السمك لخدمة المحتاج في الجسد. بارك الرب يسوع كل ما لهم لخدمة الروح وشبع كل محتاج يأتي إليه. الرب يسوع، ابن الإنسان، يشكر الآب السماوي على رحمته، فبذل ابنه الوحيد ليمنح الخلاص لكل خاطي يؤمن بابنه مخلّصاً لحياته. وكسّر كل الخبز وأعطى التلاميذ والتلاميذ أعطوا الجمع. لماذا كسّر الخبز؟ لأنّه يعطي كل إنسان حسب إيمانه وجوعه لكلمة الله. الّذي يطلب كثير يُرسل له الرب يسوع مع خدّامه خبز كثير، ومن يطلب قليل يرسل له قليل، كل واحد حسب جوعه. الخبز الّذي كسّره الرب يسوع هو كلمة الله الروحيّة وكل واحد يأكل منه حسب جوعه. (لوقا 11: 3 خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ).

37 فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ سَبْعَةَ سِلاَل مَمْلُوءَةٍ: أكل الجميع وشبعوا من خبز الحياة الروحيّة، ومن سمك الحياة الجسديّة، وفضل من كسر الخبز سبعة سلال مملوءة من البركة الروحيّة التي أعطاها الرب يسوع لتلاميذه خدّام الكلمة. السبعة أرغفة التي قدّمها التلاميذ أصبحت سبع سلال مملوءة لهم من الرب يسوع لأنّه بارك خدمتهم، فهي أجرة خادم الرب في حياة أبديّة بعد نهاية خدمته على الأرض، وهي أيضاً بركة روحيّة على الأرض يمنحها الرب يسوع لخادمه فيقترب منه في حياة روحيّة أعظم. كان معه رغيف من خبز الحياة الروحيّة وأصبح معه قفّة من الخبز. البركة على الأرض هي المعرفة الروحيّة الأعظم الّتي يحصل عليها المؤمن من خدمته للكلمة الروحيّة، لأنّه يأخذ من الرب ليخدم المؤمن فيحصل هو على معرفة روحيّة أعظم. لم يتكلّم الرب يسوع عمّا يزيد من السمك لأنّها آية لشبع الجسد والنفس دون زيادة على حاجته في هذا العالم، لأنّ المؤمن لا ينظر إلى مشتهيات العالم الّذي يزول، فالجسد يأكل حاجته فقط، لذلك هي بركة لا زيادة فيها. أمّا الخبز فهو لحياة المؤمن الروحيّة لذلك يزيده الرب بالبركات الروحيّة لحياته الأبديّة حسب خدمته. هذه أجرة روحية وليس جسديّة لأن الرب يسوع أتى لخلاص الروح إلى حياة أبديّة، لذلك يُعطي الشبع الجسدي والنفسي في هذا العالم فيبتعد المؤمن عن شهوات العالم، ويُبارك ويزيد بالبركة الروحيّة لأنها بركة أبدية. (متى 6: 31 فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.).

الخبز هو كلمة الرب يسوع الروحيّة. تصل للمؤمن مرسلة من الرب يسوع مع خدّامه، كتبة، مترجمين، معلّمين، مفسّرين... (أفسس 4: 11 وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، 12لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ). كما يأكل الإنسان كل يوم لحياته الجسديّة، هكذا يأكل المؤمن كل حين كلمة الرب يسوع الروحيّة لحياته الروحيّة.

38 وَالآكِلُونَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفِ رَجُل مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ: آية روحيّة تمّ فيها الخلاص السماوي لأربعة آلاف رجل معهم نساءهم وأولادهم. أكلوا جسد الرب لتبرير الروح، لأنّ جسد الرب يسوع الّذي أكمل البرّ بأعماله هو خبز الروح للحياة الأبديّة. مات الرب يسوع وقام ليمنح الحياة الأبديّة لكل مؤمن به يأكل جسده، أي يعمل بكلمة الرب في آيات روحيّة صنعها الرب يسوع في الجسد على الأرض. (متى 26: 26 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي»). البارّ بالإيمان هو الّذي يعمل حسب كلمة الرب يسوع، ابن الإنسان البارّ بأعماله.

39 ثُمَّ صَرَفَ الْجُمُوعَ وَصَعِدَ إِلَى السَّفِينَةِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ مَجْدَلَ: صرف الجموع الّذين شفاهم من أمراضهم الروحيّة وأطعمهم خبز الحياة الروحيّة، ليعود كل واحد منهم إلى حياته اليوميّة، لكنّه في الروح يبقى مع الرب يسوع ليعمل حسب كلمته ويبقى معه إلى الأبد بعد موت الجسد.

صعد الرب يسوع إلى السفينة وجاء إلى تخوم مجدل لأنّه يعمل باستمرار لشفاء الإنسان وخلاصه في الروح، لذلك ينتقل في الروح مستخدما تلاميذه على الأرض ليشفي مرضى الروح، فيأكلوا خبز الحياة الروحيّة بعد شفائهم ويقوموا من الموت الروحي إلى الحياة الأبديّة.

 

باسم الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content