تفسير متى 14 - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
تفسير متى 14

تفسير إنجيل متّى

الأصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ

 

1فِي ذلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ خَبَرَ يَسُوعَ، 2فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ: «هذَا هُوَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ! وَلِذلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّاتُ».

3فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، 4لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ». 5وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ خَافَ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ. 6ثُمَّ لَمَّا صَارَ مَوْلِدُ هِيرُودُسَ، رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسْطِ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ. 7مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ يُعْطِيهَا. 8فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ: «أَعْطِني ههُنَا عَلَى طَبَق رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ». 9فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ. وَلكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى. 10فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ. 11فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَق وَدُفِعَ إِلَى الصَّبِيَّةِ، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهَا. 12فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَرَفَعُوا الْجَسَدَ وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ أَتَوْا وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ.

13فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ فِي سَفِينَةٍ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدًا. فَسَمِعَ الْجُمُوعُ وَتَبِعُوهُ مُشَاةً مِنَ الْمُدُنِ.

14فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ أَبْصَرَ جَمْعًا كَثِيرًا فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ. 15وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ قَدْ مَضَى. اِصْرِفِ الْجُمُوعَ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الْقُرَى وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ طَعَامًا». 16فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لاَ حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». 17فَقَالُوا لَهُ: «لَيْسَ عِنْدَنَا ههُنَا إِلاَّ خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَانِ». 18فَقَالَ: «ائْتُوني بِهَا إِلَى هُنَا». 19فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ. 20فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءةً. 21وَالآكِلُونَ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُل، مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ.

22وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الْعَبْرِ حَتَّى يَصْرِفَ الْجُمُوعَ. 23وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ مُنْفَرِدًا لِيُصَلِّيَ. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ. 24وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً. 25وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ. 26فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ خَيَالٌ». وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا! 27فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلاً: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا». 28فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ». 29فَقَالَ: «تَعَالَ». فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ. 30وَلكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلاً: «يَارَبُّ، نَجِّنِي!». 31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟» 32وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ. 33وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!».

34فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ، 35فَعَرَفَهُ رِجَالُ ذلِكَ الْمَكَانِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى جَمِيعِ تِلْكَ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى، 36وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ فَقَطْ. فَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ.

 

1 فِي ذلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ خَبَرَ يَسُوعَ: في الوقت الّذي كان فيه هيرودس رئيس ربع، سمع عن سلطان الرب يسوع على الأمراض والموت.

2 فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ: «هذَا هُوَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ! وَلِذلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّاتُ»: يؤمن هيرودس بأنّ يوحنا المعمدان نبيّ، لأنّه يقول أنّ الرب يسوع هو يوحنا المعمدان الّذي قام من الأموات، ومع ذلك طرحه في السجن وقتله لإرضاء شهواته. هذا هو الإنسان الّذي يعيش لشهواته في العالم فيعمل على إرضاء نفسه بفعل الخطيّة ولا يعمل بكلمة الله، لأنّه لا ينظر إلى الحياة الأبديّة.

3 فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ: هيرودس الّذي يؤمن بأنّ يوحنا مرسل من الله، أطاع شهواته أكثر من إطاعته لكلمة الله المرسلة إليه مع يوحنا المعمدان. هذا هو الّذي لا يقبل معمودية التوبة، وهي معمودية يوحنا بالماء أي بكلمة الرب (أفسس 5: 26 لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ). آية تتكلّم عن عمل ابليس الّذي يعمل في خدّامه ليمنع خدّام الرب يسوع من توصيل الكلمة السماويّة للناس.

4 لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ»: لأنّ يوحنا كان يكلّمه حسب كلمة الرب ليردّه عن فعل الخطيّة.

5 وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ خَافَ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ: أراد هيرودس أن يقتل كلمة الله بسبب شهواته، لذلك أراد أن يقتل يوحنّا الّذي كان يمنعه عن شهوته حسب كلمة الرب. لكنّه خاف من الشعب الّذي يسمع الكلمة من يوحنا لأنه كان عندهم مثل نبيّ. أتى يوحنّا أمام الرب يسوع ليُعمّد بالماء، أي بكلمة الرب لغسل القلوب، فيأتي بعده الرب يسوع ويعمّد بالروح القدس كل الّذين قبلوه. آية تتكلّم عن الّذين يُحاولون قتل الكلمة برفضهم لخدّام الرب يسوع في حياتهم بسبب شهواتهم في هذا العالم.

6 ثُمَّ لَمَّا صَارَ مَوْلِدُ هِيرُودُسَ، رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسْطِ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ: يستخدم الشيطان شهوات العالم لفعل الشرّ باستخدام الإنسان الّذي لا يرفض الخطيّة، والهدف قتل كلمة الرب في الإنسان الخاطي فلا تُغفر خطيّته ويأتي إلى الدينونة.

7 مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ يُعْطِيهَا: الفخ الّذي أوقع هيرودس نفسه فيه بسبب شهواته.

8 فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ: «أَعْطِني ههُنَا عَلَى طَبَق رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ»: هيروديّا هي مثل عن الشيطان الّذي يعمل في الّذي لا يرفض الخطيّة. كانت قد تلقّنت من أمّها أنّ تطلب موت يوحنّا المعمدان. هكذا بدأ ابليس عمله لقتل يوحنا المعمدان المُتكلّم باسم الرب، فيمنع كلمة الرب من العمل في هيرودس، لأنّه بسبب هيروديّا طرح يوحنا في السجن ليمنع عن نفسه كلمة الرب. ثمّ أكمل ابليس عمل الشرّ بتلقين ابنته، أي ابنة هيروديّا لطلب الموت ليوحنا.

9 فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ. وَلكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى: اغتم الملك بسبب خوفه من الشعب لأنّ يوحنا عندهم مثل نبيّ. هذه خطّة وضعها ابليس ونفّذها بيد خدّامه لقتل البرّ. لذلك جاء الرب يسوع لحماية الإنسان من خداع ابليس بتعاليم روحيّة تربط الشيطان بعيداً عن المؤمن بالرب يسوع. خاف هيرودس أن يقتل يوحنّا لذلك وضعه في السجن، لكنّه بهذا لم يُشبع رغبة الشيطان الّذي في هيروديّا، لذلك قتله بسبب شبه الشرّ الّذي في رقص ابنة هيروديّا (تسالونيكي الأولى 5: 22 امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ)

10 فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ: انتصر الشرّ ولايزال ينتصر في كل الّذين لا يقبلون الرب يسوع المُنتصر الوحيد على ابليس الخطيّة. هو سحق رأس الحيّة بالتجارب والقيامة من الأموات ليغفر الخطيّة بالرحمة والحقّ لكل مؤمن به يعمل بكلمته.

11 فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَق وَدُفِعَ إِلَى الصَّبِيَّةِ، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهَا: وُضع رأس يوحنا المُتكلم باسم الرب يسوع على طبق لأنّ خدّام ابليس يُقدمونه ذبيحة لإلههم، وهو على طبق لأنّها وليمة على مائدة الشرّ مع إبليس إله هذا الدهر. (كورنثوس الثانية 4: 4 الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ) جاءت به الصبية وقدمته إلى أمّها التي تُجسّد إبليس في هذه الآية. يحاول ابليس قتل خدّام الرب يسوع الّذي يمنح الخلاص بغفران الخطايا. (بطرس الأولى 5: 8 اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.). من يؤمن ويعتمد بكلمة الرب تُغفر خطيّته لأنّه يرفض الخطيّة على مائدة الرب للبرّ، ومن لا يؤمن فهو يُقدّم ذبيحة على طبق لإبليس بكل خطيّة يفعلها، لأنّه على مائدة إبليس للخطيّة، وبعد انتهاء الفرصة بالموت الجسدي سيبقى مع ابليس في جهنّم إلى الأبد.

12 فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَرَفَعُوا الْجَسَدَ وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ أَتَوْا وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ: دفنوا الجسد، أما الروح فإلى حياة أبديّة. أتوا وأخبروا الرب يسوع الّذي غلب الموت بالقيامة وسحق رأس الحيّة ابليس (تكوين 3: 15). المؤمن بالرب يسوع المُخلّص من الموت الروحي لا يهتم بموت الجسد لأنّ الجسد من التراب وإلى التراب يعود، وأمّا الروح فإلى حياة أبديّة مع الرب يسوع.

13 فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ فِي سَفِينَةٍ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدًا: يحزن الرب يسوع لقساوة قلب الإنسان الّذي يقتل كلمة الخلاص برفضه أو قتله لخادم الرب. ينصرف الرب يسوع من أمام كل إنسان يرفض كلمة الله، لأنّه يقتل كلمة الرب في قلبه برفضه للكلمة المرسلة مع إنسان اختاره الله ليبشّر عن مجيء المسيح المخلّص من الدينونة الأبديّة.

فَسَمِعَ الْجُمُوعُ وَتَبِعُوهُ مُشَاةً مِنَ الْمُدُنِ: من الناس من يقتل كلمة الله برفضه لها، ومنهم من يتبع كلمة الله بفرح. حب الجموع للرب يسوع جعلهم يتبعونه مشاة من المُدن غير ناظرين إلى مسافة أو تعب. لأنّ هدفهم الوحيد هو المجيء إلى الرب يسوع والفرح بالكلمة الروحية.

14 فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ أَبْصَرَ جَمْعًا كَثِيرًا فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ: ينصرف الرب يسوع من أمام الّذين يرفضونه، لكنّه يتحنّن ويشفي مرضى الروح الّذين يتبعونه.

15 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ قَدْ مَضَى. اِصْرِفِ الْجُمُوعَ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الْقُرَى وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ طَعَامًا»: يطلب التلاميذ من الرب يسوع أن يصرف الجموع ليبتاعوا لأنفسهم طعام الجسد، فيصنع الرب يسوع من طلبهم آية روحيّة لأكل الروح.

16 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لاَ حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا»: يتكلّم الرب يسوع في هذه الآية عن أكل الروح، لذلك لا حاجة لهم أن يمضوا لأنّهم مع الرب يسوع كلمة الله لغذاء الروح. يقول الرب يسوع لتلاميذه أن يعطوا الجموع ليأكلوا لأنّهم خدّام الرب يسوع، يعطيهم الكلمة ليعطوها هم للجموع.

17 فَقَالُوا لَهُ: «لَيْسَ عِنْدَنَا ههُنَا إِلاَّ خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَانِ»: هذه قدرة التلاميذ المحدودة، لا يوجد عندهم ما يكفي الجموع الكثيرة. السمك هو الحاجة الجسديّة (متى 4: 19 فَقَالَ لَهُمَا: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ») كانوا يصطادون السمك لحياة الجسد قبل أن يتبعوا الرب يسوع، لكن الرب يسوع دعاهم لصيد الناس لحياة روحيّة أبديّة. آية روحيّة السمك فيها هو الحاجة الجسديّة للحياة الأرضيّة، والخبز فيها هو كلمة الله الحاجة الروحية للحياة السماويّة، وكلمة الله هو الرب يسوع البارّ، لذلك هو خبز الحياة الروحية (متى 26: 26 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي). آية روحيّة يطلب فيها الرب يسوع من المؤمنين به أن يعطوا المحتاجين مما عندهم من خبز وسمك، الحاجة الروحيّة والجسديّة، ليبارك هو في القليل فيكفي كثيرين.

18 فَقَالَ: «ائْتُوني بِهَا إِلَى هُنَا»: لماذا يطلب الرب يسوع من تلاميذه أن يأتوا إليه بالقليل الّذي عندهم ولا يعطي الجموع دون استخدامه للقليل الّذي عندهم؟ لأنّها آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه يعطي الجموع باستخدام القليل الّذي عند المؤمنين به، ليعمل كل خادم للرب بما عنده من قدرة بسيطة فيبارك بعمله الرب ليشبع كثيرين.

19 فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ: طلب التلاميذ من الرب يسوع أن يصرف الجموع لكنّه أمرهم بأن يتّكئوا على العشب. آية تقول أنّ ما يراه الإنسان بحكمة أرضيّة لا يصلح للحياة الروحيّة، لذلك لا يعمل المؤمن إلاّ بكلمة الرب في المكتوب، لأنّ المكتوب هو حكمة الرب السماويّة. شارك التلاميذ الجموع بالقليل الّذي عندهم فبارك الرب يسوع بهذا العمل ليكفي الجميع. نظر إلى السماء لأنّها بركة سماويّة لحياة روحيّة. آية روحيّة صنعها الرب يسوع في هذا المثل الجسدي على الأرض، ليقول في الروح أنّ المعرفة الروحيّة القليلة الّتي يقدّمها خادم الرب، خبز الحياة السماويّة لحاجة الإنسان الروحيّة، يباركها الرب يسوع لوصولها إلى كثيرين. كذلك السمك، حاجة الإنسان الجسديّة، يبارك الرب يسوع كل عمل فيه خدمة للمحتاج.

وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ: بارك الرب يسوع الخبز والسمك ليكفي الجميع، لكنّه كسّر الخبز وأعطى الأرغفة لتلاميذه والتلاميذ للجموع، لأنّ الرب يسوع هو خبز الحياة الروحية الّذي يكسر نفسه لأجل الإنسان. (يوحنا 6: 32 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ، 33لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ». 34فَقَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هذَا الْخُبْزَ». 35فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا.) الخبز هو كلمة الله، يكسّرها الرب يسوع ويعطي منها خدّامه وزنات كل واحد حسب قدرته على العمل، ليخدموا الجموع كل واحد حسب جوعه الروحي. هي أيضاً آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه لا يعطي الكلمة الروحيّة مباشرة منه للجموع لأنّه أعطى التلاميذ والتلاميذ للجموع. لذلك يعمل المؤمن فقط في المكتوب، لأنّ الإنجيل هو كلمة الله الّتي أعطاها الرب يسوع لتلاميذه ليكتبوها فتصل إلى كل محتاج.

20 فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا: جميع الّذين يتبعون الرب يسوع يأكلون ويشبعون في الجسد والروح. شبع الجسد في المؤمن الّذي يتبع الرب يسوع هو شبع النفس من شهوات العالم، لأنّه يتبع الرب يسوع لشبع الروح في حياة روحيّة أبديّة.

ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءةً: بارك الرب يسوع خمسة الأرغفة والسمكتين وأطعم الجموع وبقي مع كل تلميذ قفة مملوءة من كسر الخبز، هي البركة الروحية لخدّام الكلمة التي تزيد مع الخدمة، من خمسة أرغفة مع التلاميذ إلى اثنتي عشرة قفة مملوءة.

21 وَالآكِلُونَ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُل، مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ: بارك الرب يسوع خمسة أرغفة فأطعم خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد، يبارك الرب يسوع عمل خدّامه لتصل كلمة الخلاص، خبز الحياة الروحيّة، إلى كثيرين. خمسة آلاف رجل تركوا كل شيء وتبعوا الرب يسوع مع نسائهم وأولادهم، لذلك شفى الرب يسوع كل مرضاهم، وأعطاهم خبز الحياة الأبدية. (أعمال 16: 31 فَقَالاَ: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ».).

22 وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الْعَبْرِ حَتَّى يَصْرِفَ الْجُمُوعَ: ألزم الرب يسوع تلاميذه أن يسبقوه إلى العبر لأنّه سيصنع باستخدامهم آيات روحيّة يتعلّم منها المؤمن الروحي في ملكوت السماوات.

يُطعم الرب يسوع الجموع خبز الحياة الروحيّة باستخدامه لتلاميذه، ثمّ يصرف الجموع ليعود كل واحد إلى حياته اليومية، لكن معه الرب يسوع في قلبه ليعمل حسب كلمة الرب باهتمامات روحيّة، لأنه ولادة جديدة لا يهتمّ بما للعالم.

23 وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ مُنْفَرِدًا لِيُصَلِّيَ: الرب يسوع ابن الإنسان يُصلّي يشكر الآب السماوي على خلاص النفوس. منفرداً على الجبل لأنّها آية روحيّة تكلّم المؤمن فيصلّي بعيداً عن العالم وشهوات الجسد.

وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ: لما صار المساء بعدما صرف الجموع كان على الجبل وحده مع الآب السماوي. آية صنعها ابن الإنسان ليتعلّم منها خادم الرب الّذي يعمل في خدمة الآخرين، فلا ينسى خدمة نفسه في حياة روحيّة منفرداً مع الرب.

24 وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً: السفينة في البحر هي حياة المؤمن في العالم، والأمواج هي هموم العالم الّتي تضرب الإنسان، والريح هي شهوات العالم الّتي تسبب الهموم. تضرب ريح الشهوات ماء البحر لتجعل فيه أمواج من الهموم تضرب الإنسان. إن ابتعد المؤمن عن الرب يسوع وصار في وسط العالم يكون مُعذّباً من الأمواج، أي من هموم العالم والضيقات الّتي تأتي عليه بسبب ريح العالم المضادّة. حياة المؤمن في العالم مع الرب يسوع هي على سفينة فوق شهوات العالم، لكن ان ابتعد المؤمن عن الرب يسوع يضطرب لأنّه يقترب من العالم وشهواته، لأنّ الشهوات هي الريح المضادة التي تجعله غير مستقر ومضطرب، لأنها تضربه بأمواج الهموم والتعب في هذا العالم.

25 وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ: الهزيع الرابع من اللّيل في الحياة الروحيّة للمؤمن هو الوقت الّذي يدخل به الرب يسوع إلى حياة المؤمن ليمنحه الخلاص الروحي، فيقوم من ظلمة الموت الروحي إلى نور الخلاص الأبدي. من المساء إلى ما قبل الصباح هي حياة المؤمن قبل خلاصه لذلك هو سفينة معذّبة من الأمواج لأنّ الرب يسوع ليس فيها. أتى الرب يسوع إلى السفينة ماشياً على البحر ليصنع آية يقول فيها أنّه يمشي فوق شهوات العالم فلا تضربه ريح العالم ولا أمواجه. آية روحيّة لكل إنسان يؤمن بالله لكنّه لا يعتمد بكلمة الرب يسوع كلمة الله، فيحيا في العالم على سفينة الإيمان لكن من دون الرب يسوع، لأنّ الرب يسوع لا يدخل سفينة المؤمن الّذي لا يعمل بكلمته، فيبقى في العالم مُعذباً مضطرباً. لكن من يؤمن ويعتمد يدخل إليه الرب يسوع ويمنحه الخلاص في الهزيع الرابع من ليله الروحي ليشرق عليه نور الحياة الأبديّة. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.)

26 فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ خَيَالٌ». وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا!: استخدم الرب يسوع تلاميذه ليصنع بهم آيات روحيّة يتعلّم منها المؤمن في حياته الروحيّة. آية تتكلّم عن خوف المؤمن من الرب عندما يراه خيال، لأنّه لا يرى محبّته الحقيقيّة وعمله حتّى الموت لأجله. أبصر التلاميذ الرب يسوع ماشياً على البحر لا تُحرّكه ريح ولا تضربه أمواج فمن الخوف صرخوا لأنّهم لم يفهموا. هكذا يخاف كل من لا يفهم كلمة الرب.

الإنسان الّذي لا يعمل بكلمة الرب حسب المكتوب لأنّه يعمل حسب تقاليد وعادات الناس، يرى الرب يسوع خيال فيخاف من ظلمة الموت لأنه لم يولد من الروح. لكن من يعتمد بكلمة الرب الروحيّة فقط حسب المكتوب، يولد من الروح فيرى الرب يسوع بوضوح ولا يراه خيال. لأنّه يحيا في حقيقة روحيّة وخلاص أبدي قبل موته في الجسد، فلا يخاف من ظلمة الموت. (يوحنا 3: 3 إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ).

27 فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلاً: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا»: يقول الرب يسوع للمؤمنين به ألاّ يخافوا لأنّه هو الله الظاهر في الجسد، أتى ليُخلّص الإنسان وليس ليُخيفه أو يدينه. الرب يسوع هو الله الظاهر في الجسد بقوله أنا هو، أنا هو الله. (أشعياء 48: 12 اِسْمَعْ لِي يَا يَعْقُوبُ، وَإِسْرَائِيلُ الَّذِي دَعَوْتُهُ: أَنَا هُوَ. أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ).

28 فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ»: إن كان الرب يسوع هو الله الظاهر في الجسد يستطيع أن يأمر بطرس فيمشي على ماء البحر. المؤمن الّذي يرى الرب يسوع خيال هو الّذي يراه ابن الإنسان فقط ولا يرى فيه روح الله. يعلن الرب يسوع في هذه الآية أنه هو الله الظاهر في الجسد، لذلك يطلب منه بطرس أن يأمره ليمشي على الماء، لأنّ بطرس لا يستطيع من نفسه بسبب خوفه، لذلك يحتاج أن يأمره الرب الّذي يعمل في المؤمن به بقوّة الروح القدس. آية روحيّة عن خوف الإنسان من هموم الحياة في هذا العالم وحاجته للرب يسوع ليمشي فوق شهوات وهموم العالم.

29 فَقَالَ: «تَعَالَ». فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ: استجاب الرب يسوع لطلب بطرس في الحال لأنّه يصنع آية روحيّة، يقول فيها أنّه يستجيب في الحال لطلب المؤمن الروحي الّذي يريد أن يأتي إليه ماشياً فوق شهوات العالم. ماء البحر هو شهوات العالم الّذي لا يروي عطشان، كل من يشرب منه يعطش أكثر، وهو سبب كل خوف وهمّ في حياة الإنسان. لكن الّذي يتبع الرب يسوع ابن الإنسان البارّ ويؤمن به مخلّصاً لحياته ويثق أنّه الله الّذي يعمل في المؤمن به، يأخذ منه قدرة تجعله يمشي في حياة روحية فوق هموم العالم.

30 وَلكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلاً: «يَارَبُّ، نَجِّنِي!»: نزل بطرس من السفينة ليمشي على الماء بقوة الرب يسوع، لكن لما حوّل نظره عن الرب يسوع ونظر إلى الريح الشديدة خاف وابتدأ يغرق. المؤمن الّذي يتّكل على الرب يسوع هو الّذي ينظر إلى كلمة الرب يسوع الروحيّة فقط في المكتوب ولا يتبع تقاليد وعادات الناس، فيتغلّب على الخوف الّذي فيه من هموم هذا العالم. المؤمن الّذي يرى الريح شديدة في هذا العالم ويبتعد بنظره عن الرب يسوع، يبدأ الغرق في هموم هذا العالم، لأنّه يبتعد عن كلمة الرب والحياة الروحية بسبب الحياة الجسديّة، لذلك يصرخ إلى الرب يسوع ليُنجّيه قبل أن يغرق إلى الموت الأبدي.

31 فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟»: آية روحيّة للمؤمن الّذي يضعف أيمانه فيشكّ بسبب نظره إلى هموم الحياة الأرضيّة، لكنّه يطلب الرب يسوع ليمسك به فلا يغرق إلى الموت الأبدي. يمد الرب يسوع يده ويمسك في الحال ليخلّص كل مؤمن به يطلب النجاة من الغرق بسبب الخوف الّذي يُضعف إيمانه، فيشك بكلمة الرب الّذي قال له تعال وامشي فوق هموم العالم في حياة روحيّة. الخوف يجعل ثقة المؤمن بالرب يسوع تضعف لأنه ينظر إلى المشكلة لا إلى الرب المخلّص. الّذي ينظر إلى الرب يسوع هو الّذي ينظر إلى الحياة الأبديّة، فيهدأ قلبه لأنّه لا يهتمّ بالحياة الأرضيّة الّتي تزول.

32 وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ: آية روحيّة لدخول الرب يسوع إلى حياة المؤمن به فتهدأ ريح هذا العالم في قلبه. السفينة المعذّبة من الأمواج هي حياة المؤمن الروحيّة قبل خلاصه. تهدأ العاصفة عند دخول الرب يسوع إلى حياة المؤمن به ليمنحه السلام الروحي في قلبه، فيهدأ خوفه من هموم العالم لأنّه آمن واعتمد بكلمة الرب الروحيّة للحياة الأبديّة. (مرقس 16: 16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ).

33 وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!»: الّذين في السفينة قبل دخول الرب يسوع كانوا مُعذبين لأنهم في سفينة الأعمال حسب الناموس، لأنّ الّذي في السفينة هو فوق البحر وليس فيه كالأمم، لكنّهم معذّبين لأنّ الناموس يجعل الإنسان يواجه ريحاً شديدة مضادة لشهواته في العالم، وخطيّة واحدة تكفي لغرق سفينة الأعمال. لذلك أتى الرب يسوع إلى العالم ومشى فوق الشهوات الأرضيّة وأكمل البرّ، ودخل سفينة المؤمن ليمنحه السلام الروحي في حياة أبديّة. لذلك الّذين في السفينة جاءوا وسجدوا له لأنّهم آمنوا أنّه ابن الله المخلّص من دينونة الناموس.

34 فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ: عبر التلاميذ بقوة الرب يسوع وجاءوا معه إلى أرض اسمها جنّيسارت، لأنّها آية روحيّة يقول فيها الرب يسوع أنّه ينتقل في الروح مع خدّامه من مكان إلى آخر ليشفي كل من يطلب الشفاء الروحي.

35 فَعَرَفَهُ رِجَالُ ذلِكَ الْمَكَانِ: عرفوه لأنه سبق وبشّر في مدنهم (لوقا 5: 1 وَإِذْ كَانَ الْجَمْعُ يَزْدَحِمُ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ، كَانَ وَاقِفًا عِنْدَ بُحَيْرَةِ جَنِّيسَارَتَ) ينتقل الرب يسوع من مكان إلى آخر ليُعلّم ويشفي ويُخلّص، لكنّه يعود من أجل الّذين لم يقبلوه ليُعطي فرصة أخرى للنجاة.

فَأَرْسَلُوا إِلَى جَمِيعِ تِلْكَ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى: آية روحيّة عن عمل المؤمن في خدمة الطبيب الروحي، يرسل إليه جميع المرضى الّذين يطلبون الشفاء من أمراضهم الروحيّة. المريض الروحي الّذي يشفيه الرب يسوع هو الّذي يعترف بمرضه وحاجته للشفاء، فهو الّذي يسمع كلمة الرب لكنّه يحتاج إلى قوّة الرب يسوع ليفهم ويعمل بها لخلاص الروح إلى حياة أبديّة.

36 وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ فَقَطْ. فَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ: آية روحيّة عن قوّة الإيمان. لا يحتاج المؤمن إلى صلوات فيها تكرار الكلام، لأنّ الإيمان العظيم يُقاس بثقة المؤمن بالرب الإله الّذي يعرف كل شيء. لذلك كثير الكلام يدلّ على ضعف إيمانه بالرب الّذي يعرف حاجته قبل أن يتكلّم، فلا يحتاج أن يطلب منه بتكرار الكلام. لذلك يشفي الرب يسوع كل مريض روحي يلمس فقط هدب ثوبه. ينال الشفاء كل مؤمن يتبع الرب يسوع في الروح عاملاً بكلمة الله. (متى 6: 7 وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. 8فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ). ثوب الرب يسوع هو البرّ، والّذي يلمس هدب ثوبه في الروح هو الّذي يؤمن بالرب يسوع ابن الإنسان البارّ بأعماله، فيتواضع أمام كلمة الرب ويعمل بها واثقاً بالرب يسوع الشافي من محبّة الخطيّة.

 

باسم الآب السماوي، والابن، الرب يسوع المسيح، وقوة الروح القدس، الإله الواحد. آمين.

 

تفسير شادي داود

أحبك ربي يسوع
Back to content