العهد الجديد - ربي يسوع المسيح

ربي يسوع المسيح
أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ
أحبك ربي يسوع
Go to content
متى

إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ: 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. 4وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. 5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. 6وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. 7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ آسَا. 8وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. 9وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حِزْقِيَّا. 10وَحِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا. 11وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. 12وَبَعْدَ سَبْيِ بَابِلَ يَكُنْيَا وَلَدَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ وَلَدَ زَرُبَّابِلَ. 13وَزَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ وَلَدَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ وَلَدَ عَازُورَ. 14وَعَازُورُ وَلَدَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ وَلَدَ أَلِيُودَ. 15وَأَلِيُودُ وَلَدَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. 16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ. 17فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً.

18أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا. 20وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». 22وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.

24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». 3فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» 5فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».

7حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. 8ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». 9فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. 10فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. 11وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. 12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.

13وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ. 15وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني».

16حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ».

19فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 22وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا»



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. 3فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». 4وَيُوحَنَّا هذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا. 5حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ، 6وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.

7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: «يَاأَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَب الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ. 10وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ».

13حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. 14وَلكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: «أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» 15فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ. 16فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، 17وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا. 3فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا». 4فَأَجَابَ وَقَالَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ». 5ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ، 6وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 7قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ». 8ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا، 9وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي». 10حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 11ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ، وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ.

12وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ أَنَّ يُوحَنَّا أُسْلِمَ، انْصَرَفَ إِلَى الْجَلِيلِ. 13وَتَرَكَ النَّاصِرَةَ وَأَتَى فَسَكَنَ فِي كَفْرَنَاحُومَ الَّتِي عِنْدَ الْبَحْرِ فِي تُخُومِ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيمَ، 14لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 15«أَرْضُ زَبُولُونَ، وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، طَرِيقُ الْبَحْرِ، عَبْرُ الأُرْدُنِّ، جَلِيلُ الأُمَمِ. 16الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ». 17مِنْ ذلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».

18وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ مَاشِيًا عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ أَخَوَيْنِ: سِمْعَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 19فَقَالَ لَهُمَا: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ». 20فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ. 21ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ: يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، فِي السَّفِينَةِ مَعَ زَبْدِي أَبِيهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا، فَدَعَاهُمَا. 22فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا السَّفِينَةَ وَأَبَاهُمَا وَتَبِعَاهُ.

23وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْب. 24فَذَاعَ خَبَرُهُ فِي جَمِيعِ سُورِيَّةَ. فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ السُّقَمَاءِ الْمُصَابِينَ بِأَمْرَاضٍ وَأَوْجَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَالْمَجَانِينَ وَالْمَصْرُوعِينَ وَالْمَفْلُوجِينَ، فَشَفَاهُمْ. 25فَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَالْعَشْرِ الْمُدُنِ وَأُورُشَلِيمَ وَالْيَهُودِيَّةِ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ.



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ. 2فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً: 3«طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. 5طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. 6طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ. 9طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ. 10طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. 12اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ.

13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.

17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 20فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.

21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. 23فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، 24فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ. 25كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ. 26اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ!

27«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.

31«وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق. 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.

33«أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، 35وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. 36وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. 37بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.

38«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.

43«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. 46لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟ 47وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟ 48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1«اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 2فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 3وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ، 4لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.

5«وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 6وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 7وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. 8فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ.

9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. 13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ.

16«وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. 17وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، 18لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.

19«لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ، وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. 20بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ، 21لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا. 22سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، 23وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!

24«لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ. 25«لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ 26اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ 27وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ 28وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. 29وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. 30فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ 31فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1«لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، 2لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ 5يَامُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! 6لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.

7«اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 8لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. 9أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزًا، يُعْطِيهِ حَجَرًا؟ 10وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً، يُعْطِيهِ حَيَّةً؟ 11فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ! 12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.

13«اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! 14مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!

15«اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟ 17هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَارًا جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، 18لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا جَيِّدَةً. 19كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.

21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!

24«فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. 25فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. 26وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. 27فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا!».

28فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، 29لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ.



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. 2وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ».

5وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ كَفْرَنَاحُومَ، جَاءَ إِلَيْهِ قَائِدُ مِئَةٍ يَطْلُبُ إِلَيْهِ 6وَيَقُولُ: «يَا سَيِّدُ، غُلاَمِي مَطْرُوحٌ فِي الْبَيْتِ مَفْلُوجًا مُتَعَذِّبًا جِدًّا». 7فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ». 8فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي. 9لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ. لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. أَقُولُ لِهذَا: اذْهَبْ! فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: ائْتِ! فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِيَ: افْعَلْ هذَا! فَيَفْعَلُ». 10فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ تَعَجَّبَ، وَقَالَ لِلَّذِينَ يَتْبَعُونَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا! 11وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، 12وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ». 13ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ: «اذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ». فَبَرَأَ غُلاَمُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.

14وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ، رَأَى حَمَاتَهُ مَطْرُوحَةً وَمَحْمُومَةً، 15فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى، فَقَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ. 16وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ، 17لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا».

18وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعًا كَثِيرَةً حَوْلَهُ، أَمَرَ بِالذَّهَاب إِلَى الْعَبْرِ. 19فَتَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». 20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي، وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ».

23وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ تَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. 24وَإِذَا اضْطِرَابٌ عَظِيمٌ قَدْ حَدَثَ فِي الْبَحْرِ حَتَّى غَطَّتِ الأَمْوَاجُ السَّفِينَةَ، وَكَانَ هُوَ نَائِمًا. 25فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ!» 26فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟» ثُمَّ قَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ، فَصَارَ هُدُوء عَظِيمٌ. 27فَتَعَجَّبَ النَّاسُ قَائِلِينَ: «أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ جَمِيعًا تُطِيعُهُ!».

28وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ الْجِرْجَسِيِّينَ، اسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدًّا، حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ. 29وَإِذَا هُمَا قَدْ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟» 30وَكَانَ بَعِيدًا مِنْهُمْ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَةٍ تَرْعَى. 31فَالشَّيَاطِينُ طَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ تُخْرِجُنَا، فَأْذَنْ لَنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى قَطِيعِ الْخَنَازِيرِ». 32فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا». فَخَرَجُوا وَمَضَوْا إِلَى قَطِيعِ الْخَنَازِيرِ، وَإِذَا قَطِيعُ الْخَنَازِيرِ كُلُّهُ قَدِ انْدَفَعَ مِنْ عَلَى الْجُرُفِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمَاتَ فِي الْمِيَاهِ. 33أَمَّا الرُّعَاةُ فَهَرَبُوا وَمَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَخْبَرُوا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَنْ أَمْرِ الْمَجْنُونَيْنِ. 34فَإِذَا كُلُّ الْمَدِينَةِ قَدْ خَرَجَتْ لِمُلاَقَاةِ يَسُوعَ. وَلَمَّا أَبْصَرُوهُ طَلَبُوا أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْ تُخُومِهِمْ.



إنجيل مَتَّى

 

1فَدَخَلَ السَّفِينَةَ وَاجْتَازَ وَجَاءَ إِلَى مَدِينَتِهِ. 2وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحًا عَلَى فِرَاشٍ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». 3وَإِذَا قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَدْ قَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: «هذَا يُجَدِّفُ!» 4فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَالَ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟ 5أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟ 6وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». حِينَئِذٍ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!» 7فَقَامَ وَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ. 8فَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعُ تَعَجَّبُوا وَمَجَّدُوا اللهَ الَّذِي أَعْطَى النَّاسَ سُلْطَانًا مِثْلَ هذَا.

9وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، رَأَى إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ. 10وَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْبَيْتِ، إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ. 11فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» 12فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيب بَلِ الْمَرْضَى. 13فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».

14حِينَئِذٍ أَتَى إِلَيْهِ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا قَائِلِينَ: «لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ كَثِيرًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟» 15فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَنُوحُوا مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ. 16لَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق، لأَنَّ الْمِلْءَ يَأْخُذُ مِنَ الثَّوْبِ، فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ. 17وَلاَ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق عَتِيقَةٍ، لِئَلاَّ تَنْشَقَّ الزِّقَاقُ، فَالْخَمْرُ تَنْصَبُّ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ. بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ فَتُحْفَظُ جَمِيعًا».

18وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهذَا، إِذَا رَئِيسٌ قَدْ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ، لكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا». 19فَقَامَ يَسُوعُ وَتَبِعَهُ هُوَ وَتَلاَمِيذُهُ. 20وَإِذَا امْرَأَةٌ نَازِفَةُ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً قَدْ جَاءَتْ مِنْ وَرَائِهِ وَمَسَّتْ هُدْبَ ثَوْبِهِ، 21لأَنَّهَا قَالَتْ فِي نَفْسِهَا: «إِنْ مَسَسْتُ ثَوْبَهُ فَقَطْ شُفِيتُ». 22فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَأَبْصَرَهَا، فَقَالَ: «ثِقِي يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ». فَشُفِيَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 23وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ الرَّئِيسِ، وَنَظَرَ الْمُزَمِّرِينَ وَالْجَمْعَ يَضِجُّونَ، 24قَالَ لَهُمْ: «تَنَحَّوْا، فَإِنَّ الصَّبِيَّةَ لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». فَضَحِكُوا عَلَيْهِ. 25فَلَمَّا أُخْرِجَ الْجَمْعُ دَخَلَ وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا، فَقَامَتِ الصَّبِيَّةُ. 26فَخَرَجَ ذلِكَ الْخَبَرُ إِلَى تِلْكَ الأَرْضِ كُلِّهَا.

27وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، تَبِعَهُ أَعْمَيَانِ يَصْرَخَانِ وَيَقُولاَنِ: «ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ!». 28وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَيْتِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الأَعْمَيَانِ، فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هذَا؟» قَالاَ لَهُ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ!». 29حِينَئِذٍ لَمَسَ أَعْيُنَهُمَا قَائِلاً: «بِحَسَب إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا». 30فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا. فَانْتَهَرَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: «انْظُرَا، لاَ يَعْلَمْ أَحَدٌ!» 31وَلكِنَّهُمَا خَرَجَا وَأَشَاعَاهُ فِي تِلْكَ الأَرْضِ كُلِّهَا.

32وَفِيمَا هُمَا خَارِجَانِ، إِذَا إِنْسَانٌ أَخْرَسُ مَجْنُونٌ قَدَّمُوهُ إِلَيْهِ. 33فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ، فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ قَائِلِينَ: «لَمْ يَظْهَرْ قَطُّ مِثْلُ هذَا فِي إِسْرَائِيلَ!» 34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَقَالُوا: «بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ!».

35وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ. 36وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. 37حِينَئِذٍ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. 38فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ».



إنجيل مَتَّى

 

1ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ. 2وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هذِهِ: اَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ. 3فِيلُبُّسُ، وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا، وَمَتَّى الْعَشَّارُ. يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ. 4سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ.

5هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. 7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. 8اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا. 9لاَ تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، 10وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌ طَعَامَهُ.

11«وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. 12وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، 13فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ. 14وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ.

16«هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. 17وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. 18وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ. 19فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، 20لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ. 21وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، 22وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. 23وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.

24«لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. 25يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ! 26فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. 27اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ، 28وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ. 29أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. 30وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. 31فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! 32فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، 33وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.

34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. 35فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. 37مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، 38وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. 39مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. 40مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي، وَمَنْ يَقْبَلُني يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 41مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ، 42وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ».



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ أَمْرَهُ لِتَلاَمِيذِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ، انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ لِيُعَلِّمَ وَيَكْرِزَ فِي مُدُنِهِمْ.

2أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 3وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 4فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: 5اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. 6وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».

7وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هذَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ 8لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ. 9لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. 10فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ. 15مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.

16«وَبِمَنْ أُشَبِّهُ هذَا الْجِيلَ؟ يُشْبِهُ أَوْلاَدًا جَالِسِينَ فِي الأَسْوَاقِ يُنَادُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ 17وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا! 18لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ. 19جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا».

20حِينَئِذٍ ابْتَدَأَ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ لأَنَّهَا لَمْ تَتُبْ: 21«وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ. 22وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكُمَا. 23وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ. 24وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرْضَ سَدُومَ تَكُونُ لَهَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكِ».

25فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. 26نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ. 27كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ. 28تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. 29اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. 30لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ».



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1فِي ذلِكَ الْوَقْتِ ذَهَبَ يَسُوعُ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ، فَجَاعَ تَلاَمِيذُهُ وَابْتَدَأُوا يَقْطِفُونَ سَنَابِلَ وَيَأْكُلُونَ. 2فَالْفَرِّيسِيُّونَ لَمَّا نَظَرُوا قَالُوا لَهُ: «هُوَذَا تَلاَمِيذُكَ يَفْعَلُونَ مَا لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السَّبْتِ!» 3فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟ 4كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لَهُ وَلاَ لِلَّذِينَ مَعَهُ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ. 5أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ الْكَهَنَةَ فِي السَّبْتِ فِي الْهَيْكَلِ يُدَنِّسُونَ السَّبْتَ وَهُمْ أَبْرِيَاءُ؟ 6وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ههُنَا أَعْظَمَ مِنَ الْهَيْكَلِ! 7فَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لَمَا حَكَمْتُمْ عَلَى الأَبْرِيَاءِ! 8فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا».

9ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى مَجْمَعِهِمْ، 10وَإِذَا إِنْسَانٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ، فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «هَلْ يَحِلُّ الإِبْرَاءُ فِي السُّبُوتِ؟» لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ. 11فَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ سَقَطَ هذَا فِي السَّبْتِ فِي حُفْرَةٍ، أَفَمَا يُمْسِكُهُ وَيُقِيمُهُ؟ 12فَالإِنْسَانُ كَمْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْخَرُوفِ! إِذًا يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ!» 13ثُمَّ قَالَ لِلإِنْسَانِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا. فَعَادَتْ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى.

14فَلَمَّا خَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ تَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ، 15فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعًا. 16وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ، 17لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 18«هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ. 19لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. 20قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. 21وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».

22حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ، حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ. 23فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟» 24أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «هذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ». 25فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. 26فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ 27وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! 28وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ! 29أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟ 30مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. 31لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. 32وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي. 33اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّدًا، أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيًّا، لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. 34يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. 35اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ. 36وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ. 37لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ».

38حِينَئِذٍ أَجَابَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً». 39فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 40لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ. 41رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا! 42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! 43إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ، يَطْلُبُ رَاحَةً وَلاَ يَجِدُ. 44ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ فَارِغًا مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. 45ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ! هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ الشَّرِّيرِ».

46وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. 47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». 48فَأَجَابَ وَقَالَ لِلْقَائِلِ لَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتي؟» 49ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».



إنجيل مَتَّى

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1فِي ذلِكَ الْيَوْمِ خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبَحْرِ، 2فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ. وَالْجَمْعُ كُلُّهُ وَقَفَ عَلَى الشَّاطِئِ. 3فَكَلَّمَهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال قَائِلاً: «هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ، 4وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ. 5وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. 6وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ. 7وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. 8وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ. 9مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ»

10فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ. 12فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ. 13مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال، لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. 14فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ. 15لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ. 16وَلكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَلآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ. 17فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا.

18«فَاسْمَعُوا أَنْتُمْ مَثَلَ الزَّارِعِ:

19كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ. 20وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ، 21وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ. 22وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. 23وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ».

24قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قِائِلاً: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ. 25وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى. 26فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَرًا، حِينَئِذٍ ظَهَرَ الزَّوَانُ أَيْضًا. 27فَجَاءَ عَبِيدُ رَبِّ الْبَيْتِ وَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَلَيْسَ زَرْعًا جَيِّدًا زَرَعْتَ فِي حَقْلِكَ؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ زَوَانٌ؟. 28فَقَالَ لَهُمْ: إِنْسَانٌ عَدُوٌّ فَعَلَ هذَا. فَقَالَ لَهُ الْعَبِيدُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَهُ؟ 29فَقَالَ: لاَ! لِئَلاَّ تَقْلَعُوا الْحِنْطَةَ مَعَ الزَّوَانِ وَأَنْتُمْ تَجْمَعُونَهُ. 30دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى الْحَصَادِ، وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أَوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني».

31قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قَائِلاً: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ، 32وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ، وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا».

33قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ». 34هذَا كُلُّهُ كَلَّمَ بِهِ يَسُوعُ الْجُمُوعَ بِأَمْثَال، وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ، 35لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «سَأَفْتَحُ بِأَمْثَال فَمِي، وَأَنْطِقُ بِمَكْتُومَاتٍ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ».

36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ». 37فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ. 38وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ. 39وَالْعَدُوُّ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيسُ. وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ. 40فَكَمَا يُجْمَعُ الزَّوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ، هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هذَا الْعَالَمِ: 41يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ، 42وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. 43حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ.

44«أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزًا مُخْفىً فِي حَقْل، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ. 45أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً، 46فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا. 47أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. 48فَلَمَّا امْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى الشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا الْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا الأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا. 49هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ: يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ، 50وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».

51قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَفَهِمْتُمْ هذَا كُلَّهُ؟» فَقَالُوا: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ». 52فَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كُلُّ كَاتِبٍ مُتَعَلِّمٍ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ يُخْرِجُ مِنْ كَنْزِهِ جُدُدًا وَعُتَقَاءَ». 53وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَمْثَالَ انْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ.

54وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟ 55أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟ 56أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ جَمِيعُهُنَّ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ كُلُّهَا؟» 57فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَفِي بَيْتِهِ». 58وَلَمْ يَصْنَعْ هُنَاكَ قُوَّاتٍ كَثِيرَةً لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ.



إنجيل مَتَّى

 

1فِي ذلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ خَبَرَ يَسُوعَ، 2فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ: «هذَا هُوَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ! وَلِذلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّاتُ».

3فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، 4لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ». 5وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ خَافَ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ. 6ثُمَّ لَمَّا صَارَ مَوْلِدُ هِيرُودُسَ، رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسْطِ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ. 7مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ يُعْطِيهَا. 8فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ: «أَعْطِني ههُنَا عَلَى طَبَق رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ». 9فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ. وَلكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى. 10فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ. 11فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَق وَدُفِعَ إِلَى الصَّبِيَّةِ، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهَا. 12فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَرَفَعُوا الْجَسَدَ وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ أَتَوْا وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ.

13فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ فِي سَفِينَةٍ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدًا. فَسَمِعَ الْجُمُوعُ وَتَبِعُوهُ مُشَاةً مِنَ الْمُدُنِ.

14فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ أَبْصَرَ جَمْعًا كَثِيرًا فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ. 15وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ قَدْ مَضَى. اِصْرِفِ الْجُمُوعَ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الْقُرَى وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ طَعَامًا». 16فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لاَ حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». 17فَقَالُوا لَهُ: «لَيْسَ عِنْدَنَا ههُنَا إِلاَّ خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَانِ». 18فَقَالَ: «ائْتُوني بِهَا إِلَى هُنَا». 19فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ. 20فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءةً. 21وَالآكِلُونَ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُل، مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ.

22وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الْعَبْرِ حَتَّى يَصْرِفَ الْجُمُوعَ. 23وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ مُنْفَرِدًا لِيُصَلِّيَ. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ. 24وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً. 25وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ. 26فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ خَيَالٌ». وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا! 27فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلاً: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا». 28فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ». 29فَقَالَ: «تَعَالَ». فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ. 30وَلكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلاً: «يَارَبُّ، نَجِّنِي!». 31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟» 32وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ. 33وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!».

34فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ، 35فَعَرَفَهُ رِجَالُ ذلِكَ الْمَكَانِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى جَمِيعِ تِلْكَ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى، 36وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ فَقَطْ. فَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ.



إنجيل مَتَّى

 

1حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ الَّذِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: 2«لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزًا؟» 3فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ أَيْضًا، لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ؟ 4فَإِنَّ اللهَ أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا. 5وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلاَ يُكْرِمُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. 6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً:

8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».

10ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا وَافْهَمُوا. 11لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ». 12حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَقَالُوالَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا الْقَوْلَ نَفَرُوا؟» 13فَأَجَابَ وَقَالَ: «كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ. 14اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ». 15فَأَّجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضًا حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ 17أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ؟ 18وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، 19لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ. 20هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا الأَكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».

21ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». 27فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». 28حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.

29ثُمَّ انْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى جَانِب بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. 30فَجَاءَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ، وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ 31حَتَّى تَعَجَّبَ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوْا الْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ، وَالشُّلَّ يَصِحُّونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ. وَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيلَ.

32وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ» 33فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعًا هذَا عَدَدُهُ؟» 34فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ وَقَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ». 35فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، 36وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ. 37فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ سَبْعَةَ سِلاَل مَمْلُوءَةٍ، 38وَالآكِلُونَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفِ رَجُل مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ. 39ثُمَّ صَرَفَ الْجُمُوعَ وَصَعِدَ إِلَى السَّفِينَةِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ مَجْدَلَ.



إنجيل مَتَّى

 

1وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ. 2فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«إِذَا كَانَ الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ. 3وَفِي الصَّبَاحِ: الْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ. يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ، وَأَمَّا عَلاَمَاتُ الأَزْمِنَةِ فَلاَ تَسْتَطِيعُونَ! 4جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ». ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَمَضَى.

5وَلَمَّا جَاءَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعَبْرِ نَسُوا أَنْ يَأْخُذُوا خُبْزًا. 6وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْظُرُوا، وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ». 7فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا لَمْ نَأْخُذْ خُبْزًا». 8فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ أَنَّكُمْ لَمْ تَأْخُذُوا خُبْزًا؟ 9أَحَتَّى الآنَ لاَ تَفْهَمُونَ؟ وَلاَ تَذْكُرُونَ خَمْسَ خُبْزَاتِ الْخَمْسَةِ الآلاَفِ وَكَمْ قُفَّةً أَخَذْتُمْ؟ 10وَلاَ سَبْعَ خُبْزَاتِ الأَرْبَعَةِ الآلاَفِ وَكَمْ سَّلاً أَخَذْتُمْ؟ 11كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ أَنِّي لَيْسَ عَنِ الْخُبْزِ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ تَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ؟» 12حِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْخُبْزِ، بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ.

13وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» 14فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 15قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» 16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!». 17فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ». 20حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ.

21مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ. 22فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: «حَاشَاكَ يَارَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!» 23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَاشَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».

24حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، 25فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. 26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ 27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. 28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ».



إنجيل مَتَّى

 

1وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. 2وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. 3وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. 4فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَارَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ». 5وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا». 6وَلَمَّا سَمِعَ التَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدًّا. 7فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: «قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا». 8فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ.

9وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ». 10وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» 11فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. 12وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». 13حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.

14وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الْجَمْعِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلٌ جَاثِيًا لَهُ 15وَقَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، ارْحَمِ ابْني فَإِنَّهُ يُصْرَعُ وَيَتَأَلَّمُ شَدِيدًا، وَيَقَعُ كَثِيرًا فِي النَّارِ وَكَثِيرًا فِي الْمَاءِ. 16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، الْمُلْتَوِي، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ ههُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ، فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».

22وَفِيمَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ 23فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». فَحَزِنُوا جِدًّا.

24وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرَنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: «أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟» 25قَالَ: «بَلَى». فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ سَبَقَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «مَاذَا تَظُنُّ يَا سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ، أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟» 26قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «مِنَ الأَجَانِبِ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَإِذًا الْبَنُونَ أَحْرَارٌ. 27وَلكِنْ لِئَلاَّ نُعْثِرَهُمُ، اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً، وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا، وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا، فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».



إنجيل مَتَّى

 

1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ 3وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5وَمَنْ قَبِلَ وَلَدًا وَاحِدًا مِثْلَ هذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي. 6وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ. 7وَيْلٌ لِلْعَالَمِ مِنَ الْعَثَرَاتِ! فَلاَ بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ! 8فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلاَنِ. 9وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ. 10«اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 11لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ. 12مَاذَا تَظُنُّونَ؟ إِنْ كَانَ لإِنْسَانٍ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَضَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا، أَفَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ عَلَى الْجِبَالِ وَيَذْهَبُ يَطْلُبُ الضَّالَّ؟ 13وَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ يَجِدَهُ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَفْرَحُ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الَّتِي لَمْ تَضِلَّ. 14هكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ.

15«وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. 16وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. 17وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ. 18اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ. 19وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، 20لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ».

21حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَارَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» 22قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ. 23لِذلِكَ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ عَبِيدَهُ. 24فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ. 25وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا لَهُ، وَيُوفَي الدَّيْنُ. 26فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. 27فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ. 28وَلَمَّا خَرَجَ ذلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ، كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلاً: أَوْفِني مَا لِي عَلَيْكَ. 29فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. 30فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ. 31فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ، حَزِنُوا جِدًّا. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ كُلَّ مَا جَرَى. 32فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ. 33أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟. 34وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. 35فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَّلاَتِهِ».



إنجيل مَتَّى

 

1وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذَا الْكَلاَمَ انْتَقَلَ مِنَ الْجَلِيلِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. 2وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ هُنَاكَ.

3وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» 4فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ 5وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. 6إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». 7قَالُوا لَهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟» 8قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا. 9وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي». 10قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».

13حِينَئِذٍ قُدِّمَ إِلَيْهِ أَوْلاَدٌ لِكَيْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّيَ، فَانْتَهَرَهُمُ التَّلاَمِيذُ. 14أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ». 15فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى مِنْ هُنَاكَ.

16وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟» 21قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ.

23فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ! 24وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!». 25فَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ بُهِتُوا جِدًّا قَائِلِينَ: «إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 26فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ».

27فَأَجَابَ بُطْرُسُ حِينَئِذٍ وَقَالَ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا؟» 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 30وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ.



إنجيل مَتَّى

 

1«فَإِنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ خَرَجَ مَعَ الصُّبْحِ لِيَسْتَأْجِرَ فَعَلَةً لِكَرْمِهِ، 2فَاتَّفَقَ مَعَ الْفَعَلَةِ عَلَى دِينَارٍ فِي الْيَوْمِ، وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى كَرْمِهِ. 3ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ وَرَأَى آخَرِينَ قِيَامًا فِي السُّوقِ بَطَّالِينَ، 4فَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا إِلَى الْكَرْمِ فَأُعْطِيَكُمْ مَا يَحِقُّ لَكُمْ. فَمَضَوْا. 5وَخَرَجَ أَيْضًا نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَفَعَلَ كَذلِكَ. 6ثُمَّ نَحْوَ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ خَرَجَ وَوَجَدَ آخَرِينَ قِيَامًا بَطَّالِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا وَقَفْتُمْ ههُنَا كُلَّ النَّهَارِ بَطَّالِينَ؟ 7قَالُوا لَهُ: لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْنَا أَحَدٌ. قَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا إِلَى الْكَرْمِ فَتَأْخُذُوا مَا يَحِقُّ لَكُمْ. 8فَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ قَالَ صَاحِبُ الْكَرْمِ لِوَكِيلِهِ: ادْعُ الْفَعَلَةَ وَأَعْطِهِمُ الأُجْرَةَ مُبْتَدِئًا مِنَ الآخِرِينَ إِلَى الأَوَّلِينَ. 9فَجَاءَ أَصْحَابُ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَأَخَذُوا دِينَارًا دِينَارًا. 10فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَكْثَرَ. فَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا دِينَارًا دِينَارًا. 11وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ 12قَائِلِينَ: هؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ! 13فَأجَابَ وَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ: يَا صَاحِبُ، مَا ظَلَمْتُكَ! أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟ 14فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَ هذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ. 15أَوَ مَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ بِمَا لِي؟ أَمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأَنِّي أَنَا صَالِحٌ؟ 16هكَذَا يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ، لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ».

17وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذًا عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ: 18«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، 19وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».

20حِينَئِذٍ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ أُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي مَعَ ابْنَيْهَا، وَسَجَدَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ شَيْئًا. 21فَقَالَ لَهَا: «مَاذَا تُرِيدِينَ؟» قَالَتْ لَهُ: «قُلْ أَنْ يَجْلِسَ ابْنَايَ هذَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنِ الْيَسَارِ فِي مَلَكُوتِكَ». 22فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ. أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي سَوْفَ أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ بِهَا أَنَا؟» قَالاَ لَهُ: «نَسْتَطِيعُ». 23فَقَالَ لَهُمَا: «أَمَّا كَأْسِي فَتَشْرَبَانِهَا، وَبِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا تَصْطَبِغَانِ. وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِيني وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ أَبِي». 24فَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ اغْتَاظُوا مِنْ أَجْلِ الأَخَوَيْنِ. 25فَدَعَاهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْعُظَمَاءَ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ. 26فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا، 27وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلاً فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا، 28كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».

29وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ مِنْ أَرِيحَا تَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ، 30وَإِذَا أَعْمَيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ. فَلَمَّا سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ مُجْتَازٌ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ!» 31فَانْتَهَرَهُمَا الْجَمْعُ لِيَسْكُتَا، فَكَانَا يَصْرَخَانِ أَكْثَرَ قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ!» 32فَوَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَاهُمَا وَقَالَ: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ بِكُمَا؟» 33قَالاَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَنْ تَنْفَتِحَ أَعْيُنُنَا!» 34فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَلَمَسَ أَعْيُنَهُمَا، فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَتْ أَعْيُنُهُمَا فَتَبِعَاهُ.



إنجيل مَتَّى

 

1وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا. 3وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا». 4فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 5«قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ». 6فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، 7وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا. 8وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. 9وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!». 10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».

12وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ 13وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!» 14وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. 15فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ!»، غَضِبُوا 16وَقَالُوا لَهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟». 17ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ.

18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ، 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟» 21فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ. 22وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ».

23وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْهَيْكَلِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب وَهُوَ يُعَلِّمُ، قَائِلِينَ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ وَمَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ؟» 24فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ قُلْتُمْ لِي عَنْهَا أَقُولُ لَكُمْ أَنَا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا: 25مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟» فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ لَنَا: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 26وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، نَخَافُ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّ يُوحَنَّا عِنْدَ الْجَمِيعِ مِثْلُ نَبِيٍّ». 27فَأَجَابُوا يَسُوعَ وَقَالُوا: «لاَ نَعْلَمُ». فَقَالَ لَهُمْ هُوَ أَيْضًا: «وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.

28«مَاذَا تَظُنُّونَ؟ كَانَ لإِنْسَانٍ ابْنَانِ، فَجَاءَ إِلَى الأَوَّلِ وَقَالَ: يَا ابْنِي، اذْهَب الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي. 29فَأَجَابَ وَقَالَ: مَا أُرِيدُ. وَلكِنَّهُ نَدِمَ أَخِيرًا وَمَضَى. 30وَجَاءَ إِلَى الثَّاني وَقَالَ كَذلِكَ. فَأَجَابَ وَقَالَ: هَا أَنَا يَا سَيِّدُ. وَلَمْ يَمْضِ. 31فَأَيُّ الاثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ الأَبِ؟»

قَالُوا لَهُ: «الأَوَّلُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ، 32لأَنَّ يُوحَنَّا جَاءَكُمْ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَمَّا الْعَشَّارُونَ وَالزَّوَاني فَآمَنُوا بِهِ. وَأَنْتُمْ إِذْ رَأَيْتُمْ لَمْ تَنْدَمُوا أَخِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِهِ.

33«اِسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْمًا، وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا. 36ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذلِكَ. 37فَأَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الابْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا! 43لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!».

45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ، عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ، خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.



إنجيل مَتَّى

 

1وَجَعَلَ يَسُوعُ يُكَلِّمُهُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال قَائِلاً: 2«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا صَنَعَ عُرْسًا لابْنِهِ، 3وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا الْمَدْعُوِّينَ إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا. 4فَأَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ قَائِلاً: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هُوَذَا غَدَائِي أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ! 5وَلكِنَّهُمْ تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا، وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ، 6وَالْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ وَشَتَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ. 7فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ. 8ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا الْعُرْسُ فَمُسْتَعَدٌّ، وَأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ. 9فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فَادْعُوهُ إِلَى الْعُرْسِ. 10فَخَرَجَ أُولئِكَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ. فَامْتَلأَ الْعُرْسُ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ. 11فَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ، رَأَى هُنَاكَ إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لاَبِسًا لِبَاسَ الْعُرْسِ. 12فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ الْعُرْسِ؟ فَسَكَتَ. 13حِينَئِذٍ قَالَ الْمَلِكُ لِلْخُدَّامِ: ارْبُطُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَخُذُوهُ وَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. 14لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ».

15حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. 16فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. 17فَقُلْ لَنَا: مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ 19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَارًا. 20فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ». 22فَلَمَّا سَمِعُوا تَعَجَّبُوا وَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.

23فِي ذلِكَ الْيَوْمِ جَاءَ إِلَيْهِ صَدُّوقِيُّونَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، فَسَأَلُوهُ 24قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلاَدٌ، يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ بِامْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلاً لأَخِيهِ. 25فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ، وَتَزَوَّجَ الأَوَّلُ وَمَاتَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ تَرَكَ امْرَأَتَهُ لأَخِيهِ. 26وَكَذلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلَى السَّبْعَةِ. 27وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. 28فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ!» 29فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ. 30لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ. 31وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: 32أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ». 33فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ.

34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعًا، 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلاً: 36«يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».

41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ 42قَائلاً: «مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.



إنجيل مَتَّى

 

1حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ 2قَائِلاً: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، 3فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ. 4فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ، 5وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ، 6وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، 7وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي! 8وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ. 9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 10وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ. 11وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ. 12فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.

13«لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا. 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَب الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ. 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟ 18وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ. 19أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟ 20فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ! 21وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ، 22وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ. 23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. 29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، 30وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ 34لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، 35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!

37«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا. 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».



إنجيل مَتَّى

 

1ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ، فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ. 2فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!».

3وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟» 4فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 6وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. 7لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ. 8وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. 9حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. 10وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. 11وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 12وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ. 13وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. 14وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.

15«فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ ­لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ­ 16فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، 17وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، 18وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. 19وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! 20وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ، 21لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. 22وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ. 23حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 24لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. 25هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. 26فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 27لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 28لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ.

29«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.

36«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. 37وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 38لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ، 39وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 40حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. 41اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.

42«اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. 43وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 44لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ.

45فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ؟ 46طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! 47اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. 48وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ الرَّدِيُّ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ. 49فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْعَبِيدَ رُفَقَاءَهُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السُّكَارَى. 50يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، 51فَيُقَطِّعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْمُرَائِينَ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.



إنجيل مَتَّى

 

1«حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. 2وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. 3أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، 4وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. 5وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. 6فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! 7فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. 8فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. 9فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. 10وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. 11أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! 12فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. 13فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ.

14«وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، 15فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. 16فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. 17وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. 18وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. 19وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. 20فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. 21فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 22ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. 23قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. 24ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. 25فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. 26فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، 27فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا. 28فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. 29لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 30وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.

31«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. 32وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، 33فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. 34ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 35لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. 36عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. 37فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ 38وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ 39وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ 40فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.

41«ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، 42لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. 43كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي. 44حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضًا قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا أَوْ عَطْشَانًا أَوْ غَرِيبًا أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ 45فَيُجِيبُهُمْ قِائِلاً: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. 46فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».



إنجيل مَتَّى

 

1وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ كُلَّهَا قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: 2«تَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ يَكُونُ الْفِصْحُ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ لِيُصْلَبَ».

3حِينَئِذٍ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَشُيُوخُ الشَّعْب إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الَّذِي يُدْعَى قَيَافَا، 4وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يُمْسِكُوا يَسُوعَ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُوهُ. 5وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: «لَيْسَ فِي الْعِيدِ لِئَلاَّ يَكُونَ شَغَبٌ فِي الشَّعْبِ».

6وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ عَنْيَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ، 7تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيب كَثِيرِ الثَّمَنِ، فَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ. 8فَلَمَّا رَأَى تَلاَمِيذُهُ ذلِكَ اغْتَاظُوا قَائِلِينَ: «لِمَاذَا هذَا الإِتْلاَفُ؟ 9لأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هذَا الطِّيبُ بِكَثِيرٍ وَيُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ». 10فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُزْعِجُونَ الْمَرْأَةَ؟ فَإِنَّهَا قَدْ عَمِلَتْ بِي عَمَلاً حَسَنًا! 11لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ. 12فَإِنَّهَا إِذْ سَكَبَتْ هذَا الطِّيبَ عَلَى جَسَدِي إِنَّمَا فَعَلَتْ ذلِكَ لأَجْلِ تَكْفِينِي. 13اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهذَا الإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ، يُخْبَرْ أَيْضًا بِمَا فَعَلَتْهُ هذِهِ تَذْكَارًا لَهَا».

14حِينَئِذٍ ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ، إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ 15وَقَالَ: «مَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُعْطُوني وَأَنَا أُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ؟» فَجَعَلُوا لَهُ ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. 16وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ كَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ.

17وَفِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْفَطِيرِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟» 18فَقَالَ: «اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي». 19فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ.

20وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ اتَّكَأَ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 21وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ قَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي». 22فَحَزِنُوا جِدًّا، وَابْتَدَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ لَهُ: «هَلْ أَنَا هُوَ يَارَبُّ؟» 23فَأَجَابَ وَقَالَ: «الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ يُسَلِّمُنِي! 24إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!». 25فَأَجَابَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ وَقَالَ: «هَلْ أَنَا هُوَ يَا سَيِّدِي؟» قَالَ لَهُ: «أَنْتَ قُلْتَ».

26وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، 28لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 29وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هذَا إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي». 30ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ.

31حِينَئِذٍ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِىَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ. 32وَلكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ». 33فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا». 34قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 35قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!» هكَذَا قَالَ أَيْضًا جَمِيعُ التَّلاَمِيذِ.

36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا ههُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». 37ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبْدِي، وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. 38فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ. اُمْكُثُوا ههُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي». 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». 40ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «أَهكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟ 41اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ». 42فَمَضَى أَيْضًا ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا، فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». 43ثُمَّ جَاءَ فَوَجَدَهُمْ أَيْضًا نِيَامًا، إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً. 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضًا وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ. 45ثُمَّ جَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! هُوَذَا السَّاعَةُ قَدِ اقْتَرَبَتْ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ. 46قُومُوا نَنْطَلِقْ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُني قَدِ اقْتَرَبَ!».

47وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ، إِذَا يَهُوذَا أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ قَدْ جَاءَ وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخِ الشَّعْبِ. 48وَالَّذِي أَسْلَمَهُ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلاً: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ». 49فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ. 50فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا صَاحِبُ، لِمَاذَا جِئْتَ؟» حِينَئِذٍ تَقَدَّمُوا وَأَلْقَوْا الأَيَادِيَ عَلَى يَسُوعَ وَأَمْسَكُوهُ. 51وَإِذَا وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَ يَسُوعَ مَدَّ يَدَهُ وَاسْتَلَّ سَيْفَهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ. 52فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! 53أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ 54فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟».

55فِي تِلْكَ السَّاعَةِ قَالَ يَسُوعُ لِلْجُمُوعِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ أَجْلِسُ مَعَكُمْ أُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ وَلَمْ تُمْسِكُونِي. 56وَأَمَّا هذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ». حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلاَمِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا.

57وَالَّذِينَ أَمْسَكُوا يَسُوعَ مَضَوْا بِهِ إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، حَيْثُ اجْتَمَعَ الْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ. 58وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَدَخَلَ إِلَى دَاخِل وَجَلَسَ بَيْنَ الْخُدَّامِ لِيَنْظُرَ النِّهَايَةَ. 59وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ، 60فَلَمْ يَجِدُوا. وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ، لَمْ يَجِدُوا. وَلكِنْ أَخِيرًا تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ 61وَقَالاَ: «هذَا قَالَ: إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ». 62فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هذَانِ عَلَيْكَ؟» 63وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا. فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟» 64قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ». 65فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلاً: «قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ! 66مَاذَا تَرَوْنَ؟» فَأَجَابُوا وَقَالوُا: «إِنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ». 67حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ، وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ 68قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ، مَنْ ضَرَبَكَ؟».

69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِسًا خَارِجًا فِي الدَّارِ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ!». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيل جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقًّا أَنْتَ أَيْضًا مِنْهُمْ، فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. 75فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ الَّذِي قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا.



إنجيل مَتَّى

 

1وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، 2فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي.

3حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ، نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ 4قَائِلاً: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا». فَقَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!» 5فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. 6فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ». 7فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ. 8لِهذَا سُمِّيَ ذلِكَ الْحَقْلُ «حَقْلَ الدَّمِ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 9حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «وَأَخَذُوا الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، ثَمَنَ الْمُثَمَّنِ الَّذِي ثَمَّنُوهُ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ، 10وَأَعْطَوْهَا عَنْ حَقْلِ الْفَخَّارِيِّ، كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ».

11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلاً: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ». 12وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. 13فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟» 14فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا.

15وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ. 16وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ. 17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 19وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». 20وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. 21فَأجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْ الاثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟» فَقَالُوا: «بَارَابَاسَ!». 22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ!» 23فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!».

25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.

27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.

32وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا إِنْسَانًا قَيْرَوَانِيًّا اسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ. 33وَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى «مَوْضِعَ الْجُمْجُمَةِ» 34أَعْطَوْهُ خَّلاً مَمْزُوجًا بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ. 35وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». 36ثُمَّ جَلَسُوا يَحْرُسُونَهُ هُنَاكَ. 37وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ». 38حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ، وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ.

39وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ 40قَائِلِينَ: «يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!». 41وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: 42«خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ! 43قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللهِ، فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللهِ!». 44وَبِذلِكَ أَيْضًا كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ.

45وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ 47فَقَوْمٌ مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا». 48وَلِلْوَقْتِ رَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً وَمَلأَهَا خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ. 49وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا: «اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ!». 50فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.

51وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، 52وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ. 54وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوْا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ، خَافُوا جِدًّا وَقَالُوا: «حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ!». 55وَكَانَتْ هُنَاكَ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُنَّ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَ يَسُوعَ مِنَ الْجَلِيلِ يَخْدِمْنَهُ، 56وَبَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَيُوسِي، وَأُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي.

57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْمِيذًا لِيَسُوعَ. 58فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ، 60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَرًا كَبِيرًا عَلَى بَاب الْقَبْرِ وَمَضَى. 61وَكَانَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى جَالِسَتَيْنِ تُجَاهَ الْقَبْرِ.

62وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ 63قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. 64فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!» 65فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ». 66فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.



إنجيل مَتَّى

 

1وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. 2وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. 4فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. 5فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ: «لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. 6لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ. 7وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا». 8فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. 10فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي».

11وَفِيمَا هُمَا ذَاهِبَتَانِ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ. 12فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ، وَتَشَاوَرُوا، وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً 13قَائِلِينَ: «قُولُوا إِنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلاً وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ. 14وَإِذَا سُمِعَ ذلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ». 15فَأَخَذُوا الْفِضَّةَ وَفَعَلُوا كَمَا عَلَّمُوهُمْ، فَشَاعَ هذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.

16وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. 17وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. 18فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، 19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.

 

مرقس

إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ،

2كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي، الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 3صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». 4كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 5وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ. 6وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ وَبَرَ الإِبِلِ، وَمِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقْوَيْهِ، وَيَأْكُلُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا. 7وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلاً: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. 8أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ».

9وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ. 10وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ، وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلاً عَلَيْهِ. 11وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».

12وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، 13وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ.

14وَبَعْدَمَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللهِ

15وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ».

16وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 17فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاسِ». 18فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ. 19ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ قَلِيلاً فَرَأَى يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، وَهُمَا فِي السَّفِينَةِ يُصْلِحَانِ الشِّبَاكَ. 20فَدَعَاهُمَا لِلْوَقْتِ. فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي السَّفِينَةِ مَعَ الأَجْرَى وَذَهَبَا وَرَاءَهُ.

21ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ، وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. 22فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. 23وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، فَصَرَخَ 24قَائِلاً: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!» 25فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!» 26فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ. 27فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «مَا هذَا؟ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ!» 28فَخَرَجَ خَبَرُهُ لِلْوَقْتِ فِي كُلِّ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْجَلِيلِ.

29وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْمَجْمَعِ جَاءُوا لِلْوَقْتِ إِلَى بَيْتِ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ مَعَ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، 30وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ مُضْطَجِعَةً مَحْمُومَةً، فَلِلْوَقْتِ أَخْبَرُوهُ عَنْهَا. 31فَتَقَدَّمَ وَأَقَامَهَا مَاسِكًا بِيَدِهَا، فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى حَالاً وَصَارَتْ تَخْدِمُهُمْ. 32وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، إِذْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَدَّمُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ السُّقَمَاءِ وَالْمَجَانِينَ. 33وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا مُجْتَمِعَةً عَلَى الْبَابِ. 34فَشَفَى كَثِيرِينَ كَانُوا مَرْضَى بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَخْرَجَ شَيَاطِينَ كَثِيرَةً، وَلَمْ يَدَعِ الشَّيَاطِينَ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ.

35وَفِي الصُّبْحِ بَاكِرًا جِدًّا قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ، 36فَتَبِعَهُ سِمْعَانُ وَالَّذِينَ مَعَهُ. 37وَلَمَّا وَجَدُوهُ قَالُوا لَهُ: «إِنَّ الْجَمِيعَ يَطْلُبُونَكَ». 38فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَذْهَبْ إِلَى الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لأَكْرِزَ هُنَاكَ أَيْضًا، لأَنِّي لِهذَا خَرَجْتُ». 39فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِهِمْ فِي كُلِّ الْجَلِيلِ وَيُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ.

40فَأَتَى إِلَيْهِ أَبْرَصُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ جَاثِيًا وَقَائِلاً لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي» 41فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ لَهُ: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». 42فَلِلْوَقْتِ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ وَطَهَرَ. 43فَانْتَهَرَهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْوَقْتِ، 44وَقَالَ لَهُ: «انْظُرْ، لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ شَيْئًا، بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى، شَهَادَةً لَهُمْ». 45وَأَمَّا هُوَ فَخَرَجَ وَابْتَدَأَ يُنَادِي كَثِيرًا وَيُذِيعُ الْخَبَرَ، حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةً ظَاهِرًا، بَلْ كَانَ خَارِجًا فِي مَوَاضِعَ خَالِيَةٍ، وَكَانُوا يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ.



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1ثُمَّ دَخَلَ كَفْرَنَاحُومَ أَيْضًا بَعْدَ أَيَّامٍ، فَسُمِعَ أَنَّهُ فِي بَيْتٍ. 2وَلِلْوَقْتِ اجْتَمَعَ كَثِيرُونَ حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَسَعُ وَلاَ مَا حَوْلَ الْبَابِ. فَكَانَ يُخَاطِبُهُمْ بِالْكَلِمَةِ. 3وَجَاءُوا إِلَيْهِ مُقَدِّمِينَ مَفْلُوجًا يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ. 4وَإِذْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْتَرِبُوا إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِ الْجَمْعِ، كَشَفُوا السَّقْفَ حَيْثُ كَانَ. وَبَعْدَ مَا نَقَبُوهُ دَلَّوُا السَّرِيرَ الَّذِي كَانَ الْمَفْلُوجُ مُضْطَجِعًا عَلَيْهِ. 5فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». 6وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ: 7«لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هذَا هكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟» 8فَلِلْوَقْتِ شَعَرَ يَسُوعُ بِرُوحِهِ أَنَّهُمْ يُفَكِّرُونَ هكَذَا فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِهذَا فِي قُلُوبِكُمْ؟ 9أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ لِلْمَفْلُوجِ: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟ 10وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: 11«لَكَ أَقُولُ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!». 12فَقَامَ لِلْوَقْتِ وَحَمَلَ السَّرِيرَ وَخَرَجَ قُدَّامَ الْكُلِّ، حَتَّى بُهِتَ الْجَمِيعُ وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هذَا قَطُّ!».

13ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا إِلَى الْبَحْرِ. وَأَتَى إِلَيْهِ كُلُّ الْجَمْعِ فَعَلَّمَهُمْ. 14وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى لاَوِيَ بْنَ حَلْفَى جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ. 15وَفِيمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِهِ كَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَتَّكِئُونَ مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ، لأَنَّهُمْ كَانُوا كَثِيرِينَ وَتَبِعُوهُ. 16وَأَمَّا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ يَأْكُلُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ، قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا بَالُهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» 17فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».

18وَكَانَ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا وَالْفَرِّيسِيِّينَ يَصُومُونَ، فَجَاءُوا وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَصُومُ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا وَالْفَرِّيسِيِّينَ، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟» 19فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَصُومُوا وَالْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَصُومُوا. 20وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. 21لَيْسَ أَحَدٌ يَخِيطُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق، وَإِلاَّ فَالْمِلْءُ الْجَدِيدُ يَأْخُذُ مِنَ الْعَتِيقِ فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ. 22وَلَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق عَتِيقَةٍ، لِئَلاَّ تَشُقَّ الْخَمْرُ الْجَدِيدَةُ الزِّقَاقَ، فَالْخَمْرُ تَنْصَبُّ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ. بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ».

23وَاجْتَازَ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ، فَابْتَدَأَ تَلاَمِيذُهُ يَقْطِفُونَ السَّنَابِلَ وَهُمْ سَائِرُونَ. 24فَقَالَ لَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «انْظُرْ! لِمَاذَا يَفْعَلُونَ فِي السَّبْتِ مَا لاَ يَحِلُّ؟» 25فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ احْتَاجَ وَجَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟ 26كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ فِي أَيَّامِ أَبِيَأَثَارَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلاَّ لِلْكَهَنَةِ، وَأَعْطَى الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَيْضًا». 27ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ. 28إِذًا ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1ثُمَّ دَخَلَ أَيْضًا إِلَى الْمَجْمَعِ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ. 2فَصَارُوا يُرَاقِبُونَهُ: هَلْ يَشْفِيهِ فِي السَّبْتِ؟ لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ. 3فَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْيَدُ الْيَابِسَةُ: «قُمْ فِي الْوَسْطِ!» 4ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟». فَسَكَتُوا. 5فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى. 6فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ.

7فَانْصَرَفَ يَسُوعُ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَمِنَ الْيَهُودِيَّةِ 8وَمِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ أَدُومِيَّةَ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. وَالَّذِينَ حَوْلَ صُورَ وَصَيْدَاءَ، جَمْعٌ كَثِيرٌ، إِذْ سَمِعُوا كَمْ صَنَعَ أَتَوْا إِلَيْهِ. 9فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ أَنْ تُلاَزِمَهُ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ لِسَبَبِ الْجَمْعِ، كَيْ لاَ يَزْحَمُوهُ، 10لأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَفَى كَثِيرِينَ، حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهِ لِيَلْمِسَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ دَاءٌ. 11وَالأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ حِينَمَا نَظَرَتْهُ خَرَّتْ لَهُ وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «إِنَّكَ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!». 12وَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ.

13ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. 14وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا، 15وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ الأَمْرَاضِ وَإِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ. 16وَجَعَلَ لِسِمْعَانَ اسْمَ بُطْرُسَ. 17وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ. 18وَأَنْدَرَاوُسَ، وَفِيلُبُّسَ، وَبَرْثُولَمَاوُسَ، وَمَتَّى، وَتُومَا، وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسَ، وَسِمْعَانَ الْقَانَوِيَّ، 19وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. ثُمَّ أَتَوْا إِلَى بَيْتٍ. 20فَاجْتَمَعَ أَيْضًا جَمْعٌ حَتَّى لَمْ يَقْدِرُوا وَلاَ عَلَى أَكْلِ خُبْزٍ. 21وَلَمَّا سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّهُ مُخْتَل!». 22وَأَمَّا الْكَتَبَةُ الَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ فَقَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ! وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». 23فَدَعَاهُمْ وَقَالَ لَهُمْ بِأَمْثَال: «كَيْفَ يَقْدِرُ شَيْطَانٌ أَنْ يُخْرِجَ شَيْطَانًا؟ 24وَإِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ. 25وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ. 26وَإِنْ قَامَ الشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ وَانْقَسَمَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَثْبُتَ، بَلْ يَكُونُ لَهُ انْقِضَاءٌ. 27لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ قَوِيٍّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ. 28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. 29وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً». 30لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ رُوحًا نَجِسًا».

31فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. 32وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ». 33فَأَجَابَهُمْ قِائِلاً: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» 34ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، 35لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1وَابْتَدَأَ أَيْضًا يُعَلِّمُ عِنْدَ الْبَحْرِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ عَلَى الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ كُلُّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ عَلَى الأَرْضِ.

2فَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال. وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: «اسْمَعُوا! هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ، 4وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ. 5وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى مَكَانٍ مُحْجِرٍ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. 6وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ. 7وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا. 8وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، فَأَعْطَى ثَمَرًا يَصْعَدُ وَيَنْمُو، فَأَتَى وَاحِدٌ بِثَلاَثِينَ وَآخَرُ بِسِتِّينَ وَآخَرُ بِمِئَةٍ». 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ»

10وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ عَنِ الْمَثَلِ، 11فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ، 12لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ». 13ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَمَا تَعْلَمُونَ هذَا الْمَثَلَ؟ فَكَيْفَ تَعْرِفُونَ جَمِيعَ الأَمْثَالِ؟ 14اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ الْكَلِمَةَ. 15وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ: حَيْثُ تُزْرَعُ الْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ. 16وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ، 17وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ. 18وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ، 19وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. 20وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ: الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ ثَلاَثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً».

21ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يُؤْتَى بِسِرَاجٍ لِيُوضَعَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ السَّرِيرِ؟ أَلَيْسَ لِيُوضَعَ عَلَى الْمَنَارَةِ؟ 22لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ صَارَ مَكْتُومًا إِلاَّ لِيُعْلَنَ. 23إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ» 24وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ! بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ. 25لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ».

26وَقَالَ: «هكَذَا مَلَكُوتُ اللهِ: كَأَنَّ إِنْسَانًا يُلْقِي الْبِذَارَ عَلَى الأَرْضِ، 27وَيَنَامُ وَيَقُومُ لَيْلاً وَنَهَارًا، وَالْبِذَارُ يَطْلُعُ وَيَنْمُو، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ، 28لأَنَّ الأَرْضَ مِنْ ذَاتِهَا تَأْتِي بِثَمَرٍ. أَوَّلاً نَبَاتًا، ثُمَّ سُنْبُلاً، ثُمَّ قَمْحًا مَلآنَ فِي السُّنْبُلِ. 29وَأَمَّا مَتَى أَدْرَكَ الثَّمَرُ، فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُ الْمِنْجَلَ لأَنَّ الْحَصَادَ قَدْ حَضَرَ».

30وَقَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ أَوْ بِأَيِّ مَثَل نُمَثِّلُهُ؟ 31مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، مَتَى زُرِعَتْ فِي الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ. 32وَلكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ جَمِيعِ الْبُقُولِ، وَتَصْنَعُ أَغْصَانًا كَبِيرَةً، حَتَّى تَسْتَطِيعَ طُيُورُ السَّمَاءِ أَنْ تَتَآوَى تَحْتَ ظِلِّهَا». 33وَبِأَمْثَال كَثِيرَةٍ مِثْلِ هذِهِ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ حَسْبَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا، 34وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ. وَأَمَّا عَلَى انْفِرَادٍ فَكَانَ يُفَسِّرُ لِتَلاَمِيذِهِ كُلَّ شَيْءٍ.

35وَقَالَ لَهُمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ لَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ: «لِنَجْتَزْ إِلَى الْعَبْرِ». 36فَصَرَفُوا الْجَمْعَ وَأَخَذُوهُ كَمَا كَانَ فِي السَّفِينَةِ. وَكَانَتْ مَعَهُ أَيْضًا سُفُنٌ أُخْرَى صَغِيرَةٌ. 37فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ. 38وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِمًا. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» 39فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. 40وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟» 41فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضًا وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَجَاءُوا إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ. 2وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، 3كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلاَ بِسَلاَسِلَ، 4لأَنَّهُ قَدْ رُبِطَ كَثِيرًا بِقُيُودٍ وَسَلاَسِلَ فَقَطَّعَ السَّلاَسِلَ وَكَسَّرَ الْقُيُودَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ. 5وَكَانَ دَائِمًا لَيْلاً وَنَهَارًا فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ، يَصِيحُ وَيُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالْحِجَارَةِ. 6فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ، 7وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ؟ أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!» 8لأَنَّهُ قَالَ لَهُ: «اخْرُجْ مِنَ الإِنْسَانِ يَا أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِسُ». 9وَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَأَجَابَ قِائِلاً: «اسْمِي لَجِئُونُ، لأَنَّنَا كَثِيرُونَ». 10وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيرًا أَنْ لاَ يُرْسِلَهُمْ إِلَى خَارِجِ الْكُورَةِ. 11وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى، 12فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». 13فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ. وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ، فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ. 14وَأَمَّا رُعَاةُ الْخَنَازِيرِ فَهَرَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ. فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى. 15وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَنَظَرُوا الْمَجْنُونَ الَّذِي كَانَ فِيهِ اللَّجِئُونُ جَالِسًا وَلاَبِسًا وَعَاقِلاً، فَخَافُوا. 16فَحَدَّثَهُمُ الَّذِينَ رَأَوْا كَيْفَ جَرَى لِلْمَجْنُونِ وَعَنِ الْخَنَازِيرِ. 17فَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ تُخُومِهِمْ. 18وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ طَلَبَ إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ مَجْنُونًا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ، 19فَلَمْ يَدَعْهُ يَسُوعُ، بَلْ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ، وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ». 20فَمَضَى وَابْتَدَأَ يُنَادِي فِي الْعَشْرِ الْمُدُنِ كَمْ صَنَعَ بِهِ يَسُوعُ. فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ.

21وَلَمَّا اجْتَازَ يَسُوعُ فِي السَّفِينَةِ أَيْضًا إِلَى الْعَبْرِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ. 22وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، 23وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيرًا قَائِلاً: «ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا!». 24فَمَضَى مَعَهُ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَكَانُوا يَزْحَمُونَهُ.

25وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، 26وَقَدْ تَأَلَّمَتْ كَثِيرًا مِنْ أَطِبَّاءَ كَثِيرِينَ، وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئًا، بَلْ صَارَتْ إِلَى حَال أَرْدَأَ. 27لَمَّا سَمِعَتْ بِيَسُوعَ، جَاءَتْ فِي الْجَمْعِ مِنْ وَرَاءٍ، وَمَسَّتْ ثَوْبَهُ، 28لأَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ مَسَسْتُ وَلَوْ ثِيَابَهُ شُفِيتُ». 29فَلِلْوَقْتِ جَفَّ يَنْبُوعُ دَمِهَا، وَعَلِمَتْ فِي جِسْمِهَا أَنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ مِنَ الدَّاءِ. 30فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِرًا فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَقَالَ: «مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟» 31فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ، وَتَقُولُ: مَنْ لَمَسَنِي؟» 32وَكَانَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَرَى الَّتِي فَعَلَتْ هذَا. 33وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ وَهِيَ خَائِفَةٌ وَمُرْتَعِدَةٌ، عَالِمَةً بِمَا حَصَلَ لَهَا، فَخَرَّتْ وَقَالَتْ لَهُ الْحَقَّ كُلَّهُ. 34فَقَالَ لَهَا: «يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ، اذْهَبِي بِسَلاَمٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ».

35وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جَاءُوا مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: «ابْنَتُكَ مَاتَتْ. لِمَاذَا تُتْعِبُ الْمُعَلِّمَ بَعْدُ؟» 36فَسَمِعَ يَسُوعُ لِوَقْتِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي قِيلَتْ، فَقَالَ لِرَئِيسِ الْمَجْمَعِ: «لاَ تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ». 37وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَتْبَعُهُ إِلاَّ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ، وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ. 38فَجَاءَ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ وَرَأَى ضَجِيجًا. يَبْكُونَ وَيُوَلْوِلُونَ كَثِيرًا. 39فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَضِجُّونَ وَتَبْكُونَ؟ لَمْ تَمُتِ الصَّبِيَّةُ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». 40فَضَحِكُوا عَلَيْهِ. أَمَّا هُوَ فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ، وَأَخَذَ أَبَا الصَّبِيَّةِ وَأُمَّهَا وَالَّذِينَ مَعَهُ وَدَخَلَ حَيْثُ كَانَتِ الصَّبِيَّةُ مُضْطَجِعَةً، 41وَأَمْسَكَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وَقَالَ لَهَا: «طَلِيثَا، قُومِي!». الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ: قُومِي! 42وَلِلْوَقْتِ قَامَتِ الصَّبِيَّةُ وَمَشَتْ، لأَنَّهَا كَانَتِ ابْنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَبُهِتُوا بَهَتًا عَظِيمًا. 43فَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ بِذلِكَ. وَقَالَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ.



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. 2وَلَمَّا كَانَ السَّبْتُ، ابْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ. وَكَثِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا بُهِتُوا قَائِلِينَ: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ؟ وَمَا هذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هذِهِ؟ 3أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَخُو يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ ههُنَا عِنْدَنَا؟» فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ. 4فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ». 5وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصْنَعَ هُنَاكَ وَلاَ قُوَّةً وَاحِدَةً، غَيْرَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَرْضَى قَلِيلِينَ فَشَفَاهُمْ. 6وَتَعَجَّبَ مِنْ عَدَمِ إِيمَانِهِمْ. وَصَارَ يَطُوفُ الْقُرَى الْمُحِيطَةَ يُعَلِّمُ.

7وَدَعَا الاثْنَيْ عَشَرَ وَابْتَدَأَ يُرْسِلُهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ، 8وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ غَيْرَ عَصًا فَقَطْ، لاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ نُحَاسًا فِي الْمِنْطَقَةِ. 9بَلْ يَكُونُوا مَشْدُودِينَ بِنِعَال، وَلاَ يَلْبَسُوا ثَوْبَيْنِ. 10وَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا فَأَقِيمُوا فِيهِ حَتَّى تَخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ. 11وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمْ، فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ». 12فَخَرَجُوا وَصَارُوا يَكْرِزُونَ أَنْ يَتُوبُوا. 13وَأَخْرَجُوا شَيَاطِينَ كَثِيرَةً، وَدَهَنُوا بِزَيْتٍ مَرْضَى كَثِيرِينَ فَشَفَوْهُمْ.

14فَسَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ، لأَنَّ اسْمَهُ صَارَ مَشْهُورًا. وَقَالَ: «إِنَّ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانَ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ وَلِذلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّاتُ». 15قَالَ آخَرُونَ: «إِنَّهُ إِيلِيَّا». وَقَالَ آخَرُونَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ كَأَحَدِ الأَنْبِيَاءِ». 16وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ قَالَ: «هذَا هُوَ يُوحَنَّا الَّذِي قَطَعْتُ أَنَا رَأْسَهُ. إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ!»

17لأَنَّ هِيرُودُسَ نَفْسَهُ كَانَ قَدْ أَرْسَلَ وَأَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، إِذْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا. 18لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لِهِيرُودُسَ: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأَةُ أَخِيكَ» 19فَحَنِقَتْ هِيرُودِيَّا عَلَيْهِ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ، 20لأَنَّ هِيرُودُسَ كَانَ يَهَابُ يُوحَنَّا عَالِمًا أَنَّهُ رَجُلٌ بَارٌّ وَقِدِّيسٌ، وَكَانَ يَحْفَظُهُ. وَإِذْ سَمِعَهُ، فَعَلَ كَثِيرًا، وَسَمِعَهُ بِسُرُورٍ. 21وَإِذْ كَانَ يَوْمٌ مُوافِقٌ، لَمَّا صَنَعَ هِيرُودُسُ فِي مَوْلِدِهِ عَشَاءً لِعُظَمَائِهِ وَقُوَّادِ الأُلُوفِ وَوُجُوهِ الْجَلِيلِ، 22دَخَلَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا وَرَقَصَتْ، فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ لِلصَّبِيَّةِ: «مَهْمَا أَرَدْتِ اطْلُبِي مِنِّي فَأُعْطِيَكِ». 23وَأَقْسَمَ لَهَا أَنْ «مَهْمَا طَلَبْتِ مِنِّي لأُعْطِيَنَّكِ حَتَّى نِصْفَ مَمْلَكَتِي». 24فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ لأُمِّهَا: «مَاذَا أَطْلُبُ؟» فَقَالَتْ: «رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ». 25فَدَخَلَتْ لِلْوَقْتِ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْمَلِكِ وَطَلَبَتْ قَائِلَةً: «أُرِيدُ أَنْ تُعْطِيَنِي حَالاً رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ عَلَى طَبَق». 26فَحَزِنَ الْمَلِكُ جِدًّا. وَلأَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرُدَّهَا. 27فَلِلْوَقْتِ أَرْسَلَ الْمَلِكُ سَيَّافًا وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِرَأْسِهِ. 28فَمَضَى وَقَطَعَ رَأْسَهُ فِي السِّجْنِ. وَأَتَى بِرَأْسِهِ عَلَى طَبَق وَأَعْطَاهُ لِلصَّبِيَّةِ، وَالصَّبِيَّةُ أَعْطَتْهُ لأُمِّهَا. 29وَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ، جَاءُوا وَرَفَعُوا جُثَّتَهُ وَوَضَعُوهَا فِي قَبْرٍ.

30وَاجْتَمَعَ الرُّسُلُ إِلَى يَسُوعَ وَأَخْبَرُوهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، كُلِّ مَا فَعَلُوا وَكُلِّ مَا عَلَّمُوا. 31فَقَالَ لَهُمْ: «تَعَالَوْا أَنْتُمْ مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَاسْتَرِيحُوا قَلِيلاً». لأَنَّ الْقَادِمِينَ وَالذَّاهِبِينَ كَانُوا كَثِيرِينَ، وَلَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلأَكْلِ. 32فَمَضَوْا فِي السَّفِينَةِ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدِينَ. 33فَرَآهُمُ الْجُمُوعُ مُنْطَلِقِينَ، وَعَرَفَهُ كَثِيرُونَ. فَتَرَاكَضُوا إِلَى هُنَاكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُدُنِ مُشَاةً، وَسَبَقُوهُمْ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ. 34فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا، فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا، فَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا. 35وَبَعْدَ سَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ مَضَى. 36اِصْرِفْهُمْ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الضِّيَاعِ وَالْقُرَى حَوَالَيْنَا وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ خُبْزًا، لأَنْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ». 37فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». فَقَالُوا لَهُ: «أَنَمْضِي وَنَبْتَاعُ خُبْزًا بِمِئَتَيْ دِينَارٍ وَنُعْطِيَهُمْ لِيَأْكُلُوا؟» 38فَقَالَ لَهُمْ: «كَمْ رَغِيفًا عِنْدَكُمُ؟ اذْهَبُوا وَانْظُرُوا». وَلَمَّا عَلِمُوا قَالُوا: «خَمْسَةٌ وَسَمَكَتَانِ». 39فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْجَمِيعَ يَتَّكِئُونَ رِفَاقًا رِفَاقًا عَلَى الْعُشْبِ الأَخْضَرِ. 40فَاتَّكَأُوا صُفُوفًا صُفُوفًا: مِئَةً مِئَةً وَخَمْسِينَ خَمْسِينَ. 41فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَبَارَكَ ثُمَّ كَسَّرَ الأَرْغِفَةَ، وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا إِلَيْهِمْ، وَقَسَّمَ السَّمَكَتَيْنِ لِلْجَمِيعِ، 42فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. 43ثُمَّ رَفَعُوا مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوَّةً، وَمِنَ السَّمَكِ. 44وَكَانَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الأَرْغِفَةِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.

45وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ، إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ. 46وَبَعْدَمَا وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. 47وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَتِ السَّفِينَةُ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ، وَهُوَ عَلَى الْبَرِّ وَحْدَهُ. 48وَرَآهُمْ مُعَذَّبِينَ فِي الْجَذْفِ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ ضِدَّهُمْ. وَنَحْوَ الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ أَتَاهُمْ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَجَاوَزَهُمْ. 49فَلَمَّا رَأَوْهُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ ظَنُّوهُ خَيَالاً، فَصَرَخُوا. 50لأَنَّ الْجَمِيعَ رَأَوْهُ وَاضْطَرَبُوا. فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «ثِقُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا». 51فَصَعِدَ إِلَيْهِمْ إِلَى السَّفِينَةِ فَسَكَنَتِ الرِّيحُ، فَبُهِتُوا وَتَعَجَّبُوا فِي أَنْفُسِهِمْ جِدًّا إِلَى الْغَايَةِ، 52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً. 53فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ وَأَرْسَوْا.

54وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ عَرَفُوهُ. 55فَطَافُوا جَمِيعَ تِلْكَ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ، وَابْتَدَأُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى عَلَى أَسِرَّةٍ إِلَى حَيْثُ سَمِعُوا أَنَّهُ هُنَاكَ. 56وَحَيْثُمَا دَخَلَ إِلَى قُرىً أَوْ مُدُنٍ أَوْ ضِيَاعٍ، وَضَعُوا الْمَرْضَى فِي الأَسْوَاقِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا وَلَوْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. وَكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفِيَ.



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَقَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَادِمِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ. 2وَلَمَّا رَأَوْا بَعْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ، أَيْ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ، لاَمُوا. 3لأَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ وَكُلَّ الْيَهُودِ إِنْ لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ بِاعْتِنَاءٍ، لاَ يَأْكُلُونَ، مُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِ الشُّيُوخِ. 4وَمِنَ السُّوقِ إِنْ لَمْ يَغْتَسِلُوا لاَ يَأْكُلُونَ. وَأَشْيَاءُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَسَلَّمُوهَا لِلتَّمَسُّكِ بِهَا، مِنْ غَسْلِ كُؤُوسٍ وَأَبَارِيقَ وَآنِيَةِ نُحَاسٍ وَأَسِرَّةٍ. 5ثُمَّ سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ: «لِمَاذَا لاَ يَسْلُكُ تَلاَمِيذُكَ حَسَبَ تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ، بَلْ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ؟» 6فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ! كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا، 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ، وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ». 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ! 10لأَنَّ مُوسَى قَالَ: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمُ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا. 11وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي 12فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ».

14ثُمَّ دَعَا كُلَّ الْجَمْعِ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا مِنِّي كُلُّكُمْ وَافْهَمُوا. 15لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ الإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، لكِنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. 16إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ». 17وَلَمَّا دَخَلَ مِنْ عِنْدِ الْجَمْعِ إِلَى الْبَيْتِ، سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَنِ الْمَثَلِ. 18فَقَالَ لَهُمْ: «أَفَأَنْتُمْ أَيْضًا هكَذَا غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ أَمَا تَفْهَمُونَ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، 19لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ إِلَى الْجَوْفِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْخَلاَءِ، وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ». 20ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ ذلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. 21لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ، 22سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ. 23جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».

24ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ، 25لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. 26وَكَانَتْ الامْرَأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا. 27وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». 28فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ!». 29فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ». 30فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ، وَالابْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ.

31ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ. 32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. 33فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ، 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا. 36فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ. وَلكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيرًا. 37وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1فِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ كَانَ الْجَمْعُ كَثِيرًا جِدًّا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ، دَعَا يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمْ: 2«إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. 3وَإِنْ صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ صَائِمِينَ يُخَوِّرُونَ فِي الطَّرِيقِ، لأَنَّ قَوْمًا مِنْهُمْ جَاءُوا مِنْ بَعِيدٍ». 4فَأَجَابَهُ تَلاَمِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هؤُلاَءِ خُبْزًا هُنَا فِي الْبَرِّيَّةِ؟» 5فَسَأَلَهُمْ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ». 6فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. 7وَكَانَ مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هذِهِ أَيْضًا. 8فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا فَضَلاَتِ الْكِسَرِ: سَبْعَةَ سِلاَل. 9وَكَانَ الآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ. 10وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي دَلْمَانُوثَةَ.

11فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ. 12فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هذَا الْجِيلُ آيَةً!»

13ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَدَخَلَ أَيْضًا السَّفِينَةَ وَمَضَى إِلَى الْعَبْرِ. 14وَنَسُوا أَنْ يَأْخُذُوا خُبْزًا، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِي السَّفِينَةِ إِلاَّ رَغِيفٌ وَاحِدٌ. 15وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «انْظُرُوا! وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَخَمِيرِ هِيرُودُسَ» 16فَفَكَّرُوا قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لَيْسَ عِنْدَنَا خُبْزٌ». 17فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ أَنْ لَيْسَ عِنْدَكُمْ خُبْزٌ؟ أَلاَ تَشْعُرُونَ بَعْدُ وَلاَ تَفْهَمُونَ؟ أَحَتَّى الآنَ قُلُوبُكُمْ غَلِيظَةٌ؟ 18أَلَكُمْ أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُونَ، وَلَكُمْ آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُونَ، وَلاَ تَذْكُرُونَ؟ 19حِينَ كَسَّرْتُ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ لِلْخَمْسَةِ الآلاَفِ، كَمْ قُفَّةً مَمْلُوَّةً كِسَرًا رَفَعْتُمْ؟» قَالُوا لَهُ: «اثْنَتَيْ عَشْرَةَ». 20«وَحِينَ السَّبْعَةِ لِلأَرْبَعَةِ الآلاَفِ، كَمْ سَلَّ كِسَرٍ مَمْلُوًّا رَفَعْتُمْ؟» قَالُوا: «سَبْعَةً». 21فَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ؟»

22وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ، 23فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ، وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ: هَلْ أَبْصَرَ شَيْئًا؟ 24فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ». 25ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضًا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحًا وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيًّا. 26فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: «لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ، وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ».

27ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَتَلامِيذُهُ إِلَى قُرَى قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ. وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً لَهُمْ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟» 28فَأَجَابُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ. وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا. وَآخَرُونَ: وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 29فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ!» 30فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ عَنْهُ.

31وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ. 32وَقَالَ الْقَوْلَ عَلاَنِيَةً. فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ. 33فَالْتَفَتَ وَأَبْصَرَ تَلاَمِيذَهُ، فَانْتَهَرَ بُطْرُسَ قَائِلاً: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا ِللهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».

34وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. 35فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. 36لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ 37أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ 38لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللهِ قَدْ أَتَى بِقُوَّةٍ».

2وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ وَحْدَهُمْ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، 3وَصَارَتْ ثِيَابُهُ تَلْمَعُ بَيْضَاءَ جِدًّا كَالثَّلْجِ، لاَ يَقْدِرُ قَصَّارٌ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يُبَيِّضَ مِثْلَ ذلِكَ. 4وَظَهَرَ لَهُمْ إِيلِيَّا مَعَ مُوسَى، وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ مَعَ يَسُوعَ. 5فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقولُ لِيَسُوعَ: «يَا سَيِّدِي، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةً، وَلِمُوسَى وَاحِدَةً، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةً». 6لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ إِذْ كَانُوا مُرْتَعِبِينَ. 7وَكَانَتْ سَحَابَةٌ تُظَلِّلُهُمْ. فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا». 8فَنَظَرُوا حَوْلَهُمْ بَغْتَةً وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا غَيْرَ يَسُوعَ وَحْدَهُ مَعَهُمْ.

9وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ، أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يُحَدِّثُوا أَحَدًا بِمَا أَبْصَرُوا، إِلاَّ مَتَى قَامَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ. 10فَحَفِظُوا الْكَلِمَةَ لأَنْفُسِهِمْ يَتَسَاءَلُونَ: «مَا هُوَ الْقِيَامُ مِنَ الأَمْوَاتِ؟» 11فَسَأَلُوهُ قَائِليِنَ: «لِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» 12فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَيْفَ هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْذَلَ. 13لكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا أَيْضًا قَدْ أَتَى، وَعَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ».

14وَلَمَّا جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا حَوْلَهُمْ وَكَتَبَةً يُحَاوِرُونَهُمْ. 15وَلِلْوَقْتِ كُلُّ الْجَمْعِ لَمَّا رَأَوْهُ تَحَيَّرُوا، وَرَكَضُوا وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. 16فَسَأَلَ الْكَتَبَةَ: «بِمَاذَا تُحَاوِرُونَهُمْ؟» 17فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكَ ابْنِي بِهِ رُوحٌ أَخْرَسُ، 18وَحَيْثُمَا أَدْرَكَهُ يُمَزِّقْهُ فَيُزْبِدُ وَيَصِرُّ بِأَسْنَانِهِ وَيَيْبَسُ. فَقُلْتُ لِتَلاَمِيذِكَ أَنْ يُخْرِجُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا». 19فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ!». 20فَقَدَّمُوهُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا رَآهُ لِلْوَقْتِ صَرَعَهُ الرُّوحُ، فَوَقَعَ عَلَى الأَرْضِ يَتَمَرَّغُ وَيُزْبِدُ. 21فَسَأَلَ أَبَاهُ: «كَمْ مِنَ الزَّمَانِ مُنْذُ أَصَابَهُ هذَا؟» فَقَالَ: «مُنْذُ صِبَاهُ. 22وَكَثِيرًا مَا أَلْقَاهُ فِي النَّارِ وَفِي الْمَاءِ لِيُهْلِكَهُ. لكِنْ إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ شَيْئًا فَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَأَعِنَّا». 23فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ». 24فَلِلْوَقْتِ صَرَخَ أَبُو الْوَلَدِ بِدُمُوعٍ وَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي». 25فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ، انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلاً لَهُ: «أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضًا!» 26فَصَرَخَ وَصَرَعَهُ شَدِيدًا وَخَرَجَ. فَصَارَ كَمَيْتٍ، حَتَّى قَالَ كَثِيرُونَ: «إِنَّهُ مَاتَ!». 27فَأَمْسَكَهُ يَسُوعُ بِيَدِهِ وَأَقَامَهُ، فَقَامَ. 28وَلَمَّا دَخَلَ بَيْتًا سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَلَى انْفِرَادٍ: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 29فَقَالَ لَهُمْ: «هذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».

30وَخَرَجُوا مِنْ هُنَاكَ وَاجْتَازُوا الْجَلِيلَ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ، 31لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ تَلاَمِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ. وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ». 32وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا الْقَوْلَ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ.

33وَجَاءَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ. وَإِذْ كَانَ فِي الْبَيْتِ سَأَلَهُمْ: «بِمَاذَا كُنْتُمْ تَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فِي الطَّرِيقِ؟» 34فَسَكَتُوا، لأَنَّهُمْ تَحَاجُّوا فِي الطَّرِيقِ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فِي مَنْ هُوَ أَعْظَمُ. 35فَجَلَسَ وَنَادَى الاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّلاً فَيَكُونُ آخِرَ الْكُلِّ وَخَادِمًا لِلْكُلِّ». 36فَأَخَذَ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ ثُمَّ احْتَضَنَهُ وَقَالَ لَهُمْ: 37«مَنْ قَبِلَ وَاحِدًا مِنْ أَوْلاَدٍ مِثْلَ هذَا بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي فَلَيْسَ يَقْبَلُنِي أَنَا بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي».

38فَأَجَابَهُ يُوحَنَّا قِائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِدًا يُخْرِجُ شَيَاطِينَ بِاسْمِكَ وَهُوَ لَيْسَ يَتْبَعُنَا، فَمَنَعْنَاهُ لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُنَا». 39فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَصْنَعُ قُوَّةً بِاسْمِي وَيَسْتَطِيعُ سَرِيعًا أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ شَرًّا. 40لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا. 41لأَنَّ مَنْ سَقَاكُمْ كَأْسَ مَاءٍ بِاسْمِي لأَنَّكُمْ لِلْمَسِيحِ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ. 42«وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي، فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحًى وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ. 43وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ يَدَانِ وَتَمْضِيَ إِلَى جَهَنَّمَ، إِلَى النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ. 44حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ. 45وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ رِجْلاَنِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ فِي النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ. 46حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ. 47وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ النَّارِ. 48حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ. 49لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُمَلَّحُ بِنَارٍ، وَكُلَّ ذَبِيحَةٍ تُمَلَّحُ بِمِلْحٍ. 50اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلكِنْ إِذَا صَارَ الْمِلْحُ بِلاَ مُلُوحَةٍ، فَبِمَاذَا تُصْلِحُونَهُ؟ لِيَكُنْ لَكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ مِلْحٌ، وَسَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1وَقَامَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ أَيْضًا، وَكَعَادَتِهِ كَانَ أَيْضًا يُعَلِّمُهُمْ.

2فَتَقَدَّمَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَسَأَلُوهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ؟» لِيُجَرِّبُوهُ. 3فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟» 4فَقَالُوا: «مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَق، فَتُطَلَّقُ». 5فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ، 6وَلكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللهُ. 7مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، 8وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. 9فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ». 10ثُمَّ فِي الْبَيْتِ سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا عَنْ ذلِكَ، 11فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا. 12وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي».

13وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَدًا لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.

17وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 18فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 19أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 20فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 21فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ.

23فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» 24فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25مُرُورُ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ» 26فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ».

28وَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً، لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ، 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا وَحُقُولاً، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 31وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَالآخِرُونَ أَوَّلِينَ».

32وَكَانُوا فِي الطَّرِيقِ صَاعِدِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَقَدَّمُهُمْ يَسُوعُ، وَكَانُوا يَتَحَيَّرُونَ. وَفِيمَا هُمْ يَتْبَعُونَ كَانُوا يَخَافُونَ. فَأَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ أَيْضًا وَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ عَمَّا سَيَحْدُثُ لَهُ: 33«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ، 34فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَتْفُلُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».

35وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا ابْنَا زَبْدِي قَائِلَيْنِ: «يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ لَنَا كُلَّ مَا طَلَبْنَا». 36فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟» 37فَقَالاَ لَهُ: «أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِكَ فِي مَجْدِكَ». 38فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ. أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ بِهَا أَنَا؟» 39فَقَالاَ لَهُ: «نَسْتَطِيعُ». فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «أَمَّا الْكَأْسُ الَّتِي أَشْرَبُهَا أَنَا فَتَشْرَبَانِهَا، وَبَالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ بِهَا أَنَا تَصْطَبِغَانِ. 40وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ».

41وَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ أَجْلِ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. 42فَدَعَاهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يُحْسَبُونَ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَأَنَّ عُظَمَاءَهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ. 43فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ عَظِيمًا، يَكُونُ لَكُمْ خَادِمًا، 44وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ أَوَّلاً، يَكُونُ لِلْجَمِيعِ عَبْدًا. 45لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».

46وَجَاءُوا إِلَى أَرِيحَا. وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْ أَرِيحَا مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ، كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِسًا عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. 47فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ، ابْتَدَأَ يَصْرُخُ وَيَقُولُ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!» 48فَانْتَهَرَهُ كَثِيرُونَ لِيَسْكُتَ، فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!». 49فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى. فَنَادَوُا الأَعْمَى قَائِلِينَ لَهُ: «ثِقْ! قُمْ! هُوَذَا يُنَادِيكَ». 50فَطَرَحَ رِدَاءَهُ وَقَامَ وَجَاءَ إِلَى يَسُوعَ. 51فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟» فَقَالَ لَهُ الأَعْمَى: «يَا سَيِّدِي، أَنْ أُبْصِرَ!». 52فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَ، وَتَبِعَ يَسُوعَ فِي الطَّرِيقِ.



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَيْتِ فَاجِي وَبَيْتِ عَنْيَا، عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 2وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ. 3وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَفْعَلاَنِ هذَا؟ فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُ إِلَى هُنَا». 4فَمَضَيَا وَوَجَدَا الْجَحْشَ مَرْبُوطًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا عَلَى الطَّرِيقِ، فَحَلاَّهُ. 5فَقَالَ لَهُمَا قَوْمٌ مِنَ الْقِيَامِ هُنَاكَ: «مَاذَا تَفْعَلاَنِ، تَحُلاَّنِ الْجَحْشَ؟» 6فَقَالاَ لَهُمْ كَمَا أَوْصَى يَسُوعُ. فَتَرَكُوهُمَا. 7فَأَتَيَا بِالْجَحْشِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ. 8وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. 9وَالَّذِينَ تَقَدَّمُوا، وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! 10مُبَارَكَةٌ مَمْلَكَةُ أَبِينَا دَاوُدَ الآتِيَةُ بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!».

11فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون.

15وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ. 16وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. 17وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا: بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ». 18وَسَمِعَ الْكَتَبَةُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ فَطَلَبُوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ. 19وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، خَرَجَ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ.

20وَفِي الصَّبَاحِ إِذْ كَانُوا مُجْتَازِينَ رَأَوْا التِّينَةَ قَدْ يَبِسَتْ مِنَ الأُصُولِ، 21فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدِي، انْظُرْ! اَلتِّينَةُ الَّتِي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ!» 22فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِيَكُنْ لَكُمْ إِيمَانٌ بِاللهِ. 23لأَنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ قَالَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ! وَلاَ يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ يَكُونُ، فَمَهْمَا قَالَ يَكُونُ لَهُ. 24لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ. 25وَمَتَى وَقَفْتُمْ تُصَلُّونَ، فَاغْفِرُوا إِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ، لِكَيْ يَغْفِرَ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ زَّلاَتِكُمْ. 26وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا أَنْتُمْ لاَ يَغْفِرْ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ.

27وَجَاءُوا أَيْضًا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي فِي الْهَيْكَلِ، أَقْبَلَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ، 28وَقَالُوا لَهُ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ وَمَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ حَتَّى تَفْعَلَ هذَا؟» 29فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً. أَجِيبُونِي، فَأَقُولَ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا 30مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنَ السَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟ أَجِيبُونِي». 31فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 32وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ». فَخَافُوا الشَّعْبَ. لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ نَبِيٌّ. 33فَأَجَابُوا وَقَالوا لِيَسوع: «لاَ نَعْلَمُ». فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1وَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ بِأَمْثَال: «إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ حَوْضَ مَعْصَرَةٍ، وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 2ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الْكَرَّامِينَ فِي الْوَقْتِ عَبْدًا لِيَأْخُذَ مِنَ الْكَرَّامِينَ مِنْ ثَمَرِ الْكَرْمِ، 3فَأَخَذُوهُ وَجَلَدُوهُ وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا. 4ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا عَبْدًا آخَرَ، فَرَجَمُوهُ وَشَجُّوهُ وَأَرْسَلُوهُ مُهَانًا. 5ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا آخَرَ، فَقَتَلُوهُ. ثُمَّ آخَرِينَ كَثِيرِينَ، فَجَلَدُوا مِنْهُمْ بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا. 6فَإِذْ كَانَ لَهُ أَيْضًا ابْنٌ وَاحِدٌ حَبِيبٌ إِلَيْهِ، أَرْسَلَهُ أَيْضًا إِلَيْهِمْ أَخِيرًا، قَائِلاً: إِنَّهُمْ يَهَابُونَ ابْنِي! 7وَلكِنَّ أُولئِكَ الْكَرَّامِينَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ فَيَكُونَ لَنَا الْمِيرَاثُ! 8فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ. 9فَمَاذَا يَفْعَلُ صَاحِبُ الْكَرْمِ؟ يَأْتِي وَيُهْلِكُ الْكَرَّامِينَ، وَيُعْطِي الْكَرْمَ إِلَى آخَرِينَ. 10أَمَا قَرَأْتُمْ هذَا الْمَكْتُوبَ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ، هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ 11مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا، وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!» 12فَطَلَبُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ، وَلكِنَّهُمْ خَافُوا مِنَ الْجَمْعِ، لأَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ الْمَثَلَ عَلَيْهِمْ. فَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.

13ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ قَوْمًا مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالْهِيرُودُسِيِّينَ لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكِلْمَةٍ. 14فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ، بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ. أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟ نُعْطِي أَمْ لاَ نُعْطِي؟» 15فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ اِيتُونِي بِدِينَارٍ لأَنْظُرَهُ.» 16فَأَتَوْا بِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» فَقَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ للهِ». فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ.

18وَجَاءَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الصَّدُّوقِيِّينَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: 19«يَا مُعَلِّمُ، كَتَبَ لَنَا مُوسَى: إِنْ مَاتَ لأَحَدٍ أَخٌ، وَتَرَكَ امْرَأَةً وَلَمْ يُخَلِّفْ أَوْلاَدًا، أَنْ يَأْخُذَ أَخُوهُ امْرَأَتَهُ، وَيُقِيمَ نَسْلاً لأَخِيهِ. 20فَكَانَ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ. أَخَذَ الأَوَّلُ امْرَأَةً وَمَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ نَسْلاً. 21فَأَخَذَهَا الثَّانِي وَمَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ هُوَ أَيْضًا نَسْلاً. وَهكَذَا الثَّالِثُ. 22فَأَخَذَهَا السَّبْعَةُ، وَلَمْ يَتْرُكُوا نَسْلاً. وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. 23فَفِي الْقِيَامَةِ، مَتَى قَامُوا، لِمَنْ مِنْهُمْ تَكُونُ زَوْجَةً؟ لأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ». 24فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُمْ: «أَلَيْسَ لِهذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ؟ 25لأَنَّهُمْ مَتَى قَامُوا مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ. 26وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأَمْوَاتِ إِنَّهُمْ يَقُومُونَ: أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى، فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ، كَيْفَ كَلَّمَهُ اللهُ قَائِلاً: أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ 27لَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ. فَأَنْتُمْ إِذًا تَضِلُّونَ كَثِيرًا!».

28فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَسَمِعَهُمْ يَتَحَاوَرُونَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ أَجَابَهُمْ حَسَنًا، سَأَلَهُ: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟» 29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 30وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. 31وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ». 32فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: «جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. 33وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ، وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ، وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ، وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ، هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ». 34فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْل، قَالَ لَهُ: «لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ!

35ثُمَّ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ: «كَيْفَ يَقُولُ الْكَتَبَةُ إِنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ دَاوُدَ؟ 36لأَنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ قَالَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي، حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. 37فَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَدْعُوهُ رَبًّا. فَمِنْ أَيْنَ هُوَ ابْنُهُ؟» وَكَانَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ يَسْمَعُهُ بِسُرُورٍ.

38وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: «تَحَرَّزُوا مِنَ الْكَتَبَةِ، الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، 39وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ. 40الَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ. هؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ».

41وَجَلَسَ يَسُوعُ تُجَاهَ الْخِزَانَةِ، وَنَظَرَ كَيْفَ يُلْقِي الْجَمْعُ نُحَاسًا فِي الْخِزَانَةِ. وَكَانَ أَغْنِيَاءُ كَثِيرُونَ يُلْقُونَ كَثِيرًا. 42فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ. 43فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ، 44لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ مَعِيشَتِهَا».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْهَيْكَلِ، قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَامُعَلِّمُ، انْظُرْ! مَا هذِهِ الْحِجَارَةُ! وَهذِهِ الأَبْنِيَةُ!» 2فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «أَتَنْظُرُ هذِهِ الأَبْنِيَةَ الْعَظِيمَةَ؟ لاَ يُتْرَكُ حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ». 3وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تُجَاهَ الْهَيْكَلِ، سَأَلَهُ بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ عَلَى انْفِرَادٍ: 4«قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ الْعَلاَمَةُ عِنْدَمَا يَتِمُّ جَمِيعُ هذَا؟» 5فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَابْتَدَأَ يَقُولُ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلُّكُمْ أَحَدٌ. 6فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 7فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَبِأَخْبَارِ حُرُوبٍ فَلاَ تَرْتَاعُوا، لأَنَّهَا لاَبُدَّ أَنْ تَكُونَ، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. 8لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ، وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ زَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَاضْطِرَابَاتٌ. هذِهِ مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. 9فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ. لأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ، وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ، مِنْ أَجْلِي، شَهَادَةً لَهُمْ. 10وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلاً بِالإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ. 11فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، فَلاَ تَعْتَنُوا مِنْ قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلاَ تَهْتَمُّوا، بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذلِكَ تَكَلَّمُوا. لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ. 12وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ. 13وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنَّ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. 14فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ، قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِي. ­لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ­ فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، 15وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ إِلَى الْبَيْتِ وَلاَ يَدْخُلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، 16وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجِعْ إِلَى الْوَرَاءِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ. 17وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! 18وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ. 19لأَنَّهُ يَكُونُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ضِيقٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْخَلِيقَةِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ إِلَى الآنَ، وَلَنْ يَكُونَ. 20وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ الأَيَّامَ، لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ، قَصَّرَ الأَيَّامَ. 21حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 22لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. 23فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ.

24«وَأَمَّا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ ذلِكَ الضِّيقِ، فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، 25وَنُجُومُ السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ، وَالْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 26وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ، 27فَيُرْسِلُ حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ. 28فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقًا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 29هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 30اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 31اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.

32«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ. 33اُنْظُرُوا! اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ. 34كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ تَرَكَ بَيْتَهُ، وَأَعْطَى عَبِيدَهُ السُّلْطَانَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَأَوْصَى الْبَوَّابَ أَنْ يَسْهَرَ. 35اِسْهَرُوا إِذًا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَأْتِي رَبُّ الْبَيْتِ، أَمَسَاءً، أَمْ نِصْفَ اللَّيْلِ، أَمْ صِيَاحَ الدِّيكِ، أَمْ صَبَاحًا. 36لِئَلاَّ يَأْتِيَ بَغْتَةً فَيَجِدَكُمْ نِيَامًا! 37وَمَا أَقُولُهُ لَكُمْ أَقُولُهُ لِلْجَمِيعِ: اسْهَرُوا».



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ

 

1وَكَانَ الْفِصْحُ وَأَيَّامُ الْفَطِيرِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ. وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يُمْسِكُونَهُ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُونَهُ، 2وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: «لَيْسَ فِي الْعِيدِ، لِئَلاَّ يَكُونَ شَغَبٌ فِي الشَّعْبِ».

3وَفِيمَا هُوَ فِي بَيْتِ عَنْيَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ، جَاءَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ. فَكَسَرَتِ الْقَارُورَةَ وَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ. 4وَكَانَ قَوْمٌ مُغْتَاظِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالُوا: «لِمَاذَا كَانَ تَلَفُ الطِّيبِ هذَا؟ 5لأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هذَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ». وَكَانُوا يُؤَنِّبُونَهَا. 6أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «اتْرُكُوهَا! لِمَاذَا تُزْعِجُونَهَا؟ قَدْ عَمِلَتْ بِي عَمَلاً حَسَنًا!. 7لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَمَتَى أَرَدْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِمْ خَيْرًا. وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ. 8عَمِلَتْ مَا عِنْدَهَا. قَدْ سَبَقَتْ وَدَهَنَتْ بِالطِّيبِ جَسَدِي لِلتَّكْفِينِ. 9اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهذَا الإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ، يُخْبَرْ أَيْضًا بِمَا فَعَلَتْهُ هذِهِ، تَذْكَارًا لَهَا».

10ثُمَّ إِنَّ يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَاحِدًا مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، مَضَى إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ. 11وَلَمَّا سَمِعُوا فَرِحُوا، وَوَعَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً. وَكَانَ يَطْلُبُ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ فِي فُرْصَةٍ مُوافِقَةٍ.

12وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الْفَطِيرِ. حِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ الْفِصْحَ، قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَمْضِيَ وَنُعِدَّ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟» 13فَأَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيُلاَقِيَكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اِتْبَعَاهُ. 14وَحَيْثُمَا يَدْخُلْ فَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: إِنَّ الْمُعَلِّمَ يَقُولُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟ 15فَهُوَ يُرِيكُمَا عِلِّيَّةً كَبِيرَةً مَفْرُوشَةً مُعَدَّةً. هُنَاكَ أَعِدَّا لَنَا». 16فَخَرَجَ تِلْمِيذَاهُ وَأَتَيَا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا. فَأَعَدَّا الْفِصْحَ.

17وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 18وَفِيمَا هُمْ مُتَّكِئُونَ يَأْكُلُونَ، قَالَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي. اَلآكِلُ مَعِي!» 19فَابْتَدَأُوا يَحْزَنُونَ، وَيَقُولُونَ لَهُ وَاحِدًا فَوَاحِدًا: «هَلْ أَنَا؟» وَآخَرُ: «هَلْ أَنَا؟» 20فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «هُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يَغْمِسُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ. 21إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!».

22وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ، أَخَذَ يَسُوعُ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ، وَأَعْطَاهُمْ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا، هذَا هُوَ جَسَدِي». 23ثُمَّ أَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ، فَشَرِبُوا مِنْهَا كُلُّهُمْ. 24وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ، الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ. 25اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ بَعْدُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ اللهِ». 26ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ.

27وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ كُلَّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ الْخِرَافُ. 28وَلكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ». 29فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَإِنْ شَكَّ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ!» 30فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 31فَقَالَ بِأَكْثَرِ تَشْدِيدٍ: «وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!». وَهكَذَا قَالَ أَيْضًا الْجَمِيعُ.

32وَجَاءُوا إِلَى ضَيْعَةٍ اسْمُهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْلِسُوا ههُنَا حَتَّى أُصَلِّيَ».

33ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ. 34فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ! اُمْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا». 35ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. 36وَقَالَ: «يَا أَبَا الآبُ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ، فَأَجِزْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ». 37ثُمَّ جَاءَ وَوَجَدَهُمْ نِيَامًا، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «يَا سِمْعَانُ، أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟ 38اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ». 39وَمَضَى أَيْضًا وَصَلَّى قَائِلاً ذلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ. 40ثُمَّ رَجَعَ وَوَجَدَهُمْ أَيْضًا نِيَامًا، إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً، فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَاذَا يُجِيبُونَهُ. 41ثُمَّ جَاءَ ثَالِثَةً وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ! هُوَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ. 42قُومُوا لِنَذْهَبَ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُنِي قَدِ اقْتَرَبَ!».

43وَلِلْوَقْتِ فِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ أَقْبَلَ يَهُوذَا، وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ. 44وَكَانَ مُسَلِّمُهُ قَدْ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلاً: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ، وَامْضُوا بِهِ بِحِرْصٍ». 45فَجَاءَ لِلْوَقْتِ وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ قَائِلاً: «يَا سَيِّدِي، يَاسَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ. 46فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ وَأَمْسَكُوهُ. 47فَاسْتَلَّ وَاحِدٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ السَّيْفَ، وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ.

48فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! 49كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي! وَلكِنْ لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ». 50فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا. 51وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِسًا إِزَارًا عَلَى عُرْيِهِ، فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ، 52فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَانًا.

53فَمَضَوْا بِيَسُوعَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ. 54وَكَانَ بُطْرُسُ قَدْ تَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَاخِلِ دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَكَانَ جَالِسًا بَيْنَ الْخُدَّامِ يَسْتَدْفِئُ عِنْدَ النَّارِ. 55وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةً عَلَى يَسُوعَ لِيَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا. 56لأَنَّ كَثِيرِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا، وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ. 57ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا قَائِلِينَ: 58«نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنِّي أَنْقُضُ هذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ». 59وَلاَ بِهذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ تَتَّفِقُ. 60فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ فِي الْوَسْطِ وَسَأَلَ يَسُوعَ قِائِلاً: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هؤُلاَءِ عَلَيْكَ؟» 61أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟» 62فَقَالَ يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ». 63فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ 64قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟» فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ. 65فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: «تَنَبَّأْ». وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ.

66وَبَيْنَمَا كَانَ بُطْرُسُ فِي الدَّارِ أَسْفَلَ جَاءَتْ إِحْدَى جَوَارِي رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 67فَلَمَّا رَأَتْ بُطْرُسَ يَسْتَدْفِئُ، نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 68فَأَنْكَرَ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي وَلاَ أَفْهَمُ مَا تَقُولِينَ!» وَخَرَجَ خَارِجًا إِلَى الدِّهْلِيزِ، فَصَاحَ الدِّيكُ. 69فَرَأَتْهُ الْجَارِيَةُ أَيْضًا وَابْتَدَأَتْ تَقُولُ لِلْحَاضِرِينَ: «إِنَّ هذَا مِنْهُمْ!» 70فَأَنْكَرَ أَيْضًا. وَبَعْدَ قَلِيل أَيْضًا قَالَ الْحَاضِرُونَ لِبُطْرُسَ: «حَقًّا أَنْتَ مِنْهُمْ، لأَنَّكَ جَلِيلِيٌّ أَيْضًا وَلُغَتُكَ تُشْبِهُ لُغَتَهُمْ!». 71فَابْتَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ هذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَقُولُونَ عَنْهُ!» 72وَصَاحَ الدِّيكُ ثَانِيَةً، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ يَسُوعُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَلَمَّا تَفَكَّرَ بِهِ بَكَى.



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

 

1وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ.

2فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ تَقُولُ». 3وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيرًا. 4فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضًا قِائِلاً: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ اُنْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ!» 5فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضًا بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. 6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ طَلَبُوهُ. 7وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقًا مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ، الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً. 8فَصَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِمًا يَفْعَلُ لَهُمْ. 9فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟». 10لأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 11فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ. 12فَأجَابَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: «فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ؟» 13فَصَرَخُوا أَيْضًا: «اصْلِبْهُ!» 14فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ؟» فَازْدَادُوا جِدًّا صُرَاخًا: «اصْلِبْهُ!» 15فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ.

16فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ، الَّتِي هِيَ دَارُ الْوِلاَيَةِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ. 17وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُوَانًا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ، 18وَابْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 19وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. 20وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ. 21فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازًا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ.

22وَجَاءُوا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ «جُلْجُثَةَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ مَوْضِعُ «جُمْجُمَةٍ». 23وَأَعْطَوْهُ خَمْرًا مَمْزُوجَةً بِمُرّ لِيَشْرَبَ، فَلَمْ يَقْبَلْ. 24وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا: مَاذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ؟ 25وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ. 26وَكَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوبًا: «مَلِكُ الْيَهُودِ». 27وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ، وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. 28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ». 29وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ قَائِلِينَ: «آهِ يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ! 30خَلِّصْ نَفْسَكَ وَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!» 31وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَهُمْ مُسْتَهْزِئُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَعَ الْكَتَبَةِ، قَالُوا: «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! 32لِيَنْزِلِ الآنَ الْمَسِيحُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الصَّلِيبِ، لِنَرَى وَنُؤْمِنَ!». وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ.

33وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ السَّادِسَةُ، كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 34وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ 35فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ لَمَّا سَمِعُوا: «هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا». 36فَرَكَضَ وَاحِدٌ وَمَلأَ إِسْفِنْجَةً خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ قَائِلاً: «اتْرُكُوا. لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُنْزِلَهُ!»

37فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. 38وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. 39وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ، قَالَ: «حَقًّا كَانَ هذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللهِ!» 40وَكَانَتْ أَيْضًا نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ الصَّغِيرِ وَيُوسِي، وَسَالُومَةُ، 41اللَّوَاتِي أَيْضًا تَبِعْنَهُ وَخَدَمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي الْجَلِيلِ. وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ اللَّوَاتِي صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.

42وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، إِذْ كَانَ الاسْتِعْدَادُ، أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ، 43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، مُشِيرٌ شَرِيفٌ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا مُنْتَظِرًا مَلَكُوتَ اللهِ، فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. 44فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعًا. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟» 45وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ، وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ. 46فَاشْتَرَى كَتَّانًا، فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتًا فِي صَخْرَةٍ، وَدَحْرَجَ حَجَرًا عَلَى بَابِ الْقَبْرِ. 47وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يُوسِي تَنْظُرَانِ أَيْنَ وُضِعَ.



إنجيل مَرْقُسَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

1وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. 2وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. 3وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟» 4فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. 5وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. 6فَقَالَ لَهُنَّ: «لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. 7لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ». 8فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ.

9وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10فَذَهَبَتْ هذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11فَلَمَّا سَمِعَ أُولئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا.

12وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لاثْنَيْنِ مِنْهُمْ، وَهُمَا يَمْشِيَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ. 13وَذَهَبَ هذَانِ وَأَخْبَرَا الْبَاقِينَ، فَلَمْ يُصَدِّقُوا وَلاَ هذَيْنِ.

14أَخِيرًا ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ. 15وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. 16مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ. 17وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ».

19ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ. 20وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ.

 

لوقا

إنجيل لُوقَا

 الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.

5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. 6وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. 7وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا.

8فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ اللهِ، 9حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ. 10وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا وَقْتَ الْبَخُورِ. 11فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. 12فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. 13فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. 14وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، 15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 16وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ. 17وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا». 18فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟» 19فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ، وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهذَا. 20وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ». 21وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعّجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي الْهَيْكَلِ. 22فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَفَهِمُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي الْهَيْكَلِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ وَبَقِيَ صَامِتًا.

23وَلَمَّا كَمِلَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ. 24وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ امْرَأَتُهُ، وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ قَائِلَةً: 25«هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ».

26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». 29فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».

34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟»

35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. 36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، 37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». 38فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.

39فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، 40وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. 41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، 42وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. 45فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ».

46فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، 47وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، 48لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، 49لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، 50وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. 51صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. 52أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. 53أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. 54عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، 55كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». 56فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.

57وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. 58وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. 59وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتْ: «لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». 61فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ». 62ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. 63فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلاً: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. 64وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. 65فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ، 66فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟» وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ.

67وَامْتَلأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلاً: 68«مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، 69وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. 70كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، 71خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. 72لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ، 73الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: 74أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ 75بِقَدَاسَةٍ وَبِرّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. 76وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. 77لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، 78بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. 79لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ».

80أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. 2وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. 3فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. 4فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، 5لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. 6وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. 7فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ.

8وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، 9وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. 10فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: 11أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. 12وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ». 13وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: 14«الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ».

15وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». 16فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ. 17فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. 18وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. 19وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. 20ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ.

21وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.

22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ. 24وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.

25وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. 26وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. 27فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، 28أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: 29«الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، 30لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، 31الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. 32نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ». 33وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. 34وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. 35وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ».

36وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. 37وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. 38فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ.

39وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ، رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. 40وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، مُمْتَلِئًا حِكْمَةً، وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.

41وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. 42وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. 43وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. 44وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. 45وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. 46وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. 47وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. 48فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» 49فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». 50فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. 51ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. 52وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ عَشْرَةَ مِنْ سَلْطَنَةِ طِيبَارِيُوسَ قَيْصَرَ، إِذْ كَانَ بِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ وَالِيًا عَلَى الْيَهُودِيَّةِ، وَهِيرُودُسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى الْجَلِيلِ، وَفِيلُبُّسُ أَخُوهُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى إِيطُورِيَّةَ وَكُورَةِ تَرَاخُونِيتِسَ، وَلِيسَانِيُوسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى الأَبِلِيَّةِ، 2فِي أَيَّامِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ حَنَّانَ وَقَيَافَا، كَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ عَلَى يُوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا فِي الْبَرِّيَّةِ، 3فَجَاءَ إِلَى جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ يَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا، 4كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ أقْوَالِ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ :«صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً. 5كُلُّ وَادٍ يَمْتَلِئُ، وَكُلُّ جَبَل وَأَكَمَةٍ يَنْخَفِضُ، وَتَصِيرُ الْمُعْوَجَّاتُ مُسْتَقِيمَةً، وَالشِّعَابُ طُرُقًا سَهْلَةً، 6وَيُبْصِرُ كُلُّ بَشَرٍ خَلاَصَ اللهِ».

7وَكَانَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ الَّذِينَ خَرَجُوا لِيَعْتَمِدُوا مِنْهُ: «يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. ولاَ تَبْتَدِئُوا تَقُولُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْرَاهِيمَ. 9وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ». 10وَسَأَلَهُ الْجُمُوعُ قائِلِينَ: «فَمَاذَا نَفْعَلُ؟» 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ، وَمَنْ لَهُ طَعَامٌ فَلْيَفْعَلْ هكَذَا». 12وَجَاءَ عَشَّارُونَ أَيْضًا لِيَعْتَمِدُوا فَقَالُوا لَهُ: «يَامُعَلِّمُ، مَاذَا نَفْعَلُ؟» 13فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَسْتَوْفُوا أَكْثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكُمْ». 14وَسَأَلَهُ جُنْدِيُّونَ أَيْضًا قَائِلِينَ: «وَمَاذَا نَفْعَلُ نَحْنُ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَظْلِمُوا أَحَدًا، وَلاَ تَشُوا بِأَحَدٍ، وَاكْتَفُوا بِعَلاَئِفِكُمْ».

15وَإِذْ كَانَ الشَّعْبُ يَنْتَظِرُ، وَالْجَمِيعُ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ عَنْ يُوحَنَّا لَعَلَّهُ الْمَسِيحُ، 16أَجَابَ يُوحَنَّا الْجَمِيعَ قِائِلاً: «أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ، وَلكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 17الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ الْقَمْحَ إِلَى مَخْزَنِهِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ». 18وَبِأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَعِظُ الشَّعْبَ وَيُبَشِّرُهُمْ. 19أَمَّا هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ فَإِذْ تَوَبَّخَ مِنْهُ لِسَبَبِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، وَلِسَبَبِ جَمِيعِ الشُّرُورِ الَّتِي كَانَ هِيرُودُسُ يَفْعَلُهَا، 20زَادَ هذَا أَيْضًا عَلَى الْجَمِيعِ أَنَّهُ حَبَسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ.

21وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، 22وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ».

23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي، 24بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي، بْنِ مَلْكِي، بْنِ يَنَّا، بْنِ يُوسُفَ، 25بْنِ مَتَّاثِيَا، بْنِ عَامُوصَ، بْنِ نَاحُومَ، بْنِ حَسْلِي، بْنِ نَجَّايِ، 26بْنِ مَآثَ، بْنِ مَتَّاثِيَا، بْنِ شِمْعِي، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ يَهُوذَا، 27بْنِ يُوحَنَّا، بْنِ رِيسَا، بْنِ زَرُبَّابِلَ، بْنِ شَأَلْتِيئِيلَ، بْنِ نِيرِي، 28بْنِ مَلْكِي، بْنِ أَدِّي، بْنِ قُصَمَ، بْنِ أَلْمُودَامَ، بْنِ عِيرِ، 29بْنِ يُوسِي، بْنِ أَلِيعَازَرَ، بْنِ يُورِيمَ، بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي، 30بْنِ شِمْعُونَ، بْنِ يَهُوذَا، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ يُونَانَ، بْنِ أَلِيَاقِيمَ، 31بْنِ مَلَيَا، بْنِ مَيْنَانَ، بْنِ مَتَّاثَا، بْنِ نَاثَانَ، بْنِ دَاوُدَ، 32بْنِ يَسَّى، بْنِ عُوبِيدَ، بْنِ بُوعَزَ، بْنِ سَلْمُونَ، بْنِ نَحْشُونَ، 33بْنِ عَمِّينَادَابَ، بْنِ أَرَامَ، بْنِ حَصْرُونَ، بْنِ فَارِصَ، بْنِ يَهُوذَا، 34بْنِ يَعْقُوبَ، بْنِ إِسْحَاقَ، بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بْنِ تَارَحَ، بْنِ نَاحُورَ، 35بْنِ سَرُوجَ، بْنِ رَعُو، بْنِ فَالَجَ، بْنِ عَابِرَ، بْنِ شَالَحَ، 36بْنِ قِينَانَ، بْنِ أَرْفَكْشَادَ، بْنِ سَامِ، بْنِ نُوحِ، بْنِ لاَمَكَ، 37بْنِ مَتُوشَالَحَ، بْنِ أَخْنُوخَ، بْنِ يَارِدَ، بْنِ مَهْلَلْئِيلَ، بْنِ قِينَانَ، 38بْنِ أَنُوشَ، بْنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ابْنِ اللهِ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَقُلْ لِهذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزًا». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ قِائِلاً: «مَكْتُوبٌ: أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ، لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ، وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ وَقَالَ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلُ، 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ، 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.

14وَرَجَعَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ الرُّوحِ إِلَى الْجَلِيلِ، وَخَرَجَ خَبَرٌ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ. 15وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ مُمَجَّدًا مِنَ الْجَمِيعِ.

16وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ، 17فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوبًا فِيهِ: 18«رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، 19وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». 20ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ، وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ. 21فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ».

22وَكَانَ الْجَمِيعُ يَشْهَدُونَ لَهُ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ، وَيَقُولُونَ: «أَلَيْسَ هذَا ابْنَ يُوسُفَ؟» 23فَقَالَ لَهُمْ: «عَلَى كُلِّ حَال تَقُولُونَ لِي هذَا الْمَثَلَ: أَيُّهَا الطَّبِيبُ اشْفِ نَفْسَكَ! كَمْ سَمِعْنَا أَنَّهُ جَرَى فِي كَفْرِنَاحُومَ، فَافْعَلْ ذلِكَ هُنَا أَيْضًا فِي وَطَنِكَ» 24وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ مَقْبُولاً فِي وَطَنِهِ. 25وَبِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرَامِلَ كَثِيرَةً كُنَّ فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِ إِيلِيَّا حِينَ أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ مُدَّةَ ثَلاَثِ سِنِينَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَمَّا كَانَ جُوعٌ عَظِيمٌ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا، 26وَلَمْ يُرْسَلْ إِيلِيَّا إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا، إِلاَّ إِلَى امْرَأَةٍ أَرْمَلَةٍ، إِلَى صَرْفَةِ صَيْدَاءَ. 27وَبُرْصٌ كَثِيرُونَ كَانُوا فِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِ أَلِيشَعَ النَّبِيِّ، وَلَمْ يُطَهَّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ نُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ». 28فَامْتَلأَ غَضَبًا جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ حِينَ سَمِعُوا هذَا، 29فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلٍ. 30أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى.

31وَانْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ، وَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي السُّبُوتِ. 32فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّ كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ. 33وَكَانَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ بِهِ رُوحُ شَيْطَانٍ نَجِسٍ، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ

34قِائِلاً: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!». 35فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!». فَصَرَعَهُ الشَّيْطَانُ فِي الْوَسْطِ وَخَرَجَ مِنْهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ شَيْئًا. 36فَوَقَعَتْ دَهْشَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ، وَكَانُوا يُخَاطِبُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «مَا هذِهِ الْكَلِمَةُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ يَأْمُرُ الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتَخْرُجُ!». 37وَخَرَجَ صِيتٌ عَنْهُ إِلَى كُلِّ مَوْضِعٍ فِي الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ.

38وَلَمَّا قَامَ مِنَ الْمَجْمَعِ دَخَلَ بَيْتَ سِمْعَانَ. وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ قَدْ أَخَذَتْهَا حُمَّى شَدِيدَةٌ. فَسَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا. 39فَوَقَفَ فَوْقَهَا وَانْتَهَرَ الْحُمَّى فَتَرَكَتْهَا! وَفِي الْحَالِ قَامَتْ وَصَارَتْ تَخْدُمُهُمْ. 40وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، جَمِيعُ الَّذِينَ كَانَ عِنْدَهُمْ سُقَمَاءُ بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ قَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَفَاهُمْ. 41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضًا تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.

42وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ الْجُمُوعُ يُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ. فَجَاءُوا إِلَيْهِ وَأَمْسَكُوهُ لِئَلاَّ يَذْهَبَ عَنْهُمْ. 43فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، لأَنِّي لِهذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». 44فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ الْجَلِيلِ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَإِذْ كَانَ الْجَمْعُ يَزْدَحِمُ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ، كَانَ وَاقِفًا عِنْدَ بُحَيْرَةِ جَنِّيسَارَتَ. 2فَرَأَى سَفِينَتَيْنِ وَاقِفَتَيْنِ عِنْدَ الْبُحَيْرَةِ، وَالصَّيَّادُونَ قَدْ خَرَجُوا مِنْهُمَا وَغَسَلُوا الشِّبَاكَ. 3فَدَخَلَ إِحْدَى السَّفِينَتَيْنِ الَّتِي كَانَتْ لِسِمْعَانَ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُبْعِدَ قَلِيلاً عَنِ الْبَرِّ. ثُمَّ جَلَسَ وَصَارَ يُعَلِّمُ الْجُمُوعَ مِنَ السَّفِينَةِ. 4وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ قَالَ لِسِمْعَانَ: «ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ لِلصَّيْدِ». 5فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، قَدْ تَعِبْنَا اللَّيْلَ كُلَّهُ وَلَمْ نَأْخُذْ شَيْئًا. وَلكِنْ عَلَى كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشَّبَكَةَ». 6وَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ أَمْسَكُوا سَمَكًا كَثِيرًا جِدًّا، فَصَارَتْ شَبَكَتُهُمْ تَتَخَرَّقُ. 7فَأَشَارُوا إِلَى شُرَكَائِهِمِ الَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ الأُخْرَى أَنْ يَأْتُوا وَيُسَاعِدُوهُمْ. فَأَتَوْا وَمَلأُوا السَّفِينَتَيْنِ حَتَّى أَخَذَتَا فِي الْغَرَقِ. 8فَلَمَّا رَأَى سِمْعَانُ بُطْرُسُ ذلِكَ خَرَّ عِنْدَ رُكْبَتَيْ يَسُوعَ قَائِلاً: «اخْرُجْ مِنْ سَفِينَتِي يَارَبُّ، لأَنِّي رَجُلٌ خَاطِئٌ!». 9إِذِ اعْتَرَتْهُ وَجمِيعَ الَّذِينَ مَعَهُ دَهْشَةٌ عَلَى صَيْدِ السَّمَكِ الَّذِي أَخَذُوهُ. 10وَكَذلِكَ أَيْضًا يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا ابْنَا زَبَدِي اللَّذَانِ كَانَا شَرِيكَيْ سِمْعَانَ. فَقَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ: «لاَتَخَفْ! مِنَ الآنَ تَكُونُ تَصْطَادُ النَّاسَ!» 11وَلَمَّا جَاءُوا بِالسَّفِينَتَيْنِ إِلَى الْبَرِّ تَرَكُوا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعُوهُ.

12وَكَانَ فِي إِحْدَى الْمُدُنِ، فَإِذَا رَجُلٌ مَمْلُوءٌ بَرَصًا. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 13فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». وَلِلْوَقْتِ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ. 14فَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ «امْضِ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ». 15فَذَاعَ الْخَبَرُ عَنْهُ أَكْثَرَ. فَاجْتَمَعَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ لِكَيْ يَسْمَعُوا وَيُشْفَوْا بِهِ مِنْ أَمْرَاضِهِمْ. 16وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَعْتَزِلُ فِي الْبَرَارِي وَيُصَلِّي.

17وَفِي أَحَدِ الأَيَّامِ كَانَ يُعَلِّمُ، وَكَانَ فَرِّيسِيُّونَ وَمُعَلِّمُونَ لِلنَّامُوسِ جَالِسِينَ وَهُمْ قَدْ أَتَوْا مِنْ كُلِّ قَرْيَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ. وَكَانَتْ قُوَّةُ الرَّبِّ لِشِفَائِهِمْ. 18وَإِذَا بِرِجَال يَحْمِلُونَ عَلَى فِرَاشٍ إِنْسَانًا مَفْلُوجًا، وَكَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا بِهِ وَيَضَعُوهُ أَمَامَهُ. 19وَلَمَّا لَمْ يَجِدُوا مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُونَ بِهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ، صَعِدُوا عَلَى السَّطْحِ وَدَلَّوْهُ مَعَ الْفِرَاشِ مِنْ بَيْنِ الأَجُرِّ إِلَى الْوَسْطِ قُدَّامَ يَسُوعَ. 20فَلَمَّا رَأَى إِيمَانَهُمْ قَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الإِنْسَانُ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». 21فَابْتَدَأَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يُفَكِّرُونَ قَائِلِينَ «مَنْ هذَا الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟» 22فَشَعَرَ يَسُوعُ بِأَفْكَارِهِمْ، وَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِكُمْ؟

23أَيُّمَا أَيْسَرُ: أَنْ يُقَالَ: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟ 24وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا»، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ: قُمْ وَاحْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!». 25فَفِي الْحَالِ قَامَ أَمَامَهُمْ، وَحَمَلَ مَا كَانَ مُضْطَجِعًا عَلَيْهِ، وَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ وَهُوَ يُمَجِّدُ اللهَ. 26فَأَخَذَتِ الْجَمِيعَ حَيْرَةٌ وَمَجَّدُوا اللهَ، وَامْتَلأُوا خَوْفًا قَائِلِينَ: «إِنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا الْيَوْمَ عَجَائِبَ!».

27وَبَعْدَ هذَا خَرَجَ فَنَظَرَ عَشَّارًا اسْمُهُ لاَوِي جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». 28فَتَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَامَ وَتَبِعَهُ. 29وَصَنَعَ لَهُ لاَوِي ضِيَافَةً كَبِيرَةً فِي بَيْتِهِ. وَالَّذِينَ كَانُوا مُتَّكِئِينَ مَعَهُمْ كَانُوا جَمْعًا كَثِيرًا مِنْ عَشَّارِينَ وَآخَرِينَ. 30فَتَذَمَّرَ كَتَبَتُهُمْ وَالْفَرِّيسِيُّونَ عَلَى تَلاَمِيذِهِ قَائِلِينَ: «لِمَاذَا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مَعَ عَشَّارِينَ وَخُطَاةٍ؟» 31فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ، بَلِ الْمَرْضَى. 32لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».

33وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَصُومُ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا كَثِيرًا وَيُقَدِّمُونَ طِلْبَاتٍ، وَكَذلِكَ تَلاَمِيذُ الْفَرِّيسِيِّينَ أَيْضًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ؟» 34فَقَالَ لَهُمْ: «أَتَقْدِرُونَ أَنْ تَجْعَلُوا بَنِي الْعُرْسِ يَصُومُونَ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ 35وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ». 36وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلاً: «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ رُقْعَةً مِنْ ثَوْبٍ جَدِيدٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق، وَإِلاَّ فَالْجَدِيدُ يَشُقُّهُ، وَالْعَتِيقُ لاَ تُوافِقُهُ الرُّقْعَةُ الَّتِي مِنَ الْجَدِيدِ. 37وَلَيْسَ أَحَدٌ يَجْعَلُ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق عَتِيقَةٍ لِئَلاَّ تَشُقَّ الْخَمْرُ الْجَدِيدَةُ الزِّقَاقَ، فَهِيَ تُهْرَقُ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ. 38بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ، فَتُحْفَظُ جَمِيعًا. 39وَلَيْسَ أَحَدٌ إِذَا شَرِبَ الْعَتِيقَ يُرِيدُ لِلْوَقْتِ الْجَدِيدَ، لأَنَّهُ يَقُولُ: الْعَتِيقُ أَطْيَبُ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1وَفِي السَّبْتِ الثَّانِي بَعْدَ الأَوَّلِ اجْتَازَ بَيْنَ الزُّرُوعِ. وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَقْطِفُونَ السَّنَابِلَ وَيَأْكُلُونَ وَهُمْ يَفْرُكُونَهَا بِأَيْدِيهِمْ. 2فَقَالَ لَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ: «لِمَاذَا تَفْعَلُونَ مَا لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السُّبُوتِ؟» 3فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ وَلاَ هذَا الَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ، حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ؟ 4كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَخَذَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ وَأَكَلَ، وَأَعْطَى الَّذِينَ مَعَهُ أَيْضًا، الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلاَّ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ» 5وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا».

6وَفِي سَبْتٍ آخَرَ دَخَلَ الْمَجْمَعَ وَصَارَ يُعَلِّمُ. وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ الْيُمْنَى يَابِسَةٌ، 7وَكَانَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يُرَاقِبُونَهُ هَلْ يَشْفِي فِي السَّبْتِ، لِكَيْ يَجِدُوا عَلَيْهِ شِكَايَةً. 8أَمَّا هُوَ فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي يَدُهُ يَابِسَةٌ:«قُمْ وَقِفْ فِي الْوَسْطِ». فَقَامَ وَوَقَفَ. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَسْأَلُكُمْ شَيْئًا: هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ إِهْلاَكُهَا؟». 10ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى جَمِيعِهِمْ وَقَالَ لِلرَّجُلِ:«مُدَّ يَدَكَ». فَفَعَلَ هكَذَا. فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى. 11فَامْتَلأُوا حُمْقًا وَصَارُوا يَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَاذَا يَفْعَلُونَ بِيَسُوعَ.

12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ للهِ.

13وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضًا «رُسُلاً»: 14سِمْعَانَ الَّذِي سَمَّاهُ أَيْضًا بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ. يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. فِيلُبُّسَ وَبَرْثُولَمَاوُسَ. 15مَتَّى وَتُومَا. يَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى وَسِمْعَانَ الَّذِي يُدْعَى الْغَيُورَ. 16يَهُوذَا أَخَا يَعْقُوبَ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّمًا أَيْضًا.

17وَنَزَلَ مَعَهُمْ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ سَهْل، هُوَ وَجَمْعٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ، مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ وَسَاحِلِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، الَّذِينَ جَاءُوا لِيَسْمَعُوهُ وَيُشْفَوْا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ، 18وَالْمُعَذَّبُونَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ. وَكَانُوا يَبْرَأُونَ. 19وَكُلُّ الْجَمْعِ طَلَبُوا أَنْ يَلْمِسُوهُ، لأَنَّ قُوَّةً كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَشْفِي الْجَمِيعَ.

20وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ، لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ. 21طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْجِيَاعُ الآنَ، لأَنَّكُمْ تُشْبَعُونَ. طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْبَاكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَضْحَكُونَ. 22طُوبَاكُمْ إِذَا أَبْغَضَكُمُ النَّاسُ، وَإِذَا أَفْرَزُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ، وَأَخْرَجُوا اسْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ ابْنِ الإِنْسَانِ. 23اِفْرَحُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَتَهَلَّلُوا، فَهُوَذَا أَجْرُكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاءِ. لأَنَّ آبَاءَهُمْ هكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ. 24وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمْ عَزَاءَكُمْ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَاعَى، لأَنَّكُمْ سَتَجُوعُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ. 26وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ النَّاسِ حَسَنًا. لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ.

27«لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، 28بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. 29مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا. 30وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلاَ تُطَالِبْهُ. 31وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ هكَذَا. 32وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ. 33وَإِذَا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا. 34وَإِنْ أَقْرَضْتُمُ الَّذِينَ تَرْجُونَ أَنْ تَسْتَرِدُّوا مِنْهُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُقْرِضُونَ الْخُطَاةَ لِكَيْ يَسْتَرِدُّوا مِنْهُمُ الْمِثْلَ. 35بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئًا، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيمًا وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ. 36فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ. 37«وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ. 38أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلاً جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ».

39وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً: «هَلْ يَقْدِرُ أَعْمَى أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَمَا يَسْقُطُ الاثْنَانِ فِي حُفْرَةٍ؟ 40لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ. 41لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 42أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِكَ، وَأَنْتَ لاَ تَنْظُرُ الْخَشَبَةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي! أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ.

43«لأَنَّهُ مَا مِنْ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا رَدِيًّا، وَلاَ شَجَرَةٍ رَدِيَّةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا. 44لأَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ تُعْرَفُ مِنْ ثَمَرِهَا. فَإِنَّهُمْ لاَ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ تِينًا، وَلاَ يَقْطِفُونَ مِنَ الْعُلَّيْقِ عِنَبًا. 45اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ. 46«وَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ، وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟ 47كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلاَمِي وَيَعْمَلُ بِهِ أُرِيكُمْ مَنْ يُشْبِهُ. 48يُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتًا، وَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. 49وَأَمَّا الَّذِي يَسْمَعُ وَلاَ يَعْمَلُ، فَيُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دُونِ أَسَاسٍ، فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالاً، وَكَانَ خَرَابُ ذلِكَ الْبَيْتِ عَظِيمًا!».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1وَلَمَّا أَكْمَلَ أَقْوَالَهُ كُلَّهَا فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ دَخَلَ كَفْرَنَاحُومَ. 2وَكَانَ عَبْدٌ لِقَائِدِ مِئَةٍ، مَرِيضًا مُشْرِفًا عَلَى الْمَوْتِ، وَكَانَ عَزِيزًا عِنْدَهُ. 3فَلَمَّا سَمِعَ عَنْ يَسُوعَ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ شُيُوخَ الْيَهُودِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَشْفِيَ عَبْدَهُ. 4فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى يَسُوعَ طَلَبُوا إِلَيْهِ بِاجْتِهَادٍ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ مُسْتَحِق÷ أَنْ يُفْعَلَ لَهُ هذَا، 5لأَنَّهُ يُحِبُّ أُمَّتَنَا، وَهُوَ بَنَى لَنَا الْمَجْمَعَ». 6فَذَهَبَ يَسُوعُ مَعَهُمْ. وَإِذْ كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ عَنِ الْبَيْتِ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَائِدُ الْمِئَةِ أَصْدِقَاءَ يَقُولُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، لاَ تَتْعَبْ. لأَنِّي لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي. 7لِذلِكَ لَمْ أَحْسِبْ نَفْسِي أَهْلاً أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ. لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَيَبْرَأَ غُلاَمِي. 8لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ مُرَتَّبٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ، لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. وَأَقُولُ لِهذَا: اذْهَبْ! فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: ائْتِ! فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِي: افْعَلْ هذَا! فَيَفْعَلُ». 9وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ هذَا تَعَجَّبَ مِنْهُ، وَالْتَفَتَ إِلَى الْجَمْعِ الَّذِي يَتْبَعُهُ وَقَالَ: «أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا!». 10وَرَجَعَ الْمُرْسَلُونَ إِلَى الْبَيْتِ، فَوَجَدُوا الْعَبْدَ الْمَرِيضَ قَدْ صَحَّ.

11وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي ذَهَبَ إِلَى مَدِينَةٍ تُدْعَى نَايِينَ، وَذَهَبَ مَعَهُ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ. 12فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، إِذَا مَيْتٌ مَحْمُولٌ، ابْنٌ وَحِيدٌ لأُمِّهِ، وَهِيَ أَرْمَلَةٌ وَمَعَهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ. 13فَلَمَّا رَآهَا الرَّبُّ تَحَنَّنَ عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: «لاَ تَبْكِي». 14ثُمَّ تَقَدَّمَ وَلَمَسَ النَّعْشَ، فَوَقَفَ الْحَامِلُونَ. فَقَالَ: «أَيُّهَا الشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ: قُمْ!». 15فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ. 16فَأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ، وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: «قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ، وَافْتَقَدَ اللهُ شَعْبَهُ». 17وَخَرَجَ هذَا الْخَبَرُ عَنْهُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ.

18فَأَخْبَرَ يُوحَنَّا تَلاَمِيذُهُ بِهذَا كُلِّهِ. 19فَدَعَا يُوحَنَّا اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى يَسُوعَ قَائِلاً: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 20فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ الرَّجُلاَنِ قَالاَ: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ قَائِلاً: أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 21وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ شَفَى كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ وَأَدْوَاءٍ وَأَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ، وَوَهَبَ الْبَصَرَ لِعُمْيَانٍ كَثِيرِينَ. 22فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُماَ: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا: إِنَّ الْعُمْيَ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمَّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ. 23وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».

24فَلَمَّا مَضَى رَسُولاَ يُوحَنَّا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ 25بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ فِي اللِّبَاسِ الْفَاخِرِ وَالتَّنَعُّمِ هُمْ فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ. 26بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ! 27هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ! 28لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ أَعْظَمُ مِنْهُ». 29وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ سَمِعُوا وَالْعَشَّارُونَ بَرَّرُوا اللهَ مُعْتَمِدِينَ بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا. 30وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ وَالنَّامُوسِيُّونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ اللهِ مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ، غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ.

31ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ: «فَبِمَنْ أُشَبِّهُ أُنَاسَ هذَا الْجِيلِ؟ وَمَاذَا يُشْبِهُونَ؟ 32يُشْبِهُونَ أَوْلاَدًا جَالِسِينَ فِي السُّوقِ يُنَادُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا. نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَبْكُوا. 33لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ لاَ يَأْكُلُ خُبْزًا وَلاَ يَشْرَبُ خَمْرًا، فَتَقُولُونَ: بِهِ شَيْطَانٌ. 34جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَتَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. 35وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ جَمِيعِ بَنِيهَا».

36وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. 37وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ 38وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. 39فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلاً: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ». 40فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَاسِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ، يَامُعَلِّمُ». 41«كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. 42وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» 43فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ». 44ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. 45قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. 46بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. 47مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً». 48ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». 49فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟». 50فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1وَعَلَى أَثَرِ ذلِكَ كَانَ يَسِيرُ فِي مَدِينَةٍ وَقَرْيَةٍ يَكْرِزُ وَيُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمَعَهُ الاثْنَا عَشَرَ. 2وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ، 3وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ، وَسُوسَنَّةُ، وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ.

4فَلَمَّا اجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ، قَالَ بِمَثَل: 5«خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَانْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاءِ. 6وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ، فَلَمَّا نَبَتَ جَفَّ لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُطُوبَةٌ. 7وَسَقَطَ آخَرُ فِي وَسْطِ الشَّوْكِ، فَنَبَتَ مَعَهُ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. 8وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ، فَلَمَّا نَبَتَ صَنَعَ ثَمَرًا مِئَةَ ضِعْفٍ». قَالَ هذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!».

9فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا الْمَثَلُ؟». 10فَقَالَ: «لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ. 11وَهذَا هُوَ الْمَثَلُ: الزَّرْعُ هُوَ كَلاَمُ اللهِ، 12وَالَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا. 13وَالَّذِينَ عَلَى الصَّخْرِ هُمُ الَّذِينَ مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ، وَهؤُلاَءِ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ، فَيُؤْمِنُونَ إِلَى حِينٍ، وَفِي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَرْتَدُّونَ. 14وَالَّذِي سَقَطَ بَيْنَ الشَّوْكِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَذْهَبُونَ فَيَخْتَنِقُونَ مِنْ هُمُومِ الْحَيَاةِ وَغِنَاهَا وَلَذَّاتِهَا، وَلاَ يُنْضِجُونَ ثَمَرًا. 15وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ.

16«وَلَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجًا وَيُغَطِّيهِ بِإِنَاءٍ أَوْ يَضَعُهُ تَحْتَ سَرِيرٍ، بَلْ يَضَعُهُ عَلَى مَنَارَةٍ، لِيَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ. 17لأَنَّهُ لَيْسَ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ مَكْتُومٌ لاَ يُعْلَمُ وَيُعْلَنُ. 18فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ، لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي يَظُنُّهُ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ».

19وَجَاءَ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. 20فَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ». 21فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».

22وَفِي أَحَدِ الأَيَّامِ دَخَلَ سَفِينَةً هُوَ وَتَلاَمِيذُهُ، فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَعْبُرْ إِلَى عَبْرِ الْبُحَيْرَةِ». فَأَقْلَعُوا. 23وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ نَامَ. فَنَزَلَ نَوْءُ رِيحٍ فِي الْبُحَيْرَةِ، وَكَانُوا يَمْتَلِئُونَ مَاءً وَصَارُوا فِي خَطَرٍ. 24فَتَقَدَّمُوا وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، يَا مُعَلِّمُ، إِنَّنَا نَهْلِكُ!». فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ وَتَمَوُّجَ الْمَاءِ، فَانْتَهَيَا وَصَارَ هُدُوُّ. 25ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيْنَ إِيمَانُكُمْ؟» فَخَافُوا وَتَعَجَّبُوا قَائِلِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ هُوَ هذَا؟ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ الرِّيَاحَ أَيْضًا وَالْمَاءَ فَتُطِيعُهُ!».

26وَسَارُوا إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَ الْجَلِيلِ. 27وَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الأَرْضِ اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ فِيهِ شَيَاطِينُ مُنْذُ زَمَانٍ طَوِيل، وَكَانَ لاَ يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَلاَ يُقِيمُ فِي بَيْتٍ، بَلْ فِي الْقُبُورِ. 28فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ صَرَخَ وَخَرَّ لَهُ، وَقَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ؟ أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!». 29لأَنَّهُ أَمَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الإِنْسَانِ. لأَنَّهُ مُنْذُ زَمَانٍ كَثِيرٍ كَانَ يَخْطَفُهُ، وَقَدْ رُبِطَ بِسَلاَسِل وَقُيُودٍ مَحْرُوسًا، وَكَانَ يَقْطَعُ الرُّبُطَ وَيُسَاقُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَى الْبَرَارِي. 30فَسَأَلَهُ يَسُوعُ قِائِلاً: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «لَجِئُونُ». لأَنَّ شَيَاطِينَ كَثِيرَةً دَخَلَتْ فِيهِ. 31وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَأْمُرَهُمْ بِالذَّهَابِ إِلَى الْهَاوِيَةِ. 32وَكَانَ هُنَاكَ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَةٍ تَرْعَى فِي الْجَبَلِ، فَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَأَذِنَ لَهُمْ. 33فَخَرَجَتِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الإِنْسَانِ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرُفِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ وَاخْتَنَقَ. 34فَلَمَّا رَأَى الرُّعَاةُ مَا كَانَ هَرَبُوا وَذَهَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ، 35فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى. وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَوَجَدُوا الإِنْسَانَ الَّذِي كَانَتِ الشَّيَاطِينُ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ لاَبِسًا وَعَاقِلاً، جَالِسًا عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ، فَخَافُوا. 36فَأَخْبَرَهُمْ أَيْضًا الَّذِينَ رَأَوْا كَيْفَ خَلَصَ الْمَجْنُونُ. 37فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ جُمْهُورِ كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُمْ، لأَنَّهُ اعْتَرَاهُمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ. فَدَخَلَ السَّفِينَةَ وَرَجَعَ. 38أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الشَّيَاطِينُ فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ، وَلكِنَّ يَسُوعَ صَرَفَهُ قَائِلاً: 39«ارْجعْ إِلَى بَيْتِكَ وَحَدِّثْ بِكَمْ صَنَعَ اللهُ بِكَ». فَمَضَى وَهُوَ يُنَادِي فِي الْمَدِينَةِ كُلِّهَا بِكَمْ صَنَعَ بِهِ يَسُوعُ.

40وَلَمَّا رَجَعَ يَسُوعُ قَبِلَهُ الْجَمْعُ لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعُهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ. 41وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يَايِرُسُ قَدْ جَاءَ، وَكَانَ رَئِيسَ الْمَجْمَعِ، فَوَقَعَ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، 42لأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَحِيدَةٌ لَهَا نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَتْ فِي حَالِ الْمَوْتِ. فَفِيمَا هُوَ مُنْطَلِقٌ زَحَمَتْهُ الْجُمُوعُ.

43وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ أَنْفَقَتْ كُلَّ مَعِيشَتِهَا لِلأَطِبَّاءِ، وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تُشْفَى مِنْ أَحَدٍ، 44جَاءَتْ مِنْ وَرَائِهِ وَلَمَسَتْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. فَفِي الْحَالِ وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا. 45فَقَالَ يَسُوعُ: «مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي؟» وَإِذْ كَانَ الْجَمِيعُ يُنْكِرُونَ، قَالَ بُطْرُسُ وَالَّذِينَ مَعَهُ: «يَامُعَلِّمُ، الْجُمُوعُ يُضَيِّقُونَ عَلَيْكَ وَيَزْحَمُونَكَ، وَتَقُولُ: مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي؟» 46فَقَالَ يَسُوعُ: «قَدْ لَمَسَنِي وَاحِدٌ، لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي». 47فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَمْ تَخْتَفِ، جَاءَتْ مُرْتَعِدَةً وَخَرَّتْ لَهُ، وَأَخْبَرَتْهُ قُدَّامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ لأَيِّ سَبَبٍ لَمَسَتْهُ، وَكَيْفَ بَرِئَتْ فِي الْحَالِ. 48فَقَالَ لَهَا: «ثِقِي يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ».

49وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ، جَاءَ وَاحِدٌ مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلاً لَهُ: «قَدْ مَاتَتِ ابْنَتُكَ. لاَ تُتْعِبِ الْمُعَلِّمَ». 50فَسَمِعَ يَسُوعُ، وَأَجَابَهُ قِائِلاً: «لاَتَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ، فَهِيَ تُشْفَى». 51فَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَيْتِ لَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ إِلاَّ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَأَبَا الصَّبِيَّةِ وَأُمَّهَا. 52وَكَانَ الْجَمِيعُ يَبْكُونَ عَلَيْهَا وَيَلْطِمُونَ. فَقَالَ: «لاَ تَبْكُوا. لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». 53فَضَحِكُوا عَلَيْهِ، عَارِفِينَ أَنَّهَا مَاتَتْ. 54فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا وَنَادَى قَائِلاً: «يَا صَبِيَّةُ، قُومِي!». 55فَرَجَعَتْ رُوحُهَا وَقَامَتْ فِي الْحَالِ. فَأَمَرَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ. 56فَبُهِتَ وَالِدَاهَا. فَأَوْصَاهُمَا أَنْ لاَ يَقُولاَ لأَحَدٍ عَمَّا كَانَ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1وَدَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَعْطَاهُمْ قُوَّةً وَسُلْطَانًا عَلَى جَمِيعِ الشَّيَاطِينِ وَشِفَاءِ أَمْرَاضٍ، 2وَأَرْسَلَهُمْ لِيَكْرِزُوا بِمَلَكُوتِ اللهِ وَيَشْفُوا الْمَرْضَى. 3وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ: لاَ عَصًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ فِضَّةً، وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ. 4وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَهُنَاكَ أَقِيمُوا، وَمِنْ هُنَاكَ اخْرُجُوا. 5وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ فَاخْرُجُوا مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا الْغُبَارَ أَيْضًا عَنْ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ». 6فَلَمَّا خَرَجُوا كَانُوا يَجْتَازُونَ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ يُبَشِّرُونَ وَيَشْفُونَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ.

7فَسَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ بِجَمِيعِ مَا كَانَ مِنْهُ، وَارْتَابَ، لأَنَّ قَوْمًا كَانُوا يَقُولُونَ: «إِنَّ يُوحَنَّا قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ». 8وَقَوْمًا: «إِنَّ إِيلِيَّا ظَهَرَ». وَآخَرِينَ: «إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَامَ». 9فَقَالَ هِيرُودُسُ: «يُوحَنَّا أَنَا قَطَعْتُ رَأْسَهُ. فَمَنْ هُوَ هذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْهُ مِثْلَ هذَا؟» وَكَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَرَاهُ.

10وَلَمَّا رَجَعَ الرُّسُلُ أَخْبَرُوهُ بِجَمِيعِ مَا فَعَلُوا، فَأَخَذَهُمْ وَانْصَرَفَ مُنْفَرِدًا إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ لِمَدِينَةٍ تُسَمَّى بَيْتَ صَيْدَا. 11فَالْجُمُوعُ إِذْ عَلِمُوا تَبِعُوهُ، فَقَبِلَهُمْ وَكَلَّمَهُمْ عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ، وَالْمُحْتَاجُونَ إِلَى الشِّفَاءِ شَفَاهُمْ. 12فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الاثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: «اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَامًا، لأَنَّنَا ههُنَا فِي مَوْضِعٍ خَلاَءٍ». 13فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا». فَقَالُوا: «لَيْسَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ، إِلاَّ أَنْ نَذْهَبَ وَنَبْتَاعَ طَعَامًا لِهذَا الشَّعْبِ كُلِّهِ». 14لأَنَّهُمْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُل. فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَتْكِئُوهُمْ فِرَقًا خَمْسِينَ خَمْسِينَ». 15فَفَعَلُوا هكَذَا، وَأَتْكَأُوا الْجَمِيعَ. 16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ، ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ. 17فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَمِيعًا. ثُمَّ رُفِعَ مَا فَضَلَ عَنْهُمْ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً.

18وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي عَلَى انْفِرَادٍ كَانَ التَّلاَمِيذُ مَعَهُ. فَسَأَلَهُمْ قِائِلاً: «مَنْ تَقُولُ الْجُمُوعُ أَنِّي أَنَا؟» 19فَأَجَابُوا وَقَالوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ. وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا. وَآخَرُونَ: إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَامَ». 20فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ أَنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ: «مَسِيحُ اللهِ!». 21فَانْتَهَرَهُمْ وَأَوْصَى أَنْ لاَ يَقُولُوا ذلِكَ لأَحَدٍ، 22قَائِلاً: «إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَتَأَلَّمُ كَثِيرًا، وَيُرْفَضُ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».

23وَقَالَ لِلْجَمِيعِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي. 24فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهذَا يُخَلِّصُهَا. 25لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ، وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟ 26لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي، فَبِهذَا يَسْتَحِي ابْنُ الإِنْسَانِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِهِ وَمَجْدِ الآبِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ. 27حَقًّا أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللهِ».

28وَبَعْدَ هذَا الْكَلاَمِ بِنَحْوِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، أَخَذَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَصَعِدَ إِلَى جَبَل لِيُصَلِّيَ. 29وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي صَارَتْ هَيْئَةُ وَجْهِهِ مُتَغَيِّرَةً، وَلِبَاسُهُ مُبْيَضًّا لاَمِعًا. 30وَإِذَا رَجُلاَنِ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ، وَهُمَا مُوسَى وَإِيلِيَّا، 31اَللَّذَانِ ظَهَرَا بِمَجْدٍ، وَتَكَلَّمَا عَنْ خُرُوجِهِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يُكَمِّلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ. 32وَأَمَّا بُطْرُسُ وَاللَّذَانِ مَعَهُ فَكَانُوا قَدْ تَثَقَّلُوا بِالنَّوْمِ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظُوا رَأَوْا مَجْدَهُ، وَالرَّجُلَيْنِ الْوَاقِفَيْنِ مَعَهُ. 33وَفِيمَا هُمَا يُفَارِقَانِهِ قَالَ بُطْرُسُ لِيَسُوعَ: «يَامُعَلِّمُ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةً، وَلِمُوسَى وَاحِدَةً، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةً». وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ. 34وَفِيمَا هُوَ يَقُولُ ذلِكَ كَانَتْ سَحَابَةٌ فَظَلَّلَتْهُمْ. فَخَافُوا عِنْدَمَا دَخَلُوا فِي السَّحَابَةِ. 35وَصَارَ صَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا». 36وَلَمَّا كَانَ الصَّوْتُ وُجِدَ يَسُوعُ وَحْدَهُ، وَأَمَّا هُمْ فَسَكَتُوا وَلَمْ يُخْبِرُوا أَحَدًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَبْصَرُوهُ.

37وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي إِذْ نَزَلُوا مِنَ الْجَبَلِ، اسْتَقْبَلَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ. 38وَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْجَمْعِ صَرَخَ قِائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، أَطْلُبُ إِلَيْكَ. اُنْظُرْ إِلَى ابْنِي، فَإِنَّهُ وَحِيدٌ لِي. 39وَهَا رُوحٌ يَأْخُذُهُ فَيَصْرُخُ بَغْتَةً، فَيَصْرَعُهُ مُزْبِدًا، وَبِالْجَهْدِ يُفَارِقُهُ مُرَضِّضًا إِيَّاهُ. 40وَطَلَبْتُ مِنْ تَلاَمِيذِكَ أَنْ يُخْرِجُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا». 41فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ وَأَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمِ ابْنَكَ إِلَى هُنَا!». 42وَبَيْنَمَا هُوَ آتٍ مَزَّقَهُ الشَّيْطَانُ وَصَرَعَهُ، فَانْتَهَرَ يَسُوعُ الرُّوحَ النَّجِسَ، وَشَفَى الصَّبِيَّ وَسَلَّمَهُ إِلَى أَبِيهِ. 43فَبُهِتَ الْجَمِيعُ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ. وَإِذْ كَانَ الْجَمِيعُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَ يَسُوعُ، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: 44«ضَعُوا أَنْتُمْ هذَا الْكَلاَمَ فِي آذَانِكُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ». 45وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هذَا الْقَوْلَ، وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هذَا الْقَوْلِ.

46وَدَاخَلَهُمْ فِكْرٌ مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ فِيهِمْ؟ 47فَعَلِمَ يَسُوعُ فِكْرَ قَلْبِهِمْ، وَأَخَذَ وَلَدًا وَأَقَامَهُ عِنْدَهُ، 48وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ هذَا الْوَلَدَ بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، لأَنَّ الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعًا هُوَ يَكُونُ عَظِيمًا»

49فَأجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِدًا يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِكَ فَمَنَعْنَاهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُ مَعَنَا». 50فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا».

51وَحِينَ تَمَّتِ الأَيَّامُ لارْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 52وَأَرْسَلَ أَمَامَ وَجْهِهِ رُسُلاً، فَذَهَبُوا وَدَخَلُوا قَرْيَةً لِلسَّامِرِيِّينَ حَتَّى يُعِدُّوا لَهُ. 53فَلَمْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مُتَّجِهًا نَحْوَ أُورُشَلِيمَ. 54فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، قَالاَ: «يَارَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ، كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا أَيْضًا؟» 55فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! 56لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ». فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.

57وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ فِي الطَّرِيقِ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «يَا سَيِّدُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». 58فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 59وَقَالَ لآخَرَ: «اتْبَعْنِي». فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 60فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ». 61وَقَالَ آخَرُ أَيْضًا: «أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ، وَلكِنِ ائْذَنْ لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ الَّذِينَ فِي بَيْتِي». 62فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1وَبَعْدَ ذلِكَ عَيَّنَ الرَّبُّ سَبْعِينَ آخَرِينَ أَيْضًا، وَأَرْسَلَهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ حَيْثُ كَانَ هُوَ مُزْمِعًا أَنْ يَأْتِيَ. 2فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ. 3اِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ. 4لاَ تَحْمِلُوا كِيسًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ أَحْذِيَةً، وَلاَ تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ. 5وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا أَوَّلاً: سَلاَمٌ لِهذَا الْبَيْتِ. 6فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ابْنُ السَّلاَمِ يَحُلُّ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَإِّلاَّ فَيَرْجعُ إِلَيْكُمْ. 7وَأَقِيمُوا فِي ذلِكَ الْبَيْتِ آكِلِينَ وَشَارِبِينَ مِمَّا عِنْدَهُمْ، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌ أُجْرَتَهُ. لاَ تَنْتَقِلُوا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ. 8وَأَيَّةَ مَدِينَةٍ دَخَلْتُمُوهَا وَقَبِلُوكُمْ، فَكُلُوا مِمَّا يُقَدَّمُ لَكُمْ، 9وَاشْفُوا الْمَرْضَى الَّذِينَ فِيهَا، وَقُولُوا لَهُمْ: قَدِ اقْتَرَبَ مِنْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. 10وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ دَخَلْتُمُوهَا وَلَمْ يَقْبَلُوكُمْ، فَاخْرُجُوا إِلَى شَوَارِعِهَا وَقُولُوا: 11حَتَّى الْغُبَارَ الَّذِي لَصِقَ بِنَا مِنْ مَدِينَتِكُمْ نَنْفُضُهُ لَكُمْ. وَلكِنِ اعْلَمُوا هذَا إنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مِنْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. 12وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَكُونُ لِسَدُومَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ.

13«وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا جَالِسَتَيْنِ فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ. 14وَلكِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ يَكُونُ لِهُمَا فِي الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لَكُمَا. 15وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةُ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. 16اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي، وَالَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي، وَالَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي».

17فَرَجَعَ السَّبْعُونَ بِفَرَحٍ قَائِلِينَ: «يَارَبُّ، حَتَّى الشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِاسْمِكَ!». 18فَقَالَ لَهُمْ: «رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ. 19هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ. 20وَلكِنْ لاَ تَفْرَحُوا بِهذَا: أَنَّ الأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ، بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ».

21وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ، رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ». 22وَالْتَفَتَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ الابْنُ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ مَنْ هُوَ الآبُ إِلاَّ الابْنُ، وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ». 23وَالْتَفَتَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالَ: «طُوبَى لِلْعُيُونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا تَنْظُرُونَهُ! 24لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ كَثِيرِينَ وَمُلُوكًا أَرَادُوا أَنْ يَنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَلَمْ يَنْظُرُوا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا».

25وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 26فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» 27فَأَجَابَ وَقَالَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». 28فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هذَا فَتَحْيَا». 29وَأَمَّا هُوَ فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ، قَاَلَ لِيَسُوعَ: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟» 30فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ، وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. 31فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِنًا نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. 32وَكَذلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضًا، إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. 33وَلكِنَّ سَامِرِيًّا مُسَافِرًا جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ، 34فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ، وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُق وَاعْتَنَى بِهِ. 35وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ. 36فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟» 37فَقَالَ: «الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا».

38وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ دَخَلَ قَرْيَةً، فَقَبِلَتْهُ امْرَأَةٌ اسْمُهَا مَرْثَا فِي بَيْتِهَا. 39وَكَانَتْ لِهذِهِ أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَمَ، الَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ. 40وَأَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُرْتَبِكَةً فِي خِدْمَةٍ كَثِيرَةٍ. فَوَقَفَتْ وَقَالَتْ: «يَارَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُعِينَنِي!» 41فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها: «مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، 42وَلكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ، لَمَّا فَرَغَ، قَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَارَبُّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا عَلَّمَ يُوحَنَّا أَيْضًا تَلاَمِيذَهُ». 2فَقَالَ لَهُمْ: «مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ، لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ، لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 3خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ، 4وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ يُذْنِبُ إِلَيْنَا، وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ».

5ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ صَدِيقٌ، وَيَمْضِي إِلَيْهِ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُولُ لَهُ يَاصَدِيقُ، أَقْرِضْنِي ثَلاَثَةَ أَرْغِفَةٍ، 6لأَنَّ صَدِيقًا لِي جَاءَنِي مِنْ سَفَرٍ، وَلَيْسَ لِي مَا أُقَدِّمُ لَهُ. 7فَيُجِيبَ ذلِكَ مِنْ دَاخِل وَيَقُولَ: لاَ تُزْعِجْنِي! اَلْبَابُ مُغْلَقٌ الآنَ، وَأَوْلاَدِي مَعِي فِي الْفِرَاشِ. لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ وَأُعْطِيَكَ. 8أَقُولُ لَكُمْ: وَإِنْ كَانَ لاَ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ، فَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ لَجَاجَتِهِ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ. 9وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اسْأَلُوا تُعْطَوْا، اُطْلُبُوا تَجِدُوا، اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 10لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. 11فَمَنْ مِنْكُمْ، وَهُوَ أَبٌ، يَسْأَلُهُ ابْنُهُ خُبْزًا، أَفَيُعْطِيهِ حَجَرًا؟ أَوْ سَمَكَةً، أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً بَدَلَ السَّمَكَةِ؟ 12أَوْ إِذَا سَأَلَهُ بَيْضَةً، أَفَيُعْطِيهِ عَقْرَبًا؟ 13فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؟».

14وَكَانَ يُخْرِجُ شَيْطَانًا، وَكَانَ ذلِكَ أَخْرَسَ. فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ، فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ. 15وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: «بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». 16وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ يُجَرِّبُونَهُ. 17فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. 18فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ. 19فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! 20وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. 21حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. 22وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ. 23مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. 24مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. 25فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. 26ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!».

27وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا». 28أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ».

29وَفِيمَا كَانَ الْجُمُوعُ مُزْدَحِمِينَ، ابْتَدَأَ يَقُولُ: «هذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ. 30لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوَى، كَذلِكَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ. 31مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! 32رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!

33«لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجًا وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَةٍ، وَلاَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ، لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ. 34سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا. 35اُنْظُرْ إِذًا لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً. 36فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيِّرًا لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، يَكُونُ نَيِّرًا كُلُّهُ، كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ».

37وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ سَأَلَهُ فَرِّيسِيٌّ أَنْ يَتَغَدَّى عِنْدَهُ، فَدَخَلَ وَاتَّكَأَ. 38وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تَعَجَّبَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ أَوَّلاً قَبْلَ الْغَدَاءِ. 39فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «أَنْتُمُ الآنَ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالْقَصْعَةِ، وَأَمَّا بَاطِنُكُمْ فَمَمْلُوءٌ اخْتِطَافًا وَخُبْثًا. 40يَا أَغْبِيَاءُ، أَلَيْسَ الَّذِي صَنَعَ الْخَارِجَ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضًا؟ 41بَلْ أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً، فَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَقِيًّا لَكُمْ. 42وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالسَّذَابَ وَكُلَّ بَقْل، وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. 43وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ الْمَجْلِسَ الأَوَّلَ فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ. 44وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ مِثْلُ الْقُبُورِ الْمُخْتَفِيَةِ، وَالَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَيْهَا لاَ يَعْلَمُونَ!».

45فَأجَابَ وَاحِدٌ مِنَ النَّامُوسِيِّينَ وَقالَ لَهُ: «يَامُعَلِّمُ، حِينَ تَقُولُ هذَا تَشْتُمُنَا نَحْنُ أَيْضًا!». 46فَقَالَ: «وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالاً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ. 47وَيْلٌ لَكُمْ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ، وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ. 48إِذًا تَشْهَدُونَ وَتَرْضَوْنَ بِأَعْمَالِ آبَائِكُمْ، لأَنَّهُمْ هُمْ قَتَلُوهُمْ وَأَنْتُمْ تَبْنُونَ قُبُورَهُمْ. 49لِذلِكَ أَيْضًا قَالَتْ حِكْمَةُ اللهِ: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلاً، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَطْرُدُونَ 50لِكَيْ يُطْلَبَ مِنْ هذَا الْجِيلِ دَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ الْمُهْرَقُ مُنْذُ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ، 51مِنْ دَمِ هَابِيلَ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا الَّذِي أُهْلِكَ بَيْنَ الْمَذْبَحِ وَالْبَيْتِ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ هذَا الْجِيلِ! 52وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ مِفْتَاحَ الْمَعْرِفَةِ. مَا دَخَلْتُمْ أَنْتُمْ، وَالدَّاخِلُونَ مَنَعْتُمُوهُمْ».

53وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهذَا، ابْتَدَأَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يَحْنَقُونَ جِدًّا، وَيُصَادِرُونَهُ عَلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، 54وَهُمْ يُرَاقِبُونَهُ طَالِبِينَ أَنْ يَصْطَادُوا شَيْئًا مِنْ فَمِهِ لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1وَفِي أَثْنَاءِ ذلِكَ، إِذِ اجْتَمَعَ رَبَوَاتُ الشَّعْبِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضًا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ، 2فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. 3لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ. 4وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. 5بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا! 6أَلَيْسَتْ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ تُبَاعُ بِفَلْسَيْنِ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَيْسَ مَنْسِيًّا أَمَامَ اللهِ؟ 7بَلْ شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! 8وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. 9وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. 10وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ. 11وَمَتَى قَدَّمُوكُمْ إِلَى الْمَجَامِعِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَحْتَجُّونَ أَوْ بِمَا تَقُولُونَ، 12لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ».

13وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». 14فَقَالَ لَهُ: «يَاإِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» 15وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». 16وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، 17فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ 18وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، 19وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! 20فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَاغَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ 21هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ».

22وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مِنْ أَجْلِ هذَا أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. 23اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ. 24تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ، وَاللهُ يُقِيتُهَا. كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ! 25وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ 26فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ وَلاَ عَلَى الأَصْغَرِ، فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِالْبَوَاقِي؟ 27تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو: لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ، وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. 28فَإِنْ كَانَ الْعُشْبُ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ فِي الْحَقْلِ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ 29فَلاَ تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ تَقْلَقُوا، 30فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا أُمَمُ الْعَالَمِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ. 31بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.

32«لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. 33بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ، 34لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا. 35«لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، 36وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. 37طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ. 38وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ. 39وَإِنَّمَا اعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ، وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 40فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ».

41فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «يَارَبُّ، أَلَنَا تَقُولُ هذَا الْمَثَلَ أَمْ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا؟» 42فَقَالَ الرَّبُّ: «فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟ 43طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! 44بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. 45وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ، فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْغِلْمَانَ وَالْجَوَارِيَ، وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ. 46يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، فَيَقْطَعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ. 47وَأَمَّا ذلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلاَ يَسْتَعِدُّ وَلاَ يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ، فَيُضْرَبُ كَثِيرًا. 48وَلكِنَّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلاً. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ.

49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ 50وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا، وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟ 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَّلاَّ، أَقُولُ لَكُمْ: بَلِ انْقِسَامًا. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ، وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الابْنِ، وَالابْنُ عَلَى الأَبِ، وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ، وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا، وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».

54ثُمَّ قَالَ أَيْضًا لِلْجُمُوعِ: «إِذَا رَأَيْتُمُ السَّحَابَ تَطْلُعُ مِنَ الْمَغَارِبِ فَلِلْوَقْتِ تَقُولُونَ: إِنَّهُ يَأْتِي مَطَرٌ، فَيَكُونُ هكَذَا. 55وَإِذَا رَأَيْتُمْ رِيحَ الْجَنُوبِ تَهُبُّ تَقُولُونَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ حَرٌّ، فَيَكُونُ. 56يَامُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَمَّا هذَا الزَّمَانُ فَكَيْفَ لاَ تُمَيِّزُونَهُ؟ 57وَلِمَاذَا لاَ تَحْكُمُونَ بِالْحَقِّ مِنْ قِبَلِ نُفُوسِكُمْ؟ 58حِينَمَا تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلَى الْحَاكِمِ، ابْذُلِ الْجَهْدَ وَأَنْتَ فِي الطَّرِيقِ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ، لِئَلاَّ يَجُرَّكَ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الْحَاكِمِ، فَيُلْقِيَكَ الْحَاكِمُ فِي السِّجْنِ. 59أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1وَكَانَ حَاضِرًا فِي ذلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ الْجَلِيلِيِّينَ الَّذِينَ خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ. 2فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَتَظُنُّونَ أَنَّ هؤُلاَءِ الْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الْجَلِيلِيِّينَ لأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هذَا؟ 3كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ. 4أَوْ أُولئِكَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ، أَتَظُنُّونَ أَنَّ هؤُلاَءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ 5كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ».

6وَقَالَ هذَا الْمَثَلَ: «كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ، فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَرًا وَلَمْ يَجِدْ. 7فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاَثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَرًا فِي هذِهِ التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا! لِمَاذَا تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضًا؟ 8فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدُ، اتْرُكْهَا هذِهِ السَّنَةَ أَيْضًا، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلاً. 9فَإِنْ صَنَعَتْ ثَمَرًا، وَإِلاَّ فَفِيمَا بَعْدُ تَقْطَعُهَا».

10وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي أَحَدِ الْمَجَامِعِ فِي السَّبْتِ، 11وَإِذَا امْرَأَةٌ كَانَ بِهَا رُوحُ ضَعْفٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَنْتَصِبَ الْبَتَّةَ. 12فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ دَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضَعْفِكِ!». 13وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ، فَفِي الْحَالِ اسْتَقَامَتْ وَمَجَّدَتِ اللهَ. 14فَأَجابَ رَئِيسُ الْمَجْمَعِ، وَهُوَ مُغْتَاظٌ لأَنَّ يَسُوعَ أَبْرَأَ فِي السَّبْتِ، وَقَالَ لِلْجَمْعِ: «هِيَ سِتَّةُ أَيَّامٍ يَنْبَغِي فِيهَا الْعَمَلُ، فَفِي هذِهِ ائْتُوا وَاسْتَشْفُوا، وَلَيْسَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ!» 15فَأَجَابَهُ الرَّبُّ وَقَالَ: «يَا مُرَائِي! أَلاَ يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ الْمِذْوَدِ وَيَمْضِي بِهِ وَيَسْقِيهِ؟ 16وَهذِهِ، وَهِيَ ابْنَةُ إِبْراهِيمَ، قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَلَّ مِنْ هذَا الرِّبَاطِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟» 17وَإِذْ قَالَ هذَا أُخْجِلَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا يُعَانِدُونَهُ، وَفَرِحَ كُلُّ الْجَمْعِ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الْمَجِيدَةِ الْكَائِنَةِ مِنْهُ.

18فَقَالَ: «مَاذَا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ اللهِ؟ وَبِمَاذَا أُشَبِّهُهُ؟ 19يُشْبِهُ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَأَلْقَاهَا فِي بُسْتَانِهِ، فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَةً كَبِيرَةً، وَتَآوَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ فِي أَغْصَانِهَا».

20وَقَالَ أَيْضًا: «بِمَاذَا أُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ 21يُشْبِهُ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ».

22وَاجْتَازَ فِي مُدُنٍ وَقُرًى يُعَلِّمُ وَيُسَافِرُ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ، 23فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «يَا سَيِّدُ، أَقَلِيلٌ هُمُ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ؟» فَقَالَ لَهُمُ: 24«اجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا وَلاَ يَقْدِرُونَ 25مِنْ بَعْدِ مَا يَكُونُ رَبُّ الْبَيْتِ قَدْ قَامَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ، وَابْتَدَأْتُمْ تَقِفُونَ خَارِجًا وَتَقْرَعُونَ الْبَابَ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! افْتَحْ لَنَا. يُجِيبُ، وَيَقُولُ لَكُمْ: لاَ أَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ! 26حِينَئِذٍ تَبْتَدِئُونَ تَقُولُونَ: أَكَلْنَا قُدَّامَكَ وَشَرِبْنَا، وَعَلَّمْتَ فِي شَوَارِعِنَا! 27فَيَقُولُ: أَقُولُ لَكُمْ: لاَأَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ، تَبَاعَدُوا عَنِّي يَا جَمِيعَ فَاعِلِي الظُّلْمِ! 28هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ، مَتَى رَأَيْتُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ فِي مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَنْتُمْ مَطْرُوحُونَ خَارِجًا. 29وَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَمِنَ الْمَغَارِبِ وَمِنَ الشِّمَالِ وَالْجَنُوبِ، وَيَتَّكِئُونَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ. 30وَهُوَذَا آخِرُونَ يَكُونُونَ أَوَّلِينَ، وَأَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ».

31فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ لَهُ: «اخْرُجْ وَاذْهَبْ مِنْ ههُنَا، لأَنَّ هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ». 32فَقَالَ لَهُمُ: «امْضُوا وَقُولُوا لِهذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ. 33بَلْ يَنْبَغِي أَنْ أَسِيرَ الْيَوْمَ وَغَدًا وَمَا يَلِيهِ، لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجًا عَنْ أُورُشَلِيمَ! 34يَا أُورُشَلِيمُ، يَاأُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 35هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا! وَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيهِ: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ

 

1وَإِذْ جَاءَ إِلَى بَيْتِ أَحَدِ رُؤَسَاءِ الْفَرِّيسِيِّينَ فِي السَّبْتِ لِيَأْكُلَ خُبْزًا، كَانُوا يُرَاقِبُونَهُ. 2وَإِذَا إِنْسَانٌ مُسْتَسْق كَانَ قُدَّامَهُ. 3فَأَجَابَ يَسُوعُ وَكَلَّمَ النَّامُوسِيِّينَ وَالْفَرِّيسِيِّينَ قِائِلاً: «هَلْ يَحِلُّ الإِبْرَاءُ فِي السَّبْتِ؟» 4فَسَكَتُوا. فَأَمْسَكَهُ وَأَبْرَأَهُ وَأَطْلَقَهُ. 5ثُمَّ أجَابَهم وَقَالَ: «مَنْ مِنْكُمْ يَسْقُطُ حِمَارُهُ أَوْ ثَوْرُهُ فِي بِئْرٍ وَلاَ يَنْشُلُهُ حَالاً فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟» 6فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُجِيبُوهُ عَنْ ذلِكَ.

7وَقَالَ لِلْمَدْعُوِّينَ مَثَلاً، وَهُوَ يُلاَحِظُ كَيْفَ اخْتَارُوا الْمُتَّكَآتِ الأُولَى قِائِلاً لَهُمْ: 8«مَتَى دُعِيتَ مِنْ أَحَدٍ إِلَى عُرْسٍ فَلاَ تَتَّكِئْ فِي الْمُتَّكَإِ الأَوَّلِ، لَعَلَّ أَكْرَمَ مِنْكَ يَكُونُ قَدْ دُعِيَ مِنْهُ. 9فَيَأْتِيَ الَّذِي دَعَاكَ وَإِيَّاهُ وَيَقُولَ لَكَ: أَعْطِ مَكَانًا لِهذَا. فَحِينَئِذٍ تَبْتَدِئُ بِخَجَل تَأْخُذُ الْمَوْضِعَ الأَخِيرَ. 10بَلْ مَتَى دُعِيتَ فَاذْهَبْ وَاتَّكِئْ فِي الْمَوْضِعِ الأَخِيرِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ الَّذِي دَعَاكَ يَقُولُ لَكَ: يَا صَدِيقُ، ارْتَفِعْ إِلَى فَوْقُ. حِينَئِذٍ يَكُونُ لَكَ مَجْدٌ أَمَامَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَكَ. 11لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ»

12وَقَالَ أَيْضًا لِلَّذِي دَعَاهُ: «إِذَا صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَلاَ تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلاَ إِخْوَتَكَ وَلاَ أَقْرِبَاءَكَ وَلاَ الْجِيرَانَ الأَغْنِيَاءَ، لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضًا، فَتَكُونَ لَكَ مُكَافَاةٌ.

13بَلْ إِذَا صَنَعْتَ ضِيَافَةً فَادْعُ: الْمَسَاكِينَ، الْجُدْعَ، الْعُرْجَ، الْعُمْيَ، 14فَيَكُونَ لَكَ الطُّوبَى إِذْ لَيْسَ لَهُمْ حَتَّى يُكَافُوكَ، لأَنَّكَ تُكَافَى فِي قِيَامَةِ الأَبْرَارِ».

15فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ قَالَ لَهُ: «طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزًا فِي مَلَكُوتِ اللهِ». 16فَقَالَ لَهُ: «إِنْسَانٌ صَنَعَ عَشَاءً عَظِيمًا وَدَعَا كَثِيرِينَ، 17وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ فِي سَاعَةِ الْعَشَاءِ لِيَقُولَ لِلْمَدْعُوِّينَ: تَعَالَوْا لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ. 18فَابْتَدَأَ الْجَمِيعُ بِرَأْيٍ وَاحِدٍ يَسْتَعْفُونَ. قَالَ لَهُ الأَوَّلُ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ حَقْلاً، وَأَنَا مُضْطَرٌّ أَنْ أَخْرُجَ وَأَنْظُرَهُ. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي. 19وَقَالَ آخَرُ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ أَزْوَاجِ بَقَرٍ، وَأَنَا مَاضٍ لأَمْتَحِنَهَا. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي. 20وَقَالَ آخَرُ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ بِامْرَأَةٍ، فَلِذلِكَ لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَجِيءَ. 21فَأَتَى ذلِكَ الْعَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِذلِكَ. حِينَئِذٍ غَضِبَ رَبُّ الْبَيْتِ، وَقَالَ لِعَبْدِهِ: اخْرُجْ عَاجِلاً إِلَى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ. 22فَقَالَ الْعَبْدُ: يَا سَيِّدُ، قَدْ صَارَ كَمَا أَمَرْتَ، وَيُوجَدُ أَيْضًا مَكَانٌ. 23فَقَالَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ: اخْرُجْ إِلَى الطُّرُقِ وَالسِّيَاجَاتِ وَأَلْزِمْهُمْ بِالدُّخُولِ حَتَّى يَمْتَلِئَ بَيْتِي، 24لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أُولئِكَ الرِّجَالِ الْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي».

25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ، فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. 27وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. 28وَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجًا لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ، هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ؟ 29لِئَلاَّ يَضَعَ الأَسَاسَ وَلاَ يَقْدِرَ أَنْ يُكَمِّلَ، فَيَبْتَدِئَ جَمِيعُ النَّاظِرِينَ يَهْزَأُونَ بِهِ، 30قَائِلِينَ: هذَا الإِنْسَانُ ابْتَدَأَ يَبْنِي وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَمِّلَ. 31وَأَيُّ مَلِكٍ إِنْ ذَهَبَ لِمُقَاتَلَةِ مَلِكٍ آخَرَ فِي حَرْبٍ، لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَتَشَاوَرُ: هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُلاَقِيَ بِعَشَرَةِ آلاَفٍ الَّذِي يَأْتِي عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا؟ 32وَإِلاَّ فَمَا دَامَ ذلِكَ بَعِيدًا، يُرْسِلُ سِفَارَةً وَيَسْأَلُ مَا هُوَ لِلصُّلْحِ. 33فَكَذلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. 34«اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلكِنْ إِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ، فَبِمَاذَا يُصْلَحُ؟ 35لاَ يَصْلُحُ لأَرْضٍ وَلاَ لِمَزْبَلَةٍ، فَيَطْرَحُونَهُ خَارِجًا. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

 

1وَكَانَ جَمِيعُ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَدْنُونَ مِنْهُ لِيَسْمَعُوهُ. 2فَتَذَمَّرَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ قَائِلِينَ: «هذَا يَقْبَلُ خُطَاةً وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ!». 3فَكَلَّمَهُمْ بِهذَا الْمَثَلِ قِائِلاً: 4«أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَأَضَاعَ وَاحِدًا مِنْهَا، أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟ 5وَإِذَا وَجَدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَرِحًا، 6وَيَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ وَيَدْعُو الأَصْدِقَاءَ وَالْجِيرَانَ قَائِلاً لَهُمُ: افْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي الضَّالَّ!. 7أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ.

8«أَوْ أَيَّةُ امْرَأَةٍ لَهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، إِنْ أَضَاعَتْ دِرْهَمًا وَاحِدًا، أَلاَ تُوقِدُ سِرَاجًا وَتَكْنُسُ الْبَيْتَ وَتُفَتِّشُ بِاجْتِهَادٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟ 9وَإِذَا وَجَدَتْهُ تَدْعُو الصَّدِيقَاتِ وَالْجَارَاتِ قَائِلَةً: افْرَحْنَ مَعِي لأَنِّي وَجَدْتُ الدِّرْهَمَ الَّذِي أَضَعْتُهُ. 10هكَذَا، أَقُولُ لَكُمْ: يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ.

11وَقَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ لَهُ ابْنَانِ. 12فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيهِ: يَا أَبِي أَعْطِنِي الْقِسْمَ الَّذِي يُصِيبُنِي مِنَ الْمَالِ. فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ. 13وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ جَمَعَ الابْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ. 14فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ، حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ، فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ. 15فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْكُورَةِ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ. 16وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الَّذِي كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ. 17فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! 18أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، 19وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ. 20فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. 21فَقَالَ لَهُ الابْنُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. 22فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَاجْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ، 23وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ، 24لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ. 25وَكَانَ ابْنُهُ الأَكْبَرُ فِي الْحَقْلِ. فَلَمَّا جَاءَ وَقَرُبَ مِنَ الْبَيْتِ، سَمِعَ صَوْتَ آلاَتِ طَرَبٍ وَرَقْصًا. 26فَدَعَا وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟ 27فَقَالَ لَهُ: أَخُوكَ جَاءَ فَذَبَحَ أَبُوكَ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ، لأَنَّهُ قَبِلَهُ سَالِمًا. 28فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُلَ. فَخَرَجَ أَبُوهُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ. 29فَأَجَابَ وَقَالَ لأَبِيهِ: هَا أَنَا أَخْدِمُكَ سِنِينَ هذَا عَدَدُهَا، وَقَطُّ لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصِيَّتَكَ، وَجَدْيًا لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ لأَفْرَحَ مَعَ أَصْدِقَائِي. 30وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ ابْنُكَ هذَا الَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ! 31فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ. 32وَلكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ، لأَنَّ أَخَاكَ هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالُا فَوُجِدَ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

1وَقَالَ أَيْضًا لِتَلاَمِيذِهِ: «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ. 2فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ. 3فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ. لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُبَ، وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ. 4قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ. 5فَدَعَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ 6فَقَالَ: مِئَةُ بَثِّ زَيْتٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاجْلِسْ عَاجِلاً وَاكْتُبْ خَمْسِينَ. 7ثُمَّ قَالَ لآخَرَ: وَأَنْتَ كَمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ. 8فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ، لأَنَّ أَبْنَاءَ هذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ. 9وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ، حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالِّ الأَبَدِيَّةِ. 10اَلأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمِينٌ أَيْضًا فِي الْكَثِيرِ، وَالظَّالِمُ فِي الْقَلِيلِ ظَالِمٌ أَيْضًا فِي الْكَثِيرِ. 11فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَالِ الظُّلْمِ، فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى الْحَقِّ؟ 12وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا هُوَ لِلْغَيْرِ، فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا هُوَ لَكُمْ؟ 13لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ».

14وَكَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ أَيْضًا يَسْمَعُونَ هذَا كُلَّهُ، وَهُمْ مُحِبُّونَ لِلْمَالِ، فَاسْتَهْزَأُوا بِهِ. 15فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ تُبَرِّرُونَ أَنْفُسَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ! وَلكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُمْ. إِنَّ الْمُسْتَعْلِيَ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ رِجْسٌ قُدَّامَ اللهِ.

16«كَانَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ إِلَى يُوحَنَّا. وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ يُبَشَّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَغْتَصِبُ نَفْسَهُ إِلَيْهِ. 17وَلكِنَّ زَوَالَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ تَسْقُطَ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ. 18كُلُّ مَنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَيَتَزَوَّجُ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَكُلُّ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ مِنْ رَجُل يَزْنِي.

19«كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهًا. 20وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوبًا بِالْقُرُوحِ، 21وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ، بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. 22فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ، 23فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ، 24فَنَادَى وَقَالَ: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ. 25فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ. 26وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا. 27فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، 28لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا. 29قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. 30فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. 31فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ السَّابعُ عَشَرَ

 

1وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِلَّذِي تَأْتِي بِوَاسِطَتِهِ! 2خَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحىً وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنْ يُعْثِرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ. 3اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ. 4وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ قَائِلاً: أَنَا تَائِبٌ، فَاغْفِرْ لَهُ». 5فَقَالَ الرُّسُلُ لِلرَّبِّ: «زِدْ إِيمَانَنَا!». 6فَقَالَ الرَّبُّ: «لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذِهِ الْجُمَّيْزَةِ: انْقَلِعِي وَانْغَرِسِي فِي الْبَحْرِ فَتُطِيعُكُمْ.

7«وَمَنْ مِنْكُمْ لَهُ عَبْدٌ يَحْرُثُ أَوْ يَرْعَى، يَقُولُ لَهُ إِذَا دَخَلَ مِنَ الْحَقْلِ: تَقَدَّمْ سَرِيعًا وَاتَّكِئْ. 8بَلْ أَلاَ يَقُولُ لَهُ: أَعْدِدْ مَا أَتَعَشَّى بِهِ، وَتَمَنْطَقْ وَاخْدِمْنِي حَتَّى آكُلَ وَأَشْرَبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ أَنْتَ؟ 9فَهَلْ لِذلِكَ الْعَبْدِ فَضْلٌ لأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ؟ لاَ أَظُنُّ. 10كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ، لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا».

11وَفِي ذَهَابِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ اجْتَازَ فِي وَسْطِ السَّامِرَةِ وَالْجَلِيلِ. 12وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إِلَى قَرْيَةٍ اسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَال بُرْصٍ، فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ 13وَرَفَعوُا صَوْتًا قَائِلِينَ: «يَا يَسُوعُ، يَا مُعَلِّمُ، ارْحَمْنَا!». 14فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ». وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا. 15فَوَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ شُفِيَ، رَجَعَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، 16وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ شَاكِرًا لَهُ، وَكَانَ سَامِرِيًّا. 17فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ التِّسْعَةُ؟ 18أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْدًا ِللهِ غَيْرُ هذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟» 19ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ وَامْضِ، إِيمَانُكَ خَلَّصَكَ».

20وَلَمَّا سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟» أَجَابَهُمْ وَقَالَ: «لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ بِمُرَاقَبَةٍ، 21وَلاَ يَقُولُونَ: هُوَذَا ههُنَا، أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ».

22وَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ فِيهَا تَشْتَهُونَ أَنْ تَرَوْا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ وَلاَ تَرَوْنَ. 23وَيَقُولُونَ لَكُمْ: هُوَذَا ههُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لاَ تَذْهَبُوا وَلاَ تَتْبَعُوا، 24لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ الَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ابْنُ الإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ. 25وَلكِنْ يَنْبَغِي أَوَّلاً أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنْ هذَا الْجِيلِ. 26وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا فِي أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ: 27كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيُزَوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَجَاءَ الطُّوفَانُ وَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ. 28كَذلِكَ أَيْضًا كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ: كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَ. 29وَلكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ، أَمْطَرَ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ. 30هكَذَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ. 31فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ فِي الْبَيْتِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ كَذلِكَ لاَ يَرْجعْ إِلَى الْوَرَاءِ. 32اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ! 33مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ أَهْلَكَهَا يُحْيِيهَا. 34أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَكُونُ اثْنَانِ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. 35تَكُونُ اثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى. 36يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ». 37فَأَجَابوا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ يَارَبُّ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُ تَكُونُ الْجُثَّةُ هُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ

 

1وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ، 2قِائِلاً: «كَانَ فِي مَدِينَةٍ قَاضٍ لاَ يَخَافُ اللهَ وَلاَ يَهَابُ إِنْسَانًا. 3وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ. وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةً: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي!. 4وَكَانَ لاَ يَشَاءُ إِلَى زَمَانٍ. وَلكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ إِنْسَانًا، 5فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ تُزْعِجُنِي، أُنْصِفُهَا، لِئَلاَّ تَأْتِيَ دَائِمًا فَتَقْمَعَنِي!». 6وَقَالَ الرَّبُّ: «اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْمِ. 7أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ، الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلاً، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ 8أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟».

9وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هذَا الْمَثَلَ:

10«إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ. 11أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. 12أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. 13وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. 14أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ».

15فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ الأَطْفَالَ أَيْضًا لِيَلْمِسَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمُ التَّلاَمِيذُ انْتَهَرُوهُمْ. 16أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَاهُمْ وَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. 17اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ».

18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قِائِلاً: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 20أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 21فَقَالَ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذلِكَ قَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 23فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ حَزِنَ، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا. 24فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ، قَالَ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25لأَنَّ دُخُولَ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!». 26فَقَالَ الَّذِينَ سَمِعُوا: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27فَقَالَ: «غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ».

28فَقَالَ بُطْرُسُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29فَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ، 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هذَا الزَّمَانِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ».

31وَأَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَسَيَتِمُّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بِالأَنْبِيَاءِ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ، 32لأَنَّهُ يُسَلَّمُ إِلَى الأُمَمِ، وَيُسْتَهْزَأُ بِهِ، وَيُشْتَمُ وَيُتْفَلُ عَلَيْهِ، 33وَيَجْلِدُونَهُ، وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». 34وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذلِكَ شَيْئًا، وَكَانَ هذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ.

35وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ أَرِيحَا كَانَ أَعْمَى جَالِسًا علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. 36فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازًا سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟» 37فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ. 38فَصَرَخَ قِائِلاً: «يَايَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!». 39فَانْتَهَرَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ لِيَسْكُتَ، أَمَّا هُوَ فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!». 40فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُقَدَّمَ إِلَيْهِ. وَلَمَّا اقْتَرَبَ سَأَلَهُ 41قِائِلاً: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟» فَقَالَ: «يَاسَيِّدُ، أَنْ أُبْصِرَ!». 42فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَبْصِرْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». 43وَفِي الْحَالِ أَبْصَرَ، وَتَبِعَهُ وَهُوَ يُمَجِّدُ اللهَ. وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ رَأَوْا سَبَّحُوا اللهَ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ

 

1ثُمَّ دَخَلَ وَاجْتَازَ فِي أَرِيحَا. 2وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ زَكَّا، وَهُوَ رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ وَكَانَ غَنِيًّا، 3وَطَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ، وَلَمْ يَقْدِرْ مِنَ الْجَمْعِ، لأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ الْقَامَةِ. 4فَرَكَضَ مُتَقَدِّمًا وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. 5فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ». 6فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحًا. 7فَلَمَّا رَأَى الْجَمِيعُ ذلِكَ تَذَمَّرُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُل خَاطِئٍ». 8فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَارَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». 9فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، 10لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ».

11وَإِذْ كَانُوا يَسْمَعُونَ هذَا عَادَ فَقَالَ مَثَلاً، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ. 12فَقَالَ: «إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ ذَهَبَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ. 13فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ. 14وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا. 15وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُلْكَ، أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفِضَّةَ، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ. 16فَجَاءَ الأَوَّلُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ رَبحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ. 17فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ. 18ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ. 19فَقَالَ لِهذَا أَيْضًا: وَكُنْ أَنْتَ عَلَى خَمْسِ مُدْنٍ. 20ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل، 21لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ. 22فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ صَارِمٌ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ، وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ، 23فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟ 24ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ. 25فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ! 26لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 27أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».

28وَلَمَّا قَالَ هذَا تَقَدَّمَ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 29وَإِذْ قَرُبَ مِنْ بَيْتِ فَاجِي وَبَيْتِ عَنْيَا، عِنْدَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ 30قَائِلاً: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُّلاَهُ وَأْتِيَا بِهِ. 31وَإِنْ سَأَلَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَحُّلاَنِهِ؟ فَقُولاَ لَهُ هكَذَا: إِنَّ الرَّبَّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». 32فَمَضَى الْمُرْسَلاَنِ وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا. 33وَفِيمَا هُمَا يَحُّلاَنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ: «لِمَاذَا تَحُّلاَنِ الْجَحْشَ؟» 34فَقَالاَ: «الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». 35وَأَتَيَا بِهِ إِلَى يَسُوعَ، وَطَرَحَا ثِيَابَهُمَا عَلَى الْجَحْشِ، وَأَرْكَبَا يَسُوعَ. 36وَفِيمَا هُوَ سَائِرٌ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. 37وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا، 38قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!». 39وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ!». 40فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!».

41وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا 42قَائِلاً: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. 43فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، 44وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ».

45وَلَمَّا دَخَلَ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِيهِ 46قَائِلاً لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: إِنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!».

47وَكَانَ يُعَلِّمُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ وُجُوهِ الشَّعْبِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُوهُ، 48وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَفْعَلُونَ، لأَنَّ الشَّعْبَ كُلَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ يَسْمَعُ مِنْهُ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الْعِشْرُونَ

 

1وَفِي أَحَدِ تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ كَانَ يُعَلِّمُ الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ وَيُبَشِّرُ، وَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ الشُّيُوخِ، 2وَكَلَّمُوُه قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا: بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ أَوْ مَنْ هُوَ الَّذِي أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ؟» 3فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَقُولُوا لِي: 4مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنَ السَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟» 5فَتَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 6وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، فَجَمِيعُ الشَّعْبِ يَرْجُمُونَنَا، لأَنَّهُمْ وَاثِقُونَ بِأَنَّ يُوحَنَّا نَبِيٌّ». 7فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ. 8فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا».

9وَابْتَدَأَ يَقُولُ لِلشَّعْبِ هذَا الْمَثَلَ: «إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ زَمَانًا طَوِيلاً. 10وَفِي الْوَقْتِ أَرْسَلَ إِلَى الْكَرَّامِينَ عَبْدًا لِكَيْ يُعْطُوهُ مِنْ ثَمَرِ الْكَرْمِ، فَجَلَدَهُ الْكَرَّامُونَ، وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا. 11فَعَادَ وَأَرْسَلَ عَبْدًا آخَرَ، فَجَلَدُوا ذلِكَ أَيْضًا وَأَهَانُوهُ، وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا. 12ثُمَّ عَادَ فَأَرْسَلَ ثَالِثًا، فَجَرَّحُوا هذَا أَيْضًا وَأَخْرَجُوهُ. 13فَقَالَ صَاحِبُ الْكَرْمِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ أُرْسِلُ ابْنِي الْحَبِيبَ، لَعَلَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُ يَهَابُونَ! 14فَلَمَّا رَآهُ الْكَرَّامُونَ تَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ لِكَيْ يَصِيرَ لَنَا الْمِيرَاثُ! 15فَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. فَمَاذَا يَفْعَلُ بِهِمْ صَاحِبُ الْكَرْمِ؟ 16يَأْتِي وَيُهْلِكُ هؤُلاَءِ الْكَرَّامِينَ وَيُعْطِي الْكَرْمَ لآخَرِينَ». فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «حَاشَا!» 17فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «إِذًا مَا هُوَ هذَا الْمَكْتُوبُ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ 18كُلُّ مَنْ يَسْقُطُ عَلَى ذلِكَ الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!» 19فَطَلَبَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ أَنْ يُلْقُوا الأَيَادِيَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَلكِنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ، لأَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ هذَا الْمَثَلَ عَلَيْهِمْ.

20فَرَاقَبُوهُ وَأَرْسَلُوا جَوَاسِيسَ يَتَرَاءَوْنَ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ، حَتَّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى حُكْمِ الْوَالِي وَسُلْطَانِهِ. 21فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَامُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ بِالاسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ، وَلاَ تَقْبَلُ الْوُجُوهَ، بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ. 22أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 23فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ 24أَرُونِي دِينَارًا. لِمَنِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» فَأَجَابُوا وَقَالوُا: «لِقَيْصَرَ». 25فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ للهِ». 26فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ قُدَّامَ الشَّعْبِ، وَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوَابِهِ وَسَكَتُوا.

27وَحَضَرَ قَوْمٌ مِنَ الصَّدُّوقِيِّينَ، الَّذِينَ يُقَاوِمُونَ أَمْرَ الْقِيَامَةِ، وَسَأَلُوهُ، 28قَائِلِيِنَ: «يَامُعَلِّمُ، كَتَبَ لَنَا مُوسَى: إِنْ مَاتَ لأَحَدٍ أَخٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ، وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ، يَأْخُذُ أَخُوهُ الْمَرْأَةَ وَيُقِيمُ نَسْلاً لأَخِيهِ. 29فَكَانَ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ. وَأَخَذَ الأَوَّلُ امْرَأَةً وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ، 30فَأَخَذَ الثَّانِي الْمَرْأَةَ وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ، 31ثُمَّ أَخَذَهَا الثَّالِثُ، وَهكَذَا السَّبْعَةُ. وَلَمْ يَتْرُكُوا وَلَدًا وَمَاتُوا. 32وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. 33فَفِي الْقِيَامَةِ، لِمَنْ مِنْهُمْ تَكُونُ زَوْجَةً؟ لأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ!» 34فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَبْنَاءُ هذَا الدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ، 35وَلكِنَّ الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْحُصُولِ عَلَى ذلِكَ الدَّهْرِ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، 36إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضًا، لأَنَّهُمْ مِثْلُ الْمَلاَئِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ، إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ الْقِيَامَةِ. 37وَأَمَّا أَنَّ الْمَوْتَى يَقُومُونَ، فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مُوسَى أَيْضًا فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ كَمَا يَقُولُ: اَلرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ. 38وَلَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ، لأَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ». 39فَأجَابَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَقَالوا: «يَا مُعَلِّمُ، حَسَنًا قُلْتَ!». 40وَلَمْ يَتَجَاسَرُوا أَيْضًا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ.

41وَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ دَاوُدَ؟ 42وَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ الْمَزَامِيرِ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي 43حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. 44فَإِذًا دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا. فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟».

45وَفِيمَا كَانَ جَمِيعُ الشَّعْبِ يَسْمَعُونَ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: 46«احْذَرُوا مِنَ الْكَتَبَةِ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ، وَيُحِبُّونَ التَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ. 47اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ. هؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ

 

1وَتَطَلَّعَ فَرَأَى الأَغْنِيَاءَ يُلْقُونَ قَرَابِينَهُمْ فِي الْخِزَانَةِ، 2وَرَأَى أَيْضًا أَرْمَلَةً مِسْكِينَةً أَلْقَتْ هُنَاكَ فَلْسَيْنِ. 3فَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمِيعِ، 4لأَنَّ هؤُلاَءِ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا فِي قَرَابِينِ اللهِ، وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا، أَلْقَتْ كُلَّ الْمَعِيشَةِ الَّتِي لَهَا».

5وَإِذْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ عَنِ الْهَيْكَلِ إِنَّهُ مُزَيَّنٌ بِحِجَارَةٍ حَسَنَةٍ وَتُحَفٍ، قَالَ: 6«هذِهِ الَّتِي تَرَوْنَهَا، سَتَأْتِي أَيَّامٌ لاَ يُتْرَكُ فِيهَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ». 7فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَامُعَلِّمُ، مَتَى يَكُونُ هذَا؟ ومَا هِيَ الْعَلاَمَةُ عِنْدَمَا يَصِيرُ هذَا؟» 8فَقَالَ: «انْظُرُوا! لاَ تَضِلُّوا. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَالزَّمَانُ قَدْ قَرُبَ! فَلاَ تَذْهَبُوا وَرَاءَهُمْ. 9فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَقَلاَقِل فَلاَ تَجْزَعُوا، لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ هذَا أَوَّلاً، وَلكِنْ لاَ يَكُونُ الْمُنْتَهَى سَرِيعًا». 10ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، 11وَتَكُونُ زَلاَزِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ، وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ السَّمَاءِ. 12وَقَبْلَ هذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي. 13فَيَؤُولُ ذلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً. 14فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا، 15لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا. 16وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. 17وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. 18وَلكِنَّ شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ. 19بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ. 20وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ، فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا. 21حِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِينَ فِي وَسْطِهَا فَلْيَفِرُّوا خَارِجًا، وَالَّذِينَ فِي الْكُوَرِ فَلاَ يَدْخُلُوهَا، 22لأَنَّ هذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ، لِيَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ. 23وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى الأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هذَا الشَّعْبِ. 24وَيَقَعُونَ بِفَمِ السَّيْفِ، وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ، وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ، حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ.

25«وَتَكُونُ عَلاَمَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ بحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ، 26وَالنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ، لأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 27وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 28وَمَتَى ابْتَدَأَتْ هذِهِ تَكُونُ، فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ».

29وَقَالَ لَهُمْ مَثَلاً: «اُنْظُرُوا إِلَى شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ. 30مَتَى أَفْرَخَتْ تَنْظُرُونَ وَتَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَنَّ الصَّيْفَ قَدْ قَرُبَ. 31هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ قَرِيبٌ. 32اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 33اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَيَزُولُ. 34«فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً. 35لأَنَّهُ كَالْفَخِّ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الْجَالِسِينَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. 36اِسْهَرُوا إِذًا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ، لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ».

37وَكَانَ فِي النَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ، وَفِي اللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ. 38وَكَانَ كُلُّ الشَّعْبِ يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ فِي الْهَيْكَلِ لِيَسْمَعُوهُ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ

 

1وَقَرُبَ عِيدُ الْفَطِيرِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْفِصْحُ. 2وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ.

3فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاثْنَيْ عَشَرَ. 4فَمَضَى وَتَكَلَّمَ مَعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ الْجُنْدِ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ. 5فَفَرِحُوا وَعَاهَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً. 6فَوَاعَدَهُمْ. وَكَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ خِلْوًا مِنْ جَمْعٍ.

7وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ. 8فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلاً: «اذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ لِنَأْكُلَ». 9فَقَالاَ لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ؟». 10فَقَالَ لَهُمَا: «إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَدِينَةَ يَسْتَقْبِلُكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اِتْبَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ حَيْثُ يَدْخُلُ، 11وَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ الْمُعَلِّمُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟ 12فَذَاكَ يُرِيكُمَا عِلِّيَّةً كَبِيرَةً مَفْرُوشَةً. هُنَاكَ أَعِدَّا». 13فَانْطَلَقَا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، فَأَعَدَّا الْفِصْحَ.

14وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ اتَّكَأَ وَالاثْنَا عَشَرَ رَسُولاً مَعَهُ، 15وَقَالَ لَهُمْ: «شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ، 16لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِنْهُ بَعْدُ حَتَّى يُكْمَلَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ». 17ثُمَّ تَنَاوَلَ كَأْسًا وَشَكَرَ وَقَالَ: «خُذُوا هذِهِ وَاقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُمْ، 18لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ اللهِ».

19وَأَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». 20وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ. 21وَلكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ!». 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هذَا؟».

24وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضًا مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ. 25فَقَالَ لَهُمْ: «مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ. 26وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ. 27لأَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ: أَلَّذِي يَتَّكِئُ أَمِ الَّذِي يَخْدُمُ؟ أَلَيْسَ الَّذِي يَتَّكِئُ؟ وَلكِنِّي أَنَا بَيْنَكُمْ كَالَّذِي يَخْدُمُ. 28أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، 29وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، 30لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ».

31وَقَالَ الرَّبُّ: «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ! 32وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ». 33فَقَالَ لَهُ: «يَارَبُّ، إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إِلَى السِّجْنِ وَإِلَى الْمَوْتِ!». 34فَقَالَ: «أَقُولُ لَكَ يَابُطْرُسُ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي».

35ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ، هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ». 36فَقَالَ لَهُمْ: «لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا. 37لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضًا هذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38فَقَالُوا: «يَارَبُّ، هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!».

39وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلاَمِيذُهُ. 40وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ: «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». 41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 45ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ. 46فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».

47وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ، وَالَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، يَتَقَدَّمُهُمْ، فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. 48فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟» 49فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَايَكُونُ، قَالُوا: «يَارَبُّ، أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟» 50وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. 51فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «دَعُوا إِلَى هذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا.

52ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! 53إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلكِنَّ هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ».

54فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ. 55وَلَمَّا أَضْرَمُوا نَارًا فِي وَسْطِ الدَّارِ وَجَلَسُوا مَعًا، جَلَسَ بُطْرُسُ بَيْنَهُمْ. 56فَرَأَتْهُ جَارِيَةٌ جَالِسًا عِنْدَ النَّارِ فَتَفَرَّسَتْ فيهِ وَقَالَتْ: «وَهذَا كَانَ مَعَهُ!». 57فَأَنْكَرَهُ قَائِلاً: «لَسْتُ أَعْرِفُهُ يَا امْرَأَةُ!» 58وَبَعْدَ قَلِيل رَآهُ آخَرُ وَقَالَ: «وَأَنْتَ مِنْهُمْ!» فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ أَنَا!» 59وَلَمَّا مَضَى نَحْوُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ أَكَّدَ آخَرُ قَائِلاً: «بِالْحَقِّ إِنَّ هذَا أَيْضًا كَانَ مَعَهُ، لأَنَّهُ جَلِيلِيٌّ أَيْضًا!». 60فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ أَعْرِفُ مَا تَقُولُ!». وَفِي الْحَالِ بَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ صَاحَ الدِّيكُ. 61فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ، كَيْفَ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 62فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا.

63وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ، 64وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟» 65وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ.

66وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ، 68وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ». 70فَقَالَ الْجَمِيعُ: «أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ». 71فَقَالُوا: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ».



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ

 

1فَقَامَ كُلُّ جُمْهُورِهِمْ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى بِيلاَطُسَ، 2وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ، وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ، قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ». 3فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ قِائِلاً: «أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَأَجَابَهُ وَقَالَ: «أَنْتَ تَقُولُ». 4فَقَالَ بِيلاَطُسُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْجُمُوعِ: «إِنِّي لاَ أَجِدُ عِلَّةً فِي هذَا الإِنْسَانِ». 5فَكَانُوا يُشَدِّدُونَ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ يُهَيِّجُ الشَّعْبَ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى هُنَا». 6فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ ذِكْرَ الْجَلِيلِ، سَأَلَ: «هَلِ الرَّجُلُ جَلِيلِيٌّ؟» 7وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ، أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ، إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيمَ.

8وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدًّا، لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيل أَنْ يَرَاهُ، لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، وَتَرَجَّى أَنْ يَرَي آيَةً تُصْنَعُ مِنْهُ. 9وَسَأَلَهُ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. 10وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِاشْتِدَادٍ، 11فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ، وَأَلْبَسَهُ لِبَاسًا لاَمِعًا، وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 12فَصَارَ بِيلاَطُسُ وَهِيرُودُسُ صَدِيقَيْنِ مَعَ بَعْضِهِمَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ قَبْلُ فِي عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا.

13فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ، 14وَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. 15وَلاَ هِيرُودُسُ أَيْضًا، لأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إِلَيْهِ. وَهَا لاَ شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ. 16فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ». 17وَكَانَ مُضْطَرًّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِدًا، 18فَصَرَخُوا بِجُمْلَتِهِمْ قَائِلِينَ: «خُذْ هذَا! وَأَطْلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ!» 19وَذَاكَ كَانَ قَدْ طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْل. 20فَنَادَاهُمْ أَيْضًا بِيلاَطُسُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُطْلِقَ يَسُوعَ، 21فَصَرَخُوا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!» 22فَقَالَ لَهُمْ ثَالِثَةً: «فَأَيَّ شَرّ عَمِلَ هذَا؟ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ، فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ». 23فَكَانُوا يَلِجُّونَ بِأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ طَالِبِينَ أَنْ يُصْلَبَ. فَقَوِيَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. 24فَحَكَمَ بِيلاَطُسُ أَنْ تَكُونَ طِلْبَتُهُمْ. 25فَأَطْلَقَ لَهُمُ الَّذِي طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ وَقَتْل، الَّذِي طَلَبُوهُ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ.

26وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَانَ، رَجُلاً قَيْرَوَانِيًّا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ الصَّلِيبَ لِيَحْمِلَهُ خَلْفَ يَسُوعَ. 27وَتَبِعَهُ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ، وَالنِّسَاءِ اللَّوَاتِي كُنَّ يَلْطِمْنَ أَيْضًا وَيَنُحْنَ عَلَيْهِ. 28فَالْتَفَتَ إِلَيْهِنَّ يَسُوعُ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ، 29لأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ فِيهَا: طُوبَى لِلْعَوَاقِرِ وَالْبُطُونِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَالثُّدِيِّ الَّتِي لَمْ تُرْضِعْ! 30حِينَئِذٍ يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا! وَلِلآكَامِ: غَطِّينَا! 31لأَنَّهُ إِنْ كَانُوا بِالْعُودِ الرَّطْبِ يَفْعَلُونَ هذَا، فَمَاذَا يَكُونُ بِالْيَابِسِ؟». 32وَجَاءُوا أَيْضًا بِاثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مُذْنِبَيْنِ لِيُقْتَلاَ مَعَهُ.

33وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى «جُمْجُمَةَ» صَلَبُوهُ هُنَاكَ مَعَ الْمُذْنِبَيْنِ، وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. 34فَقَالَ يَسُوعُ: «يَاأَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ». وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا.

35وَكَانَ الشَّعْبُ وَاقِفِينَ يَنْظُرُونَ، وَالرُّؤَسَاءُ أَيْضًا مَعَهُمْ يَسْخَرُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «خَلَّصَ آخَرِينَ، فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْمَسِيحَ مُخْتَارَ اللهِ!». 36وَالْجُنْدُ أَيْضًا اسْتَهْزَأُوا بِهِ وَهُمْ يَأْتُونَ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ خَلاُ، 37قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مَلِكَ الْيَهُودِ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ!». 38وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: «هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ». 39وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!» 40فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهُ قَائِلاً: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ 41أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». 42ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». 43فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».

44وَكَانَ نَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، فَكَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 45وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ. 46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ. 47فَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ مَا كَانَ، مَجَّدَ اللهَ قَائِلاً: «بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هذَا الإِنْسَانُ بَارًّا!» 48وَكُلُّ الْجُمُوعِ الَّذِينَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ لِهذَا الْمَنْظَرِ، لَمَّا أَبْصَرُوا مَا كَانَ، رَجَعُوا وَهُمْ يَقْرَعُونَ صُدُورَهُمْ. 49وَكَانَ جَمِيعُ مَعَارِفِهِ، وَنِسَاءٌ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ يَنْظُرُونَ ذلِكَ.

50وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ مُشِيرًا وَرَجُلاً صَالِحًا بَارًّا.

51هذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقًا لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضًا يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ، 53وَأَنْزَلَهُ، وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ. 54وَكَانَ يَوْمُ الاسْتِعْدَادِ وَالسَّبْتُ يَلُوحُ. 55وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ.

56فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطًا وَأَطْيَابًا. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ.



إنجيل لُوقَا

الأصحَاحُ الرَّابعُ وَالْعِشرُونَ

 

1ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ. 2فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ الْقَبْرِ، 3فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ. 4وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ. 5وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ، قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ 6لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ 7قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». 8فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ، 9وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهذَا كُلِّهِ. 10وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ، اللَّوَاتِي قُلْنَ هذَا لِلرُّسُلِ. 11فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ كَالْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ. 12فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ، فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا، فَمَضَى مُتَعَجِّبًا فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ.

13وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً، اسْمُهَا «عِمْوَاسُ». 14وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بَعْضُهُمَا مَعَ بَعْضٍ عَنْ جَمِيعِ هذِهِ الْحَوَادِثِ. 15وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ، اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. 16وَلكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. 17فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟» 18فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا، الَّذِي اسْمُهُ كَلْيُوبَاسُ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ؟» 19فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟» فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي كَانَ إِنْسَانًا نَبِيًّا مُقْتَدِرًا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. 20كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. 21وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ. 22بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِرًا عِنْدَ الْقَبْرِ، 23وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. 24وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ، فَوَجَدُوا هكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضًا النِّسَاءُ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ». 25فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! 26أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» 27ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ.

28ثُمَّ اقْتَرَبُوا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَيْهَا، وَهُوَ تَظَاهَرَ كَأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ. 29فَأَلْزَمَاهُ قَائِلَيْنِ: «امْكُثْ مَعَنَا، لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَارُ». فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. 30فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا، 31فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا، 32فَقَالَ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ:«أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِبًا فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ لَنَا الْكُتُبَ؟» 33فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ، هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ 34وَهُمْ يَقُولُونَ:«إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!» 35وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الْخُبْزِ.

36وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!» 37فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحًا. 38فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ 39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». 40وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ ههُنَا طَعَامٌ؟» 42فَنَاوَلُوهُ جُزْءًا مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئًا مِنْ شَهْدِ عَسَل. 43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.

44وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ». 45حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. 46وَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، 47وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. 48وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذلِكَ. 49وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي».

50وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجًا إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ. 51وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ، انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. 52فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ، 53وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ اللهَ. آمِينَ.

يوحنا

إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

 الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. 2هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. 3كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. 4فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، 5وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ.

6كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا. 7هذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ، لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ. 8لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ، بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ. 9كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ. 10كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. 11إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. 12وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. 13اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ.

14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. 15يُوحَنَّا شَهِدَ لَهُ وَنَادَى قِائِلاً: «هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: إِنَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي». 16وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ. 17لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا. 18اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.

19وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ: «إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ». 21فَسَأَلُوهُ: «إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ». 22فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَابًا لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» 23قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». 24وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، 25فَسَأَلُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ، وَلاَ إِيلِيَّا، وَلاَ النَّبِيَّ؟» 26أَجَابَهُمْ يُوحَنَّا قِائِلاً: «أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ، وَلكِنْ فِي وَسْطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 27هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي، الَّذِي صَارَ قُدَّامِي، الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ». 28هذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَبْرَةَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ.

29وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! 30هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي. 31وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لكِنْ لِيُظْهَرَ لإِسْرَائِيلَ لِذلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ». 32وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائلاً: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. 33وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 34وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هذَا هُوَ ابْنُ اللهِ».

35وَفِي الْغَدِ أَيْضًا كَانَ يُوحَنَّا وَاقِفًا هُوَ وَاثْنَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 36فَنَظَرَ إِلَى يَسُوعَ مَاشِيًا، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ!». 37فَسَمِعَهُ التِّلْمِيذَانِ يَتَكَلَّمُ، فَتَبِعَا يَسُوعَ. 38فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَنَظَرَهُمَا يَتْبَعَانِ، فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تَطْلُبَانِ؟» فَقَالاَ: «رَبِّي، الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ، أَيْنَ تَمْكُثُ؟» 39فَقَالَ لَهُمَا: «تَعَالَيَا وَانْظُرَا». فَأَتَيَا وَنَظَرَا أَيْنَ كَانَ يَمْكُثُ، وَمَكَثَا عِنْدَهُ ذلِكَ الْيَوْمَ. وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ. 40كَانَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَاحِدًا مِنَ الاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا يُوحَنَّا وَتَبِعَاهُ. 41هذَا وَجَدَ أَوَّلاً أَخَاهُ سِمْعَانَ، فَقَالَ لَهُ: «قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ. 42فَجَاءَ بِهِ إِلَى يَسُوعَ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ.

43فِي الْغَدِ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجَلِيلِ، فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». 44وَكَانَ فِيلُبُّسُ مِنْ بَيْتِ صَيْدَا، مِنْ مَدِينَةِ أَنْدَرَاوُسَ وَبُطْرُسَ. 45فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ». 46فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ».

47وَرَأَى يَسُوعُ نَثَنَائِيلَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ عَنْهُ: «هُوَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ حَقًّا لاَ غِشَّ فِيهِ». 48قَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُنِي؟» أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «قَبْلَ أَنْ دَعَاكَ فِيلُبُّسُ وَأَنْتَ تَحْتَ التِّينَةِ، رَأَيْتُكَ». 49أَجَابَ نَثَنَائِيلُ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَنْتَ ابْنُ اللهِ! أَنْتَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!» 50أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ آمَنْتَ لأَنِّي قُلْتُ لَكَ إِنِّي رَأَيْتُكَ تَحْتَ التِّينَةِ؟ سَوْفَ تَرَى أَعْظَمَ مِنْ هذَا!» 51وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَمَلاَئِكَةَ اللهِ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ».



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. 2وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. 3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». 6وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». 11هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ.

12وَبَعْدَ هذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتَلاَمِيذُهُ، وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّامًا لَيْسَتْ كَثِيرَةً 13وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيبًا، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَرًا وَغَنَمًا وَحَمَامًا، وَالصَّيَارِفَ جُلُوسًا. 15فَصَنَعَ سَوْطًا مِنْ حِبَال وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ، اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ، وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هذِهِ مِنْ ههُنَا! لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ!». 17فَتَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».

18فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالوُا لَهُ: «أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هذَا؟» 19أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ». 20فَقَالَ الْيَهُودُ: «فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟» 21وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ. 22فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ.

23وَلَمَّا كَانَ فِي أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ، آمَنَ كَثِيرُونَ بِاسْمِهِ، إِذْ رَأَوْا الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَ. 24لكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْجَمِيعَ. 25وَلأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا أَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ عَنِ الإِنْسَانِ، لأَنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ فِي الإِنْسَانِ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ، رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ». 3أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ». 4قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» 5أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. 6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. 7لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ. 8اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ».

9أَجَابَ نِيقُودِيمُوسُ وَقَالَ لَهُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هذَا؟» 10أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مُعَلِّمُ إِسْرَائِيلَ وَلَسْتَ تَعْلَمُ هذَا! 11اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا. 12إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُمُ الأَرْضِيَّاتِ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِنْ قُلْتُ لَكُمُ السَّمَاوِيَّاتِ؟ 13وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.

14«وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، 15لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 16لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 17لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. 18اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ. 19وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. 20لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. 21وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ».

22وَبَعْدَ هذَا جَاءَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى أَرْضِ الْيَهُودِيَّةِ، وَمَكَثَ مَعَهُمْ هُنَاكَ، وَكَانَ يُعَمِّدُ. 23وَكَانَ يُوحَنَّا أَيْضًا يُعَمِّدُ فِي عَيْنِ نُونٍ بِقُرْبِ سَالِيمَ، لأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانُوا يَأْتُونَ وَيَعْتَمِدُونَ. 24لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُوحَنَّا قَدْ أُلْقِيَ بَعْدُ فِي السِّجْنِ.

25وَحَدَثَتْ مُبَاحَثَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِ يُوحَنَّا مَعَ يَهُودٍ مِنْ جِهَةِ التَّطْهِيرِ. 26فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ، هُوَ يُعَمِّدُ، وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ» 27أجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ: «لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ. 28أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. 29مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. 30يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. 31اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، 32وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. 33وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللهَ صَادِقٌ، 34لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ اللهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْل يُعْطِي اللهُ الرُّوحَ. 35اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. 36الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ».



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1فَلَمَّا عَلِمَ الرَّبُّ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ سَمِعُوا أَنَّ يَسُوعَ يُصَيِّرُ وَيُعَمِّدُ تَلاَمِيذَ أَكْثَرَ مِنْ يُوحَنَّا، 2مَعَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تَلاَمِيذُهُ، 3تَرَكَ الْيَهُودِيَّةَ وَمَضَى أَيْضًا إِلَى الْجَلِيلِ. 4وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ. 5فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ، بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ الَّتِي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ. 6وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ، جَلَسَ هكَذَا عَلَى الْبِئْرِ، وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. 7فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً، فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» 8لأَنَّ تَلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَامًا. 9فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ. 10أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا». 11قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ، لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟ 12أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ، الَّذِي أَعْطَانَا الْبِئْرَ، وَشَرِبَ مِنْهَا هُوَ وَبَنُوهُ وَمَوَاشِيهِ؟» 13أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. 14وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ». 15قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هذَا الْمَاءَ، لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى هُنَا لأَسْتَقِيَ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى ههُنَا» 17أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ: «لَيْسَ لِي زَوْجٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، 18لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ». 19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! 20آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». 21قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ. لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. 23وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. 24اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا». 25قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ». 26قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ».

27وَعِنْدَ ذلِكَ جَاءَ تَلاَمِيذُهُ، وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ امْرَأَةٍ. وَلكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: «مَاذَا تَطْلُبُ؟» أَوْ «لِمَاذَا تَتَكَلَّمُ مَعَهَا؟» 28فَتَرَكَتِ الْمَرْأَةُ جَرَّتَهَا وَمَضَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ لِلنَّاسِ: 29«هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَانًا قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟». 30فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَتَوْا إِلَيْهِ.

31وَفِي أَثْنَاءِ ذلِكَ سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «يَامُعَلِّمُ، كُلْ» 32فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لِي طَعَامٌ لآكُلَ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ». 33فَقَالَ التَّلاَمِيذُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «أَلَعَلَّ أَحَدًا أَتَاهُ بِشَيْءٍ لِيَأْكُلَ؟» 34قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. 35أَمَا تَقُولُونَ: إِنَّهُ يَكُونُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَأْتِي الْحَصَادُ؟ هَا أَنَا أَقُولُ لَكُمُ: ارْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ. 36وَالْحَاصِدُ يَأْخُذُ أُجْرَةً وَيَجْمَعُ ثَمَرًا لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، لِكَيْ يَفْرَحَ الزَّارِعُ وَالْحَاصِدُ مَعًا. 37لأَنَّهُ فِي هذَا يَصْدُقُ الْقَوْلُ: إِنَّ وَاحِدًا يَزْرَعُ وَآخَرَ يَحْصُدُ. 38أَنَا أَرْسَلْتُكُمْ لِتَحْصُدُوا مَا لَمْ تَتْعَبُوا فِيهِ. آخَرُونَ تَعِبُوا وَأَنْتُمْ قَدْ دَخَلْتُمْ عَلَى تَعَبِهِمْ».

39فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كَلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّهُ: «قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ». 40فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّونَ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ، فَمَكَثَ هُنَاكَ يَوْمَيْنِ. 41فَآمَنَ بِهِ أَكْثَرُ جِدًّا بِسَبَبِ كَلاَمِهِ. 42وَقَالُوا لِلْمَرْأَةِ: «إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ بِسَبَبِ كَلاَمِكِ نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ الْعَالَمِ».

43وَبَعْدَ الْيَوْمَيْنِ خَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى الْجَلِيلِ، 44لأَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ شَهِدَ أَنْ: «لَيْسَ لِنَبِيٍّ كَرَامَةٌ فِي وَطَنِهِ». 45فَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْجَلِيلِ قَبِلَهُ الْجَلِيلِيُّونَ، إِذْ كَانُوا قَدْ عَايَنُوا كُلَّ مَا فَعَلَ فِي أُورُشَلِيمَ فِي الْعِيدِ، لأَنَّهُمْ هُمْ أَيْضًا جَاءُوا إِلَى الْعِيدِ. 46فَجَاءَ يَسُوعُ أَيْضًا إِلَى قَانَا الْجَلِيلِ، حَيْثُ صَنَعَ الْمَاءَ خَمْرًا. وَكَانَ خَادِمٌ لِلْمَلِكِ ابْنُهُ مَرِيضٌ فِي كَفْرِنَاحُومَ. 47هذَا إِذْ سَمِعَ أَنَّ يَسُوعَ قَدْ جَاءَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجَلِيلِ، انْطَلَقَ إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَنْزِلَ وَيَشْفِيَ ابْنَهُ لأَنَّهُ كَانَ مُشْرِفًا عَلَى الْمَوْتِ. 48فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تُؤْمِنُونَ إِنْ لَمْ تَرَوْا آيَاتٍ وَعَجَائِبَ» 49قَالَ لَهُ خَادِمُ الْمَلِكِ: «يَا سَيِّدُ، انْزِلْ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ ابْنِي». 50قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. اِبْنُكَ حَيٌّ». فَآمَنَ الرَّجُلُ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي قَالَهَا لَهُ يَسُوعُ، وَذَهَبَ. 51وَفِيمَا هُوَ نَازِلٌ اسْتَقْبَلَهُ عَبِيدُهُ وَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «إِنَّ ابْنَكَ حَيٌّ». 52فَاسْتَخْبَرَهُمْ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي فِيهَا أَخَذَ يَتَعَافَى، فَقَالُوا لَهُ: «أَمْسِ فِي السَّاعَةِ السَّابِعَةِ تَرَكَتْهُ الْحُمَّى». 53فَفَهِمَ الأَبُ أَنَّهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي قَالَ لَهُ فِيهَا يَسُوعُ: «إِنَّ ابْنَكَ حَيٌّ». فَآمَنَ هُوَ وَبَيْتُهُ كُلُّهُ. 54هذِهِ أَيْضًا آيَةٌ ثَانِيَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ لَمَّا جَاءَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجَلِيلِ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَبَعْدَ هذَا كَانَ عِيدٌ لِلْيَهُودِ، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 2وَفِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ الضَّأْنِ بِرْكَةٌ يُقَالُ لَهَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ «بَيْتُ حِسْدَا» لَهَا خَمْسَةُ أَرْوِقَةٍ. 3فِي هذِهِ كَانَ مُضْطَجِعًا جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ مَرْضَى وَعُمْيٍ وَعُرْجٍ وَعُسْمٍ، يَتَوَقَّعُونَ تَحْرِيكَ الْمَاءِ. 4لأَنَّ مَلاَكًا كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَانًا فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعْدَ تَحْرِيكِ الْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ اعْتَرَاهُ. 5وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 6هذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعًا، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَانًا كَثِيرًا، فَقَالَ لَهُ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟» 7أَجَابَهُ الْمَرِيضُ: «يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أَنَا آتٍ، يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ». 8قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ». 9فَحَالاً بَرِئَ الإِنْسَانُ وَحَمَلَ سَرِيرَهُ وَمَشَى. وَكَانَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ سَبْتٌ.

10فَقَالَ الْيَهُودُ لِلَّذِي شُفِيَ: «إِنَّهُ سَبْتٌ! لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَحْمِلَ سَرِيرَكَ». 11أَجَابَهُمْ: «إِنَّ الَّذِي أَبْرَأَنِي هُوَ قَالَ لِي: احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ». 12فَسَأَلُوهُ: «مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي قَالَ لَكَ: احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟». 13أَمَّا الَّذِي شُفِيَ فَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هُوَ، لأَنَّ يَسُوعَ اعْتَزَلَ، إِذْ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ جَمْعٌ. 14بَعْدَ ذلِكَ وَجَدَهُ يَسُوعُ فِي الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ». 15فَمَضَى الإِنْسَانُ وَأَخْبَرَ الْيَهُودَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الَّذِي أَبْرَأَهُ. 16وَلِهذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْرُدُونَ يَسُوعَ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ عَمِلَ هذَا فِي سَبْتٍ. 17فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ». 18فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللهِ.

19فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ. 20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ. 21لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذلِكَ الابْنُ أَيْضًا يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. 22لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ، 23لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ.

24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ. 25اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. 26لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، 27وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ. 28لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، 29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ. 30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.

31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا. 32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَق÷. 33أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ. 34وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ، وَلكِنِّي أَقُولُ هذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. 35كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً. 36وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لأُكَمِّلَهَا، هذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. 37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ، 38وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةً فِيكُمْ، لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ. 39فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي. 40وَلاَ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ.

41«مَجْدًا مِنَ النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ، 42وَلكِنِّي قَدْ عَرَفْتُكُمْ أَنْ لَيْسَتْ لَكُمْ مَحَبَّةُ اللهِ فِي أَنْفُسِكُمْ. 43أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذلِكَ تَقْبَلُونَهُ. 44كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟

45«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي أَشْكُوكُمْ إِلَى الآبِ. يُوجَدُ الَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى، الَّذِي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. 46لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. 47فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلاَمِي؟».



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1بَعْدَ هذَا مَضَى يَسُوعُ إِلَى عَبْرِ بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَهُوَ بَحْرُ طَبَرِيَّةَ. 2وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ لأَنَّهُمْ أَبْصَرُوا آيَاتِهِ الَّتِي كَانَ يَصْنَعُهَا فِي الْمَرْضَى. 3فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى جَبَل وَجَلَسَ هُنَاكَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ. 4وَكَانَ الْفِصْحُ، عِيدُ الْيَهُودِ، قَرِيبًا. 5فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعًا كَثِيرًا مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ: «مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزًا لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟» 6وَإِنَّمَا قَالَ هذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ. 7أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ: «لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا يَسِيرًا». 8قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَهُوَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ: 9«هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِنْ مَا هذَا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ؟» 10فَقَالَ يَسُوعُ: «اجْعَلُوا النَّاسَ يَتَّكِئُونَ». وَكَانَ فِي الْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَاتَّكَأَ الرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلاَفٍ. 11وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْمُتَّكِئِينَ. وَكَذلِكَ مِنَ السَّمَكَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا شَاءُوا. 12فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْمَعُوا الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَيْءٌ». 13فَجَمَعُوا وَمَلأُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ الشَّعِيرِ، الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ. 14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: «إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!» 15وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا، انْصَرَفَ أَيْضًا إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ.

16وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ نَزَلَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْبَحْرِ، 17فَدَخَلُوا السَّفِينَةَ وَكَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ. وَكَانَ الظَّلاَمُ قَدْ أَقْبَلَ، وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ قَدْ أَتَى إِلَيْهِمْ. 18وَهَاجَ الْبَحْرُ مِنْ رِيحٍ عَظِيمَةٍ تَهُبُّ. 19فَلَمَّا كَانُوا قَدْ جَذَّفُوا نَحْوَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلاَثِينَ غَلْوَةً، نَظَرُوا يَسُوعَ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ مُقْتَرِبًا مِنَ السَّفِينَةِ، فَخَافُوا. 20فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ، لاَ تَخَافُوا!». 21فَرَضُوا أَنْ يَقْبَلُوهُ فِي السَّفِينَةِ. وَلِلْوَقْتِ صَارَتِ السَّفِينَةُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي كَانُوا ذَاهِبِينَ إِلَيْهَا.

22وَفِي الْغَدِ لَمَّا رَأَى الْجَمْعُ الَّذِينَ كَانُوا وَاقِفِينَ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ سَفِينَةٌ أُخْرَى سِوَى وَاحِدَةٍ، وَهِيَ تِلْكَ الَّتِي دَخَلَهَا تَلاَمِيذُهُ، وَأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَدْخُلِ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ بَلْ مَضَى تَلاَمِيذُهُ وَحْدَهُمْ. 23غَيْرَ أَنَّهُ جَاءَتْ سُفُنٌ مِنْ طَبَرِيَّةَ إِلَى قُرْبِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَكَلُوا فِيهِ الْخُبْزَ، إِذْ شَكَرَ الرَّبُّ. 24فَلَمَّا رَأَى الْجَمْعُ أَنَّ يَسُوعَ لَيْسَ هُوَ هُنَاكَ وَلاَ تَلاَمِيذُهُ، دَخَلُوا هُمْ أَيْضًا السُّفُنَ وَجَاءُوا إِلَى كَفْرِنَاحُومَ يَطْلُبُونَ يَسُوعَ. 25وَلَمَّا وَجَدُوهُ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ، قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَتَى صِرْتَ هُنَا؟» 26أَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: أَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي لَيْسَ لأَنَّكُمْ رَأَيْتُمْ آيَاتٍ، بَلْ لأَنَّكُمْ أَكَلْتُمْ مِنَ الْخُبْزِ فَشَبِعْتُمْ. 27اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ». 28فَقَالُوا لَهُ: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ اللهِ؟» 29أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ عَمَلُ اللهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ». 30فَقَالُوا لَهُ: «فَأَيَّةَ آيَةٍ تَصْنَعُ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ بِكَ؟ مَاذَا تَعْمَلُ؟ 31آبَاؤُنَا أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ خُبْزًا مِنَ السَّمَاءِ لِيَأْكُلُوا».

32فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ، 33لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ». 34فَقَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هذَا الْخُبْزَ». 35فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا. 36وَلكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. 37كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. 38لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 39وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. 40لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ».

41فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ قَالَ: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ». 42وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ، الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ؟ فَكَيْفَ يَقُولُ هذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟» 43فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَتَذَمَّرُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ. 44لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. 45إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: وَيَكُونُ الْجَمِيعُ مُتَعَلِّمِينَ مِنَ اللهِ. فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنَ الآبِ وَتَعَلَّمَ يُقْبِلُ إِلَيَّ. 46لَيْسَ أَنَّ أَحَدًا رَأَى الآبَ إِلاَّ الَّذِي مِنَ اللهِ. هذَا قَدْ رَأَى الآبَ. 47اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. 48أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. 49آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ وَمَاتُوا. 50هذَا هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وَلاَ يَمُوتَ. 51أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ».

52فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَقْدِرُ هذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟» 53فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. 54مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق÷ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَق÷. 56مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. 57كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. 58هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 59قَالَ هذَا فِي الْمَجْمَعِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كَفْرِنَاحُومَ.

60فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، إِذْ سَمِعُوا: «إِنَّ هذَا الْكَلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟» 61فَعَلِمَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ تَلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هذَا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَهذَا يُعْثِرُكُمْ؟ 62فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً! 63اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، 64وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ». لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. 65فَقَالَ: «لِهذَا قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي».

66مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. 67فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟» 68فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَارَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ، 69وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ». 70أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، الاثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ!» 71قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ، لأَنَّ هذَا كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هذَا فِي الْجَلِيلِ، لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ.

2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ، عِيدُ الْمَظَالِّ، قَرِيبًا. 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، لِكَيْ يَرَى تَلاَمِيذُكَ أَيْضًا أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ، 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئًا فِي الْخَفَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَلاَنِيَةً. إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ هذِهِ الأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ». 5لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضًا لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ. 6فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ وَقْتِي لَمْ يَحْضُرْ بَعْدُ، وَأَمَّا وَقْتُكُمْ فَفِي كُلِّ حِينٍ حَاضِرٌ. 7لاَ يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُمْ، وَلكِنَّهُ يُبْغِضُنِي أَنَا، لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَةٌ. 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هذَا الْعِيدِ، لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ.

10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا، حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضًا إِلَى الْعِيدِ، لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ. 11فَكَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَهُ فِي الْعِيدِ، وَيَقُولُونَ: «أَيْنَ ذَاكَ؟» 12وَكَانَ فِي الْجُمُوعِ مُنَاجَاةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ نَحْوِهِ. بَعْضُهُمْ يَقُولُونَ: «إِنَّهُ صَالِحٌ». وَآخَرُونَ يَقُولُونَ: «لاَ، بَلْ يُضِلُّ الشَّعْبَ». 13وَلكِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ جِهَارًا لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ.

14وَلَمَّا كَانَ الْعِيدُ قَدِ انْتَصَفَ، صَعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْهَيْكَلِ، وَكَانَ يُعَلِّمُ. 15فَتَعَجَّبَ الْيَهُودُ قَائِلِينَ: «كَيْفَ هذَا يَعْرِفُ الْكُتُبَ، وَهُوَ لَمْ يَتَعَلَّمْ؟» 16أَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي. 17إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ، هَلْ هُوَ مِنَ اللهِ، أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي. 18مَنْ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ يَطْلُبُ مَجْدَ نَفْسِهِ، وَأَمَّا مَنْ يَطْلُبُ مَجْدَ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَهُوَ صَادِقٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمٌ. 19أَلَيْسَ مُوسَى قَدْ أَعْطَاكُمُ النَّامُوسَ؟ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَعْمَلُ النَّامُوسَ! لِمَاذَا تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي؟»

20أَجَابَ الْجَمْعُ وَقَالوُا: «بِكَ شَيْطَانٌ. مَنْ يَطْلُبُ أَنْ يَقْتُلَكَ؟» 21أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «عَمَلاً وَاحِدًا عَمِلْتُ فَتَتَعَجَّبُونَ جَمِيعًا. 22لِهذَا أَعْطَاكُمْ مُوسَى الْخِتَانَ، لَيْسَ أَنَّهُ مِنْ مُوسَى، بَلْ مِنَ الآبَاءِ. فَفِي السَّبْتِ تَخْتِنُونَ الإِنْسَانَ. 23فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَقْبَلُ الْخِتَانَ فِي السَّبْتِ، لِئَلاَّ يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى، أَفَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ لأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَانًا كُلَّهُ فِي السَّبْتِ؟ 24لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً».

25فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ الَّذِي يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ؟ 26وَهَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جِهَارًا وَلاَ يَقُولُونَ لَهُ شَيْئًا! أَلَعَلَّ الرُّؤَسَاءَ عَرَفُوا يَقِينًا أَنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ حَقًّا؟ 27وَلكِنَّ هذَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَمَتَى جَاءَ لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنْ أَيْنَ هُوَ».

28فَنَادَى يَسُوعُ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ قِائِلاً: «تَعْرِفُونَنِي وَتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا، وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ، بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَق÷، الَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 29أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ، وَهُوَ أَرْسَلَنِي». 30فَطَلَبُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ، وَلَمْ يُلْقِ أَحَدٌ يَدًا عَلَيْهِ، لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ. 31فَآمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ، وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ الْمَسِيحَ مَتَى جَاءَ يَعْمَلُ آيَاتٍ أَكْثَرَ مِنْ هذِهِ الَّتِي عَمِلَهَا هذَا؟».

32سَمِعَ الْفَرِّيسِيُّونَ الْجَمْعَ يَتَنَاجَوْنَ بِهذَا مِنْ نَحْوِهِ، فَأَرْسَلَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ خُدَّامًا لِيُمْسِكُوهُ. 33فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا يَسِيرًا بَعْدُ، ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. 34سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا». 35فَقَالَ الْيَهُودُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «إِلَى أَيْنَ هذَا مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ حَتَّى لاَ نَجِدَهُ نَحْنُ؟ أَلَعَلَّهُ مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى شَتَاتِ الْيُونَانِيِّينَ وَيُعَلِّمَ الْيُونَانِيِّينَ؟ 36مَا هذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَ: سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟».

37وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. 38مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». 39قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ. 40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هذَا الْكَلاَمَ قَالُوا: «هذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ». 41آخَرُونَ قَالُوا: «هذَا هُوَ الْمَسِيحُ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «أَلَعَلَّ الْمَسِيحَ مِنَ الْجَلِيلِ يَأْتِي؟ 42أَلَمْ يَقُلِ الْكِتَابُ إِنَّهُ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ، وَمِنْ بَيْتِ لَحْمٍ، الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَ دَاوُدُ فِيهَا، يَأْتِي الْمَسِيحُ؟» 43فَحَدَثَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَمْعِ لِسَبَبِهِ. 44وَكَانَ قَوْمٌ مِنْهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ، وَلكِنْ لَمْ يُلْقِ أَحَدٌ عَلَيْهِ الأَيَادِيَ.

45فَجَاءَ الْخُدَّامُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ. فَقَالَ هؤُلاَءِ لَهُمْ: «لِمَاذَا لَمْ تَأْتُوا بِهِ؟» 46أَجَابَ الْخُدَّامُ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ هكَذَا مِثْلَ هذَا الإِنْسَانِ!». 47فَأَجَابَهُمُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا قَدْ ضَلَلْتُمْ؟ 48أَلَعَلَّ أَحَدًا مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَوْ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ آمَنَ بِهِ؟ 49وَلكِنَّ هذَا الشَّعْبَ الَّذِي لاَ يَفْهَمُ النَّامُوسَ هُوَ مَلْعُونٌ». 50قَالَ لَهُمْ نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ لَيْلاً، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: 51«أَلَعَلَّ نَامُوسَنَا يَدِينُ إِنْسَانًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَوَّلاً وَيَعْرِفْ مَاذَا فَعَلَ؟» 52أَجَابُوا وَقَالوُا لَهُ: «أَلَعَلَّكَ أَنْتَ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ؟ فَتِّشْ وَانْظُرْ! إِنَّهُ لَمْ يَقُمْ نَبِيٌّ مِنَ الْجَلِيلِ». 53فَمَضَى كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ.

2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِنًا. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسْطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسْطِ. 10فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدًا سِوَى الْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا: «يَاامْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا».

12ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ». 13فَقَالَ لَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتُكَ لَيْسَتْ حَقًّا». 14أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَق÷، لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. 15أَنْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ تَدِينُونَ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَدِينُ أَحَدًا. 16وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي حَق÷، لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي، بَلْ أَنَا وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 17وَأَيْضًا فِي نَامُوسِكُمْ مَكْتُوبٌ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ حَق÷: 18أَنَا هُوَ الشَّاهِدُ لِنَفْسِي، وَيَشْهَدُ لِي الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي». 19فَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ هُوَ أَبُوكَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «لَسْتُمْ تَعْرِفُونَنِي أَنَا وَلاَ أَبِي. لَوْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا».

20هذَا الْكَلاَمُ قَالَهُ يَسُوعُ فِي الْخِزَانَةِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ. وَلَمْ يُمْسِكْهُ أَحَدٌ، لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ.

21قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» 22فَقَالَ الْيَهُودُ: «أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟». 23فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. 24فَقُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ، لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». 25فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ. 26إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَق÷. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». 27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ. 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. 29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».

30وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ. 31فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، 32وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». 33أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟» 34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. 35وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 36فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا. 37أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. 38أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ». 39أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! 40وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. 41أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ».

42فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كَانَ اللهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي، لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي، بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي. 43لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كَلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي. 44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق÷. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. 45وَأَمَّا أَنَا فَلأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي. 46مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟ 47اَلَّذِي مِنَ اللهِ يَسْمَعُ كَلاَمَ اللهِ. لِذلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللهِ».

48فَأَجَاب الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَنًا: إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ؟» 49أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنَا لَيْسَ بِي شَيْطَانٌ، لكِنِّي أُكْرِمُ أَبِي وَأَنْتُمْ تُهِينُونَنِي. 50أَنَا لَسْتُ أَطْلُبُ مَجْدِي. يُوجَدُ مَنْ يَطْلُبُ وَيَدِينُ. 51اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي فَلَنْ يَرَى الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ». 52فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: الآنَ عَلِمْنَا أَنَّ بِكَ شَيْطَانًا. قَدْ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ وَالأَنْبِيَاءُ، وَأَنْتَ تَقُولُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي فَلَنْ يَذُوقَ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ. 53أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي مَاتَ؟ وَالأَنْبِيَاءُ مَاتُوا. مَنْ تَجْعَلُ نَفْسَكَ؟» 54أَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئًا. أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي، الَّذِي تَقُولُونَ أَنْتُمْ إِنَّهُ إِلهُكُمْ، 55وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. وَأَمَّا أَنَا فَأَعْرِفُهُ. وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُهُ أَكُونُ مِثْلَكُمْ كَاذِبًا، لكِنِّي أَعْرِفُهُ وَأَحْفَظُ قَوْلَهُ. 56أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ». 57فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ، أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟» 58قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ». 59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ، 2فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟». 3أَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَأَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ. 4يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. 5مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ».

6قَالَ هذَا وَتَفَلَ عَلَى الأَرْضِ وَصَنَعَ مِنَ التُّفْلِ طِينًا وَطَلَى بِالطِّينِ عَيْنَيِ الأَعْمَى. 7وَقَالَ لَهُ: «اذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: مُرْسَلٌ، فَمَضَى وَاغْتَسَلَ وَأَتَى بَصِيرًا.

8فَالْجِيرَانُ وَالَّذِينَ كَانُوا يَرَوْنَهُ قَبْلاً أَنَّهُ كَانَ أَعْمَى، قَالُوا: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ وَيَسْتَعْطِي؟» 9آخَرُونَ قَالُوا: «هذَا هُوَ». وَآخَرُونَ: «إِنَّهُ يُشْبِهُهُ». وَأَمَّا هُوَ فَقَالَ: «إِنِّي أَنَا هُوَ». 10فَقَالُوا لَهُ: «كَيْفَ انْفَتَحَتْ عَيْنَاكَ؟» 11أَجَابَ ذَاكَ وقَالَ: «إِنْسَانٌ يُقَالُ لَهُ يَسُوعُ صَنَعَ طِينًا وَطَلَى عَيْنَيَّ، وَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى بِرْكَةِ سِلْوَامَ وَاغْتَسِلْ. فَمَضَيْتُ وَاغْتَسَلْتُ فَأَبْصَرْتُ». 12فَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ ذَاكَ؟» قَالَ: «لاَ أَعْلَمُ».

13فَأَتَوْا إِلَى الْفَرِّيسِيِّينَ بِالَّذِي كَانَ قَبْلاً أَعْمَى. 14وَكَانَ سَبْتٌ حِينَ صَنَعَ يَسُوعُ الطِّينَ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ. 15فَسَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ أَيْضًا كَيْفَ أَبْصَرَ، فَقَالَ لَهُمْ: «وَضَعَ طِينًا عَلَى عَيْنَيَّ وَاغْتَسَلْتُ، فَأَنَا أُبْصِرُ». 16فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ: «هذَا الإِنْسَانُ لَيْسَ مِنَ اللهِ، لأَنَّهُ لاَ يَحْفَظُ السَّبْتَ». آخَرُونَ قَالُوا: «كَيْفَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ خَاطِئٌ أَنْ يَعْمَلَ مِثْلَ هذِهِ الآيَاتِ؟» وَكَانَ بَيْنَهُمُ انْشِقَاقٌ. 17قَالُوا أَيْضًا لِلأَعْمَى: «مَاذَا تَقُولُ أَنْتَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟» فَقَالَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ!». 18فَلَمْ يُصَدِّقِ الْيَهُودُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ حَتَّى دَعَوْا أَبَوَيِ الَّذِي أَبْصَرَ. 19فَسَأَلُوهُمَا قَائِلِينَ: «أَهذَا ابْنُكُمَا الَّذِي تَقُولاَنِ إِنَّهُ وُلِدَ أَعْمَى؟ فَكَيْفَ يُبْصِرُ الآنَ؟» 20أَجَابَهُمْ أَبَوَاهُ وَقَالاَ: «نَعْلَمُ أَنَّ هذَا ابْنُنَا، وَأَنَّهُ وُلِدَ أَعْمَى. 21وَأَمَّا كَيْفَ يُبْصِرُ الآنَ فَلاَ نَعْلَمُ. أَوْ مَنْ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَلاَ نَعْلَمُ. هُوَ كَامِلُ السِّنِّ. اسْأَلُوهُ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ عَنْ نَفْسِهِ». 22قَالَ أَبَوَاهُ هذَا لأَنَّهُمَا كَانَا يَخَافَانِ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدْ تَعَاهَدُوا أَنَّهُ إِنِ اعْتَرَفَ أَحَدٌ بِأَنَّهُ الْمَسِيحُ يُخْرَجُ مِنَ الْمَجْمَعِ. 23لِذلِكَ قَالَ أَبَوَاهُ: «إِنَّهُ كَامِلُ السِّنِّ، اسْأَلُوهُ».

24فَدَعَوْا ثَانِيَةً الإِنْسَانَ الَّذِي كَانَ أَعْمَى، وَقَالُوا لَهُ: «أَعْطِ مَجْدًا ِللهِ. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ هذَا الإِنْسَانَ خَاطِئٌ». 25فَأَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: «أَخَاطِئٌ هُوَ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. إِنَّمَا أَعْلَمُ شَيْئًا وَاحِدًا: أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ». 26فَقَالُوا لَهُ أَيْضًا: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ؟ كَيْفَ فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟» 27أَجَابَهُمْ: «قَدْ قُلْتُ لَكُمْ وَلَمْ تَسْمَعُوا. لِمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ تَسْمَعُوا أَيْضًا؟ أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَصِيرُوا لَهُ تَلاَمِيذَ؟» 28فَشَتَمُوهُ وَقَالُوا: «أَنْتَ تِلْمِيذُ ذَاكَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّنَا تَلاَمِيذُ مُوسَى. 29نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُوسَى كَلَّمَهُ اللهُ، وَأَمَّا هذَا فَمَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ». 30أَجَابَ الرَّجُلُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ فِي هذَا عَجَبًا! إِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَقَدْ فَتَحَ عَيْنَيَّ. 31وَنَعْلَمُ أَنَّ اللهَ لاَ يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ، فَلِهذَا يَسْمَعُ. 32مُنْذُ الدَّهْرِ لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا فَتَحَ عَيْنَيْ مَوْلُودٍ أَعْمَى. 33لَوْ لَمْ يَكُنْ هذَا مِنَ اللهِ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا». 34أجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «فِي الْخَطَايَا وُلِدْتَ أَنْتَ بِجُمْلَتِكَ، وَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا!» فَأَخْرَجُوهُ خَارِجًا.

35فَسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ خَارِجًا، فَوَجَدَهُ وَقَالَ لَهُ: «أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ؟» 36أَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: «مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ بِهِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ!». 38فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ!». وَسَجَدَ لَهُ.

39فَقَالَ يَسُوعُ: «لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هذَا الْعَالَمِ، حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ». 40فَسَمِعَ هذَا الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، وَقَالُوا لَهُ: «أَلَعَلَّنَا نَحْنُ أَيْضًا عُمْيَانٌ؟» 41قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَانًا لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ، فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الَّذِي لاَ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ إِلَى حَظِيرَةِ الْخِرَافِ، بَلْ يَطْلَعُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَذَاكَ سَارِقٌ وَلِصٌّ. 2وَأَمَّا الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ فَهُوَ رَاعِي الْخِرَافِ. 3لِهذَا يَفْتَحُ الْبَوَّابُ، وَالْخِرَافُ تَسْمَعُ صَوْتَهُ، فَيَدْعُو خِرَافَهُ الْخَاصَّةَ بِأَسْمَاءٍ وَيُخْرِجُهَا. 4وَمَتَى أَخْرَجَ خِرَافَهُ الْخَاصَّةَ يَذْهَبُ أَمَامَهَا، وَالْخِرَافُ تَتْبَعُهُ، لأَنَّهَا تَعْرِفُ صَوْتَهُ. 5وَأَمَّا الْغَرِيبُ فَلاَ تَتْبَعُهُ بَلْ تَهْرُبُ مِنْهُ، لأَنَّهَا لاَ تَعْرِفُ صَوْتَ الْغُرَبَاءِ». 6هذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ، وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.

7فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ. 8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ، وَلكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ. 9أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى. 10اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ. 11أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ. 12وَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَجِيرٌ، وَلَيْسَ رَاعِيًا، الَّذِي لَيْسَتِ الْخِرَافُ لَهُ، فَيَرَى الذِّئْبَ مُقْبِلاً وَيَتْرُكُ الْخِرَافَ وَيَهْرُبُ، فَيَخْطَفُ الذِّئْبُ الْخِرَافَ وَيُبَدِّدُهَا. 13وَالأَجِيرُ يَهْرُبُ لأَنَّهُ أَجِيرٌ، وَلاَ يُبَالِي بِالْخِرَافِ. 14أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي، 15كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ. وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ. 16وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ. 17لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا. 18لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي».

19فَحَدَثَ أَيْضًا انْشِقَاقٌ بَيْنَ الْيَهُودِ بِسَبَبِ هذَا الْكَلاَمِ. 20فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ: «بِهِ شَيْطَانٌ وَهُوَ يَهْذِي. لِمَاذَا تَسْتَمِعُونَ لَهُ؟» 21آخَرُونَ قَالُوا: «لَيْسَ هذَا كَلاَمَ مَنْ بِهِ شَيْطَانٌ. أَلَعَلَّ شَيْطَانًا يَقْدِرُ أَنْ يَفْتَحَ أَعْيُنَ الْعُمْيَانِ؟».

22وَكَانَ عِيدُ التَّجْدِيدِ فِي أُورُشَلِيمَ، وَكَانَ شِتَاءٌ. 23وَكَانَ يَسُوعُ يَتَمَشَّى فِي الْهَيْكَلِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ، 24فَاحْتَاطَ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْرًا». 25أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. 26وَلكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي، كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. 27خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. 28وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. 29أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. 30أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ».

31فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. 32أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» 33أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا» 34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ 35إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ، 36فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟ 37إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. 38وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ».

39فَطَلَبُوا أَيْضًا أَنْ يُمْسِكُوهُ فَخَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، 40وَمَضَى أَيْضًا إِلَى عَبْرِ الأُرْدُنِّ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِيهِ أَوَّلاً وَمَكَثَ هُنَاكَ. 41فَأَتَى إِلَيْهِ كَثِيرُونَ وَقَالُوا: «إِنَّ يُوحَنَّا لَمْ يَفْعَلْ آيَةً وَاحِدَةً، وَلكِنْ كُلُّ مَا قَالَهُ يُوحَنَّا عَنْ هذَا كَانَ حَقًّا». 42فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِهِ هُنَاكَ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1وَكَانَ إِنْسَانٌ مَرِيضًا وَهُوَ لِعَازَرُ، مِنْ بَيْتِ عَنْيَا مِنْ قَرْيَةِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا أُخْتِهَا. 2وَكَانَتْ مَرْيَمُ، الَّتِي كَانَ لِعَازَرُ أَخُوهَا مَرِيضًا، هِيَ الَّتِي دَهَنَتِ الرَّبَّ بِطِيبٍ، وَمَسَحَتْ رِجْلَيْهِ بِشَعْرِهَا. 3فَأَرْسَلَتِ الأُخْتَانِ إِلَيْهِ قَائِلَتَيْنِ: «يَاسَيِّدُ، هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ».

4فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ، قَالَ: «هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ». 5وَكَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ. 6فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ مَرِيضٌ مَكَثَ حِينَئِذٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَوْمَيْنِ. 7ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «لِنَذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ أَيْضًا». 8قَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ: «يَا مُعَلِّمُ، الآنَ كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَرْجُمُوكَ، وَتَذْهَبُ أَيْضًا إِلَى هُنَاكَ». 9أَجَابَ يَسُوعُ: «أَلَيْسَتْ سَاعَاتُ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي النَّهَارِ لاَ يَعْثُرُ لأَنَّهُ يَنْظُرُ نُورَ هذَا الْعَالَمِ، 10وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ يَعْثُرُ، لأَنَّ النُّورَ لَيْسَ فِيهِ». 11قَالَ هذَا وَبَعْدَ ذلِكَ قَالَ لَهُمْ: «لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ. لكِنِّي أَذْهَبُ لأُوقِظَهُ». 12فَقَالَ تَلاَمِيذُهُ: «يَاسَيِّدُ، إِنْ كَانَ قَدْ نَامَ فَهُوَ يُشْفَى». 13وَكَانَ يَسُوعُ يَقُولُ عَنْ مَوْتِهِ، وَهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ يَقُولُ عَنْ رُقَادِ النَّوْمِ. 14فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ حِينَئِذٍ عَلاَنِيَةً: «لِعَازَرُ مَاتَ. 15وَأَنَا أَفْرَحُ لأَجْلِكُمْ إِنِّي لَمْ أَكُنْ هُنَاكَ، لِتُؤْمِنُوا. وَلكِنْ لِنَذْهَبْ إِلَيْهِ!». 16فَقَالَ تُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ لِلتَّلاَمِيذِ رُفَقَائِهِ: «لِنَذْهَبْ نَحْنُ أَيْضًا لِكَيْ نَمُوتَ مَعَهُ!».

17فَلَمَّا أَتَى يَسُوعُ وَجَدَ أَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فِي الْقَبْرِ. 18وَكَانَتْ بَيْتُ عَنْيَا قَرِيبَةً مِنْ أُورُشَلِيمَ نَحْوَ خَمْسَ عَشْرَةَ غَلْوَةً. 19وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ جَاءُوا إِلَى مَرْثَا وَمَرْيَمَ لِيُعَزُّوهُمَا عَنْ أَخِيهِمَا. 20فَلَمَّا سَمِعَتْ مَرْثَا أَنَّ يَسُوعَ آتٍ لاَقَتْهُ، وَأَمَّا مَرْيَمُ فَاسْتَمَرَّتْ جَالِسَةً فِي الْبَيْتِ. 21فَقَالَتْ مَرْثَا لِيَسُوعَ: «يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي! 22لكِنِّي الآنَ أَيْضًا أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا تَطْلُبُ مِنَ اللهِ يُعْطِيكَ اللهُ إِيَّاهُ». 23قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «سَيَقُومُ أَخُوكِ». 24قَالَتْ لَهُ مَرْثَا: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». 25قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، 26وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟» 27قَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ».

28وَلَمَّا قَالَتْ هذَا مَضَتْ وَدَعَتْ مَرْيَمَ أُخْتَهَا سِرًّا، قَائِلَةً: «الْمُعَلِّمُ قَدْ حَضَرَ، وَهُوَ يَدْعُوكِ». 29أَمَّا تِلْكَ فَلَمَّا سَمِعَتْ قَامَتْ سَرِيعًا وَجَاءَتْ إِلَيْهِ. 30وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ قَدْ جَاءَ إِلَى الْقَرْيَةِ، بَلْ كَانَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي لاَقَتْهُ فِيهِ مَرْثَا. 31ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا فِي الْبَيْتِ يُعَزُّونَهَا، لَمَّا رَأَوْا مَرْيَمَ قَامَتْ عَاجِلاً وَخَرَجَتْ، تَبِعُوهَا قَائِلِينَ: «إِنَّهَا تَذْهَبُ إِلَى الْقَبْرِ لِتَبْكِيَ هُنَاكَ». 32فَمَرْيَمُ لَمَّا أَتَتْ إِلَى حَيْثُ كَانَ يَسُوعُ وَرَأَتْهُ، خَرَّتْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَائِلَةً لَهُ: «يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي!». 33فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ، 34وَقَالَ: «أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟» قَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ، تَعَالَ وَانْظُرْ». 35بَكَى يَسُوعُ. 36فَقَالَ الْيَهُودُ: «انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ يُحِبُّهُ!». 37وَقَالَ بَعْضٌ مِنْهُمْ: «أَلَمْ يَقْدِرْ هذَا الَّذِي فَتَحَ عَيْنَيِ الأَعْمَى أَنْ يَجْعَلَ هذَا أَيْضًا لاَ يَمُوتُ؟».

38فَانْزَعَجَ يَسُوعُ أَيْضًا فِي نَفْسِهِ وَجَاءَ إِلَى الْقَبْرِ، وَكَانَ مَغَارَةً وَقَدْ وُضِعَ عَلَيْهِ حَجَرٌ. 39قَالَ يَسُوعُ: «ارْفَعُوا الْحَجَرَ!». قَالَتْ لَهُ مَرْثَا، أُخْتُ الْمَيْتِ: «يَاسَيِّدُ، قَدْ أَنْتَنَ لأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ». 40قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَلَمْ أَقُلْ لَكِ: إِنْ آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ اللهِ؟». 41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعًا، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي». 43وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا!» 44فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ».

45فَكَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى مَرْيَمَ، وَنَظَرُوا مَا فَعَلَ يَسُوعُ، آمَنُوا بِهِ. 46وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَمَضَوْا إِلَى الْفَرِّيسِيِّينَ وَقَالُوا لَهُمْ عَمَّا فَعَلَ يَسُوعُ. 47فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعًا وَقَالُوا: «مَاذَا نَصْنَعُ؟ فَإِنَّ هذَا الإِنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً. 48إِنْ تَرَكْنَاهُ هكَذَا يُؤْمِنُ الْجَمِيعُ بِهِ، فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُذُونَ مَوْضِعَنَا وَأُمَّتَنَا». 49فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَيَافَا، كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ: «أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئًا، 50وَلاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا!». 51وَلَمْ يَقُلْ هذَا مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ إِذْ كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، تَنَبَّأَ أَنَّ يَسُوعَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمُوتَ عَنِ الأُمَّةِ، 52وَلَيْسَ عَنِ الأُمَّةِ فَقَطْ، بَلْ لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ اللهِ الْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ.

53فَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ. 54فَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ أَيْضًا يَمْشِي بَيْنَ الْيَهُودِ عَلاَنِيَةً، بَلْ مَضَى مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْكُورَةِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْبَرِّيَّةِ، إِلَى مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا أَفْرَايِمُ، وَمَكَثَ هُنَاكَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ.

55وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيبًا. فَصَعِدَ كَثِيرُونَ مِنَ الْكُوَرِ إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبْلَ الْفِصْحِ لِيُطَهِّرُوا أَنْفُسَهُمْ. 56فَكَانُوا يَطْلُبُونَ يَسُوعَ وَيَقُولُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَهُمْ وَاقِفُونَ فِي الْهَيْكَلِ: «مَاذَا تَظُنُّونَ؟ هَلْ هُوَ لاَ يَأْتِي إِلَى الْعِيدِ؟» 57وَكَانَ أَيْضًا رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ قَدْ أَصْدَرُوا أَمْرًا أَنَّهُ إِنْ عَرَفَ أَحَدٌ أَيْنَ هُوَ فَلْيَدُلَّ عَلَيْهِ، لِكَيْ يُمْسِكُوهُ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1ثُمَّ قَبْلَ الْفِصْحِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ أَتَى يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، حَيْثُ كَانَ لِعَازَرُ الْمَيْتُ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. 2فَصَنَعُوا لَهُ هُنَاكَ عَشَاءً. وَكَانَتْ مَرْثَا تَخْدِمُ، وَأَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. 3فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَنًا مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ، وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا، فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ. 4فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَهُوَ يَهُوذَا سِمْعَانُ الإِسْخَرْيُوطِيُّ، الْمُزْمِعُ أَنْ يُسَلِّمَهُ: 5«لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هذَا الطِّيبُ بِثَلاَثَمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَ لِلْفُقَرَاءِ؟» 6قَالَ هذَا لَيْسَ لأَنَّهُ كَانَ يُبَالِي بِالْفُقَرَاءِ، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، وَكَانَ الصُّنْدُوقُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يَحْمِلُ مَا يُلْقَى فِيهِ. 7فَقَالَ يَسُوعُ: «اتْرُكُوهَا! إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ، 8لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ».

9فَعَلِمَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُ هُنَاكَ، فَجَاءُوا لَيْسَ لأَجْلِ يَسُوعَ فَقَطْ، بَلْ لِيَنْظُرُوا أَيْضًا لِعَازَرَ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. 10فَتَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ لِيَقْتُلُوا لِعَازَرَ أَيْضًا، 11لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الْيَهُودِ كَانُوا بِسَبَبِهِ يَذْهَبُونَ وَيُؤْمِنُونَ بِيَسُوعَ.

12وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 13فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!» 14وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: 15«لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صَِهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ». 16وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ. 17وَكَانَ الْجَمْعُ الَّذِي مَعَهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ دَعَا لِعَازَرَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. 18لِهذَا أَيْضًا لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هذِهِ الآيَةَ. 19فَقَالَ الْفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «انْظُرُوا! إِنَّكُمْ لاَ تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هُوَذَا الْعَالَمُ قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ!».

20وَكَانَ أُنَاسٌ يُونَانِيُّونَ مِنَ الَّذِينَ صَعِدُوا لِيَسْجُدُوا فِي الْعِيدِ. 21فَتَقَدَّمَ هؤُلاَءِ إِلَى فِيلُبُّسَ الَّذِي مِنْ بَيْتِ صَيْدَا الْجَلِيلِ، وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوعَ» 22فَأَتَى فِيلُبُّسُ وَقَالَ لأَنْدَرَاوُسَ، ثُمَّ قَالَ أَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ لِيَسُوعَ. 23وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا قِائِلاً: «قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ. 24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. 25مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. 26إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. 27اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ 28أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضًا!». 29فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفًا وَسَمِعَ، قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ مَلاَكٌ!». 30أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «لَيْسَ مِنْ أَجْلِي صَارَ هذَا الصَّوْتُ، بَلْ مِنْ أَجْلِكُمْ. 31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. 32وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ». 33قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ. 34فَأَجَابَهُ الْجَمْعُ: «نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ النَّامُوسِ أَنَّ الْمَسِيحَ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ ابْنُ الإِنْسَانِ؟ مَنْ هُوَ هذَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» 35فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «النُّورُ مَعَكُمْ زَمَانًا قَلِيلاً بَعْدُ، فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلاَّ يُدْرِكَكُمُ الظَّلاَمُ. وَالَّذِي يَسِيرُ فِي الظَّلاَمِ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ. 36مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ آمِنُوا بِالنُّورِ لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّورِ». تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا ثُمَّ مَضَى وَاخْتَفَى عَنْهُمْ.

37وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ أَمَامَهُمْ آيَاتٍ هذَا عَدَدُهَا، لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، 38لِيَتِمَّ قَوْلُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الَذي قَالَهُ: «يَارَبُّ، مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟ وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟» 39لِهذَا لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُؤْمِنُوا. لأَنَّ إِشَعْيَاءَ قَالَ أَيْضًا: 40«قَدْ أَعْمَى عُيُونَهُمْ، وَأَغْلَظَ قُلُوبَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَشْعُرُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ». 41قَالَ إِشَعْيَاءُ هذَا حِينَ رَأَى مَجْدَهُ وَتَكَلَّمَ عَنْهُ. 42وَلكِنْ مَعَ ذلِكَ آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلاَّ يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ، 43لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللهِ.

44فَنَادَى يَسُوعُ وَقَالَ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي، لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي. 45وَالَّذِي يَرَانِي يَرَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. 46أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ، حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ. 47وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلاَمِي وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لاَ أَدِينُهُ، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لأُخَلِّصَ الْعَالَمَ. 48مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلاَمِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ، فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هكَذَا أَتَكَلَّمُ».



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى. 2فَحِينَ كَانَ الْعَشَاءُ، وَقَدْ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ، 3يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَرَجَ، وَإِلَى اللهِ يَمْضِي، 4قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا، 5ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا. 6فَجَاءَ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ. فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: «يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ!» 7أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ». 8قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لَنْ تَغْسِلَ رِجْلَيَّ أَبَدًا!» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ». 9قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ، لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضًا يَدَيَّ وَرَأْسِي». 10قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ». 11لأَنَّهُ عَرَفَ مُسَلِّمَهُ، لِذلِكَ قَالَ: «لَسْتُمْ كُلُّكُمْ طَاهِرِينَ».

12فَلَمَّا كَانَ قَدْ غَسَلَ أَرْجُلَهُمْ وَأَخَذَ ثِيَابَهُ وَاتَّكَأَ أَيْضًا، قَالَ لَهُمْ: «أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ صَنَعْتُ بِكُمْ؟ 13أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا، وَحَسَنًا تَقُولُونَ، لأَنِّي أَنَا كَذلِكَ. 14فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ، 15لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا. 16اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. 17إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ. 18«لَسْتُ أَقُولُ عَنْ جَمِيعِكُمْ. أَنَا أَعْلَمُ الَّذِينَ اخْتَرْتُهُمْ. لكِنْ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ: اَلَّذِي يَأْكُلُ مَعِي الْخُبْزَ رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ. 19أَقُولُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ. 20اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمُ: الَّذِي يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي، وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي».

21لَمَّا قَالَ يَسُوعُ هذَا اضْطَرَبَ بِالرُّوحِ، وَشَهِدَ وَقَالَ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي!». 22فَكَانَ التَّلاَمِيذُ يَنْظُرُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَهُمْ مُحْتَارُونَ فِي مَنْ قَالَ عَنْهُ. 23وَكَانَ مُتَّكِئًا فِي حِضْنِ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ. 24فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنْ يَسْأَلَ مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ. 25فَاتَّكَأَ ذَاكَ عَلَى صَدْرِ يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ؟» 26أَجَابَ يَسُوعُ: «هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ!». فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ. 27فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ». 28وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْهَمْ أَحَدٌ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ لِمَاذَا كَلَّمَهُ بِه، 29لأَنَّ قَوْمًا، إِذْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَعَ يَهُوذَا، ظَنُّوا أَنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْعِيدِ، أَوْ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا لِلْفُقَرَاءِ.

30فَذَاكَ لَمَّا أَخَذَ اللُّقْمَةَ خَرَجَ لِلْوَقْتِ. وَكَانَ لَيْلاً. 31فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ يَسُوعُ: «الآنَ تَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ وَتَمَجَّدَ اللهُ فِيهِ. 32إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ تَمَجَّدَ فِيهِ، فَإِنَّ اللهَ سَيُمَجِّدُهُ فِي ذَاتِهِ، وَيُمَجِّدُهُ سَرِيعًا. 33يَا أَوْلاَدِي، أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا قَلِيلاً بَعْدُ. سَتَطْلُبُونَنِي، وَكَمَا قُلْتُ لِلْيَهُودِ: حَيْثُ أَذْهَبُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا، أَقُولُ لَكُمْ أَنْتُمُ الآنَ. 34وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. 35بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ».

36قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ، إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «حَيْثُ أَذْهَبُ لاَ تَقْدِرُ الآنَ أَنْ تَتْبَعَنِي، وَلكِنَّكَ سَتَتْبَعُنِي أَخِيرًا». 37قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ، لِمَاذَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَتْبَعَكَ الآنَ؟ إِنِّي أَضَعُ نَفْسِي عَنْكَ!». 38أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَتَضَعُ نَفْسَكَ عَنِّي؟ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ حَتَّى تُنْكِرَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ

 

1«لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. 2فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، 3وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا، 4وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ».

5قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟» 6قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي. 7لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ». 8قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا». 9قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟ 10أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. 11صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا. 12اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضًا، وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي. 13وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ. 14إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئًا بِاسْمِي فَإِنِّي أَفْعَلُهُ.

15«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، 16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، 17رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. 18لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ. 19بَعْدَ قَلِيل لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضًا، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ. 20فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ. 21اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي».

22قَالَ لَهُ يَهُوذَا لَيْسَ الإِسْخَرْيُوطِيَّ: «يَا سَيِّدُ، مَاذَا حَدَثَ حَتَّى إِنَّكَ مُزْمِعٌ أَنْ تُظْهِرَ ذَاتَكَ لَنَا وَلَيْسَ لِلْعَالَمِ؟» 23أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً. 24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي. وَالْكَلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 25بِهذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. 26وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.

27«سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ. 28سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي. 29وَقُلْتُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ. 30لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضًا مَعَكُمْ كَثِيرًا، لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ. 31وَلكِنْ لِيَفْهَمَ الْعَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ، وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هكَذَا أَفْعَلُ. قُومُوا نَنْطَلِقْ مِنْ ههُنَا.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

 

1«أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. 2كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. 3أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. 4اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. 5أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا. 6إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ. 7إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. 8بِهذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي. 9كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. 10إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. 11كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ.

12«هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. 13لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. 14أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. 15لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي. 16لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي. 17بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.

18«إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ. 19لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ. 20اُذْكُرُوا الْكَلاَمَ الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلاَمَكُمْ. 21لكِنَّهُمْ إِنَّمَا يَفْعَلُونَ بِكُمْ هذَا كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 22لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ وَكَلَّمْتُهُمْ، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا الآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي خَطِيَّتِهِمْ. 23اَلَّذِي يُبْغِضُنِي يُبْغِضُ أَبِي أَيْضًا. 24لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ عَمِلْتُ بَيْنَهُمْ أَعْمَالاً لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ رَأَوْا وَأَبْغَضُونِي أَنَا وَأَبِي. 25لكِنْ لِكَيْ تَتِمَّ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ فِي نَامُوسِهِمْ: إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلاَ سَبَبٍ.

26«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي. 27وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الابْتِدَاءِ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

1«قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ لاَ تَعْثُرُوا. 2سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً ِللهِ. 3وَسَيَفْعَلُونَ هذَا بِكُمْ لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الآبَ وَلاَ عَرَفُونِي. 4لكِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا حَتَّى إِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ تَذْكُرُونَ أَنِّي أَنَا قُلْتُهُ لَكُمْ. وَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ مِنَ الْبِدَايَةِ لأَنِّي كُنْتُ مَعَكُمْ.

5«وَأَمَّا الآنَ فَأَنَا مَاضٍ إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَسْأَلُنِي: أَيْنَ تَمْضِي؟ 6لكِنْ لأَنِّي قُلْتُ لَكُمْ هذَا قَدْ مَلأَ الْحُزْنُ قُلُوبَكُمْ. 7لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ: 9أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. 10وَأَمَّا عَلَى بِرّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا. 11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.

12«إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. 13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ. 15كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ. 16بَعْدَ قَلِيل لاَ تُبْصِرُونَنِي، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيل أَيْضًا تَرَوْنَنِي، لأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى الآبِ».

17فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَا هُوَ هذَا الَّذِي يَقُولُهُ لَنَا: بَعْدَ قَلِيل لاَ تُبْصِرُونَنِي، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيل أَيْضًا تَرَوْنَنِي، وَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى الآبِ؟». 18فَقَالُوا: «مَا هُوَ هذَا الْقَلِيلُ الَّذِي يَقُولُ عَنْهُ؟ لَسْنَا نَعْلَمُ بِمَاذَا يَتَكَلَّمُ!». 19فَعَلِمَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَسْأَلُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ: «أَعَنْ هذَا تَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، لأَنِّي قُلْتُ: بَعْدَ قَلِيل لاَ تُبْصِرُونَنِي، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيل أَيْضًا تَرَوْنَنِي 20اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ، وَلكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ. 21اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. 22فَأَنْتُمْ كَذلِكَ، عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ 23وَفِي ذلِكَ الْيَوْمِ لاَ تَسْأَلُونَنِي شَيْئًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ. 24إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.

25«قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا بِأَمْثَال، وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ حِينَ لاَ أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال، بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ عَلاَنِيَةً. 26فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَطْلُبُونَ بِاسْمِي. وَلَسْتُ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي أَنَا أَسْأَلُ الآبَ مِنْ أَجْلِكُمْ، 27لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ، لأَنَّكُمْ قَدْ أَحْبَبْتُمُونِي، وَآمَنْتُمْ أَنِّي مِنْ عِنْدِ اللهِ خَرَجْتُ. 28خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ، وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَيْضًا أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ».

29قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «هُوَذَا الآنَ تَتَكَلَّمُ عَلاَنِيَةً وَلَسْتَ تَقُولُ مَثَلاً وَاحِدًا. 30اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَكَ أَحَدٌ. لِهذَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ مِنَ اللهِ خَرَجْتَ». 31أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلآنَ تُؤْمِنُونَ؟ 32هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي. 33قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ».



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ السَّابعُ عَشَرَ

 

1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا، 2إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ. 3وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. 4أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. 5وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.

6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ. 7وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ، 8لأَنَّ الْكَلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ، وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِينًا أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ، وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. 9مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لأَنَّهُمْ لَكَ. 10وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي، وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ. 11وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ، وَأَمَّا هؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ. 12حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ، وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهَلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ. 13أَمَّا الآنَ فَإِنِّي آتِي إِلَيْكَ. وَأَتَكَلَّمُ بِهذَا فِي الْعَالَمِ لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحِي كَامِلاً فِيهِمْ. 14أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كَلاَمَكَ، وَالْعَالَمُ أَبْغَضَهُمْ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ، كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ، 15لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ. 16لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ. 17قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَق÷. 18كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى الْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ، 19وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ.

20«وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ، 21لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. 22وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. 23أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي. 24أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ. 25أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ، إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ، أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وَهؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ

 

1قَالَ يَسُوعُ هذَا وَخَرَجَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى عَبْرِ وَادِي قَدْرُونَ، حَيْثُ كَانَ بُسْتَانٌ دَخَلَهُ هُوَ وَتَلاَمِيذُهُ. 2وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ يَعْرِفُ الْمَوْضِعَ، لأَنَّ يَسُوعَ اجْتَمَعَ هُنَاكَ كَثِيرًا مَعَ تَلاَمِيذِهِ. 3فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّامًا مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ. 4فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» 5أَجَابُوهُ: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». قَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ». وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ أَيْضًا وَاقِفًا مَعَهُمْ. 6فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا هُوَ»، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ. 7فَسَأَلَهُمْ أَيْضًا: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» فَقَالُوا: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». 8أَجَابَ يَسُوع: «قَدْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ». 9لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدًا».

10ثُمَّ إِنَّ سِمْعَانَ بُطْرُسَ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ، فَاسْتَلَّهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. وَكَانَ اسْمُ الْعَبْدِ مَلْخُسَ. 11فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ: «اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟».

12ثُمَّ إِنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ، 13وَمَضَوْا بِهِ إِلَى حَنَّانَ أَوَّلاً، لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. 14وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ.

15وَكَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ يَتْبَعَانِ يَسُوعَ، وَكَانَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفًا عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَدَخَلَ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 16وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ. 17فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِ هذَا الإِنْسَانِ؟» قَالَ ذَاكَ: «لَسْتُ أَنَا!». 18وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ، وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْرًا لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ، وَكَانُوا يَصْطَلُونَ، وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفًا مَعَهُمْ يَصْطَلِي.

19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تَلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِمًا. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا». 22وَلَمَّا قَالَ هذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفًا، قَائِلاً: «أَهكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ؟» 23أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟» 24وَكَانَ حَنَّانُ قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقًا إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ.

25وَسِمْعَانُ بُطْرُسُ كَانَ وَاقِفًا يَصْطَلِي. فَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ؟» فَأَنْكَرَ ذَاكَ وَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا!». 26قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟» 27فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضًا. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ.

28ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. 29فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هذَا الإِنْسَانِ؟» 30أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ!» 31فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ». فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا». 32لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ.

33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: «أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟» 35أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: «أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟» 36أَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا». 37فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي». 38قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «مَا هُوَ الْحَقُّ؟». وَلَمَّا قَالَ هذَا خَرَجَ أَيْضًا إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً. 39وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِدًا فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟». 40فَصَرَخُوا أَيْضًا جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ: «لَيْسَ هذَا بَلْ بَارَابَاسَ!». وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصًّا.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ

 

1فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ. 2وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوَانٍ، 3وَكَانُوا يَقُولُونَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!». وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ. 4فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا خَارِجًا وَقَالَ لَهُمْ: «هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً». 5فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجًا وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ!». 6فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!». قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً». 7أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ». 8فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفًا. 9فَدَخَلَ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: «مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟». وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا. 10فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ؟» 11أَجَابَ يَسُوعُ: «لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ». 12مِنْ هذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «إِنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبًّا لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكًا يُقَاوِمُ قَيْصَرَ!».

13فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ «الْبَلاَطُ» وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ «جَبَّاثَا». 14وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ!». 15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ!». 16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ. 17فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ» وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «جُلْجُثَةُ»، 18حَيْثُ صَلَبُوهُ، وَصَلَبُوا اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مَعَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا، وَيَسُوعُ فِي الْوَسْطِ.

19وَكَتَبَ بِيلاَطُسُ عُنْوَانًا وَوَضَعَهُ عَلَى الصَّلِيبِ. وَكَانَ مَكْتُوبًا: «يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ الْيَهُودِ». 20فَقَرَأَ هذَا الْعُنْوَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ يَسُوعُ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ مَكْتُوبًا بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَالْيُونَانِيَّةِ وَالّلاَتِينِيَّةِ. 21فَقَالَ رُؤَسَاءُ كَهَنَةِ الْيَهُودِ لِبِيلاَطُسَ: «لاَ تَكْتُبْ: مَلِكُ الْيَهُودِ، بَلْ: إِنَّ ذَاكَ قَالَ: أَنَا مَلِكُ الْيَهُودِ!». 22أَجَابَ بِيلاَطُسُ: «مَا كَتَبْتُ قَدْ كَتَبْتُ». 23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ، أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْمًا. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضًا. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ، مَنْسُوجًا كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ. 24فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ، بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ.

25وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. 26فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». 27ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ.

28بَعْدَ هذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ». 29وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَّلاً، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ. 30فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.

31ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ، فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ، لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا، سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا. 32فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبِ مَعَهُ. 33وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. 34لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ. 35وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَق÷، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ. 36لأَنَّ هذَا كَانَ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ». 37وَأَيْضًا يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ: «سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي طَعَنُوهُ».

38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ. 39وَجَاءَ أَيْضًا نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا. 40فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ، كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا. 41وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ، وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. 42فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيبًا.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الْعِشْرُونَ

 

1وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلاَمُ بَاق. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا عَنِ الْقَبْرِ. 2فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ، وَقَالَتْ لَهُمَا: «أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!». 3فَخَرَجَ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ وَأَتَيَا إِلَى الْقَبْرِ. 4وَكَانَ الاثْنَانِ يَرْكُضَانِ مَعًا. فَسَبَقَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ بُطْرُسَ وَجَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، 5وَانْحَنَى فَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ. 6ثُمَّ جَاءَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ يَتْبَعُهُ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، 7وَالْمِنْدِيلَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعًا مَعَ الأَكْفَانِ، بَلْ مَلْفُوفًا فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ. 8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضًا التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ، 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ. 10فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِهِمَا.

11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجًا تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ، 12فَنَظَرَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعًا. 13فَقَالاَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» قَالَتْ لَهُمَا: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!». 14وَلَمَّا قَالَتْ هذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ. 17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ». 18فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هذَا.

19وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!» 20وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ. 21فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». 22وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. 23مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ».

24أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. 25فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ».

26وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!». 27ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». 28أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!». 29قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا».

30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.



إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

الأصحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ

 

1بَعْدَ هذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هكَذَا: 2كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ، وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ، وَابْنَا زَبْدِي، وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. 3قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ: «نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا. 4وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ، وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلكِنَّ التَّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. 5فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَامًا؟». أَجَابُوهُ: «لاَ!» 6فَقَالَ لَهُمْ: «أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا». فَأَلْقَوْا، وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. 7فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ!». فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ. 8وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ فَجَاءُوا بِالسَّفِينَةِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنِ الأَرْضِ إِلاَّ نَحْوَ مِئَتَيْ ذِرَاعٍ، وَهُمْ يَجُرُّونَ شَبَكَةَ السَّمَكِ. 9فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا جَمْرًا مَوْضُوعًا وَسَمَكًا مَوْضُوعًا عَلَيْهِ وَخُبْزًا. 10قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآنَ». 11فَصَعِدَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَجَذَبَ الشَّبَكَةَ إِلَى الأَرْضِ، مُمْتَلِئَةً سَمَكًا كَبِيرًا، مِئَةً وَثَلاَثًا وَخَمْسِينَ. وَمَعْ هذِهِ الْكَثْرَةِ لَمْ تَتَخَرَّقِ الشَّبَكَةُ. 12قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلُمُّوا تَغَدَّوْا!». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التَّلاَمِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ إِذْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الرَّبُّ. 13ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ وَأَخَذَ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُمْ وَكَذلِكَ السَّمَكَ. 14هذِهِ مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ ظَهَرَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ بَعْدَمَا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ.

15فَبَعْدَ مَا تَغَدَّوْا قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُسَ: «يَاسِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلاَءِ؟» قَالَ لَهُ: «نَعَمْ يَارَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ: «ارْعَ خِرَافِي». 16قَالَ لَهُ أَيْضًا ثَانِيَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟» قَالَ لَهُ: «نَعَمْ يَارَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ: «ارْعَ غَنَمِي». 17قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟» فَحَزِنَ بُطْرُسُ لأَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: «يَارَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ارْعَ غَنَمِي.

 

18اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاءُ». 19قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُمَجِّدَ اللهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هذَا قَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». 20فَالْتَفَتَ بُطْرُسُ وَنَظَرَ التِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَيْضًا الَّذِي اتَّكَأَ عَلَى صَدْرِهِ وَقْتَ الْعَشَاءِ، وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُكَ؟» 21فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ هذَا، قَالَ لِيَسُوعَ: «يَارَبُّ، وَهذَا مَا لَهُ؟» 22قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ!». 23فَذَاعَ هذَا الْقَوْلُ بَيْنَ الإِخْوَةِ: إِنَّ ذلِكَ التِّلْمِيذَ لاَ يَمُوتُ. وَلكِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ يَسُوعُ إِنَّهُ لاَ يَمُوتُ، بَلْ: «إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟».

24هذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهذَا وَكَتَبَ هذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ. 25وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ.

 

أعمال الرسل

سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ، عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ، 2إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ، بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ. 3اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. 4وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، 5لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ». 6أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَارَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» 7فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، 8لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».

9وَلَمَّا قَالَ هذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ. 10وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، 11وَقَالاَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ». 12حِينَئِذٍ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ أُورُشَلِيمَ عَلَى سَفَرِ سَبْتٍ. 13وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ وَتُومَا وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا أَخُو يَعْقُوبَ. 14هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ.

15وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ قَامَ بُطْرُسُ فِي وَسْطِ التَّلاَمِيذِ، وَكَانَ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ مَعًا نَحْوَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ. فَقَالَ: 16«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ الَّذِي سَبَقَ الرُّوحُ الْقُدُسُ فَقَالَهُ بِفَمِ دَاوُدَ، عَنْ يَهُوذَا الَّذِي صَارَ دَلِيلاً لِلَّذِينَ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ، 17إِذْ كَانَ مَعْدُودًا بَيْنَنَا وَصَارَ لَهُ نَصِيبٌ فِي هذِهِ الْخِدْمَةِ. 18فَإِنَّ هذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ، وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسْطِ، فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا. 19وَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، حَتَّى دُعِيَ ذلِكَ الْحَقْلُ فِي لُغَتِهِمْ «حَقَلْ دَمَا» أَيْ: حَقْلَ دَمٍ. 20لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ. وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ. 21فَيَنْبَغِي أَنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا مَعَنَا كُلَّ الزَّمَانِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ إِلَيْنَا الرَّبُّ يَسُوعُ وَخَرَجَ، 22مُنْذُ مَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ عَنَّا، يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَاهِدًا مَعَنَا بِقِيَامَتِهِ». 23فَأَقَامُوا اثْنَيْنِ: يُوسُفَ الَّذِي يُدْعَى بَارْسَابَا الْمُلَقَّبَ يُوسْتُسَ، وَمَتِّيَاسَ. 24وَصَلَّوْا قَائِلِينَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ، عَيِّنْ أَنْتَ مِنْ هذَيْنِ الاثْنَيْنِ أَيًّا اخْتَرْتَهُ، 25لِيَأْخُذَ قُرْعَةَ هذِهِ الْخِدْمَةِ وَالرِّسَالَةِ الَّتِي تَعَدَّاهَا يَهُوذَا لِيَذْهَبَ إِلَى مَكَانِهِ». 26ثُمَّ أَلْقَوْا قُرْعَتَهُمْ، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَتِّيَاسَ، فَحُسِبَ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ رَسُولاً.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، 2وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، 3وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. 4وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.

5وَكَانَ يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. 6فَلَمَّا صَارَ هذَا الصَّوْتُ، اجْتَمَعَ الْجُمْهُورُ وَتَحَيَّرُوا، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ. 7فَبُهِتَ الْجَمِيعُ وَتَعَجَّبُوا قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «أَتُرَى لَيْسَ جَمِيعُ هؤُلاَءِ الْمُتَكَلِّمِينَ جَلِيلِيِّينَ؟ 8فَكَيْفَ نَسْمَعُ نَحْنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا لُغَتَهُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا؟ 9فَرْتِيُّونَ وَمَادِيُّونَ وَعِيلاَمِيُّونَ، وَالسَّاكِنُونَ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، وَالْيَهُودِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَبُنْتُسَ وَأَسِيَّا 10وَفَرِيجِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ وَمِصْرَ، وَنَوَاحِيَ لِيبِيَّةَ الَّتِي نَحْوَ الْقَيْرَوَانِ، وَالرُّومَانِيُّونَ الْمُسْتَوْطِنُونَ يَهُودٌ وَدُخَلاَءُ، 11كِرِيتِيُّونَ وَعَرَبٌ، نَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا بِعَظَائِمِ اللهِ!». 12فَتَحَيَّرَ الْجَمِيعُ وَارْتَابُوا قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟». 13وَكَانَ آخَرُونَ يَسْتَهْزِئُونَ قَائِلِينَ: «إِنَّهُمْ قَدِ امْتَلأُوا سُلاَفَةً».

14فَوَقَفَ بُطْرُسُ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْيَهُودُ وَالسَّاكِنُونَ فِي أُورُشَلِيمَ أَجْمَعُونَ، لِيَكُنْ هذَا مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ وَأَصْغُوا إِلَى كَلاَمِي، 15لأَنَّ هؤُلاَءِ لَيْسُوا سُكَارَى كَمَا أَنْتُمْ تَظُنُّونَ، لأَنَّهَا السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ النَّهَارِ. 16بَلْ هذَا مَا قِيلَ بِيُوئِيلَ النَّبِيِّ. 17يَقُولُ اللهُ: وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا. 18وَعَلَى عَبِيدِي أَيْضًا وَإِمَائِي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي فِي تِلْكَ الأَيَّامِ فَيَتَنَبَّأُونَ. 19وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَآيَاتٍ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ: دَمًا وَنَارًا وَبُخَارَ دُخَانٍ. 20تَتَحَوَّلُ الشَّمْسُ إِلَى ظُلْمَةٍ وَالْقَمَرُ إِلَى دَمٍ، قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمُ الشَّهِيرُ. 21وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ.

22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ. 23هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. 24اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. 25لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. 26لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضًا سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. 27لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا. 28عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُورًا مَعَ وَجْهِكَ. 29أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَارًا عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ، وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هذَا الْيَوْمِ. 30فَإِذْ كَانَ نَبِيًّا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، 31سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا. 32فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ. 33وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ. 34لأَنَّ دَاوُدَ لَمْ يَصْعَدْ إِلَى السَّمَاوَاتِ. وَهُوَ نَفْسُهُ يَقُولُ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي 35حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. 36فَلْيَعْلَمْ يَقِينًا جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هذَا، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ، رَبًّا وَمَسِيحًا».

37فَلَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ، وَقَالُوا لِبُطْرُسَ وَلِسَائِرَ الرُّسُلِ: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟» 38فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا، فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 39لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ، كُلِّ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلهُنَا». 40وَبِأَقْوَال أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَشْهَدُ لَهُمْ وَيَعِظُهُمْ قَائِلاً: «اخْلُصُوا مِنْ هذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي». 41فَقَبِلُوا كَلاَمَهُ بِفَرَحٍ، وَاعْتَمَدُوا، وَانْضَمَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ نَفْسٍ.

42وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَاتِ. 43وَصَارَ خَوْفٌ فِي كُلِّ نَفْسٍ. وَكَانَتْ عَجَائِبُ وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ تُجْرَى عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ. 44وَجَمِيعُ الَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا مَعًا، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. 45وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ. 46وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ، 47مُسَبِّحِينَ اللهَ، وَلَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ الشَّعْبِ. وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1وَصَعِدَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا مَعًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي سَاعَةِ الصَّلاَةِ التَّاسِعَةِ. 2وَكَانَ رَجُلٌ أَعْرَجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يُحْمَلُ، كَانُوا يَضَعُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ بَابِ الْهَيْكَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «الْجَمِيلُ» لِيَسْأَلَ صَدَقَةً مِنَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْهَيْكَلَ. 3فَهذَا لَمَّا رَأَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا مُزْمِعَيْنِ أَنْ يَدْخُلاَ الْهَيْكَلَ، سَأَلَ لِيَأْخُذَ صَدَقَةً. 4فَتَفَرَّسَ فِيهِ بُطْرُسُ مَعَ يُوحَنَّا، وَقَالَ: «انْظُرْ إِلَيْنَا!» 5فَلاَحَظَهُمَا مُنْتَظِرًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا شَيْئًا. 6فَقَالَ بُطْرُسُ: «لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ!». 7وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَهُ، فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ، 8فَوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي، وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ وَيُسَبِّحُ اللهَ. 9وَأَبْصَرَهُ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَهُوَ يَمْشِي وَيُسَبِّحُ اللهَ. 10وَعَرَفُوهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ لأَجْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ الْهَيْكَلِ الْجَمِيلِ، فَامْتَلأُوا دَهْشَةً وَحَيْرَةً مِمَّا حَدَثَ لَهُ.

11وَبَيْنَمَا كَانَ الرَّجُلُ الأَعْرَجُ الَّذِي شُفِيَ مُتَمَسِّكًا بِبُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، تَرَاكَضَ إِلَيْهِمْ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى الرِّوَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «رِوَاقُ سُلَيْمَانَ» وَهُمْ مُنْدَهِشُونَ. 12فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ ذلِكَ أَجَابَ الشَّعْبَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِنْ هذَا؟ وَلِمَاذَا تَشْخَصُونَ إِلَيْنَا، كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا أَوْ تَقْوَانَا قَدْ جَعَلْنَا هذَا يَمْشِي؟ 13إِنَّ إِلهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، إِلهَ آبَائِنَا، مَجَّدَ فَتَاهُ يَسُوعَ، الَّذِي أَسْلَمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ أَمَامَ وَجْهِ بِيلاَطُسَ، وَهُوَ حَاكِمٌ بِإِطْلاَقِهِ. 14وَلكِنْ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ، وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ. 15وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذلِكَ. 16وَبِالإِيمَانِ بِاسْمِهِ، شَدَّدَ اسْمُهُ هذَا الَّذِي تَنْظُرُونَهُ وَتَعْرِفُونَهُ، وَالإِيمَانُ الَّذِي بِوَاسِطَتِهِ أَعْطَاهُ هذِهِ الصِّحَّةَ أَمَامَ جَمِيعِكُمْ.

17«وَالآنَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ بِجَهَالَةٍ عَمِلْتُمْ، كَمَا رُؤَسَاؤُكُمْ أَيْضًا. 18وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ، أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ، قَدْ تَمَّمَهُ هكَذَا. 19فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ. 20وَيُرْسِلَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ. 21الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ السَّمَاءَ تَقْبَلُهُ، إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ، الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اللهُ بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ. 22فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. 23وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ الشَّعْبِ. 24وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضًا مِنْ صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ، جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا، سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهذِهِ الأَيَّامِ. 25أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ، وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ آبَاءَنَا قَائِلاً لإِبْراهِيمَ: وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. 26إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ».



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1وَبَيْنَمَا هُمَا يُخَاطِبَانِ الشَّعْبَ، أَقْبَلَ عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالصَّدُّوقِيُّونَ، 2مُتَضَجِّرِينَ مِنْ تَعْلِيمِهِمَا الشَّعْبَ، وَنِدَائِهِمَا فِي يَسُوعَ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ. 3فَأَلْقَوْا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ وَوَضَعُوهُمَا فِي حَبْسٍ إِلَى الْغَدِ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَارَ الْمَسَاءُ. 4وَكَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا الْكَلِمَةَ آمَنُوا، وَصَارَ عَدَدُ الرِّجَالِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفٍ.

5وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ وَشُيُوخَهُمْ وَكَتَبَتَهُمُ اجْتَمَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 6مَعَ حَنَّانَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَقَيَافَا وَيُوحَنَّا وَالإِسْكَنْدَرِ، وَجَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ عَشِيرَةِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. 7وَلَمَّا أَقَامُوهُمَا فِي الْوَسْطِ، جَعَلُوا يَسْأَلُونَهُمَا:«بِأَيَّةِ قُوَّةٍ وَبِأَيِّ اسْمٍ صَنَعْتُمَا أَنْتُمَا هذَا؟» 8حِينَئِذٍ امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُمْ:«يَا رُؤَسَاءَ الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ، 9إِنْ كُنَّا نُفْحَصُ الْيَوْمَ عَنْ إِحْسَانٍ إِلَى إِنْسَانٍ سَقِيمٍ، بِمَاذَا شُفِيَ هذَا، 10فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا. 11هذَا هُوَ: الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ، الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. 12وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ».

13فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ، تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ. 14وَلكِنْ إِذْ نَظَرُوا الإِنْسَانَ الَّذِي شُفِيَ وَاقِفًا مَعَهُمَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ يُنَاقِضُونَ بِهِ. 15فَأَمَرُوهُمَا أَنْ يَخْرُجَا إِلَى خَارِجِ الْمَجْمَعِ، وَتَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ 16قَائِلِينَ: «مَاذَا نَفْعَلُ بِهذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ؟ لأَنَّهُ ظَاهِرٌ لِجَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ أَنَّ آيَةً مَعْلُومَةً قَدْ جَرَتْ بِأَيْدِيهِمَا، وَلاَ نَقْدِرُ أَنْ نُنْكِرَ. 17وَلكِنْ لِئَلاَّ تَشِيعَ أَكْثَرَ فِي الشَّعْبِ، لِنُهَدِّدْهُمَا تَهْدِيدًا أَنْ لاَ يُكَلِّمَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فِيمَا بَعْدُ بِهذَا الاسْمِ». 18فَدَعَوْهُمَا وَأَوْصَوْهُمَا أَنْ لاَ يَنْطِقَا الْبَتَّةَ، وَلاَ يُعَلِّمَا بِاسْمِ يَسُوعَ.

19فَأَجَابَهُمْ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا وَقَالاَ: «إِنْ كَانَ حَقًّا أَمَامَ اللهِ أَنْ نَسْمَعَ لَكُمْ أَكْثَرَ مِنَ اللهِ، فَاحْكُمُوا. 20لأَنَّنَا نَحْنُ لاَ يُمْكِنُنَا أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا». 21وَبَعْدَمَا هَدَّدُوهُمَا أَيْضًا أَطْلَقُوهُمَا، إِذْ لَمْ يَجِدُوا الْبَتَّةَ كَيْفَ يُعَاقِبُونَهُمَا بِسَبَبِ الشَّعْبِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى مَا جَرَى، 22لأَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي صَارَتْ فِيهِ آيَةُ الشِّفَاءِ هذِهِ، كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

23وَلَمَّا أُطْلِقَا أَتَيَا إِلَى رُفَقَائِهِمَا وَأَخْبَرَاهُمْ بِكُلِّ مَا قَالَهُ لَهُمَا رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ. 24فَلَمَّا سَمِعُوا، رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتًا إِلَى اللهِ وَقَالُوا: «أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، 25الْقَائِلُ بِفَمِ دَاوُدَ فَتَاكَ: لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ بِالْبَاطِلِ؟ 26قَامَتْ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ. 27لأَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ اجْتَمَعَ عَلَى فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ، الَّذِي مَسَحْتَهُ، هِيرُودُسُ وَبِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ مَعَ أُمَمٍ وَشُعُوبِ إِسْرَائِيلَ، 28لِيَفْعَلُوا كُلَّ مَا سَبَقَتْ فَعَيَّنَتْ يَدُكَ وَمَشُورَتُكَ أَنْ يَكُونَ. 29وَالآنَ يَارَبُّ، انْظُرْ إِلَى تَهْدِيدَاتِهِمْ، وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ، 30بِمَدِّ يَدِكَ لِلشِّفَاءِ، وَلْتُجْرَ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ بِاسْمِ فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ». 31وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ.

32وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. 33وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ، 34إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجًا، لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، 35وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ. 36وَيُوسُفُ الَّذِي دُعِيَ مِنَ الرُّسُلِ بَرْنَابَا، الَّذِي يُتَرْجَمُ ابْنَ الْوَعْظِ، وَهُوَ لاَوِيٌّ قُبْرُسِيُّ الْجِنْسِ، 37إِذْ كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ، وَأَتَى بِالدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ، بَاعَ مُلْكًا 2وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ، وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذلِكَ، وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَاحَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاق كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». 5فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ. 6فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجًا وَدَفَنُوهُ.

7ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ، أَنَّ امْرَأَتَهُ دَخَلَتْ، وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى. 8فأَجَابَهَا بُطْرُسُ: «قُولِي لِي: أَبِهذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟» فَقَالَتْ: «نَعَمْ، بِهذَا الْمِقْدَارِ». 9فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ: «مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ، وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجًا». 10فَوَقَعَتْ فِي الْحَالِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَمَاتَتْ. فَدَخَلَ الشَّبَابُ وَوَجَدُوهَا مَيْتَةً، فَحَمَلُوهَا خَارِجًا وَدَفَنُوهَا بِجَانِبِ رَجُلِهَا. 11فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ.

12وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ. وَكَانَ الْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ. 13وَأَمَّا الآخَرُونَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ، لكِنْ كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ. 14وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ، جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ، 15حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى خَارِجًا فِي الشَّوَارِعِ وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ، حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ. 16وَاجْتَمَعَ جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ، وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ.

17فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الَّذِينَ مَعَهُ، الَّذِينَ هُمْ شِيعَةُ الصَّدُّوقِيِّينَ، وَامْتَلأُوا غَيْرَةً 18فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ الْعَامَّةِ. 19وَلكِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ فِي اللَّيْلِ فَتَحَ أَبْوَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ: 20«اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هذِهِ الْحَيَاةِ». 21فَلَمَّا سَمِعُوا دَخَلُوا الْهَيْكَلَ نَحْوَ الصُّبْحِ وَجَعَلُوا يُعَلِّمُونَ. ثُمَّ جَاءَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ، وَدَعَوُا الْمَجْمَعَ وَكُلَّ مَشْيَخَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى الْحَبْسِ لِيُؤْتَى بِهِمْ. 22وَلكِنَّ الْخُدَّامَ لَمَّا جَاءُوا لَمْ يَجِدُوهُمْ فِي السِّجْنِ، فَرَجَعُوا وَأَخْبَرُوا 23قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا الْحَبْسَ مُغْلَقًا بِكُلِّ حِرْصٍ، وَالْحُرَّاسَ وَاقِفِينَ خَارِجًا أَمَامَ الأَبْوَابِ، وَلكِنْ لَمَّا فَتَحْنَا لَمْ نَجِدْ فِي الدَّاخِلِ أَحَدًا». 24فَلَمَّا سَمِعَ الْكَاهِنُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ هذِهِ الأَقْوَالَ، ارْتَابُوا مِنْ جِهَتِهِمْ: مَا عَسَى أَنْ يَصِيرَ هذَا؟ 25ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ وَأَخْبَرَهُمْ قَائِلاً: «هُوَذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ وَضَعْتُمُوهُمْ فِي السِّجْنِ هُمْ فِي الْهَيْكَلِ وَاقِفِينَ يُعَلِّمُونَ الشَّعْبَ!». 26حِينَئِذٍ مَضَى قَائِدُ الْجُنْدِ مَعَ الْخُدَّامِ، فَأَحْضَرَهُمْ لاَ بِعُنْفٍ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ الشَّعْبَ لِئَلاَّ يُرْجَمُوا. 27فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ أَوْقَفُوهُمْ فِي الْمَجْمَعِ. فَسَأَلَهُمْ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ 28قِائِلاً: «أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهذَا الاسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هذَا الإِنْسَانِ». 29فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ وَقَالُوا: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. 30إِلهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. 31هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا، لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا. 32وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهذِهِ الأُمُورِ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا، الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ».

33فَلَمَّا سَمِعُوا حَنِقُوا، وَجَعَلُوا يَتَشَاوَرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ. 34فَقَامَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِيٌّ اسْمُهُ غَمَالاَئِيلُ، مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ، مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ الشَّعْبِ، وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ الرُّسُلُ قَلِيلاً. 35ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هؤُلاَءِ النَّاسِ فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا. 36لأَنَّهُ قَبْلَ هذِهِ الأَيَّامِ قَامَ ثُودَاسُ قَائِلاً عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَيْءٌ، الَّذِي الْتَصَقَ بِهِ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَالِ نَحْوُ أَرْبَعِمِئَةٍ، الَّذِي قُتِلَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لاَ شَيْءَ. 37بَعْدَ هذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ الاكْتِتَابِ، وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْبًا غَفِيرًا. فَذَاكَ أَيْضًا هَلَكَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا. 38وَالآنَ أَقُولُ لَكُمْ: تَنَحَّوْا عَنْ هؤُلاَءِ النَّاسِ وَاتْرُكُوهُمْ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هذَا الرَّأْيُ أَوْ هذَا الْعَمَلُ مِنَ النَّاسِ فَسَوْفَ يَنْتَقِضُ، 39وَإِنْ كَانَ مِنَ اللهِ فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ، لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ للهِ أَيْضًا». 40فَانْقَادُوا إِلَيْهِ. وَدَعُوا الرُّسُلَ وَجَلَدُوهُمْ، وَأَوْصَوْهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِاسْمِ يَسُوعَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ.

41وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. 42وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي الْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ، حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ الْيُونَانِيِّينَ عَلَى الْعِبْرَانِيِّينَ أَنَّ أَرَامِلَهُمْ كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَوْمِيَّةِ. 2فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا: «لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ. 3فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَال مِنْكُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ، فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هذِهِ الْحَاجَةِ. 4وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى الصَّلاَةِ وَخِدْمَةِ الْكَلِمَةِ». 5فَحَسُنَ هذَا الْقَوْلُ أَمَامَ كُلِّ الْجُمْهُورِ، فَاخْتَارُوا اسْتِفَانُوسَ، رَجُلاً مَمْلُوًّا مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَفِيلُبُّسَ، وَبُرُوخُورُسَ، وَنِيكَانُورَ، وَتِيمُونَ، وَبَرْمِينَاسَ، وَنِيقُولاَوُسَ دَخِيلاً أَنْطَاكِيًّا. 6اَلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ أَمَامَ الرُّسُلِ، فَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ الأَيَادِيَ. 7وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ. 8وَأَمَّا اسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوًّا إِيمَانًا وَقُوَّةً، كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ.

9فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ، وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا، يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ. 10وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ. 11حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَال يَقُولُونَ: «إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللهِ». 12وَهَيَّجُوا الشَّعْبَ وَالشُّيُوخَ وَالْكَتَبَةَ، فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى الْمَجْمَعِ، 13وَأَقَامُوا شُهُودًا كَذَبَةً يَقُولُونَ: «هذَا الرَّجُلُ لاَ يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَلاَّمًا تَجْدِيفًا ضِدَّ هذَا الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ وَالنَّامُوسِ، 14لأَنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هذَا سَيَنْقُضُ هذَا الْمَوْضِعَ، وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى». 15فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1فَقَالَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَتُرَى هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا هِيَ؟» 2فَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ وَالآبَاءُ، اسْمَعُوا! ظَهَرَ إِلهُ الْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ 3وَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ، وَهَلُمَّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. 4فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ، بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ، إِلَى هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا. 5وَلَمْ يُعْطِهِ فِيهَا مِيرَاثًا وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ، وَلكِنْ وَعَدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مُلْكًا لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدُ وَلَدٌ. 6وَتَكَلَّمَ اللهُ هكَذَا: أَنْ يَكُونَ نَسْلُهُ مُتَغَرِّبًا فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ، فَيَسْتَعْبِدُوهُ وَيُسِيئُوا إِلَيْهِ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ، 7وَالأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا سَأَدِينُهَا أَنَا، يَقُولُ اللهُ. وَبَعْدَ ذلِكَ يَخْرُجُونَ وَيَعْبُدُونَنِي فِي هذَا الْمَكَانِ. 8وَأَعْطَاهُ عَهْدَ الْخِتَانِ، وَهكَذَا وَلَدَ إِسْحَاقَ وَخَتَنَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. وَإِسْحَاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ وَلَدَ رُؤَسَاءَ الآبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ. 9وَرُؤَسَاءُ الآبَاءِ حَسَدُوا يُوسُفَ وَبَاعُوهُ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ اللهُ مَعَهُ، 10وَأَنْقَذَهُ مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ نِعْمَةً وَحِكْمَةً أَمَامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَقَامَهُ مُدَبِّرًا عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِهِ.

11«ثُمَّ أَتَى جُوعٌ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ وَكَنْعَانَ، وَضِيقٌ عَظِيمٌ، فَكَانَ آبَاؤُنَا لاَ يَجِدُونَ قُوتًا. 12وَلَمَّا سَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّ فِي مِصْرَ قَمْحًا، أَرْسَلَ آبَاءَنَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. 13وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ اسْتَعْرَفَ يُوسُفُ إِلَى إِخْوَتِهِ، وَاسْتَعْلَنَتْ عَشِيرَةُ يُوسُفَ لِفِرْعَوْنَ. 14فَأَرْسَلَ يُوسُفُ وَاسْتَدْعَى أَبَاهُ يَعْقُوبَ وَجَمِيعَ عَشِيرَتِهِ، خَمْسَةً وَسَبْعِينَ نَفْسًا. 15فَنَزَلَ يَعْقُوبُ إِلَى مِصْرَ وَمَاتَ هُوَ وَآبَاؤُنَا، 16وَنُقِلُوا إِلَى شَكِيمَ وَوُضِعُوا فِي الْقَبْرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إِبْرَاهِيمُ بِثَمَنٍ فِضَّةٍ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ. 17وَكَمَا كَانَ يَقْرُبُ وَقْتُ الْمَوْعِدِ الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ عَلَيْهِ لإِبْرَاهِيمَ، كَانَ يَنْمُو الشَّعْبُ وَيَكْثُرُ فِي مِصْرَ، 18إِلَى أَنْ قَامَ مَلِكٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 19فَاحْتَالَ هذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا، حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا.

20«وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ وُلِدَ مُوسَى وَكَانَ جَمِيلاً جِدًّا، فَرُبِّيَ هذَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي بَيْتِ أَبِيهِ. 21وَلَمَّا نُبِذَ، اتَّخَذَتْهُ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ وَرَبَّتْهُ لِنَفْسِهَا ابْنًا. 22فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِرًا فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ. 23وَلَمَّا كَمِلَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، خَطَرَ عَلَى بَالِهِ أَنْ يَفْتَقِدَ إِخْوَتَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 24وَإِذْ رَأَى وَاحِدًا مَظْلُومًا حَامَى عَنْهُ، وَأَنْصَفَ الْمَغْلُوبَ، إِذْ قَتَلَ الْمِصْرِيَّ. 25فَظَنَّ أَنَّ إِخْوَتَهُ يَفْهَمُونَ أَنَّ اللهَ عَلَى يَدِهِ يُعْطِيهِمْ نَجَاةً، وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا. 26وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي ظَهَرَ لَهُمْ وَهُمْ يَتَخَاصَمُونَ، فَسَاقَهُمْ إِلَى السَّلاَمَةِ قَائِلاً: أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَنْتُمْ إِخْوَةٌ. لِمَاذَا تَظْلِمُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا؟ 27فَالَّذِي كَانَ يَظْلِمُ قَرِيبَهُ دَفَعَهُ قَائِلاً: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا عَلَيْنَا؟ 28أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ أَمْسَ الْمِصْرِيَّ؟ 29فَهَرَبَ مُوسَى بِسَبَبِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، وَصَارَ غَرِيبًا فِي أَرْضِ مَدْيَانَ، حَيْثُ وَلَدَ ابْنَيْنِ.

30«وَلَمَّا كَمِلَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً، ظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ فِي بَرِّيَّةِ جَبَلِ سِينَاءَ فِي لَهِيبِ نَارِ عُلَّيْقَةٍ. 31فَلَمَّا رَأَى مُوسَى ذلِكَ تَعَجَّبَ مِنَ الْمَنْظَرِ. وَفِيمَا هُوَ يَتَقَدَّمُ لِيَتَطَلَّعَ، صَارَ إِلَيْهِ صَوْتُ الرَّبِّ: 32أَنَا إِلهُ آبَائِكَ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ. فَارْتَعَدَ مُوسَى وَلَمْ يَجْسُرْ أَنْ يَتَطَلَّعَ. 33فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اخْلَعْ نَعْلَ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ. 34إِنِّي لَقَدْ رَأَيْتُ مَشَقَّةَ شَعْبِي الَّذِينَ فِي مِصْرَ، وَسَمِعْتُ أَنِينَهُمْ وَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ. فَهَلُمَّ الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَى مِصْرَ.

35«هذَا مُوسَى الَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا؟ هذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيسًا وَفَادِيًا بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ. 36هذَا أَخْرَجَهُمْ صَانِعًا عَجَائِبَ وَآيَاتٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَفِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ، وَفِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

37«هذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ. 38هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ، مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ، وَمَعَ آبَائِنَا. الَّذِي قَبِلَ أَقْوَالاً حَيَّةً لِيُعْطِيَنَا إِيَّاهَا. 39الَّذِي لَمْ يَشَأْ آبَاؤُنَا أَنْ يَكُونُوا طَائِعِينَ لَهُ، بَلْ دَفَعُوهُ وَرَجَعُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مِصْرَ 40قَائِلِينَ لِهَارُونَ: اعْمَلْ لَنَا آلِهَةً تَتَقَدَّمُ أَمَامَنَا، لأَنَّ هذَا مُوسَى الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ! 41فَعَمِلُوا عِجْلاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَأَصْعَدُوا ذَبِيحَةً لِلصَّنَمِ، وَفَرِحُوا بِأَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ. 42فَرَجَعَ اللهُ وَأَسْلَمَهُمْ لِيَعْبُدُوا جُنْدَ السَّمَاءِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الأَنْبِيَاءِ: هَلْ قَرَّبْتُمْ لِي ذَبَائِحَ وَقَرَابِينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْبَرِّيَّةِ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 43بَلْ حَمَلْتُمْ خَيْمَةَ مُولُوكَ، وَنَجْمَ إِلهِكُمْ رَمْفَانَ، التَّمَاثِيلَ الَّتِي صَنَعْتُمُوهَا لِتَسْجُدُوا لَهَا. فَأَنْقُلُكُمْ إِلَى مَا وَرَاءَ بَابِلَ.

44«وَأَمَّا خَيْمَةُ الشَّهَادَةِ فَكَانَتْ مَعَ آبَائِنَا فِي الْبَرِّيَّةِ، كَمَا أَمَرَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى أَنْ يَعْمَلَهَا عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي كَانَ قَدْ رَآهُ، 45الَّتِي أَدْخَلَهَا أَيْضًا آبَاؤُنَا إِذْ تَخَلَّفُوا عَلَيْهَا مَعَ يَشُوعَ فِي مُلْكِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ اللهُ مِنْ وَجْهِ آبَائِنَا، إِلَى أَيَّامِ دَاوُدَ 46الَّذِي وَجَدَ نِعْمَةً أَمَامَ اللهِ، وَالْتَمَسَ أَنْ يَجِدَ مَسْكَنًا لإِلهِ يَعْقُوبَ. 47وَلكِنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى لَهُ بَيْتًا. 48لكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي، كَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ: 49السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي؟ يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ 50أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ هذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا؟

51«يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ! أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ! 52أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ؟ وَقَدْ قَتَلُوا الَّذِينَ سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ الْبَارِّ، الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ صِرْتُمْ مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ، 53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ».

54فَلَمَّا سَمِعُوا هذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ. 55وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. 56فَقَالَ: «هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ». 57فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، 58وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَالشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ. 59فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي». 60ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَارَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، مَا عَدَا الرُّسُلَ. 2وَحَمَلَ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ اسْتِفَانُوسَ وَعَمِلُوا عَلَيْهِ مَنَاحَةً عَظِيمَةً. 3وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالاً وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ.

4فَالَّذِينَ تَشَتَّتُوا جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ. 5فَانْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِالْمَسِيحِ. 6وَكَانَ الْجُمُوعُ يُصْغُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا يَقُولُهُ فِيلُبُّسُ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَهَا، 7لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ بِهِمْ أَرْوَاحٌ نَجِسَةٌ كَانَتْ تَخْرُجُ صَارِخَةً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَكَثِيرُونَ مِنَ الْمَفْلُوجِينَ وَالْعُرْجِ شُفُوا. 8فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ.

9وَكَانَ قَبْلاً فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِيمُونُ، يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ، قِائِلاً إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ!. 10وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ قَائِلِينَ: «هذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ». 11وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ انْدَهَشُوا زَمَانًا طَوِيلاً بِسِحْرِهِ. 12وَلكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً. 13وَسِيمُونُ أَيْضًا نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ، وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ.

14وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ، أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، 15اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ، 16لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 17حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. 18وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ 19قَائِلاً: «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هذَا السُّلْطَانَ، حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ». 20فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ، لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ! 21لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ اللهِ. 22فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هذَا، وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ، 23لأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ». 24فَأَجَابَ سِيمُونُ وَقَالَ: «اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا». 25ثُمَّ إِنَّهُمَا بَعْدَ مَا شَهِدَا وَتَكَلَّمَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ، رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَبَشَّرَا قُرىً كَثِيرَةً لِلسَّامِرِيِّينَ.

26ثُمَّ إِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قِائِلاً: «قُمْ وَاذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ، عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ». 27فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ، كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ. 28وَكَانَ رَاجِعًا وَجَالِسًا عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ. 29فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هذِهِ الْمَرْكَبَةَ». 30فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟» 31فَقَالَ: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟». وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ. 32وَأَمَّا فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هذَا: «مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 33فِي تَوَاضُعِهِ انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ، وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟ لأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ» 34فَأَجَابَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟» 35فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ.

36وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ فِي الطَّرِيقِ أَقْبَلاَ عَلَى مَاءٍ، فَقَالَ الْخَصِيُّ: «هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟» 37فَقَالَ فِيلُبُّسُ: «إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ وَقَالَ: «أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ». 38فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ. 39وَلَمَّا صَعِدَا مِنَ الْمَاءِ، خَطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ الْخَصِيُّ أَيْضًا، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا. 40وَأَمَّا فِيلُبُّسُ فَوُجِدَ فِي أَشْدُودَ. وَبَيْنَمَا هُوَ مُجْتَازٌ، كَانَ يُبَشِّرُ جَمِيعَ الْمُدُنِ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1أَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَهَدُّدًا وَقَتْلاً عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ، فَتَقَدَّمَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ 2وَطَلَبَ مِنْهُ رَسَائِلَ إِلَى دِمَشْقَ، إِلَى الْجَمَاعَاتِ، حَتَّى إِذَا وَجَدَ أُنَاسًا مِنَ الطَّرِيقِ، رِجَالاً أَوْ نِسَاءً، يَسُوقُهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 3وَفِي ذَهَابِهِ حَدَثَ أَنَّهُ اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، 4فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلاً لَهُ: «شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟» 5فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ». 6فَقَاَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: «يَارَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ». 7وَأَمَّا الرِّجَالُ الْمُسَافِرُونَ مَعَهُ فَوَقَفُوا صَامِتِينَ، يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلاَ يَنْظُرُونَ أَحَدًا. 8فَنَهَضَ شَاوُلُ عَنِ الأَرْضِ، وَكَانَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْعَيْنَيْنِ لاَ يُبْصِرُ أَحَدًا. فَاقْتَادُوهُ بِيَدِهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى دِمَشْقَ. 9وَكَانَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يُبْصِرُ، فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ.

10وَكَانَ فِي دِمَشْقَ تِلْمِيذٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ فِي رُؤْيَا: «يَا حَنَانِيَّا!». فَقَالَ: «هأَنَذَا يَارَبُّ». 11فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَقِيمُ، وَاطْلُبْ فِي بَيْتِ يَهُوذَا رَجُلاً طَرْسُوسِيًّا اسْمُهُ شَاوُلُ. لأَنَّهُ هُوَذَا يُصَلِّي، 12وَقَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلاً اسْمُهُ حَنَانِيَّا دَاخِلاً وَوَاضِعًا يَدَهُ عَلَيْهِ لِكَيْ يُبْصِرَ». 13فَأَجَابَ حَنَانِيَّا: «يَارَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هذَا الرَّجُلِ، كَمْ مِنَ الشُّرُورِ فَعَلَ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. 14وَههُنَا لَهُ سُلْطَانٌ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ». 15فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. 16لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي». 17فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ، لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». 18فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ، فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ، وَقَامَ وَاعْتَمَدَ. 19وَتَنَاوَلَ طَعَامًا فَتَقَوَّى. وَكَانَ شَاوُلُ مَعَ التَّلاَمِيذِ الَّذِينَ فِي دِمَشْقَ أَيَّامًا. 20وَلِلْوَقْتِ جَعَلَ يَكْرِزُ فِي الْمَجَامِعِ بِالْمَسِيحِ «أَنْ هذَا هُوَ ابْنُ اللهِ». 21فَبُهِتَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ الَّذِي أَهْلَكَ فِي أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهذَا الاسْمِ؟ وَقَدْ جَاءَ إِلَى هُنَا لِهذاَ لِيَسُوقَهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ!». 22وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَزْدَادُ قُوَّةً، وَيُحَيِّرُ الْيَهُودَ السَّاكِنِينَ فِي دِمَشْقَ مُحَقِّقًا «أَنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ».

23وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ تَشَاوَرَ الْيَهُودُ لِيَقْتُلُوهُ، 24فَعَلِمَ شَاوُلُ بِمَكِيدَتِهِمْ. وَكَانُوا يُرَاقِبُونَ الأَبْوَابَ أَيْضًا نَهَارًا وَلَيْلاً لِيَقْتُلُوهُ. 25فَأَخَذَهُ التَّلاَمِيذُ لَيْلاً وَأَنْزَلُوهُ مِنَ السُّورِ مُدَلِّينَ إِيَّاهُ فِي سَلّ.

26وَلَمَّا جَاءَ شَاوُلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَاوَلَ أَنْ يَلْتَصِقَ بِالتَّلاَمِيذِ، وَكَانَ الْجَمِيعُ يَخَافُونَهُ غَيْرَ مُصَدِّقِينَ أَنَّهُ تِلْمِيذٌ. 27فَأَخَذَهُ بَرْنَابَا وَأَحْضَرَهُ إِلَى الرُّسُلِ، وَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ أَبْصَرَ الرَّبَّ فِي الطَّرِيقِ وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ، وَكَيْفَ جَاهَرَ فِي دِمَشْقَ بِاسْمِ يَسُوعَ. 28فَكَانَ مَعَهُمْ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُجَاهِرُ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 29وَكَانَ يُخَاطِبُ وَيُبَاحِثُ الْيُونَانِيِّينَ، فَحَاوَلُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ. 30فَلَمَّا عَلِمَ الإِخْوَةُ أَحْدَرُوهُ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ وَأَرْسَلُوهُ إِلَى طَرْسُوسَ. 31وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ، وَكَانَتْ تُبْنَى وَتَسِيرُ فِي خَوْفِ الرَّبِّ، وَبِتَعْزِيَةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ كَانَتْ تَتَكَاثَرُ.

32وَحَدَثَ أَنَّ بُطْرُسَ وَهُوَ يَجْتَازُ بِالْجَمِيعِ، نَزَلَ أَيْضًا إِلَى الْقِدِّيسِينَ السَّاكِنِينَ فِي لُدَّةَ، 33فَوَجَدَ هُنَاكَ إِنْسَانًا اسْمُهُ إِينِيَاسُ مُضْطَجِعًا عَلَى سَرِيرٍ مُنْذُ ثَمَانِي سِنِينَ، وَكَانَ مَفْلُوجًا. 34فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ:«يَا إِينِيَاسُ، يَشْفِيكَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. قُمْ وَافْرُشْ لِنَفْسِكَ!». فَقَامَ لِلْوَقْتِ. 35وَرَآهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ فِي لُدَّةَ وَسَارُونَ، الَّذِينَ رَجَعُوا إِلَى الرَّبِّ.

36وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا. 37وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَّهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ، فَغَسَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي عِلِّيَّةٍ. 38وَإِذْ كَانَتْ لُدَّةُ قَرِيبَةً مِنْ يَافَا، وَسَمِعَ التَّلاَمِيذُ أَنَّ بُطْرُسَ فِيهَا، أَرْسَلُوا رَجُلَيْنِ يَطْلُبَانِ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَوَانَى عَنْ أَنْ يَجْتَازَ إِلَيْهِمْ. 39فَقَامَ بُطْرُسُ وَجَاءَ مَعَهُمَا. فَلَمَّا وَصَلَ صَعِدُوا بِهِ إِلَى الْعِلِّيَّةِ، فَوَقَفَتْ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأَرَامِلِ يَبْكِينَ وَيُرِينَ أَقْمِصَةً وَثِيَابًا مِمَّا كَانَتْ تَعْمَلُ غَزَالَةُ وَهِيَ مَعَهُنَّ. 40فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!» فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ، 41فَنَاوَلَهَا يَدَهُ وَأَقَامَهَا. ثُمَّ نَادَى الْقِدِّيسِينَ وَالأَرَامِلَ وَأَحْضَرَهَا حَيَّةً. 42فَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا فِي يَافَا كُلِّهَا، فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِالرَّبِّ. 43وَمَكَثَ أَيَّامًا كَثِيرَةً فِي يَافَا، عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ. 2وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ. 3فَرَأَى ظَاهِرًا فِي رُؤْيَا نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ النَّهَارِ، مَلاَكًا مِنَ اللهِ دَاخِلاً إِلَيْهِ وَقَائِلاً لَهُ: «يَا كَرْنِيلِيُوسُ!». 4فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ، قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ اللهِ. 5وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. 6إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ الْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ». 7فَلَمَّا انْطَلَقَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُ كَرْنِيلِيُوسَ، نَادَى اثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ، وَعَسْكَرِيًّا تَقِيًّا مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يُلاَزِمُونَهُ، 8وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى يَافَا.

9ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ، صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. 10فَجَاعَ كَثِيرًا وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ، وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ، 11فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِنَاءً نَازِلاً عَلَيْهِ مِثْلَ مُلاَءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَّلاَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 12وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. 13وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ». 14فَقَالَ بُطْرُسُ: «كَلاَّ يَارَبُّ! لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئًا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا». 15فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضًا صَوْتٌ ثَانِيَةً: «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!» 16وَكَانَ هذَا عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ الإِنَاءُ أَيْضًا إِلَى السَّمَاءِ.

17وَإِذْ كَانَ بُطْرُسُ يَرْتَابُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا عَسَى أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا؟، إِذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ أُرْسِلُوا مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وكَانُوا قَدْ سَأَلُوا عَنْ بَيْتِ سِمْعَانَ وَقَدْ وَقَفُوا عَلَى الْبَابِ 18وَنَادَوْا يَسْتَخْبِرُونَ: «هَلْ سِمْعَانُ الْمُلَقَّبُ بُطْرُسَ نَازِلٌ هُنَاكَ؟» 19وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ فِي الرُّؤْيَا، قَالَ لَهُ الرُّوحُ: «هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَال يَطْلُبُونَكَ. 20لكِنْ قُمْ وَانْزِلْ وَاذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ». 21فَنَزَلَ بُطْرُسُ إِلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وَقَالَ: «هَا أَنَا الَّذِي تَطْلُبُونَهُ. مَاهُوَ السَّبَبُ الَّذِي حَضَرْتُمْ لأَجْلِهِ؟» 22فَقَالُوا: «إِنَّ كَرْنِيلِيُوسَ قَائِدَ مِئَةٍ، رَجُلاً بَارًّا وَخَائِفَ اللهِ وَمَشْهُودًا لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةِ الْيَهُودِ، أُوحِيَ إِلَيْهِ بِمَلاَكٍ مُقَدَّسٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ كَلاَمًا». 23فَدَعَاهُمْ إِلَى دَاخِل وَأَضَافَهُمْ. ثُمَّ فِي الْغَدِ خَرَجَ بُطْرُسُ مَعَهُمْ، وَأُنَاسٌ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مِنْ يَافَا رَافَقُوهُ.

24وَفِي الْغَدِ دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ. وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ يَنْتَظِرُهُمْ، وَقَدْ دَعَا أَنْسِبَاءَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ الأَقْرَبِينَ. 25وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ اسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعًا عَلَى قَدَمَيْهِ. 26فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «قُمْ، أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ». 27ثُمَّ دَخَلَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ وَوَجَدَ كَثِيرِينَ مُجْتَمِعِينَ. 28فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُل يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. 29فَلِذلِكَ جِئْتُ مِنْ دُونِ مُنَاقَضَةٍ إِذِ اسْتَدْعَيْتُمُونِي. فَأَسْتَخْبِرُكُمْ: لأَيِّ سَبَبٍ اسْتَدْعَيْتُمُونِي؟». 30فَقَالَ كَرْنِيلِيُوسُ: «مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ كُنْتُ صَائِمًا. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي، وَإِذَا رَجُلٌ قَدْ وَقَفَ أَمَامِي بِلِبَاسٍ لاَمِعٍ 31وَقَالَ: يَاكَرْنِيلِيُوسُ، سُمِعَتْ صَلاَتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ اللهِ. 32فَأَرْسِلْ إِلَى يَافَا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. إِنَّهُ نَازِلٌ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ عِنْدَ الْبَحْرِ. فَهُوَ مَتَى جَاءَ يُكَلِّمُكَ. 33فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ حَالاً. وَأَنْتَ فَعَلْتَ حَسَنًا إِذْ جِئْتَ. وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعًا حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ».

34فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. 35بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ. 36الْكَلِمَةُ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ بِالسَّلاَمِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ. 37أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأَمْرَ الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ، بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا. 38يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ. 39وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي أُورُشَلِيمَ. الَّذِي أَيْضًا قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. 40هذَا أَقَامَهُ اللهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِرًا، 41لَيْسَ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ، بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ اللهُ فَانْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ. 42وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ، وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّانًا لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. 43لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا».

44فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. 45فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ، لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضًا. 46لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. حِينَئِذٍ أَجَابَ بُطْرُسُ: 47«أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضًا؟» 48وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّامًا.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1فَسَمِعَ الرُّسُلُ وَالإِخْوَةُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ أَنَّ الأُمَمَ أَيْضًا قَبِلُوا كَلِمَةَ اللهِ. 2وَلَمَّا صَعِدَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، خَاصَمَهُ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، 3قَائِلِينَ: «إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَال ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ». 4فَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَشْرَحُ لَهُمْ بِالتَّتَابُعِ قَائِلاً: 5«أَنَا كُنْتُ فِي مَدِينَةِ يَافَا أُصَلِّي، فَرَأَيْتُ فِي غَيْبَةٍ رُؤْيَا: إِنَاءً نَازِلاً مِثْلَ مُلاَءَةٍ عَظِيمَةٍ مُدَّلاَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَأَتَى إِلَيَّ. 6فَتَفَرَّسْتُ فِيهِ مُتَأَمِّلاً، فَرَأَيْتُ دَوَابَّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشَ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ. 7وَسَمِعْتُ صَوْتًا قَائِلاً لِي: قُمْيَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ. 8فَقُلْتُ: كَلاَّ يَارَبُّ! لأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فَمِي قَطُّ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. 9فَأَجَابَنِي صَوْتٌ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ: مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُنَجِّسْهُ أَنْتَ. 10وَكَانَ هذَا عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ. ثُمَّ انْتُشِلَ الْجَمِيعُ إِلَى السَّمَاءِ أَيْضًا. 11وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَال قَدْ وَقَفُوا لِلْوَقْتِ عِنْدَ الْبَيْتِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، مُرْسَلِينَ إِلَيَّ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ. 12فَقَالَ لِي الرُّوحُ أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ. وَذَهَبَ مَعِي أَيْضًا هؤُلاَءِ الإِخْوَةُ السِّتَّةُ. فَدَخَلْنَا بَيْتَ الرَّجُلِ، 13فَأَخْبَرَنَا كَيْفَ رَأَى الْمَلاَكَ فِي بَيْتِهِ قَائِمًا وَقَائِلاً لَهُ: أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً، وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ، 14وَهُوَ يُكَلِّمُكَ كَلاَمًا بِهِ تَخْلُصُ أَنْتَ وَكُلُّ بَيْتِكَ. 15فَلَمَّا ابْتَدَأْتُ أَتَكَلَّمُ، حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ كَمَا عَلَيْنَا أَيْضًا فِي الْبُدَاءَةِ. 16فَتَذَكَّرْتُ كَلاَمَ الرَّبِّ كَيْفَ قَالَ: إِنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَاءٍ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتُعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 17فَإِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَعْطَاهُمُ الْمَوْهِبَةَ كَمَا لَنَا أَيْضًا بِالسَّوِيَّةِ مُؤْمِنِينَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فَمَنْ أَنَا؟ أَقَادِرٌ أَنْ أَمْنَعَ اللهَ؟». 18فَلَمَّا سَمِعُوا ذلِكَ سَكَتُوا، وَكَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ قَائِلِينَ: «إِذًا أَعْطَى اللهُ الأُمَمَ أَيْضًا التَّوْبَةَ لِلْحَيَاةِ!».

19أَمَّا الَّذِينَ تَشَتَّتُوا مِنْ جَرَّاءِ الضِّيقِ الَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ اسْتِفَانُوسَ فَاجْتَازُوا إِلَى فِينِيقِيَةَ وَقُبْرُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ، وَهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَ أَحَدًا بِالْكَلِمَةِ إِلاَّ الْيَهُودَ فَقَطْ. 20وَلكِنْ كَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ، وَهُمْ رِجَالٌ قُبْرُسِيُّونَ وَقَيْرَوَانِيُّونَ، الَّذِينَ لَمَّا دَخَلُوا أَنْطَاكِيَةَ كَانُوا يُخَاطِبُونَ الْيُونَانِيِّينَ مُبَشِّرِينَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ. 21وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُمْ، فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى الرَّبِّ. 22فَسُمِعَ الْخَبَرُ عَنْهُمْ فِي آذَانِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَأَرْسَلُوا بَرْنَابَا لِكَيْ يَجْتَازَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 23الَّذِي لَمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ اللهِ فَرِحَ، وَوَعَظَ الْجَمِيعَ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الرَّبِّ بِعَزْمِ الْقَلْبِ 24لأَنَّهُ كَانَ رَجُلاً صَالِحًا وَمُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَالإِيمَانِ. فَانْضَمَّ إِلَى الرَّبِّ جَمْعٌ غَفِيرٌ.

25ثُمَّ خَرَجَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ لِيَطْلُبَ شَاوُلَ. وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 26فَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعًا غَفِيرًا. وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً.

27وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ انْحَدَرَ أَنْبِيَاءُ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 28وَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ اسْمُهُ أَغَابُوسُ، وَأَشَارَ بِالرُّوحِ أَنَّ جُوعًا عَظِيمًا كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَصِيرَ عَلَى جَمِيعِ الْمَسْكُونَةِ، الَّذِي صَارَ أَيْضًا فِي أَيَّامِ كُلُودِيُوسَ قَيْصَرَ. 29فَحَتَمَ التَّلاَمِيذُ حَسْبَمَا تَيَسَّرَ لِكُلّ مِنْهُمْ أَنْ يُرْسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا، خِدْمَةً إِلَى الإِخْوَةِ السَّاكِنِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ. 30فَفَعَلُوا ذلِكَ مُرْسِلِينَ إِلَى الْمَشَايِخِ بِيَدِ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ مَدَّ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ يَدَيْهِ لِيُسِيئَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْكَنِيسَةِ، 2فَقَتَلَ يَعْقُوبَ أَخَا يُوحَنَّا بِالسَّيْفِ. 3وَإِذْ رَأَى أَنَّ ذلِكَ يُرْضِي الْيَهُودَ، عَادَ فَقَبَضَ عَلَى بُطْرُسَ أَيْضًا. وَكَانَتْ أَيَّامُ الْفَطِيرِ. 4وَلَمَّا أَمْسَكَهُ وَضَعَهُ فِي السِّجْنِ، مُسَلِّمًا إِيَّاهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَرَابعَ مِنَ الْعَسْكَرِ لِيَحْرُسُوهُ، نَاوِيًا أَنْ يُقَدِّمَهُ بَعْدَ الْفِصْحِ إِلَى الشَّعْبِ. 5فَكَانَ بُطْرُسُ مَحْرُوسًا فِي السِّجْنِ، وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ.

6وَلَمَّا كَانَ هِيرُودُسُ مُزْمِعًا أَنْ يُقَدِّمَهُ، كَانَ بُطْرُسُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ نَائِمًا بَيْنَ عَسْكَرِيَّيْنِ مَرْبُوطًا بِسِلْسِلَتَيْنِ، وَكَانَ قُدَّامَ الْبَابِ حُرَّاسٌ يَحْرُسُونَ السِّجْنَ. 7وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ أَقْبَلَ، وَنُورٌ أَضَاءَ فِي الْبَيْتِ، فَضَرَبَ جَنْبَ بُطْرُسَ وَأَيْقَظَهُ قَائِلاً: «قُمْ عَاجِلاً!». فَسَقَطَتِ السِّلْسِلَتَانِ مِنْ يَدَيْهِ. 8وَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «تَمَنْطَقْ وَالْبَسْ نَعْلَيْكَ». فَفَعَلَ هكَذَا. فَقَالَ لَهُ: «الْبَسْ رِدَاءَكَ وَاتْبَعْنِي». 9فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ. وَكَانَ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي جَرَى بِوَاسِطَةِ الْمَلاَكِ هُوَ حَقِيقِيٌّ، بَلْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَنْظُرُ رُؤْيَا. 10فَجَازَا الْمَحْرَسَ الأَوَّلَ وَالثَّانِيَ، وَأَتَيَا إِلَى بَابِ الْحَدِيدِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَانْفَتَحَ لَهُمَا مِنْ ذَاتِهِ، فَخَرَجَا وَتَقَدَّمَا زُقَاقًا وَاحِدًا، وَلِلْوَقْتِ فَارَقَهُ الْمَلاَكُ.

11فَقَالَ بُطْرُسُ، وَهُوَ قَدْ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ: «الآنَ عَلِمْتُ يَقِينًا أَنَّ الرَّبَّ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ هِيرُودُسَ، وَمِنْ كُلِّ انْتِظَارِ شَعْبِ الْيَهُودِ». 12ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ. 13فَلَمَّا قَرَعَ بُطْرُسُ بَابَ الدِّهْلِيزِ جَاءَتْ جَارِيَةٌ اسْمُهَا رَوْدَا لِتَسْمَعَ. 14فَلَمَّا عَرَفَتْ صَوْتَ بُطْرُسَ لَمْ تَفْتَحِ الْبَابَ مِنَ الْفَرَحِ، بَلْ رَكَضَتْ إِلَى دَاخِل وَأَخْبَرَتْ أَنَّ بُطْرُسَ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ. 15فَقَالُوا لَهَا: «أَنْتِ تَهْذِينَ!». وَأَمَّا هِيَ فَكَانَتْ تُؤَكِّدُ أَنَّ هكَذَا هُوَ. فَقَالُوا: «إِنَّهُ مَلاَكُهُ!». 16وَأَمَّا بُطْرُسُ فَلَبِثَ يَقْرَعُ. فَلَمَّا فَتَحُوا وَرَأَوْهُ انْدَهَشُوا. 17فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ لِيَسْكُتُوا، وَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ أَخْرَجَهُ الرَّبُّ مِنَ السِّجْنِ. وَقَالَ: «أَخْبِرُوا يَعْقُوبَ وَالإِخْوَةَ بِهذَا». ثُمَّ خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ.

18فَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ حَصَلَ اضْطِرَابٌ لَيْسَ بِقَلِيل بَيْنَ الْعَسْكَرِ: تُرَى مَاذَا جَرَى لِبُطْرُسَ؟ 19وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فَحَصَ الْحُرَّاسَ، وَأَمَرَ أَنْ يَنْقَادُوا إِلَى الْقَتْلِ. ثُمَّ نَزَلَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ وَأَقَامَ هُنَاكَ.

20وَكَانَ هِيرُودُسُ سَاخِطًا عَلَى الصُّورِيِّينَ وَالصَّيْدَاوِيِّينَ، فَحَضَرُوا إِلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَاسْتَعْطَفُوا بَلاَسْتُسَ النَّاظِرَ عَلَى مَضْجَعِ الْمَلِكِ، ثُمَّ صَارُوا يَلْتَمِسُونَ الْمُصَالَحَةَ لأَنَّ كُورَتَهُمْ تَقْتَاتُ مِنْ كُورَةِ الْمَلِكِ. 21فَفِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَبِسَ هِيرُودُسُ الْحُلَّةَ الْمُلُوكِيَّةَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْمُلْكِ وَجَعَلَ يُخَاطِبُهُمْ. 22فَصَرَخَ الشَّعْبُ: «هذَا صَوْتُ إِلهٍ لاَ صَوْتُ إِنْسَانٍ!» 23فَفِي الْحَالِ ضَرَبَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ للهِ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدُّودُ وَمَاتَ.

24وَأَمَّا كَلِمَةُ اللهِ فَكَانَتْ تَنْمُو وَتَزِيدُ. 25وَرَجَعَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَا كَمَّلاَ الْخِدْمَةَ، وَأَخَذَا مَعَهُمَا يُوحَنَّا الْمُلَقَّبَ مَرْقُسَ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1وَكَانَ فِي أَنْطَاكِيَةَ فِي الْكَنِيسَةِ هُنَاكَ أَنْبِيَاءُ وَمُعَلِّمُونَ: بَرْنَابَا، وَسِمْعَانُ الَّذِي يُدْعَى نِيجَرَ، وَلُوكِيُوسُ الْقَيْرَوَانِيُّ، وَمَنَايِنُ الَّذِي تَرَبَّى مَعَ هِيرُودُسَ رَئِيسِ الرُّبْعِ، وَشَاوُلُ. 2وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ، قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ». 3فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا.

4فَهذَانِ إِذْ أُرْسِلاَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ انْحَدَرَا إِلَى سَلُوكِيَةَ، وَمِنْ هُنَاكَ سَافَرَا فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ. 5وَلَمَّا صَارَا فِي سَلاَمِيسَ نَادَيَا بِكَلِمَةِ اللهِ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ. وَكَانَ مَعَهُمَا يُوحَنَّا خَادِمًا. 6وَلَمَّا اجْتَازَا الْجَزِيرَةَ إِلَى بَافُوسَ، وَجَدَا رَجُلاً سَاحِرًا نَبِيًّا كَذَّابًا يَهُودِيًّا اسْمُهُ بَارْيَشُوعُ، 7كَانَ مَعَ الْوَالِي سَرْجِيُوسَ بُولُسَ، وَهُوَ رَجُلٌ فَهِيمٌ. فَهذَا دَعَا بَرْنَابَا وَشَاوُلَ وَالْتَمَسَ أَنْ يَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ. 8فَقَاوَمَهُمَا عَلِيمٌ السَّاحِرُ، لأَنْ هكَذَا يُتَرْجَمُ اسْمُهُ، طَالِبًا أَنْ يُفْسِدَ الْوَالِيَ عَنِ الإِيمَانِ.

9وَأَمَّا شَاوُلُ، الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا، فَامْتَلأَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَشَخَصَ إِلَيْهِ 10وَقَالَ: «أَيُّهَا الْمُمْتَلِئُ كُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ خُبْثٍ! يَا ابْنَ إِبْلِيسَ! يَاعَدُوَّ كُلِّ بِرّ! أَلاَ تَزَالُ تُفْسِدُ سُبُلَ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةَ؟ 11فَالآنَ هُوَذَا يَدُ الرَّبِّ عَلَيْكَ، فَتَكُونُ أَعْمَى لاَ تُبْصِرُ الشَّمْسَ إِلَى حِينٍ». فَفِي الْحَالِ سَقَطَ عَلَيْهِ ضَبَابٌ وَظُلْمَةٌ، فَجَعَلَ يَدُورُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَقُودُهُ بِيَدِهِ. 12فَالْوَالِي حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى مَا جَرَى، آمَنَ مُنْدَهِشًا مِنْ تَعْلِيمِ الرَّبِّ.

13ثُمَّ أَقْلَعَ مِنْ بَافُوسَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ وَأَتَوْا إِلَى بَرْجَةِ بَمْفِيلِيَّةَ. وَأَمَّا يُوحَنَّا فَفَارَقَهُمْ وَرَجَعَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 14وَأَمَّا هُمْ فَجَازُوا مِنْ بَرْجَةَ وَأَتَوْا إِلَى أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَّةَ، وَدَخَلُوا الْمَجْمَعَ يَوْمَ السَّبْتِ وَجَلَسُوا. 15وَبَعْدَ قِرَاءَةِ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رُؤَسَاءُ الْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، إِنْ كَانَتْ عِنْدَكُمْ كَلِمَةُ وَعْظٍ لِلشَّعْبِ فَقُولُوا». 16فَقَامَ بُولُسُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ وَالَّذِينَ يَتَّقُونَ اللهَ، اسْمَعُوا! 17إِلهُ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ هذَا اخْتَارَ آبَاءَنَا، وَرَفَعَ الشَّعْبَ فِي الْغُرْبَةِ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَبِذِرَاعٍ مُرْتَفِعَةٍ أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا. 18وَنَحْوَ مُدَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، احْتَمَلَ عَوَائِدَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ. 19ثُمَّ أَهْلَكَ سَبْعَ أُمَمٍ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَقَسَمَ لَهُمْ أَرْضَهُمْ بِالْقُرْعَةِ. 20وَبَعْدَ ذلِكَ فِي نَحْوِ أَرْبَعَمِئَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً أَعْطَاهُمْ قُضَاةً حَتَّى صَمُوئِيلَ النَّبِيِّ. 21وَمِنْ ثَمَّ طَلَبُوا مَلِكًا، فَأَعْطَاهُمُ اللهُ شَاوُلَ بْنَ قَيْسٍ، رَجُلاً مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، أَرْبَعِينَ سَنَةً. 22ثُمَّ عَزَلَهُ وَأَقَامَ لَهُمْ دَاوُدَ مَلِكًا، الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَيْضًا، إِذْ قَالَ: وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِي، الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي. 23مِنْ نَسْلِ هذَا، حَسَبَ الْوَعْدِ، أَقَامَ اللهُ لإِسْرَائِيلَ مُخَلِّصًا، يَسُوعَ. 24إِذْ سَبَقَ يُوحَنَّا فَكَرَزَ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ. 25وَلَمَّا صَارَ يُوحَنَّا يُكَمِّلُ سَعْيَهُ جَعَلَ يَقُولُ: مَنْ تَظُنُّونَ أَنِّي أَنَا؟ لَسْتُ أَنَا إِيَّاهُ، لكِنْ هُوَذَا يَأْتِي بَعْدِي الَّذِي لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ أَحُلَّ حِذَاءَ قَدَمَيْهِ.

26«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ بَنِي جِنْسِ إِبْرَاهِيمَ، وَالَّذِينَ بَيْنَكُمْ يَتَّقُونَ اللهَ، إِلَيْكُمْ أُرْسِلَتْ كَلِمَةُ هذَا الْخَلاَصِ. 27لأَنَّ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءَهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا هذَا. وَأَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ الَّتِي تُقْرَأُ كُلَّ سَبْتٍ تَمَّمُوهَا، إِذْ حَكَمُوا عَلَيْهِ. 28وَمَعْ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا عِلَّةً وَاحِدَةً لِلْمَوْتِ طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ يُقْتَلَ. 29وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ، أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ. 30وَلكِنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. 31وَظَهَرَ أَيَّامًا كَثِيرَةً لِلَّذِينَ صَعِدُوا مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، الَّذِينَ هُمْ شُهُودُهُ عِنْدَ الشَّعْبِ. 32وَنَحْنُ نُبَشِّرُكُمْ بِالْمَوْعِدِ الَّذِي صَارَ لآبَائِنَا، 33إِنَّ اللهَ قَدْ أَكْمَلَ هذَا لَنَا نَحْنُ أَوْلاَدَهُمْ، إِذْ أَقَامَ يَسُوعَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَيْضًا فِي الْمَزْمُورِ الثَّانِي: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. 34إِنَّهُ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، غَيْرَ عَتِيدٍ أَنْ يَعُودَ أَيْضًا إِلَى فَسَادٍ، فَهكَذَا قَالَ: إِنِّي سَأُعْطِيكُمْ مَرَاحِمَ دَاوُدَ الصَّادِقَةَ. 35وَلِذلِكَ قَالَ أَيْضًا فِي مَزْمُورٍ آخَرَ: لَنْ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا. 36لأَنَّ دَاوُدَ بَعْدَ مَا خَدَمَ جِيلَهُ بِمَشُورَةِ اللهِ، رَقَدَ وَانْضَمَّ إِلَى آبَائِهِ، وَرَأَى فَسَادًا. 37وَأَمَّا الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ فَلَمْ يَرَ فَسَادًا. 38فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنَّهُ بِهذَا يُنَادَى لَكُمْ بِغُفْرَانِ الْخَطَايَا، 39وَبِهذَا يَتَبَرَّرُ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ مَا لَمْ تَقْدِرُوا أَنْ تَتَبَرَّرُوا مِنْهُ بِنَامُوسِ مُوسَى. 40فَانْظُرُوا لِئَلاَّ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ مَا قِيلَ فِي الأَنْبِيَاءِ: 41اُنْظُرُوا أَيُّهَا الْمُتَهَاوِنُونَ، وَتَعَجَّبُوا وَاهْلِكُوا! لأَنَّنِي عَمَلاً أَعْمَلُ فِي أَيَّامِكُمْ. عَمَلاً لاَ تُصَدِّقُونَ إِنْ أَخْبَرَكُمْ أَحَدٌ بِهِ».

42وَبَعْدَمَا خَرَجَ الْيَهُودُ مِنَ الْمَجْمَعِ جَعَلَ الأُمَمُ يَطْلُبُونَ إِلَيْهِمَا أَنْ يُكَلِّمَاهُمْ بِهذَا الْكَلاَمِ فِي السَّبْتِ الْقَادِمِ. 43وَلَمَّا انْفَضَّتِ الْجَمَاعَةُ، تَبعَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ وَالدُّخَلاَءِ الْمُتَعَبِّدِينَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا، اللَّذَيْنِ كَانَا يُكَلِّمَانِهِمْ وَيُقْنِعَانِهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا فِي نِعْمَةِ اللهِ. 44وَفِي السَّبْتِ التَّالِي اجْتَمَعَتْ كُلُّ الْمَدِينَةِ تَقْرِيبًا لِتَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ. 45فَلَمَّا رَأَى الْيَهُودُ الْجُمُوعَ امْتَلأُوا غَيْرَةً، وَجَعَلُوا يُقَاوِمُونَ مَا قَالَهُ بُولُسُ مُنَاقِضِينَ وَمُجَدِّفِينَ. 46فَجَاهَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَقَالاَ: «كَانَ يَجِبُ أَنْ تُكَلَّمُوا أَنْتُمْ أَوَّلاً بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلكِنْ إِذْ دَفَعْتُمُوهَا عَنْكُمْ، وَحَكَمْتُمْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، هُوَذَا نَتَوَجَّهُ إِلَى الأُمَمِ. 47لأَنْ هكَذَا أَوْصَانَا الرَّبُّ: قَدْ أَقَمْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ، لِتَكُونَ أَنْتَ خَلاَصًا إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». 48فَلَمَّا سَمِعَ الأُمَمُ ذلِكَ كَانُوا يَفْرَحُونَ وَيُمَجِّدُونَ كَلِمَةَ الرَّبِّ. وَآمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. 49وَانْتَشَرَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ فِي كُلِّ الْكُورَةِ. 50وَلكِنَّ الْيَهُودَ حَرَّكُوا النِّسَاءَ الْمُتَعَبِّدَاتِ الشَّرِيفَاتِ وَوُجُوهَ الْمَدِينَةِ، وَأَثَارُوا اضْطِهَادًا عَلَى بُولُسَ وَبَرْنَابَا، وَأَخْرَجُوهُمَا مِنْ تُخُومِهِمْ. 51أَمَّا هُمَا فَنَفَضَا غُبَارَ أَرْجُلِهِمَا عَلَيْهِمْ، وَأَتَيَا إِلَى إِيقُونِيَةَ. 52وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَكَانُوا يَمْتَلِئُونَ مِنَ الْفَرَحِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ

 

1وَحَدَثَ فِي إِيقُونِيَةَ أَنَّهُمَا دَخَلاَ مَعًا إِلَى مَجْمَعِ الْيَهُودِ وَتَكَلَّمَا، حَتَّى آمَنَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ. 2وَلكِنَّ الْيَهُودَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ غَرُّوا وَأَفْسَدُوا نُفُوسَ الأُمَمِ عَلَى الإِخْوَةِ. 3فَأَقَامَا زَمَانًا طَوِيلاً يُجَاهِرَانِ بِالرَّبِّ الَّذِي كَانَ يَشْهَدُ لِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، وَيُعْطِي أَنْ تُجْرَى آيَاتٌ وَعَجَائِبُ عَلَى أَيْدِيهِمَا. 4فَانْشَقَّ جُمْهُورُ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ مَعَ الْيَهُودِ، وَبَعْضُهُمْ مَعَ الرَّسُولَيْنِ. 5فَلَمَّا حَصَلَ مِنَ الأُمَمِ وَالْيَهُودِ مَعَ رُؤَسَائِهِمْ هُجُومٌ لِيَبْغُوا عَلَيْهِمَا وَيَرْجُمُوهُمَا، 6شَعَرَا بِهِ، فَهَرَبَا إِلَى مَدِينَتَيْ لِيكَأُونِيَّةَ: لِسْتِرَةَ وَدَرْبَةَ، وَإِلَى الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ. 7وَكَانَا هُنَاكَ يُبَشِّرَانِ.

8وَكَانَ يَجْلِسُ فِي لِسْتْرَةَ رَجُلٌ عَاجِزُ الرِّجْلَيْنِ مُقْعَدٌ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، وَلَمْ يَمْشِ قَطُّ. 9هذَا كَانَ يَسْمَعُ بُولُسَ يَتَكَلَّمُ، فَشَخَصَ إِلَيْهِ، وَإِذْ رَأَى أَنَّ لَهُ إِيمَانًا لِيُشْفَى، 10قَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «قُمْ عَلَى رِجْلَيْكَ مُنْتَصِبًا!». فَوَثَبَ وَصَارَ يَمْشِي. 11فَالْجُمُوعُ لَمَّا رَأَوْا مَا فَعَلَ بُولُسُ، رَفَعُوا صَوْتَهُمْ بِلُغَةِ لِيكَأُونِيَّةَ قَائِلِينَ: «إِنَّ الآلِهَةَ تَشَبَّهُوا بِالنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا». 12فَكَانُوا يَدْعُونَ بَرْنَابَا «زَفْسَ» وَبُولُسَ «هَرْمَسَ» إِذْ كَانَ هُوَ الْمُتَقَدِّمَ فِي الْكَلاَمِ. 13فَأَتَى كَاهِنُ زَفْسَ، الَّذِي كَانَ قُدَّامَ الْمَدِينَةِ، بِثِيرَانٍ وَأَكَالِيلَ عِنْدَ الأَبْوَابِ مَعَ الْجُمُوعِ، وَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَ. 14فَلَمَّا سَمِعَ الرَّسُولاَنِ، بَرْنَابَا وَبُولُسُ، مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا، وَانْدَفَعَا إِلَى الْجَمْعِ صَارِخَيْنِ وَقَائِلِينَ: 15«أَيُّهَا الرِّجَالُ، لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هذَا؟ نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ، نُبَشِّرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا مِنْ هذِهِ الأَبَاطِيلِ إِلَى الإِلهِ الْحَيِّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، 16الَّذِي فِي الأَجْيَالِ الْمَاضِيَةِ تَرَكَ جَمِيعَ الأُمَمِ يَسْلُكُونَ فِي طُرُقِهِمْ 17مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ، وَهُوَ يَفْعَلُ خَيْرًا: يُعْطِينَا مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَارًا وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً، وَيَمْلأُ قُلُوبَنَا طَعَامًا وَسُرُورًا». 18وَبِقَوْلِهِمَا هذَا كَفَّا الْجُمُوعَ بِالْجَهْدِ عَنْ أَنْ يَذْبَحُوا لَهُمَا. 19ثُمَّ أَتَى يَهُودٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَقْنَعُوا الْجُمُوعَ، فَرَجَمُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، ظَانِّينَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ. 20وَلكِنْ إِذْ أَحَاطَ بِهِ التَّلاَمِيذُ، قَامَ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَفِي الْغَدِ خَرَجَ مَعَ بَرْنَابَا إِلَى دَرْبَةَ. 21فَبَشَّرَا فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَتَلْمَذَا كَثِيرِينَ. ثُمَّ رَجَعَا إِلَى لِسْتِرَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَنْطَاكِيَةَ

22يُشَدِّدَانِ أَنْفُسَ التَّلاَمِيذِ وَيَعِظَانِهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ، وَأَنَّهُ بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. 23وَانْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوسًا فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ، ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ. 24وَلَمَّا اجْتَازَا فِي بِيسِيدِيَّةَ أَتَيَا إِلَى بَمْفِيلِيَّةَ. 25وَتَكَلَّمَا بِالْكَلِمَةِ فِي بَرْجَةَ، ثُمَّ نَزَلاَ إِلَى أَتَّالِيَةَ. 26وَمِنْ هُنَاكَ سَافَرَا فِي الْبَحْرِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، حَيْثُ كَانَا قَدْ أُسْلِمَا إِلَى نِعْمَةِ اللهِ لِلْعَمَلِ الَّذِي أَكْمَلاَهُ. 27وَلَمَّا حَضَرَا وَجَمَعَا الْكَنِيسَةَ، أَخْبَرَا بِكُلِّ مَا صَنَعَ اللهُ مَعَهُمَا، وَأَنَّهُ فَتَحَ لِلأُمَمِ بَابَ الإِيمَانِ. 28وَأَقَامَا هُنَاكَ زَمَانًا لَيْسَ بِقَلِيل مَعَ التَّلاَمِيذِ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

 

1وَانْحَدَرَ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ، وَجَعَلُوا يُعَلِّمُونَ الإِخْوَةَ أَنَّهُ «إِنْ لَمْ تَخْتَتِنُوا حَسَبَ عَادَةِ مُوسَى، لاَ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَخْلُصُوا». 2فَلَمَّا حَصَلَ لِبُولُسَ وَبَرْنَابَا مُنَازَعَةٌ وَمُبَاحَثَةٌ لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ مَعَهُمْ، رَتَّبُوا أَنْ يَصْعَدَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَأُنَاسٌ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِلَى الرُّسُلِ وَالْمَشَايخِ إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنْ أَجْلِ هذِهِ الْمَسْأَلَةِ. 3فَهؤُلاَءِ بَعْدَ مَا شَيَّعَتْهُمُ الْكَنِيسَةُ اجْتَازُوا فِي فِينِيقِيَةَ وَالسَّامِرَةِ يُخْبِرُونَهُمْ بِرُجُوعِ الأُمَمِ، وَكَانُوا يُسَبِّبُونَ سُرُورًا عَظِيمًا لِجَمِيعِ الإِخْوَةِ. 4وَلَمَّا حَضَرُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَتْهُمُ الْكَنِيسَةُ وَالرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ، فَأَخْبَرُوهُمْ بِكُلِّ مَا صَنَعَ اللهُ مَعَهُمْ. 5وَلكِنْ قَامَ أُنَاسٌ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ آمَنُوا مِنْ مَذْهَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ، وَقَالُوا: «إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَنُوا، وَيُوصَوْا بِأَنْ يَحْفَظُوا نَامُوسَ مُوسَى».

6فَاجْتَمَعَ الرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ لِيَنْظُرُوا فِي هذَا الأَمْرِ. 7فَبَعْدَ مَا حَصَلَتْ مُبَاحَثَةٌ كَثِيرَةٌ قَامَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنْذُ أَيَّامٍ قَدِيمَةٍ اخْتَارَ اللهُ بَيْنَنَا أَنَّهُ بِفَمِي يَسْمَعُ الأُمَمُ كَلِمَةَ الإِنْجِيلِ وَيُؤْمِنُونَ. 8وَاللهُ الْعَارِفُ الْقُلُوبَ، شَهِدَ لَهُمْ مُعْطِيًا لَهُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا لَنَا أَيْضًا. 9وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِشَيْءٍ، إِذْ طَهَّرَ بِالإِيمَانِ قُلُوبَهُمْ. 10فَالآنَ لِمَاذَا تُجَرِّبُونَ اللهَ بِوَضْعِ نِيرٍ عَلَى عُنُقِ التَّلاَمِيذِ لَمْ يَسْتَطِعْ آبَاؤُنَا وَلاَ نَحْنُ أَنْ نَحْمِلَهُ؟ 11لكِنْ بِنِعْمَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ نُؤْمِنُ أَنْ نَخْلُصَ كَمَا أُولئِكَ أَيْضًا». 12فَسَكَتَ الْجُمْهُورُ كُلُّهُ. وَكَانُوا يَسْمَعُونَ بَرْنَابَا وَبُولُسَ يُحَدِّثَانِ بِجَمِيعِ مَا صَنَعَ اللهُ مِنَ الآيَاتِ وَالْعَجَائِبِ فِي الأُمَمِ بِوَاسِطَتِهِمْ.

13وَبَعْدَمَا سَكَتَا أَجَابَ يَعْقُوبُ قِائِلاً: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، اسْمَعُونِي. 14سِمْعَانُ قَدْ أَخْبَرَ كَيْفَ افْتَقَدَ اللهُ أَوَّلاً الأُمَمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَعْبًا عَلَى اسْمِهِ. 15وَهذَا تُوافِقُهُ أَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: 16سَأَرْجعُ بَعْدَ هذَا وَأَبْنِي أَيْضًا خَيْمَةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ، وَأَبْنِي أَيْضًا رَدْمَهَا وَأُقِيمُهَا ثَانِيَةً، 17لِكَيْ يَطْلُبَ الْبَاقُونَ مِنَ النَّاسِ الرَّبَّ، وَجَمِيعُ الأُمَمِ الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ الصَّانِعُ هذَا كُلَّهُ. 18مَعْلُومَةٌ عِنْدَ الرَّبِّ مُنْذُ الأَزَلِ جَمِيعُ أَعْمَالِهِ. 19لِذلِكَ أَنَا أَرَى أَنْ لاَ يُثَقَّلَ عَلَى الرَّاجِعِينَ إِلَى اللهِ مِنَ الأُمَمِ، 20بَلْ يُرْسَلْ إِلَيْهِمْ أَنْ يَمْتَنِعُوا عَنْ نَجَاسَاتِ الأَصْنَامِ، وَالزِّنَا، وَالْمَخْنُوقِ، وَالدَّمِ. 21لأَنَّ مُوسَى مُنْذُ أَجْيَال قَدِيمَةٍ، لَهُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ مَنْ يَكْرِزُ بِهِ، إِذْ يُقْرَأُ فِي الْمَجَامِعِ كُلَّ سَبْتٍ».

22حِينَئِذٍ رَأَى الرُّسُلُ وَالْمَشَايِخُ مَعَ كُلِّ الْكَنِيسَةِ أَنْ يَخْتَارُوا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ، فَيُرْسِلُوهُمَا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ مَعَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا: يَهُوذَا الْمُلَقَّبَ بَرْسَابَا، وَسِيلاَ، رَجُلَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الإِخْوَةِ. 23وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ هكَذَا: «اَلرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ وَالإِخْوَةُ يُهْدُونَ سَلاَمًا إِلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مِنَ الأُمَمِ فِي أَنْطَاكِيَةَ وَسُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ: 24إِذْ قَدْ سَمِعْنَا أَنَّ أُنَاسًا خَارِجِينَ مِنْ عِنْدِنَا أَزْعَجُوكُمْ بِأَقْوَال، مُقَلِّبِينَ أَنْفُسَكُمْ، وَقَائِلِينَ أَنْ تَخْتَتِنُوا وَتَحْفَظُوا النَّامُوسَ، الَّذِينَ نَحْنُ لَمْ نَأْمُرْهُمْ. 25رَأَيْنَا وَقَدْ صِرْنَا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ أَنْ نَخْتَارَ رَجُلَيْنِ وَنُرْسِلَهُمَا إِلَيْكُمْ مَعَ حَبِيبَيْنَا بَرْنَابَا وَبُولُسَ، 26رَجُلَيْنِ قَدْ بَذَلاَ نَفْسَيْهِمَا لأَجْلِ اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 27فَقَدْ أَرْسَلْنَا يَهُوذَا وَسِيلاَ، وَهُمَا يُخْبِرَانِكُمْ بِنَفْسِ الأُمُورِ شِفَاهًا. 28لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلاً أَكْثَرَ، غَيْرَ هذِهِ الأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ: 29أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا، الَّتِي إِنْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْهَا فَنِعِمَّا تَفْعَلُونَ. كُونُوا مُعَافَيْنَ».

30فَهؤُلاَءِ لَمَّا أُطْلِقُوا جَاءُوا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، وَجَمَعُوا الْجُمْهُورَ وَدَفَعُوا الرِّسَالَةَ. 31فَلَمَّا قَرَأُوهَا فَرِحُوا لِسَبَبِ التَّعْزِيَةِ. 32وَيَهُوذَا وَسِيلاَ، إِذْ كَانَا هُمَا أَيْضًا نَبِيَّيْنِ، وَعَظَا الإِخْوَةَ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ وَشَدَّدَاهُمْ. 33ثُمَّ بَعْدَ مَا صَرَفَا زَمَانًا أُطْلِقَا بِسَلاَمٍ مِنَ الإِخْوَةِ إِلَى الرُّسُلِ. 34وَلكِنَّ سِيلاَ رَأَى أَنْ يَلْبَثَ هُنَاكَ. 35أَمَّا بُولُسُ وَبَرْنَابَا فَأَقَامَا فِي أَنْطَاكِيَةَ يُعَلِّمَانِ وَيُبَشِّرَانِ مَعَ آخَرِينَ كَثِيرِينَ أَيْضًا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ.

36ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ قَالَ بُولُسُ لِبَرْنَابَا: «لِنَرْجِعْ وَنَفْتَقِدْ إِخْوَتَنَا فِي كُلِّ مَدِينَةٍ نَادَيْنَا فِيهَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ، كَيْفَ هُمْ». 37فَأَشَارَ بَرْنَابَا أَنْ يَأْخُذَا مَعَهُمَا أَيْضًا يُوحَنَّا الَّذِي يُدْعَى مَرْقُسَ، 38وَأَمَّا بُولُسُ فَكَانَ يَسْتَحْسِنُ أَنَّ الَّذِي فَارَقَهُمَا مِنْ بَمْفِيلِيَّةَ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمَا لِلْعَمَلِ، لاَ يَأْخُذَانِهِ مَعَهُمَا. 39فَحَصَلَ بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةٌ حَتَّى فَارَقَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. وَبَرْنَابَا أَخَذَ مَرْقُسَ وَسَافَرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ. 40وَأَمَّا بُولُسُ فَاخْتَارَ سِيلاَ وَخَرَجَ مُسْتَوْدَعًا مِنَ الإِخْوَةِ إِلَى نِعْمَةِ اللهِ. 41فَاجْتَازَ فِي سُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ يُشَدِّدُ الْكَنَائِسَ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

1ثُمَّ وَصَلَ إِلَى دَرْبَةَ وَلِسْتَرَةَ، وَإِذَا تِلْمِيذٌ كَانَ هُنَاكَ اسْمُهُ تِيمُوثَاوُسُ، ابْنُ امْرَأَةٍ يَهُودِيَّةٍ مُؤْمِنَةٍ وَلكِنَّ أَبَاهُ يُونَانِيٌّ، 2وَكَانَ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي لِسْتَرَةَ وَإِيقُونِيَةَ. 3فَأَرَادَ بُولُسُ أَنْ يَخْرُجَ هذَا مَعَهُ، فَأَخَذَهُ وَخَتَنَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي تِلْكَ الأَمَاكِنِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَبَاهُ أَنَّهُ يُونَانِيٌّ. 4وَإِذْ كَانُوا يَجْتَازُونَ فِي الْمُدُنِ كَانُوا يُسَلِّمُونَهُمُ الْقَضَايَا الَّتِي حَكَمَ بِهَا الرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ لِيَحْفَظُوهَا.

5فَكَانَتِ الْكَنَائِسُ تَتَشَدَّدُ فِي الإِيمَانِ وَتَزْدَادُ فِي الْعَدَدِ كُلَّ يَوْمٍ. 6وَبَعْدَ مَا اجْتَازُوا فِي فِرِيجِيَّةَ وَكُورَةِ غَلاَطِيَّةَ، مَنَعَهُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْكَلِمَةِ فِي أَسِيَّا. 7فَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مِيسِيَّا حَاوَلُوا أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى بِثِينِيَّةَ، فَلَمْ يَدَعْهُمُ الرُّوحُ. 8فَمَرُّوا عَلَى مِيسِيَّا وَانْحَدَرُوا إِلَى تَرُوَاسَ. 9وَظَهَرَتْ لِبُولُسَ رُؤْيَا فِي اللَّيْلِ: رَجُلٌ مَكِدُونِيٌّ قَائِمٌ يَطْلُبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: «اعْبُرْ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ وَأَعِنَّا!». 10فَلَمَّا رَأَى الرُّؤْيَا لِلْوَقْتِ طَلَبْنَا أَنْ نَخْرُجَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ، مُتَحَقِّقِينَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَانَا لِنُبَشِّرَهُمْ.

11فَأَقْلَعْنَا مِنْ تَرُوَاسَ وَتَوَجَّهْنَا بِالاسْتِقَامَةِ إِلَى سَامُوثْرَاكِي، وَفِي الْغَدِ إِلَى نِيَابُولِيسَ. 12وَمِنْ هُنَاكَ إِلَى فِيلِبِّي، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ مَدِينَةٍ مِنْ مُقَاطَعَةِ مَكِدُونِيَّةَ، وَهِيَ كُولُونِيَّةُ. فَأَقَمْنَا فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ أَيَّامًا. 13وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ خَرَجْنَا إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ نَهْرٍ، حَيْثُ جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ تَكُونَ صَلاَةٌ، فَجَلَسْنَا وَكُنَّا نُكَلِّمُ النِّسَاءَ اللَّوَاتِي اجْتَمَعْنَ. 14فَكَانَتْ تَسْمَعُ امْرَأَةٌ اسْمُهَا لِيدِيَّةُ، بَيَّاعَةُ أُرْجُوَانٍ مِنْ مَدِينَةِ ثَيَاتِيرَا، مُتَعَبِّدَةٌ للهِ، فَفَتَحَ الرَّبُّ قَلْبَهَا لِتُصْغِيَ إِلَى مَا كَانَ يَقُولُهُ بُولُسُ. 15فَلَمَّا اعْتَمَدَتْ هِيَ وَأَهْلُ بَيْتِهَا طَلَبَتْ قَائِلَةً: «إِنْ كُنْتُمْ قَدْ حَكَمْتُمْ أَنِّي مُؤْمِنَةٌ بِالرَّبِّ، فَادْخُلُوا بَيْتِي وَامْكُثُوا». فَأَلْزَمَتْنَا.

16وَحَدَثَ بَيْنَمَا كُنَّا ذَاهِبِينَ إِلَى الصَّلاَةِ، أَنَّ جَارِيَةً بِهَا رُوحُ عِرَافَةٍ اسْتَقْبَلَتْنَا. وَكَانَتْ تُكْسِبُ مَوَالِيَهَا مَكْسَبًا كَثِيرًا بِعِرَافَتِهَا. 17هذِهِ اتَّبَعَتْ بُولُسَ وَإِيَّانَا وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «هؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ، الَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ الْخَلاَصِ». 18وَكَانَتْ تَفْعَلُ هذَا أَيَّامًا كَثِيرَةً. فَضَجِرَ بُولُسُ وَالْتَفَتَ إِلَى الرُّوحِ وَقَالَ: «أَنَا آمُرُكَ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا!». فَخَرَجَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.

19فَلَمَّا رَأَى مَوَالِيهَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ رَجَاءُ مَكْسَبِهِمْ، أَمْسَكُوا بُولُسَ وَسِيلاَ وَجَرُّوهُمَا إِلَى السُّوقِ إِلَى الْحُكَّامِ. 20وَإِذْ أَتَوْا بِهِمَا إِلَى الْوُلاَةِ، قَالُوا: «هذَانِ الرَّجُلاَنِ يُبَلْبِلاَنِ مَدِينَتَنَا، وَهُمَا يَهُودِيَّانِ، 21وَيُنَادِيَانِ بِعَوَائِدَ لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْبَلَهَا وَلاَ نَعْمَلَ بِهَا، إِذْ نَحْنُ رُومَانِيُّونَ». 22فَقَامَ الْجَمْعُ مَعًا عَلَيْهِمَا، وَمَزَّقَ الْوُلاَةُ ثِيَابَهُمَا وَأَمَرُوا أَنْ يُضْرَبَا بِالْعِصِيِّ. 23فَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا ضَرَبَاتٍ كَثِيرَةً وَأَلْقُوهُمَا فِي السِّجْنِ، وَأَوْصَوْا حَافِظَ السِّجْنِ أَنْ يَحْرُسَهُمَا بِضَبْطٍ. 24وَهُوَ إِذْ أَخَذَ وَصِيَّةً مِثْلَ هذِهِ، أَلْقَاهُمَا فِي السِّجْنِ الدَّاخِلِيِّ، وَضَبَطَ أَرْجُلَهُمَا فِي الْمِقْطَرَةِ.

25وَنَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ كَانَ بُولُسُ وَسِيلاَ يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ اللهَ، وَالْمَسْجُونُونَ يَسْمَعُونَهُمَا. 26فَحَدَثَ بَغْتَةً زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَتَّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ السِّجْنِ، فَانْفَتَحَتْ فِي الْحَالِ الأَبْوَابُ كُلُّهَا، وَانْفَكَّتْ قُيُودُ الْجَمِيعِ. 27وَلَمَّا اسْتَيْقَظَ حَافِظُ السِّجْنِ، وَرَأَى أَبْوَابَ السِّجْنِ مَفْتُوحَةً، اسْتَلَّ سَيْفَهُ وَكَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، ظَانًّا أَنَّ الْمَسْجُونِينَ قَدْ هَرَبُوا. 28فَنَادَى بُولُسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «لاَ تَفْعَلْ بِنَفْسِكَ شَيْئًا رَدِيًّا! لأَنَّ جَمِيعَنَا ههُنَا!». 29فَطَلَبَ ضَوْءًا وَانْدَفَعَ إِلَى دَاخِل، وَخَرَّ لِبُولُسَ وَسِيلاَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ، 30ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ، مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» 31فَقَالاَ: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ». 32وَكَلَّمَاهُ وَجَمِيعَ مَنْ فِي بَيْتِهِ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ. 33فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ، وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ. 34وَلَمَّا أَصْعَدَهُمَا إِلَى بَيْتِهِ قَدَّمَ لَهُمَا مَائِدَةً، وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللهِ.

35وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ أَرْسَلَ الْوُلاَةُ الْجَّلاَدِينَ قَائِلِينَ: «أَطْلِقْ ذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ». 36فَأَخْبَرَ حَافِظُ السِّجْنِ بُولُسَ بِهذا الكَلاَّمِ أَنَّ الْوُلاَةَ قَدْ أَرْسَلُوا أَنْ تُطْلَقَا، فَاخْرُجَا الآنَ وَاذْهَبَا بِسَلاَمٍ. 37فَقَالَ لَهُمْ بُولُسُ: «ضَرَبُونَا جَهْرًا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ رَجُلاَنِ رُومَانِيَّانِ، وَأَلْقَوْنَا فِي السِّجْنِ. أَفَالآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟ كَلاَّ! بَلْ لِيَأْتُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ وَيُخْرِجُونَا». 38فَأَخْبَرَ الْجَّلاَدُونَ الْوُلاَةَ بِهذَا الْكَلاَمِ، فَاخْتَشَوْا لَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُمَا رُومَانِيَّانِ. 39فَجَاءُوا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِمَا وَأَخْرَجُوهُمَا، وَسَأَلُوهُمَا أَنْ يَخْرُجَا مِنَ الْمَدِينَةِ. 40فَخَرَجَا مِنَ السِّجْنِ وَدَخَلاَ عِنْدَ لِيدِيَّةَ، فَأَبْصَرَا الإِخْوَةَ وَعَزَّيَاهُمْ ثُمَّ خَرَجَا.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ السَّابعُ عَشَرَ

 

1فَاجْتَازَا فِي أَمْفِيبُولِيسَ وَأَبُولُونِيَّةَ، وَأَتَيَا إِلَى تَسَالُونِيكِي، حَيْثُ كَانَ مَجْمَعُ الْيَهُودِ. 2فَدَخَلَ بُولُسُ إِلَيْهِمْ حَسَبَ عَادَتِهِ، وَكَانَ يُحَاجُّهُمْ ثَلاَثَةَ سُبُوتٍ مِنَ الْكُتُبِ، 3مُوَضِّحًا وَمُبَيِّنًا أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَنَّ: هذَا هُوَ الْمَسِيحُ يَسُوعُ الَّذِي أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ. 4فَاقْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ وَانْحَازُوا إِلَى بُولُسَ وَسِيلاَ، وَمِنَ الْيُونَانِيِّينَ الْمُتَعَبِّدِينَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل. 5فَغَارَ الْيَهُودُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَاتَّخَذُوا رِجَالاً أَشْرَارًا مِنْ أَهْلِ السُّوقِ، وَتَجَمَّعُوا وَسَجَّسُوا الْمَدِينَةَ، وَقَامُوا عَلَى بَيْتِ يَاسُونَ طَالِبِينَ أَنْ يُحْضِرُوهُمَا إِلَى الشَّعْبِ. 6وَلَمَّا لَمْ يَجِدُوهُمَا، جَرُّوا يَاسُونَ وَأُنَاسًا مِنَ الإِخْوَةِ إِلَى حُكَّامِ الْمَدِينَةِ صَارِخِينَ: «إِنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمَسْكُونَةَ حَضَرُوا إِلَى ههُنَا أَيْضًا. 7وَقَدْ قَبِلَهُمْ يَاسُونُ. وَهؤُلاَءِ كُلُّهُمْ يَعْمَلُونَ ضِدَّ أَحْكَامِ قَيْصَرَ قَائِلِينَ: إِنَّهُ يُوجَدُ مَلِكٌ آخَرُ: يَسُوعُ!» 8فَأَزْعَجُوا الْجَمْعَ وَحُكَّامَ الْمَدِينَةِ إِذْ سَمِعُوا هذَا. 9فَأَخَذُوا كَفَالَةً مِنْ يَاسُونَ وَمِنَ الْبَاقِينَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ.

10وَأَمَّا الإِخْوَةُ فَلِلْوَقْتِ أَرْسَلُوا بُولُسَ وَسِيلاَ لَيْلاً إِلَى بِيرِيَّةَ. وَهُمَا لَمَّا وَصَلاَ مَضَيَا إِلَى مَجْمَعِ الْيَهُودِ. 11وَكَانَ هؤُلاَءِ أَشْرَفَ مِنَ الَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي، فَقَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا؟ 12فَآمَنَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْيُونَانِيَّاتِ الشَّرِيفَاتِ، وَمِنَ الرِّجَالِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل.

13فَلَمَّا عَلِمَ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ تَسَالُونِيكِي أَنَّهُ فِي بِيرِيَّةَ أَيْضًا نَادَى بُولُسُ بِكَلِمَةِ اللهِ، جَاءُوا يُهَيِّجُونَ الْجُمُوعَ هُنَاكَ أَيْضًا. 14فَحِينَئِذٍ أَرْسَلَ الإِخْوَةُ بُولُسَ لِلْوَقْتِ لِيَذْهَبَ كَمَا إِلَى الْبَحْرِ، وَأَمَّا سِيلاَ وَتِيمُوثَاوُسُ فَبَقِيَا هُنَاكَ. 15وَالَّذِينَ صَاحَبُوا بُولُسَ جَاءُوا بِهِ إِلَى أَثِينَا. وَلَمَّا أَخَذُوا وَصِيَّةً إِلَى سِيلاَ وَتِيمُوثَاوُسَ أَنْ يَأْتِيَا إِلَيْهِ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُ، مَضَوْا.

16وَبَيْنَمَا بُولُسُ يَنْتَظِرُهُمَا فِي أَثِينَا احْتَدَّتْ رُوحُهُ فِيهِ، إِذْ رَأَى الْمَدِينَةَ مَمْلُؤَةً أَصْنَامًا. 17فَكَانَ يُكَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ الْيَهُودَ الْمُتَعَبِّدِينَ، وَالَّذِينَ يُصَادِفُونَهُ فِي السُّوقِ كُلَّ يَوْمٍ. 18فَقَابَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْفَلاَسِفَةِ الأَبِيكُورِيِّينَ وَالرِّوَاقِيِّينَ، وَقَالَ بَعْضٌ: «تُرَى مَاذَا يُرِيدُ هذَا الْمِهْذَارُ أَنْ يَقُولَ؟» وَبَعْضٌ: «إِنَّهُ يَظْهَرُ مُنَادِيًا بِآلِهَةٍ غَرِيبَةٍ». لأَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُهُمْ بِيَسُوعَ وَالْقِيَامَةِ. 19فَأَخَذُوهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى أَرِيُوسَ بَاغُوسَ، قَائِلِينَ: «هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ الَّذِي تَتَكَلَّمُ بِهِ. 20لأَنَّكَ تَأْتِي إِلَى مَسَامِعِنَا بِأُمُورٍ غَرِيبَةٍ، فَنُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ». 21أَمَّا الأَثِينِوِيُّونَ أَجْمَعُونَ وَالْغُرَبَاءُ الْمُسْتَوْطِنُونَ، فَلاَ يَتَفَرَّغُونَ لِشَيْءٍ آخَرَ، إِلاَّ لأَنْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَسْمَعُوا شَيْئًا حَديثًا.

22فَوَقَفَ بُولُسُ فِي وَسْطِ أَرِيُوسَ بَاغُوسَ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَثِينِوِيُّونَ! أَرَاكُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَنَّكُمْ مُتَدَيِّنُونَ كَثِيرًا، 23لأَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ، وَجَدْتُ أَيْضًا مَذْبَحًا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ: «لإِلهٍ مَجْهُول». فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ، هذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ. 24الإِلهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ، هذَا، إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي، 25وَلاَ يُخْدَمُ بِأَيَادِي النَّاسِ كَأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى شَيْءٍ، إِذْ هُوَ يُعْطِي الْجَمِيعَ حَيَاةً وَنَفْسًا وَكُلَّ شَيْءٍ. 26وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ، 27لِكَيْ يَطْلُبُوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا. 28لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ. كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضًا: لأَنَّنَا أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ. 29فَإِذْ نَحْنُ ذُرِّيَّةُ اللهِ، لاَ يَنْبَغِي أَنْ نَظُنَّ أَنَّ اللاَّهُوتَ شَبِيهٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَجَرِ نَقْشِ صِنَاعَةِ وَاخْتِرَاعِ إِنْسَانٍ. 30فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ. 31لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ، بِرَجُل قَدْ عَيَّنَهُ، مُقَدِّمًا لِلْجَمِيعِ إِيمَانًا إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ».

32وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ، وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هذَا أَيْضًا!». 33وَهكَذَا خَرَجَ بُولُسُ مِنْ وَسْطِهِمْ. 34وَلكِنَّ أُنَاسًا الْتَصَقُوا بِهِ وَآمَنُوا، مِنْهُمْ دِيُونِيسِيُوسُ الأَرِيُوبَاغِيُّ، وَامْرَأَةٌ اسْمُهَا دَامَرِسُ وَآخَرُونَ مَعَهُمَا.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ

 

1وَبَعْدَ هذَا مَضَى بُولُسُ مِنْ أَثِينَا وَجَاءَ إِلَى كُورِنْثُوسَ، 2فَوَجَدَ يَهُودِيًّا اسْمُهُ أَكِيلاَ، بُنْطِيَّ الْجِنْسِ، كَانَ قَدْ جَاءَ حَدِيثًا مِنْ إِيطَالِيَة، وَبِرِيسْكِلاَّ امْرَأَتَهُ، لأَنَّ كُلُودِيُوسَ كَانَ قَدْ أَمَرَ أَنْ يَمْضِيَ جَمِيعُ الْيَهُودِ مِنْ رُومِيَةَ، فَجَاءَ إِلَيْهِمَا. 3وَلِكَوْنِهِ مِنْ صِنَاعَتِهِمَا أَقَامَ عِنْدَهُمَا وَكَانَ يَعْمَلُ، لأَنَّهُمَا كَانَا فِي صِنَاعَتِهِمَا خِيَامِيَّيْنِ. 4وَكَانَ يُحَاجُّ فِي الْمَجْمَعِ كُلَّ سَبْتٍ وَيُقْنِعُ يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ. 5وَلَمَّا انْحَدَرَ سِيلاَ وَتِيمُوثَاوُسُ مِنْ مَكِدُونِيَّةَ، كَانَ بُولُسُ مُنْحَصِرًا بِالرُّوحِ وَهُوَ يَشْهَدُ لِلْيَهُودِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. 6وَإِذْ كَانُوا يُقَاوِمُونَ وَيُجَدِّفُونَ نَفَضَ ثِيَابَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «دَمُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ! أَنَا بَرِيءٌ. مِنَ الآنَ أَذْهَبُ إِلَى الأُمَمِ». 7فَانْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ رَجُل اسْمُهُ يُوسْتُسُ، كَانَ مُتَعَبِّدًا للهِ، وَكَانَ بَيْتُهُ مُلاَصِقًا لِلْمَجْمَعِ. 8وَكِرِيسْبُسُ رَئِيسُ الْمَجْمَعِ آمَنَ بِالرَّبِّ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، وَكَثِيرُونَ مِنَ الْكُورِنْثِيِّينَ إِذْ سَمِعُوا آمَنُوا وَاعْتَمَدُوا.

9فَقَالَ الرَّبُّ لِبُولُسَ بِرُؤْيَا فِي اللَّيْلِ: «لاَ تَخَفْ، بَلْ تَكَلَّمْ وَلاَ تَسْكُتْ، 10لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، وَلاَ يَقَعُ بِكَ أَحَدٌ لِيُؤْذِيَكَ، لأَنَّ لِي شَعْبًا كَثِيرًا فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ». 11فَأَقَامَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ يُعَلِّمُ بَيْنَهُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ.

12وَلَمَّا كَانَ غَالِيُونُ يَتَوَلَّى أَخَائِيَةَ، قَامَ الْيَهُودُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى بُولُسَ، وَأَتَوْا بِهِ إِلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ 13قَائِلِينَ: «إِنَّ هذَا يَسْتَمِيلُ النَّاسَ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ بِخِلاَفِ النَّامُوسِ». 14وَإِذْ كَانَ بُولُسُ مُزْمِعًا أَنْ يَفْتَحَ فَاهُ قَالَ غَالِيُونُ لِلْيَهُودِ: «لَوْ كَانَ ظُلْمًا أَوْ خُبْثًا رَدِيًّا أَيُّهَا الْيَهُودُ، لَكُنْتُ بِالْحَقِّ قَدِ احْتَمَلْتُكُمْ. 15وَلكِنْ إِذَا كَانَ مَسْأَلَةً عَنْ كَلِمَةٍ، وَأَسْمَاءٍ، وَنَامُوسِكُمْ، فَتُبْصِرُونَ أَنْتُمْ. لأَنِّي لَسْتُ أَشَاءُ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا لِهذِهِ الأُمُورِ». 16فَطَرَدَهُمْ مِنَ الْكُرْسِيِّ. 17فَأَخَذَ جَمِيعُ الْيُونَانِيِّينَ سُوسْتَانِيسَ رَئِيسَ الْمَجْمَعِ، وَضَرَبُوهُ قُدَّامَ الْكُرْسِيِّ، وَلَمْ يَهُمَّ غَالِيُونَ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ.

18وَأَمَّا بُولُسُ فَلَبِثَ أَيْضًا أَيَّامًا كَثِيرَةً، ثُمَّ وَدَّعَ الإِخْوَةَ وَسَافَرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى سُورِيَّةَ، وَمَعَهُ بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ، بَعْدَمَا حَلَقَ رَأْسَهُ فِي كَنْخَرِيَا لأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ. 19فَأَقْبَلَ إِلَى أَفَسُسَ وَتَرَكَهُمَا هُنَاكَ. وَأَمَّا هُوَ فَدَخَلَ الْمَجْمَعَ وَحَاجَّ الْيَهُودَ. 20وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ زَمَانًا أَطْوَلَ لَمْ يُجِبْ. 21بَلْ وَدَّعَهُمْ قَائِلاً: «يَنْبَغِي عَلَى كُلِّ حَال أَنْ أَعْمَلَ الْعِيدَ الْقَادِمَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَلكِنْ سَأَرْجِعُ إِلَيْكُمْ أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللهُ». فَأَقْلَعَ مِنْ أَفَسُسَ. 22وَلَمَّا نَزَلَ فِي قَيْصَرِيَّةَ صَعِدَ وَسَلَّمَ عَلَى الْكَنِيسَةِ، ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. 23وَبَعْدَمَا صَرَفَ زَمَانًا خَرَجَ وَاجْتَازَ بِالتَّتَابُعِ فِي كُورَةِ غَلاَطِيَّةَ وَفِرِيجِيَّةَ يُشَدِّدُ جَمِيعَ التَّلاَمِيذِ.

24ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى أَفَسُسَ يَهُودِيٌّ اسْمُهُ أَبُلُّوسُ، إِسْكَنْدَرِيُّ الْجِنْسِ، رَجُلٌ فَصِيحٌ مُقْتَدِرٌ فِي الْكُتُبِ. 25كَانَ هذَا خَبِيرًا فِي طَرِيقِ الرَّبِّ. وَكَانَ وَهُوَ حَارٌّ بِالرُّوحِ يَتَكَلَّمُ وَيُعَلِّمُ بِتَدْقِيق مَا يَخْتَصُّ بِالرَّبِّ. عَارِفًا مَعْمُودِيَّةَ يُوحَنَّا فَقَطْ. 26وَابْتَدَأَ هذَا يُجَاهِرُ فِي الْمَجْمَعِ. فَلَمَّا سَمِعَهُ أَكِيلاَ وَبِرِيسْكِّلاَ أَخَذَاهُ إِلَيْهِمَا، وَشَرَحَا لَهُ طَرِيقَ الرَّبِّ بِأَكْثَرِ تَدْقِيق. 27وَإِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَجْتَازَ إِلَى أَخَائِيَةَ، كَتَبَ الإِخْوَةُ إِلَى التَّلاَمِيذِ يَحُضُّونَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوهُ. فَلَمَّا جَاءَ سَاعَدَ كَثِيرًا بِالنِّعْمَةِ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ آمَنُوا، 28لأَنَّهُ كَانَ بِاشْتِدَادٍ يُفْحِمُ الْيَهُودَ جَهْرًا، مُبَيِّنًا بِالْكُتُبِ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ

 

1فَحَدَثَ فِيمَا كَانَ أَبُلُّوسُ فِي كُورِنْثُوسَ، أَنَّ بُولُسَ بَعْدَ مَا اجْتَازَ فِي النَّوَاحِي الْعَالِيَةِ جَاءَ إِلَى أَفَسُسَ. فَإِذْ وَجَدَ تَلاَمِيذَ 2قَالَ لَهُمْ: «هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟» قَالُوا لَهُ: «وَلاَ سَمِعْنَا أَنَّهُ يُوجَدُ الرُّوحُ الْقُدُسُ». 3فَقَالَ لَهُمْ: «فَبِمَاذَا اعْتَمَدْتُمْ؟» فَقَالُوا: «بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا». 4فَقَالَ بُولُسُ: «إِنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ، قَائِلاً لِلشَّعْبِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ، أَيْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ». 5فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 6وَلَمَّا وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ، فَطَفِقُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ وَيَتَنَبَّأُونَ. 7وَكَانَ جَمِيعُ الرِّجَالِ نَحْوَ اثْنَيْ عَشَرَ.

8ثُمَّ دَخَلَ الْمَجْمَعَ، وَكَانَ يُجَاهِرُ مُدَّةَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ مُحَاجًّا وَمُقْنِعًا فِي مَا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ اللهِ. 9وَلَمَّا كَانَ قَوْمٌ يَتَقَسَّوْنَ وَلاَ يَقْنَعُونَ، شَاتِمِينَ الطَّرِيقَ أَمَامَ الْجُمْهُورِ، اعْتَزَلَ عَنْهُمْ وَأَفْرَزَ التَّلاَمِيذَ، مُحَاجًّا كُلَّ يَوْمٍ فِي مَدْرَسَةِ إِنْسَانٍ اسْمُهُ تِيرَانُّسُ. 10وَكَانَ ذلِكَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ، حَتَّى سَمِعَ كَلِمَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ فِي أَسِيَّا، مِنْ يَهُودٍ وَيُونَانِيِّينَ. 11وَكَانَ اللهُ يَصْنَعُ عَلَى يَدَيْ بُولُسَ قُوَّاتٍ غَيْرَ الْمُعْتَادَةِ، 12حَتَّى كَانَ يُؤْتَى عَنْ جَسَدِهِ بِمَنَادِيلَ أَوْ مَآزِرَ إِلَى الْمَرْضَى، فَتَزُولُ عَنْهُمُ الأَمْرَاضُ، وَتَخْرُجُ الأَرْوَاحُ الشِّرِّيرَةُ مِنْهُمْ.

13فَشَرَعَ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ الطَّوَّافِينَ الْمُعَزِّمِينَ أَنْ يُسَمُّوا عَلَى الَّذِينَ بِهِمِ الأَرْوَاحُ الشِّرِّيرَةُ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، قَائِلِينَ: «نُقْسِمُ عَلَيْكَ بِيَسُوعَ الَّذِي يَكْرِزُ بِهِ بُولُسُ!» 14وَكَانَ سَبْعَةُ بَنِينَ لِسَكَاوَا، رَجُل يَهُودِيٍّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ، الَّذِينَ فَعَلُوا هذَا. 15فَأَجَابَ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ وَقَالَ: «أَمَّا يَسُوعُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ، وَبُولُسُ أَنَا أَعْلَمُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَمَنْ أَنْتُمْ؟» 16فَوَثَبَ عَلَيْهِمُ الإِنْسَانُ الَّذِي كَانَ فِيهِ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ، وَغَلَبَهُمْ وَقَوِيَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى هَرَبُوا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ عُرَاةً وَمُجَرَّحِينَ. 17وَصَارَ هذَا مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِ الْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي أَفَسُسَ. فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَكَانَ اسْمُ الرَّبِّ يَسُوعَ يَتَعَظَّمُ. 18وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَأْتُونَ مُقِرِّينَ وَمُخْبِرِينَ بِأَفْعَالِهِمْ، 19وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ السِّحْرَ يَجْمَعُونَ الْكُتُبَ وَيُحَرِّقُونَهَا أَمَامَ الْجَمِيعِ. وَحَسَبُوا أَثْمَانَهَا فَوَجَدُوهَا خَمْسِينَ أَلْفًا مِنَ الْفِضَّةِ. 20هكَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ تَنْمُو وَتَقْوَى بِشِدَّةٍ.

21وَلَمَّا كَمِلَتْ هذِهِ الأُمُورُ، وَضَعَ بُولُسُ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ بَعْدَمَا يَجْتَازُ فِي مَكِدُونِيَّةَ وَأَخَائِيَةَ يَذْهَبُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، قَائِلاً: «إِنِّي بَعْدَ مَا أَصِيرُ هُنَاكَ يَنْبَغِي أَنْ أَرَى رُومِيَةَ أَيْضًا». 22فَأَرْسَلَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ اثْنَيْنِ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يَخْدِمُونَهُ: تِيمُوثَاوُسَ وَأَرَسْطُوسَ، وَلَبِثَ هُوَ زَمَانًا فِي أَسِيَّا. 23وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ شَغَبٌ لَيْسَ بِقَلِيل بِسَبَبِ هذَا الطَّرِيقِ، 24لأَنَّ إِنْسَانًا اسْمُهُ دِيمِتْرِيُوسُ، صَائِغٌ صَانِعُ هَيَاكِلِ فِضَّةٍ لأَرْطَامِيسَ، كَانَ يُكَسِّبُ الصُّنَّاعَ مَكْسَبًا لَيْسَ بِقَلِيل. 25فَجَمَعَهُمْ وَالْفَعَلَةَ فِي مِثْلِ ذلِكَ الْعَمَلِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ سِعَتَنَا إِنَّمَا هِيَ مِنْ هذِهِ الصِّنَاعَةِ. 26وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَتَسْمَعُونَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفَسُسَ فَقَطْ، بَلْ مِنْ جَمِيعِ أَسِيَّا تَقْرِيبًا، اسْتَمَالَ وَأَزَاغَ بُولُسُ هذَا جَمْعًا كَثِيرًا قَائِلاً: إِنَّ الَّتِي تُصْنَعُ بِالأَيَادِي لَيْسَتْ آلِهَةً. 27فَلَيْسَ نَصِيبُنَا هذَا وَحْدَهُ فِي خَطَرٍ مِنْ أَنْ يَحْصُلَ فِي إِهَانَةٍ، بَلْ أَيْضًا هَيْكَلُ أَرْطَامِيسَ، الإِلهَةِ الْعَظِيمَةِ، أَنْ يُحْسَبَ لاَ شَيْءَ، وَأَنْ سَوْفَ تُهْدَمُ عَظَمَتُهَا، هِيَ الَّتِي يَعْبُدُهَا جَمِيعُ أَسِيَّا وَالْمَسْكُونَةِ». 28فَلَمَّا سَمِعُوا امْتَلأُوا غَضَبًا، وَطَفِقُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ الأَفَسُسِيِّينَ!». 29فَامْتَلأَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا اضْطِرَابًا، وَانْدَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى الْمَشْهَدِ خَاطِفِينَ مَعَهُمْ غَايُوسَ وَأَرِسْتَرْخُسَ الْمَكِدُونِيَّيْنِ، رَفِيقَيْ بُولُسَ فِي السَّفَرِ.

30وَلَمَّا كَانَ بُولُسُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّعْبِ، لَمْ يَدَعْهُ التَّلاَمِيذُ. 31وَأُنَاسٌ مِنْ وُجُوهِ أَسِيَّا، كَانُوا أَصْدِقَاءَهُ، أَرْسَلُوا يَطْلُبُونَ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ إِلَى الْمَشْهَدِ. 32وَكَانَ الْبَعْضُ يَصْرُخُونَ بِشَيْءٍ وَالْبَعْضُ بِشَيْءٍ آخَرَ، لأَنَّ الْمَحْفِلَ كَانَ مُضْطَرِبًا، وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَدْرُونَ لأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا قَدِ اجْتَمَعُوا! 33فَاجْتَذَبُوا إِسْكَنْدَرَ مِنَ الْجَمْعِ، وَكَانَ الْيَهُودُ يَدْفَعُونَهُ. فَأَشَارَ إِسْكَنْدَرُ بِيَدِهِ يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجَّ لِلشَّعْبِ. 34فَلَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ يَهُودِيٌّ، صَارَ صَوْتٌ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمِيعِ صَارِخِينَ نَحْوَ مُدَّةِ سَاعَتَيْنِ: «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ الأَفَسُسِيِّينَ!».

35ثُمَّ سَكَّنَ الْكَاتِبُ الْجَمْعَ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَفَسُسِيُّونَ، مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ أَنَّ مَدِينَةَ الأَفَسُسِيِّينَ مُتَعَبِّدَةٌ لأَرْطَامِيسَ الإِلهَةِ الْعَظِيمَةِ وَالتِّمْثَالِ الَّذِي هَبَطَ مِنْ زَفْسَ؟

 

36فَإِذْ كَانَتْ هذِهِ الأَشْيَاءُ لاَ تُقَاوَمُ، يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا هَادِئِينَ وَلاَ تَفْعَلُوا شَيْئًا اقْتِحَامًا. 37لأَنَّكُمْ أَتَيْتُمْ بِهذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَهُمَا لَيْسَا سَارِقَيْ هَيَاكِلَ، وَلاَ مُجَدِّفَيْنِ عَلَى إِلهَتِكُمْ. 38فَإِنْ كَانَ دِيمِتْرِيُوسُ وَالصُّنَّاعُ الَّذِينَ مَعَهُ لَهُمْ دَعْوَى عَلَى أَحَدٍ، فَإِنَّهُ تُقَامُ أَيَّامٌ لِلْقَضَاءِ، وَيُوجَدُ وُلاَةٌ، فَلْيُرَافِعُوا بَعْضُهُمْ بَعْضًا. 39وَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَ شَيْئًا مِنْ جِهَةِ أُمُورٍ أُخَرَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى فِي مَحْفِل شَرْعِيٍّ. 40لأَنَّنَا فِي خَطَرٍ أَنْ نُحَاكَمَ مِنْ أَجْلِ فِتْنَةِ هذَا الْيَوْمِ. وَلَيْسَ عِلَّةٌ يُمْكِنُنَا مِنْ أَجْلِهَا أَنْ نُقَدِّمَ حِسَابًا عَنْ هذَا التَّجَمُّعِ». 41وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَفَ الْمَحْفِلَ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الْعِشْرُونَ

 

1وَبَعْدَمَا انْتَهَى الشَّغَبُ، دَعَا بُولُسُ التَّلاَمِيذَ وَوَدَّعَهُمْ، وَخَرَجَ لِيَذْهَبَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ. 2وَلَمَّا كَانَ قَدِ اجْتَازَ فِي تِلْكَ النَّوَاحِي وَوَعَظَهُمْ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ، جَاءَ إِلَى هَلاَّسَ، 3فَصَرَفَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ إِذْ حَصَلَتْ مَكِيدَةٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى سُورِيَّةَ، صَارَ رَأْيٌ أَنْ يَرْجعَ عَلَى طَرِيقِ مَكِدُونِيَّةَ. 4فَرَافَقَهُ إِلَى أَسِيَّا سُوبَاتَرُسُ الْبِيرِيُّ، وَمِنْ أَهْلِ تَسَالُونِيكِي: أَرَسْتَرْخُسُ وَسَكُونْدُسُ وَغَايُوسُ الدَّرْبِيُّ وَتِيمُوثَاوُسُ. وَمِنْ أَهْلِ أَسِيَّا: تِيخِيكُسُ وَتُرُوفِيمُسُ. 5هؤُلاَءِ سَبَقُوا وَانْتَظَرُونَا فِي تَرُوَاسَ. 6وَأَمَّا نَحْنُ فَسَافَرْنَا فِي الْبَحْرِ بَعْدَ أَيَّامِ الْفَطِيرِ مِنْ فِيلِبِّي، وَوَافَيْنَاهُمْ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ إِلَى تَرُوَاسَ، حَيْثُ صَرَفْنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ.

7وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزًا، خَاطَبَهُمْ بُولُسُ وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْغَدِ، وَأَطَالَ الْكَلاَمَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. 8وَكَانَتْ مَصَابِيحُ كَثِيرَةٌ فِي الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهَا. 9وَكَانَ شَابٌّ اسْمُهُ أَفْتِيخُوسُ جَالِسًا فِي الطَّاقَةِ مُتَثَقِّلاً بِنَوْمٍ عَمِيق. وَإِذْ كَانَ بُولُسُ يُخَاطِبُ خِطَابًا طَوِيلاً، غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ فَسَقَطَ مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ إِلَى أَسْفَلُ، وَحُمِلَ مَيِّتًا. 10فَنَزَلَ بُولُسُ وَوَقَعَ عَلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ قَائِلاً: «لاَ تَضْطَرِبُوا! لأَنَّ نَفْسَهُ فِيهِ!». 11ثُمَّ صَعِدَ وَكَسَّرَ خُبْزًا وَأَكَلَ وَتَكَلَّمَ كَثِيرًا إِلَى الْفَجْرِ. وَهكَذَا خَرَجَ. 12وَأَتَوْا بِالْفَتَى حَيًّا، وَتَعَزَّوْا تَعْزِيَةً لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ.

13وَأَمَّا نَحْنُ فَسَبَقْنَا إِلَى السَّفِينَةِ وَأَقْلَعْنَا إِلَى أَسُّوسَ، مُزْمِعِينَ أَنْ نَأْخُذَ بُولُسَ مِنْ هُنَاكَ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ رَتَّبَ هكَذَا مُزْمِعًا أَنْ يَمْشِيَ. 14فَلَمَّا وَافَانَا إِلَى أَسُّوسَ أَخَذْنَاهُ وَأَتَيْنَا إِلَى مِيتِيلِينِي. 15ثُمَّ سَافَرْنَا مِنْ هُنَاكَ فِي الْبَحْرِ وَأَقْبَلْنَا فِي الْغَدِ إِلَى مُقَابِلِ خِيُوسَ. وَفِي الْيَوْمِ الآخَرِ وَصَلْنَا إِلَى سَامُوسَ، وَأَقَمْنَا فِي تُرُوجِيلِيُّونَ، ثُمَّ فِي الْيَوْمِ التَّالِي جِئْنَا إِلَى مِيلِيتُسَ، 16لأَنَّ بُولُسَ عَزَمَ أَنْ يَتَجَاوَزَ أَفَسُسَ فِي الْبَحْرِ لِئَلاَّ يَعْرِضَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ وَقْتًا فِي أَسِيَّا، لأَنَّهُ كَانَ يُسْرِعُ حَتَّى إِذَا أَمْكَنَهُ يَكُونُ فِي أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ الْخَمْسِينَ.

17وَمِنْ مِيلِيتُسَ أَرْسَلَ إِلَى أَفَسُسَ وَاسْتَدْعَى قُسُوسَ الْكَنِيسَةِ. 18فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ دَخَلْتُ أَسِيَّا، كَيْفَ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ الزَّمَانِ، 19أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، وَبِتَجَارِبَ أَصَابَتْنِي بِمَكَايِدِ الْيَهُودِ. 20كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ، 21شَاهِدًا لِلْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإِيمَانِ الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 22وَالآنَ هَا أَنَا أَذْهَبُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدًا بِالرُّوحِ، لاَ أَعْلَمُ مَاذَا يُصَادِفُنِي هُنَاكَ. 23غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يَشْهَدُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ قَائِلاً: إِنَّ وُثُقًا وَشَدَائِدَ تَنْتَظِرُنِي. 24وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ. 25وَالآنَ هَا أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ وَجْهِي أَيْضًا، أَنْتُمْ جَمِيعًا الَّذِينَ مَرَرْتُ بَيْنَكُمْ كَارِزًا بِمَلَكُوتِ اللهِ. 26لِذلِكَ أُشْهِدُكُمُ الْيَوْمَ هذَا أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ الْجَمِيعِ، 27لأَنِّي لَمْ أُؤَخِّرْ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِكُلِّ مَشُورَةِ اللهِ. 28اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. 29لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. 30وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ. 31لِذلِكَ اسْهَرُوا، مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي ثَلاَثَ سِنِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا، لَمْ أَفْتُرْ عَنْ أَنْ أُنْذِرَ بِدُمُوعٍ كُلَّ وَاحِدٍ. 32وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ. 33فِضَّةَ أَوْ ذَهَبَ أَوْ لِبَاسَ أَحَدٍ لَمْ أَشْتَهِ. 34أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ. 35فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ». 36وَلَمَّا قَالَ هذَا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَصَلَّى. 37وَكَانَ بُكَاءٌ عَظِيمٌ مِنَ الْجَمِيعِ، وَوَقَعُوا عَلَى عُنُقِ بُولُسَ يُقَبِّلُونَهُ 38مُتَوَجِّعِينَ، وَلاَ سِيَّمَا مِنَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قَالَهَا: إِنَّهُمْ لَنْ يَرَوْا وَجْهَهُ أَيْضًا. ثُمَّ شَيَّعُوهُ إِلَى السَّفِينَةِ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ

 

1وَلَمَّا انْفَصَلْنَا عَنْهُمْ أَقْلَعْنَا وَجِئْنَا مُتَوَجِّهِينَ بِالاسْتِقَامَةِ إِلَى كُوسَ، وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي إِلَى رُودُسَ، وَمِنْ هُنَاكَ إِلَى بَاتَرَا. 2فَإِذْ وَجَدْنَا سَفِينَةً عَابِرَةً إِلَى فِينِيقِيَةَ صَعِدْنَا إِلَيْهَا وَأَقْلَعْنَا. 3ثُمَّ اطَّلَعْنَا عَلَى قُبْرُسَ، وَتَرَكْنَاهَا يَسْرَةً وَسَافَرْنَا إِلَى سُورِيَّةَ، وَأَقْبَلْنَا إِلَى صُورَ، لأَنَّ هُنَاكَ كَانَتِ السَّفِينَةُ تَضَعُ وَسْقَهَا. 4وَإِذْ وَجَدْنَا التَّلاَمِيذَ مَكَثْنَا هُنَاكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكَانُوا يَقُولُونَ لِبُولُسَ بِالرُّوحِ أَنْ لاَ يَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 5وَلكِنْ لَمَّا اسْتَكْمَلْنَا الأَيَّامَ خَرَجْنَا ذَاهِبِينَ، وَهُمْ جَمِيعًا يُشَيِّعُونَنَا، مَعَ النِّسَاءِ وَالأَوْلاَدِ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ. فَجَثَوْنَا عَلَى رُكَبِنَا عَلَى الشَّاطِئِ وَصَلَّيْنَا. 6وَلَمَّا وَدَّعْنَا بَعْضُنَا بَعْضًا صَعِدْنَا إِلَى السَّفِينَةِ. وَأَمَّا هُمْ فَرَجَعُوا إِلَى خَاصَّتِهِمْ.

7وَلَمَّا أَكْمَلْنَا السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْ صُورَ، أَقْبَلْنَا إِلَى بُتُولِمَايِسَ، فَسَلَّمْنَا عَلَى الإِخْوَةِ وَمَكَثْنَا عِنْدَهُمْ يَوْمًا وَاحِدًا. 8ثُمَّ خَرَجْنَا فِي الْغَدِ نَحْنُ رُفَقَاءَ بُولُسَ وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلُبُّسَ الْمُبَشِّرِ، إِذْ كَانَ وَاحِدًا مِنَ السَّبْعَةِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ. 9وَكَانَ لِهذَا أَرْبَعُ بَنَاتٍ عَذَارَى كُنَّ يَتَنَبَّأْنَ. 10وَبَيْنَمَا نَحْنُ مُقِيمُونَ أَيَّامًا كَثِيرَةً، انْحَدَرَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ نَبِيٌّ اسْمُهُ أَغَابُوسُ. 11فَجَاءَ إِلَيْنَا، وَأَخَذَ مِنْطَقَةَ بُولُسَ، وَرَبَطَ يَدَيْ نَفْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ: «هذَا يَقُولُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ هذِهِ الْمِنْطَقَةُ، هكَذَا سَيَرْبُطُهُ الْيَهُودُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أَيْدِي الأُمَمِ». 12فَلَمَّا سَمِعْنَا هذَا طَلَبْنَا إِلَيْهِ نَحْنُ وَالَّذِينَ مِنَ الْمَكَانِ أَنْ لاَ يَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 13فَأَجَابَ بُولُسُ: «مَاذَا تَفْعَلُونَ؟ تَبْكُونَ وَتَكْسِرُونَ قَلْبِي، لأَنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُرْبَطَ فَقَطْ، بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ لأَجْلِ اسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ». 14وَلَمَّا لَمْ يُقْنَعْ سَكَتْنَا قَائِلِينَ: «لِتَكُنْ مَشِيئَةُ الرَّبِّ». 15وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ تَأَهَّبْنَا وَصَعِدْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 16وَجَاءَ أَيْضًا مَعَنَا مِنْ قَيْصَرِيَّةَ أُنَاسٌ مِنَ التَّلاَمِيذِ ذَاهِبِينَ بِنَا إِلَى مَنَاسُونَ، وَهُوَ رَجُلٌ قُبْرُسِيٌّ، تِلْمِيذٌ قَدِيمٌ، لِنَنْزِلَ عِنْدَهُ.

17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ، وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الأُمَمِ الارْتِدَادَ عَنْ مُوسَى، قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذًا مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَال أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ، لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَال عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ، فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ، بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الأُمَمِ، فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذلِكَ، سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ، وَمِنَ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ، وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ، مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ، إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.

27وَلَمَّا قَارَبَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ أَنْ تَتِمَّ، رَآهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ أَسِيَّا فِي الْهَيْكَلِ، فَأَهَاجُوا كُلَّ الْجَمْعِ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الأَيَادِيَ 28صَارِخِينَ: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، أَعِينُوا! هذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدًّا لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهذَا الْمَوْضِعِ، حَتَّى أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ وَدَنَّسَ هذَا الْمَوْضِعَ الْمُقَدَّسَ». 29لأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ رَأَوْا مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ تُرُوفِيمُسَ الأَفَسُسِيَّ، فَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ بُولُسَ أَدْخَلَهُ إِلَى الْهَيْكَلِ. 30فَهَاجَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا، وَتَرَاكَضَ الشَّعْبُ وَأَمْسَكُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْهَيْكَلِ. وَلِلْوَقْتِ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ. 31وَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، نَمَا خَبَرٌ إِلَى أَمِيرِ الْكَتِيبَةِ أَنَّ أُورُشَلِيمَ كُلَّهَا قَدِ اضْطَرَبَتْ. 32فَلِلْوَقْتِ أَخَذَ عَسْكَرًا وَقُوَّادَ مِئَاتٍ وَرَكَضَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رأَوْا الأَمِيرَ وَالْعَسْكَرَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُسَ.

33حِينَئِذٍ اقْتَرَبَ الأَمِيرُ وَأَمْسَكَهُ، وَأَمَرَ أَنْ يُقَيَّدَ بِسِلْسِلَتَيْنِ، وَطَفِقَ يَسْتَخْبِرُ: تُرَى مَنْ يَكُونُ؟ وَمَاذَا فَعَلَ؟ 34وَكَانَ الْبَعْضُ يَصْرُخُونَ بِشَيْءٍ وَالْبَعْضُ بِشَيْءٍ آخَرَ فِي الْجَمْعِ. وَلَمَّا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَعْلَمَ الْيَقِينَ لِسَبَبِ الشَّغَبِ، أَمَرَ أَنْ يُذْهَبَ بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ. 35وَلَمَّا صَارَ عَلَى الدَّرَجِ اتَّفَقَ أَنَّ الْعَسْكَرَ حَمَلَهُ بِسَبَبِ عُنْفِ الْجَمْعِ، 36لأَنَّ جُمْهُورَ الشَّعْبِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ صَارِخِينَ: «خُذْهُ!».

37وَإِذْ قَارَبَ بُولُسُ أَنْ يَدْخُلَ الْمُعَسْكَرَ قَالَ لِلأَمِيرِ: «أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَقُولَ لَكَ شَيْئًا؟» فَقَالَ: «أَتَعْرِفُ الْيُونَانِيَّةَ؟ 38أَفَلَسْتَ أَنْتَ الْمِصْرِيَّ الَّذِي صَنَعَ قَبْلَ هذِهِ الأَيَّامِ فِتْنَةً، وَأَخْرَجَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعَةَ الآلاَفِ الرَّجُلِ مِنَ الْقَتَلَةِ؟». 39فَقَالَ بُولُسُ: «أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ طَرْسُوسِيٌّ، مِنْ أَهْلِ مَدِينَةٍ غَيْرِ دَنِيَّةٍ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ. وَأَلْتَمِسُ مِنْكَ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُكَلِّمَ الشَّعْبَ». 40فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ، وَقَفَ بُولُسُ عَلَى الدَّرَجِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّعْبِ، فَصَارَ سُكُوتٌ عَظِيمٌ. فَنَادَى بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ قَائِلاً:



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ

 

1«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ وَالآبَاءُ، اسْمَعُوا احْتِجَاجِي الآنَ لَدَيْكُمْ». 2فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ يُنَادِي لَهُمْ بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ أَعْطُوا سُكُوتًا أَحْرَى. فَقَالَ: 3«أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ، وَلكِنْ رَبَيْتُ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّبًا عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. وَكُنْتُ غَيُورًا للهِ كَمَا أَنْتُمْ جَمِيعُكُمُ الْيَوْمَ. 4وَاضْطَهَدْتُ هذَا الطَّرِيقَ حَتَّى الْمَوْتِ، مُقَيِّدًا وَمُسَلِّمًا إِلَى السُّجُونِ رِجَالاً وَنِسَاءً، 5كَمَا يَشْهَدُ لِي أَيْضًا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الْمَشْيَخَةِ، الَّذِينَ إِذْ أَخَذْتُ أَيْضًا مِنْهُمْ رَسَائِلَ لِلإِخْوَةِ إِلَى دِمَشْقَ، ذَهَبْتُ لآتِيَ بِالَّذِينَ هُنَاكَ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدِينَ لِكَيْ يُعَاقَبُوا. 6فَحَدَثَ لِي وَأَنَا ذَاهِبٌ وَمُتَقَرِّبٌ إِلَى دِمَشْقَ أَنَّهُ نَحْوَ نِصْفِ النَّهَارِ، بَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلِي مِنَ السَّمَاءِ نُورٌ عَظِيمٌ. 7فَسَقَطْتُ عَلَى الأَرْضِ، وَسَمِعْتُ صَوْتًا قَائِلاً لِي: شَاوُلُ، شَاوُلُ،! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ 8فَأَجَبْتُ: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ لِي: أَنَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. 9وَالَّذِينَ كَانُوا مَعِي نَظَرُوا النُّورَ وَارْتَعَبُوا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَ الَّذِي كَلَّمَنِي. 10فَقُلْتُ: مَاذَا أَفْعَلُ يَارَبُّ؟ فَقَالَ لِي الرَّبُّ: قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى دِمَشْقَ، وَهُنَاكَ يُقَالُ لَكَ عَنْ جَمِيعِ مَا تَرَتَّبَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ. 11وَإِذْ كُنْتُ لاَ أُبْصِرُ مِنْ أَجْلِ بَهَاءِ ذلِكَ النُّورِ، اقْتَادَنِي بِيَدِي الَّذِينَ كَانُوا مَعِي، فَجِئْتُ إِلَى دِمَشْقَ.

12«ثُمَّ إِنَّ حَنَانِيَّا رَجُلاً تَقِيًّا حَسَبَ النَّامُوسِ، وَمَشْهُودًا لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِ السُّكَّانِ 13أَتَى إِلَيَّ، وَوَقَفَ وَقَالَ لِي: أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، أَبْصِرْ! فَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، 14فَقَالَ: إِلهُ آبَائِنَا انْتَخَبَكَ لِتَعْلَمَ مَشِيئَتَهُ، وَتُبْصِرَ الْبَارَّ، وَتَسْمَعَ صَوْتًا مِنْ فَمِهِ. 15لأَنَّكَ سَتَكُونُ لَهُ شَاهِدًا لِجَمِيعِ النَّاسِ بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ. 16وَالآنَ لِمَاذَا تَتَوَانَى؟ قُمْ وَاعْتَمِدْ وَاغْسِلْ خَطَايَاكَ دَاعِيًا بِاسْمِ الرَّبِّ.

17وَحَدَثَ لِي بَعْدَ مَا رَجَعْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَكُنْتُ أُصَلِّي فِي الْهَيْكَلِ، أَنِّي حَصَلْتُ فِي غَيْبَةٍ، 18فَرَأَيْتُهُ قَائِلاً لِي: أَسْرِعْ! وَاخْرُجْ عَاجِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ، لأَنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ شَهَادَتَكَ عَنِّي. 19فَقُلْتُ: يَارَبُّ، هُمْ يَعْلَمُونَ أَنِّي كُنْتُ أَحْبِسُ وَأَضْرِبُ فِي كُلِّ مَجْمَعٍ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِكَ. 20وَحِينَ سُفِكَ دَمُ اسْتِفَانُوسَ شَهِيدِكَ كُنْتُ أَنَا وَاقِفًا وَرَاضِيًا بِقَتْلِهِ، وَحَافِظًا ثِيَابَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ. 21فَقَالَ لِي: اذْهَبْ، فَإِنِّي سَأُرْسِلُكَ إِلَى الأُمَمِ بَعِيدًا».

22فَسَمِعُوا لَهُ حَتَّى هذِهِ الْكَلِمَةِ، ثُمَّ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ قَائِلِينَ: «خُذْ مِثْلَ هذَا مِنَ الأَرْضِ، لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ!». 23وَإِذْ كَانُوا يَصِيحُونَ وَيَطْرَحُونَ ثِيَابَهُمْ وَيَرْمُونَ غُبَارًا إِلَى الْجَوِّ، 24أَمَرَ الأَمِيرُ أَنْ يُذْهَبَ بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ، قَائِلاً أَنْ يُفْحَصَ بِضَرَبَاتٍ، لِيَعْلَمَ لأَيِّ سَبَبٍ كَانُوا يَصْرُخُونَ عَلَيْهِ هكَذَا.

25فَلَمَّا مَدُّوهُ لِلسِّيَاطِ، قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الْوَاقِفِ: «أَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَانًا رُومَانِيًّا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ؟» 26فَإِذْ سَمِعَ قَائِدُ الْمِئَةِ ذَهَبَ إِلَى الأَمِيرِ، وَأَخْبَرَهُ قَائِلاً: «انْظُرْ مَاذَا أَنْتَ مُزْمِعٌ أَنْ تَفْعَلَ! لأَنَّ هذَا الرَّجُلَ رُومَانِيٌّ». 27فَجَاءَ الأَمِيرُ وَقَالَ لَهُ: «قُلْ لِي: أَنْتَ رُومَانِيٌّ؟» فَقَالَ: «نَعَمْ». 28فَأَجَابَ الأَمِيرُ: «أَمَّا أَنَا فَبِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ اقْتَنَيْتُ هذِهِ الرَّعَوِيَّةَ». فَقَالَ بُولُسُ: «أَمَّا أَنَا فَقَدْ وُلِدْتُ فِيهَا». 29وَلِلْوَقْتِ تَنَحَّى عَنْهُ الَّذِينَ كَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَفْحَصُوهُ. وَاخْتَشَى الأَمِيرُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ، وَلأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَهُ.

30وَفِي الْغَدِ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ الْيَقِينَ: لِمَاذَا يَشْتَكِي الْيَهُودُ عَلَيْهِ؟ حَلَّهُ مِنَ الرِّبَاطِ، وَأَمَرَ أَنْ يَحْضُرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَكُلُّ مَجْمَعِهِمْ. فَأَحْضَرَ بُولُسَ وَأَقَامَهُ لَدَيْهِمْ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ

 

1فَتَفَرَّسَ بُولُسُ فِي الْمَجْمَعِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، إِنِّي بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ للهِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ». 2فَأَمَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ، الْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ. 3حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ بُولُسُ: «سَيَضْرِبُكَ اللهُ أَيُّهَا الْحَائِطُ الْمُبَيَّضُ! أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَيَّ حَسَبَ النَّامُوسِ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِي مُخَالِفًا لِلنَّامُوسِ؟» 4فَقَالَ الْوَاقِفُونَ: «أَتَشْتِمُ رَئِيسَ كَهَنَةِ اللهِ؟» 5فَقَالَ بُولُسُ: «لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّهُ رَئِيسُ كَهَنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: رَئِيسُ شَعْبِكَ لاَ تَقُلْ فِيهِ سُوءًا».

6وَلَمَّا عَلِمَ بُولُسُ أَنَّ قِسْمًا مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَالآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ، صَرَخَ فِي الْمَجْمَعِ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنَا فَرِّيسِيٌّ ابْنُ فَرِّيسِيٍّ. عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ». 7وَلَمَّا قَالَ هذَا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ، وَانْشَقَّتِ الْجَمَاعَةُ، 8لأَنَّ الصَّدُّوقِيِّينَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ قِيَامَةٌ وَلاَ مَلاَكٌ وَلاَ رُوحٌ، وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَيُقِرُّونَ بِكُلِّ ذلِكَ. 9فَحَدَثَ صِيَاحٌ عَظِيمٌ، وَنَهَضَ كَتَبَةُ قِسْمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَطَفِقُوا يُخَاصِمُونَ قَائِلِينَ: «لَسْنَا نَجِدُ شَيْئًا رَدِيًّا فِي هذَا الإِنْسَانِ! وَإِنْ كَانَ رُوحٌ أَوْ مَلاَكٌ قَدْ كَلَّمَهُ فَلاَ نُحَارِبَنَّ اللهَ».

10وَلَمَّا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ كَثِيرَةٌ اخْتَشَى الأَمِيرُ أَنْ يَفْسَخُوا بُولُسَ، فَأَمَرَ الْعَسْكَرَ أَنْ يَنْزِلُوا وَيَخْتَطِفُوهُ مِنْ وَسْطِهِمْ وَيَأْتُوا بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ. 11وَفِي اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ وَقَفَ بِهِ الرَّبُّ وَقَالَ: «ثِقْ يَا بُولُسُ! لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا».

12وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ صَنَعَ بَعْضُ الْيَهُودِ اتِّفَاقًا، وَحَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ لاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ حَتَّى يَقْتُلُوا بُولُسَ. 13وَكَانَ الَّذِينَ صَنَعُوا هذَا التَّحَالُفَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ. 14فَتَقَدَّمُوا إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ وَقَالُوا: «قَدْ حَرَمْنَا أَنْفُسَنَا حِرْمًا أَنْ لاَ نَذُوقَ شَيْئًا حَتَّى نَقْتُلَ بُولُسَ. 15وَالآنَ أَعْلِمُوا الأَمِيرَ أَنْتُمْ مَعَ الْمَجْمَعِ لِكَيْ يُنْزِلَهُ إِلَيْكُمْ غَدًا، كَأَنَّكُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْحَصُوا بِأَكْثَرِ تَدْقِيق عَمَّا لَهُ. وَنَحْنُ، قَبْلَ أَنْ يَقْتَرِبَ، مُسْتَعِدُّونَ لِقَتْلِهِ». 16وَلكِنَّ ابْنَ أُخْتِ بُولُسَ سَمِعَ بِالْكَمِينِ، فَجَاءَ وَدَخَلَ الْمُعَسْكَرَ وَأَخْبَرَ بُولُسَ. 17فَاسْتَدْعَى بُولُسُ وَاحِدًا مِنْ قُوَّادِ الْمِئَاتِ وَقَالَ: «اذْهَبْ بِهذَا الشَّابِّ إِلَى الأَمِيرِ، لأَنَّ عِنْدَهُ شَيْئًا يُخْبِرُهُ بِهِ». 18فَأَخَذَهُ وَأَحْضَرَهُ إِلَى الأَمِيرِ وَقَالَ: «اسْتَدْعَانِي الأَسِيرُ بُولُسُ، وَطَلَبَ أَنْ أُحْضِرَ هذَا الشَّابَّ إِلَيْكَ، وَهُوَ عِنْدَهُ شَيْءٌ لِيَقُولَهُ لَكَ». 19فَأَخَذَ الأَمِيرُ بِيَدِهِ وَتَنَحَّى بِهِ مُنْفَرِدًا، وَاسْتَخْبَرَهُ: «مَا هُوَ الَّذِي عِنْدَكَ لِتُخْبِرَنِي بِهِ؟» 20فَقَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ تَعَاهَدُوا أَنْ يَطْلُبُوا مِنْكَ أَنْ تُنْزِلَ بُولُسَ غَدًا إِلَى الْمَجْمَعِ، كَأَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَسْتَخْبِرُوا عَنْهُ بِأَكْثَرِ تَدْقِيق. 21فَلاَ تَنْقَدْ إِلَيْهِمْ، لأَنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَامِنُونَ لَهُ، قَدْ حَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ لاَ يَأْكُلُوا وَلاَ يَشْرَبُوا حَتَّى يَقْتُلُوهُ. وَهُمُ الآنَ مُسْتَعِدُّونَ مُنْتَظِرُونَ الْوَعْدَ مِنْكَ».

22فَأَطْلَقَ الأَمِيرُ الشَّابَّ مُوصِيًا إِيَّاهُ أَنْ: «لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ إِنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِهذَا». 23ثُمَّ دَعَا اثْنَيْنِ مِنْ قُوَّادِ الْمِئَاتِ وَقَالَ: «أَعِدَّا مِئَتَيْ عَسْكَرِيٍّ لِيَذْهَبُوا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، وَسَبْعِينَ فَارِسًا وَمِئَتَيْ رَامِحٍ، مِنَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ اللَّيْلِ. 24وَأَنْ يُقَدِّمَا دَوَابَّ لِيُرْكِبَا بُولُسَ وَيُوصِلاَهُ سَالِمًا إِلَى فِيلِكْسَ الْوَالِي». 25وَكَتَبَ رِسَالَةً حَاوِيَةً هذِهِ الصُّورَةَ:

26«كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ، يُهْدِي سَلاَمًا إِلَى الْعَزِيزِ فِيلِكْسَ الْوَالِي: 27هذَا الرَّجُلُ لَمَّا أَمْسَكَهُ الْيَهُودُ وَكَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، أَقْبَلْتُ مَعَ الْعَسْكَرِ وَأَنْقَذْتُهُ، إِذْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ. 28وَكُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَعْلَمَ الْعِلَّةَ الَّتِي لأَجْلِهَا كَانُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلْتُهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ، 29فَوَجَدْتُهُ مَشْكُوًّا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مَسَائِلِ نَامُوسِهِمْ. وَلكِنَّ شَكْوَى تَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ أَوِ الْقُيُودَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ. 30ثُمَّ لَمَّا أُعْلِمْتُ بِمَكِيدَةٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَصِيرَ عَلَى الرَّجُلِ مِنَ الْيَهُودِ، أَرْسَلْتُهُ لِلْوَقْتِ إِلَيْكَ، آمِرًا الْمُشْتَكِينَ أَيْضًا أَنْ يَقُولُوا لَدَيْكَ مَا عَلَيْهِ. كُنْ مُعَافىً».

31فَالْعَسْكَرُ أَخَذُوا بُولُسَ كَمَا أُمِرُوا، وَذَهَبُوا بِهِ لَيْلاً إِلَى أَنْتِيبَاتْرِيسَ. 32وَفِي الْغَدِ تَرَكُوا الْفُرْسَانَ يَذْهَبُونَ مَعَهُ وَرَجَعُوا إِلَى الْمُعَسْكَرِ. 33وَأُولئِكَ لَمَّا دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ وَدَفَعُوا الرِّسَالَةَ إِلَى الْوَالِي، أَحْضَرُوا بُولُسَ أَيْضًا إِلَيْهِ. 34فَلَمَّا قَرَأَ الْوَالِي الرِّسَالَةَ، وَسَأَلَ مِنْ أَيَّةِ وِلاَيَةٍ هُوَ، وَوَجَدَ أَنَّهُ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ، 35قَالَ: «سَأَسْمَعُكَ مَتَى حَضَرَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكَ أَيْضًا». وَأَمَرَ أَنْ يُحْرَسَ فِي قَصْرِ هِيرُودُسَ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الرَّابعُ وَالْعِشرُونَ

 

1وَبَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ انْحَدَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ مَعَ الشُّيُوخِ وَخَطِيبٍ اسْمُهُ تَرْتُلُّسُ. فَعَرَضُوا لِلْوَالِي ضِدَّ بُولُسَ. 2فَلَمَّا دُعِيَ، ابْتَدَأَ تَرْتُلُّسُ فِي الشِّكَايَةِ قَائِلاً: 3«إِنَّنَا حَاصِلُونَ بِوَاسِطَتِكَ عَلَى سَلاَمٍ جَزِيل، وَقَدْ صَارَتْ لِهذِهِ الأُمَّةِ مَصَالِحُ بِتَدْبِيرِكَ. فَنَقْبَلُ ذلِكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ فِيلِكْسُ بِكُلِّ شُكْرٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَكُلِّ مَكَانٍ. 4وَلكِنْ لِئَلاَّ أُعَوِّقَكَ أَكْثَرَ، أَلْتَمِسُ أَنْ تَسْمَعَنَا بِالاخْتِصَارِ بِحِلْمِكَ: 5فَإِنَّنَا إِذْ وَجَدْنَا هذَا الرَّجُلَ مُفْسِدًا وَمُهَيِّجَ فِتْنَةٍ بَيْنَ جَمِيعِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي الْمَسْكُونَةِ، وَمِقْدَامَ شِيعَةِ النَّاصِرِيِّينَ، 6وَقَدْ شَرَعَ أَنْ يُنَجِّسَ الْهَيْكَلَ أَيْضًا، أَمْسَكْنَاهُ وَأَرَدْنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِنَا. 7فَأَقْبَلَ لِيسِيَاسُ الأَمِيرُ بِعُنْفٍ شَدِيدٍ وَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا، 8وَأَمَرَ الْمُشْتَكِينَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْكَ. وَمِنْهُ يُمْكِنُكَ إِذَا فَحَصْتَ أَنْ تَعْلَمَ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ الَّتِي نَشْتَكِي بِهَا عَلَيْهِ». 9ثُمَّ وَافَقَهُ الْيَهُودُ أَيْضًا قَائِلِينَ: «إِنَّ هذِهِ الأُمُورَ هكَذَا».

10فَأَجَابَ بُولُسُ، إِذْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ الْوَالِي أَنْ يَتَكَلَّمَ: «إِنِّي إِذْ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ قَاضٍ لِهذِهِ الأُمَّةِ، أَحْتَجُّ عَمَّا فِي أَمْرِي بِأَكْثَرِ سُرُورٍ. 11وَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّهُ لَيْسَ لِي أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا مُنْذُ صَعِدْتُ لأَسْجُدَ فِي أُورُشَلِيمَ. 12وَلَمْ يَجِدُونِي فِي الْهَيْكَلِ أُحَاجُّ أَحَدًا أَوْ أَصْنَعُ تَجَمُّعًا مِنَ الشَّعْبِ، وَلاَ فِي الْمَجَامِعِ وَلاَ فِي الْمَدِينَةِ. 13وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُثْبِتُوا مَا يَشْتَكُونَ بِهِ الآنَ عَلَيَّ. 14وَلكِنَّنِي أُقِرُّ لَكَ بِهذَا: أَنَّنِي حَسَبَ الطَّرِيقِ الَّذِي يَقُولُونَ لَهُ «شِيعَةٌ»، هكَذَا أَعْبُدُ إِلهَ آبَائِي، مُؤْمِنًا بِكُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ. 15وَلِي رَجَاءٌ بِاللهِ فِي مَا هُمْ أَيْضًا يَنْتَظِرُونَهُ: أَنَّهُ سَوْفَ تَكُونُ قِيَامَةٌ لِلأَمْوَاتِ، الأَبْرَارِ وَالأَثَمَةِ. 16لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ. 17وَبَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ جِئْتُ أَصْنَعُ صَدَقَاتٍ لأُمَّتِي وَقَرَابِينَ. 18وَفِي ذلِكَ وَجَدَنِي مُتَطَهِّرًا فِي الْهَيْكَلِ، لَيْسَ مَعَ جَمْعٍ وَلاَ مَعَ شَغَبٍ، قَوْمٌ هُمْ يَهُودٌ مِنْ أَسِيَّا، 19كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْضُرُوا لَدَيْكَ وَيَشْتَكُوا، إِنْ كَانَ لَهُمْ عَلَيَّ شَيْءٌ. 20أَوْ لِيَقُلْ هؤُلاَءِ أَنْفُسُهُمْ مَاذَا وَجَدُوا فِيَّ مِنَ الذَّنْبِ وَأَنَا قَائِمٌ أَمَامَ الْمَجْمَعِ، 21إِلاَّ مِنْ جِهَةِ هذَا الْقَوْلِ الْوَاحِدِ الَّذِي صَرَخْتُ بِهِ وَاقِفًا بَيْنَهُمْ: أَنِّي مِنْ أَجْلِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أُحَاكَمُ مِنْكُمُ الْيَوْمَ».

22فَلَمَّا سَمِعَ هذَا فِيلِكْسُ أَمْهَلَهُمْ، إِذْ كَانَ يَعْلَمُ بِأَكْثَرِ تَحْقِيق أُمُورَ هذَا الطَّرِيقِ، قَائِلاً: «مَتَى انْحَدَرَ لِيسِيَاسُ الأَمِيرُ أَفْحَصُ عَنْ أُمُورِكُمْ». 23وَأَمَرَ قَائِدَ الْمِئَةِ أَنْ يُحْرَسَ بُولُسُ، وَتَكُونَ لَهُ رُخْصَةٌ، وَأَنْ لاَ يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يَخْدِمَهُ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ.

24ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَ فِيلِكْسُ مَعَ دُرُوسِّلاَ امْرَأَتِهِ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ. فَاسْتَحْضَرَ بُولُسَ وَسَمِعَ مِنْهُ عَنِ الإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ. 25وَبَيْنَمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ عَنِ الْبِرِّ وَالتَّعَفُّفِ وَالدَّيْنُونَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَكُونَ، ارْتَعَبَ فِيلِكْسُ، وَأَجَابَ: «أَمَّا الآنَ فَاذْهَبْ، وَمَتَى حَصَلْتُ عَلَى وَقْتٍ أَسْتَدْعِيكَ». 26وَكَانَ أَيْضًا يَرْجُو أَنْ يُعْطِيَهُ بُولُسُ دَرَاهِمَ لِيُطْلِقَهُ، وَلِذلِكَ كَانَ يَسْتَحْضِرُهُ مِرَارًا أَكْثَرَ وَيَتَكَلَّمُ مَعَهُ. 27وَلكِنْ لَمَّا كَمِلَتْ سَنَتَانِ، قَبِلَ فِيلِكْسُ بُورْكِيُوسَ فَسْتُوسَ خَلِيفَةً لَهُ. وَإِذْ كَانَ فِيلِكْسُ يُرِيدُ أَنْ يُودِعَ الْيَهُودَ مِنَّةً، تَرَكَ بُولُسَ مُقَيَّدًا.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ

 

1فَلَمَّا قَدِمَ فَسْتُوسُ إِلَى الْوِلاَيَةِ صَعِدَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 2فَعَرَضَ لَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَوُجُوهُ الْيَهُودِ ضِدَّ بُولُسَ، وَالْتَمَسُوا مِنْهُ 3طَالِبِينَ عَلَيْهِ مِنَّةً، أَنْ يَسْتَحْضِرَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَهُمْ صَانِعُونَ كَمِينًا لِيَقْتُلُوهُ فِي الطَّرِيقِ. 4فَأَجَابَ فَسْتُوسُ أَنْ يُحْرَسَ بُولُسُ فِي قَيْصَرِيَّةَ، وَأَنَّهُ هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَنْطَلِقَ عَاجِلاً. 5وَقَالَ: «فَلْيَنْزِلْ مَعِي الَّذِينَ هُمْ بَيْنَكُمْ مُقْتَدِرُونَ. وَإِنْ كَانَ فِي هذَا الرَّجُلِ شَيْءٌ فَلْيَشْتَكُوا عَلَيْهِ».

6وَبَعْدَ مَا صَرَفَ عِنْدَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ انْحَدَرَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ. وَفِي الْغَدِ جَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِبُولُسَ. 7فَلَمَّا حَضَرَ، وَقَفَ حَوْلَهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ انْحَدَرُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَقَدَّمُوا عَلَى بُولُسَ دَعَاوِيَ كَثِيرَةً وَثَقِيلَةً لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُبَرْهِنُوهَا. 8إِذْ كَانَ هُوَ يَحْتَجُّ: «أَنِّي مَا أَخْطَأْتُ بِشَيْءٍ، لاَ إِلَى نَامُوسِ الْيَهُودِ وَلاَ إِلَى الْهَيْكَلِ وَلاَ إِلَى قَيْصَرَ». 9وَلكِنَّ فَسْتُوسَ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُودِعَ الْيَهُودَ مِنَّةً، أَجَابَ بُولُسَ قِائِلاً: «أَتَشَاءُ أَنْ تَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِتُحَاكَمَ هُنَاكَ لَدَيَّ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ؟» 10فَقَالَ بُولُسُ: «أَنَا وَاقِفٌ لَدَى كُرْسِيِّ وِلاَيَةِ قَيْصَرَ حَيْثُ يَنْبَغِي أَنْ أُحَاكَمَ. أَنَا لَمْ أَظْلِمِ الْيَهُودَ بِشَيْءٍ، كَمَا تَعْلَمُ أَنْتَ أَيْضًا جَيِّدًا. 11لأَنِّي إِنْ كُنْتُ آثِمًا، أَوْ صَنَعْتُ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ، فَلَسْتُ أَسْتَعْفِي مِنَ الْمَوْتِ. وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا يَشْتَكِي عَلَيَّ بِهِ هؤُلاَءِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسَلِّمَنِي لَهُمْ. إِلَى قَيْصَرَ أَنَا رَافِعٌ دَعْوَايَ!». 12حِينَئِذٍ تَكَلَّمَ فَسْتُوسُ مَعَ أَرْبَابِ الْمَشُورَةِ، فَأَجَابَ: «إِلَى قَيْصَرَ رَفَعْتَ دَعْوَاكَ. إِلَى قَيْصَرَ تَذْهَبُ!».

13وَبَعْدَمَا مَضَتْ أَيَّامٌ أَقْبَلَ أَغْرِيبَاسُ الْمَلِكُ وَبَرْنِيكِي إِلَى قَيْصَرِيَّةَ لِيُسَلِّمَا عَلَى فَسْتُوسَ. 14وَلَمَّا كَانَا يَصْرِفَانِ هُنَاكَ أَيَّامًا كَثِيرَةً، عَرَضَ فَسْتُوسُ عَلَى الْمَلِكِ أَمْرَ بُولُسَ، قَائِلاً: «يُوجَدُ رَجُلٌ تَرَكَهُ فِيلِكْسُ أَسِيرًا، 15وَعَرَضَ لِي عَنْهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَمَشَايِخُ الْيَهُودِ لَمَّا كُنْتُ فِي أُورُشَلِيمَ طَالِبِينَ حُكْمًا عَلَيْهِ. 16فَأَجَبْتُهُمْ أَنْ لَيْسَ لِلرُّومَانِيِّينَ عَادَةٌ أَنْ يُسَلِّمُوا أَحَدًا لِلْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ مُواجَهَةً مَعَ الْمُشْتَكِينَ، فَيَحْصُلُ عَلَى فُرْصَةٍ لِلاحْتِجَاجِ عَنِ الشَّكْوَى. 17فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَى هُنَا جَلَسْتُ مِنْ دُونِ إِمْهَال فِي الْغَدِ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ، وَأَمَرْتُ أَنْ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ. 18فَلَمَّا وَقَفَ الْمُشْتَكُونَ حَوْلَهُ، لَمْ يَأْتُوا بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّا كُنْتُ أَظُنُّ. 19لكِنْ كَانَ لَهُمْ عَلَيْهِ مَسَائِلُ مِنْ جِهَةِ دِيَانَتِهِمْ، وَعَنْ وَاحِدٍ اسْمُهُ يَسُوعُ قَدْ مَاتَ، وَكَانَ بُولُسُ يَقُولُ إِنَّهُ حَيٌّ. 20وَإِذْ كُنْتُ مُرْتَابًا فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ هذَا قُلْتُ: أَلَعَلَّهُ يَشَاءُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَيُحَاكَمَ هُنَاكَ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ؟ 21وَلكِنْ لَمَّا رَفَعَ بُولُسُ دَعْوَاهُ لِكَيْ يُحْفَظَ لِفَحْصِ أُوغُسْطُسَ، أَمَرْتُ بِحِفْظِهِ إِلَى أَنْ أُرْسِلَهُ إِلَى قَيْصَرَ». 22فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِفَسْتُوسَ: «كُنْتُ أُرِيدُ أَنَا أَيْضًا أَنْ أَسْمَعَ الرَّجُلَ». فَقَالَ: «غَدًا تَسْمَعُهُ».

23فَفِي الْغَدِ لَمَّا جَاءَ أَغْرِيبَاسُ وَبَرْنِيكِي فِي احْتِفَال عَظِيمٍ، وَدَخَلاَ إِلَى دَارِ الاسْتِمَاعِ مَعَ الأُمَرَاءِ وَرِجَالِ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّمِينَ، أَمَرَ فَسْتُوسُ فَأُتِيَ بِبُولُسَ. 24فَقَالَ فَسْتُوسُ: «أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ وَالرِّجَالُ الْحَاضِرُونَ مَعَنَا أَجْمَعُونَ، أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ هذَا الَّذِي تَوَسَّلَ إِلَيَّ مِنْ جِهَتِهِ كُلُّ جُمْهُورِ الْيَهُودِ فِي أُورُشَلِيمَ وَهُنَا، صَارِخِينَ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَعِيشَ بَعْدُ. 25وَأَمَّا أَنَا فَلَمَّا وَجَدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ، وَهُوَ قَدْ رَفَعَ دَعْوَاهُ إِلَى أُوغُسْطُسَ، عَزَمْتُ أَنْ أُرْسِلَهُ. 26وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ يَقِينٌ مِنْ جِهَتِهِ لأَكْتُبَ إِلَى السَّيِّدِ. لِذلِكَ أَتَيْتُ بِهِ لَدَيْكُمْ، وَلاَ سِيَّمَا لَدَيْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ، حَتَّى إِذَا صَارَ الْفَحْصُ يَكُونُ لِي شَيْءٌ لأَكْتُبَ. 27لأَنِّي أَرَى حَمَاقَةً أَنْ أُرْسِلَ أَسِيرًا وَلاَ أُشِيرَ إِلَى الدَّعَاوِي الَّتِي عَلَيْهِ».



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ

 

1فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِبُولُسَ: «مَأْذُونٌ لَكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ لأَجْلِ نَفْسِكَ». حِينَئِذٍ بَسَطَ بُولُسُ يَدَهُ وَجَعَلَ يَحْتَجُّ:

2«إِنِّي أَحْسِبُ نَفْسِي سَعِيدًا أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ، إِذْ أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَحْتَجَّ الْيَوْمَ لَدَيْكَ عَنْ كُلِّ مَا يُحَاكِمُنِي بِهِ الْيَهُودُ. 3لاَ سِيَّمَا وَأَنْتَ عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْعَوَائِدِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي بَيْنَ الْيَهُودِ. لِذلِكَ أَلْتَمِسُ مِنْكَ أَنْ تَسْمَعَنِي بِطُولِ الأَنَاةِ. 4فَسِيرَتِي مُنْذُ حَدَاثَتِي الَّتِي مِنَ الْبُدَاءَةِ كَانَتْ بَيْنَ أُمَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ يَعْرِفُهَا جَمِيعُ الْيَهُودِ، 5عَالِمِينَ بِي مِنَ الأَوَّلِ، إِنْ أَرَادُوا أَنْ يَشْهَدُوا، أَنِّي حَسَبَ مَذْهَبِ عِبَادَتِنَا الأَضْيَقِ عِشْتُ فَرِّيسِيًّا. 6وَالآنَ أَنَا وَاقِفٌ أُحَاكَمُ عَلَى رَجَاءِ الْوَعْدِ الَّذِي صَارَ مِنَ اللهِ لآبَائِنَا، 7الَّذِي أَسْبَاطُنَا الاثْنَا عَشَرَ يَرْجُونَ نَوَالَهُ، عَابِدِينَ بِالْجَهْدِ لَيْلاً وَنَهَارًا. فَمِنْ أَجْلِ هذَا الرَّجَاءِ أَنَا أُحَاكَمُ مِنَ الْيَهُودِ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ. 8لِمَاذَا يُعَدُّ عِنْدَكُمْ أَمْرًا لاَ يُصَدَّقُ إِنْ أَقَامَ اللهُ أَمْوَاتًا؟ 9فَأَنَا ارْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُورًا كَثِيرَةً مُضَادَّةً لاسْمِ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ. 10وَفَعَلْتُ ذلِكَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ، فَحَبَسْتُ فِي سُجُونٍ كَثِيرِينَ مِنَ الْقِدِّيسِينَ، آخِذًا السُّلْطَانَ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. وَلَمَّا كَانُوا يُقْتَلُونَ أَلْقَيْتُ قُرْعَةً بِذلِكَ. 11وَفِي كُلِّ الْمَجَامِعِ كُنْتُ أُعَاقِبُهُمْ مِرَارًا كَثِيرَةً، وَأَضْطَرُّهُمْ إِلَى التَّجْدِيفِ. وَإِذْ أَفْرَطَ حَنَقِي عَلَيْهِمْ كُنْتُ أَطْرُدُهُمْ إِلَى الْمُدُنِ الَّتِي فِي الْخَارِجِ.

12«وَلَمَّا كُنْتُ ذَاهِبًا فِي ذلِكَ إِلَى دِمَشْقَ، بِسُلْطَانٍ وَوَصِيَّةٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ، 13رَأَيْتُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ فِي الطَّرِيقِ، أَيُّهَا الْمَلِكُ، نُورًا مِنَ السَّمَاءِ أَفْضَلَ مِنْ لَمَعَانِ الشَّمْسِ، قَدْ أَبْرَقَ حَوْلِي وَحَوْلَ الذَّاهِبِينَ مَعِي. 14فَلَمَّا سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ، سَمِعْتُ صَوْتًا يُكَلِّمُنِي وَيَقُولُ بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ.

15فَقُلْتُ أَنَا: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ: أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. 16وَلكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِمًا وَشَاهِدًا بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ، 17مُنْقِذًا إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ، 18لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيبًا مَعَ الْمُقَدَّسِينَ.

19«مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ لَمْ أَكُنْ مُعَانِدًا لِلرُّؤْيَا السَّمَاوِيَّةِ، 20بَلْ أَخْبَرْتُ أَوَّلاً الَّذِينَ فِي دِمَشْقَ، وَفِي أُورُشَلِيمَ حَتَّى جَمِيعِ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ، ثُمَّ الأُمَمَ، أَنْ يَتُوبُوا وَيَرْجِعُوا إِلَى اللهِ عَامِلِينَ أَعْمَالاً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 21مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَمْسَكَنِي الْيَهُودُ فِي الْهَيْكَلِ وَشَرَعُوا فِي قَتْلِي. 22فَإِذْ حَصَلْتُ عَلَى مَعُونَةٍ مِنَ اللهِ، بَقِيتُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، شَاهِدًا لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَأَنَا لاَ أَقُولُ شَيْئًا غَيْرَ مَا تَكَلَّمَ الأَنْبِيَاءُ وَمُوسَى أَنَّهُ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ: 23إِنْ يُؤَلَّمِ الْمَسِيحُ، يَكُنْ هُوَ أَوَّلَ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، مُزْمِعًا أَنْ يُنَادِيَ بِنُورٍ لِلشَّعْبِ وَلِلأُمَمِ».

24وَبَيْنَمَا هُوَ يَحْتَجُّ بِهذَا، قَالَ فَسْتُوسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «أَنْتَ تَهْذِي يَا بُولُسُ! الْكُتُبُ الْكَثِيرَةُ تُحَوِّلُكَ إِلَى الْهَذَيَانِ!». 25فَقَالَ: «لَسْتُ أَهْذِي أَيُّهَا الْعَزِيزُ فَسْتُوسُ، بَلْ أَنْطِقُ بِكَلِمَاتِ الصِّدْقِ وَالصَّحْوِ. 26لأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ، عَالِمٌ الْمَلِكُ الَّذِي أُكَلِّمُهُ جِهَارًا، إِذْ أَنَا لَسْتُ أُصَدِّقُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ، لأَنَّ هذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي زَاوِيَةٍ. 27أَتُؤْمِنُ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ بِالأَنْبِيَاءِ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تُؤْمِنُ». 28فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِبُولُسَ: «بِقَلِيل تُقْنِعُنِي أَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيًّا». 29فَقَالَ بُولُسُ: «كُنْتُ أُصَلِّي إِلَى اللهِ أَنَّهُ بِقَلِيل وَبِكَثِيرٍ، لَيْسَ أَنْتَ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَنِي الْيَوْمَ، يَصِيرُونَ هكَذَا كَمَا أَنَا، مَا خَلاَ هذِهِ الْقُيُودَ».

30فَلَمَّا قَالَ هذَا قَامَ الْمَلِكُ وَالْوَالِي وَبَرْنِيكِي وَالْجَالِسُونَ مَعَهُمْ، 31وَانْصَرَفُوا وَهُمْ يُكَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «إِنَّ هذَا الإِنْسَانَ لَيْسَ يَفْعَلُ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ أَوِ الْقُيُودَ». 32وَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِفَسْتُوسَ: «كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُطْلَقَ هذَا الإِنْسَانُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ رَفَعَ دَعْوَاهُ إِلَى قَيْصَرَ».



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ السَّابعُ وَالْعِشْرُونَ

 

1فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الرَّأْيُ أَنْ نُسَافِرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى إِيطَالِيَا، سَلَّمُوا بُولُسَ وَأَسْرَى آخَرِينَ إِلَى قَائِدِ مِئَةٍ مِنْ كَتِيبَةِ أُوغُسْطُسَ اسْمُهُ يُولِيُوسُ. 2فَصَعِدْنَا إِلَى سَفِينَةٍ أَدْرَامِيتِينِيَّةٍ، وَأَقْلَعْنَا مُزْمِعِينَ أَنْ نُسَافِرَ مَارِّينَ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي فِي أَسِيَّا. وَكَانَ مَعَنَا أَرِسْتَرْخُسُ، رَجُلٌ مَكِدُونِيٌّ مِنْ تَسَالُونِيكِي. 3وَفِي الْيَوْمِ الآخَرِ أَقْبَلْنَا إِلَى صَيْدَاءَ، فَعَامَلَ يُولِيُوسُ بُولُسَ بِالرِّفْقِ، وَأَذِنَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أَصْدِقَائِهِ لِيَحْصُلَ عَلَى عِنَايَةٍ مِنْهُمْ. 4ثُمَّ أَقْلَعْنَا مِنْ هُنَاكَ وَسَافَرْنَا فِي الْبَحْرِ مِنْ تَحْتِ قُبْرُسَ، لأَنَّ الرِّيَاحَ كَانَتْ مُضَادَّةً. 5وَبَعْدَ مَا عَبَرْنَا الْبَحْرَ الَّذِي بِجَانِبِ كِيلِيكِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ، نَزَلْنَا إِلَى مِيرَا لِيكِيَّةَ. 6فَإِذْ وَجَدَ قَائِدُ الْمِئَةِ هُنَاكَ سَفِينَةً إِسْكَنْدَرِيَّةً مُسَافِرَةً إِلَى إِيطَالِيَا أَدْخَلَنَا فِيهَا. 7وَلَمَّا كُنَّا نُسَافِرُ رُوَيْدًا أَيَّامًا كَثِيرَةً، وَبِالْجَهْدِ صِرْنَا بِقُرْبِ كِنِيدُسَ، وَلَمْ تُمَكِّنَّا الرِّيحُ أَكْثَرَ، سَافَرْنَا مِنْ تَحْتِ كِرِيتَ بِقُرْبِ سَلْمُونِي. 8وَلَمَّا تَجَاوَزْنَاهَا بِالْجَهْدِ جِئْنَا إِلَى مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ «الْمَوَانِي الْحَسَنَةُ» الَّتِي بِقُرْبِهَا مَدِينَةُ لَسَائِيَةَ.

9وَلَمَّا مَضَى زَمَانٌ طَوِيلٌ، وَصَارَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ خَطِرًا، إِذْ كَانَ الصَّوْمُ أَيْضًا قَدْ مَضَى، جَعَلَ بُولُسُ يُنْذِرُهُمْ 10قَائِلاً: «أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَنَا أَرَى أَنَّ هذَا السَّفَرَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بِضَرَرٍ وَخَسَارَةٍ كَثِيرَةٍ، لَيْسَ لِلشَّحْنِ وَالسَّفِينَةِ فَقَطْ، بَلْ لأَنْفُسِنَا أَيْضًا». 11وَلكِنْ كَانَ قَائِدُ الْمِئَةِ يَنْقَادُ إِلَى رُبَّانِ السَّفِينَةِ وَإِلَى صَاحِبِهَا أَكْثَرَ مِمَّا إِلَى قَوْلِ بُولُسَ. 12وَلأَنَّ الْمِينَا لَمْ يَكُنْ مَوْقِعُهَا صَالِحًا لِلْمَشْتَى، اسْتَقَرَّ رَأْيُ أَكْثَرِهِمْ أَنْ يُقْلِعُوا مِنْ هُنَاكَ أَيْضًا، عَسَى أَنْ يُمْكِنَهُمُ الإِقْبَالُ إِلَى فِينِكْسَ لِيَشْتُوا فِيهَا. وَهِيَ مِينَا فِي كِرِيتَ تَنْظُرُ نَحْوَ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ الْغَرْبِيَّيْنِ. 13فَلَمَّا نَسَّمَتْ رِيحٌ جَنُوبٌ، ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوا مَقْصَدَهُمْ، فَرَفَعُوا الْمِرْسَاةَ وَطَفِقُوا يَتَجَاوَزُونَ كِرِيتَ عَلَى أَكْثَرِ قُرْبٍ.

14وَلكِنْ بَعْدَ قَلِيل هَاجَتْ عَلَيْهَا رِيحٌ زَوْبَعِيَّةٌ يُقَالُ لَهَا «أُورُوكْلِيدُونُ». 15فَلَمَّا خُطِفَتِ السَّفِينَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُقَابِلَ الرِّيحَ، سَلَّمْنَا، فَصِرْنَا نُحْمَلُ. 16فَجَرَيْنَا تَحْتَ جَزِيرَةٍ يُقَالُ لَهَا «كَلَوْدِي» وَبِالْجَهْدِ قَدِرْنَا أَنْ نَمْلِكَ الْقَارِبَ. 17وَلَمَّا رَفَعُوهُ طَفِقُوا يَسْتَعْمِلُونَ مَعُونَاتٍ، حَازِمِينَ السَّفِينَةَ، وَإِذْ كَانُوا خَائِفِينَ أَنْ يَقَعُوا فِي السِّيرْتِسِ، أَنْزَلُوا الْقُلُوعَ، وَهكَذَا كَانُوا يُحْمَلُونَ. 18وَإِذْ كُنَّا فِي نَوْءٍ عَنِيفٍ، جَعَلُوا يُفَرِّغُونَ فِي الْغَدِ. 19وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَمَيْنَا بِأَيْدِينَا أَثَاثَ السَّفِينَةِ. 20وَإِذْ لَمْ تَكُنِ الشَّمْسُ وَلاَ النُّجُومُ تَظْهَرُ أَيَّامًا كَثِيرَةً، وَاشْتَدَّ عَلَيْنَا نَوْءٌ لَيْسَ بِقَلِيل، انْتُزِعَ أَخِيرًا كُلُّ رَجَاءٍ فِي نَجَاتِنَا.

21فَلَمَّا حَصَلَ صَوْمٌ كَثِيرٌ، حِينَئِذٍ وَقَفَ بُولُسُ فِي وَسْطِهِمْ وَقَالَ: «كَانَ يَنْبَغِي أَيُّهَا الرِّجَالُ أَنْ تُذْعِنُوا لِي، وَلاَ تُقْلِعُوا مِنْ كِرِيتَ، فَتَسْلَمُوا مِنْ هذَا الضَّرَرِ وَالْخَسَارَةِ. 22وَالآنَ أُنْذِرُكُمْ أَنْ تُسَرُّوا، لأَنَّهُ لاَ تَكُونُ خَسَارَةُ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ مِنْكُمْ، إِلاَّ السَّفِينَةَ. 23لأَنَّهُ وَقَفَ بِي هذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاَكُ الإِلهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ، 24قَائِلاً: لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ. يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَ أَمَامَ قَيْصَرَ. وَهُوَذَا قَدْ وَهَبَكَ اللهُ جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ. 25لِذلِكَ سُرُّوا أَيُّهَا الرِّجَالُ، لأَنِّي أُومِنُ بِاللهِ أَنَّهُ يَكُونُ هكَذَا كَمَا قِيلَ لِي. 26وَلكِنْ لاَ بُدَّ أَنْ نَقَعَ عَلَى جَزِيرَةٍ».

27فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ، وَنَحْنُ نُحْمَلُ تَائِهِينَ فِي بَحْرِ أَدْرِيَا، ظَنَّ النُّوتِيَّةُ، نَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أَنَّهُمُ اقْتَرَبُوا إِلَى بَرّ. 28فَقَاسُوا وَوَجَدُوا عِشْرِينَ قَامَةً. وَلَمَّا مَضَوْا قَلِيلاً قَاسُوا أَيْضًا فَوَجَدُوا خَمْسَ عَشْرَةَ قَامَةً. 29وَإِذْ كَانُوا يَخَافُونَ أَنْ يَقَعُوا عَلَى مَوَاضِعَ صَعْبَةٍ، رَمَوْا مِنَ الْمُؤَخَّرِ أَرْبَعَ مَرَاسٍ، وَكَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ. 30وَلَمَّا كَانَ النُّوتِيَّةُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَهْرُبُوا مِنَ السَّفِينَةِ، وَأَنْزَلُوا الْقَارِبَ إِلَى الْبَحْرِ بِعِلَّةِ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَمُدُّوا مَرَاسِيَ مِنَ الْمُقَدَّمِ، 31قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ وَالْعَسْكَرِ: «إِنْ لَمْ يَبْقَ هؤُلاَءِ فِي السَّفِينَةِ فَأَنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْجُوا». 32حِينَئِذٍ قَطَعَ الْعَسْكَرُ حِبَالَ الْقَارِبِ وَتَرَكُوهُ يَسْقُطُ. 33وَحَتَّى قَارَبَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ كَانَ بُولُسُ يَطْلُبُ إِلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَتَنَاوَلُوا طَعَامًا، قَائِلاً: «هذَا هُوَ الْيَوْمُ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَأَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ لاَ تَزَالُونَ صَائِمِينَ، وَلَمْ تَأْخُذُوا شَيْئًا. 34لِذلِكَ أَلْتَمِسُ مِنْكُمْ أَنْ تَتَنَاوَلُوا طَعَامًا، لأَنَّ هذَا يَكُونُ مُفِيدًا لِنَجَاتِكُمْ، لأَنَّهُ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِ وَاحِدٍ مِنْكُمْ». 35وَلَمَّا قَالَ هذَا أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ اللهَ أَمَامَ الْجَمِيعِ، وَكَسَّرَ، وَابْتَدَأَ يَأْكُلُ. 36فَصَارَ الْجَمِيعُ مَسْرُورِينَ وَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا طَعَامًا. 37وَكُنَّا فِي السَّفِينَةِ جَمِيعُ الأَنْفُسِ مِئَتَيْنِ وَسِتَّةً وَسَبْعِينَ.

38وَلَمَّا شَبِعُوا مِنَ الطَّعَامِ طَفِقُوا يُخَفِّفُونَ السَّفِينَةَ طَارِحِينَ الْحِنْطَةَ فِي الْبَحْرِ. 39وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الأَرْضَ، وَلكِنَّهُمْ أَبْصَرُوا خَلِيجًا لَهُ شَاطِئٌ، فَأَجْمَعُوا أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِ السَّفِينَةَ إِنْ أَمْكَنَهُمْ. 40فَلَمَّا نَزَعُوا الْمَرَاسِيَ تَارِكِينَ إِيَّاهَا فِي الْبَحْرِ، وَحَلُّوا رُبُطَ الدَّفَّةِ أَيْضًا، رَفَعُوا قِلْعًا لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ، وَأَقْبَلُوا إِلَى الشَّاطِئِ. 41وَإِذْ وَقَعُوا عَلَى مَوْضِعٍ بَيْنَ بَحْرَيْنِ، شَطَّطُوا السَّفِينَةَ، فَارْتَكَزَ الْمُقَدَّمُ وَلَبِثَ لاَ يَتَحَرَّكُ. وَأَمَّا الْمؤَخَّرُ فَكَانَ يَنْحَلُّ مِنْ عُنْفِ الأَمْوَاجِ. 42فَكَانَ رَأْيُ الْعَسْكَرِ أَنْ يَقْتُلُوا الأَسْرَى لِئَلاَّ يَسْبَحَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَيَهْرُبَ. 43وَلكِنَّ قَائِدَ الْمِئَةِ، إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُخَلِّصَ بُولُسَ، مَنَعَهُمْ مِنْ هذَا الرَّأْيِ، وَأَمَرَ أَنَّ الْقَادِرِينَ عَلَى السِّبَاحَةِ يَرْمُونَ أَنْفُسَهُمْ أَوَّلاً فَيَخْرُجُونَ إِلَى الْبَرِّ، 44وَالْبَاقِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَلْوَاحٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى قِطَعٍ مِنَ السَّفِينَةِ. فَهكَذَا حَدَثَ أَنَّ الْجَمِيعَ نَجَوْا إِلَى الْبَرِّ.



سفر أَعْمَالُ الرُّسُلِ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ

 

1وَلَمَّا نَجَوْا وَجَدُوا أَنَّ الْجَزِيرَةَ تُدْعَى مَلِيطَةَ. 2فَقَدَّمَ أَهْلُهَا الْبَرَابِرَةُ لَنَا إِحْسَانًا غَيْرَ الْمُعْتَادِ، لأَنَّهُمْ أَوْقَدُوا نَارًا وَقَبِلُوا جَمِيعَنَا مِنْ أَجْلِ الْمَطَرِ الَّذِي أَصَابَنَا وَمِنْ أَجْلِ الْبَرْدِ.

3فَجَمَعَ بُولُسُ كَثِيرًا مِنَ الْقُضْبَانِ وَوَضَعَهَا عَلَى النَّارِ، فَخَرَجَتْ مِنَ الْحَرَارَةِ أَفْعَى وَنَشِبَتْ فِي يَدِهِ. 4فَلَمَّا رَأَى الْبَرَابِرَةُ الْوَحْشَ مُعَلَّقًا بِيَدِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ بُدَّ أَنَّ هذَا الإِنْسَانَ قَاتِلٌ، لَمْ يَدَعْهُ الْعَدْلُ يَحْيَا وَلَوْ نَجَا مِنَ الْبَحْرِ». 5فَنَفَضَ هُوَ الْوَحْشَ إِلَى النَّارِ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِشَيْءٍ رَدِيّ 6وَأَمَّا هُمْ فَكَانُوا يَنْتَظِرُونَ أَنَّهُ عَتِيدٌ أَنْ يَنْتَفِخَ أَوْ يَسْقُطَ بَغْتَةً مَيْتًا. فَإِذِ انْتَظَرُوا كَثِيرًا وَرَأَوْا أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ شَيْءٌ مُضِرٌّ، تَغَيَّرُوا وَقَالُوا: «هُوَ إِلهٌ!».

7وَكَانَ فِي مَا حَوْلَ ذلِكَ الْمَوْضِعِ ضِيَاعٌ لِمُقَدَّمِ الْجَزِيرَةِ الَّذِي اسْمُهُ بُوبْلِيُوسُ. فَهذَا قَبِلَنَا وَأَضَافَنَا بِمُلاَطَفَةٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. 8فَحَدَثَ أَنَّ أَبَا بُوبْلِيُوسَ كَانَ مُضْطَجِعًا مُعْتَرًى بِحُمَّى وَسَحْجٍ. فَدَخَلَ إِلَيْهِ بُولُسُ وَصَلَّى، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ فَشَفَاهُ. 9فَلَمَّا صَارَ هذَا، كَانَ الْبَاقُونَ الَّذِينَ بِهِمْ أَمْرَاضٌ فِي الْجَزِيرَةِ يَأْتُونَ وَيُشْفَوْنَ. 10فَأَكْرَمَنَا هؤُلاَءِ إِكْرَامَاتٍ كَثِيرَةً. وَلَمَّا أَقْلَعْنَا زَوَّدُونَا بِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.

11وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ أَقْلَعْنَا فِي سَفِينَةٍ إِسْكَنْدَرِيَّةٍ مَوْسُومَةٍ بِعَلاَمَةِ الْجَوْزَاءِ، كَانَتْ قَدْ شَتَتْ فِي الْجَزِيرَةِ. 12فَنَزَلْنَا إِلَى سِرَاكُوسَا وَمَكَثْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. 13ثُمَّ مِنْ هُنَاكَ دُرْنَا وَأَقْبَلْنَا إِلَى رِيغِيُونَ. وَبَعْدَ يَوْمٍ وَاحِدٍ حَدَثَتْ رِيحٌ جَنُوبٌ، فَجِئْنَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إِلَى بُوطِيُولِي، 14حَيْثُ وَجَدْنَا إِخْوَةً فَطَلَبُوا إِلَيْنَا أَنْ نَمْكُثَ عِنْدَهُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَهكَذَا أَتَيْنَا إِلَى رُومِيَةَ. 15وَمِنْ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعَ الإِخْوَةُ بِخَبَرِنَا، خَرَجُوا لاسْتِقْبَالِنَا إِلَى فُورُنِ أَبِّيُوسَ وَالثَّلاَثَةِ الْحَوَانِيتِ. فَلَمَّا رَآهُمْ بُولُسُ شَكَرَ اللهَ وَتَشَجَّعَ.

16وَلَمَّا أَتَيْنَا إِلَى رُومِيَةَ سَلَّمَ قَائِدُ الْمِئَةِ الأَسْرَى إِلَى رَئِيسِ الْمُعَسْكَرِ، وَأَمَّا بُولُسُ فَأُذِنَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ وَحْدَهُ مَعَ الْعَسْكَرِيِّ الَّذِي كَانَ يَحْرُسُهُ.

17وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ اسْتَدْعَى بُولُسُ الَّذِينَ كَانُوا وُجُوهَ الْيَهُودِ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، مَعَ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ شَيْئًا ضِدَّ الشَّعْبِ أَوْ عَوَائِدِ الآبَاءِ، أُسْلِمْتُ مُقَيَّدًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَيْدِي الرُّومَانِيِّينَ، 18الَّذِينَ لَمَّا فَحَصُوا كَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ يُطْلِقُونِي، لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِيَّ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ لِلْمَوْتِ. 19وَلكِنْ لَمَّا قَاوَمَ الْيَهُودُ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَرْفَعَ دَعْوَايَ إِلَى قَيْصَرَ، لَيْسَ كَأَنَّ لِي شَيْئًا لأَشْتَكِيَ بِهِ عَلَى أُمَّتِي. 20فَلِهذَا السَّبَبِ طَلَبْتُكُمْ لأَرَاكُمْ وَأُكَلِّمَكُمْ، لأَنِّي مِنْ أَجْلِ رَجَاءِ إِسْرَائِيلَ مُوثَقٌ بِهذِهِ السِّلْسِلَةِ».

21فَقَالُوا لَهُ: «نَحْنُ لَمْ نَقْبَلْ كِتَابَاتٍ فِيكَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ، وَلاَ أَحَدٌ مِنَ الإِخْوَةِ جَاءَ فَأَخْبَرَنَا أَوْ تَكَلَّمَ عَنْكَ بِشَيْءٍ رَدِيٍّ. 22وَلكِنَّنَا نَسْتَحْسِنُ أَنْ نَسْمَعَ مِنْكَ مَاذَا تَرَى، لأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا مِنْ جِهَةِ هذَا الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَاوَمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ».

23فَعَيَّنُوا لَهُ يَوْمًا، فَجَاءَ إِلَيْهِ كَثِيرُونَ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَطَفِقَ يَشْرَحُ لَهُمْ شَاهِدًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمُقْنِعًا إِيَّاهُمْ مِنْ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ بِأَمْرِ يَسُوعَ، مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ. 24فَاقْتَنَعَ بَعْضُهُمْ بِمَا قِيلَ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا. 25فَانْصَرَفُوا وَهُمْ غَيْرُ مُتَّفِقِينَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، لَمَّا قَالَ بُولُسُ كَلِمَةً وَاحِدَةً: «إِنَّهُ حَسَنًا كَلَّمَ الرُّوحُ الْقُدُسُ آبَاءَنَا بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ 26قَائِلاً: اذْهَبْ إِلَى هذَا الشَّعْبِ وَقُلْ: سَتَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَسَتَنْظُرُونَ نَظَرًا وَلاَ تُبْصِرُونَ. 27لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْبِ قَدْ غَلُظَ، وَبِآذَانِهِمْ سَمِعُوا ثَقِيلاً، وَأَعْيُنُهُمْ أَغْمَضُوهَا. لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِأَعْيُنِهِمْ وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ وَيَرْجِعُوا، فَأَشْفِيَهُمْ. 28فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ أَنَّ خَلاَصَ اللهِ قَدْ أُرْسِلَ إِلَى الأُمَمِ، وَهُمْ سَيَسْمَعُونَ!». 29وَلَمَّا قَالَ هذَا مَضَى الْيَهُودُ وَلَهُمْ مُبَاحَثَةٌ كَثِيرَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

30وَأَقَامَ بُولُسُ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَينِ فِي بَيْتٍ اسْتَأْجَرَهُ لِنَفْسِهِ. وَكَانَ يَقْبَلُ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِ، 31كَارِزًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمُعَلِّمًا بِأَمْرِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ، بِلاَ مَانِعٍ.

 

رومية

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

 الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، عَبْدٌ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْمَدْعُوُّ رَسُولاً، الْمُفْرَزُ لإِنْجِيلِ اللهِ، 2الَّذِي سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ، 3عَنِ ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ، 4وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا. 5الَّذِي بِهِ، لأَجْلِ اسْمِهِ، قَبِلْنَا نِعْمَةً وَرِسَالَةً، لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ، 6الَّذِينَ بَيْنَهُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا مَدْعُوُّو يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 7إِلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ، أَحِبَّاءَ اللهِ، مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

8أَوَّلاً، أَشْكُرُ إِلهِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ، أَنَّ إِيمَانَكُمْ يُنَادَى بِهِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ. 9فَإِنَّ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ بِرُوحِي، فِي إِنْجِيلِ ابْنِهِ، شَاهِدٌ لِي كَيْفَ بِلاَ انْقِطَاعٍ أَذْكُرُكُمْ، 10مُتَضَرِّعًا دَائِمًا فِي صَلَوَاتِي عَسَى الآنَ أَنْ يَتَيَسَّرَ لِي مَرَّةً بِمَشِيئَةِ اللهِ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ. 11لأَنِّي مُشْتَاقٌ أَنْ أَرَاكُمْ، لِكَيْ أَمْنَحَكُمْ هِبَةً رُوحِيَّةً لِثَبَاتِكُمْ، 12أَيْ لِنَتَعَزَّى بَيْنَكُمْ بِالإِيمَانِ الَّذِي فِينَا جَمِيعًا، إِيمَانِكُمْ وَإِيمَانِي.

13ثُمَّ لَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّنِي مِرَارًا كَثِيرَةً قَصَدْتُ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ، وَمُنِعْتُ حَتَّى الآنَ، لِيَكُونَ لِي ثَمَرٌ فِيكُمْ أَيْضًا كَمَا فِي سَائِرِ الأُمَمِ. 14إِنِّي مَدْيُونٌ لِلْيُونَانِيِّينَ وَالْبَرَابِرَةِ، لِلْحُكَمَاءِ وَالْجُهَلاَءِ. 15فَهكَذَا مَا هُوَ لِي مُسْتَعَدٌّ لِتَبْشِيرِكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا، 16لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ. 17لأَنْ فِيهِ مُعْلَنٌ بِرُّ اللهِ بِإِيمَانٍ، لإِيمَانٍ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا».

18لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. 19إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، 20لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ. 21لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. 22وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، 23وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَّحَّافَاتِ. 24لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. 25الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ، وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 26لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ، لأَنَّ إِنَاثَهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ، 27وَكَذلِكَ الذُّكُورُ أَيْضًا تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ، اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ، وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ. 28وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ. 29مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَزِنًا وَشَرّ وَطَمَعٍ وَخُبْثٍ، مَشْحُونِينَ حَسَدًا وَقَتْلاً وَخِصَامًا وَمَكْرًا وَسُوءًا، 30نَمَّامِينَ مُفْتَرِينَ، مُبْغِضِينَ للهِ، ثَالِبِينَ مُتَعَظِّمِينَ مُدَّعِينَ، مُبْتَدِعِينَ شُرُورًا، غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْوَالِدَيْنِ، 31بِلاَ فَهْمٍ وَلاَ عَهْدٍ وَلاَ حُنُوٍّ وَلاَ رِضىً وَلاَ رَحْمَةٍ. 32الَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ، لاَ يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا يُسَرُّونَ بِالَّذِينَ يَعْمَلُونَ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1لِذلِكَ أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ، كُلُّ مَنْ يَدِينُ. لأَنَّكَ فِي مَا تَدِينُ غَيْرَكَ تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ. لأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا! 2وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ دَيْنُونَةَ اللهِ هِيَ حَسَبُ الْحَقِّ عَلَى الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ. 3أَفَتَظُنُّ هذَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تَدِينُ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ، وَأَنْتَ تَفْعَلُهَا، أَنَّكَ تَنْجُو مِنْ دَيْنُونَةِ اللهِ؟ 4أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ 5وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ، 6الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. 7أَمَّا الَّذِينَ بِصَبْرٍ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَطْلُبُونَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْبَقَاءَ، فَبِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. 8وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّحَزُّبِ، وَلاَ يُطَاوِعُونَ لِلْحَقِّ بَلْ يُطَاوِعُونَ لِلإِثْمِ، فَسَخَطٌ وَغَضَبٌ، 9شِدَّةٌ وَضِيقٌ، عَلَى كُلِّ نَفْسِ إِنْسَانٍ يَفْعَلُ الشَّرَّ: الْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ الْيُونَانِيِّ. 10وَمَجْدٌ وَكَرَامَةٌ وَسَلاَمٌ لِكُلِّ مَنْ يَفْعَلُ الصَّلاَحَ: الْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ الْيُونَانِيِّ. 11لأَنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ.

12لأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ بِدُونِ النَّامُوسِ فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ. وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَ فِي النَّامُوسِ فَبِالنَّامُوسِ يُدَانُ. 13لأَنْ لَيْسَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النَّامُوسَ هُمْ أَبْرَارٌ عِنْدَ اللهِ، بَلِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالنَّامُوسِ هُمْ يُبَرَّرُونَ. 14لأَنَّهُ الأُمَمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ، مَتَى فَعَلُوا بِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِي النَّامُوسِ، فَهؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ هُمْ نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ، 15الَّذِينَ يُظْهِرُونَ عَمَلَ النَّامُوسِ مَكْتُوبًا فِي قُلُوبِهِمْ، شَاهِدًا أَيْضًا ضَمِيرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ فِيمَا بَيْنَهَا مُشْتَكِيَةً أَوْ مُحْتَجَّةً، 16فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يَدِينُ اللهُ سَرَائِرَ النَّاسِ حَسَبَ إِنْجِيلِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.

17هُوَذَا أَنْتَ تُسَمَّى يَهُودِيًّا، وَتَتَّكِلُ عَلَى النَّامُوسِ، وَتَفْتَخِرُ بِاللهِ، 18وَتَعْرِفُ مَشِيئَتَهُ، وَتُمَيِّزُ الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ، مُتَعَلِّمًا مِنَ النَّامُوسِ. 19وَتَثِقُ أَنَّكَ قَائِدٌ لِلْعُمْيَانِ، وَنُورٌ لِلَّذِينَ فِي الظُّلْمَةِ، 20وَمُهَذِّبٌ لِلأَغْبِيَاءِ، وَمُعَلِّمٌ لِلأَطْفَالِ، وَلَكَ صُورَةُ الْعِلْمِ وَالْحَقِّ فِي النَّامُوسِ. 21فَأَنْتَ إِذًا الَّذِي تُعَلِّمُ غَيْرَكَ، أَلَسْتَ تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟ الَّذِي تَكْرِزُ: أَنْ لاَ يُسْرَقَ، أَتَسْرِقُ؟ 22الَّذِي تَقُولُ: أَنْ لاَ يُزْنَى، أَتَزْنِي؟ الَّذِي تَسْتَكْرِهُ الأَوْثَانَ، أَتَسْرِقُ الْهَيَاكِلَ؟ 23الَّذِي تَفْتَخِرُ بِالنَّامُوسِ، أَبِتَعَدِّي النَّامُوسِ تُهِينُ اللهَ؟ 24لأَنَّ اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ. 25فَإِنَّ الْخِتَانَ يَنْفَعُ إِنْ عَمِلْتَ بِالنَّامُوسِ. وَلكِنْ إِنْ كُنْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ، فَقَدْ صَارَ خِتَانُكَ غُرْلَةً! 26إِذًا إِنْ كَانَ الأَغْرَلُ يَحْفَظُ أَحْكَامَ النَّامُوسِ، أَفَمَا تُحْسَبُ غُرْلَتُهُ خِتَانًا؟ 27وَتَكُونُ الْغُرْلَةُ الَّتِي مِنَ الطَّبِيعَةِ، وَهِيَ تُكَمِّلُ النَّامُوسَ، تَدِينُكَ أَنْتَ الَّذِي فِي الْكِتَابِ وَالْخِتَانِ تَتَعَدَّى النَّامُوسَ؟ 28لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا، وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَانًا، 29بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ، وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ، الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1إِذًا مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ، أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي كَلاَمِكَ، وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ».

5وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِثْمُنَا يُبَيِّنُ بِرَّ اللهِ، فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ اللهَ الَّذِي يَجْلِبُ الْغَضَبَ ظَالِمٌ؟ أَتَكَلَّمُ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ. 6حَاشَا! فَكَيْفَ يَدِينُ اللهُ الْعَالَمَ إِذْ ذَاكَ؟ 7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟ 8أَمَا كَمَا يُفْتَرَى عَلَيْنَا، وَكَمَا يَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّنَا نَقُولُ:«لِنَفْعَلِ السَّيِّآتِ لِكَيْ تَأْتِيَ الْخَيْرَاتُ»؟ الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ عَادِلَةٌ.

9فَمَاذَا إِذًا؟ أَنَحْنُ أَفْضَلُ؟ كَّلاَ الْبَتَّةَ! لأَنَّنَا قَدْ شَكَوْنَا أَنَّ الْيَهُودَ وَالْيُونَانِيِّينَ أَجْمَعِينَ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ، 10كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. 11لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. 12الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. 13حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. 14وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً. 15أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ. 16فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسُحْقٌ. 17وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. 18لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ». 19وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ النَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ الَّذِينَ فِي النَّامُوسِ، لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ. 20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ.

21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ، 22بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. 23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ، 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. 26لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ. 27فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى. بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَّلاَّ. بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. 28إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ. 29أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضًا؟ بَلَى، لِلأُمَمِ أَيْضًا 30لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ، هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ. 31أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ؟ 2لأَنَّهُ إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ تَبَرَّرَ بِالأَعْمَالِ فَلَهُ فَخْرٌ، وَلكِنْ لَيْسَ لَدَى اللهِ. 3لأَنَّهُ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا». 4أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ، بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. 5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ، وَلكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ، فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرًّا. 6كَمَا يَقُولُ دَاوُدُ أَيْضًا فِي تَطْوِيبِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَحْسِبُ لَهُ اللهُ بِرًّا بِدُونِ أَعْمَال: 7«طُوبَى لِلَّذِينَ غُفِرَتْ آثَامُهُمْ وَسُتِرَتْ خَطَايَاهُمْ. 8طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً». 9أَفَهذَا التَّطْوِيبُ هُوَ عَلَى الْخِتَانِ فَقَطْ أَمْ عَلَى الْغُرْلَةِ أَيْضًا؟ لأَنَّنَا نَقُولُ: إِنَّهُ حُسِبَ لإِبْرَاهِيمَ الإِيمَانُ بِرًّا. 10فَكَيْفَ حُسِبَ؟ أَوَهُوَ فِي الْخِتَانِ أَمْ فِي الْغُرْلَةِ؟ لَيْسَ فِي الْخِتَانِ، بَلْ فِي الْغُرْلَةِ! 11وَأَخَذَ عَلاَمَةَ الْخِتَانِ خَتْمًا لِبِرِّ الإِيمَانِ الَّذِي كَانَ فِي الْغُرْلَةِ، لِيَكُونَ أَبًا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْغُرْلَةِ، كَيْ يُحْسَبَ لَهُمْ أَيْضًا الْبِرُّ. 12وَأَبًا لِلْخِتَانِ لِلَّذِينَ لَيْسُوا مِنَ الْخِتَانِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا يَسْلُكُونَ فِي خُطُوَاتِ إِيمَانِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي كَانَ وَهُوَ فِي الْغُرْلَةِ. 13فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالنَّامُوسِ كَانَ الْوَعْدُ لإِبْرَاهِيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لِلْعَالَمِ، بَلْ بِبِرِّ الإِيمَانِ. 14لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الَّذِينَ مِنَ النَّامُوسِ هُمْ وَرَثَةً، فَقَدْ تَعَطَّلَ الإِيمَانُ وَبَطَلَ الْوَعْدُ: 15لأَنَّ النَّامُوسَ يُنْشِئُ غَضَبًا، إِذْ حَيْثُ لَيْسَ نَامُوسٌ لَيْسَ أَيْضًا تَعَدٍّ. 16لِهذَا هُوَ مِنَ الإِيمَانِ، كَيْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ النِّعْمَةِ، لِيَكُونَ الْوَعْدُ وَطِيدًا لِجَمِيعِ النَّسْلِ. لَيْسَ لِمَنْ هُوَ مِنَ النَّامُوسِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا لِمَنْ هُوَ مِنْ إِيمَانِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي هُوَ أَبٌ لِجَمِيعِنَا. 17كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ». أَمَامَ اللهِ الَّذِي آمَنَ بِهِ، الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى، وَيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ. 18فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ، آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ، لِكَيْ يَصِيرَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا قِيلَ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». 19وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفًا فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ ­ وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتًا، إِذْ كَانَ ابْنَ نَحْوِ مِئَةِ سَنَةٍ ­ وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ. 20وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا للهِ. 21وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا. 22لِذلِكَ أَيْضاً: حُسِبَ لَهُ بِرًّا». 23وَلكِنْ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ حُسِبَ لَهُ، 24بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضًا، الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا، الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ. 25الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 2الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ. 3وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، 4وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، 5وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا. 6لأَنَّ الْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. 7فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضًا أَنْ يَمُوتَ. 8وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. 9فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ! 10لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ! 11وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا بِاللهِ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ.

12مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. 13فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. 14لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي. 15وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ! 16وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ. 17لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ! 18فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. 19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا. 20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا. 21حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَنَبْقَى فِي الْخَطِيَّةِ لِكَيْ تَكْثُرَ النِّعْمَةُ؟ 2حَاشَا! نَحْنُ الَّذِينَ مُتْنَا عَنِ الْخَطِيَّةِ، كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا؟ 3أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، 4فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ 5لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ. 6عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ. 7لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ. 8فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. 9عَالِمِينَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَعْدَمَا أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَمُوتُ أَيْضًا. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَعْدُ. 10لأَنَّ الْمَوْتَ الَّذِي مَاتَهُ قَدْ مَاتَهُ لِلْخَطِيَّةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالْحَيَاةُ الَّتِي يَحْيَاهَا فَيَحْيَاهَا للهِ. 11كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتًا عَنِ الْخَطِيَّةِ، وَلكِنْ أَحْيَاءً للهِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. 12إِذًا لاَ تَمْلِكَنَّ الْخَطِيَّةُ فِي جَسَدِكُمُ الْمَائِتِ لِكَيْ تُطِيعُوهَا فِي شَهَوَاتِهِ، 13وَلاَ تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ للهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ بِرّ للهِ. 14فَإِنَّ الْخَطِيَّةَ لَنْ تَسُودَكُمْ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ.

15فَمَاذَا إِذًا؟ أَنُخْطِئُ لأَنَّنَا لَسْنَا تَحْتَ النَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ؟ حَاشَا! 16أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي تُقَدِّمُونَ ذَوَاتِكُمْ لَهُ عَبِيدًا لِلطَّاعَةِ، أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ: إِمَّا لِلْخَطِيَّةِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ؟ 17فَشُكْراً للهِ، أَنَّكُمْ كُنْتُمْ عَبِيدًا لِلْخَطِيَّةِ، وَلكِنَّكُمْ أَطَعْتُمْ مِنَ الْقَلْبِ صُورَةَ التَّعْلِيمِ الَّتِي تَسَلَّمْتُمُوهَا. 18وَإِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ صِرْتُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ. 19أَتَكَلَّمُ إِنْسَانِيًّا مِنْ أَجْلِ ضَعْفِ جَسَدِكُمْ. لأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَالإِثْمِ لِلإِثْمِ، هكَذَا الآنَ قَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ. 20لأَنَّكُمْ لَمَّا كُنْتُمْ عَبِيدَ الْخَطِيَّةِ، كُنْتُمْ أَحْرَارًا مِنَ الْبِرِّ. 21فَأَيُّ ثَمَرٍ كَانَ لَكُمْ حِينَئِذٍ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي تَسْتَحُونَ بِهَا الآنَ؟ لأَنَّ نِهَايَةَ تِلْكَ الأُمُورِ هِيَ الْمَوْتُ. 22وَأَمَّا الآنَ إِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ، وَصِرْتُمْ عَبِيدًا للهِ، فَلَكُمْ ثَمَرُكُمْ لِلْقَدَاسَةِ، وَالنِّهَايَةُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. 23لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1أَمْ تَجْهَلُونَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ­ لأَنِّي أُكَلِّمُ الْعَارِفِينَ بِالنَّامُوسِ ­ أَنَّ النَّامُوسَ يَسُودُ عَلَى الإِنْسَانِ مَا دَامَ حَيًّا؟ 2فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تَحْتَ رَجُل هِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ بِالرَّجُلِ الْحَيِّ. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ فَقَدْ تَحَرَّرَتْ مِنْ نَامُوسِ الرَّجُلِ. 3فَإِذًا مَا دَامَ الرَّجُلُ حَيًّا تُدْعَى زَانِيَةً إِنْ صَارَتْ لِرَجُل آخَرَ. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ فَهِيَ حُرَّةٌ مِنَ النَّامُوسِ، حَتَّى إِنَّهَا لَيْسَتْ زَانِيَةً إِنْ صَارَتْ لِرَجُل آخَرَ. 4إِذًا يَا إِخْوَتِي أَنْتُمْ أَيْضًا قَدْ مُتُّمْ لِلنَّامُوسِ بِجَسَدِ الْمَسِيحِ، لِكَيْ تَصِيرُوا لآخَرَ، لِلَّذِي قَدْ أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لِنُثْمِرَ للهِ. 5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا، لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ. 6وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ تَحَرَّرْنَا مِنَ النَّامُوسِ، إِذْ مَاتَ الَّذِي كُنَّا مُمْسَكِينَ فِيهِ، حَتَّى نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ.

7فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ: «لاَ تَشْتَهِ». 8وَلكِنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ أَنْشَأَتْ فِيَّ كُلَّ شَهْوَةٍ. لأَنْ بِدُونِ النَّامُوسِ الْخَطِيَّةُ مَيِّتَةٌ. 9أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشًا قَبْلاً. وَلكِنْ لَمَّا جَاءَتِ الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةُ، فَمُتُّ أَنَا، 10فَوُجِدَتِ الْوَصِيَّةُ الَّتِي لِلْحَيَاةِ هِيَ نَفْسُهَا لِي لِلْمَوْتِ. 11لأَنَّ الْخَطِيَّةَ، وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ، خَدَعَتْنِي بِهَا وَقَتَلَتْنِي. 12إِذًا النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ، وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ. 13فَهَلْ صَارَ لِي الصَّالِحُ مَوْتًا؟ حَاشَا! بَلِ الْخَطِيَّةُ. لِكَيْ تَظْهَرَ خَطِيَّةً مُنْشِئَةً لِي بِالصَّالِحِ مَوْتًا، لِكَيْ تَصِيرَ الْخَطِيَّةُ خَاطِئَةً جِدًّا بِالْوَصِيَّةِ.

14فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ، وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ. 15لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ، إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 16فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ، فَإِنِّي أُصَادِقُ النَّامُوسَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 17فَالآنَ لَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُ ذلِكَ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 18فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي، وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ. 19لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 20فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ، فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 21إِذًا أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي. 22فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ اللهِ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. 23وَلكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. 24وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هذَا الْمَوْتِ؟ 25أَشْكُرُ اللهَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا! إِذًا أَنَا نَفْسِي بِذِهْنِي أَخْدِمُ نَامُوسَ اللهِ، وَلكِنْ بِالْجَسَدِ نَامُوسَ الْخَطِيَّةِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. 2لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ. 3لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ، 4لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا، نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. 5فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ، وَلكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ. 6لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ. 7لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ للهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ. 8فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ. 9وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ، إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ. 10وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ، فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ، وَأَمَّا الرُّوحُ فَحَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ. 11وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ. 12فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. 13لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. 14لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. 15إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ». 16اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. 17فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ.

18فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. 19لأَنَّ انْتِظَارَ الْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ. 20إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ ­ لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا ­ عَلَى الرَّجَاءِ. 21لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ. 22فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ. 23وَلَيْسَ هكَذَا فَقَطْ، بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ، نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا، مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا. 24لأَنَّنَا بِالرَّجَاءِ خَلَصْنَا. وَلكِنَّ الرَّجَاءَ الْمَنْظُورَ لَيْسَ رَجَاءً، لأَنَّ مَا يَنْظُرُهُ أَحَدٌ كَيْفَ يَرْجُوهُ أَيْضًا؟ 25وَلكِنْ إِنْ كُنَّا نَرْجُو مَا لَسْنَا نَنْظُرُهُ فَإِنَّنَا نَتَوَقَّعُهُ بِالصَّبْرِ. 26وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا. 27وَلكِنَّ الَّذِي يَفْحَصُ الْقُلُوبَ يَعْلَمُ مَا هُوَ اهْتِمَامُ الرُّوحِ، لأَنَّهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يَشْفَعُ فِي الْقِدِّيسِينَ. 28وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. 29لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. 30وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا.

31فَمَاذَا نَقُولُ لِهذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟ 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ 33مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. 34مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا. 35مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ 36كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». 37وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. 38فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، 39وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1أَقُولُ الصِّدْقَ فِي الْمَسِيحِ، لاَ أَكْذِبُ، وَضَمِيرِي شَاهِدٌ لِي بِالرُّوحِ الْقُدُسِ: 2إِنَّ لِي حُزْنًا عَظِيمًا وَوَجَعًا فِي قَلْبِي لاَ يَنْقَطِعُ. 3فَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُومًا مِنَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي أَنْسِبَائِي حَسَبَ الْجَسَدِ، 4الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ، وَلَهُمُ التَّبَنِّي وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ، 5وَلَهُمُ الآبَاءُ، وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ، الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلهًا مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.

6وَلكِنْ لَيْسَ هكَذَا حَتَّى إِنَّ كَلِمَةَ اللهِ قَدْ سَقَطَتْ. لأَنْ لَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ، 7وَلاَ لأَنَّهُمْ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ هُمْ جَمِيعًا أَوْلاَدٌ. بَلْ «بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ». 8أَيْ لَيْسَ أَوْلاَدُ الْجَسَدِ هُمْ أَوْلاَدَ اللهِ، بَلْ أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ يُحْسَبُونَ نَسْلاً. 9لأَنَّ كَلِمَةَ الْمَوْعِدِ هِيَ هذِهِ: «أَنَا آتِي نَحْوَ هذَا الْوَقْتِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ». 10وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ رِفْقَةُ أَيْضًا، وَهِيَ حُبْلَى مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ إِسْحَاقُ أَبُونَا. 11لأَنَّهُ وَهُمَا لَمْ يُولَدَا بَعْدُ، وَلاَ فَعَلاَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا، لِكَيْ يَثْبُتَ قَصْدُ اللهِ حَسَبَ الاخْتِيَارِ، لَيْسَ مِنَ الأَعْمَالِ بَلْ مِنَ الَّذِي يَدْعُو، 12قِيلَ لَهَا: «إِنَّ الْكَبِيرَ يُسْتَعْبَدُ لِلصَّغِيرِ». 13كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ».

14فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ عِنْدَ اللهِ ظُلْمًا؟ حَاشَا! 15لأَنَّهُ يَقُولُ لِمُوسَى: «إِنِّي أَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ، وَأَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ». 16فَإِذًا لَيْسَ لِمَنْ يَشَاءُ وَلاَ لِمَنْ يَسْعَى، بَلْ للهِ الَّذِي يَرْحَمُ. 17لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ: «إِنِّي لِهذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ». 18فَإِذًا هُوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُقَسِّي مَنْ يَشَاءُ. 19فَسَتَقُولُ لِي: «لِمَاذَا يَلُومُ بَعْدُ؟ لأَنْ مَنْ يُقَاوِمُ مَشِيئَتَهُ؟» 20بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟» 21أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟ 22فَمَاذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ، احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ. 23وَلِكَيْ يُبَيِّنَ غِنَى مَجْدِهِ عَلَى آنِيَةِ رَحْمَةٍ قَدْ سَبَقَ فَأَعَدَّهَا لِلْمَجْدِ، 24الَّتِي أَيْضًا دَعَانَا نَحْنُ إِيَّاهَا، لَيْسَ مِنَ الْيَهُودِ فَقَطْ بَلْ مِنَ الأُمَمِ أَيْضًا. 25كَمَا يَقُولُ فِي هُوشَعَ أَيْضًا: «سَأَدْعُو الَّذِي لَيْسَ شَعْبِي شَعْبِي، وَالَّتِي لَيْسَتْ مَحْبُوبَةً مَحْبُوبَةً. 26وَيَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فِيهِ: لَسْتُمْ شَعْبِي، أَنَّهُ هُنَاكَ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ الْحَيِّ». 27وَإِشَعْيَاءُ يَصْرُخُ مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ: «وَإِنْ كَانَ عَدَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ، فَالْبَقِيَّةُ سَتَخْلُصُ. 28لأَنَّهُ مُتَمِّمُ أَمْرٍ وَقَاضٍ بِالْبِرِّ. لأَنَّ الرَّبَّ يَصْنَعُ أَمْرًا مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الأَرْضِ». 29وَكَمَا سَبَقَ إِشَعْيَاءُ فَقَالَ: «لَوْلاَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ أَبْقَى لَنَا نَسْلاً، لَصِرْنَا مِثْلَ سَدُومَ وَشَابَهْنَا عَمُورَةَ».

30فَمَاذَا نَقُولُ؟ إِنَّ الأُمَمَ الَّذِينَ لَمْ يَسْعَوْا فِي أَثَرِ الْبِرِّ أَدْرَكُوا الْبِرَّ، الْبِرَّ الَّذِي بِالإِيمَانِ. 31وَلكِنَّ إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ يَسْعَى فِي أَثَرِ نَامُوسِ الْبِرِّ، لَمْ يُدْرِكْ نَامُوسَ الْبِرِّ! 32لِمَاذَا؟ لأَنَّهُ فَعَلَ ذلِكَ لَيْسَ بِالإِيمَانِ، بَلْ كَأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. فَإِنَّهُمُ اصْطَدَمُوا بِحَجَرِ الصَّدْمَةِ، 33كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «هَا أَنَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى».



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنَّ مَسَرَّةَ قَلْبِي وَطَلْبَتِي إِلَى اللهِ لأَجْلِ إِسْرَائِيلَ هِيَ لِلْخَلاَصِ. 2لأَنِّي أَشْهَدُ لَهُمْ أَنَّ لَهُمْ غَيْرَةً للهِ، وَلكِنْ لَيْسَ حَسَبَ الْمَعْرِفَةِ. 3لأَنَّهُمْ إِذْ كَانُوا يَجْهَلُونَ بِرَّ اللهِ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يُثْبِتُوا بِرَّ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يُخْضَعُوا لِبِرِّ اللهِ. 4لأَنَّ غَايَةَ النَّامُوسِ هِيَ: الْمَسِيحُ لِلْبِرِّ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ.

5لأَنَّ مُوسَى يَكْتُبُ فِي الْبِرِّ الَّذِي بِالنَّامُوسِ: «إِنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 6وَأَمَّا الْبِرُّ الَّذِي بِالإِيمَانِ فَيَقُولُ هكَذَا: «لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ: مَنْ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ؟» أَيْ لِيُحْدِرَ الْمَسِيحَ، 7«أَوْ: مَنْ يَهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ؟» أَيْ لِيُصْعِدَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ 8لكِنْ مَاذَا يَقُولُ؟ «اَلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» أَيْ كَلِمَةُ الإِيمَانِ الَّتِي نَكْرِزُ بِهَا: 9لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ. 10لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ. 11لأَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ: «كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى». 12لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالْيُونَانِيِّ، لأَنَّ رَبًّا وَاحِدًا لِلْجَمِيعِ، غَنِيًّا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ. 13لأَنَّ «كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ». 14فَكَيْفَ يَدْعُونَ بِمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟ 15وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ إِنْ لَمْ يُرْسَلُوا؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ». 16لكِنْ لَيْسَ الْجَمِيعُ قَدْ أَطَاعُوا الإِنْجِيلَ، لأَنَّ إِشَعْيَاءَ يَقُولُ: «يَارَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟» 17إِذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ. 18لكِنَّنِي أَقُولُ: أَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا؟ بَلَى! «إِلَى جَمِيعِ الأَرْضِ خَرَجَ صَوْتُهُمْ، وَإِلَى أَقَاصِي الْمَسْكُونَةِ أَقْوَالُهُمْ». 19لكِنِّي أَقُولُ: أَلَعَلَّ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَعْلَمْ؟ أَوَّلاً مُوسَى يَقُولُ: «أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ». 20ثُمَّ إِشَعْيَاءُ يَتَجَاسَرُ وَيَقُولُ: «وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي، وَصِرْتُ ظَاهِرًا لِلَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّي». 21أَمَّا مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ فَيَقُولُ: «طُولَ النَّهَارِ بَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى شَعْبٍ مُعَانِدٍ وَمُقَاوِمٍ».



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1فَأَقُولُ: أَلَعَلَّ اللهَ رَفَضَ شَعْبَهُ؟ حَاشَا! لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِسْرَائِيلِيٌّ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ. 2لَمْ يَرْفُضِ اللهُ شَعْبَهُ الَّذِي سَبَقَ فَعَرَفَهُ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ فِي إِيلِيَّا؟ كَيْفَ يَتَوَسَّلُ إِلَى اللهِ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: 3«يَارَبُّ، قَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ وَهَدَمُوا مَذَابِحَكَ، وَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي!». 4لكِنْ مَاذَا يَقُولُ لَهُ الْوَحْيُ؟ «أَبْقَيْتُ لِنَفْسِي سَبْعَةَ آلاَفِ رَجُل لَمْ يُحْنُوا رُكْبَةً لِبَعْل». 5فَكَذلِكَ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ أَيْضًا قَدْ حَصَلَتْ بَقِيَّةٌ حَسَبَ اخْتِيَارِ النِّعْمَةِ. 6فَإِنْ كَانَ بِالنِّعْمَةِ فَلَيْسَ بَعْدُ بِالأَعْمَالِ، وَإِلاَّ فَلَيْسَتِ النِّعْمَةُ بَعْدُ نِعْمَةً. وَإِنْ كَانَ بِالأَعْمَالِ فَلَيْسَ بَعْدُ نِعْمَةً، وَإِلاَّ فَالْعَمَلُ لاَ يَكُونُ بَعْدُ عَمَلاً. 7فَمَاذَا؟ مَا يَطْلُبُهُ إِسْرَائِيلُ ذلِكَ لَمْ يَنَلْهُ. وَلكِنِ الْمُخْتَارُونَ نَالُوهُ. وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَتَقَسَّوْا، 8كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَعْطَاهُمُ اللهُ رُوحَ سُبَاتٍ، وَعُيُونًا حَتَّى لاَ يُبْصِرُوا، وَآذَانًا حَتَّى لاَ يَسْمَعُوا إِلَى هذَا الْيَوْمِ». 9وَدَاوُدُ يَقُولُ: «لِتَصِرْ مَائِدَتُهُمْ فَخًّا وَقَنَصًا وَعَثْرَةً وَمُجَازَاةً لَهُمْ. 10لِتُظْلِمْ أَعْيُنُهُمْ كَيْ لاَ يُبْصِرُوا، وَلْتَحْنِ ظُهُورَهُمْ فِي كُلِّ حِينٍ».

11فَأَقُولُ: أَلَعَلَّهُمْ عَثَرُوا لِكَيْ يَسْقُطُوا؟ حَاشَا! بَلْ بِزَلَّتِهِمْ صَارَ الْخَلاَصُ لِلأُمَمِ لإِغَارَتِهِمْ. 12فَإِنْ كَانَتْ زَلَّتُهُمْ غِنىً لِلْعَالَمِ، وَنُقْصَانُهُمْ غِنىً لِلأُمَمِ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ مِلْؤُهُمْ؟ 13فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا الأُمَمُ: بِمَا أَنِّي أَنَا رَسُولٌ لِلأُمَمِ أُمَجِّدُ خِدْمَتِي، 14لَعَلِّي أُغِيرُ أَنْسِبَائِي وَأُخَلِّصُ أُنَاسًا مِنْهُمْ. 15لأَنَّهُ إِنْ كَانَ رَفْضُهُمْ هُوَ مُصَالَحَةَ الْعَالَمِ، فَمَاذَا يَكُونُ اقْتِبَالُهُمْ إِلاَّ حَيَاةً مِنَ الأَمْوَاتِ؟ 16وَإِنْ كَانَتِ الْبَاكُورَةُ مُقَدَّسَةً فَكَذلِكَ الْعَجِينُ! وَإِنْ كَانَ الأَصْلُ مُقَدَّسًا فَكَذلِكَ الأَغْصَانُ! 17فَإِنْ كَانَ قَدْ قُطِعَ بَعْضُ الأَغْصَانِ، وَأَنْتَ زَيْتُونَةٌ بَرِّيَّةٌ طُعِّمْتَ فِيهَا، فَصِرْتَ شَرِيكًا فِي أَصْلِ الزَّيْتُونَةِ وَدَسَمِهَا، 18فَلاَ تَفْتَخِرْ عَلَى الأَغْصَانِ. وَإِنِ افْتَخَرْتَ، فَأَنْتَ لَسْتَ تَحْمِلُ الأَصْلَ، بَلِ الأَصْلُ إِيَّاكَ يَحْمِلُ! 19فَسَتَقُولُ: «قُطِعَتِ الأَغْصَانُ لأُطَعَّمَ أَنَا!». 20حَسَنًا! مِنْ أَجْلِ عَدَمِ الإِيمَانِ قُطِعَتْ، وَأَنْتَ بِالإِيمَانِ ثَبَتَّ. لاَ تَسْتَكْبِرْ بَلْ خَفْ! 21لأَنَّهُ إِنْ كَانَ اللهُ لَمْ يُشْفِقْ عَلَى الأَغْصَانِ الطَّبِيعِيَّةِ فَلَعَلَّهُ لاَ يُشْفِقُ عَلَيْكَ أَيْضًا! 22فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ: أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا، وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ، إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضًا سَتُقْطَعُ. 23وَهُمْ إِنْ لَمْ يَثْبُتُوا فِي عَدَمِ الإِيمَانِ سَيُطَعَّمُونَ. لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُطَعِّمَهُمْ أَيْضًا. 24لأَنَّهُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ قُطِعْتَ مِنَ الزَّيْتُونَةِ الْبَرِّيَّةِ حَسَبَ الطَّبِيعَةِ، وَطُعِّمْتَ بِخِلاَفِ الطَّبِيعَةِ فِي زَيْتُونَةٍ جَيِّدَةٍ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يُطَعَّمُ هؤُلاَءِ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الطَّبِيعَةِ، فِي زَيْتُونَتِهِمِ الْخَاصَّةِ؟

25فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا هذَا السِّرَّ، لِئَلاَّ تَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ حُكَمَاءَ: أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ، 26وَهكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ. 27وَهذَا هُوَ الْعَهْدُ مِنْ قِبَلِي لَهُمْ مَتَى نَزَعْتُ خَطَايَاهُمْ». 28مِنْ جِهَةِ الإِنْجِيلِ هُمْ أَعْدَاءٌ مِنْ أَجْلِكُمْ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الاخْتِيَارِ فَهُمْ أَحِبَّاءُ مِنْ أَجْلِ الآبَاءِ، 29لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ. 30فَإِنَّهُ كَمَا كُنْتُمْ أَنْتُمْ مَرَّةً لاَ تُطِيعُونَ اللهَ، وَلكِنِ الآنَ رُحِمْتُمْ بِعِصْيَانِ هؤُلاَءِ 31هكَذَاهؤُلاَءِ أَيْضًا الآنَ، لَمْ يُطِيعُوا لِكَيْ يُرْحَمُوا هُمْ أَيْضًا بِرَحْمَتِكُمْ. 32لأَنَّ اللهَ أَغْلَقَ عَلَى الْجَمِيعِ مَعًا فِي الْعِصْيَانِ، لِكَيْ يَرْحَمَ الْجَمِيعَ.

33يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ! 34«لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟ 35أَوْ مَنْ سَبَقَ فَأَعْطَاهُ فَيُكَافَأَ؟».

36لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ. لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. 2وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ. 3فَإِنِّي أَقُولُ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي، لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَيْنَكُمْ: أَنْ لاَ يَرْتَئِيَ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَئِيَ، بَلْ يَرْتَئِيَ إِلَى التَّعَقُّلِ، كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَارًا مِنَ الإِيمَانِ. 4فَإِنَّهُ كَمَا فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ لَنَا أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ الأَعْضَاءِ لَهَا عَمَلٌ وَاحِدٌ، 5هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ. 6وَلكِنْ لَنَا مَوَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ النِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَنَا: أَنُبُوَّةٌ فَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الإِيمَانِ، 7أَمْ خِدْمَةٌ فَفِي الْخِدْمَةِ، أَمِ الْمُعَلِّمُ فَفِي التَّعْلِيمِ، 8أَمِ الْوَاعِظُ فَفِي الْوَعْظِ، الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ، الْمُدَبِّرُ فَبِاجْتِهَادٍ، الرَّاحِمُ فَبِسُرُورٍ. 9اَلْمَحَبَّةُ فَلْتَكُنْ بِلاَ رِيَاءٍ. كُونُوا كَارِهِينَ الشَّرَّ، مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْرِ. 10وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ. 11غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ، 12فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي الضَِّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ، 13مُشْتَرِكِينَ فِي احْتِيَاجَاتِ الْقِدِّيسِينَ، عَاكِفِينَ عَلَى إِضَافَةِ الْغُرَبَاءِ. 14بَارِكُوا عَلَى الَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ. بَارِكُوا وَلاَ تَلْعَنُوا. 15فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ. 16مُهْتَمِّينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ اهْتِمَامًا وَاحِدًا، غَيْرَ مُهْتَمِّينَ بِالأُمُورِ الْعَالِيَةِ بَلْ مُنْقَادِينَ إِلَى الْمُتَّضِعِينَ. لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ. 17لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ. 18إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ. 19لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. 20فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ». 21لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، 2حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. 3فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ، 4لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ. 5لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ. 6فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضًا، إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذلِكَ بِعَيْنِهِ. 7فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ.

8لاَ تَكُونُوا مَدْيُونِينَ لأَحَدٍ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، لأَنَّ مَنْ أَحَبَّ غَيْرَهُ فَقَدْ أَكْمَلَ النَّامُوسَ. 9لأَنَّ «لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ، لاَ تَشْتَهِ»، وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً أُخْرَى، هِيَ مَجْمُوعَةٌ فِي هذِهِ الْكَلِمَةِ: «أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 10اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ، فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ.

11هذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ، أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. 12قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. 13لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. 14بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ

 

1وَمَنْ هُوَ ضَعِيفٌ فِي الإِيمَانِ فَاقْبَلُوهُ، لاَ لِمُحَاكَمَةِ الأَفْكَارِ. 2وَاحِدٌ يُؤْمِنُ أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَمَّا الضَّعِيفُ فَيَأْكُلُ بُقُولاً. 3لاَ يَزْدَرِ مَنْ يَأْكُلُ بِمَنْ لاَ يَأْكُلُ، وَلاَ يَدِنْ مَنْ لاَ يَأْكُلُ مَنْ يَأْكُلُ، لأَنَّ اللهَ قَبِلَهُ. 4مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ؟ هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ. وَلكِنَّهُ سَيُثَبَّتُ، لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ. 5وَاحِدٌ يَعْتَبِرُ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، وَآخَرُ يَعْتَبِرُ كُلَّ يَوْمٍ. فَلْيَتَيَقَّنْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي عَقْلِهِ: 6الَّذِي يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ، فَلِلرَّبِّ يَهْتَمُّ. وَالَّذِي لاَ يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ، فَلِلرَّبِّ لاَ يَهْتَمُّ. وَالَّذِي يَأْكُلُ، فَلِلرَّبِّ يَأْكُلُ لأَنَّهُ يَشْكُرُ اللهَ. وَالَّذِي لاَ يَأْكُلُ فَلِلرَّبِّ لاَ يَأْكُلُ وَيَشْكُرُ اللهَ. 7لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَعِيشُ لِذَاتِهِ، وَلاَ أَحَدٌ يَمُوتُ لِذَاتِهِ. 8لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ. 9لأَنَّهُ لِهذَا مَاتَ الْمَسِيحُ وَقَامَ وَعَاشَ، لِكَيْ يَسُودَ عَلَى الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. 10وَأَمَّا أَنْتَ، فَلِمَاذَا تَدِينُ أَخَاكَ؟ أَوْ أَنْتَ أَيْضًا، لِمَاذَا تَزْدَرِي بِأَخِيكَ؟ لأَنَّنَا جَمِيعًا سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، 11لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «أَنَا حَيٌّ، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّهُ لِي سَتَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، وَكُلُّ لِسَانٍ سَيَحْمَدُ اللهَ». 12فَإِذًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيُعْطِي عَنْ نَفْسِهِ حِسَابًا للهِ.

13فَلاَ نُحَاكِمْ أَيْضًا بَعْضُنَا بَعْضًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ احْكُمُوا بِهذَا: أَنْ لاَ يُوضَعَ لِلأَخِ مَصْدَمَةٌ أَوْ مَعْثَرَةٌ. 14إِنِّي عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ نَجِسًا بِذَاتِهِ، إِلاَّ مَنْ يَحْسِبُ شَيْئًا نَجِسًا، فَلَهُ هُوَ نَجِسٌ. 15فَإِنْ كَانَ أَخُوكَ بِسَبَبِ طَعَامِكَ يُحْزَنُ، فَلَسْتَ تَسْلُكُ بَعْدُ حَسَبَ الْمَحَبَّةِ. لاَ تُهْلِكْ بِطَعَامِكَ ذلِكَ الَّذِي مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِهِ. 16فَلاَ يُفْتَرَ عَلَى صَلاَحِكُمْ، 17لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ. 18لأَنَّ مَنْ خَدَمَ الْمَسِيحَ فِي هذِهِ فَهُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ اللهِ، وَمُزَكُى عِنْدَ النَّاسِ. 19فَلْنَعْكُفْ إِذًا عَلَى مَا هُوَ لِلسَّلاَمِ، وَمَا هُوَ لِلْبُنْيَانِ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ. 20لاَ تَنْقُضْ لأَجْلِ الطَّعَامِ عَمَلَ اللهِ. كُلُّ الأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ، لكِنَّهُ شَرٌّ لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَأْكُلُ بِعَثْرَةٍ. 21حَسَنٌ أَنْ لاَ تَأْكُلَ لَحْمًا وَلاَ تَشْرَبَ خَمْرًا وَلاَ شَيْئًا يَصْطَدِمُ بِهِ أَخُوكَ أَوْ يَعْثُرُ أَوْ يَضْعُفُ. 22أَلَكَ إِيمَانٌ؟ فَلْيَكُنْ لَكَ بِنَفْسِكَ أَمَامَ اللهِ! طُوبَى لِمَنْ لاَ يَدِينُ نَفْسَهُ فِي مَا يَسْتَحْسِنُهُ. 23وَأَمَّا الَّذِي يَرْتَابُ فَإِنْ أَكَلَ يُدَانُ، لأَنَّ ذلِكَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

 

1فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ الضُّعَفَاءِ، وَلاَ نُرْضِيَ أَنْفُسَنَا. 2فَلْيُرْضِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَرِيبَهُ لِلْخَيْرِ، لأَجْلِ الْبُنْيَانِ. 3لأَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ». 4لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا، حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ. 5وَلْيُعْطِكُمْ إِلهُ الصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ أَنْ تَهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا فِيمَا بَيْنَكُمْ، بِحَسَبِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ، 6لِكَيْ تُمَجِّدُوا اللهَ أَبَا رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَفَمٍ وَاحِدٍ. 7لِذلِكَ اقْبَلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا قَبِلَنَا، لِمَجْدِ اللهِ. 8وَأَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ، مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ، حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ. 9وَأَمَّا الأُمَمُ فَمَجَّدُوا اللهَ مِنْ أَجْلِ الرَّحْمَةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِي الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاسْمِكَ» 10وَيَقُولُ أَيْضًا: «تَهَلَّلُوا أَيُّهَا الأُمَمُ مَعَ شَعْبِهِ» 11وَأَيْضًا: «سَبِّحُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَامْدَحُوهُ يَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ» 12وَأَيْضًا يَقُولُ إِشَعْيَاءُ: «سَيَكُونُ أَصْلُ يَسَّى وَالْقَائِمُ لِيَسُودَ عَلَى الأُمَمِ، عَلَيْهِ سَيَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ». 13وَلْيَمْلأْكُمْ إِلهُ الرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلاَمٍ فِي الإِيمَانِ، لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ.

14وَأَنَا نَفْسِي أَيْضًا مُتَيَقِّنٌ مِنْ جِهَتِكُمْ، يَاإِخْوَتِي، أَنَّكُمْ أَنْتُمْ مَشْحُونُونَ صَلاَحًا، وَمَمْلُوؤُونَ كُلَّ عِلْمٍ، قَادِرُونَ أَنْ يُنْذِرَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. 15وَلكِنْ بِأَكْثَرِ جَسَارَةٍ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ جُزْئِيًّا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، كَمُذَكِّرٍ لَكُمْ، بِسَبَبِ النِّعْمَةِ الَّتِي وُهِبَتْ لِي مِنَ اللهِ، 16حَتَّى أَكُونَ خَادِمًا لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ الأُمَمِ، مُبَاشِرًا لإِنْجِيلِ اللهِ كَكَاهِنٍ، لِيَكُونَ قُرْبَانُ الأُمَمِ مَقْبُولاً مُقَدَّسًا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 17فَلِي افْتِخَارٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَةِ مَا للهِ. 18لأَنِّي لاَ أَجْسُرُ أَنْ أَتَكَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَسِيحُ بِوَاسِطَتِي لأَجْلِ إِطَاعَةِ الأُمَمِ، بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، 19بِقُوَّةِ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، بِقُوَّةِ رُوحِ اللهِ. حَتَّى إِنِّي مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى إِللِّيرِيكُونَ، قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ. 20وَلكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصًا أَنْ أُبَشِّرَ هكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ، لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لآخَرَ. 21بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُونَ». 22لِذلِكَ كُنْتُ أُعَاقُ الْمِرَارَ الْكَثِيرَةَ عَنِ الْمَجِيءِ إِلَيْكُمْ. 23وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ لَيْسَ لِي مَكَانٌ بَعْدُ فِي هذِهِ الأَقَالِيمِ، وَلِي اشْتِيَاقٌ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَيْكُمْ مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، 24فَعِنْدَمَا أَذْهَبُ إِلَى اسْبَانِيَا آتِي إِلَيْكُمْ. لأَنِّي أَرْجُو أَنْ أَرَاكُمْ فِي مُرُورِي وَتُشَيِّعُونِي إِلَى هُنَاكَ، إِنْ تَمَلاَّءْتُ أَوَّلاً مِنْكُمْ جُزْئِيًّا. 25وَلكِنِ الآنَ أَنَا ذَاهِبٌ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَخْدِمَ الْقِدِّيسِينَ، 26لأَنَّ أَهْلَ مَكِدُونِيَّةَ وَأَخَائِيَةَ اسْتَحْسَنُوا أَنْ يَصْنَعُوا تَوْزِيعًا لِفُقَرَاءِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. 27اسْتَحْسَنُوا ذلِكَ، وَإِنَّهُمْ لَهُمْ مَدْيُونُونَ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الأُمَمُ قَدِ اشْتَرَكُوا فِي رُوحِيَّاتِهِمْ، يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْدِمُوهُمْ فِي الْجَسَدِيَّاتِ أَيْضًا. 28فَمَتَى أَكْمَلْتُ ذلِكَ، وَخَتَمْتُ لَهُمْ هذَا الثَّمَرَ، فَسَأَمْضِي مَارًّا بِكُمْ إِلَى اسْبَانِيَا. 29وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي إِذَا جِئْتُ إِلَيْكُمْ، سَأَجِيءُ فِي مِلْءِ بَرَكَةِ إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ. 30فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَبِمَحَبَّةِ الرُّوحِ، أَنْ تُجَاهِدُوا مَعِي فِي الصَّلَوَاتِ مِنْ أَجْلِي إِلَى اللهِ، 31لِكَيْ أُنْقَذَ مِنَ الَّذِينَ هُمْ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ، وَلِكَيْ تَكُونَ خِدْمَتِي لأَجْلِ أُورُشَلِيمَ مَقْبُولَةً عِنْدَ الْقِدِّيسِينَ، 32حَتَّى أَجِيءَ إِلَيْكُمْ بِفَرَحٍ بِإِرَادَةِ اللهِ، وَأَسْتَرِيحَ مَعَكُمْ. 33إِلهُ السَّلاَمِ مَعَكُمْ أَجْمَعِينَ. آمِينَ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

1أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي، الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا، 2كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ، وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ، لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا.

3سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، 4اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي، اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ، 5وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي، الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. 6سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا. 7سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ، الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي، اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ، وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. 8سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. 9سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ، وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. 10سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ أَرِسْتُوبُولُوسَ. 11سَلِّمُوا عَلَى هِيرُودِيُونَ نَسِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ نَرْكِيسُّوسَ الْكَائِنِينَ فِي الرَّبِّ. 12سَلِّمُوا عَلَى تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ. 13سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ، وَعَلَى أُمِّهِ أُمِّي. 14سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ، وَهَرْمِيسَ، وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ. 15سَلِّمُوا عَلَى فِيلُولُوغُسَ وَجُولِيَا، وَنِيرِيُوسَ وَأُخْتِهِ، وَأُولُمْبَاسَ، وَعَلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ مَعَهُمْ. 16سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ.

17وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ، خِلاَفًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ. 18لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ. 19لأَنَّ طَاعَتَكُمْ ذَاعَتْ إِلَى الْجَمِيعِ، فَأَفْرَحُ أَنَا بِكُمْ، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ لِلْخَيْرِ وَبُسَطَاءَ لِلشَّرِّ. 20وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ.

21يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسُ الْعَامِلُ مَعِي، وَلُوكِيُوسُ وَيَاسُونُ وَسُوسِيبَاتْرُسُ أَنْسِبَائِي. 22أَنَا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هذِهِ الرِّسَالَةِ، أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ. 23يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُسُ خَازِنُ الْمَدِينَةِ، وَكَوَارْتُسُ الأَخُ. 24نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

25وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ، حَسَبَ إِنْجِيلِي وَالْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، حَسَبَ إِعْلاَنِ السِّرِّ الَّذِي كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، 26وَلكِنْ ظَهَرَ الآنَ، وَأُعْلِمَ بِهِ جَمِيعُ الأُمَمِ بِالْكُتُبِ النَّبَوِيَّةِ حَسَبَ أَمْرِ الإِلهِ الأَزَلِيِّ، لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ، 27للهِ الْحَكِيمِ وَحْدَهُ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.

 

كورنثوس الأولى

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، الْمَدْعُوُّ رَسُولاً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَسُوسْتَانِيسُ الأَخُ، 2إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، الْمُقَدَّسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الْمَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَهُمْ وَلَنَا: 3نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

4أَشْكُرُ إِلهِي فِي كُلِّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لَكُمْ فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 5أَنَّكُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ اسْتَغْنَيْتُمْ فِيهِ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ وَكُلِّ عِلْمٍ، 6كَمَا ثُبِّتَتْ فِيكُمْ شَهَادَةُ الْمَسِيحِ، 7حَتَّى إِنَّكُمْ لَسْتُمْ نَاقِصِينَ فِي مَوْهِبَةٍ مَا، وَأَنْتُمْ مُتَوَقِّعُونَ اسْتِعْلاَنَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 8الَّذِي سَيُثْبِتُكُمْ أَيْضًا إِلَى النِّهَايَةِ بِلاَ لَوْمٍ فِي يَوْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 9أَمِينٌ هُوَ اللهُ الَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا.

10وَلكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِدًا، وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ، بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ، 11لأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ. 12فَأَنَا أَعْنِي هذَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ:«أَنَا لِبُولُسَ»، و«َأَنَا لأَبُلُّوسَ»، وَ«أَنَا لِصَفَا»، وَ«أَنَا لِلْمَسِيحِ». 13هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟ أَلَعَلَّ بُولُسَ صُلِبَ لأَجْلِكُمْ، أَمْ بِاسْمِ بُولُسَ اعْتَمَدْتُمْ؟ 14أَشْكُرُ اللهَ أَنِّي لَمْ أُعَمِّدْ أَحَدًا مِنْكُمْ إِلاَّ كِرِيسْبُسَ وَغَايُسَ، 15حَتَّى لاَ يَقُولَ أَحَدٌ إِنِّي عَمَّدْتُ بِاسْمِي. 16وَعَمَّدْتُ أَيْضًا بَيْتَ اسْتِفَانُوسَ. عَدَا ذلِكَ لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ عَمَّدْتُ أَحَدًا آخَرَ، 17لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يُرْسِلْنِي لأُعَمِّدَ بَلْ لأُبَشِّرَ، لاَ بِحِكْمَةِ كَلاَمٍ لِئَلاَّ يَتَعَطَّلَ صَلِيبُ الْمَسِيحِ. 18فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ، 19لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الْحُكَمَاءِ، وَأَرْفُضُ فَهْمَ الْفُهَمَاءِ». 20أَيْنَ الْحَكِيمُ؟ أَيْنَ الْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هذَا الدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ اللهُ حِكْمَةَ هذَا الْعَالَمِ؟ 21لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ، اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ. 22لأَنَّ الْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً، وَالْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً، 23وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! 24وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ. 25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!

26فَانْظُرُوا دَعْوَتَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنْ لَيْسَ كَثِيرُونَ حُكَمَاءَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لَيْسَ كَثِيرُونَ أَقْوِيَاءَ، لَيْسَ كَثِيرُونَ شُرَفَاءَ، 27بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ. وَاخْتَارَ اللهُ ضُعَفَاءَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الأَقْوِيَاءَ. 28وَاخْتَارَ اللهُ أَدْنِيَاءَ الْعَالَمِ وَالْمُزْدَرَى وَغَيْرَ الْمَوْجُودِ لِيُبْطِلَ الْمَوْجُودَ، 29لِكَيْ لاَ يَفْتَخِرَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَمَامَهُ. 30وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً. 31حَتَّى كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَنِ افْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبِّ».



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَأَنَا لَمَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُوِّ الْكَلاَمِ أَوِ الْحِكْمَةِ مُنَادِيًا لَكُمْ بِشَهَادَةِ اللهِ، 2لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئًا بَيْنَكُمْ إلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوبًا. 3وَأَنَا كُنْتُ عِنْدَكُمْ فِي ضَعْفٍ، وَخَوْفٍ، وَرِعْدَةٍ كَثِيرَةٍ. 4وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، 5لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ.

6لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ، وَلكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هذَا الدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ، الَّذِينَ يُبْطَلُونَ. 7بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ، الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا، 8الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ، لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ. 9بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ». 10فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ. 11لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هكَذَا أَيْضًا أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ. 12وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، 13الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ. 14وَلكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيًّا. 15وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ لاَيُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ. 16«لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟» وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ، 2سَقَيْتُكُمْ لَبَنًا لاَ طَعَامًا، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ الآنَ أَيْضًا لاَ تَسْتَطِيعُونَ، 3لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ، أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟ 4لأَنَّهُ مَتَى قَالَ وَاحِدٌ: «أَنَا لِبُولُسَ» وَآخَرُ:«أَنَا لأَبُلُّوسَ» أَفَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ؟

5فَمَنْ هُوَ بُولُسُ؟ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا، وَكَمَا أَعْطَى الرَّبُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ: 6أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي. 7إِذًا لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي. 8وَالْغَارِسُ وَالسَّاقِي هُمَا وَاحِدٌ، وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ. 9فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلاَنِ مَعَ اللهِ، وَأَنْتُمْ فَلاَحَةُ اللهِ، بِنَاءُ اللهِ. 10حَسَبَ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاسًا، وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ. 11فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ، الَّذِي هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. 12وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدُ يَبْنِي عَلَى هذَا الأَسَاسِ: ذَهَبًا، فِضَّةً، حِجَارَةً كَرِيمَةً، خَشَبًا، عُشْبًا، قَشًّا، 13فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِرًا لأَنَّ الْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ النَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ. 14إِنْ بَقِيَ عَمَلُ أَحَدٍ قَدْ بَنَاهُ عَلَيْهِ فَسَيَأْخُذُ أُجْرَةً. 15إِنِ احْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ، وَلكِنْ كَمَا بِنَارٍ. 16أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ 17إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ. 18لاَ يَخْدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَهُ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هذَا الدَّهْرِ، فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيمًا! 19لأَنَّ حِكْمَةَ هذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «الآخِذُ الْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ». 20وَأَيْضًا: «الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ». 21إِذًا لاَ يَفْتَخِرَنَّ أَحَدٌ بِالنَّاسِ! فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَكُمْ: 22أَبُولُسُ، أَمْ أَبُلُّوسُ، أَمْ صَفَا، أَمِ الْعَالَمُ، أَمِ الْحَيَاةُ، أَمِ الْمَوْتُ، أَمِ الأَشْيَاءُ الْحَاضِرَةُ، أَمِ الْمُسْتَقْبَِلَةُ. كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ. 23وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلِلْمَسِيحِ، وَالْمَسِيحُ للهِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ، 2ثُمَّ يُسْأَلُ فِي الْوُكَلاَءِ لِكَيْ يُوجَدَ الإِنْسَانُ أَمِينًا. 3وَأَمَّا أَنَا فَأَقَلُّ شَيْءٍ عِنْدِي أَنْ يُحْكَمَ فِيَّ مِنْكُمْ، أَوْ مِنْ يَوْمِ بَشَرٍ. بَلْ لَسْتُ أَحْكُمُ فِي نَفْسِي أَيْضًا. 4فَإِنِّي لَسْتُ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ فِي ذَاتِي. لكِنَّنِي لَسْتُ بِذلِكَ مُبَرَّرًا. وَلكِنَّ الَّذِي يَحْكُمُ فِيَّ هُوَ الرَّبُّ. 5إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ.

6فَهذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ حَوَّلْتُهُ تَشْبِيهًا إِلَى نَفْسِي وَإِلَى أَبُلُّوسَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَتَعَلَّمُوا فِينَا: «أَنْ لاَ تَفْتَكِرُوا فَوْقَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ»، كَيْ لاَ يَنْتَفِخَ أَحَدٌ لأَجْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الآخَرِ. 7لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟ 8إِنَّكُمْ قَدْ شَبِعْتُمْ! قَدِ اسْتَغْنَيْتُمْ! مَلَكْتُمْ بِدُونِنَا! وَلَيْتَكُمْ مَلَكْتُمْ لِنَمْلِكَ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكُمْ! 9فَإِنِّي أَرَى أَنَّ اللهَ أَبْرَزَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ آخِرِينَ، كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِالْمَوْتِ. لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَرًا لِلْعَالَمِ، لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ. 10نَحْنُ جُهَّالٌ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحُكَمَاءُ فِي الْمَسِيحِ! نَحْنُ ضُعَفَاءُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَقْوِيَاءُ! أَنْتُمْ مُكَرَّمُونَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَبِلاَ كَرَامَةٍ! 11إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ، 12وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. 13يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ. 14لَيْسَ لِكَيْ أُخَجِّلَكُمْ أَكْتُبُ بِهذَا، بَلْ كَأَوْلاَدِي الأَحِبَّاءِ أُنْذِرُكُمْ. 15لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ. 16فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي. 17لِذلِكَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسَ، الَّذِي هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ وَالأَمِينُ فِي الرَّبِّ، الَّذِي يُذَكِّرُكُمْ بِطُرُقِي فِي الْمَسِيحِ كَمَا أُعَلِّمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ. 18فَانْتَفَخَ قَوْمٌ كَأَنِّي لَسْتُ آتِيًا إِلَيْكُمْ. 19وَلكِنِّي سَآتِي إِلَيْكُمْ سَرِيعًا إِنْ شَاءَ الرَّبُّ، فَسَأَعْرِفُ لَيْسَ كَلاَمَ الَّذِينَ انْتَفَخُوا بَلْ قُوَّتَهُمْ. 20لأَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ لَيْسَ بِكَلاَمٍ، بَلْ بِقُوَّةٍ. 21مَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَبِعَصًا آتِي إِلَيْكُمْ أَمْ بِالْمَحَبَّةِ وَرُوحِ الْوَدَاعَةِ؟



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1يُسْمَعُ مُطْلَقًا أَنَّ بَيْنَكُمْ زِنًى! وَزِنًى هَكَذَا لاَ يُسَمَّى بَيْنَ الأُمَمِ، حَتَّى أَنْ تَكُونَ لِلإِنْسَانِ امْرَأَةُ أَبِيهِ. 2أَفَأَنْتُمْ مُنْتَفِخُونَ، وَبِالْحَرِيِّ لَمْ تَنُوحُوا حَتَّى يُرْفَعَ مِنْ وَسْطِكُمُ الَّذِي فَعَلَ هذَا الْفِعْلَ؟ 3فَإِنِّي أَنَا كَأَنِّي غَائِبٌ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ حَاضِرٌ بِالرُّوحِ، قَدْ حَكَمْتُ كَأَنِّي حَاضِرٌ فِي الَّذِي فَعَلَ هذَا، هكَذَا: 4بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ­ إِذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ­ 5أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 6لَيْسَ افْتِخَارُكُمْ حَسَنًا. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟ 7إِذًا نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِينًا جَدِيدًا كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ. لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا. 8إِذًا لِنُعَيِّدْ، لَيْسَ بِخَمِيرَةٍ عَتِيقَةٍ، وَلاَ بِخَمِيرَةِ الشَّرِّ وَالْخُبْثِ، بَلْ بِفَطِيرِ الإِخْلاَصِ وَالْحَقِّ.

9كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ لاَ تُخَالِطُوا الزُّنَاةَ. 10وَلَيْسَ مُطْلَقًا زُنَاةَ هذَا الْعَالَمِ، أَوِ الطَّمَّاعِينَ، أَوِ الْخَاطِفِينَ، أَوْ عَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَإِلاَّ فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الْعَالَمِ! 11وَأَمَّا الآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُوٌّ أَخًا زَانِيًا أَوْ طَمَّاعًا أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّامًا أَوْ سِكِّيرًا أَوْ خَاطِفًا، أَنْ لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هذَا. 12لأَنَّهُ مَاذَا لِي أَنْ أَدِينَ الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ تَدِينُونَ الَّذِينَ مِنْ دَاخِل؟ 13أَمَّا الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ فَاللهُ يَدِينُهُمْ. «فَاعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ».



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1أَيَتَجَاسَرُ مِنْكُمْ أَحَدٌ لَهُ دَعْوَى عَلَى آخَرَ أَنْ يُحَاكَمَ عِنْدَ الظَّالِمِينَ، وَلَيْسَ عِنْدَ الْقِدِّيسِينَ؟ 2أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْقِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ الْعَالَمَ؟ فَإِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُدَانُ بِكُمْ، أَفَأَنْتُمْ غَيْرُ مُسْتَأْهِلِينَ لِلْمَحَاكِمِ الصُّغْرَى؟ 3أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلاَئِكَةً؟ فَبِالأَوْلَى أُمُورَ هذِهِ الْحَيَاةِ! 4فَإِنْ كَانَ لَكُمْ مَحَاكِمُ فِي أُمُورِ هذِهِ الْحَيَاةِ، فَأَجْلِسُوا الْمُحْتَقَرِينَ فِي الْكَنِيسَةِ قُضَاةً! 5لِتَخْجِيلِكُمْ أَقُولُ. أَهكَذَا لَيْسَ بَيْنَكُمْ حَكِيمٌ، وَلاَ وَاحِدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ إِخْوَتِهِ؟ 6لكِنَّ الأَخَ يُحَاكِمُ الأَخَ، وَذلِكَ عِنْدَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ!. 7فَالآنَ فِيكُمْ عَيْبٌ مُطْلَقًا، لأَنَّ عِنْدَكُمْ مُحَاكَمَاتٍ بَعْضِكُمْ مَعَ بَعْضٍ. لِمَاذَا لاَ تُظْلَمُونَ بِالْحَرِيِّ؟ لِمَاذَا لاَ تُسْلَبُونَ بِالْحَرِيِّ؟ 8لكِنْ أَنْتُمْ تَظْلِمُونَ وَتَسْلُبُونَ، وَذلِكَ لِلإِخْوَةِ! 9أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، 10وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. 11وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا.

12«كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ. 13الأَطْعِمَةُ لِلْجَوْفِ وَالْجَوْفُ لِلأَطْعِمَةِ، وَاللهُ سَيُبِيدُ هذَا وَتِلْكَ. وَلكِنَّ الْجَسَدَ لَيْسَ لِلزِّنَا بَلْ لِلرَّبِّ، وَالرَّبُّ لِلْجَسَدِ. 14وَاللهُ قَدْ أَقَامَ الرَّبَّ، وَسَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِقُوَّتِهِ. 15أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا! 16أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ؟ لأَنَّهُ يَقُولُ: «يَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا». 17وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ. 18اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ. 19أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ 20لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا: فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا، لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ، وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا. 3لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ، وَكَذلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا الرَّجُلَ. 4لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا، بَلْ لِلرَّجُلِ. وَكَذلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ، بَلْ لِلْمَرْأَةِ. 5لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ. 6وَلكِنْ أَقُولُ هذَا عَلَى سَبِيلِ الإِذْنِ لاَ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ. 7لأَنِّي أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النَّاسِ كَمَا أَنَا. لكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ مَوْهِبَتُهُ الْخَاصَّةُ مِنَ اللهِ. الْوَاحِدُ هكَذَا وَالآخَرُ هكَذَا.

8وَلكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجِينَ وَلِلأَرَامِلِ، إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا. 9وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبُطُوا أَنْفُسَهُمْ، فَلْيَتَزَوَّجُوا. لأَنَّ التَّزَوُّجَ أَصْلَحُ مِنَ التَّحَرُّقِ. 10وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُونَ، فَأُوصِيهِمْ، لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّ، أَنْ لاَ تُفَارِقَ الْمَرْأَةُ رَجُلَهَا، 11وَإِنْ فَارَقَتْهُ، فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ، أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا. وَلاَ يَتْرُكِ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ. 12وَأَمَّا الْبَاقُونَ، فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا، لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ، وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ، فَلاَ يَتْرُكْهَا. 13وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ، وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا، فَلاَ تَتْرُكْهُ. 14لأَنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي الرَّجُلِ. وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ، وَأَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ. 15وَلكِنْ إِنْ فَارَقَ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، فَلْيُفَارِقْ. لَيْسَ الأَخُ أَوِ الأُخْتُ مُسْتَعْبَدًا فِي مِثْلِ هذِهِ الأَحْوَالِ، وَلكِنَّ اللهَ قَدْ دَعَانَا فِي السَّلاَمِ. 16لأَنَّهُ كَيْفَ تَعْلَمِينَ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، هَلْ تُخَلِّصِينَ الرَّجُلَ؟ أَوْ كَيْفَ تَعْلَمُ أَيُّهَا الرَّجُلُ، هَلْ تُخَلِّصُ الْمَرْأَةَ؟ 17غَيْرَ أَنَّهُ كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ، كَمَا دَعَا الرَّبُّ كُلَّ وَاحِدٍ، هكَذَا لِيَسْلُكْ. وَهكَذَا أَنَا آمُرُ فِي جَمِيعِ الْكَنَائِسِ. 18دُعِيَ أَحَدٌ وَهُوَ مَخْتُونٌ، فَلاَ يَصِرْ أَغْلَفَ. دُعِيَ أَحَدٌ فِي الْغُرْلَةِ، فَلاَ يَخْتَتِنْ. 19لَيْسَ الْخِتَانُ شَيْئًا، وَلَيْسَتِ الْغُرْلَةُ شَيْئًا، بَلْ حِفْظُ وَصَايَا اللهِ. 20اَلدَّعْوَةُ الَّتِي دُعِيَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ فَلْيَلْبَثْ فِيهَا. 21دُعِيتَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَلاَ يَهُمَّكَ. بَلْ وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصِيرَ حُرًّا فَاسْتَعْمِلْهَا بِالْحَرِيِّ. 22لأَنَّ مَنْ دُعِيَ فِي الرَّبِّ وَهُوَ عَبْدٌ، فَهُوَ عَتِيقُ الرَّبِّ. كَذلِكَ أَيْضًا الْحُرُّ الْمَدْعُوُّ هُوَ عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ. 23قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ، فَلاَ تَصِيرُوا عَبِيدًا لِلنَّاسِ. 24مَا دُعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلْيَلْبَثْ فِي ذلِكَ مَعَ اللهِ.

25وَأَمَّا الْعَذَارَى، فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ، أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ، فَلاَ تَطْلُبِ الانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ، فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلكِنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ. 29فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّرٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ لَهُمْ نِسَاءٌ كَأَنْ لَيْسَ لَهُمْ، 30وَالَّذِينَ يَبْكُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَبْكُونَ، وَالَّذِينَ يَفْرَحُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَفْرَحُونَ، وَالَّذِينَ يَشْتَرُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ، 31وَالَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هذَا الْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هذَا الْعَالَمِ تَزُولُ. 32فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ. غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ يَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ كَيْفَ يُرْضِي الرَّبَّ، 33وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُ فَيَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ يُرْضِي امْرَأَتَهُ. 34إِنَّ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْعَذْرَاءِ فَرْقًا: غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ تَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ لِتَكُونَ مُقَدَّسَةً جَسَدًا وَرُوحًا. وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجَةُ فَتَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ تُرْضِي رَجُلَهَا.

35هذَا أَقُولُهُ لِخَيْرِكُمْ، لَيْسَ لِكَيْ أُلْقِيَ عَلَيْكُمْ وَهَقًا، بَلْ لأَجْلِ اللِّيَاقَةِ وَالْمُثَابَرَةِ لِلرَّبِّ مِنْ دُونِ ارْتِبَاكٍ. 36وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِدُونِ لِيَاقَةٍ نَحْوَ عَذْرَائِهِ إِذَا تَجَاوَزَتِ الْوَقْتَ، وَهكَذَا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ، فَلْيَفْعَلْ مَا يُرِيدُ. إِنَّهُ لاَ يُخْطِئُ. فَلْيَتَزَوَّجَا. 37وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ رَاسِخًا فِي قَلْبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ، بَلْ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى إِرَادَتِهِ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى هذَا فِي قَلْبِهِ أَنْ يَحْفَظَ عَذْرَاءَهُ، فَحَسَنًا يَفْعَلُ. 38إِذًا، مَنْ زَوَّجَ فَحَسَنًا يَفْعَلُ، وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا، فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ، فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هكَذَا، بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ: فَنَعْلَمُ أَنَّ لِجَمِيعِنَا عِلْمًا. الْعِلْمُ يَنْفُخُ، وَلكِنَّ الْمَحَبَّةَ تَبْنِي. 2فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْرِفُ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا بَعْدُ كَمَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ! 3وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُحِبُّ اللهَ، فَهذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَهُ. 4فَمِنْ جِهَةِ أَكْلِ مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ: نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي الْعَالَمِ، وَأَنْ لَيْسَ إِلهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِدًا. 5لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى آلِهَةً، سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ، كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. 6لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ. 7وَلكِنْ لَيْسَ الْعِلْمُ فِي الْجَمِيعِ. بَلْ أُنَاسٌ بِالضَّمِيرِ نَحْوَ الْوَثَنِ إِلَى الآنَ يَأْكُلُونَ كَأَنَّهُ مِمَّا ذُبِحَ لِوَثَنٍ، فَضَمِيرُهُمْ إِذْ هُوَ ضَعِيفٌ يَتَنَجَّسُ. 8وَلكِنَّ الطَّعَامَ لاَ يُقَدِّمُنَا إِلَى اللهِ، لأَنَّنَا إِنْ أَكَلْنَا لاَ نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لاَ نَنْقُصُ. 9وَلكِنِ انْظُرُوا لِئَلاَّ يَصِيرَ سُلْطَانُكُمْ هذَا مَعْثَرَةً لِلضُّعَفَاءِ. 10لأَنَّهُ إِنْ رَآكَ أَحَدٌ يَا مَنْ لَهُ عِلْمٌ، مُتَّكِئًا فِي هَيْكَلِ وَثَنٍ، أَفَلاَ يَتَقَوَّى ضَمِيرُهُ، إِذْ هُوَ ضَعِيفٌ، حَتَّى يَأْكُلَ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ؟ 11فَيَهْلِكَ بِسَبَبِ عِلْمِكَ الأَخُ الضَّعِيفُ الَّذِي مَاتَ الْمَسِيحُ مِنْ أَجْلِهِ. 12وَهكَذَا إِذْ تُخْطِئُونَ إِلَى الإِخْوَةِ وَتَجْرَحُونَ ضَمِيرَهُمُ الضَّعِيفَ، تُخْطِئُونَ إِلَى الْمَسِيحِ. 13لِذلِكَ إِنْ كَانَ طَعَامٌ يُعْثِرُ أَخِي فَلَنْ آكُلَ لَحْمًا إِلَى الأَبَدِ، لِئَلاَّ أُعْثِرَ أَخِي.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1أَلَسْتُ أَنَا رَسُولاً؟ أَلَسْتُ أَنَا حُرًّا؟ أَمَا رَأَيْتُ يَسُوعَ الْمَسِيحَ رَبَّنَا؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ عَمَلِي فِي الرَّبِّ؟ 2إِنْ كُنْتُ لَسْتُ رَسُولاً إِلَى آخَرِينَ، فَإِنَّمَا أَنَا إِلَيْكُمْ رَسُولٌ! لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ خَتْمُ رِسَالَتِي فِي الرَّبِّ. 3هذَا هُوَ احْتِجَاجِي عِنْدَ الَّذِينَ يَفْحَصُونَنِي: 4أَلَعَلَّنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ نَأْكُلَ وَنَشْرَبَ؟ 5أَلَعَلَّنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ نَجُولَ بِأُخْتٍ زَوْجَةً كَبَاقِي الرُّسُلِ وَإِخْوَةِ الرَّبِّ وَصَفَا؟ 6أَمْ أَنَا وَبَرْنَابَا وَحْدَنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ لاَ نَشْتَغِلَ؟ 7مَنْ تَجَنَّدَ قَطُّ بِنَفَقَةِ نَفْسِهِ؟ وَمَنْ يَغْرِسُ كَرْمًا وَمِنْ ثَمَرِهِ لاَ يَأْكُلُ؟ أَوْ مَنْ يَرْعَى رَعِيَّةً وَمِنْ لَبَنِ الرَّعِيَّةِ لاَ يَأْكُلُ؟ 8أَلَعَلِّي أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَإِنْسَانٍ؟ أَمْ لَيْسَ النَّامُوسُ أَيْضًا يَقُولُ هذَا؟ 9فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ مُوسَى: «لاَ تَكُمَّ ثَوْرًا دَارِسًا». أَلَعَلَّ اللهَ تُهِمُّهُ الثِّيرَانُ؟ 10أَمْ يَقُولُ مُطْلَقًا مِنْ أَجْلِنَا؟ إِنَّهُ مِنْ أَجْلِنَا مَكْتُوبٌ. لأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَرَّاثِ أَنْ يَحْرُثَ عَلَى رَجَاءٍ، وَلِلدَّارِسِ عَلَى الرَّجَاءِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا فِي رَجَائِهِ. 11إِنْ كُنَّا نَحْنُ قَدْ زَرَعْنَا لَكُمُ الرُّوحِيَّاتِ، أَفَعَظِيمٌ إِنْ حَصَدْنَا مِنْكُمُ الْجَسَدِيَّاتِ؟ 12إِنْ كَانَ آخَرُونَ شُرَكَاءَ فِي السُّلْطَانِ عَلَيْكُمْ، أَفَلَسْنَا نَحْنُ بِالأَوْلَى؟ لكِنَّنَا لَمْ نَسْتَعْمِلْ هذَا السُّلْطَانَ، بَلْ نَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيْءٍ لِئَلاَّ نَجْعَلَ عَائِقًا لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ. 13أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الأَشْيَاءِ الْمُقَدَّسَةِ، مِنَ الْهَيْكَلِ يَأْكُلُونَ؟ الَّذِينَ يُلاَزِمُونَ الْمَذْبَحَ يُشَارِكُونَ الْمَذْبَحَ؟ 14هكَذَا أَيْضًا أَمَرَ الرَّبُّ: أَنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَ بِالإِنْجِيلِ، مِنَ الإِنْجِيلِ يَعِيشُونَ. 15أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَسْتَعْمِلْ شَيْئًا مِنْ هذَا، وَلاَ كَتَبْتُ هذَا لِكَيْ يَصِيرَ فِيَّ هكَذَا. لأَنَّهُ خَيْرٌ لِي أَنْ أَمُوتَ مِنْ أَنْ يُعَطِّلَ أَحَدٌ فَخْرِي. 16لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ. 17فَإِنَّهُ إِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ هذَا طَوْعًا فَلِي أَجْرٌ، وَلكِنْ إِنْ كَانَ كَرْهًا فَقَدِ اسْتُؤْمِنْتُ عَلَى وَكَالَةٍ. 18فَمَا هُوَ أَجْرِي؟ إِذْ وَأَنَا أُبَشِّرُ أَجْعَلُ إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ بِلاَ نَفَقَةٍ، حَتَّى لَمْ أَسْتَعْمِلْ سُلْطَانِي فِي الإِنْجِيلِ. 19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرًّا مِنَ الْجَمِيعِ، اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ. 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ ­ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ للهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ ­ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا. 23وَهذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ، لأَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ. 24أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي الْمَيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ، وَلكِنَّ وَاحِدًا يَأْخُذُ الْجَعَالَةَ؟ هكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا. 25وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى. 26إِذًا، أَنَا أَرْكُضُ هكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ. 27بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا أَنَّ آبَاءَنَا جَمِيعَهُمْ كَانُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ، وَجَمِيعَهُمُ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ، 2وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِي السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ، 3وَجَمِيعَهُمْ أَكَلُوا طَعَامًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، 4وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ. 5لكِنْ بِأَكْثَرِهِمْ لَمْ يُسَرَّ اللهُ، لأَنَّهُمْ طُرِحُوا فِي الْقَفْرِ. 6وَهذِهِ الأُمُورُ حَدَثَتْ مِثَالاً لَنَا، حَتَّى لاَ نَكُونَ نَحْنُ مُشْتَهِينَ شُرُورًا كَمَا اشْتَهَى أُولئِكَ. 7فَلاَ تَكُونُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ كَمَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْهُمْ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «جَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ، ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ». 8وَلاَ نَزْنِ كَمَا زَنَى أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَسَقَطَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا. 9وَلاَ نُجَرِّبِ الْمَسِيحَ كَمَا جَرَّبَ أَيْضًا أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَتْهُمُ الْحَيَّاتُ. 10وَلاَ تَتَذَمَّرُوا كَمَا تَذَمَّرَ أَيْضًا أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَهُمُ الْمُهْلِكُ. 11فَهذِهِ الأُمُورُ جَمِيعُهَا أَصَابَتْهُمْ مِثَالاً، وَكُتِبَتْ لإِنْذَارِنَا نَحْنُ الَّذِينَ انْتَهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ الدُّهُورِ. 12إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ. 13لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا. 14لِذلِكَ يَا أَحِبَّائِي اهْرُبُوا مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ.

15أَقُولُ كَمَا لِلْحُكَمَاءِ: احْكُمُوا أَنْتُمْ فِي مَا أَقُولُ. 16كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟ 17فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ. 18انْظُرُوا إِسْرَائِيلَ حَسَبَ الْجَسَدِ. أَلَيْسَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الذَّبَائِحَ هُمْ شُرَكَاءَ الْمَذْبَحِ؟ 19فَمَاذَا أَقُولُ؟ أَإِنَّ الْوَثَنَ شَيْءٌ، أَوْ إِنَّ مَا ذُبحَ لِلْوَثَنِ شَيْءٌ؟ 20بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ الأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لاَ للهِ. فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ شُرَكَاءَ الشَّيَاطِينِ. 21لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْرَبُوا كَأْسَ الرَّبِّ وَكَأْسَ شَيَاطِينَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْتَرِكُوا فِي مَائِدَةِ الرَّبِّ وَفِي مَائِدَةِ شَيَاطِينَ. 22أَمْ نُغِيرُ الرَّبَّ؟ أَلَعَلَّنَا أَقْوَى مِنْهُ؟

23«كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوَافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي. 24لاَ يَطْلُبْ أَحَدٌ مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مَا هُوَ لِلآخَرِ. 25كُلُّ مَا يُبَاعُ فِي الْمَلْحَمَةِ كُلُوهُ غَيْرَ فَاحِصِينَ عَنْ شَيْءٍ، مِنْ أَجْلِ الضَّمِيرِ، 26لأَنَّ «لِلرَّبِّ الأَرْضَ وَمِلأَهَا». 27وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُوكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَذْهَبُوا، فَكُلُّ مَا يُقَدَّمُ لَكُمْ كُلُوا مِنْهُ غَيْرَ فَاحِصِينَ، مِنْ أَجْلِ الضَّمِيرِ. 28وَلكِنْ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: «هذَا مَذْبُوحٌ لِوَثَنٍ» فَلاَ تَأْكُلُوا مِنْ أَجْلِ ذَاكَ الَّذِي أَعْلَمَكُمْ، وَالضَّمِيرِ. لأَنَّ «لِلرَّبِّ الأَرْضَ وَمِلأَهَا» 29أَقُولُ «الضَّمِيرُ»، لَيْسَ ضَمِيرَكَ أَنْتَ، بَلْ ضَمِيرُ الآخَرِ. لأَنَّهُ لِمَاذَا يُحْكَمُ فِي حُرِّيَّتِي مِنْ ضَمِيرِ آخَرَ؟ 30فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَتَنَاوَلُ بِشُكْرٍ، فَلِمَاذَا يُفْتَرَى عَلَيَّ لأَجْلِ مَا أَشْكُرُ عَلَيْهِ؟ 31فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئًا، فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ. 32كُونُوا بِلاَ عَثْرَةٍ لِلْيَهُودِ وَلِلْيُونَانِيِّينَ وَلِكَنِيسَةِ اللهِ. 33كَمَا أَنَا أَيْضًا أُرْضِي الْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ طَالِبٍ مَا يُوَافِقُ نَفْسِي، بَلِ الْكَثِيرِينَ، لِكَيْ يَخْلُصُوا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ.

2فَأَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ. 3وَلكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُل هُوَ الْمَسِيحُ، وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ، وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ. 4كُلُّ رَجُل يُصَلِّي أَوْ يَتَنَبَّأُ وَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ شَيْءٌ، يَشِينُ رَأْسَهُ. 5وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغُطَّى، فَتَشِينُ رَأْسَهَا، لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6إِذِ الْمَرْأَةُ، إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى، فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ، فَلْتَتَغَطَّ. 7فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. 8لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ. 10لِهذَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا سُلْطَانٌ عَلَى رَأْسِهَا، مِنْ أَجْلِ الْمَلاَئِكَةِ. 11غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنْ دُونِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ الْمَرْأَةُ مِنْ دُونِ الرَّجُلِ فِي الرَّبِّ. 12لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ مِنَ الرَّجُلِ، هكَذَا الرَّجُلُ أَيْضًا هُوَ بِالْمَرْأَةِ. وَلكِنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ هِيَ مِنَ اللهِ. 13احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟ 14أَمْ لَيْسَتِ الطَّبِيعَةُ نَفْسُهَا تُعَلِّمُكُمْ أَنَّ الرَّجُلَ إِنْ كَانَ يُرْخِي شَعْرَهُ فَهُوَ عَيْبٌ لَهُ؟ 15وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ تُرْخِي شَعْرَهَا فَهُوَ مَجْدٌ لَهَا، لأَنَّ الشَّعْرَ قَدْ أُعْطِيَ لَهَا عِوَضَ بُرْقُعٍ. 16وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُظْهِرُ أَنَّهُ يُحِبُّ الْخِصَامَ، فَلَيْسَ لَنَا نَحْنُ عَادَةٌ مِثْلُ هذِهِ، وَلاَ لِكَنَائِسِ اللهِ.

17وَلكِنَّنِي إِذْ أُوصِي بِهذَا، لَسْتُ أَمْدَحُ كَوْنَكُمْ تَجْتَمِعُونَ لَيْسَ لِلأَفْضَلِ، بَلْ لِلأَرْدَإِ. 18لأَنِّي أَوَّلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ، أَسْمَعُ أَنَّ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٍ، وَأُصَدِّقُ بَعْضَ التَّصْدِيقِ. 19لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ بِدَعٌ أَيْضًا، لِيَكُونَ الْمُزَكَّوْنَ ظَاهِرِينَ بَيْنَكُمْ. 20فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ. 21لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْبِقُ فَيَأْخُذُ عَشَاءَ نَفْسِهِ فِي الأَكْلِ، فَالْوَاحِدُ يَجُوعُ وَالآخَرُ يَسْكَرُ. 22أَفَلَيْسَ لَكُمْ بُيُوتٌ لِتَأْكُلُوا فِيهَا وَتَشْرَبُوا؟ أَمْ تَسْتَهِينُونَ بِكَنِيسَةِ اللهِ وَتُخْجِلُونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ؟ مَاذَا أَقُولُ لَكُمْ؟ أَأَمْدَحُكُمْ عَلَى هذَا؟ لَسْتُ أَمْدَحُكُمْ! 23لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا 24وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». 25كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي». 26فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ. 27إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ. 28وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ. 29لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ. 30مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ. 31لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا، 32وَلكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ. 33إِذًا يَا إِخْوَتِي، حِينَ تَجْتَمِعُونَ لِلأَكْلِ، انْتَظِرُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. 34إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجُوعُ فَلْيَأْكُلْ فِي الْبَيْتِ، كَيْ لاَ تَجْتَمِعُوا لِلدَّيْنُونَةِ. وَأَمَّا الأُمُورُ الْبَاقِيَةُ فَعِنْدَمَا أَجِيءُ أُرَتِّبُهَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا. 2أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ أُمَمًا مُنْقَادِينَ إِلَى الأَوْثَانِ الْبُكْمِ، كَمَا كُنْتُمْ تُسَاقُونَ. 3لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 4فَأَنْوَاعُ مَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرُّوحَ وَاحِدٌ. 5وَأَنْوَاعُ خِدَمٍ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرَّبَّ وَاحِدٌ. 6وَأَنْوَاعُ أَعْمَال مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ، الَّذِي يَعْمَلُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ. 7وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. 8فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ، 9وَلآخَرَ إِيمَانٌ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ. 10وَلآخَرَ عَمَلُ قُوَّاتٍ، وَلآخَرَ نُبُوَّةٌ، وَلآخَرَ تَمْيِيزُ الأَرْوَاحِ، وَلآخَرَ أَنْوَاعُ أَلْسِنَةٍ، وَلآخَرَ تَرْجَمَةُ أَلْسِنَةٍ. 11وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ. 12لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، كَذلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا. 13لأَنَّنَا جَمِيعَنَا بِرُوحٍ وَاحِدٍ أَيْضًا اعْتَمَدْنَا إِلَى جَسَدٍ وَاحِدٍ، يَهُودًا كُنَّا أَمْ يُونَانِيِّينَ، عَبِيدًا أَمْ أَحْرَارًا، وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا. 14فَإِنَّ الْجَسَدَ أَيْضًا لَيْسَ عُضْوًا وَاحِدًا بَلْ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ. 15إِنْ قَالَتِ الرِّجْلُ: «لأَنِّي لَسْتُ يَدًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ». أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟ 16وَإِنْ قَالَتِ الأُذُنُ: «لأِنِّي لَسْتُ عَيْنًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ». أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟ 17لَوْ كَانَ كُلُّ الْجَسَدِ عَيْنًا، فَأَيْنَ السَّمْعُ؟ لَوْ كَانَ الْكُلُّ سَمْعًا، فَأَيْنَ الشَّمُّ؟ 18وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ الأَعْضَاءَ، كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي الْجَسَدِ، كَمَا أَرَادَ. 19وَلكِنْ لَوْ كَانَ جَمِيعُهَا عُضْوًا وَاحِدًا، أَيْنَ الْجَسَدُ؟ 20فَالآنَ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. 21لاَ تَقْدِرُ الْعَيْنُ أَن تَقُولَ لِلْيَدِ: «لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكِ!». أَوِ الرَّأْسُ أَيْضًا لِلرِّجْلَيْنِ: «لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمَا!». 22بَلْ بِالأَوْلَى أَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي تَظْهَرُ أَضْعَفَ هِيَ ضَرُورِيَّةٌ. 23وَأَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلاَ كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ. وَالأَعْضَاءُ الْقَبِيحَةُ فِينَا لَهَا جَمَالٌ أَفْضَلُ. 24وَأَمَّا الْجَمِيلَةُ فِينَا فَلَيْسَ لَهَا احْتِيَاجٌ. لكِنَّ اللهَ مَزَجَ الْجَسَدَ، مُعْطِيًا النَّاقِصَ كَرَامَةً أَفْضَلَ، 25لِكَيْ لاَ يَكُونَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَسَدِ، بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَامًا وَاحِدًا بَعْضُهَا لِبَعْضٍ. 26فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ. 27وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا. 28فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِي الْكَنِيسَةِ: أَوَّلاً رُسُلاً، ثَانِيًا أَنْبِيَاءَ، ثَالِثًا مُعَلِّمِينَ، ثُمَّ قُوَّاتٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ، أَعْوَانًا، تَدَابِيرَ، وَأَنْوَاعَ أَلْسِنَةٍ. 29أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ رُسُلٌ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ أَنْبِيَاءُ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ مُعَلِّمُونَ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ أَصْحَابُ قُوَّاتٍ؟ 30أَلَعَلَّ لِلْجَمِيعِ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ يُتَرْجِمُونَ؟ 31وَلكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الْحُسْنَى. وَأَيْضًا أُرِيكُمْ طَرِيقًا أَفْضَلَ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ. 2وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا. 3وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا. 4الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، 5وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، 6وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، 7وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. 8اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ، وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ. 9لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ. 10وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ. 11لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ. 12فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ. 13أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ

 

1اِتْبَعُوا الْمَحَبَّةَ، وَلكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، وَبِالأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. 2لأَنَّ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ لاَ يُكَلِّمُ النَّاسَ بَلِ اللهَ، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَسْمَعُ، وَلكِنَّهُ بِالرُّوحِ يَتَكَلَّمُ بِأَسْرَارٍ. 3وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ، فَيُكَلِّمُ النَّاسَ بِبُنْيَانٍ وَوَعْظٍ وَتَسْلِيَةٍ. 4مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ يَبْنِي نَفْسَهُ، وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ فَيَبْنِي الْكَنِيسَةَ. 5إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ، وَلكِنْ بِالأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. لأَنَّ مَنْ يَتَنَبَّأُ أَعْظَمُ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ، إِلاَّ إِذَا تَرْجَمَ، حَتَّى تَنَالَ الْكَنِيسَةُ بُنْيَانًا. 6فَالآنَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنْ جِئْتُ إِلَيْكُمْ مُتَكَلِّمًا بِأَلْسِنَةٍ، فَمَاذَا أَنْفَعُكُمْ، إِنْ لَمْ أُكَلِّمْكُمْ إِمَّا بِإِعْلاَنٍ، أَوْ بِعِلْمٍ، أَوْ بِنُبُوَّةٍ، أَوْ بِتَعْلِيمٍ؟ 7اَلأَشْيَاءُ الْعَادِمَةُ النُّفُوسِ الَّتِي تُعْطِي صَوْتًا: مِزْمَارٌ أَوْ قِيثَارَةٌ، مَعَ ذلِكَ إِنْ لَمْ تُعْطِ فَرْقًا لِلنَّغَمَاتِ، فَكَيْفَ يُعْرَفُ مَا زُمِّرَ أَوْ مَا عُزِفَ بِهِ؟ 8فَإِنَّهُ إِنْ أَعْطَى الْبُوقُ أَيْضًا صَوْتًا غَيْرَ وَاضِحٍ، فَمَنْ يَتَهَيَّأُ لِلْقِتَالِ؟ 9هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تُعْطُوا بِاللِّسَانِ كَلاَمًا يُفْهَمُ، فَكَيْفَ يُعْرَفُ مَا تُكُلِّمَ بِهِ؟ فَإِنَّكُمْ تَكُونُونَ تَتَكَلَّمُونَ فِي الْهَوَاءِ! 10رُبَّمَا تَكُونُ أَنْوَاعُ لُغَاتٍ هذَا عَدَدُهَا فِي الْعَالَمِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا بِلاَ مَعْنىً. 11فَإِنْ كُنْتُ لاَ أَعْرِفُ قُوَّةَ اللُّغَةِ أَكُونُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ أَعْجَمِيًّا، وَالْمُتَكَلِّمُ أَعْجَمِيًّا عِنْدِي. 12هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، إِذْ إِنَّكُمْ غَيُورُونَ لِلْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، اطْلُبُوا لأَجْلِ بُنْيَانِ الْكَنِيسَةِ أَنْ تَزْدَادُوا. 13لِذلِكَ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ فَلْيُصَلِّ لِكَيْ يُتَرْجِمَ. 14لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُصَلِّي بِلِسَانٍ، فَرُوحِي تُصَلِّي، وَأَمَّا ذِهْنِي فَهُوَ بِلاَ ثَمَرٍ. 15فَمَا هُوَ إِذًا؟ أُصَلِّي بِالرُّوحِ، وَأُصَلِّي بِالذِّهْنِ أَيْضًا. أُرَتِّلُ بِالرُّوحِ، وَأُرَتِّلُ بِالذِّهْنِ أَيْضًا. 16وَإِلاَّ فَإِنْ بَارَكْتَ بِالرُّوحِ، فَالَّذِي يُشْغِلُ مَكَانَ الْعَامِّيِّ، كَيْفَ يَقُولُ «آمِينَ» عِنْدَ شُكْرِكَ؟ لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُ مَاذَا تَقُولُ! 17فَإِنَّكَ أَنْتَ تَشْكُرُ حَسَنًا، وَلكِنَّ الآخَرَ لاَ يُبْنَى. 18أَشْكُرُ إِلهِي أَنِّي أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِكُمْ. 19وَلكِنْ، فِي كَنِيسَةٍ، أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ خَمْسَ كَلِمَاتٍ بِذِهْنِي لِكَيْ أُعَلِّمَ آخَرِينَ أَيْضًا، أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفِ كَلِمَةٍ بِلِسَانٍ. 20أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لاَ تَكُونُوا أَوْلاَدًا فِي أَذْهَانِكُمْ، بَلْ كُونُوا أَوْلاَدًا فِي الشَّرِّ، وَأَمَّا فِي الأَذْهَانِ فَكُونُوا كَامِلِينَ. 21مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ: «إِنِّي بِذَوِي أَلْسِنَةٍ أُخْرَى وَبِشِفَاهٍ أُخْرَى سَأُكَلِّمُ هذَا الشَّعْبَ، وَلاَ هكَذَا يَسْمَعُونَ لِي، يَقُولُ الرَّبُّ». 22إِذًا الأَلْسِنَةُ آيَةٌ، لاَ لِلْمُؤْمِنِينَ، بَلْ لِغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ. أَمَّا النُّبُوَّةُ فَلَيْسَتْ لِغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ لِلْمُؤْمِنِينَ. 23فَإِنِ اجْتَمَعَتِ الْكَنِيسَةُ كُلُّهَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ، فَدَخَلَ عَامِّيُّونَ أَوْ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ، أَفَلاَ يَقُولُونَ إِنَّكُمْ تَهْذُونَ؟ 24وَلكِنْ إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ يَتَنَبَّأُونَ، فَدَخَلَ أَحَدٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ أَوْ عَامِّيٌّ، فَإِنَّهُ يُوَبَّخُ مِنَ الْجَمِيعِ. يُحْكَمُ عَلَيْهِ مِنَ الْجَمِيعِ. 25وَهكَذَا تَصِيرُ خَفَايَا قَلْبِهِ ظَاهِرَةً. وَهكَذَا يَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ وَيَسْجُدُ للهِ، مُنَادِيًا: أَنَّ اللهَ بِالْحَقِيقَةِ فِيكُمْ.

26فَمَا هُوَ إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟ مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ، لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ. 27إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ، فَاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، أَوْ عَلَى الأَكْثَرِ ثَلاَثَةً ثَلاَثَةً، وَبِتَرْتِيبٍ، وَلْيُتَرْجِمْ وَاحِدٌ. 28وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَرْجِمٌ فَلْيَصْمُتْ فِي الْكَنِيسَةِ، وَلْيُكَلِّمْ نَفْسَهُ وَاللهَ. 29أَمَّا الأَنْبِيَاءُ فَلْيَتَكَلَّمِ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ، وَلْيَحْكُمِ الآخَرُونَ. 30وَلكِنْ إِنْ أُعْلِنَ لآخَرَ جَالِسٍ فَلْيَسْكُتِ الأَوَّلُ. 31لأَنَّكُمْ تَقْدِرُونَ جَمِيعُكُمْ أَنْ تَتَنَبَّأُوا وَاحِدًا وَاحِدًا، لِيَتَعَلَّمَ الْجَمِيعُ وَيَتَعَزَّى الْجَمِيعُ. 32وَأَرْوَاحُ الأَنْبِيَاءِ خَاضِعَةٌ لِلأَنْبِيَاءِ. 33لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ، كَمَا فِي جَمِيعِ كَنَائِسِ الْقِدِّيسِينَ. 34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ. 36أَمْ مِنْكُمْ خَرَجَتْ كَلِمَةُ اللهِ؟ أَمْ إِلَيْكُمْ وَحْدَكُمُ انْتَهَتْ؟ 37إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْسِبُ نَفْسَهُ نَبِيًّا أَوْ رُوحِيًّا، فَلْيَعْلَمْ مَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكُمْ أَنَّهُ وَصَايَا الرَّبِّ. 38وَلكِنْ إِنْ يَجْهَلْ أَحَدٌ، فَلْيَجْهَلْ! 39إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ جِدُّوا لِلتَّنَبُّؤِ، وَلاَ تَمْنَعُوا التَّكَلُّمَ بِأَلْسِنَةٍ. 40وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

 

1وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، 2وَبِهِ أَيْضًا تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثًا! 3فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، 4وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ، 5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. 6وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاق إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. 7وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. 8وَآخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­ ظَهَرَ لِي أَنَا. 9لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ، أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً، لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ. 10وَلكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا، وَنِعْمَتُهُ الْمُعْطَاةُ لِي لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً، بَلْ أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ. وَلكِنْ لاَ أَنَا، بَلْ نِعْمَةُ اللهِ الَّتِي مَعِي. 11فَسَوَاءٌ أَنَا أَمْ أُولئِكَ، هكَذَا نَكْرِزُ وَهكَذَا آمَنْتُمْ.

12وَلكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ 13فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! 14وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، 15وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ. 16لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ، فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. 17وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! 18إِذًا الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضًا هَلَكُوا! 19إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. 20وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. 21فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. 22لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. 23وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ: الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ، ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ. 24وَبَعْدَ ذلِكَ النِّهَايَةُ، مَتَى سَلَّمَ الْمُلْكَ للهِ الآبِ، مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ. 25لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ الأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. 26آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ. 27لأَنَّهُ أَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَلكِنْ حِينَمَا يَقُولُ: «إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ» فَوَاضِحٌ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ. 28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ، فَحِينَئِذٍ الابْنُ نَفْسُهُ أَيْضًا سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ، كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.

29وَإِلاَّ فَمَاذَا يَصْنَعُ الَّذِينَ يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ الْبَتَّةَ، فَلِمَاذَا يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ؟ 30وَلِمَاذَا نُخَاطِرُ نَحْنُ كُلَّ سَاعَةٍ؟ 31إِنِّي بِافْتِخَارِكُمُ الَّذِي لِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا، أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ. 32إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ لِي؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ، «فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ!». 33لاَ تَضِلُّوا: «فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ» 34اُصْحُوا لِلْبِرِّ وَلاَ تُخْطِئُوا، لأَنَّ قَوْمًا لَيْسَتْ لَهُمْ مَعْرِفَةٌ بِاللهِ. أَقُولُ ذلِكَ لِتَخْجِيلِكُمْ!

35لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «كَيْفَ يُقَامُ الأَمْوَاتُ؟ وَبِأَيِّ جِسْمٍ يَأْتُونَ؟» 36يَاغَبِيُّ! الَّذِي تَزْرَعُهُ لاَ يُحْيَا إِنْ لَمْ يَمُتْ. 37وَالَّذِي تَزْرَعُهُ، لَسْتَ تَزْرَعُ الْجِسْمَ الَّذِي سَوْفَ يَصِيرُ، بَلْ حَبَّةً مُجَرَّدَةً، رُبَّمَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ أَحَدِ الْبَوَاقِي. 38وَلكِنَّ اللهَ يُعْطِيهَا جِسْمًا كَمَا أَرَادَ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبُزُورِ جِسْمَهُ. 39لَيْسَ كُلُّ جَسَدٍ جَسَدًا وَاحِدًا، بَلْ لِلنَّاسِ جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَلِلْبَهَائِمِ جَسَدٌ آخَرُ، وَلِلسَّمَكِ آخَرُ، وَلِلطَّيْرِ آخَرُ. 40وَأَجْسَامٌ سَمَاوِيَّةٌ، وَأَجْسَامٌ أَرْضِيَّةٌ. لكِنَّ مَجْدَ السَّمَاوِيَّاتِ شَيْءٌ، وَمَجْدَ الأَرْضِيَّاتِ آخَرُ. 41مَجْدُ الشَّمْسِ شَيْءٌ، وَمَجْدُ الْقَمَرِ آخَرُ، وَمَجْدُ النُّجُومِ آخَرُ. لأَنَّ نَجْمًا يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ. 42هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. 43يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. 44يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ. 45هكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضًا: «صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا». 46لكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلاً بَلِ الْحَيَوَانِيُّ، وَبَعْدَ ذلِكَ الرُّوحَانِيُّ. 47الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. 48كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا. 49وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. 50فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ.

51هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، 52فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ. 53لأَنَّ هذَا الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ. 54وَمَتَى لَبِسَ هذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ، وَلَبِسَ هذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ، فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: «ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ». 55«أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟» 56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ، وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ. 57وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 58إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، كُونُوا رَاسِخِينَ، غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ، مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْجَمْعِ لأَجْلِ الْقِدِّيسِينَ، فَكَمَا أَوْصَيْتُ كَنَائِسَ غَلاَطِيَّةَ هكَذَا افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا. 2فِي كُلِّ أَوَّلِ أُسْبُوعٍ، لِيَضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عِنْدَهُ، خَازِنًا مَا تَيَسَّرَ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ جَمْعٌ حِينَئِذٍ. 3وَمَتَى حَضَرْتُ، فَالَّذِينَ تَسْتَحْسِنُونَهُمْ أُرْسِلُهُمْ بِرَسَائِلَ لِيَحْمِلُوا إِحْسَانَكُمْ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 4وَإِنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ أَنْ أَذْهَبَ أَنَا أَيْضًا، فَسَيَذْهَبُونَ مَعِي. 5وَسَأَجِيءُ إِلَيْكُمْ مَتَى اجْتَزْتُ بِمَكِدُونِيَّةَ، لأَنِّي أَجْتَازُ بِمَكِدُونِيَّةَ. 6وَرُبَّمَا أَمْكُثُ عِنْدَكُمْ أَوْ أُشَتِّي أَيْضًا لِكَيْ تُشَيِّعُونِي إِلَى حَيْثُمَا أَذْهَبُ. 7لأَنِّي لَسْتُ أُرِيدُ الآنَ أَنْ أَرَاكُمْ فِي الْعُبُورِ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ أَمْكُثَ عِنْدَكُمْ زَمَانًا إِنْ أَذِنَ الرَّبُّ. 8وَلكِنَّنِي أَمْكُثُ فِي أَفَسُسَ إِلَى يَوْمِ الْخَمْسِينَ، 9لأَنَّهُ قَدِ انْفَتَحَ لِي بَابٌ عَظِيمٌ فَعَّالٌ، وَيُوجَدُ مُعَانِدُونَ كَثِيرُونَ.

10ثُمَّ إِنْ أَتَى تِيمُوثَاوُسُ، فَانْظُرُوا أَنْ يَكُونَ عِنْدَكُمْ بِلاَ خَوْفٍ. لأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ كَمَا أَنَا أَيْضًا. 11فَلاَ يَحْتَقِرْهُ أَحَدٌ، بَلْ شَيِّعُوهُ بِسَلاَمٍ لِيَأْتِيَ إِلَيَّ، لأَنِّي أَنْتَظِرُهُ مَعَ الإِخْوَةِ. 12وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ أَبُلُّوسَ الأَخِ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ كَثِيرًا أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْكُمْ مَعَ الإِخْوَةِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ الْبَتَّةَ أَنْ يَأْتِيَ الآنَ. وَلكِنَّهُ سَيَأْتِي مَتَى تَوَفَّقَ الْوَقْتُ.

13اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا. 14لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ.

15وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ بَيْتَ اسْتِفَانَاسَ أَنَّهُمْ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ، وَقَدْ رَتَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِخِدْمَةِ الْقِدِّيسِينَ، 16كَيْ تَخْضَعُوا أَنْتُمْ أَيْضًا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ، وَكُلِّ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيَتْعَبُ. 17ثُمَّ إِنِّي أَفْرَحُ بِمَجِيءِ اسْتِفَانَاسَ وَفُرْتُونَاتُوسَ وَأَخَائِيكُوسَ، لأَنَّ نُقْصَانَكُمْ، هؤُلاَءِ قَدْ جَبَرُوهُ، 18إِذْ أَرَاحُوا رُوحِي وَرُوحَكُمْ. فَاعْرِفُوا مِثْلَ هؤُلاَءِ.

19تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ كَنَائِسُ أَسِيَّا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ كَثِيرًا أَكِيلاَ وَبِرِيسْكِلاَّ مَعَ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. 20يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الإِخْوَةُ أَجْمَعُونَ. سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. 21اَلسَّلاَمُ بِيَدِي أَنَا بُولُسَ. 22إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُحِبُّ الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا! مَارَانْ أَثَا. 23نِعْمَةُ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. 24مَحَبَّتِي مَعَ جَمِيعِكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. آمِينَ.

 

كورنثوس الثانية

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، مَعَ الْقِدِّيسِينَ أَجْمَعِينَ الَّذِينَ فِي جَمِيعِ أَخَائِيَةَ: 2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

3مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، 4الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ. 5لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا. 6فَإِنْ كُنَّا نَتَضَايَقُ فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمُ، الْعَامِلِ فِي احْتِمَالِ نَفْسِ الآلاَمِ الَّتِي نَتَأَلَّمُ بِهَا نَحْنُ أَيْضًا. أَوْ نَتَعَزَّى فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمْ. 7فَرَجَاؤُنَا مِنْ أَجْلِكُمْ ثَابِتٌ. عَالِمِينَ أَنَّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ شُرَكَاءُ فِي الآلاَمِ، كَذلِكَ فِي التَّعْزِيَةِ أَيْضًا. 8فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقَتِنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا فِي أَسِيَّا، أَنَّنَا تَثَقَّلْنَا جِدًّا فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ أَيْضًا. 9لكِنْ كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ، 10الَّذِي نَجَّانَا مِنْ مَوْتٍ مِثْلِ هذَا، وَهُوَ يُنَجِّي. الَّذِي لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ أَنَّهُ سَيُنَجِّي أَيْضًا فِيمَا بَعْدُ. 11وَأَنْتُمْ أَيْضًا مُسَاعِدُونَ بِالصَّلاَةِ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يُؤَدَّى شُكْرٌ لأَجْلِنَا مِنْ أَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ، عَلَى مَا وُهِبَ لَنَا بِوَاسِطَةِ كَثِيرِينَ.

12لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِي بَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِي حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِي نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَا فِي الْعَالَمِ، وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ. 13فَإِنَّنَا لاَ نَكْتُبُ إِلَيْكُمْ بِشَيْءٍ آخَرَ سِوَى مَا تَقْرَأُونَ أَوْ تَعْرِفُونَ. وَأَنَا أَرْجُو أَنَّكُمْ سَتَعْرِفُونَ إِلَى النِّهَايَةِ أَيْضًا، 14كَمَا عَرَفْتُمُونَا أَيْضًا بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ أَنَّنَا فَخْرُكُمْ، كَمَا أَنَّكُمْ أَيْضًا فَخْرُنَا فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.

15وَبِهذِهِ الثِّقَةِ كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، لِتَكُونَ لَكُمْ نِعْمَةٌ ثَانِيَةٌ. 16وَأَنْ أَمُرَّ بِكُمْ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ، وَآتِيَ أَيْضًا مِنْ مَكِدُونِيَّةَ إِلَيْكُمْ، وَأُشَيَّعَ مِنْكُمْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ. 17فَإِذْ أَنَا عَازِمٌ عَلَى هذَا، أَلَعَلِّي اسْتَعْمَلْتُ الْخِفَّةَ؟ أَمْ أَعْزِمُ عَلَى مَا أَعْزِمُ بِحَسَبِ الْجَسَدِ، كَيْ يَكُونَ عِنْدِي نَعَمْ نَعَمْ وَلاَ لاَ؟ 18لكِنْ أَمِينٌ هُوَ اللهُ إِنَّ كَلاَمَنَا لَكُمْ لَمْ يَكُنْ نَعَمْ وَلاَ. 19لأَنَّ ابْنَ اللهِ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، الَّذِي كُرِزَ بِهِ بَيْنَكُمْ بِوَاسِطَتِنَا، أَنَا وَسِلْوَانُسَ وَتِيمُوثَاوُسَ، لَمْ يَكُنْ نَعَمْ وَلاَ، بَلْ قَدْ كَانَ فِيهِ نَعَمْ. 20لأَنْ مَهْمَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ اللهِ فَهُوَ فِيهِ «النَّعَمْ» وَفِيهِ «الآمِينُ»، لِمَجْدِ اللهِ، بِوَاسِطَتِنَا. 21وَلكِنَّ الَّذِي يُثَبِّتُنَا مَعَكُمْ فِي الْمَسِيحِ، وَقَدْ مَسَحَنَا، هُوَ اللهُ 22الَّذِي خَتَمَنَا أَيْضًا، وَأَعْطَى عَرْبُونَ الرُّوحِ فِي قُلُوبِنَا. 23وَلكِنِّي أَسْتَشْهِدُ اللهَ عَلَى نَفْسِي، أَنِّي إِشْفَاقًا عَلَيْكُمْ لَمْ آتِ إِلَى كُورِنْثُوسَ. 24لَيْسَ أَنَّنَا نَسُودُ عَلَى إِيمَانِكُمْ، بَلْ نَحْنُ مُوازِرُونَ لِسُرُورِكُمْ. لأَنَّكُمْ بِالإِيمَانِ تَثْبُتُونَ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَلكِنِّي جَزَمْتُ بِهذَا فِي نَفْسِي أَنْ لاَ آتِيَ إِلَيْكُمْ أَيْضًا فِي حُزْنٍ. 2لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُحْزِنُكُمْ أَنَا، فَمَنْ هُوَ الَّذِي يُفَرِّحُنِي إِلاَّ الَّذِي أَحْزَنْتُهُ؟ 3وَكَتَبْتُ لَكُمْ هذَا عَيْنَهُ حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ لِي حُزْنٌ مِنَ الَّذِينَ كَانَ يَجِبُ أَنْ أَفْرَحَ بِهِمْ، وَاثِقًا بِجَمِيعِكُمْ أَنَّ فَرَحِي هُوَ فَرَحُ جَمِيعِكُمْ. 4لأَنِّي مِنْ حُزْنٍ كَثِيرٍ وَكَآبَةِ قَلْبٍ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ بِدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، لاَ لِكَيْ تَحْزَنُوا، بَلْ لِكَيْ تَعْرِفُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي عِنْدِي وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ.

5وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ قَدْ أَحْزَنَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْزِنِّي، بَلْ أَحْزَنَ جَمِيعَكُمْ بَعْضَ الْحُزْنِ لِكَيْ لاَ أُثَقِّلَ. 6مِثْلُ هذَا يَكْفِيهِ هذَا الْقِصَاصُ الَّذِي مِنَ الأَكْثَرِينَ، 7حَتَّى تَكُونُوا ­ بِالْعَكْسِ ­ تُسَامِحُونَهُ بِالْحَرِيِّ وَتُعَزُّونَهُ، لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ. 8لِذلِكَ أَطْلُبُ أَنْ تُمَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ. 9لأَنِّي لِهذَا كَتَبْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ تَزْكِيَتَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ طَائِعُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ؟ 10وَالَّذِي تُسَامِحُونَهُ بِشَيْءٍ فَأَنَا أَيْضًا. لأَنِّي أَنَا مَا سَامَحْتُ بِهِ ­ إِنْ كُنْتُ قَدْ سَامَحْتُ بِشَيْءٍ ­ فَمِنْ أَجْلِكُمْ بِحَضْرَةِ الْمَسِيحِ، 11لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ.

12وَلكِنْ لَمَّا جِئْتُ إِلَى تَرُوَاسَ، لأَجْلِ إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَانْفَتَحَ لِي بَابٌ فِي الرَّبِّ، 13لَمْ تَكُنْ لِي رَاحَةٌ فِي رُوحِي، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ تِيطُسَ أَخِي. لكِنْ وَدَّعْتُهُمْ فَخَرَجْتُ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ.

14وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. 15لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ للهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ. 16لِهؤُلاَءِ رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ، وَلأُولئِكَ رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ. وَمَنْ هُوَ كُفْوءٌ لِهذِهِ الأُمُورِ؟ 17لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1أَفَنَبْتَدِئُ نَمْدَحُ أَنْفُسَنَا؟ أَمْ لَعَلَّنَا نَحْتَاجُ كَقَوْمٍ رَسَائِلَ تَوْصِيَةٍ إِلَيْكُمْ، أَوْ رَسَائِلَ تَوْصِيَةٍ مِنْكُمْ؟ 2أَنْتُمْ رِسَالَتُنَا، مَكْتُوبَةً فِي قُلُوبِنَا، مَعْرُوفَةً وَمَقْرُوءَةً مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ. 3ظَاهِرِينَ أَنَّكُمْ رِسَالَةُ الْمَسِيحِ، مَخْدُومَةً مِنَّا، مَكْتُوبَةً لاَ بِحِبْرٍ بَلْ بِرُوحِ اللهِ الْحَيِّ، لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ.

4وَلكِنْ لَنَا ثِقَةٌ مِثْلُ هذِهِ بِالْمَسِيحِ لَدَى اللهِ. 5لَيْسَ أَنَّنَا كُفَاةٌ مِنْ أَنْفُسِنَا أَنْ نَفْتَكِرَ شَيْئًا كَأَنَّهُ مِنْ أَنْفُسِنَا، بَلْ كِفَايَتُنَا مِنَ اللهِ، 6الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي. 7ثُمَّ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الْمَوْتِ، الْمَنْقُوشَةُ بِأَحْرُفٍ فِي حِجَارَةٍ، قَدْ حَصَلَتْ فِي مَجْدٍ، حَتَّى لَمْ يَقْدِرْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى وَجْهِ مُوسَى لِسَبَبِ مَجْدِ وَجْهِهِ الزَّائِلِ، 8فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ بِالأَوْلَى خِدْمَةُ الرُّوحِ فِي مَجْدٍ؟ 9لأَنَّهُ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الدَّيْنُونَةِ مَجْدًا، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا تَزِيدُ خِدْمَةُ الْبِرِّ فِي مَجْدٍ! 10فَإِنَّ الْمُمَجَّدَ أَيْضًا لَمْ يُمَجَّدْ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ لِسَبَبِ الْمَجْدِ الْفَائِقِ. 11لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الزَّائِلُ فِي مَجْدٍ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا يَكُونُ الدَّائِمُ فِي مَجْدٍ!

12فَإِذْ لَنَا رَجَاءٌ مِثْلُ هذَا نَسْتَعْمِلُ مُجَاهَرَةً كَثِيرَةً. 13وَلَيْسَ كَمَا كَانَ مُوسَى يَضَعُ بُرْقُعًا عَلَى وَجْهِهِ لِكَيْ لاَ يَنْظُرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى نِهَايَةِ الزَّائِلِ. 14بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاق غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ. 15لكِنْ حَتَّى الْيَوْمِ، حِينَ يُقْرَأُ مُوسَى، الْبُرْقُعُ مَوْضُوعٌ عَلَى قَلْبِهِمْ. 16وَلكِنْ عِنْدَمَا يَرْجعُ إِلَى الرَّبِّ يُرْفَعُ الْبُرْقُعُ. 17وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ. 18وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذْ لَنَا هذِهِ الْخِدْمَةُ ­كَمَا رُحِمْنَا­ لاَ نَفْشَلُ، 2بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ، مَادِحِينَ أَنْفُسَنَا لَدَى ضَمِيرِ كُلِّ إِنْسَانٍ قُدَّامَ اللهِ. 3وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، 4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ. 5فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ. 6لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ:«أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ»، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

7وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ للهِ لاَ مِنَّا. 8مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ. 9مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. 10حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا. 11لأَنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ نُسَلَّمُ دَائِمًا لِلْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا الْمَائِتِ. 12إِذًا الْمَوْتُ يَعْمَلُ فِينَا، وَلكِنِ الْحَيَاةُ فِيكُمْ. 13فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوب: «آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ»، نَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضًا. 14عَالِمِينَ أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ، وَيُحْضِرُنَا مَعَكُمْ. 15لأَنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ هِيَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَكُونَ النِّعْمَةُ وَهِيَ قَدْ كَثُرَتْ بِالأَكْثَرِينَ، تَزِيدُ الشُّكْرَ لِمَجْدِ اللهِ. 16لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. 17لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. 18وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ. 2فَإِنَّنَا فِي هذِهِ أَيْضًا نَئِنُّ مُشْتَاقِينَ إِلَى أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا مَسْكَنَنَا الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ. 3وَإِنْ كُنَّا لاَبِسِينَ لاَ نُوجَدُ عُرَاةً. 4فَإِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ فِي الْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ. 5وَلكِنَّ الَّذِي صَنَعَنَا لِهذَا عَيْنِهِ هُوَ اللهُ، الَّذِي أَعْطَانَا أَيْضًا عَرْبُونَ الرُّوحِ. 6فَإِذًا نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِي الْجَسَدِ، فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ الرَّبِّ. 7لأَنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالْعِيَانِ. 8فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِالأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ. 9لِذلِكَ نَحْتَرِصُ أَيْضًا ­مُسْتَوْطِنِينَ كُنَّا أَوْ مُتَغَرِّبِينَ­ أَنْ نَكُونَ مَرْضِيِّينَ عِنْدَهُ. 10لأَنَّهُ لاَبُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا.

11فَإِذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةَ الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ. وَأَمَّا اللهُ فَقَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ لَهُ، وَأَرْجُو أَنَّنَا قَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ فِي ضَمَائِرِكُمْ أَيْضًا. 12لأَنَّنَا لَسْنَا نَمْدَحُ أَنْفُسَنَا أَيْضًا لَدَيْكُمْ، بَلْ نُعْطِيكُمْ فُرْصَةً لِلافْتِخَارِ مِنْ جِهَتِنَا، لِيَكُونَ لَكُمْ جَوَابٌ عَلَى الَّذِينَ يَفْتَخِرُونَ بِالْوَجْهِ لاَ بِالْقَلْبِ. 13لأَنَّنَا إِنْ صِرْنَا مُخْتَلِّينَ فَلِلّهِ، أَوْ كُنَّا عَاقِلِينَ فَلَكُمْ. 14لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. 15وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. 16إِذًا نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَدًا حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ. 17إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. 18وَلكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ، 19أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. 20إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ. 21لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1فَإِذْ نَحْنُ عَامِلُونَ مَعَهُ نَطْلُبُ أَنْ لاَ تَقْبَلُوا نِعْمَةَ اللهِ بَاطِلاً. 2لأَنَّهُ يَقُولُ: «فِي وَقْتٍ مَقْبُول سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاَصٍ أَعَنْتُكَ». هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ. 3وَلَسْنَا نَجْعَلُ عَثْرَةً فِي شَيْءٍ لِئَلاَّ تُلاَمَ الْخِدْمَةُ. 4بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا كَخُدَّامِ اللهِ، فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ: فِي شَدَائِدَ، فِي ضَرُورَاتٍ، فِي ضِيقَاتٍ، 5فِي ضَرَبَاتٍ، فِي سُجُونٍ، فِي اضْطِرَابَاتٍ، فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ، 6فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ، 7فِي كَلاَمِ الْحَقِّ، فِي قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ. 8بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ. كَمُضِلِّينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ، 9كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ، كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ نَحْيَا، كَمُؤَدَّبِينَ وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ، 10كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِمًا فَرِحُونَ، كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ.

11فَمُنَا مَفْتُوحٌ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْكُورِنْثِيُّونَ. قَلْبُنَا مُتَّسِعٌ. 12لَسْتُمْ مُتَضَيِّقِينَ فِينَا بَلْ مُتَضَيِّقِينَ فِي أَحْشَائِكُمْ. 13فَجَزَاءً لِذلِكَ أَقُولُ كَمَا لأَوْلاَدِي: كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُتَّسِعِينَ!

14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ 16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: «إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. 17لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ، 18وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ».



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1فَإِذْ لَنَا هذِهِ الْمَوَاعِيدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ.

2اِقْبَلُونَا. لَمْ نَظْلِمْ أَحَدًا. لَمْ نُفْسِدْ أَحَدًا. لَمْ نَطْمَعْ فِي أَحَدٍ. 3لاَ أَقُولُ هذَا لأَجْلِ دَيْنُونَةٍ، لأَنِّي قَدْ قُلْتُ سَابِقًا إِنَّكُمْ فِي قُلُوبِنَا، لِنَمُوتَ مَعَكُمْ وَنَعِيشَ مَعَكُمْ. 4لِي ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ بِكُمْ. لِي افْتِخَارٌ كَثِيرٌ مِنْ جِهَتِكُمْ. قَدِ امْتَلأْتُ تَعْزِيَةً وَازْدَدْتُ فَرَحًا جِدًّا فِي جَمِيعِ ضِيقَاتِنَا. 5لأَنَّنَا لَمَّا أَتَيْنَا إِلَى مَكِدُونِيَّةَ لَمْ يَكُنْ لِجَسَدِنَا شَيْءٌ مِنَ الرَّاحَةِ بَلْ كُنَّا مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ: مِنْ خَارِجٍ خُصُومَاتٌ، مِنْ دَاخِل مَخَاوِفُ. 6لكِنَّ اللهَ الَّذِي يُعَزِّي الْمُتَّضِعِينَ عَزَّانَا بِمَجِيءِ تِيطُسَ. 7وَلَيْسَ بِمَجِيئِهِ فَقَطْ بَلْ أَيْضًا بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي تَعَزَّى بِهَا بِسَبَبِكُمْ، وَهُوَ يُخْبِرُنَا بِشَوْقِكُمْ وَنَوْحِكُمْ وَغَيْرَتِكُمْ لأَجْلِي، حَتَّى إِنِّي فَرِحْتُ أَكْثَرَ. 8لأَنِّي وَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَحْزَنْتُكُمْ بِالرِّسَالَةِ لَسْتُ أَنْدَمُ، مَعَ أَنِّي نَدِمْتُ. فَإِنِّي أَرَى أَنَّ تِلْكَ الرِّسَالَةَ أَحْزَنَتْكُمْ وَلَوْ إِلَى سَاعَةٍ. 9اَلآنَ أَنَا أَفْرَحُ، لاَ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ، بَلْ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ لِلتَّوْبَةِ. لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ لِكَيْ لاَ تَتَخَسَّرُوا مِنَّا فِي شَيْءٍ. 10لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ، وَأَمَّا حُزْنُ الْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتًا. 11فَإِنَّهُ هُوَذَا حُزْنُكُمْ هذَا عَيْنُهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، كَمْ أَنْشَأَ فِيكُمْ: مِنَ الاجْتِهَادِ، بَلْ مِنَ الاحْتِجَاجِ، بَلْ مِنَ الْغَيْظِ، بَلْ مِنَ الْخَوْفِ، بَلْ مِنَ الشَّوْقِ، بَلْ مِنَ الْغَيْرَةِ، بَلْ مِنَ الانْتِقَامِ. فِي كُلِّ شَيْءٍ أَظْهَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أَنَّكُمْ أَبْرِيَاءُ فِي هذَا الأَمْرِ. 12إِذًا وَإِنْ كُنْتُ قَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ، فَلَيْسَ لأَجْلِ الْمُذْنِبِ وَلاَ لأَجْلِ الْمُذْنَبِ إِلَيْهِ، بَلْ لِكَيْ يَظْهَرَ لَكُمْ أَمَامَ اللهِ اجْتِهَادُنَا لأَجْلِكُمْ. 13مِنْ أَجْلِ هذَا قَدْ تَعَزَّيْنَا بِتَعْزِيَتِكُمْ. وَلكِنْ فَرِحْنَا أَكْثَرَ جِدًّا بِسَبَبِ فَرَحِ تِيطُسَ، لأَنَّ رُوحَهُ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكُمْ جَمِيعًا. 14فَإِنِّي إِنْ كُنْتُ افْتَخَرْتُ شَيْئًا لَدَيْهِ مِنْ جِهَتِكُمْ لَمْ أُخْجَلْ، بَلْ كَمَا كَلَّمْنَاكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ بِالصِّدْقِ، كَذلِكَ افْتِخَارُنَا أَيْضًا لَدَى تِيطُسَ صَارَ صَادِقًا. 15وَأَحْشَاؤُهُ هِيَ نَحْوَكُمْ بِالزِّيَادَةِ، مُتَذَكِّرًا طَاعَةَ جَمِيعِكُمْ، كَيْفَ قَبِلْتُمُوهُ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ. 16أَنَا أَفْرَحُ إِذًا أَنِّي أَثِقُ بِكُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1ثُمَّ نُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ نِعْمَةَ اللهِ الْمُعْطَاةَ فِي كَنَائِسِ مَكِدُونِيَّةَ، 2أَنَّهُ فِي اخْتِبَارِ ضِيقَةٍ شَدِيدَةٍ فَاضَ وُفُورُ فَرَحِهِمْ وَفَقْرِهِمِ الْعَمِيقِ لِغِنَى سَخَائِهِمْ، 4مُلْتَمِسِينَ مِنَّا، بِطِلْبَةٍ كَثِيرَةٍ، أَنْ نَقْبَلَ النِّعْمَةَ وَشَرِكَةَ الْخِدْمَةِ الَّتِي لِلْقِدِّيسِينَ. 5وَلَيْسَ كَمَا رَجَوْنَا، بَلْ أَعْطَوْا أَنْفُسَهُمْ أَوَّلاً لِلرَّبِّ، وَلَنَا، بِمَشِيئَةِ اللهِ. 6حَتَّى إِنَّنَا طَلَبْنَا مِنْ تِيطُسَ أَنَّهُ كَمَا سَبَقَ فَابْتَدَأَ، كَذلِكَ يُتَمِّمُ لَكُمْ هذِهِ النِّعْمَةَ أَيْضًا. 7لكِنْ كَمَا تَزْدَادُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ: فِي الإِيمَانِ وَالْكَلاَمِ وَالْعِلْمِ وَكُلِّ اجْتِهَادٍ وَمَحَبَّتِكُمْ لَنَا، لَيْتَكُمْ تَزْدَادُونَ فِي هذِهِ النِّعْمَةِ أَيْضًا. 8لَسْتُ أَقُولُ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ، بَلْ بِاجْتِهَادِ آخَرِينَ، مُخْتَبِرًا إِخْلاَصَ مَحَبَّتِكُمْ أَيْضًا. 9فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ. 10أُعْطِي رَأْيًا فِي هذَا أَيْضًا، لأَنَّ هذَا يَنْفَعُكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ سَبَقْتُمْ فَابْتَدَأْتُمْ مُنْذُ الْعَامِ الْمَاضِي، لَيْسَ أَنْ تَفْعَلُوا فَقَطْ بَلْ أَنْ تُرِيدُوا أَيْضًا. 11وَلكِنِ الآنَ تَمِّمُوا الْعَمَلَ أَيْضًا، حَتَّى إِنَّهُ كَمَا أَنَّ النَّشَاطَ لِلإِرَادَةِ، كَذلِكَ يَكُونُ التَّتْمِيمُ أَيْضًا حَسَبَ مَا لَكُمْ. 12لأَنَّهُ إِنْ كَانَ النَّشَاطُ مَوْجُودًا فَهُوَ مَقْبُولٌ عَلَى حَسَبِ مَا لِلإِنْسَانِ، لاَ عَلَى حَسَبِ مَا لَيْسَ لَهُ. 13فَإِنَّهُ لَيْسَ لِكَيْ يَكُونَ لِلآخَرِينَ رَاحَةٌ وَلَكُمْ ضِيقٌ، 14بَلْ بِحَسَبِ الْمُسَاوَاةِ. لِكَيْ تَكُونَ فِي هذَا الْوَقْتِ فُضَالَتُكُمْ لإِعْوَازِهِمْ، كَيْ تَصِيرَ فُضَالَتُهُمْ لإِعْوَازِكُمْ، حَتَّى تَحْصُلَ الْمُسَاوَاةُ. 15كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «الَّذِي جَمَعَ كَثِيرًا لَمْ يُفْضِلْ، وَالَّذِي جَمَعَ قَلِيلاً لَمْ يُنْقِصْ».

16وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي جَعَلَ هذَا الاجْتِهَادَ عَيْنَهُ لأَجْلِكُمْ فِي قَلْبِ تِيطُسَ، 17لأَنَّهُ قَبِلَ الطِّلْبَةَ. وَإِذْ كَانَ أَكْثَرَ اجْتِهَادًا، مَضَى إِلَيْكُمْ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. 18وَأَرْسَلْنَا مَعَهُ الأَخَ الَّذِي مَدْحُهُ فِي الإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الْكَنَائِسِ. 19وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ هُوَ مُنْتَخَبٌ أَيْضًا مِنَ الْكَنَائِسِ رَفِيقًا لَنَا فِي السَّفَرِ، مَعَ هذِهِ النِّعْمَةِ الْمَخْدُومَةِ مِنَّا لِمَجْدِ ذَاتِ الرَّبِّ الْوَاحِدِ، وَلِنَشَاطِكُمْ. 20مُتَجَنِّبِينَ هذَا أَنْ يَلُومَنَا أَحَدٌ فِي جَسَامَةِ هذِهِ الْمَخْدُومَةِ مِنَّا. 21مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ، لَيْسَ قُدَّامَ الرَّبِّ فَقَطْ، بَلْ قُدَّامَ النَّاسِ أَيْضًا. 22وَأَرْسَلْنَا مَعَهُمَا أَخَانَا، الَّذِي اخْتَبَرْنَا مِرَارًا فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ، وَلكِنَّهُ الآنَ أَشَدُّ اجْتِهَادًا كَثِيرًا بِالثِّقَةِ الْكَثِيرَةِ بِكُمْ. 23أَمَّا مِنْ جِهَةِ تِيطُسَ فَهُوَ شَرِيكٌ لِي وَعَامِلٌ مَعِي لأَجْلِكُمْ. وَأَمَّا أَخَوَانَا فَهُمَا رَسُولاَ الْكَنَائِسِ، وَمَجْدُ الْمَسِيحِ. 24فَبَيِّنُوا لَهُمْ، وَقُدَّامَ الْكَنَائِسِ، بَيِّنَةَ مَحَبَّتِكُمْ، وَافْتِخَارِنَا مِنْ جِهَتِكُمْ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1فَإِنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْخِدْمَةِ لِلْقِدِّيسِينَ، هُوَ فُضُولٌ مِنِّي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ. 2لأَنِّي أَعْلَمُ نَشَاطَكُمُ الَّذِي أَفْتَخِرُ بِهِ مِنْ جِهَتِكُمْ لَدَى الْمَكِدُونِيِّينَ، أَنَّ أَخَائِيَةَ مُسْتَعِدَّةٌ مُنْذُ الْعَامِ الْمَاضِي. وَغَيْرَتُكُمْ قَدْ حَرَّضَتِ الأَكْثَرِينَ. 3وَلكِنْ أَرْسَلْتُ الإِخْوَةَ لِئَلاَّ يَتَعَطَّلَ افْتِخَارُنَا مِنْ جِهَتِكُمْ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ، كَيْ تَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ كَمَا قُلْتُ. 4حَتَّى إِذَا جَاءَ مَعِي مَكِدُونِيُّونَ وَوَجَدُوكُمْ غَيْرَ مُسْتَعِدِّينَ لاَ نُخْجَلُ نَحْنُ ­ حَتَّى لاَ أَقُولُ أَنْتُمْ ­ فِي جَسَارَةِ الافْتِخَارِ هذِهِ. 5فَرَأَيْتُ لاَزِمًا أَنْ أَطْلُبَ إِلَى الإِخْوَةِ أَنْ يَسْبِقُوا إِلَيْكُمْ، وَيُهَيِّئُوا قَبْلاً بَرَكَتَكُمُ الَّتِي سَبَقَ التَّخْبِيرُ بِهَا، لِتَكُونَ هِيَ مُعَدَّةً هكَذَا كَأَنَّهَا بَرَكَةٌ، لاَ كَأَنَّهَا بُخْلٌ. 6هذَا وَإِنَّ مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ، وَمَنْ يَزْرَعُ بِالْبَرَكَاتِ فَبِالْبَرَكَاتِ أَيْضًا يَحْصُدُ. 7كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي بِقَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ اضْطِرَارٍ. لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ. 8وَاللهُ قَادِرٌ أَنْ يَزِيدَكُمْ كُلَّ نِعْمَةٍ، لِكَيْ تَكُونُوا وَلَكُمْ كُلُّ اكْتِفَاءٍ كُلَّ حِينٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ، تَزْدَادُونَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ. 9كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «فَرَّقَ. أَعْطَى الْمَسَاكِينَ. بِرُّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ». 10وَالَّذِي يُقَدِّمُ بِذَارًا لِلزَّارِعِ وَخُبْزًا لِلأَكْلِ، سَيُقَدِّمُ وَيُكَثِّرُ بِذَارَكُمْ وَيُنْمِي غَّلاَتِ بِرِّكُمْ. 11مُسْتَغْنِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِكُلِّ سَخَاءٍ يُنْشِئُ بِنَا شُكْرًا للهِ. 12لأَنَّ افْتِعَالَ هذِهِ الْخِدْمَةِ لَيْسَ يَسُدُّ إِعْوَازَ الْقِدِّيسِينَ فَقَطْ، بَلْ يَزِيدُ بِشُكْرٍ كَثِيرٍ للهِ 13إِذْ هُمْ بِاخْتِبَارِ هذِهِ الْخِدْمَةِ، يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى طَاعَةِ اعْتِرَافِكُمْ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَسَخَاءِ التَّوْزِيعِ لَهُمْ وَلِلْجَمِيعِ. 14وَبِدُعَائِهِمْ لأَجْلِكُمْ، مُشْتَاقِينَ إِلَيْكُمْ مِنْ أَجْلِ نِعْمَةِ اللهِ الْفَائِقَةِ لَدَيْكُمْ. 15فَشُكْرًا للهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ. 2وَلكِنْ أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِالثِّقَةِ الَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ الْجَسَدِ. 3لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. 4إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. 5هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ، 6وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ.

7أَتَنْظُرُونَ إِلَى مَا هُوَ حَسَبَ الْحَضْرَةِ؟ إِنْ وَثِقَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لِلْمَسِيحِ، فَلْيَحْسِبْ هذَا أَيْضًا مِنْ نَفْسِهِ: أَنَّهُ كَمَا هُوَ لِلْمَسِيحِ، كَذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمَسِيحِ! 8فَإِنِّي وَإِنِ افْتَخَرْتُ شَيْئًا أَكْثَرَ بِسُلْطَانِنَا الَّذِي أَعْطَانَا إِيَّاهُ الرَّبُّ لِبُنْيَانِكُمْ لاَ لِهَدْمِكُمْ، لاَ أُخْجَلُ. 9لِئَلاَّ أَظْهَرَ كَأَنِّي أُخِيفُكُمْ بِالرَّسَائِلِ. 10لأَنَّهُ يَقُولُ:«الرَّسَائِلُ ثَقِيلَةٌ وَقَوِيَّةٌ، وَأَمَّا حُضُورُ الْجَسَدِ فَضَعِيفٌ، وَالْكَلاَمُ حَقِيرٌ». 11مِثْلُ هذَا فَلْيَحْسِبْ هَذَا: أَنَّنَا كَمَا نَحْنُ فِي الْكَلاَمِ بِالرَّسَائِلِ وَنَحْنُ غَائِبُونَ، هكَذَا نَكُونُ أَيْضًا بِالْفِعْلِ وَنَحْنُ حَاضِرُونَ. 12لأَنَّنَا لاَ نَجْتَرِئُ أَنْ نَعُدَّ أَنْفُسَنَا بَيْنَ قَوْمٍ مِنَ الَّذِينَ يَمْدَحُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَلاَ أَنْ نُقَابِلَ أَنْفُسَنَا بِهِمْ. بَلْ هُمْ إِذْ يَقِيسُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَيُقَابِلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، لاَ يَفْهَمُونَ. 13وَلكِنْ نَحْنُ لاَ نَفْتَخِرُ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ، بَلْ حَسَبَ قِيَاسِ الْقَانُونِ الَّذِي قَسَمَهُ لَنَا اللهُ، قِيَاسًا لِلْبُلُوغِ إِلَيْكُمْ أَيْضًا. 14لأَنَّنَا لاَ نُمَدِّدُ أَنْفُسَنَا كَأَنَّنَا لَسْنَا نَبْلُغُ إِلَيْكُمْ. إِذْ قَدْ وَصَلْنَا إِلَيْكُمْ أَيْضًا فِي إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ. 15غَيْرَ مُفْتَخِرِينَ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ فِي أَتْعَابِ آخَرِينَ، بَلْ رَاجِينَ ­إِذَا نَمَا إِيمَانُكُمْ­ أَنْ نَتَعَظَّمَ بَيْنَكُمْ حَسَبَ قَانُونِنَا بِزِيَادَةٍ، 16لِنُبَشِّرَ إِلَى مَا وَرَاءَكُمْ. لاَ لِنَفْتَخِرَ بِالأُمُورِ الْمُعَدَّةِ فِي قَانُونِ غَيْرِنَا. 17وَأَمَّا: «مَنِ افْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبِّ». 18لأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ مَدَحَ نَفْسَهُ هُوَ الْمُزَكَّى، بَلْ مَنْ يَمْدَحُهُ الرَّبُّ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1لَيْتَكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلاً! بَلْ أَنْتُمْ مُحْتَمِلِيَّ. 2فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةَ اللهِ، لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُل وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ. 3وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ. 4فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الآتِي يَكْرِزُ بِيَسُوعَ آخَرَ لَمْ نَكْرِزْ بِهِ، أَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَ رُوحًا آخَرَ لَمْ تَأْخُذُوهُ، أَوْ إِنْجِيلاً آخَرَ لَمْ تَقْبَلُوهُ، فَحَسَنًا كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ. 5لأَنِّي أَحْسِبُ أَنِّي لَمْ أَنْقُصْ شَيْئًا عَنْ فَائِقِي الرُّسُلِ. 6وَإِنْ كُنْتُ عَامِّيًّا فِي الْكَلاَمِ، فَلَسْتُ فِي الْعِلْمِ، بَلْ نَحْنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ظَاهِرُونَ لَكُمْ بَيْنَ الْجَمِيعِ. 7أَمْ أَخْطَأْتُ خَطِيَّةً إِذْ أَذْلَلْتُ نَفْسِي كَيْ تَرْتَفِعُوا أَنْتُمْ، لأَنِّي بَشَّرْتُكُمْ مَجَّانًا بِإِنْجِيلِ اللهِ؟ 8سَلَبْتُ كَنَائِسَ أُخْرَى آخِذًا أُجْرَةً لأَجْلِ خِدْمَتِكُمْ، وَإِذْ كُنْتُ حَاضِرًا عِنْدَكُمْ وَاحْتَجْتُ، لَمْ أُثَقِّلْ عَلَى أَحَدٍ. 9لأَنَّ احْتِيَاجِي سَدَّهُ الإِخْوَةُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنْ مَكِدُونِيَّةَ. وَفِي كُلِّ شَيْءٍ حَفِظْتُ نَفْسِي غَيْرَ ثَقِيل عَلَيْكُمْ، وَسَأَحْفَظُهَا. 10حَقُّ الْمَسِيحِ فِيَّ. إِنَّ هذَا الافْتِخَارَ لاَ يُسَدُّ عَنِّي فِي أَقَالِيمِ أَخَائِيَةَ. 11لِمَاذَا؟ أَلأَنِّي لاَ أُحِبُّكُمْ؟ اَللهُ يَعْلَمُ. 12وَلكِنْ مَا أَفْعَلُهُ سَأَفْعَلُهُ لأَقْطَعَ فُرْصَةَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ فُرْصَةً كَيْ يُوجَدُوا كَمَا نَحْنُ أَيْضًا فِي مَا يَفْتَخِرُونَ بِهِ. 13لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ. 14وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ! 15فَلَيْسَ عَظِيمًا إِنْ كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ. الَّذِينَ نِهَايَتُهُمْ تَكُونُ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ.

16أَقُولُ أَيْضًا: لاَ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ. وَإِلاَّ فَاقْبَلُونِي وَلَوْ كَغَبِيٍّ، لأَفْتَخِرَ أَنَا أَيْضًا قَلِيلاً. 17الَّذِي أَتَكَلَّمُ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ بِحَسَبِ الرَّبِّ، بَلْ كَأَنَّهُ فِي غَبَاوَةٍ، فِي جَسَارَةِ الافْتِخَارِ هذِهِ. 18بِمَا أَنَّ كَثِيرِينَ يَفْتَخِرُونَ حَسَبَ الْجَسَدِ، أَفْتَخِرُ أَنَا أَيْضًا. 19فَإِنَّكُمْ بِسُرُورٍ تَحْتَمِلُونَ الأَغْبِيَاءَ، إِذْ أَنْتُمْ عُقَلاَءُ! 20لأَنَّكُمْ تَحْتَمِلُونَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْبِدُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْكُلُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْخُذُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَرْتَفِعُ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَضْرِبُكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ! 21عَلَى سَبِيلِ الْهَوَانِ أَقُولُ: كَيْفَ أَنَّنَا كُنَّا ضُعَفَاءَ! وَلكِنَّ الَّذِي يَجْتَرِئُ فِيهِ أَحَدٌ، أَقُولُ فِي غَبَاوَةٍ: أَنَا أَيْضًا أَجْتَرِئُ فِيهِ. 22أَهُمْ عِبْرَانِيُّونَ؟ فَأَنَا أَيْضًا. أَهُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ؟ فَأَنَا أَيْضًا. أَهُمْ نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ؟ فَأَنَا أَيْضًا. 23أَهُمْ خُدَّامُ الْمَسِيحِ؟ أَقُولُ كَمُخْتَلِّ الْعَقْلِ، فَأَنَا أَفْضَلُ: فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً. 24مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً. 25ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ضُرِبْتُ بِالْعِصِيِّ، مَرَّةً رُجِمْتُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ انْكَسَرَتْ بِيَ السَّفِينَةُ، لَيْلاً وَنَهَارًا قَضَيْتُ فِي الْعُمْقِ. 26بِأَسْفَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، بِأَخْطَارِ سُيُول، بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ، بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي، بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ، بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ. 27فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ، فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ، فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ. 28عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ، الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ. 29مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟ 30إِنْ كَانَ يَجِبُ الافْتِخَارُ، فَسَأَفْتَخِرُ بِأُمُورِ ضَعْفِي. 31اَللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ، يَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ أَكْذِبُ. 32فِي دِمَشْقَ، وَالِي الْحَارِثِ الْمَلِكِ كَانَ يَحْرُسُ مدِينَةَ الدِّمَشْقِيِّينَ، يُرِيدُ أَنْ يُمْسِكَنِي، 33فَتَدَلَّيْتُ مِنْ طَاقَةٍ فِي زَنْبِيل مِنَ السُّورِ، وَنَجَوْتُ مِنْ يَدَيْهِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1إِنَّهُ لاَ يُوافِقُنِي أَنْ أَفْتَخِرَ. فَإِنِّي آتِي إِلَى مَنَاظِرِ الرَّبِّ وَإِعْلاَنَاتِهِ. 2أَعْرِفُ إِنْسَانًا فِي الْمَسِيحِ قَبْلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. أَفِي الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ، أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ. اخْتُطِفَ هذَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ. 3وَأَعْرِفُ هذَا الإِنْسَانَ: أَفِي الْجَسَدِ أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ. 4أَنَّهُ اخْتُطِفَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا. 5مِنْ جِهَةِ هذَا أَفْتَخِرُ. وَلكِنْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِي لاَ أَفْتَخِرُ إِلاَّ بِضَعَفَاتِي. 6فَإِنِّي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَفْتَخِرَ لاَ أَكُونُ غَبِيًّا، لأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ. وَلكِنِّي أَتَحَاشَى لِئَلاَّ يَظُنَّ أَحَدٌ مِنْ جِهَتِي فَوْقَ مَا يَرَانِي أَوْ يَسْمَعُ مِنِّي. 7وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ لِيَلْطِمَنِي، لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ. 8مِنْ جِهَةِ هذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. 9فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ. 10لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ.

11قَدْ صِرْتُ غَبِيًّا وَأَنَا أَفْتَخِرُ. أَنْتُمْ أَلْزَمْتُمُونِي! لأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ أُمْدَحَ مِنْكُمْ، إِذْ لَمْ أَنْقُصْ شَيْئًا عَنْ فَائِقِي الرُّسُلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَسْتُ شَيْئًا. 12إِنَّ عَلاَمَاتِ الرَّسُولِ صُنِعَتْ بَيْنَكُمْ فِي كُلِّ صَبْرٍ، بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ. 13لأَنَّهُ مَا هُوَ الَّذِي نَقَصْتُمْ عَنْ سَائِرِ الْكَنَائِسِ، إِلاَّ أَنِّي أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ؟ سَامِحُونِي بِهذَا الظُّلْمِ! 14هُوَذَا الْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ أَنَا مُسْتَعِدٌّ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَلاَ أُثَقِّلَ عَلَيْكُمْ. لأَنِّي لَسْتُ أَطْلُبُ مَا هُوَ لَكُمْ بَلْ إِيَّاكُمْ. لأَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنَّ الأَوْلاَدَ يَذْخَرُونَ لِلْوَالِدِينَ، بَلِ الْوَالِدُونَ لِلأَوْلاَدِ. 15وَأَمَّا أَنَا فَبِكُلِّ سُرُورٍ أُنْفِقُ وَأُنْفَقُ لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ، وَإِنْ كُنْتُ كُلَّمَا أُحِبُّكُمْ أَكْثَرَ أُحَبُّ أَقَلَّ! 16فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ، لكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالاً أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ! 17هَلْ طَمِعْتُ فِيكُمْ بِأَحَدٍ مِنَ الَّذِينَ أَرْسَلْتُهُمْ إِلَيْكُمْ؟ 18طَلَبْتُ إِلَى تِيطُسَ وَأَرْسَلْتُ مَعَهُ الأَخَ. هَلْ طَمِعَ فِيكُمْ تِيطُسُ؟ أَمَا سَلَكْنَا بِذَاتِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ؟ أَمَا بِذَاتِ الْخَطَوَاتِ الْوَاحِدَةِ؟

19أَتَظُنُّونَ أَيْضًا أَنَّنَا نَحْتَجُّ لَكُمْ؟ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ نَتَكَلَّمُ. وَلكِنَّ الْكُلَّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لأَجْلِ بُنْيَانِكُمْ. 20لأَنِّي أَخَافُ إِذَا جِئْتُ أَنْ لاَ أَجِدَكُمْ كَمَا أُرِيدُ، وَأُوجَدَ مِنْكُمْ كَمَا لاَ تُرِيدُونَ. أَنْ تُوجَدَ خُصُومَاتٌ وَمُحَاسَدَاتٌ وَسَخَطَاتٌ وَتَحَزُّبَاتٌ وَمَذَمَّاتٌ وَنَمِيمَاتٌ وَتَكَبُّرَاتٌ وَتَشْوِيشَاتٌ. 21أَنْ يُذِلَّنِي إِلهِي عِنْدَكُمْ، إِذَا جِئْتُ أَيْضًا وَأَنُوحُ عَلَى كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ أَخْطَأُوا مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَتُوبُوا عَنِ النَّجَاسَةِ وَالزِّنَا وَالْعَهَارَةِ الَّتِي فَعَلُوهَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1هذِهِ الْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ آتِي إِلَيْكُمْ. «عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ وَثَلاَثَةٍ تَقُومُ كُلُّ كَلِمَةٍ». 2قَدْ سَبَقْتُ فَقُلْتُ، وَأَسْبِقُ فَأَقُولُ كَمَا وَأَنَا حَاضِرٌ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ، وَأَنَا غَائِبٌ الآنَ، أَكْتُبُ لِلَّذِينَ أَخْطَأُوا مِنْ قَبْلُ، وَلِجَمِيعِ الْبَاقِينَ: أَنِّي إِذَا جِئْتُ أَيْضًا لاَ أُشْفِقُ. 3إِذْ أَنْتُمْ تَطْلُبُونَ بُرْهَانَ الْمَسِيحِ الْمُتَكَلِّمِ فِيَّ، الَّذِي لَيْسَ ضَعِيفًا لَكُمْ بَلْ قَوِيٌّ فِيكُمْ. 4لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صُلِبَ مِنْ ضَعْفٍ، لكِنَّهُ حَيٌّ بِقُوَّةِ اللهِ. فَنَحْنُ أَيْضًا ضُعَفَاءُ فِيهِ، لكِنَّنَا سَنَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ. 5جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإِيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنْفُسَكُمْ، أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ فِيكُمْ، إِنْ لَمْ تَكُونُوا مَرْفُوضِينَ؟ 6لكِنَّنِي أَرْجُو أَنَّكُمْ سَتَعْرِفُونَ أَنَّنَا نَحْنُ لَسْنَا مَرْفُوضِينَ. 7وَأُصَلِّي إِلَى اللهِ أَنَّكُمْ لاَ تَعْمَلُونَ شَيْئًا رَدِيًّا، لَيْسَ لِكَيْ نَظْهَرَ نَحْنُ مُزَكَّيْنَ، بَلْ لِكَيْ تَصْنَعُوا أَنْتُمْ حَسَنًا، وَنَكُونَ نَحْنُ كَأَنَّنَا مَرْفُوضُونَ. 8لأَنَّنَا لاَ نَسْتَطِيعُ شَيْئًا ضِدَّ الْحَقِّ، بَلْ لأَجْلِ الْحَقِّ. 9لأَنَّنَا نَفْرَحُ حِينَمَا نَكُونُ نَحْنُ ضُعَفَاءَ وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ أَقْوِيَاءَ. وَهذَا أَيْضًا نَطْلُبُهُ كَمَالَكُمْ. 10لِذلِكَ أَكْتُبُ بِهذَا وَأَنَا غَائِبٌ، لِكَيْ لاَ أَسْتَعْمِلَ جَزْمًا وَأَنَا حَاضِرٌ، حَسَبَ السُّلْطَانِ الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهُ الرَّبُّ لِلْبُنْيَانِ لاَ لِلْهَدْمِ.

11أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ افْرَحُوا. اِكْمَلُوا. تَعَزَّوْا. اِهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا. عِيشُوا بِالسَّلاَمِ، وَإِلهُ الْمَحَبَّةِ وَالسَّلاَمِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ. 12سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. 13يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ.

14نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

 

غلاطية

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، رَسُولٌ لاَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ بِإِنْسَانٍ، بَلْ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاللهِ الآبِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، 2وَجَمِيعُ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعِي، إِلَى كَنَائِسِ غَلاَطِيَّةَ: 3نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ، وَمِنْ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 4الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِ خَطَايَانَا، لِيُنْقِذَنَا مِنَ الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ حَسَبَ إِرَادَةِ اللهِ وَأَبِينَا، 5الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.

6إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ! 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ. 8وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»! 9كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»! 10أَفَأَسْتَعْطِفُ الآنَ النَّاسَ أَمِ اللهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ النَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ، لَمْ أَكُنْ عَبْدًا لِلْمَسِيحِ.

11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 13فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا. 14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي. 15وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ 16أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا 17وَلاَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ قَبْلِي، بَلِ انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضًا إِلَى دِمَشْقَ. 18ثُمَّ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَتَعَرَّفَ بِبُطْرُسَ، فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. 19وَلكِنَّنِي لَمْ أَرَ غَيْرَهُ مِنَ الرُّسُلِ إِلاَّ يَعْقُوبَ أَخَا الرَّبِّ. 20وَالَّذِي أَكْتُبُ بِهِ إِلَيْكُمْ هُوَذَا قُدَّامَ اللهِ أَنِّي لَسْتُ أَكْذِبُ فِيهِ. 21وَبَعْدَ ذلِكَ جِئْتُ إِلَى أَقَالِيمِ سُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ. 22وَلكِنَّنِي كُنْتُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَجْهِ عِنْدَ كَنَائِسِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ. 23غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ: «أَنَّ الَّذِي كَانَ يَضْطَهِدُنَا قَبْلاً، يُبَشِّرُ الآنَ بِالإِيمَانِ الَّذِي كَانَ قَبْلاً يُتْلِفُهُ». 24فَكَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ فِيَّ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدْتُ أَيْضًا إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ بَرْنَابَا، آخِذًا مَعِي تِيطُسَ أَيْضًا. 2وَإِنَّمَا صَعِدْتُ بِمُوجَبِ إِعْلاَنٍ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الإِنْجِيلَ الَّذِي أَكْرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، وَلكِنْ بِالانْفِرَادِ عَلَى الْمُعْتَبَرِينَ، لِئَلاَّ أَكُونَ أَسْعَى أَوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلاً. 3لكِنْ لَمْ يَضْطَرَّ وَلاَ تِيطُسُ الَّذِي كَانَ مَعِي، وَهُوَ يُونَانِيٌّ، أَنْ يَخْتَتِنَ. 4وَلكِنْ بِسَبَبِ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَسًا لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا، 5اَلَّذِينَ لَمْ نُذْعِنْ لَهُمْ بِالْخُضُوعِ وَلاَ سَاعَةً، لِيَبْقَى عِنْدَكُمْ حَقُّ الإِنْجِيلِ. 6وَأَمَّا الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ شَيْءٌ ­ مَهْمَا كَانُوا، لاَ فَرْقَ عِنْدِي، اَللهُ لاَ يَأْخُذُ بِوَجْهِ إِنْسَانٍ ­ فَإِنَّ هؤُلاَءِ الْمُعْتَبَرِينَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَيَّ بِشَيْءٍ. 7بَلْ بِالْعَكْسِ، إِذْ رَأَوْا أَنِّي اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ كَمَا بُطْرُسُ عَلَى إِنْجِيلِ الْخِتَانِ. 8فَإِنَّ الَّذِي عَمِلَ فِي بُطْرُسَ لِرِسَالَةِ الْخِتَانِ عَمِلَ فِيَّ أَيْضًا لِلأُمَمِ. 9فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ، وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ. 10غَيْرَ أَنْ نَذْكُرَ الْفُقَرَاءَ. وَهذَا عَيْنُهُ كُنْتُ اعْتَنَيْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ.

11وَلكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُومًا. 12لأَنَّهُ قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلكِنْ لَمَّا أَتَوْا كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفًا مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. 13وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضًا، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضًا انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ! 14لكِنْ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَسْلُكُونَ بِاسْتِقَامَةٍ حَسَبَ حَقِّ الإِنْجِيلِ، قُلْتُ لِبُطْرُسَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ:«إِنْ كُنْتَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ تَعِيشُ أُمَمِيًّا لاَ يَهُودِيًّا، فَلِمَاذَا تُلْزِمُ الأُمَمَ أَنْ يَتَهَوَّدُوا؟» 15نَحْنُ بِالطَّبِيعَةِ يَهُودٌ وَلَسْنَا مِنَ الأُمَمِ خُطَاةً، 16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا. 17فَإِنْ كُنَّا وَنَحْنُ طَالِبُونَ أَنْ نَتَبَرَّرَ فِي الْمَسِيحِ، نُوجَدُ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا خُطَاةً، أَفَالْمَسِيحُ خَادِمٌ لِلْخَطِيَّةِ؟ حَاشَا! 18فَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أَبْنِي أَيْضًا هذَا الَّذِي قَدْ هَدَمْتُهُ، فَإِنِّي أُظْهِرُ نَفْسِي مُتَعَدِّيًا. 19لأَنِّي مُتُّ بِالنَّامُوسِ لِلنَّامُوسِ لأَحْيَا للهِ. 20مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي. 21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ!



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1أَيُّهَا الْغَلاَطِيُّونَ الأَغْبِيَاءُ، مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا! 2أُرِيدُ أَنْ أَتَعَلَّمَ مِنْكُمْ هذَا فَقَطْ: أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَخَذْتُمُ الرُّوحَ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ؟ 3أَهكَذَا أَنْتُمْ أَغْبِيَاءُ! أَبَعْدَمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمَّلُونَ الآنَ بِالْجَسَدِ؟ 4أَهذَا الْمِقْدَارَ احْتَمَلْتُمْ عَبَثًا؟ إِنْ كَانَ عَبَثًا! 5فَالَّذِي يَمْنَحُكُمُ الرُّوحَ، وَيَعْمَلُ قُوَّاتٍ فِيكُمْ، أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ؟ 6كَمَا «آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا». 7اعْلَمُوا إِذًا أَنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَانِ أُولئِكَ هُمْ بَنُو إِبْرَاهِيمَ. 8وَالْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى أَنَّ اللهَ بِالإِيمَانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ، سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ «فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ الأُمَمِ». 9إِذًا الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَانِ يَتَبَارَكُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْمُؤْمِنِ. 10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ». 11وَلكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12وَلكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ.

15أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ أَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ يُبْطِلُ عَهْدًا قَدْ تَمَكَّنَ وَلَوْ مِنْ إِنْسَانٍ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ. 16وَأَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لاَ يَقُولُ: «وَفِي الأَنْسَالِ» كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: «وَفِي نَسْلِكَ» الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ. 17وَإِنَّمَا أَقُولُ هذَا: إِنَّ النَّامُوسَ الَّذِي صَارَ بَعْدَ أَرْبَعِمِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، لاَ يَنْسَخُ عَهْدًا قَدْ سَبَقَ فَتَمَكَّنَ مِنَ اللهِ نَحْوَ الْمَسِيحِ حَتَّى يُبَطِّلَ الْمَوْعِدَ. 18لأَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْوِرَاثَةُ مِنَ النَّامُوسِ، فَلَمْ تَكُنْ أَيْضًا مِنْ مَوْعِدٍ. وَلكِنَّ اللهَ وَهَبَهَا لإِبْرَاهِيمَ بِمَوْعِدٍ.

19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّبًا بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ. 20وَأَمَّا الْوَسِيطُ فَلاَ يَكُونُ لِوَاحِدٍ. وَلكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ. 21فَهَلِ النَّامُوسُ ضِدُّ مَوَاعِيدِ اللهِ؟ حَاشَا! لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ. 22لكِنَّ الْكِتَابَ أَغْلَقَ عَلَى الْكُلِّ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ، لِيُعْطَى الْمَوْعِدُ مِنْ إِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. 23وَلكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقًا عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ. 24إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ. 25وَلكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ، لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ.

26لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. 27لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ: 28لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 29فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ، فَأَنْتُمْ إِذًا نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَسَبَ الْمَوْعِدِ وَرَثَةٌ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. 2بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. 3هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ. 4وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. 6ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ». 7إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ.

8لكِنْ حِينَئِذٍ إِذْ كُنْتُمْ لاَ تَعْرِفُونَ اللهَ، اسْتُعْبِدْتُمْ لِلَّذِينَ لَيْسُوا بِالطَّبِيعَةِ آلِهَةً. 9وَأَمَّا الآنَ إِذْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ أَيْضًا إِلَى الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ الَّتِي تُرِيدُونَ أَنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟ 10أَتَحْفَظُونَ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ؟ 11أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ فِيكُمْ عَبَثًا!

12أَتَضَرَّعُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، كُونُوا كَمَا أَنَا لأَنِّي أَنَا أَيْضًا كَمَا أَنْتُمْ. لَمْ تَظْلِمُونِي شَيْئًا. 13وَلكِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي بِضَعْفِ الْجَسَدِ بَشَّرْتُكُمْ فِي الأَوَّلِ. 14وَتَجْرِبَتِي الَّتِي فِي جَسَدِي لَمْ تَزْدَرُوا بِهَا وَلاَ كَرِهْتُمُوهَا، بَلْ كَمَلاَكٍ مِنَ اللهِ قَبِلْتُمُونِي، كَالْمَسِيحِ يَسُوعَ. 15فَمَاذَا كَانَ إِذًا تَطْوِيبُكُمْ؟ لأَنِّي أَشْهَدُ لَكُمْ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ لَقَلَعْتُمْ عُيُونَكُمْ وَأَعْطَيْتُمُونِي. 16أَفَقَدْ صِرْتُ إِذًا عَدُوًّا لَكُمْ لأَنِّي أَصْدُقُ لَكُمْ؟ 17يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَنًا، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَيْ تَغَارُوا لَهُمْ. 18حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ، وَلَيْسَ حِينَ حُضُورِي عِنْدَكُمْ فَقَطْ. 19يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ. 20وَلكِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حَاضِرًا عِنْدَكُمُ الآنَ وَأُغَيِّرَ صَوْتِي، لأَنِّي مُتَحَيِّرٌ فِيكُمْ!

21قُولُوا لِي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ: أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟ 22فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. 23لكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. 24وَكُلُّ ذلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ، الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، الَّذِي هُوَ هَاجَرُ. 25لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. 26وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعًا، فَهِيَ حُرَّةٌ. 27لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «افْرَحِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. اِهْتِفِي وَاصْرُخِي أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ الْمُوحِشَةِ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ». 28وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ. 29وَلكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هكَذَا الآنَ أَيْضًا. 30لكِنْ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ». 31إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. 2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! 3لكِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. 4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ. 7كُنْتُمْ تَسْعَوْنَ حَسَنًا. فَمَنْ صَدَّكُمْ حَتَّى لاَ تُطَاوِعُوا لِلْحَقِّ؟ 8هذِهِ الْمُطَاوَعَةُ لَيْسَتْ مِنَ الَّذِي دَعَاكُمْ. 9«خَمِيرَةٌ صَغِيرَةٌ تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ». 10وَلكِنَّنِي أَثِقُ بِكُمْ فِي الرَّبِّ أَنَّكُمْ لاَ تَفْتَكِرُونَ شَيْئًا آخَرَ. وَلكِنَّ الَّذِي يُزْعِجُكُمْ سَيَحْمِلُ الدَّيْنُونَةَ أَيَّ مَنْ كَانَ. 11وَأَمَّا أَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَإِنْ كُنْتُ بَعْدُ أَكْرِزُ بِالْخِتَانِ، فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْدُ؟ إِذًا عَثْرَةُ الصَّلِيبِ قَدْ بَطَلَتْ. 12يَالَيْتَ الَّذِينَ يُقْلِقُونَكُمْ يَقْطَعُونَ أَيْضًا!

13فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. 14لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ: «تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 15فَإِذَا كُنْتُمْ تَنْهَشُونَ وَتَأْكُلُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَانْظُرُوا لِئَلاَّ تُفْنُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.

16وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. 17لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. 18وَلكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ. 19وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ 20عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ 21حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. 22وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ 23وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. 24وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. 25إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. 26لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ غَلاَطِيَّةَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا. 2اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ. 3لأَنَّهُ إِنْ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ شَيْءٌ وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَغُشُّ نَفْسَهُ. 4وَلكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.

6وَلكِنْ لِيُشَارِكِ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْكَلِمَةَ الْمُعَلِّمَ فِي جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ. 7لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. 8لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. 9فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ. 10فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ.

11اُنْظُرُوا، مَا أَكْبَرَ الأَحْرُفَ الَّتِي كَتَبْتُهَا إِلَيْكُمْ بِيَدِي! 12جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَرًا حَسَنًا فِي الْجَسَدِ، هؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَطْ. 13لأَنَّ الَّذِينَ يَخْتَتِنُونَ هُمْ لاَ يَحْفَظُونَ النَّامُوسَ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ تَخْتَتِنُوا أَنْتُمْ لِكَيْ يَفْتَخِرُوا فِي جَسَدِكُمْ. 14وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ. 15لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ. 16فَكُلُّ الَّذِينَ يَسْلُكُونَ بِحَسَبِ هذَا الْقَانُونِ عَلَيْهِمْ سَلاَمٌ وَرَحْمَةٌ، وَعَلَى إِسْرَائِيلِ اللهِ. 17فِي مَا بَعْدُ لاَ يَجْلِبُ أَحَدٌ عَلَيَّ أَتْعَابًا، لأَنِّي حَامِلٌ فِي جَسَدِي سِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ.

18نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. آمِينَ.

أفسس

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، إِلَى الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ فِي أَفَسُسَ، وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ: 2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

3مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، 4كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، 5إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، 6لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ، 7الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، 8الَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ، 9إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، 10لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ 11الَّذِي فِيهِ أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا، مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ، 12لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ. 13الَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، 14الَّذِي هُوَ عُرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ.

15لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ سَمِعْتُ بِإِيمَانِكُمْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَمَحَبَّتِكُمْ نَحْوَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، 16لاَ أَزَالُ شَاكِرًا لأَجْلِكُمْ، ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، 17كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، 18مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ، 19وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ 20الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، 21فَوْقَ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ، وَكُلِّ اسْمٍ يُسَمَّى لَيْسَ فِي هذَا الدَّهْرِ فَقَطْ بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا، 22وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ، 23الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، 2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، 3الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلاً بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ، وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا، 4اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، 5وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ­ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ ­ 6وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، 7لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 8لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. 9لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. 10لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.

11لِذلِكَ اذْكُرُوا أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الأُمَمُ قَبْلاً فِي الْجَسَدِ، الْمَدْعُوِّينَ غُرْلَةً مِنَ الْمَدْعُوِّ خِتَانًا مَصْنُوعًا بِالْيَدِ فِي الْجَسَدِ، 12أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ، أَجْنَبِيِّينَ عَنْ رَعَوِيَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَغُرَبَاءَ عَنْ عُهُودِ الْمَوْعِدِ، لاَ رَجَاءَ لَكُمْ، وَبِلاَ إِلهٍ فِي الْعَالَمِ. 13وَلكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ، صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ. 14لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ 15أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلاً بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَانًا وَاحِدًا جَدِيدًا، صَانِعًا سَلاَمًا، 16وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ. 17فَجَاءَ وَبَشَّرَكُمْ بِسَلاَمٍ، أَنْتُمُ الْبَعِيدِينَ وَالْقَرِيبِينَ. 18لأَنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ. 19فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، 20مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ، 21الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ. 22الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا للهِ فِي الرُّوحِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1بِسَبَبِ هذَا أَنَا بُولُسُ، أَسِيرُ الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَجْلِكُمْ أَيُّهَا الأُمَمُ، 2إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِتَدْبِيرِ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي لأَجْلِكُمْ. 3أَنَّهُ بِإِعْلاَنٍ عَرَّفَنِي بِالسِّرِّ. كَمَا سَبَقْتُ فَكَتَبْتُ بِالإِيجَازِ. 4الَّذِي بِحَسَبِهِ حِينَمَا تَقْرَأُونَهُ، تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْهَمُوا دِرَايَتِي بِسِرِّ الْمَسِيحِ. 5الَّذِي فِي أَجْيَال أُخَرَ لَمْ يُعَرَّفْ بِهِ بَنُو الْبَشَرِ، كَمَا قَدْ أُعْلِنَ الآنَ لِرُسُلِهِ الْقِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَائِهِ بِالرُّوحِ: 6أَنَّ الأُمَمَ شُرَكَاءُ فِي الْمِيرَاثِ وَالْجَسَدِ وَنَوَالِ مَوْعِدِهِ فِي الْمَسِيحِ بِالإِنْجِيلِ. 7الَّذِي صِرْتُ أَنَا خَادِمًا لَهُ حَسَبَ مَوْهِبَةِ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي حَسَبَ فِعْلِ قُوَّتِهِ. 8لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، أُعْطِيَتْ هذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى، 9وَأُنِيرَ الْجَمِيعَ فِي مَا هُوَ شَرِكَةُ السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ فِي اللهِ خَالِقِ الْجَمِيعِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. 10لِكَيْ يُعَرَّفَ الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، بِوَاسِطَةِ الْكَنِيسَةِ، بِحِكْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ، 11حَسَبَ قَصْدِ الدُّهُورِ الَّذِي صَنَعَهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. 12الَّذِي بِهِ لَنَا جَرَاءَةٌ وَقُدُومٌ بِإِيمَانِهِ عَنْ ثِقَةٍ. 13لِذلِكَ أَطْلُبُ أَنْ لاَ تَكِلُّوا فِي شَدَائِدِي لأَجْلِكُمُ الَّتِي هِيَ مَجْدُكُمْ.

14بِسَبَبِ هذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 15الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. 16لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، 17لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، 18وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، 19وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ. 20وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا، 21لَهُ الْمَجْدُ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ إِلَى جَمِيعِ أَجْيَالِ دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. 2بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ. 3مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. 4جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. 5رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، 6إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ. 7وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. 8لِذلِكَ يَقُولُ:«إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا». 9وَأَمَّا أَنَّهُ «صَعِدَ»، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. 10اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ. 11وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، 12لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، 13إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. 14كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ. 15بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ، 16الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا، وَمُقْتَرِنًا بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِل، حَسَبَ عَمَل، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ.

17فَأَقُولُ هذَا وَأَشْهَدُ فِي الرَّبِّ: أَنْ لاَ تَسْلُكُوا فِي مَا بَعْدُ كَمَا يَسْلُكُ سَائِرُ الأُمَمِ أَيْضًا بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ، 18إِذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ. 19اَلَّذِينَ ­إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ­ أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ. 20وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هكَذَا، 21إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، 22أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، 23وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، 24وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.

25لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ. 26اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ، 27وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا. 28لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاً الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ. 29لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ. 30وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ. 31لِيُرْفَعْ مِنْ بَيْنِكُمْ كُلُّ مَرَارَةٍ وَسَخَطٍ وَغَضَبٍ وَصِيَاحٍ وَتَجْدِيفٍ مَعَ كُلِّ خُبْثٍ. 32وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ، 2وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً.

3وَأَمَّا الزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ أَوْ طَمَعٍ فَلاَ يُسَمَّ بَيْنَكُمْ كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ، 4وَلاَ الْقَبَاحَةُ، وَلاَ كَلاَمُ السَّفَاهَةِ، وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ الشُّكْرُ. 5فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ­ الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ­ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ. 6لاَ يَغُرَّكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ بَاطِل، لأَنَّهُ بِسَبَبِ هذِهِ الأُمُورِ يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ. 7فَلاَ تَكُونُوا شُرَكَاءَهُمْ. 8لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ. 9لأَنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هُوَ فِي كُلِّ صَلاَحٍ وَبِرّ وَحَقّ. 10مُخْتَبِرِينَ مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الرَّبِّ. 11وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا. 12لأَنَّ الأُمُورَ الْحَادِثَةَ مِنْهُمْ سِرًّا، ذِكْرُهَا أَيْضًا قَبِيحٌ. 13وَلكِنَّ الْكُلَّ إِذَا تَوَبَّخَ يُظْهَرُ بِالنُّورِ. لأَنَّ كُلَّ مَا أُظْهِرَ فَهُوَ نُورٌ. 14لِذلِكَ يَقُولُ: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ».

15فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، 16مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. 17مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ. 18وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ، 19مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. 20شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، للهِ وَالآبِ. 21خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ.

22أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. 24وَلكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. 25أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، 26لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، 27لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ. 28كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ. 29فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ. 30لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ. 31«مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا». 32هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ. 33وَأَمَّا أَنْتُمُ الأَفْرَادُ، فَلْيُحِبَّ كُلُّ وَاحِدٍ امْرَأَتَهُ هكَذَا كَنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي الرَّبِّ لأَنَّ هذَا حَقٌّ. 2«أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ»، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ، 3«لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ، وَتَكُونُوا طِوَالَ الأَعْمَارِ عَلَى الأَرْضِ». 4وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ.

5أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، فِي بَسَاطَةِ قُلُوبِكُمْ كَمَا لِلْمَسِيحِ 6لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ كَعَبِيدِ الْمَسِيحِ، عَامِلِينَ مَشِيئَةَ اللهِ مِنَ الْقَلْبِ، 7خَادِمِينَ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ كَمَا لِلرَّبِّ، لَيْسَ لِلنَّاسِ. 8عَالِمِينَ أَنْ مَهْمَا عَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَيْرِ فَذلِكَ يَنَالُهُ مِنَ الرَّبِّ، عَبْدًا كَانَ أَمْ حُرًّا. 9وَأَنْتُمْ أَيُّهَا السَّادَةُ، افْعَلُوا لَهُمْ هذِهِ الأُمُورَ، تَارِكِينَ التَّهْدِيدَ، عَالِمِينَ أَنَّ سَيِّدَكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي السَّمَاوَاتِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مُحَابَاةٌ.

10أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. 11الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. 12فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. 13مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. 14فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، 15وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. 16حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. 17وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. 18مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، 19وَلأَجْلِي، لِكَيْ يُعْطَى لِي كَلاَمٌ عِنْدَ افْتِتَاحِ فَمِي، لأُعْلِمَ جِهَارًا بِسِرِّ الإِنْجِيلِ، 20الَّذِي لأَجْلِهِ أَنَا سَفِيرٌ فِي سَلاَسِلَ، لِكَيْ أُجَاهِرَ فِيهِ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ.

21وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ أَيْضًا أَحْوَالِي، مَاذَا أَفْعَلُ، يُعَرِّفُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ تِيخِيكُسُ الأَخُ الْحَبِيبُ وَالْخَادِمُ الأَمِينُ فِي الرَّبِّ، 22الَّذِي أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ لِهذَا بِعَيْنِهِ، لِكَيْ تَعْلَمُوا أَحْوَالَنَا، وَلِكَيْ يُعَزِّيَ قُلُوبَكُمْ.

23سَلاَمٌ عَلَى الإِخْوَةِ، وَمَحَبَّةٌ بِإِيمَانٍ مِنَ اللهِ الآبِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 24اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. آمِينَ.

فيلبي

رسالة بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ عَبْدَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِينَ فِي فِيلِبِّي، مَعَ أَسَاقِفَةٍ وَشَمَامِسَةٍ: 2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

3أَشْكُرُ إِلهِي عِنْدَ كُلِّ ذِكْرِي إِيَّاكُمْ 4دَائِمًا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِي، مُقَدِّمًا الطَّلْبَةَ لأَجْلِ جَمِيعِكُمْ بِفَرَحٍ، 5لِسَبَبِ مُشَارَكَتِكُمْ فِي الإِنْجِيلِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ إِلَى الآنَ. 6وَاثِقًا بِهذَا عَيْنِهِ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 7كَمَا يَحِقُّ لِي أَنْ أَفْتَكِرَ هذَا مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ، لأَنِّي حَافِظُكُمْ فِي قَلْبِي، فِي وُثُقِي، وَفِي الْمُحَامَاةِ عَنِ الإِنْجِيلِ وَتَثْبِيتِهِ، أَنْتُمُ الَّذِينَ جَمِيعُكُمْ شُرَكَائِي فِي النِّعْمَةِ. 8فَإِنَّ اللهَ شَاهِدٌ لِي كَيْفَ أَشْتَاقُ إِلَى جَمِيعِكُمْ فِي أَحْشَاءِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 9وَهذَا أُصَلِّيهِ: أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أَيْضًا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ فَهْمٍ، 10حَتَّى تُمَيِّزُوا الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا مُخْلِصِينَ وَبِلاَ عَثْرَةٍ إِلَى يَوْمِ الْمَسِيحِ، 11مَمْلُوئِينَ مِنْ ثَمَرِ الْبِرِّ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِمَجْدِ اللهِ وَحَمْدِهِ.

12ثُمَّ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّ أُمُورِي قَدْ آلَتْ أَكْثَرَ إِلَى تَقَدُّمِ الإِنْجِيلِ، 13حَتَّى إِنَّ وُثُقِي صَارَتْ ظَاهِرَةً فِي الْمَسِيحِ فِي كُلِّ دَارِ الْوِلاَيَةِ وَفِي بَاقِي الأَمَاكِنِ أَجْمَعَ. 14وَأَكْثَرُ الإِخْوَةِ، وَهُمْ وَاثِقُونَ فِي الرَّبِّ بِوُثُقِي، يَجْتَرِئُونَ أَكْثَرَ عَلَى التَّكَلُّمِ بِالْكَلِمَةِ بِلاَ خَوْفٍ. 15أَمَّا قَوْمٌ فَعَنْ حَسَدٍ وَخِصَامٍ يَكْرِزُونَ بِالْمَسِيحِ، وَأَمَّا قَوْمٌ فَعَنْ مَسَرَّةٍ. 16فَهؤُلاَءِ عَنْ تَحَزُّبٍ يُنَادُونَ بِالْمَسِيحِ لاَ عَنْ إِخْلاَصٍ، ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يُضِيفُونَ إِلَى وُثُقِي ضِيقًا. 17وَأُولئِكَ عَنْ مَحَبَّةٍ، عَالِمِينَ أَنِّي مَوْضُوعٌ لِحِمَايَةِ الإِنْجِيلِ. 18فَمَاذَا؟ غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ كَانَ بِعِلَّةٍ أَمْ بِحَقّ يُنَادَى بِالْمَسِيحِ، وَبِهذَا أَنَا أَفْرَحُ. بَلْ سَأَفْرَحُ أَيْضًا. 19لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هذَا يَؤُولُ لِي إِلَى خَلاَصٍ بِطَلْبَتِكُمْ وَمُؤَازَرَةِ رُوحِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 20حَسَبَ انْتِظَارِي وَرَجَائِي أَنِّي لاَ أُخْزَى فِي شَيْءٍ، بَلْ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ كَمَا فِي كُلِّ حِينٍ، كَذلِكَ الآنَ، يَتَعَظَّمُ الْمَسِيحُ فِي جَسَدِي، سَوَاءٌ كَانَ بِحَيَاةٍ أَمْ بِمَوْتٍ. 21لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ. 22وَلكِنْ إِنْ كَانَتِ الْحَيَاةُ فِي الْجَسَدِ هِيَ لِي ثَمَرُ عَمَلِي، فَمَاذَا أَخْتَارُ؟ لَسْتُ أَدْرِي! 23فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا. 24وَلكِنْ أَنْ أَبْقَى فِي الْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ. 25فَإِذْ أَنَا وَاثِقٌ بِهذَا أَعْلَمُ أَنِّي أَمْكُثُ وَأَبْقَى مَعَ جَمِيعِكُمْ لأَجْلِ تَقَدُّمِكُمْ وَفَرَحِكُمْ فِي الإِيمَانِ، 26لِكَيْ يَزْدَادَ افْتِخَارُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ فِيَّ، بِوَاسِطَةِ حُضُورِي أَيْضًا عِنْدَكُمْ.

27فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ وَرَأَيْتُكُمْ، أَوْ كُنْتُ غَائِبًا أَسْمَعُ أُمُورَكُمْ أَنَّكُمْ تَثْبُتُونَ فِي رُوحٍ وَاحِدٍ، مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ، 28غَيْرَ مُخَوَّفِينَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُقَاوِمِينَ، الأَمْرُ الَّذِي هُوَ لَهُمْ بَيِّنَةٌ لِلْهَلاَكِ، وَأَمَّا لَكُمْ فَلِلْخَلاَصِ، وَذلِكَ مِنَ اللهِ. 29لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ. 30إِذْ لَكُمُ الْجِهَادُ عَيْنُهُ الَّذِي رَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، وَالآنَ تَسْمَعُونَ فِيَّ.



رسالة بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيحِ. إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّةِ. إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ. إِنْ كَانَتْ أَحْشَاءٌ وَرَأْفَةٌ، 2فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا، 3لاَ شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. 4لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا. 5فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: 6الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ. 7لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. 8وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. 9لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ 10لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، 11وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.

12إِذًا يَا أَحِبَّائِي، كَمَا أَطَعْتُمْ كُلَّ حِينٍ، لَيْسَ كَمَا فِي حُضُورِي فَقَطْ، بَلِ الآنَ بِالأَوْلَى جِدًّا فِي غِيَابِي، تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، 13لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ. 14اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، 15لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ. 16مُتَمَسِّكِينَ بِكَلِمَةِ الْحَيَاةِ لافْتِخَارِي فِي يَوْمِ الْمَسِيحِ، بِأَنِّي لَمْ أَسْعَ بَاطِلاً وَلاَ تَعِبْتُ بَاطِلاً. 17لكِنَّنِي وَإِنْ كُنْتُ أَنْسَكِبُ أَيْضًا عَلَى ذَبِيحَةِ إِيمَانِكُمْ وَخِدْمَتِهِ، أُسَرُّ وَأَفْرَحُ مَعَكُمْ أَجْمَعِينَ. 18وَبِهذَا عَيْنِهِ كُونُوا أَنْتُمْ مَسْرُورِينَ أَيْضًا وَافْرَحُوا مَعِي.

19عَلَى أَنِّي أَرْجُو فِي الرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ سَرِيعًا تِيمُوثَاوُسَ لِكَيْ تَطِيبَ نَفْسِي إِذَا عَرَفْتُ أَحْوَالَكُمْ. 20لأَنْ لَيْسَ لِي أَحَدٌ آخَرُ نَظِيرُ نَفْسِي يَهْتَمُّ بِأَحْوَالِكُمْ بِإِخْلاَصٍ، 21إِذِ الْجَمِيعُ يَطْلُبُونَ مَا هُوَ لأَنْفُسِهِمْ لاَ مَا هُوَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. 22وَأَمَّا اخْتِبَارُهُ فَأَنْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنَّهُ كَوَلَدٍ مَعَ أَبٍ خَدَمَ مَعِي لأَجْلِ الإِنْجِيلِ. 23هذَا أَرْجُو أَنْ أُرْسِلَهُ أَوَّلَ مَا أَرَى أَحْوَالِي حَالاً. 24وَأَثِقُ بِالرَّبِّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا سَآتِي إِلَيْكُمْ سَرِيعًا. 25وَلكِنِّي حَسِبْتُ مِنَ الّلاَزِمِ أَنْ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ أَبَفْرُودِتُسَ أَخِي، وَالْعَامِلَ مَعِي، وَالْمُتَجَنِّدَ مَعِي، وَرَسُولَكُمْ، وَالْخَادِمَ لِحَاجَتِي. 26إِذْ كَانَ مُشْتَاقًا إِلَى جَمِيعِكُمْ وَمَغْمُومًا، لأَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا. 27فَإِنَّهُ مَرِضَ قَرِيبًا مِنَ الْمَوْتِ، لكِنَّ اللهَ رَحِمَهُ. وَلَيْسَ إِيَّاهُ وَحْدَهُ بَلْ إِيَّايَ أَيْضًا لِئَلاَّ يَكُونَ لِي حُزْنٌ عَلَى حُزْنٍ. 28فَأَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ بِأَوْفَرِ سُرْعَةٍ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُمُوهُ تَفْرَحُونَ أَيْضًا وَأَكُونُ أَنَا أَقَلَّ حُزْنًا. 29فَاقْبَلُوهُ فِي الرَّبِّ بِكُلِّ فَرَحٍ، وَلْيَكُنْ مِثْلُهُ مُكَرَّمًا عِنْدَكُمْ. 30لأَنَّهُ مِنْ أَجْلِ عَمَلِ الْمَسِيحِ قَارَبَ الْمَوْتَ، مُخَاطِرًا بِنَفْسِهِ، لِكَيْ يَجْبُرَ نُقْصَانَ خِدْمَتِكُمْ لِي.



رسالة بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي افْرَحُوا فِي الرَّبِّ. كِتَابَةُ هذِهِ الأُمُورِ إِلَيْكُمْ لَيْسَتْ عَلَيَّ ثَقِيلَةً، وَأَمَّا لَكُمْ فَهِيَ مُؤَمِّنَةٌ. 2اُنْظُرُوا الْكِلاَبَ. انْظُرُوا فَعَلَةَ الشَّرِّ. انْظُرُوا الْقَطْعَ. 3لأَنَّنَا نَحْنُ الْخِتَانَ، الَّذِينَ نَعْبُدُ اللهَ بِالرُّوحِ، وَنَفْتَخِرُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، وَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى الْجَسَدِ. 4مَعَ أَنَّ لِي أَنْ أَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ أَيْضًا. إِنْ ظَنَّ وَاحِدٌ آخَرُ أَنْ يَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ فَأَنَا بِالأَوْلَى. 5مِنْ جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، مِنْ جِنْسِ إِسْرَائِيلَ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ. 6مِنْ جِهَةِ الْغَيْرَةِ مُضْطَهِدُ الْكَنِيسَةِ. مِنْ جِهَةِ الْبِرِّ الَّذِي فِي النَّامُوسِ بِلاَ لَوْمٍ.

7لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. 8بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ، 9وَأُوجَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ. 10لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، 11لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ. 12لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ. 13أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ،

14أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 15فَلْيَفْتَكِرْ هذَا جَمِيعُ الْكَامِلِينَ مِنَّا، وَإِنِ افْتَكَرْتُمْ شَيْئًا بِخِلاَفِهِ فَاللهُ سَيُعْلِنُ لَكُمْ هذَا أَيْضًا. 16وَأَمَّا مَا قَدْ أَدْرَكْنَاهُ، فَلْنَسْلُكْ بِحَسَبِ ذلِكَ الْقَانُونِ عَيْنِهِ، وَنَفْتَكِرْ ذلِكَ عَيْنَهُ.

17كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي مَعًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، وَلاَحِظُوا الَّذِينَ يَسِيرُونَ هكَذَا كَمَا نَحْنُ عِنْدَكُمْ قُدْوَةٌ. 18لأَنَّ كَثِيرِينَ يَسِيرُونَ مِمَّنْ كُنْتُ أَذْكُرُهُمْ لَكُمْ مِرَارًا، وَالآنَ أَذْكُرُهُمْ أَيْضًا بَاكِيًا، وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ، 19الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ، الَّذِينَ إِلهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْدُهُمْ فِي خِزْيِهِمِ، الَّذِينَ يَفْتَكِرُونَ فِي الأَرْضِيَّاتِ. 20فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، 21الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ.



رسالة بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ وَالْمُشْتَاقَ إِلَيْهِمْ، يَا سُرُورِي وَإِكْلِيلِي، اثْبُتُوا هكَذَا فِي الرَّبِّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ.

2أَطْلُبُ إِلَى أَفُودِيَةَ وَأَطْلُبُ إِلَى سِنْتِيخِي أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْرًا وَاحِدًا فِي الرَّبِّ. 3نَعَمْ أَسْأَلُكَ أَنْتَ أَيْضًا، يَا شَرِيكِي الْمُخْلِصَ، سَاعِدْ هَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِي فِي الإِنْجِيلِ، مَعَ أَكْلِيمَنْدُسَ أَيْضًا وَبَاقِي الْعَامِلِينَ مَعِي، الَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ.

4اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. 5لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. 6لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. 7وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.

8أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَق÷، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. 9وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.

10ثُمَّ إِنِّي فَرِحْتُ بِالرَّبِّ جِدًّا لأَنَّكُمُ الآنَ قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً اعْتِنَاؤُكُمْ بِي الَّذِي كُنْتُمْ تَعْتَنُونَهُ، وَلكِنْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ فُرْصَةٌ. 11لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ. 12أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. 13أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي. 14غَيْرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ حَسَنًا إِذِ اشْتَرَكْتُمْ فِي ضِيقَتِي. 15وَأَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْفِيلِبِّيُّونَ أَنَّهُ فِي بَدَاءَةِ الإِنْجِيلِ، لَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَكِدُونِيَّةَ، لَمْ تُشَارِكْنِي كَنِيسَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حِسَابِ الْعَطَاءِ وَالأَخْذِ إِلاَّ أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ. 16فَإِنَّكُمْ فِي تَسَالُونِيكِي أَيْضًا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ لِحَاجَتِي. 17لَيْسَ أَنِّي أَطْلُبُ الْعَطِيَّةَ، بَلْ أَطْلُبُ الثَّمَرَ الْمُتَكَاثِرَ لِحِسَابِكُمْ. 18وَلكِنِّي قَدِ اسْتَوْفَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ وَاسْتَفْضَلْتُ. قَدِ امْتَلأْتُ إِذْ قَبِلْتُ مِنْ أَبَفْرُودِتُسَ الأَشْيَاءَ الَّتِي مِنْ عِنْدِكُمْ، نَسِيمَ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، ذَبِيحَةً مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ. 19فَيَمْلأُ إِلهِي كُلَّ احْتِيَاجِكُمْ بِحَسَبِ غِنَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 20وَللهِ وَأَبِينَا الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدَّاهِرِينَ. آمِينَ.

21سَلِّمُوا عَلَى كُلِّ قِدِّيسٍ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الإِخْوَةُ الَّذِينَ مَعِي. 22يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ. 23نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

 

كولوسي

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، 2إِلَى الْقِدِّيسِينَ فِي كُولُوسِّي، وَالإِخْوَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسِيحِ: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

3نَشْكُرُ اللهَ وَأَبَا رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، مُصَلِّينَ لأَجْلِكُمْ، 4إِذْ سَمِعْنَا إِيمَانَكُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، وَمَحَبَّتَكُمْ لِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، 5مِنْ أَجْلِ الرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ لَكُمْ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّذِي سَمِعْتُمْ بِهِ قَبْلاً فِي كَلِمَةِ حَقِّ الإِنْجِيلِ، 6الَّذِي قَدْ حَضَرَ إِلَيْكُمْ كَمَا فِي كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا، وَهُوَ مُثْمِرٌ كَمَا فِيكُمْ أَيْضًا مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْتُمْ وَعَرَفْتُمْ نِعْمَةَ اللهِ بِالْحَقِيقَةِ. 7كَمَا تَعَلَّمْتُمْ أَيْضًا مِنْ أَبَفْرَاسَ الْعَبْدِ الْحَبِيبِ مَعَنَا، الَّذِي هُوَ خَادِمٌ أَمِينٌ لِلْمَسِيحِ لأَجْلِكُمُ، 8الَّذِي أَخْبَرَنَا أَيْضًا بِمَحَبَّتِكُمْ فِي الرُّوحِ. 9مِنْ أَجْلِ ذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا، مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْنَا، لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لأَجْلِكُمْ أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ 10لِتَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً، مُثْمِرِينَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ، وَنَامِينَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ، 11مُتَقَوِّينَ بِكُلِّ قُوَّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أَنَاةٍ بِفَرَحٍ، 12شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ، 13الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ، 14الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا. 15الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. 16فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. 17الَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ 18وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. الَّذِي هُوَ الْبَدَاءَةُ، بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِكَيْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ. 19لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ، 20وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ: مَا عَلَى الأَرْضِ، أَمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ.

21وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ 22فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ، 23إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ، الْمَكْرُوزِ بِهِ فِي كُلِّ الْخَلِيقَةِ الَّتِي تَحْتَ السَّمَاءِ، الَّذِي صِرْتُ أَنَا بُولُسَ خَادِمًا لَهُ.

24الَّذِي الآنَ أَفْرَحُ فِي آلاَمِي لأَجْلِكُمْ، وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي لأَجْلِ جَسَدِهِ، الَّذِي هُوَ الْكَنِيسَةُ، 25الَّتِي صِرْتُ أَنَا خَادِمًا لَهَا، حَسَبَ تَدْبِيرِ اللهِ الْمُعْطَى لِي لأَجْلِكُمْ، لِتَتْمِيمِ كَلِمَةِ اللهِ. 26السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ، لكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ، 27الَّذِينَ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هذَا السِّرِّ فِي الأُمَمِ، الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ. 28الَّذِي نُنَادِي بِهِ مُنْذِرِينَ كُلَّ إِنْسَانٍ، وَمُعَلِّمِينَ كُلَّ إِنْسَانٍ، بِكُلِّ حِكْمَةٍ، لِكَيْ نُحْضِرَ كُلَّ إِنْسَانٍ كَامِلاً فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 29الأَمْرُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَتْعَبُ أَيْضًا مُجَاهِدًا، بِحَسَبِ عَمَلِهِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيَّ بِقُوَّةٍ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَيُّ جِهَادٍ لِي لأَجْلِكُمْ، وَلأَجْلِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَجَمِيعِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا وَجْهِي فِي الْجَسَدِ، 2لِكَيْ تَتَعَزَّى قُلُوبُهُمْ مُقْتَرِنَةً فِي الْمَحَبَّةِ لِكُلِّ غِنَى يَقِينِ الْفَهْمِ، لِمَعْرِفَةِ سِرِّ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ، 3الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ. 4وَإِنَّمَا أَقُولُ هذَا لِئَلاَّ يَخْدَعَكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ مَلِق. 5فَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ غَائِبًا فِي الْجَسَدِ لكِنِّي مَعَكُمْ فِي الرُّوحِ، فَرِحًا، وَنَاظِرًا تَرْتِيبَكُمْ وَمَتَانَةَ إِيمَانِكُمْ فِي الْمَسِيحِ. 6فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ، 7مُتَأَصِّلِينَ وَمَبْنِيِّينَ فِيهِ، وَمُوَطَّدِينَ فِي الإِيمَانِ، كَمَا عُلِّمْتُمْ، مُتَفَاضِلِينَ فِيهِ بِالشُّكْرِ. 8اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ. 9فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا. 10وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، الَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ. 11وَبِهِ أَيْضًا خُتِنْتُمْ خِتَانًا غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، بِخَلْعِ جِسْمِ خَطَايَا الْبَشَرِيَّةِ، بِخِتَانِ الْمَسِيحِ. 12مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. 13وَإِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فِي الْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أَحْيَاكُمْ مَعَهُ، مُسَامِحًا لَكُمْ بِجَمِيعِ الْخَطَايَا، 14إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِالصَّلِيبِ، 15إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ.

16فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ، 17الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ. 18لاَ يُخَسِّرْكُمْ أَحَدٌ الْجِعَالَةَ، رَاغِبًا فِي التَّوَاضُعِ وَعِبَادَةِ الْمَلاَئِكَةِ، مُتَدَاخِلاً فِي مَا لَمْ يَنْظُرْهُ، مُنْتَفِخًا بَاطِلاً مِنْ قِبَلِ ذِهْنِهِ الْجَسَدِيِّ، 19وَغَيْرَ مُتَمَسِّكٍ بِالرَّأْسِ الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ بِمَفَاصِلَ وَرُبُطٍ، مُتَوَازِرًا وَمُقْتَرِنًا يَنْمُو نُمُوًّا مِنَ اللهِ.

20إِذًا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ الْمَسِيحِ عَنْ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِي الْعَالَمِ؟ تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ: 21«لاَ تَمَسَّ! وَلاَ تَذُقْ! وَلاَ تَجُسَّ!» 22الَّتِي هِيَ جَمِيعُهَا لِلْفَنَاءِ فِي الاسْتِعْمَالِ، حَسَبَ وَصَايَا وَتَعَالِيمِ النَّاسِ، 23الَّتِي لَهَا حِكَايَةُ حِكْمَةٍ، بِعِبَادَةٍ نَافِلَةٍ، وَتَوَاضُعٍ، وَقَهْرِ الْجَسَدِ، لَيْسَ بِقِيمَةٍ مَا مِنْ جِهَةِ إِشْبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. 2اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، 3لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. 4مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ.

5فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، 6الأُمُورَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، 7الَّذِينَ بَيْنَهُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا سَلَكْتُمْ قَبْلاً، حِينَ كُنْتُمْ تَعِيشُونَ فِيهَا. 8وَأَمَّا الآنَ فَاطْرَحُوا عَنْكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا الْكُلَّ: الْغَضَبَ، السَّخَطَ، الْخُبْثَ، التَّجْدِيفَ، الْكَلاَمَ الْقَبِيحَ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ. 9لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، 10وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ، 11حَيْثُ لَيْسَ يُونَانِيٌّ وَيَهُودِيٌّ، خِتَانٌ وَغُرْلَةٌ، بَرْبَرِيٌّ سِكِّيثِيٌّ، عَبْدٌ حُرٌّ، بَلِ الْمَسِيحُ الْكُلُّ وَفِي الْكُلِّ.

12فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، 13مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا. 14وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ. 15وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ.

16لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. 17وَكُلُّ مَا عَمِلْتُمْ بِقَوْل أَوْ فِعْل، فَاعْمَلُوا الْكُلَّ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، شَاكِرِينَ اللهَ وَالآبَ بِهِ.

18أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا يَلِيقُ فِي الرَّبِّ. 19أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ، وَلاَ تَكُونُوا قُسَاةً عَلَيْهِنَّ 20أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ لأَنَّ هذَا مَرْضِيٌّ فِي الرَّبِّ. 21أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ لِئَلاَّ يَفْشَلُوا. 22أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ، لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ بِبَسَاطَةِ الْقَلْبِ، خَائِفِينَ الرَّبَّ. 23وَكُلُّ مَا فَعَلْتُمْ، فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ، كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ، 24عَالِمِينَ أَنَّكُمْ مِنَ الرَّبِّ سَتَأْخُذُونَ جَزَاءَ الْمِيرَاثِ، لأَنَّكُمْ تَخْدِمُونَ الرَّبَّ الْمَسِيحَ. 25وَأَمَّا الظَّالِمُ فَسَينَالُ مَا ظَلَمَ بِهِ، وَلَيْسَ مُحَابَاةٌ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّي

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1أَيُّهَا السَّادَةُ، قَدِّمُوا لِلْعَبِيدِ الْعَدْلَ وَالْمُسَاوَاةَ، عَالِمِينَ أَنَّ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا سَيِّدًا فِي السَّمَاوَاتِ.

2وَاظِبُوا عَلَى الصَّلاَةِ سَاهِرِينَ فِيهَا بِالشُّكْرِ، 3مُصَلِّينَ فِي ذلِكَ لأَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضًا، لِيَفْتَحَ الرَّبُّ لَنَا بَابًا لِلْكَلاَمِ، لِنَتَكَلَّمَ بِسِرِّ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنَا مُوثَقٌ أَيْضًا، 4كَيْ أُظْهِرَهُ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ. 5اُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ. 6لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ.

7جَمِيعُ أَحْوَالِي سَيُعَرِّفُكُمْ بِهَا تِيخِيكُسُ الأَخُ الْحَبِيبُ، وَالْخَادِمُ الأَمِينُ، وَالْعَبْدُ مَعَنَا فِي الرَّبِّ، 8الَّذِي أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ لِهذَا عَيْنِهِ، لِيَعْرِفَ أَحْوَالَكُمْ وَيُعَزِّيَ قُلُوبَكُمْ، 9مَعَ أُنِسِيمُسَ الأَخِ الأَمِينِ الْحَبِيبِ الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ. هُمَا سَيُعَرِّفَانِكُمْ بِكُلِّ مَا ههُنَا. 10يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ الْمَأْسُورُ مَعِي، وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا، الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا. إِنْ أَتَى إِلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهُ. 11وَيَسُوعُ الْمَدْعُوُّ يُسْطُسَ، الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. هؤُلاَءِ هُمْ وَحْدَهُمُ الْعَامِلُونَ مَعِي لِمَلَكُوتِ اللهِ، الَّذِينَ صَارُوا لِي تَسْلِيَةً. 12يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَبَفْرَاسُ، الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ، عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ، مُجَاهِدٌ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ بِالصَّلَوَاتِ، لِكَيْ تَثْبُتُوا كَامِلِينَ وَمُمْتَلِئِينَ فِي كُلِّ مَشِيئَةِ اللهِ. 13فَإِنِّي أَشْهَدُ فِيهِ أَنَّ لَهُ غَيْرَةً كَثِيرَةً لأَجْلِكُمْ، وَلأَجْلِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَالَّذِينَ فِي هِيَرَابُولِيسَ. 14يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ لُوقَا الطَّبِيبُ الْحَبِيبُ، وَدِيمَاسُ. 15سَلِّمُوا عَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَعَلَى نِمْفَاسَ وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِ. 16وَمَتَى قُرِئَتْ عِنْدَكُمْ هذِهِ الرِّسَالَةُ فَاجْعَلُوهَا تُقْرَأُ أَيْضًا فِي كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ، وَالَّتِي مِنْ لاَوُدِكِيَّةَ تَقْرَأُونَهَا أَنْتُمْ أَيْضًا. 17وَقُولُوا لأَرْخِبُّسَ: «انْظُرْ إِلَى الْخِدْمَةِ الَّتِي قَبِلْتَهَا فِي الرَّبِّ لِكَيْ تُتَمِّمَهَا». 18اَلسَّلاَمُ بِيَدِي أَنَا بُولُسَ. اُذْكُرُوا وُثُقِي. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ. آمِينَ.

تسالونيكي الأولى

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ وَسِلْوَانُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ، إِلَى كَنِيسَةِ التَّسَالُونِيكِيِّينَ، فِي اللهِ الآبِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

2نَشْكُرُ اللهَ كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ، ذَاكِرِينَ إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِنَا، 3مُتَذَكِّرِينَ بِلاَ انْقِطَاعٍ عَمَلَ إِيمَانِكُمْ، وَتَعَبَ مَحَبَّتِكُمْ، وَصَبْرَ رَجَائِكُمْ، رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ، أَمَامَ اللهِ وَأَبِينَا. 4عَالِمِينَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ اللهِ اخْتِيَارَكُمْ، 5أَنَّ إِنْجِيلَنَا لَمْ يَصِرْ لَكُمْ بِالْكَلاَمِ فَقَطْ، بَلْ بِالْقُوَّةِ أَيْضًا، وَبِالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَبِيَقِينٍ شَدِيدٍ، كَمَا تَعْرِفُونَ أَيَّ رِجَال كُنَّا بَيْنَكُمْ مِنْ أَجْلِكُمْ. 6وَأَنْتُمْ صِرْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِنَا وَبِالرَّبِّ، إِذْ قَبِلْتُمُ الْكَلِمَةَ فِي ضِيق كَثِيرٍ، بِفَرَحِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، 7حَتَّى صِرْتُمْ قُدْوَةً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ فِي مَكِدُونِيَّةَ وَفِي أَخَائِيَةَ. 8لأَنَّهُ مِنْ قِبَلِكُمْ قَدْ أُذِيعَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ، لَيْسَ فِي مَكِدُونِيَّةَ وَأَخَائِيَةَ فَقَطْ، بَلْ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَيْضًا قَدْ ذَاعَ إِيمَانُكُمْ بِاللهِ، حَتَّى لَيْسَ لَنَا حَاجَةٌ أَنْ نَتَكَلَّمَ شَيْئًا. 9لأَنَّهُمْ هُمْ يُخْبِرُونَ عَنَّا، أَيُّ دُخُول كَانَ لَنَا إِلَيْكُمْ، وَكَيْفَ رَجَعْتُمْ إِلَى اللهِ مِنَ الأَوْثَانِ، لِتَعْبُدُوا اللهَ الْحَيَّ الْحَقِيقِيَّ، 10وَتَنْتَظِرُوا ابْنَهُ مِنَ السَّمَاءِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، يَسُوعَ، الَّذِي يُنْقِذُنَا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ تَعْلَمُونَ دُخُولَنَا إِلَيْكُمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَاطِلاً، 2بَلْ بَعْدَ مَا تَأَلَّمْنَا قَبْلاً وَبُغِيَ عَلَيْنَا كَمَا تَعْلَمُونَ، فِي فِيلِبِّي، جَاهَرْنَا فِي إِلهِنَا أَنْ نُكَلِّمَكُمْ بِإِنْجِيلِ اللهِ، فِي جِهَادٍ كَثِيرٍ. 3لأَنَّ وَعْظَنَا لَيْسَ عَنْ ضَلاَل، وَلاَ عَنْ دَنَسٍ، وَلاَ بِمَكْرٍ، 4بَلْ كَمَا اسْتُحْسِنَّا مِنَ اللهِ أَنْ نُؤْتَمَنَ عَلَى الإِنْجِيلِ، هكَذَا نَتَكَلَّمُ، لاَ كَأَنَّنَا نُرْضِي النَّاسَ بَلِ اللهَ الَّذِي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا. 5فَإِنَّنَا لَمْ نَكُنْ قَطُّ فِي كَلاَمِ تَمَلُّق كَمَا تَعْلَمُونَ، وَلاَ فِي عِلَّةِ طَمَعٍ. اَللهُ شَاهِدٌ. 6وَلاَ طَلَبْنَا مَجْدًا مِنَ النَّاسِ، لاَ مِنْكُمْ وَلاَ مِنْ غَيْرِكُمْ مَعَ أَنَّنَا قَادِرُونَ أَنْ نَكُونَ فِي وَقَارٍ كَرُسُلِ الْمَسِيحِ. 7بَلْ كُنَّا مُتَرَفِّقِينَ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا تُرَبِّي الْمُرْضِعَةُ أَوْلاَدَهَا، 8هكَذَا إِذْ كُنَّا حَانِّينَ إِلَيْكُمْ، كُنَّا نَرْضَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ، لاَ إِنْجِيلَ اللهِ فَقَطْ بَلْ أَنْفُسَنَا أَيْضًا، لأَنَّكُمْ صِرْتُمْ مَحْبُوبِينَ إِلَيْنَا. 9فَإِنَّكُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ تَعَبَنَا وَكَدَّنَا، إِذْ كُنَّا نَكْرِزُ لَكُمْ بِإِنْجِيلِ اللهِ، وَنَحْنُ عَامِلُونَ لَيْلاً وَنَهَارًا كَيْ لاَ نُثَقِّلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ. 10أَنْتُمْ شُهُودٌ، وَاللهُ، كَيْفَ بِطَهَارَةٍ وَبِبِرّ وَبِلاَ لَوْمٍ كُنَّا بَيْنَكُمْ أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ. 11كَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ كُنَّا نَعِظُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ كَالأَبِ لأَوْلاَدِهِ، وَنُشَجِّعُكُمْ، 12وَنُشْهِدُكُمْ لِكَيْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ للهِ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَى مَلَكُوتِهِ وَمَجْدِهِ.

13مِنْ أَجْلِ ذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا نَشْكُرُ اللهَ بِلاَ انْقِطَاعٍ، لأَنَّكُمْ إِذْ تَسَلَّمْتُمْ مِنَّا كَلِمَةَ خَبَرٍ مِنَ اللهِ، قَبِلْتُمُوهَا لاَ كَكَلِمَةِ أُنَاسٍ، بَلْ كَمَا هِيَ بِالْحَقِيقَةِ كَكَلِمَةِ اللهِ، الَّتِي تَعْمَلُ أَيْضًا فِيكُمْ أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ. 14فَإِنِّكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ صِرْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِكَنَائِسِ اللهِ الَّتِي هِيَ فِي الْيَهُودِيَّةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لأَنَّكُمْ تَأَلَّمْتُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا مِنْ أَهْلِ عَشِيرَتِكُمْ تِلْكَ الآلاَمَ عَيْنَهَا، كَمَا هُمْ أَيْضًا مِنَ الْيَهُودِ، 15الَّذِينَ قَتَلُوا الرَّبَّ يَسُوعَ وَأَنْبِيَاءَهُمْ، وَاضْطَهَدُونَا نَحْنُ. وَهُمْ غَيْرُ مُرْضِينَ ِللهِ وَأَضْدَادٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ. 16يَمْنَعُونَنَا عَنْ أَنْ نُكَلِّمَ الأُمَمَ لِكَيْ يَخْلُصُوا، حَتَّى يُتَمِّمُوا خَطَايَاهُمْ كُلَّ حِينٍ. وَلكِنْ قَدْ أَدْرَكَهُمُ الْغَضَبُ إِلَى النِّهَايَةِ. 17وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَإِذْ قَدْ فَقَدْنَاكُمْ زَمَانَ سَاعَةٍ، بِالْوَجْهِ لاَ بِالْقَلْبِ، اجْتَهَدْنَا أَكْثَرَ، بِاشْتِهَاءٍ كَثِيرٍ، أَنْ نَرَى وُجُوهَكُمْ. 18لِذلِكَ أَرَدْنَا أَنْ نَأْتِيَ إِلَيْكُمْ ­ أَنَا بُولُسَ ­ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ. وَإِنَّمَا عَاقَنَا الشَّيْطَانُ. 19لأَنْ مَنْ هُوَ رَجَاؤُنَا وَفَرَحُنَا وَإِكْلِيلُ افْتِخَارِنَا؟ أَمْ لَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا أَمَامَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ؟ 20لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ مَجْدُنَا وَفَرَحُنَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1لِذلِكَ إِذْ لَمْ نَحْتَمِلْ أَيْضًا اسْتَحْسَنَّا أَنْ نُتْرَكَ فِي أَثِينَا وَحْدَنَا. 2فَأَرْسَلْنَا تِيمُوثَاوُسَ أَخَانَا، وَخَادِمَ اللهِ، وَالْعَامِلَ مَعَنَا فِي إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى يُثَبِّتَكُمْ وَيَعِظَكُمْ لأَجْلِ إِيمَانِكُمْ، 3كَيْ لاَ يَتَزَعْزَعَ أَحَدٌ فِي هذِهِ الضِّيقَاتِ. فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا مَوْضُوعُونَ لِهذَا. 4لأَنَّنَا لَمَّا كُنَّا عِنْدَكُمْ، سَبَقْنَا فَقُلْنَا لَكُمْ: إِنَّنَا عَتِيدُونَ أَنْ نَتَضَايَقَ، كَمَا حَصَلَ أَيْضًا، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. 5مِنْ أَجْلِ هذَا إِذْ لَمْ أَحْتَمِلْ أَيْضًا، أَرْسَلْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ إِيمَانَكُمْ، لَعَلَّ الْمُجَرِّبَ يَكُونُ قَدْ جَرَّبَكُمْ، فَيَصِيرَ تَعَبُنَا بَاطِلاً.

6وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ جَاءَ إِلَيْنَا تِيمُوثَاوُسُ مِنْ عِنْدِكُمْ، وَبَشَّرَنَا بِإِيمَانِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ، وَبِأَنَّ عِنْدَكُمْ ذِكْرًا لَنَا حَسَنًا كُلَّ حِينٍ، وَأَنْتُمْ مُشْتَاقُونَ أَنْ تَرَوْنَا، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَرَاكُمْ، 7فَمِنْ أَجْلِ هذَا تَعَزَّيْنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَتِكُمْ فِي ضِيقَتِنَا وَضَرُورَتِنَا، بِإِيمَانِكُمْ. 8لأَنَّنَا الآنَ نَعِيشُ إِنْ ثَبَتُّمْ أَنْتُمْ فِي الرَّبِّ. 9لأَنَّهُ أَيَّ شُكْرٍ نَسْتَطِيعُ أَنْ نُعَوِّضَ إِلَى اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ عَنْ كُلِّ الْفَرَحِ الَّذِي نَفْرَحُ بِهِ مِنْ أَجْلِكُمْ قُدَّامَ إِلهِنَا؟ 10طَالِبِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا أَوْفَرَ طَلَبٍ، أَنْ نَرَى وُجُوهَكُمْ، وَنُكَمِّلَ نَقَائِصَ إِيمَانِكُمْ. 11وَاللهُ نَفْسُهُ أَبُونَا وَرَبُّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ يَهْدِي طَرِيقَنَا إِلَيْكُمْ. 12وَالرَّبُّ يُنْمِيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ فِي الْمَحَبَّةِ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا لَكُمْ، 13لِكَيْ يُثَبِّتَ قُلُوبَكُمْ بِلاَ لَوْمٍ فِي الْقَدَاسَةِ، أَمَامَ اللهِ أَبِينَا فِي مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِ قِدِّيسِيهِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1فَمِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَسْأَلُكُمْ وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ، أَنَّكُمْ كَمَا تَسَلَّمْتُمْ مِنَّا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَسْلُكُوا وَتُرْضُوا اللهَ، تَزْدَادُونَ أَكْثَرَ. 2لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَيَّةَ وَصَايَا أَعْطَيْنَاكُمْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ. 3لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا، 4أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، 5لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَالأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ. 6أَنْ لاَ يَتَطَاوَلَ أَحَدٌ وَيَطْمَعَ عَلَى أَخِيهِ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ الرَّبَّ مُنْتَقِمٌ لِهذِهِ كُلِّهَا كَمَا قُلْنَا لَكُمْ قَبْلاً وَشَهِدْنَا. 7لأَنَّ اللهَ لَمْ يَدْعُنَا لِلنَّجَاسَةِ بَلْ فِي الْقَدَاسَةِ. 8إِذًا مَنْ يُرْذِلُ لاَ يُرْذِلُ إِنْسَانًا، بَلِ اللهَ الَّذِي أَعْطَانَا أَيْضًا رُوحَهُ الْقُدُّوسَ.

9وَأَمَّا الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْفُسَكُمْ مُتَعَلِّمُونَ مِنَ اللهِ أَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. 10فَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذلِكَ أَيْضًا لِجَمِيعِ الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي مَكِدُونِيَّةَ كُلِّهَا. وَإِنَّمَا أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَزْدَادُوا أَكْثَرَ، 11وَأَنْ تَحْرِصُوا عَلَى أَنْ تَكُونُوا هَادِئِينَ، وَتُمَارِسُوا أُمُورَكُمُ الْخَاصَّةَ، وَتَشْتَغِلُوا بِأَيْدِيكُمْ أَنْتُمْ كَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ، 12لِكَيْ تَسْلُكُوا بِلِيَاقَةٍ عِنْدَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، وَلاَ تَكُونَ لَكُمْ حَاجَةٌ إِلَى أَحَدٍ.

13ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ. 14لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ. 15فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. 16لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. 17ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. 18لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَأَمَّا الأَزْمِنَةُ وَالأَوْقَاتُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، 2لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِالتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ هكَذَا يَجِيءُ. 3لأَنَّهُ حِينَمَا يَقُولُونَ: «سَلاَمٌ وَأَمَانٌ»، حِينَئِذٍ يُفَاجِئُهُمْ هَلاَكٌ بَغْتَةً، كَالْمَخَاضِ لِلْحُبْلَى، فَلاَ يَنْجُونَ. 4وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلَسْتُمْ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ كَلِصٍّ. 5جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ. 6فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ. 7لأَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ فَبِاللَّيْلِ يَنَامُونَ، وَالَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَبِاللَّيْلِ يَسْكَرُونَ. 8وَأَمَّا نَحْنُ الَّذِينَ مِنْ نَهَارٍ، فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ. 9لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 10الَّذِي مَاتَ لأَجْلِنَا، حَتَّى إِذَا سَهِرْنَا أَوْ نِمْنَا نَحْيَا جَمِيعًا مَعَهُ. 11لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَابْنُوا أَحَدُكُمُ الآخَرَ، كَمَا تَفْعَلُونَ أَيْضًا.

12ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَعْرِفُوا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ بَيْنَكُمْ وَيُدَبِّرُونَكُمْ فِي الرَّبِّ وَيُنْذِرُونَكُمْ، 13وَأَنْ تَعْتَبِرُوهُمْ كَثِيرًا جِدًّا فِي الْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ. سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. 14وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. 15انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ. 16افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. 17صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. 18اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. 19لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. 20لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ. 21امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ. 22امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ. 23وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 24أَمِينٌ هُوَ الَّذِي يَدْعُوكُمُ الَّذِي سَيَفْعَلُ أَيْضًا.

25أَيُّهَا الإِخْوَةُ صَلُّوا لأَجْلِنَا. 26سَلِّمُوا عَلَى الإِخْوَةِ جَمِيعًا بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. 27أُنَاشِدُكُمْ بِالرَّبِّ أَنْ تُقْرَأَ هذِهِ الرِّسَالَةُ عَلَى جَمِيعِ الإِخْوَةِ الْقِدِّيسِينَ. 28نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ.

 

تسالونيكي الثانية

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ وَسِلْوَانُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ، إِلَى كَنِيسَةِ التَّسَالُونِيكِيِّينَ، فِي اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: 2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

3يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ كَمَا يَحِقُّ، لأَنَّ إِيمَانَكُمْ يَنْمُو كَثِيرًا، وَمَحَبَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ جَمِيعًا بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ تَزْدَادُ، 4حَتَّى إِنَّنَا نَحْنُ أَنْفُسَنَا نَفْتَخِرُ بِكُمْ فِي كَنَائِسِ اللهِ، مِنْ أَجْلِ صَبْرِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ فِي جَمِيعِ اضْطِهَادَاتِكُمْ وَالضِّيقَاتِ الَّتِي تَحْتَمِلُونَهَا، 5بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ اللهِ الْعَادِلِ، أَنَّكُمْ تُؤَهَّلُونَ لِمَلَكُوتِ اللهِ الَّذِي لأَجْلِهِ تَتَأَلَّمُونَ أَيْضًا. 6إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقًا، 7وَإِيَّاكُمُ الَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا، عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ، 8فِي نَارِ لَهِيبٍ، مُعْطِيًا نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ، وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 9الَّذِينَ سَيُعَاقَبُونَ بِهَلاَكٍ أَبَدِيٍّ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ وَمِنْ مَجْدِ قُوَّتِهِ، 10مَتَى جَاءَ لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ. لأَنَّ شَهَادَتَنَا عِنْدَكُمْ صُدِّقَتْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ. 11الأَمْرُ الَّذِي لأَجْلِهِ نُصَلِّي أَيْضًا كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ: أَنْ يُؤَهِّلَكُمْ إِلهُنَا لِلدَّعْوَةِ، وَيُكَمِّلَ كُلَّ مَسَرَّةِ الصَّلاَحِ وَعَمَلَ الإِيمَانِ بِقُوَّةٍ، 12لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اسْمُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِيكُمْ، وَأَنْتُمْ فِيهِ، بِنِعْمَةِ إِلهِنَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، 2أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ. 3لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلاً، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، 4الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ. 5أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّي وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هذَا؟ 6وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ حَتَّى يُسْتَعْلَنَ فِي وَقْتِهِ. 7لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ، 8وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ. 9الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، 10وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. 11وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، 12لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ.

13وَأَمَّا نَحْنُ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ الرَّبِّ، أَنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ. 14الأَمْرُ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَيْهِ بِإِنْجِيلِنَا، لاقْتِنَاءِ مَجْدِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 15فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا. 16وَرَبُّنَا نَفْسُهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، وَاللهُ أَبُونَا الَّذِي أَحَبَّنَا وَأَعْطَانَا عَزَاءً أَبَدِيًّا وَرَجَاءً صَالِحًا بِالنِّعْمَةِ، 17يُعَزِّي قُلُوبَكُمْ وَيُثَبِّتُكُمْ فِي كُلِّ كَلاَمٍ وَعَمَل صَالِحٍ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ صَلُّوا لأَجْلِنَا، لِكَيْ تَجْرِيَ كَلِمَةُ الرَّبِّ وَتَتَمَجَّدَ، كَمَا عِنْدَكُمْ أَيْضًا، 2وَلِكَيْ نُنْقَذَ مِنَ النَّاسِ الأَرْدِيَاءِ الأَشْرَارِ. لأَنَّ الإِيمَانَ لَيْسَ لِلْجَمِيعِ. 3أَمِينٌ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُثَبِّتُكُمْ وَيَحْفَظُكُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ. 4وَنَثِقُ بِالرَّبِّ مِنْ جِهَتِكُمْ أَنَّكُمْ تَفْعَلُونَ مَا نُوصِيكُمْ بِهِ وَسَتَفْعَلُونَ أَيْضًا. 5وَالرَّبُّ يَهْدِي قُلُوبَكُمْ إِلَى مَحَبَّةِ اللهِ، وَإِلَى صَبْرِ الْمَسِيحِ.

6ثُمَّ نُوصِيكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَتَجَنَّبُوا كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ بِلاَ تَرْتِيبٍ، وَلَيْسَ حَسَبَ التَّعْلِيمِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا. 7إِذْ أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يُتَمَثَّلَ بِنَا، لأَنَّنَا لَمْ نَسْلُكْ بِلاَ تَرْتِيبٍ بَيْنَكُمْ، 8وَلاَ أَكَلْنَا خُبْزًا مَجَّانًا مِنْ أَحَدٍ، بَلْ كُنَّا نَشْتَغِلُ بِتَعَبٍ وَكَدٍّ لَيْلاً وَنَهَارًا، لِكَيْ لاَ نُثَقِّلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ. 9لَيْسَ أَنْ لاَ سُلْطَانَ لَنَا، بَلْ لِكَيْ نُعْطِيَكُمْ أَنْفُسَنَا قُدْوَةً حَتَّى تَتَمَثَّلُوا بِنَا. 10فَإِنَّنَا أَيْضًا حِينَ كُنَّا عِنْدَكُمْ، أَوْصَيْنَاكُمْ بِهذَا: «أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلاَ يَأْكُلْ أَيْضًا». 11لأَنَّنَا نَسْمَعُ أَنَّ قَوْمًا يَسْلُكُونَ بَيْنَكُمْ بِلاَ تَرْتِيبٍ، لاَ يَشْتَغِلُونَ شَيْئًا بَلْ هُمْ فُضُولِيُّونَ. 12فَمِثْلُ هؤُلاَءِ نُوصِيهِمْ وَنَعِظُهُمْ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِهُدُوءٍ، وَيَأْكُلُوا خُبْزَ أَنْفُسِهِمْ. 13أَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلاَ تَفْشَلُوا فِي عَمَلِ الْخَيْرِ. 14وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُطِيعُ كَلاَمَنَا بِالرِّسَالَةِ، فَسِمُوا هذَا وَلاَ تُخَالِطُوهُ لِكَيْ يَخْجَلَ، 15وَلكِنْ لاَ تَحْسِبُوهُ كَعَدُوٍّ، بَلْ أَنْذِرُوهُ كَأَخٍ.

16وَرَبُّ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُعْطِيكُمُ السَّلاَمَ دَائِمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. الرَّبُّ مَعَ جَمِيعِكُمْ.

17اَلسَّلاَمُ بِيَدِي أَنَا بُولُسَ، الَّذِي هُوَ عَلاَمَةٌ فِي كُلِّ رِسَالَةٍ. هكَذَا أَنَا أَكْتُبُ. 18نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

 

تيموثاوس الأولى

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

 الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، بِحَسَبِ أَمْرِ اللهِ مُخَلِّصِنَا، وَرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، رَجَائِنَا. 2إِلَى تِيمُوثَاوُسَ، الابْنِ الصَّرِيحِ فِي الإِيمَانِ: نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.

3كَمَا طَلَبْتُ إِلَيْكَ أَنْ تَمْكُثَ فِي أَفَسُسَ، إِذْ كُنْتُ أَنَا ذَاهِبًا إِلَى مَكِدُونِيَّةَ، لِكَيْ تُوصِيَ قَوْمًا أَنْ لاَ يُعَلِّمُوا تَعْلِيمًا آخَرَ، 4وَلاَ يُصْغُوا إِلَى خُرَافَاتٍ وَأَنْسَابٍ لاَ حَدَّ لَهَا، تُسَبِّبُ مُبَاحَثَاتٍ دُونَ بُنْيَانِ اللهِ الَّذِي فِي الإِيمَانِ. 5وَأَمَّا غَايَةُ الْوَصِيَّةِ فَهِيَ الْمَحَبَّةُ مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ، وَضَمِيرٍ صَالِحٍ، وَإِيمَانٍ بِلاَ رِيَاءٍ. 6الأُمُورُ الَّتِي إِذْ زَاغَ قَوْمٌ عَنْهَا، انْحَرَفُوا إِلَى كَلاَمٍ بَاطِل. 7يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا مُعَلِّمِي النَّامُوسِ، وَهُمْ لاَ يَفْهَمُونَ مَا يَقُولُونَ، وَلاَ مَا يُقَرِّرُونَهُ. 8وَلكِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ صَالِحٌ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْمِلُهُ نَامُوسِيًّا. 9عَالِمًا هذَا: أَنَّ النَّامُوسَ لَمْ يُوضَعْ لِلْبَارِّ، بَلْ لِلأَثَمَةِ وَالْمُتَمَرِّدِينَ، لِلْفُجَّارِ وَالْخُطَاةِ، لِلدَّنِسِينَ وَالْمُسْتَبِيحِينَ، لِقَاتِلِي الآبَاءِ وَقَاتِلِي الأُمَّهَاتِ، لِقَاتِلِي النَّاسِ، 10لِلزُّنَاةِ، لِمُضَاجِعِي الذُّكُورِ، لِسَارِقِي النَّاسِ، لِلْكَذَّابِينَ، لِلْحَانِثِينَ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ آخَرُ يُقَاوِمُ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، 11حَسَبَ إِنْجِيلِ مَجْدِ اللهِ الْمُبَارَكِ الَّذِي اؤْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيْهِ.

12وَأَنَا أَشْكُرُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الَّذِي قَوَّانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِينًا، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ، 13أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إِيمَانٍ. 14وَتَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا جِدًّا مَعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 15صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا. 16لكِنَّنِي لِهذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ فِىَّ أَنَا أَوَّلاً كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالاً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. 17وَمَلِكُ الدُّهُورِ الَّذِي لاَ يَفْنَى وَلاَ يُرَى، الإِلهُ الْحَكِيمُ وَحْدَهُ، لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ.

18هذِهِ الْوَصِيَّةُ أَيُّهَا الابْنُ تِيمُوثَاوُسُ أَسْتَوْدِعُكَ إِيَّاهَا حَسَبَ النُّبُوَّاتِ الَّتِي سَبَقَتْ عَلَيْكَ، لِكَيْ تُحَارِبَ فِيهَا الْمُحَارَبَةَ الْحَسَنَةَ، 19وَلَكَ إِيمَانٌ وَضَمِيرٌ صَالِحٌ، الَّذِي إِذْ رَفَضَهُ قَوْمٌ، انْكَسَرَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ مِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ أَيْضًا، 20الَّذِينَ مِنْهُمْ هِيمِينَايُسُ وَالإِسْكَنْدَرُ، اللَّذَانِ أَسْلَمْتُهُمَا لِلشَّيْطَانِ لِكَيْ يُؤَدَّبَا حَتَّى لاَ يُجَدِّفَا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْ تُقَامَ طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، 2لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ، 3لأَنَّ هذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، 4الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ. 5لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، 6الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ، الشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ، 7الَّتِي جُعِلْتُ أَنَا لَهَا كَارِزًا وَرَسُولاً. اَلْحَقَّ أَقُولُ فِي الْمَسِيحِ وَلاَ أَكْذِبُ، مُعَلِّمًا لِلأُمَمِ فِي الإِيمَانِ وَالْحَقِّ.

8فَأُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، رَافِعِينَ أَيَادِيَ طَاهِرَةً، بِدُونِ غَضَبٍ وَلاَ جِدَال. 9وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ، 10بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَال صَالِحَةٍ. 11لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. 12وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ، 13لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، 14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي. 15وَلكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: إِنِ ابْتَغَى أَحَدٌ الأُسْقُفِيَّةَ، فَيَشْتَهِي عَمَلاً صَالِحًا. 2فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، صَاحِيًا، عَاقِلاً، مُحْتَشِمًا، مُضِيفًا لِلْغُرَبَاءِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، 3غَيْرَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، بَلْ حَلِيمًا، غَيْرَ مُخَاصِمٍ، وَلاَ مُحِبٍّ لِلْمَالِ، 4يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَنًا، لَهُ أَوْلاَدٌ فِي الْخُضُوعِ بِكُلِّ وَقَارٍ. 5وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْرِفُ أَنْ يُدَبِّرَ بَيْتَهُ، فَكَيْفَ يَعْتَنِي بِكَنِيسَةِ اللهِ؟ 6غَيْرَ حَدِيثِ الإِيمَانِ لِئَلاَّ يَتَصَلَّفَ فَيَسْقُطَ فِي دَيْنُونَةِ إِبْلِيسَ. 7وَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِي تَعْيِيرٍ وَفَخِّ إِبْلِيسَ.

8كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّمَامِسَةُ ذَوِي وَقَارٍ، لاَ ذَوِي لِسَانَيْنِ، غَيْرَ مُولَعِينَ بِالْخَمْرِ الْكَثِيرِ، وَلاَ طَامِعِينَ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، 9وَلَهُمْ سِرُّ الإِيمَانِ بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ. 10وَإِنَّمَا هؤُلاَءِ أَيْضًا لِيُخْتَبَرُوا أَوَّلاً، ثُمَّ يَتَشَمَّسُوا إِنْ كَانُوا بِلاَ لَوْمٍ. 11كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ ذَوَاتِ وَقَارٍ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، صَاحِيَاتٍ، أَمِينَاتٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ. 12لِيَكُنِ الشَّمَامِسَةُ كُل÷ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، مُدَبِّرِينَ أَوْلاَدَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ حَسَنًا، 13لأَنَّ الَّذِينَ تَشَمَّسُوا حَسَنًا، يَقْتَنُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَرَجَةً حَسَنَةً وَثِقَةً كَثِيرَةً فِي الإِيمَانِ الَّذِي بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ.

14هذَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكَ رَاجِيًا أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَنْ قَرِيبٍ. 15وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أُبْطِئُ، فَلِكَيْ تَعْلَمَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ اللهِ، الَّذِي هُوَ كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ. 16وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، 2فِي رِيَاءِ أَقْوَال كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ، 3مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ. 4لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ، 5لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ وَالصَّلاَةِ. 6إِنْ فَكَّرْتَ الإِخْوَةَ بِهذَا، تَكُونُ خَادِمًا صَالِحًا لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، مُتَرَبِّيًا بِكَلاَمِ الإِيمَانِ وَالتَّعْلِيمِ الْحَسَنِ الَّذِي تَتَبَّعْتَهُ. 7وَأَمَّا الْخُرَافَاتُ الدَّنِسَةُ الْعَجَائِزِيَّةُ فَارْفُضْهَا، وَرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى. 8لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيل، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ. 9صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول. 10لأَنَّنَا لِهذَا نَتْعَبُ وَنُعَيَّرُ، لأَنَّنَا قَدْ أَلْقَيْنَا رَجَاءَنَا عَلَى اللهِ الْحَيِّ، الَّذِي هُوَ مُخَلِّصُ جَمِيعِ النَّاسِ، وَلاَ سِيَّمَا الْمُؤْمِنِينَ. 11أَوْصِ بِهذَا وَعَلِّمْ.

12لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ. 13إِلَى أَنْ أَجِيءَ اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ. 14لاَ تُهْمِلِ الْمَوْهِبَةَ الَّتِي فِيكَ، الْمُعْطَاةَ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ مَعَ وَضْعِ أَيْدِي الْمَشْيَخَةِ. 15اهْتَمَّ بِهذَا. كُنْ فِيهِ، لِكَيْ يَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا فِي كُلِّ شَيْءٍ. 16لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هذَا، تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضًا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1لاَ تَزْجُرْ شَيْخًا بَلْ عِظْهُ كَأَبٍ، وَالأَحْدَاثَ كَإِخْوَةٍ، 2وَالْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ، وَالْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ، بِكُلِّ طَهَارَةٍ.

3أَكْرِمِ الأَرَامِلَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ. 4وَلكِنْ إِنْ كَانَتْ أَرْمَلَةٌ لَهَا أَوْلاَدٌ أَوْ حَفَدَةٌ، فَلْيَتَعَلَّمُوا أَوَّلاً أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ وَيُوفُوا وَالِدِيهِمِ الْمُكَافَأَةَ، لأَنَّ هذَا صَالِحٌ وَمَقْبُولٌ أَمَامَ اللهِ. 5وَلكِنَّ الَّتِي هِيَ بِالْحَقِيقَةِ أَرْمَلَةٌ وَوَحِيدَةٌ، فَقَدْ أَلْقَتْ رَجَاءَهَا عَلَى اللهِ، وَهِيَ تُواظِبُ الطِّلِبَاتِ وَالصَّلَوَاتِ لَيْلاً وَنَهَارًا. 6وَأَمَّا الْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ. 7فَأَوْصِ بِهذَا لِكَيْ يَكُنَّ بِلاَ لَوْمٍ. 8وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ. 9لِتُكْتَتَبْ أَرْمَلَةٌ، إِنْ لَمْ يَكُنْ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً، امْرَأَةَ رَجُل وَاحِدٍ، 10مَشْهُودًا لَهَا فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، إِنْ تَكُنْ قَدْ رَبَّتِ الأَوْلاَدَ، أَضَافَتِ الْغُرَبَاءَ، غَسَّلَتْ أَرْجُلَ الْقِدِّيسِينَ، سَاعَدَتِ الْمُتَضَايِقِينَ، اتَّبَعَتْ كُلَّ عَمَل صَالِحٍ. 11أَمَّا الأَرَامِلُ الْحَدَثَاتُ فَارْفُضْهُنَّ، لأَنَّهُنَّ مَتَى بَطِرْنَ عَلَى الْمَسِيحِ، يُرِدْنَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ، 12وَلَهُنَّ دَيْنُونَةٌ لأَنَّهُنَّ رَفَضْنَ الإِيمَانَ الأَوَّلَ. 13وَمَعَ ذلِكَ أَيْضًا يَتَعَلَّمْنَ أَنْ يَكُنَّ بَطَّالاَتٍ، يَطُفْنَ فِي الْبُيُوتِ. وَلَسْنَ بَطَّالاَتٍ فَقَطْ بَلْ مِهْذَارَاتٌ أَيْضًا، وَفُضُولِيَّاتٌ، يَتَكَلَّمْنَ بِمَا لاَ يَجِبُ. 14فَأُرِيدُ أَنَّ الْحَدَثَاتِ يَتَزَوَّجْنَ وَيَلِدْنَ الأَوْلاَدَ وَيُدَبِّرْنَ الْبُيُوتَ، وَلاَ يُعْطِينَ عِلَّةً لِلْمُقَاوِمِ مِنْ أَجْلِ الشَّتْمِ. 15فَإِنَّ بَعْضَهُنَّ قَدِ انْحَرَفْنَ وَرَاءَ الشَّيْطَانِ. 16إِنْ كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ أَرَامِلُ، فَلْيُسَاعِدْهُنَّ وَلاَ يُثَقَّلْ عَلَى الْكَنِيسَةِ، لِكَيْ تُسَاعِدَ هِيَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ.

17أَمَّا الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَنًا فَلْيُحْسَبُوا أَهْلاً لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي الْكَلِمَةِ وَالتَّعْلِيمِ، 18لأَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ: «لاَ تَكُمَّ ثَوْرًا دَارِسًا»، وَ«الْفَاعِلُ مُسْتَحِق÷ أُجْرَتَهُ».

19لاَ تَقْبَلْ شِكَايَةً عَلَى شَيْخٍ إِلاَّ عَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ. 20اَلَّذِينَ يُخْطِئُونَ وَبِّخْهُمْ أَمَامَ الْجَمِيعِ، لِكَيْ يَكُونَ عِنْدَ الْبَاقِينَ خَوْفٌ. 21أُنَاشِدُكَ أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ، أَنْ تَحْفَظَ هذَا بِدُونِ غَرَضٍ، وَلاَ تَعْمَلَ شَيْئًا بِمُحَابَاةٍ. 22لاَ تَضَعْ يَدًا عَلَى أَحَدٍ بِالْعَجَلَةِ، وَلاَ تَشْتَرِكْ فِي خَطَايَا الآخَرِينَ. اِحْفَظْ نَفْسَكَ طَاهِرًا.

23لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْرًا قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ.

24خَطَايَا بَعْضِ النَّاسِ وَاضِحَةٌ تَتَقَدَّمُ إِلَى الْقَضَاءِ، وَأَمَّا الْبَعْضُ فَتَتْبَعُهُمْ. 25كَذلِكَ أَيْضًا الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَاضِحَةٌ، وَالَّتِي هِيَ خِلاَفُ ذلِكَ لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1جَمِيعُ الَّذِينَ هُمْ عَبِيدٌ تَحْتَ نِيرٍ فَلْيَحْسِبُوا سَادَتَهُمْ مُسْتَحِقِّينَ كُلَّ إِكْرَامٍ، لِئَلاَّ يُفْتَرَى عَلَى اسْمِ اللهِ وَتَعْلِيمِهِ. 2وَالَّذِينَ لَهُمْ سَادَةٌ مُؤْمِنُونَ، لاَ يَسْتَهِينُوا بِهِمْ لأَنَّهُمْ إِخْوَةٌ، بَلْ لِيَخْدِمُوهُمْ أَكْثَرَ، لأَنَّ الَّذِينَ يَتَشَارَكُونَ فِي الْفَائِدَةِ، هُمْ مُؤْمِنُونَ وَمَحْبُوبُونَ. عَلِّمْ وَعِظْ بِهذَا.

3إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيمًا آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى، 4فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَ لاَ يَفْهَمُ شَيْئًا، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّلٌ بِمُبَاحَثَاتٍ وَمُمَاحَكَاتِ الْكَلاَمِ، الَّتِي مِنْهَا يَحْصُلُ الْحَسَدُ وَالْخِصَامُ وَالافْتِرَاءُ وَالظُّنُونُ الرَّدِيَّةُ، 5وَمُنَازَعَاتُ أُنَاسٍ فَاسِدِي الذِّهْنِ وَعَادِمِي الْحَقِّ، يَظُنُّونَ أَنَّ التَّقْوَى تِجَارَةٌ. تَجَنَّبْ مِثْلَ هؤُلاَءِ. 6وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ. 7لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ. 8فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. 9وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. 10لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ.

11وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ. 12جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا، وَاعْتَرَفْتَ الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ. 13أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ، وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاعْتِرَافِ الْحَسَنِ: 14أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 15الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.

17أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا، وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى، بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ. 18وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحًا، وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ، 19مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَلِ، لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.

20يَا تِيمُوثَاوُسُ، احْفَظِ الْوَدِيعَةَ، مُعْرِضًا عَنِ الْكَلاَمِ الْبَاطِلِ الدَّنِسِ، وَمُخَالَفَاتِ الْعِلْمِ الْكَاذِبِ الاسْمِ، 21الَّذِي إِذْ تَظَاهَرَ بِهِ قَوْمٌ زَاغُوا مِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ. 22اَلنِّعْمَةُ مَعَكَ. آمِينَ.

 

تيموثاوس الثانية

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، لأَجْلِ وَعْدِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 2إِلَى تِيمُوثَاوُسَ الابْنِ الْحَبِيبِ: نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.

3إِنِّي أَشْكُرُ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ مِنْ أَجْدَادِي بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ، كَمَا أَذْكُرُكَ بِلاَ انْقِطَاعٍ فِي طَلِبَاتِي لَيْلاً وَنَهَارًا، 4مُشْتَاقًا أَنْ أَرَاكَ، ذَاكِرًا دُمُوعَكَ لِكَيْ أَمْتَلِئَ فَرَحًا، 5إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي، وَلكِنِّي مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضًا. 6فَلِهذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ، 7لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ.

8فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، 9الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، 10وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ. 11الَّذِي جُعِلْتُ أَنَا لَهُ كَارِزًا وَرَسُولاً وَمُعَلِّمًا لِلأُمَمِ. 12لِهذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ.

13تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي، فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 14اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا.

15أَنْتَ تَعْلَمُ هذَا أَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ فِي أَسِيَّا ارْتَدُّوا عَنِّي، الَّذِينَ مِنْهُمْ فِيجَلُّسُ وَهَرْمُوجَانِسُ. 16لِيُعْطِ الرَّبُّ رَحْمَةً لِبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ، لأَنَّهُ مِرَارًا كَثِيرَةً أَرَاحَنِي وَلَمْ يَخْجَلْ بِسِلْسِلَتِي، 17بَلْ لَمَّا كَانَ فِي رُومِيَةَ، طَلَبَنِي بِأَوْفَرِ اجْتِهَادٍ فَوَجَدَنِي. 18لِيُعْطِهِ الرَّبُّ أَنْ يَجِدَ رَحْمَةً مِنَ الرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ. وَكُلُّ مَا كَانَ يَخْدِمُ فِي أَفَسُسَ أَنْتَ تَعْرِفُهُ جَيِّدًا.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1فَتَقَوَّ أَنْتَ يَا ابْنِي بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 2وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا. 3فَاشْتَرِكْ أَنْتَ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. 4لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَجَنَّدُ يَرْتَبِكُ بِأَعْمَالِ الْحَيَاةِ لِكَيْ يُرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ. 5وَأَيْضًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا. 6يَجِبُ أَنَّ الْحَرَّاثَ الَّذِي يَتْعَبُ، يَشْتَرِكُ هُوَ أَوَّلاً فِي الأَثْمَارِ. 7افْهَمْ مَا أَقُولُ. فَلْيُعْطِكَ الرَّبُّ فَهْمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ. 8اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي، 9الَّذِي فِيهِ أَحْتَمِلُ الْمَشَقَّاتِ حَتَّى الْقُيُودَكَمُذْنِبٍ. لكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ. 10لأَجْلِ ذلِكَ أَنَا أَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ، لِكَيْ يَحْصُلُوا هُمْ أَيْضًا عَلَى الْخَلاَصِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، مَعَ مَجْدٍ أَبَدِيٍّ. 11صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. 12إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا. 13إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ.

14فَكِّرْ بِهذِهِ الأُمُورِ، مُنَاشِدًا قُدَّامَ الرَّبِّ أَنْ لاَ يَتَمَاحَكُوا بِالْكَلاَمِ. الأَمْرُ غَيْرُ النَّافِعِ لِشَيْءٍ، لِهَدْمِ السَّامِعِينَ. 15اجْتَهِدْ أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ ِللهِ مُزَكُى، عَامِلاً لاَ يُخْزَى، مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ. 16وَأَمَّا الأَقْوَالُ الْبَاطِلَةُ الدَّنِسَةُ فَاجْتَنِبْهَا، لأَنَّهُمْ يَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَكْثَرِ فُجُورٍ، 17وَكَلِمَتُهُمْ تَرْعَى كَآكِلَةٍ. الَّذِينَ مِنْهُمْ هِيمِينَايُسُ وَفِيلِيتُسُ، 18اللَّذَانِ زَاغَا عَنِ الْحَقِّ، قَائِلَيْنِ: «إِنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ صَارَتْ» فَيَقْلِبَانِ إِيمَانَ قَوْمٍ. 19وَلكِنَّ أَسَاسَ اللهِ الرَّاسِخَ قَدْ ثَبَتَ، إِذْ لَهُ هذَا الْخَتْمُ: «يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ». وَ«لْيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ كُلُّ مَنْ يُسَمِّي اسْمَ الْمَسِيحِ». 20وَلكِنْ فِي بَيْتٍ كَبِيرٍ لَيْسَ آنِيَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَقَطْ، بَلْ مِنْ خَشَبٍ وَخَزَفٍ أَيْضًا، وَتِلْكَ لِلْكَرَامَةِ وَهذِهِ لِلْهَوَانِ. 21فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ، يَكُونُ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.

22أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ. 23وَالْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ وَالسَّخِيفَةُ اجْتَنِبْهَا، عَالِمًا أَنَّهَا تُوَلِّدُ خُصُومَاتٍ، 24وَعَبْدُ الرَّبِّ لاَ يَجِبُ أَنْ يُخَاصِمَ، بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، صَبُورًا عَلَى الْمَشَقَّاتِ، 25مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، 26فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، 2لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، 3بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، 4خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، 5لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ. 6فَإِنَّهُ مِنْ هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ، وَيَسْبُونَ نُسَيَّاتٍ مُحَمَّلاَتٍ خَطَايَا، مُنْسَاقَاتٍ بِشَهَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. 7يَتَعَلَّمْنَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلاَ يَسْتَطِعْنَ أَنْ يُقْبِلْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ أَبَدًا. 8وَكَمَا قَاوَمَ يَنِّيسُ وَيَمْبِرِيسُ مُوسَى، كَذلِكَ هؤُلاَءِ أَيْضًا يُقَاوِمُونَ الْحَقَّ. أُنَاسٌ فَاسِدَةٌ أَذْهَانُهُمْ، وَمِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ مَرْفُوضُونَ. 9لكِنَّهُمْ لاَ يَتَقَدَّمُونَ أَكْثَرَ، لأَنَّ حُمْقَهُمْ سَيَكُونُ وَاضِحًا لِلْجَمِيعِ، كَمَا كَانَ حُمْقُ ذَيْنِكَ أَيْضًا.

10وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي، وَسِيرَتِي، وَقَصْدِي، وَإِيمَانِي، وَأَنَاتِي، وَمَحَبَّتِي، وَصَبْرِي، 11وَاضْطِهَادَاتِي، وَآلاَمِي، مِثْلَ مَا أَصَابَنِي فِي أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَّةَ وَلِسْتِرَةَ. أَيَّةَ اضْطِهَادَاتٍ احْتَمَلْتُ! وَمِنَ الْجَمِيعِ أَنْقَذَنِي الرَّبُّ. 12وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ. 13وَلكِنَّ النَّاسَ الأَشْرَارَ الْمُزَوِّرِينَ سَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَرْدَأَ، مُضِلِّينَ وَمُضَلِّينَ. 14وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ. 15وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 16كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، 17لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذًا أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ: 2اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ. 3لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، 4فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ. 5وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ.

6فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. 7قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، 8وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا.

9بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ إِلَيَّ سَرِيعًا، 10لأَنَّ دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي إِذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ وَذَهَبَ إِلَى تَسَالُونِيكِي، وَكِرِيسْكِيسَ إِلَى غَلاَطِيَّةَ، وَتِيطُسَ إِلَى دَلْمَاطِيَّةَ. 11لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. 12أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ. 13اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ، أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضًا وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ. 14إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. 15فَاحْتَفِظْ مِنْهُ أَنْتَ أَيْضًا، لأَنَّهُ قَاوَمَ أَقْوَالَنَا جِدًّا. 16فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ. 17وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ. 18وَسَيُنْقِذُنِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ عَمَل رَدِيءٍ وَيُخَلِّصُنِي لِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ. الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ.

19سَلِّمْ عَلَى فِرِسْكَا وَأَكِيلاَ وَبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ. 20أَرَاسْتُسُ بَقِيَ فِي كُورِنْثُوسَ. وَأَمَّا تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضًا. 21بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ قَبْلَ الشِّتَاءِ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَفْبُولُسُ وَبُودِيسُ وَلِينُسُ وَكَلاَفِدِيَّةُ وَالإِخْوَةُ جَمِيعًا. 22اَلرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ مَعَ رُوحِكَ. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ. آمِينَ.

 

تيطس

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى تِيطُسَ

 الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُولُسُ، عَبْدُ اللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، لأَجْلِ إِيمَانِ مُخْتَارِي اللهِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، الَّذِي هُوَ حَسَبُ التَّقْوَى، 2عَلَى رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، الَّتِي وَعَدَ بِهَا اللهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْكَذِبِ، قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، 3وَإِنَّمَا أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ، بِالْكِرَازَةِ الَّتِي اؤْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيْهَا، بِحَسَبِ أَمْرِ مُخَلِّصِنَا اللهِ، 4إِلَى تِيطُسَ، الابْنِ الصَّرِيحِ حَسَبَ الإِيمَانِ الْمُشْتَرَكِ: نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا.

5مِنْ أَجْلِ هذَا تَرَكْتُكَ فِي كِرِيتَ لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ النَّاقِصَةِ، وَتُقِيمَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ شُيُوخًا كَمَا أَوْصَيْتُكَ. 6إِنْ كَانَ أَحَدٌ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، لَهُ أَوْلاَدٌ مُؤْمِنُونَ، لَيْسُوا فِي شِكَايَةِ الْخَلاَعَةِ وَلاَ مُتَمَرِّدِينَ. 7لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ كَوَكِيلِ اللهِ، غَيْرَ مُعْجِبٍ بِنَفْسِهِ، وَلاَ غَضُوبٍ، وَلاَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ فِي الرِّبْحِ الْقَبِيحِ، 8بَلْ مُضِيفًا لِلْغُرَبَاءِ، مُحِبًّا لِلْخَيْرِ، مُتَعَقِّلاً، بَارًّا، وَرِعًا، ضَابِطًا لِنَفْسِهِ، 9مُلاَزِمًا لِلْكَلِمَةِ الصَّادِقَةِ الَّتِي بِحَسَبِ التَّعْلِيمِ، لِكَيْ يَكُونَ قَادِرًا أَنْ يَعِظَ بِالتَّعْلِيمِ الصَّحِيحِ وَيُوَبِّخَ الْمُنَاقِضِينَ. 10فَإِنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرُونَ مُتَمَرِّدِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْبَاطِلِ، وَيَخْدَعُونَ الْعُقُولَ، وَلاَسِيَّمَا الَّذِينَ مِنَ الْخِتَانِ، 11الَّذِينَ يَجِبُ سَدُّ أَفْوَاهِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقْلِبُونَ بُيُوتًا بِجُمْلَتِهَا، مُعَلِّمِينَ مَا لاَ يَجِبُ، مِنْ أَجْلِ الرِّبْحِ الْقَبِيحِ. 12قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «الْكِرِيتِيُّونَ دَائِمًا كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ». 13هذِهِ الشَّهَادَةُ صَادِقَةٌ. فَلِهذَا السَّبَبِ وَبِّخْهُمْ بِصَرَامَةٍ لِكَيْ يَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي الإِيمَانِ، 14لاَ يُصْغُونَ إِلَى خُرَافَاتٍ يَهُودِيَّةٍ، وَوَصَايَا أُنَاسٍ مُرْتَدِّينَ عَنِ الْحَقِّ. 15كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ، وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِرًا، بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضًا وَضَمِيرُهُمْ. 16يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ اللهَ، وَلكِنَّهُمْ بِالأَعْمَالِ يُنْكِرُونَهُ، إِذْ هُمْ رَجِسُونَ غَيْرُ طَائِعِينَ، وَمِنْ جِهَةِ كُلِّ عَمَل صَالِحٍ مَرْفُوضُونَ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى تِيطُسَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكَلَّمْ بِمَا يَلِيقُ بِالتَّعْلِيمِ الصَّحِيحِ: 2أَنْ يَكُونَ الأَشْيَاخُ صَاحِينَ، ذَوِي وَقَارٍ، مُتَعَقِّلِينَ، أَصِحَّاءَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالصَّبْرِ. 3كَذلِكَ الْعَجَائِزُ فِي سِيرَةٍ تَلِيقُ بِالْقَدَاسَةِ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، غَيْرَ مُسْتَعْبَدَاتٍ لِلْخَمْرِ الْكَثِيرِ، مُعَلِّمَاتٍ الصَّلاَحَ، 4لِكَيْ يَنْصَحْنَ الْحَدَثَاتِ أَنْ يَكُنَّ مُحِبَّاتٍ لِرِجَالِهِنَّ وَيُحْبِبْنَ أَوْلاَدَهُنَّ، 5مُتَعَقِّلاَتٍ، عَفِيفَاتٍ، مُلاَزِمَاتٍ بُيُوتَهُنَّ، صَالِحَاتٍ، خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، لِكَيْ لاَ يُجَدَّفَ عَلَى كَلِمَةِ اللهِ. 6كَذلِكَ عِظِ الأَحْدَاثَ أَنْ يَكُونُوا مُتَعَقِّلِينَ، 7مُقَدِّمًا نَفْسَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قُدْوَةً لِلأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، وَمُقَدِّمًا فِي التَّعْلِيمِ نَقَاوَةً، وَوَقَارًا، وَإِخْلاَصًا، 8وَكَلاَمًا صَحِيحًا غَيْرَ مَلُومٍ، لِكَيْ يُخْزَى الْمُضَادُّ، إِذْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ رَدِيءٌ يَقُولُهُ عَنْكُمْ. 9وَالْعَبِيدَ أَنْ يَخْضَعُوا لِسَادَتِهِمْ، وَيُرْضُوهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ مُنَاقِضِينَ، 10غَيْرَ مُخْتَلِسِينَ، بَلْ مُقَدِّمِينَ كُلَّ أَمَانَةٍ صَالِحَةٍ، لِكَيْ يُزَيِّنُوا تَعْلِيمَ مُخَلِّصِنَا اللهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ. 11لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ، 12مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِرِ، 13مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 14الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَال حَسَنَةٍ. 15تَكَلَّمْ بِهذِهِ، وَعِظْ، وَوَبِّخْ بِكُلِّ سُلْطَانٍ. لاَ يَسْتَهِنْ بِكَ أَحَدٌ.



رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى تِيطُسَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1ذَكِّرْهُمْ أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينِ، وَيُطِيعُوا، وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ، 2وَلاَ يَطْعَنُوا فِي أَحَدٍ، وَيَكُونُوا غَيْرَ مُخَاصِمِينَ، حُلَمَاءَ، مُظْهِرِينَ كُلَّ وَدَاعَةٍ لِجَمِيعِ النَّاسِ. 3لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضًا قَبْلاً أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَائِشِينَ فِي الْخُبْثِ وَالْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا. 4وَلكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ ­ 5لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ ­ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، 6الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا. 7حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. 8صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ. وَأُرِيدُ أَنْ تُقَرِّرَ هذِهِ الأُمُورَ، لِكَيْ يَهْتَمَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً. فَإِنَّ هذِهِ الأُمُورَ هِيَ الْحَسَنَةُ وَالنَّافِعَةُ لِلنَّاسِ. 9وَأَمَّا الْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ، وَالأَنْسَابُ، وَالْخُصُومَاتُ، وَالْمُنَازَعَاتُ النَّامُوسِيةُ فَاجْتَنِبْهَا، لأَنَّهَا غَيْرُ نَافِعَةٍ، وَبَاطِلَةٌ. 10اَلرَّجُلُ الْمُبْتَدِعُ بَعْدَ الإِنْذَارِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ، أَعْرِضْ عَنْهُ. 11عَالِمًا أَنَّ مِثْلَ هذَا قَدِ انْحَرَفَ، وَهُوَ يُخْطِئُ مَحْكُومًا عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ.

12حِينَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِيمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ، بَادِرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ إِلَى نِيكُوبُولِيسَ، لأَنِّي عَزَمْتُ أَنْ أُشَتِّيَ هُنَاكَ. 13جَهِّزْ زِينَاسَ النَّامُوسِيَّ وَأَبُلُّوسَ بِاجْتِهَادٍ لِلسَّفَرِ حَتَّى لاَ يُعْوِزَهُمَا شَيْءٌ. 14وَلْيَتَعَلَّمْ مَنْ لَنَا أَيْضًا أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً لِلْحَاجَاتِ الضَّرُورِيَّةِ، حَتَّى لاَ يَكُونُوا بِلاَ ثَمَرٍ. 15يُسَلِّمُ عَلَيْكَ الَّذِينَ مَعِي جَمِيعًا. سَلِّمْ عَلَى الَّذِينَ يُحِبُّونَنَا فِي الإِيمَانِ. اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

 

فليمون

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى فِلِيمُونَ

 

1بُولُسُ، أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، إِلَى فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا، 2وَإِلَى أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَةِ، وَأَرْخِبُّسَ الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا، وَإِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ: 3نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

4أَشْكُرُ إِلهِي كُلَّ حِينٍ ذَاكِرًا إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي، 5سَامِعًا بِمَحَبَّتِكَ، وَالإِيمَانِ الَّذِي لَكَ نَحْوَ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَلِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، 6لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِكَ فَعَّالَةً فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ الصَّلاَحِ الَّذِي فِيكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 7لأَنَّ لَنَا فَرَحًا كَثِيرًا وَتَعْزِيَةً بِسَبَبِ مَحَبَّتِكَ، لأَنَّ أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ أَيُّهَا الأَخُ.

8لِذلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِي بِالْمَسِيحِ ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ أَنْ آمُرَكَ بِمَا يَلِيقُ، 9مِنْ أَجْلِ الْمَحَبَّةِ، أَطْلُبُ بِالْحَرِيِّ­ إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ، وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا ­ 10أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ ابْنِي أُنِسِيمُسَ، الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي، 11الَّذِي كَانَ قَبْلاً غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي، 12الَّذِي رَدَدْتُهُ. فَاقْبَلْهُ، الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي. 13الَّذِي كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ أُمْسِكَهُ عِنْدِي لِكَيْ يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ فِي قُيُودِ الإِنْجِيلِ، 14وَلكِنْ بِدُونِ رَأْيِكَ لَمْ أُرِدْ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ خَيْرُكَ كَأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الاضْطِرَارِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الاخْتِيَارِ. 15لأَنَّهُ رُبَّمَا لأَجْلِ هذَا افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ إِلَى الأَبَدِ، 16لاَ كَعَبْدٍ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ: أَخًا مَحْبُوبًا، وَلاَ سِيَّمَا إِلَيَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًا! 17فَإِنْ كُنْتَ تَحْسِبُنِي شَرِيكًا، فَاقْبَلْهُ نَظِيرِي. 18ثُمَّ إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ بِشَيْءٍ، أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاحْسِبْ ذلِكَ عَلَيَّ. 19أَنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي: أَنَا أُوفِي. حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ أَيْضًا. 20نَعَمْ أَيُّهَا الأَخُ، لِيَكُنْ لِي فَرَحٌ بِكَ فِي الرَّبِّ. أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ. 21إِذْ أَنَا وَاثِقٌ بِإِطَاعَتِكَ، كَتَبْتُ إِلَيْكَ، عَالِمًا أَنَّكَ تَفْعَلُ أَيْضًا أَكْثَرَ مِمَّا أَقُولُ.

22وَمَعَ هذَا، أَعْدِدْ لِي أَيْضًا مَنْزِلاً، لأَنِّي أَرْجُو أَنَّنِي بِصَلَوَاتِكُمْ سَأُوهَبُ لَكُمْ.

23يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَبَفْرَاسُ الْمَأْسُورُ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، 24وَمَرْقُسُ، وَأَرِسْتَرْخُسُ، وَدِيمَاسُ، وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي. 25نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ. آمِينَ.

 

العبرانيين

اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، 2كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ، 3الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، 4صَائِرًا أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْمًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ.

5لأَنَّهُ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ»؟ وَأَيْضًا: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا»؟ 6وَأَيْضًا مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ». 7وَعَنِ الْمَلاَئِكَةِ يَقُولُ: «الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحًا وَخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَارٍ». 8وَأَمَّا عَنْ الابْنِ: «كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ. 9أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلهُكَ بِزَيْتِ الابْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ شُرَكَائِكَ». 10وَ «أَنْتَ يَارَبُّ فِي الْبَدْءِ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. 11هِيَ تَبِيدُ وَلكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى، 12وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلكِنْ أَنْتَ أَنْتَ، وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى». 13ثُمَّ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ»؟ 14أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحًا خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ!.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1لِذلِكَ يَجِبُ أَنْ نَتَنَبَّهَ أَكْثَرَ إِلَى مَا سَمِعْنَا لِئَلاَّ نَفُوتَهُ، 2لأَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ صَارَتْ ثَابِتَةً، وَكُلُّ تَعَدٍّ وَمَعْصِيَةٍ نَالَ مُجَازَاةً عَادِلَةً، 3فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصًا هذَا مِقْدَارُهُ؟ قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، 4شَاهِدًا اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ.

5فَإِنَّهُ لِمَلاَئِكَةٍ لَمْ يُخْضِعِ الْعَالَمَ الْعَتِيدَ الَّذِي نَتَكَلَّمُ عَنْهُ. 6لكِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ فِي مَوْضِعٍ قَائِلاً: «مَا هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ؟ أَوِ ابْنُ الإِنْسَانِ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟ 7وَضَعْتَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ. بِمَجْدٍ وَكَرَامَةٍ كَلَّلْتَهُ، وَأَقَمْتَهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. 8أَخْضَعْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ». لأَنَّهُ إِذْ أَخْضَعَ الْكُلَّ لَهُ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا غَيْرَ خَاضِعٍ لَهُ. عَلَى أَنَّنَا الآنَ لَسْنَا نَرَى الْكُلَّ بَعْدُ مُخْضَعًا لَهُ. 9وَلكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ. 10لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ، أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ. 11لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً، 12قَائِلاً: «أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ». 13وَأَيْضًا: «أَنَا أَكُونُ مُتَوَكِّلاً عَلَيْهِ». وَأَيْضًا: «هَا أَنَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمِ اللهُ». 14فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، 15وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ­ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ­ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ. 16لأَنَّهُ حَقًّا لَيْسَ يُمْسِكُ الْمَلاَئِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ. 17مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيمًا، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِينًا فِي مَا للهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. 18لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْقِدِّيسُونَ، شُرَكَاءُ الدَّعْوَةِ السَّمَاوِيَّةِ، لاَحِظُوا رَسُولَ اعْتِرَافِنَا وَرَئِيسَ كَهَنَتِهِ الْمَسِيحَ يَسُوعَ، 2حَالَ كَوْنِهِ أَمِينًا لِلَّذِي أَقَامَهُ، كَمَا كَانَ مُوسَى أَيْضًا فِي كُلِّ بَيْتِهِ. 3فَإِنَّ هذَا قَدْ حُسِبَ أَهْلاً لِمَجْدٍ أَكْثَرَ مِنْ مُوسَى، بِمِقْدَارِ مَا لِبَانِي الْبَيْتِ مِنْ كَرَامَةٍ أَكْثَرَ مِنَ الْبَيْتِ. 4لأَنَّ كُلَّ بَيْتٍ يَبْنِيهِ إِنْسَانٌ مَا، وَلكِنَّ بَانِيَ الْكُلِّ هُوَ اللهُ. 5وَمُوسَى كَانَ أَمِينًا فِي كُلِّ بَيْتِهِ كَخَادِمٍ، شَهَادَةً لِلْعَتِيدِ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ. 6وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَكَابْنٍ عَلَى بَيْتِهِ. وَبَيْتُهُ نَحْنُ إِنْ تَمَسَّكْنَا بِثِقَةِ الرَّجَاءِ وَافْتِخَارِهِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ.

7لِذلِكَ كَمَا يَقُولُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ 8فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ، يَوْمَ التَّجْرِبَةِ فِي الْقَفْرِ 9حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. اخْتَبَرُونِي وَأَبْصَرُوا أَعْمَالِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. 10لِذلِكَ مَقَتُّ ذلِكَ الْجِيلَ، وَقُلْتُ: إِنَّهُمْ دَائِمًا يَضِلُّونَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا سُبُلِي. 11حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي». 12اُنْظُرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الارْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ. 13بَلْ عِظُوا أَنْفُسَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ، مَا دَامَ الْوَقْتُ يُدْعَى الْيَوْمَ، لِكَيْ لاَ يُقَسَّى أَحَدٌ مِنْكُمْ بِغُرُورِ الْخَطِيَّةِ. 14لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ، إِنْ تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ، 15إِذْ قِيلَ: «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ». 16فَمَنْ هُمُ الَّذِينَ إِذْ سَمِعُوا أَسْخَطُوا؟ أَلَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ مِصْرَ بِوَاسِطَةِ مُوسَى؟ 17وَمَنْ مَقَتَ أَرْبَعِينَ سَنَةً؟ أَلَيْسَ الَّذِينَ أَخْطَأُوا، الَّذِينَ جُثَثُهُمْ سَقَطَتْ فِي الْقَفْرِ؟ 18وَلِمَنْ أَقْسَمَ: «لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتَهُ»، إِلاَّ لِلَّذِينَ لَمْ يُطِيعُوا؟ 19فَنَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا لِعَدَمِ الإِيمَانِ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1فَلْنَخَفْ، أَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وَعْدٍ بِالدُّخُولِ إِلَى رَاحَتِهِ، يُرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنَّهُ قَدْ خَابَ مِنْهُ! 2لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا قَدْ بُشِّرْنَا كَمَا أُولئِكَ، لكِنْ لَمْ تَنْفَعْ كَلِمَةُ الْخَبَرِ أُولئِكَ. إِذْ لَمْ تَكُنْ مُمْتَزِجَةً بِالإِيمَانِ فِي الَّذِينَ سَمِعُوا. 3لأَنَّنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ نَدْخُلُ الرَّاحَةَ، كَمَا قَالَ: «حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي» مَعَ كَوْنِ الأَعْمَالِ قَدْ أُكْمِلَتْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. 4لأَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ عَنِ السَّابعِ هكَذَا: «وَاسْتَرَاحَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِهِ». 5وَفِي هذَا أَيْضًا: «لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي». 6فَإِذْ بَقِيَ أَنَّ قَوْمًا يَدْخُلُونَهَا، وَالَّذِينَ بُشِّرُوا أَوَّلاً لَمْ يَدْخُلُوا لِسَبَبِ الْعِصْيَانِ، 7يُعَيِّنُ أَيْضًا يَوْمًا قَائِلاً فِي دَاوُدَ: «الْيَوْمَ» بَعْدَ زَمَانٍ هذَا مِقْدَارُهُ، كَمَا قِيلَ: «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ». 8لأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَشُوعُ قَدْ أَرَاحَهُمْ لَمَا تَكَلَّمَ بَعْدَ ذلِكَ عَنْ يَوْمٍ آخَرَ. 9إِذًا بَقِيَتْ رَاحَةٌ لِشَعْبِ اللهِ! 10لأَنَّ الَّذِي دَخَلَ رَاحَتَهُ اسْتَرَاحَ هُوَ أَيْضًا مِنْ أَعْمَالِهِ، كَمَا اللهُ مِنْ أَعْمَالِهِ. 11فَلْنَجْتَهِدْ أَنْ نَدْخُلَ تِلْكَ الرَّاحَةَ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ أَحَدٌ فِي عِبْرَةِ الْعِصْيَانِ هذِهِ عَيْنِهَا. 12لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. 13وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا.

14فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. 15لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. 16فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ مَأْخُوذٍ مِنَ النَّاسِ يُقَامُ لأَجْلِ النَّاسِ فِي مَاِللهِ، لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ عَنِ الْخَطَايَا، 2قَادِرًا أَنْ يَتَرَفَّقَ بِالْجُهَّالِ وَالضَّالِّينَ، إِذْ هُوَ أَيْضًا مُحَاطٌ بِالضَّعْفِ. 3وَلِهذَا الضَّعْفِ يَلْتَزِمُ أَنَّهُ كَمَا يُقَدِّمُ عَنِ الْخَطَايَا لأَجْلِ الشَّعْبِ هكَذَا أَيْضًا لأَجْلِ نَفْسِهِ. 4وَلاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ هذِهِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ الْمَدْعُوُّ مِنَ اللهِ، كَمَا هَارُونُ أَيْضًا. 5كَذلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، بَلِ الَّذِي قَالَ لَهُ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ». 6كَمَا يَقُولُ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ». 7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ، 8مَعَ كَوْنِهِ ابْنًا تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ. 9وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ، سَبَبَ خَلاَصٍ أَبَدِيٍّ، 10مَدْعُوًّا مِنَ اللهِ رَئِيسَ كَهَنَةٍ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ.

11اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ الْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا، وَعَسِرُ التَّفْسِيرِ لِنَنْطِقَ بِهِ، إِذْ قَدْ صِرْتُمْ مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ. 12لأَنَّكُمْ ­إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ­ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. 13لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، 14وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1لِذلِكَ وَنَحْنُ تَارِكُونَ كَلاَمَ بَدَاءَةِ الْمَسِيحِ، لِنَتَقَدَّمْ إِلَى الْكَمَالِ، غَيْرَ وَاضِعِينَ أَيْضًا أَسَاسَ التَّوْبَةِ مِنَ الأَعْمَالِ الْمَيِّتَةِ، وَالإِيمَانِ بِاللهِ، 2تَعْلِيمَ الْمَعْمُودِيَّاتِ، وَوَضْعَ الأَيَادِي، قِيَامَةَ الأَمْوَاتِ، وَالدَّيْنُونَةَ الأَبَدِيَّةَ، 3وَهذَا سَنَفْعَلُهُ إِنْ أَذِنَ اللهُ. 4لأَنَّ الَّذِينَ اسْتُنِيرُوا مَرَّةً، وَذَاقُوا الْمَوْهِبَةَ السَّمَاوِيَّةَ وَصَارُوا شُرَكَاءَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، 5وَذَاقُوا كَلِمَةَ اللهِ الصَّالِحَةَ وَقُوَّاتِ الدَّهْرِ الآتِي، 6وَسَقَطُوا، لاَ يُمْكِنُ تَجْدِيدُهُمْ أَيْضًا لِلتَّوْبَةِ، إِذْ هُمْ يَصْلِبُونَ لأَنْفُسِهِمْ ابْنَ اللهِ ثَانِيَةً وَيُشَهِّرُونَهُ. 7لأَنَّ أَرْضًا قَدْ شَرِبَتِ الْمَطَرَ الآتِيَ عَلَيْهَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَأَنْتَجَتْ عُشْبًا صَالِحًا لِلَّذِينَ فُلِحَتْ مِنْ أَجْلِهِمْ، تَنَالُ بَرَكَةً مِنَ اللهِ. 8وَلكِنْ إِنْ أَخْرَجَتْ شَوْكًا وَحَسَكًا، فَهِيَ مَرْفُوضَةٌ وَقَرِيبَةٌ مِنَ اللَّعْنَةِ، الَّتِي نِهَايَتُهَا لِلْحَرِيقِ.

9وَلكِنَّنَا قَدْ تَيَقَّنَّا مِنْ جِهَتِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أُمُورًا أَفْضَلَ، وَمُخْتَصَّةً بِالْخَلاَصِ، وَإِنْ كُنَّا نَتَكَلَّمُ هكَذَا. 10لأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ اسْمِهِ، إِذْ قَدْ خَدَمْتُمُ الْقِدِّيسِينَ وَتَخْدِمُونَهُمْ. 11وَلكِنَّنَا نَشْتَهِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يُظْهِرُ هذَا الاجْتِهَادَ عَيْنَهُ لِيَقِينِ الرَّجَاءِ إِلَى النِّهَايَةِ، 12لِكَيْ لاَ تَكُونُوا مُتَبَاطِئِينَ بَلْ مُتَمَثِّلِينَ بِالَّذِينَ بِالإِيمَانِ وَالأَنَاةِ يَرِثُونَ الْمَوَاعِيدَ.

13فَإِنَّهُ لَمَّا وَعَدَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْظَمُ يُقْسِمُ بِهِ، أَقْسَمَ بِنَفْسِهِ، 14قَائِلاً: «إِنِّي لأُبَارِكَنَّكَ بَرَكَةً وَأُكَثِّرَنَّكَ تَكْثِيرًا». 15وَهكَذَا إِذْ تَأَنَّى نَالَ الْمَوْعِدَ. 16فَإِنَّ النَّاسَ يُقْسِمُونَ بِالأَعْظَمِ، وَنِهَايَةُ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ عِنْدَهُمْ لأَجْلِ التَّثْبِيتِ هِيَ الْقَسَمُ. 17فَلِذلِكَ إِذْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُظْهِرَ أَكْثَرَ كَثِيرًا لِوَرَثَةِ الْمَوْعِدِ عَدَمَ تَغَيُّرِ قَضَائِهِ، تَوَسَّطَ بِقَسَمٍ، 18حَتَّى بِأَمْرَيْنِ عَدِيمَيِ التَّغَيُّرِ، لاَ يُمْكِنُ أَنَّ اللهَ يَكْذِبُ فِيهِمَا، تَكُونُ لَنَا تَعْزِيَةٌ قَوِيَّةٌ، نَحْنُ الَّذِينَ الْتَجَأْنَا لِنُمْسِكَ بِالرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، 19الَّذِي هُوَ لَنَا كَمِرْسَاةٍ لِلنَّفْسِ مُؤْتَمَنَةٍ وَثَابِتَةٍ، تَدْخُلُ إِلَى مَا دَاخِلَ الْحِجَابِ، 20حَيْثُ دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِق لأَجْلِنَا، صَائِرًا عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ، رَئِيسَ كَهَنَةٍ إِلَى الأَبَدِ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1لأَنَّ مَلْكِي صَادَقَ هذَا، مَلِكَ سَالِيمَ، كَاهِنَ اللهِ الْعَلِيِّ، الَّذِي اسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمَ رَاجِعًا مِنْ كَسْرَةِ الْمُلُوكِ وَبَارَكَهُ، 2الَّذِي قَسَمَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الْمُتَرْجَمَ أَوَّلاً «مَلِكَ الْبِرِّ» ثُمَّ أَيْضًا «مَلِكَ سَالِيمَ» أَيْ «مَلِكَ السَّلاَمِ» 3بِلاَ أَبٍ، بِلاَ أُمٍّ، بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ. هذَا يَبْقَى كَاهِنًا إِلَى الأَبَدِ. 4ثُمَّ انْظُرُوا مَا أَعْظَمَ هذَا الَّذِي أَعْطَاهُ إِبْرَاهِيمُ رَئِيسُ الآبَاءِ، عُشْرًا أَيْضًا مِنْ رَأْسِ الْغَنَائِمِ! 5وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ بَنِي لاَوِي، الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْكَهَنُوتَ، فَلَهُمْ وَصِيَّةٌ أَنْ يُعَشِّرُوا الشَّعْبَ بِمُقْتَضَى النَّامُوسِ، أَيْ إِخْوَتَهُمْ، مَعَ أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ صُلْبِ إِبْرَاهِيمَ. 6وَلكِنَّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مِنْهُمْ قَدْ عَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارَكَ الَّذِي لَهُ الْمَوَاعِيدُ! 7وَبِدُونِ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ: الأَصْغَرُ يُبَارَكُ مِنَ الأَكْبَرِ 8وَهُنَا أُنَاسٌ مَائِتُونَ يَأْخُذُونَ عُشْرًا، وَأَمَّا هُنَاكَ فَالْمَشْهُودُ لَهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ. 9حَتَّى أَقُولُ كَلِمَةً: إِنَّ لاَوِي أَيْضًا الآخِذَ الأَعْشَارَ قَدْ عُشِّرَ بِإِبْرَاهِيمَ. 10لأَنَّهُ كَانَ بَعْدُ فِي صُلْبِ أَبِيهِ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ مَلْكِي صَادَقَ.

11فَلَوْ كَانَ بِالْكَهَنُوتِ الّلاَوِيِّ كَمَالٌ ­ إِذِ الشَّعْبُ أَخَذَ النَّامُوسَ عَلَيْهِ ­ مَاذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بَعْدُ إِلَى أَنْ يَقُومَ كَاهِنٌ آخَرُ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ؟ وَلاَ يُقَالُ عَلَى رُتْبَةِ هَارُونَ. 12لأَنَّهُ إِنْ تَغَيَّرَ الْكَهَنُوتُ، فَبِالضَّرُورَةِ يَصِيرُ تَغَيُّرٌ لِلنَّامُوسِ أَيْضًا. 13لأَنَّ الَّذِي يُقَالُ عَنْهُ هذَا كَانَ شَرِيكًا فِي سِبْطٍ آخَرَ لَمْ يُلاَزِمْ أَحَدٌ مِنْهُ الْمَذْبَحَ. 14فَإِنَّهُ وَاضِحٌ أَنَّ رَبَّنَا قَدْ طَلَعَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْهُ مُوسَى شَيْئًا مِنْ جِهَةِ الْكَهَنُوتِ. 15وَذلِكَ أَكْثَرُ وُضُوحًا أَيْضًا إِنْ كَانَ عَلَى شِبْهِ مَلْكِي صَادَقَ يَقُومُ كَاهِنٌ آخَرُ، 16قَدْ صَارَ لَيْسَ بِحَسَبِ نَامُوسِ وَصِيَّةٍ جَسَدِيَّةٍ، بَلْ بِحَسَبِ قُوَّةِ حَيَاةٍ لاَ تَزُولُ. 17لأَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّكَ: «كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ».

18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضَعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا. وَلكِنْ يَصِيرُ إِدْخَالُ رَجَاءٍ أَفْضَلَ بِهِ نَقْتَرِبُ إِلَى اللهِ. 20وَعَلَى قَدْرِ مَا إِنَّهُ لَيْسَ بِدُونِ قَسَمٍ، 21لأَنَّ أُولئِكَ بِدُونِ قَسَمٍ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً، وَأَمَّا هذَا فَبِقَسَمٍ مِنَ الْقَائِلِ لَهُ: «أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ، أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ». 22عَلَى قَدْرِ ذلِكَ قَدْ صَارَ يَسُوعُ ضَامِنًا لِعَهْدٍ أَفْضَلَ. 23وَأُولئِكَ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً كَثِيرِينَ من أَجلِ مَنْعِهِمْ بِالْمَوْتِ عَنِ الْبَقَاءِ، 24وَأَمَّا هذَا فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ. 25فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ. 26لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ 27الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ. 28فَإِنَّ النَّامُوسَ يُقِيمُ أُنَاسًا بِهِمْ ضَعْفٌ رُؤَسَاءَ كَهَنَةٍ. وَأَمَّا كَلِمَةُ الْقَسَمِ الَّتِي بَعْدَ النَّامُوسِ فَتُقِيمُ ابْنًا مُكَمَّلاً إِلَى الأَبَدِ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1وَأَمَّا رَأْسُ الْكَلاَمِ فَهُوَ: أَنَّ لَنَا رَئِيسَ كَهَنَةٍ مِثْلَ هذَا، قَدْ جَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ الْعَظَمَةِ فِي السَّمَاوَاتِ 2خَادِمًا لِلأَقْدَاسِ وَالْمَسْكَنِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الرَّبُّ لاَ إِنْسَانٌ. 3لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ يُقَامُ لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ. فَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِهذَا أَيْضًا شَيْءٌ يُقَدِّمُهُ. 4فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الأَرْضِ لَمَا كَانَ كَاهِنًا، إِذْ يُوجَدُ الْكَهَنَةُ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَ قَرَابِينَ حَسَبَ النَّامُوسِ، 5الَّذِينَ يَخْدِمُونَ شِبْهَ السَّمَاوِيَّاتِ وَظِلَّهَا، كَمَا أُوحِيَ إِلَى مُوسَى وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَصْنَعَ الْمَسْكَنَ. لأَنَّهُ قَالَ: «انْظُرْ أَنْ تَصْنَعَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ الْمِثَالِ الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ». 6وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ حَصَلَ عَلَى خِدْمَةٍ أَفْضَلَ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ وَسِيطٌ أَيْضًا لِعَهْدٍ أَعْظَمَ، قَدْ تَثَبَّتَ عَلَى مَوَاعِيدَ أَفْضَلَ.

7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ. 8لأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ لاَئِمًا: «هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، حِينَ أُكَمِّلُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا. 9لاَ كَالْعَهْدِ الَّذِي عَمِلْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ يَوْمَ أَمْسَكْتُ بِيَدِهِمْ لأُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَثْبُتُوا فِي عَهْدِي، وَأَنَا أَهْمَلْتُهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. 10لأَنَّ هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. 11وَلاَ يُعَلِّمُونَ كُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ قَائِلاً: اعْرِفِ الرَّبَّ، لأَنَّ الْجَمِيعَ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ. 12لأَنِّي أَكُونُ صَفُوحًا عَنْ آثَامِهِمْ، وَلاَ أَذْكُرُ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ». 13فَإِذْ قَالَ «جَدِيدًا» عَتَّقَ الأَوَّلَ. وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الاضْمِحْلاَلِ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1ثُمَّ الْعَهْدُ الأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَيْضًا فَرَائِضُ خِدْمَةٍ وَالْقُدْسُ الْعَالَمِيُّ، 2لأَنَّهُ نُصِبَ الْمَسْكَنُ الأَوَّلُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «الْقُدْسُ» الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمَنَارَةُ، وَالْمَائِدَةُ، وَخُبْزُ التَّقْدِمَةِ. 3وَوَرَاءَ الْحِجَابِ الثَّانِي الْمَسْكَنُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «قُدْسُ الأَقْدَاسِ» 4فِيهِ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَتَابُوتُ الْعَهْدِ مُغَشًّى مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بِالذَّهَبِ، الَّذِي فِيهِ قِسْطٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ الْمَنُّ، وَعَصَا هَارُونَ الَّتِي أَفْرَخَتْ، وَلَوْحَا الْعَهْدِ. 5وَفَوْقَهُ كَرُوبَا الْمَجْدِ مُظَلِّلَيْنِ الْغِطَاءَ. أَشْيَاءُ لَيْسَ لَنَا الآنَ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْهَا بِالتَّفْصِيلِ. 6ثُمَّ إِذْ صَارَتْ هذِهِ مُهَيَّأَةً هكَذَا، يَدْخُلُ الْكَهَنَةُ إِلَى الْمَسْكَنِ الأَوَّلِ كُلَّ حِينٍ، صَانِعِينَ الْخِدْمَةَ. 7وَأَمَّا إِلَى الثَّانِي فَرَئِيسُ الْكَهَنَةِ فَقَطْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، لَيْسَ بِلاَ دَمٍ يُقَدِّمُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ جَهَالاَتِ الشَّعْبِ، 8مُعْلِنًا الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهذَا أَنَّ طَرِيقَ الأَقْدَاسِ لَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ، مَا دَامَ الْمَسْكَنُ الأَوَّلُ لَهُ إِقَامَةٌ، 9الَّذِي هُوَ رَمْزٌ لِلْوَقْتِ الْحَاضِرِ، الَّذِي فِيهِ تُقَدَّمُ قَرَابِينُ وَذَبَائِحُ، لاَ يُمْكِنُ مِنْ جِهَةِ الضَّمِيرِ أَنْ تُكَمِّلَ الَّذِي يَخْدِمُ، 10وَهِيَ قَائِمَةٌ بِأَطْعِمَةٍ وَأَشْرِبَةٍ وَغَسَلاَتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَفَرَائِضَ جَسَدِيَّةٍ فَقَطْ، مَوْضُوعَةٍ إِلَى وَقْتِ الإِصْلاَحِ.

11وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هذِهِ الْخَلِيقَةِ، 12وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا. 13لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ، يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، 14فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَال مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ!

15وَلأَجْلِ هذَا هُوَ وَسِيطُ عَهْدٍ جَدِيدٍ، لِكَيْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّونَ ­ إِذْ صَارَ مَوْتٌ لِفِدَاءِ التَّعَدِّيَاتِ الَّتِي فِي الْعَهْدِ الأَوَّلِ ­ يَنَالُونَ وَعْدَ الْمِيرَاثِ الأَبَدِيِّ. 16لأَنَّهُ حَيْثُ تُوجَدُ وَصِيَّةٌ، يَلْزَمُ بَيَانُ مَوْتِ الْمُوصِي. 17لأَنَّ الْوَصِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمَوْتى، إِذْ لاَ قُوَّةَ لَهَا الْبَتَّةَ مَا دَامَ الْمُوصِي حَيًّا. 18فَمِنْ ثَمَّ الأَوَّلُ أَيْضًا لَمْ يُكَرَّسْ بِلاَ دَمٍ، 19لأَنَّ مُوسَى بَعْدَمَا كَلَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِكُلِّ وَصِيَّةٍ بِحَسَبِ النَّامُوسِ، أَخَذَ دَمَ الْعُجُولِ وَالتُّيُوسِ، مَعَ مَاءٍ، وَصُوفًا قِرْمِزِيًّا وَزُوفَا، وَرَشَّ الْكِتَابَ نَفْسَهُ وَجَمِيعَ الشَّعْبِ، 20قَائِلاً: «هذَا هُوَ دَمُ الْعَهْدِ الَّذِي أَوْصَاكُمُ اللهُ بِهِ». 21وَالْمَسْكَنَ أَيْضًا وَجَمِيعَ آنِيَةِ الْخِدْمَةِ رَشَّهَا كَذلِكَ بِالدَّمِ. 22وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!

23فَكَانَ يَلْزَمُ أَنَّ أَمْثِلَةَ الأَشْيَاءِ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تُطَهَّرُ بِهذِهِ، وَأَمَّا السَّمَاوِيَّاتُ عَيْنُهَا، فَبِذَبَائِحَ أَفْضَلَ مِنْ هذِهِ. 24لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى السَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ الآنَ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ لأَجْلِنَا. 25وَلاَ لِيُقَدِّمَ نَفْسَهُ مِرَارًا كَثِيرَةً، كَمَا يَدْخُلُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ إِلَى الأَقْدَاسِ كُلَّ سَنَةٍ بِدَمِ آخَرَ. 26فَإِذْ ذَاكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِرَارًا كَثِيرَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ. 27وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ، 28هكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1لأَنَّ النَّامُوسَ، إِذْ لَهُ ظِلُّ الْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ لاَ نَفْسُ صُورَةِ الأَشْيَاءِ، لاَ يَقْدِرُ أَبَدًا بِنَفْسِ الذَّبَائِحِ كُلَّ سَنَةٍ، الَّتِي يُقَدِّمُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ، أَنْ يُكَمِّلَ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ. 2وَإِلاَّ، أَفَمَا زَالَتْ تُقَدَّمُ؟ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْخَادِمِينَ، وَهُمْ مُطَهَّرُونَ مَرَّةً، لاَ يَكُونُ لَهُمْ أَيْضًا ضَمِيرُ خَطَايَا. 3لكِنْ فِيهَا كُلَّ سَنَةٍ ذِكْرُ خَطَايَا. 4لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا. 5لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا. 6بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ. 7ثُمَّ قُلْتُ: هنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ». 8إِذْ يَقُولُ آنِفًا: «إِنَّكَ ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا وَمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُرِدْ وَلاَ سُرِرْتَ بِهَا». الَّتِي تُقَدَّمُ حَسَبَ النَّامُوسِ. 9ثُمَّ قَالَ: «هنَذَا أَجِيءُ لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ». يَنْزِعُ الأَوَّلَ لِكَيْ يُثَبِّتَ الثَّانِيَ. 10فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً.

11وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ مِرَارًا كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ. 12وَأَمَّا هذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ، 13مُنْتَظِرًا بَعْدَ ذلِكَ حَتَّى تُوضَعَ أَعْدَاؤُهُ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْهِ. 14لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ. 15وَيَشْهَدُ لَنَا الرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا. لأَنَّهُ بَعْدَمَا قَالَ سَابِقًا: 16«هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَهُمْ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي قُلُوبِهِمْ وَأَكْتُبُهَا فِي أَذْهَانِهِمْ 17وَلَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ». 18وَإِنَّمَا حَيْثُ تَكُونُ مَغْفِرَةٌ لِهذِهِ لاَ يَكُونُ بَعْدُ قُرْبَانٌ عَنِ الْخَطِيَّةِ.

19فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ، 20طَرِيقًا كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثًا حَيًّا، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ، 21وَكَاهِنٌ عَظِيمٌ عَلَى بَيْتِ اللهِ، 22لِنَتَقَدَّمْ بِقَلْبٍ صَادِق فِي يَقِينِ الإِيمَانِ، مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا مِنْ ضَمِيرٍ شِرِّيرٍ، وَمُغْتَسِلَةً أَجْسَادُنَا بِمَاءٍ نَقِيٍّ. 23لِنَتَمَسَّكْ بِإِقْرَارِ الرَّجَاءِ رَاسِخًا، لأَنَّ الَّذِي وَعَدَ هُوَ أَمِينٌ. 24وَلْنُلاَحِظْ بَعْضُنَا بَعْضًا لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، 25غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ، بَلْ وَاعِظِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَبِالأَكْثَرِ عَلَى قَدْرِ مَا تَرَوْنَ الْيَوْمَ يَقْرُبُ، 26فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا، 27بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ الْمُضَادِّينَ. 28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ. 29فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ؟ 30فَإِنَّنَا نَعْرِفُ الَّذِي قَالَ: «لِيَ الانْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ الرَّبُّ». وَأَيْضًا: «الرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ». 31مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ!

32وَلكِنْ تَذَكَّرُوا الأَيَّامَ السَّالِفَةَ الَّتِي فِيهَا بَعْدَمَا أُنِرْتُمْ صَبَرْتُمْ عَلَى مُجَاهَدَةِ آلاَمٍ كَثِيرَةٍ. 33مِنْ جِهَةٍ مَشْهُورِينَ بِتَعْيِيرَاتٍ وَضِيقَاتٍ، وَمِنْ جِهَةٍ صَائِرِينَ شُرَكَاءَ الَّذِينَ تُصُرِّفَ فِيهِمْ هكَذَا. 34لأَنَّكُمْ رَثَيْتُمْ لِقُيُودِي أَيْضًا، وَقَبِلْتُمْ سَلْبَ أَمْوَالِكُمْ بِفَرَحٍ، عَالِمِينَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَنَّ لَكُمْ مَالاً أَفْضَلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَبَاقِيًا. 35فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌ. 36لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ. 37لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيل جِدًّا «سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ. 38أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي». 39وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا مِنَ الارْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاقْتِنَاءِ النَّفْسِ.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى. 2فَإِنَّهُ فِي هذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ. 3بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ. 4بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ للهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ. فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ! 5بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ. 6وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ. 7بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ، فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثًا لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبَ الإِيمَانِ. 8بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي. 9بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِنًا فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهذَا الْمَوْعِدِ عَيْنِهِ. 10لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ. 11بِالإِيمَانِ سَارَةُ نَفْسُهَا أَيْضًا أَخَذَتْ قُدْرَةً عَلَى إِنْشَاءِ نَسْل، وَبَعْدَ وَقْتِ السِّنِّ وَلَدَتْ، إِذْ حَسِبَتِ الَّذِي وَعَدَ صَادِقًا. 12لِذلِكَ وُلِدَ أَيْضًا مِنْ وَاحِدٍ، وَذلِكَ مِنْ مُمَاتٍ، مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ فِي الْكَثْرَةِ، وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُعَدُّ.

13فِي الإِيمَانِ مَاتَ هؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ. 14فَإِنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ مِثْلَ هذَا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ وَطَنًا. 15فَلَوْ ذَكَرُوا ذلِكَ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، لَكَانَ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلرُّجُوعِ. 16وَلكِنِ الآنَ يَبْتَغُونَ وَطَنًا أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيًّا. لِذلِكَ لاَ يَسْتَحِي بِهِمِ اللهُ أَنْ يُدْعَى إِلهَهُمْ، لأَنَّهُ أَعَدَّ لَهُمْ مَدِينَةً.

17بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ. قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ 18الَّذِي قِيلَ لَهُ: «إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ». 19إِذْ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ أَيْضًا، الَّذِينَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ أَيْضًا فِي مِثَال. 20بِالإِيمَانِ إِسْحَاقُ بَارَكَ يَعْقُوبَ وَعِيسُو مِنْ جِهَةِ أُمُورٍ عَتِيدَةٍ. 21بِالإِيمَانِ يَعْقُوبُ عِنْدَ مَوْتِهِ بَارَكَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنِ ابْنَيْ يُوسُفَ، وَسَجَدَ عَلَى رَأْسِ عَصَاهُ. 22بِالإِيمَانِ يُوسُفُ عِنْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَ خُرُوجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَوْصَى مِنْ جِهَةِ عِظَامِهِ. 23بِالإِيمَانِ مُوسَى، بَعْدَمَا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، لأَنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلاً، وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ. 24بِالإِيمَانِ مُوسَى لَمَّا كَبِرَ أَبَى أَنْ يُدْعَى ابْنَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، 25مُفَضِّلاً بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ، 26حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ، لأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْمُجَازَاةِ. 27بِالإِيمَانِ تَرَكَ مِصْرَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ غَضَبِ الْمَلِكِ، لأَنَّهُ تَشَدَّدَ، كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لاَ يُرَى. 28بِالإِيمَانِ صَنَعَ الْفِصْحَ وَرَشَّ الدَّمَ لِئَلاَّ يَمَسَّهُمُ الَّذِي أَهْلَكَ الأَبْكَارَ. 29بِالإِيمَانِ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ كَمَا فِي الْيَابِسَةِ، الأَمْرُ الَّذِي لَمَّا شَرَعَ فِيهِ الْمِصْرِيُّونَ غَرِقُوا. 30بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 31بِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ، إِذْ قَبِلَتِ الْجَاسُوسَيْنِ بِسَلاَمٍ.

32وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضًا؟ لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ، وَيَفْتَاحَ، وَدَاوُدَ، وَصَمُوئِيلَ، وَالأَنْبِيَاءِ، 33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضَعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، 35أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. 36وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. 37رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، 38وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ. 39فَهؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، 40إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئًا أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا.



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، 2نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. 3فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ.

4لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ، 5وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. 6لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ». 7إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ 8وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ. 9ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ 10لأَنَّ أُولئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. 11وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرّ لِلسَّلاَمِ. 12لِذلِكَ قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، 13وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى.

14اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ، 15مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجًا، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ. 16لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِيًا أَوْ مُسْتَبِيحًا كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ. 17فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضًا بَعْدَ ذلِكَ، لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ رُفِضَ، إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَانًا، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ.

18لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَل مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ، 19وَهُتَافِ بُوق وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ، اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ، 20لأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ: «وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ، تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ». 21وَكَانَ الْمَنْظَرُ هكَذَا مُخِيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ». 22بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، 23وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، 24وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ.

25اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدًّا لاَ نَنْجُو نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ! 26الَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ الأَرْضَ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَعَدَ قَائِلاً: «إِنِّي مَرَّةً أَيْضًا أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضًا». 27فَقَوْلُهُ «مَرَّةً أَيْضًا» يَدُلُّ عَلَى تَغْيِيرِ الأَشْيَاءِ الْمُتَزَعْزِعَةِ كَمَصْنُوعَةٍ، لِكَيْ تَبْقَى الَّتِي لاَ تَتَزَعْزَعُ. 28لِذلِكَ وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتًا لاَ يَتَزَعْزَعُ لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ بِهِ نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى. 29لأَنَّ «إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ».



اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1لِتَثْبُتِ الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ. 2لاَ تَنْسَوْا إِضَافَةَ الْغُرَبَاءِ، لأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَةً وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ. 3اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ. 4لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ. وَأَمَّا الْعَاهِرُونَ وَالزُّنَاةُ فَسَيَدِينُهُمُ اللهُ. 5لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» 6حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ: «الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟»

7اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ.

8يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.

9لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَوِّعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا. 10لَنَا «مَذْبَحٌ» لاَ سُلْطَانَ لِلَّذِينَ يَخْدِمُونَ الْمَسْكَنَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ. 11فَإِنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ الْخَطِيَّةِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِيَدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. 12لِذلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ. 13فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ. 14لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ. 15فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ للهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ، أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ. 16وَلكِنْ لاَ تَنْسَوْا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هذِهِ يُسَرُّ اللهُ.

17أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ.

18صَلُّوا لأَجْلِنَا، لأَنَّنَا نَثِقُ أَنَّ لَنَا ضَمِيرًا صَالِحًا، رَاغِبِينَ أَنْ نَتَصَرَّفَ حَسَنًا فِي كُلِّ شَيْءٍ. 19وَلكِنْ أَطْلُبُ أَكْثَرَ أَنْ تَفْعَلُوا هذَا لِكَيْ أُرَدَّ إِلَيْكُمْ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ.

20وَإِلهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ، بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ، 21لِيُكَمِّلْكُمْ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ لِتَصْنَعُوا مَشِيئَتَهُ، عَامِلاً فِيكُمْ مَا يُرْضِي أَمَامَهُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.

22وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَحْتَمِلُوا كَلِمَةَ الْوَعْظِ، لأَنِّي بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ. 23اِعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أُطْلِقَ الأَخُ تِيمُوثَاوُسُ، الَّذِي مَعَهُ سَوْفَ أَرَاكُمْ، إِنْ أَتَى سَرِيعًا. 24سَلِّمُوا عَلَى جَمِيعِ مُرْشِدِيكُمْ وَجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّذِينَ مِنْ إِيطَالِيَا. 25اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

 

يعقوب

رِسَالَةُ يَعْقُوبَ

 الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1يَعْقُوبُ، عَبْدُ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يُهْدِي السَّلاَمَ إِلَى الاثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا الَّذِينَ فِي الشَّتَاتِ.

2اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، 3عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. 4وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ. 5وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ. 6وَلكِنْ لِيَطْلُبْ بِإِيمَانٍ غَيْرَ مُرْتَابٍ الْبَتَّةَ، لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجًا مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ وَتَدْفَعُهُ. 7فَلاَ يَظُنَّ ذلِكَ الإِنْسَانُ أَنَّهُ يَنَالُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ. 8رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ. 9وَلْيَفْتَخِرِ الأَخُ الْمُتَّضِعُ بِارْتِفَاعِهِ، 10وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَبِاتِّضَاعِهِ، لأَنَّهُ كَزَهْرِ الْعُشْبِ يَزُولُ. 11لأَنَّ الشَّمْسَ أَشْرَقَتْ بِالْحَرِّ، فَيَبَّسَتِ الْعُشْبَ، فَسَقَطَ زَهْرُهُ وَفَنِيَ جَمَالُ مَنْظَرِهِ. هكَذَا يَذْبُلُ الْغَنِيُّ أَيْضًا فِي طُرُقِهِ. 12طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ.

13لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا. 14وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. 15ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا. 16لاَ تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ.

17كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ. 18شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ.

19إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ، 20لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ. 21لِذلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرّ، فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ. 22وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ. 23لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ، 24فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ. 25وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ­ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ ­ وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ. 26إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِيكُمْ يَظُنُّ أَنَّهُ دَيِّنٌ، وَهُوَ لَيْسَ يُلْجِمُ لِسَانَهُ، بَلْ يَخْدَعُ قَلْبَهُ، فَدِيَانَةُ هذَا بَاطِلَةٌ. 27اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ.



رِسَالَةُ يَعْقُوبَ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1يَا إِخْوَتِي، لاَ يَكُنْ لَكُمْ إِيمَانُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، رَبِّ الْمَجْدِ، فِي الْمُحَابَاةِ. 2فَإِنَّهُ إِنْ دَخَلَ إِلَى مَجْمَعِكُمْ رَجُلٌ بِخَوَاتِمِ ذَهَبٍ فِي لِبَاسٍ بَهِيٍّ، وَدَخَلَ أَيْضًا فَقِيرٌ بِلِبَاسٍ وَسِخٍ، 3فَنَظَرْتُمْ إِلَى اللاَّبِسِ اللِّبَاسَ الْبَهِيَّ وَقُلْتُمْ لَهُ: «اجْلِسْ أَنْتَ هُنَا حَسَنًا». وَقُلْتُمْ لِلْفَقِيرِ: «قِفْ أَنْتَ هُنَاكَ» أَوِ: «اجْلِسْ هُنَا تَحْتَ مَوْطِئِ قَدَمَيَّ» 4فَهَلْ لاَ تَرْتَابُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَتَصِيرُونَ قُضَاةَ أَفْكَارٍ شِرِّيرَةٍ؟ 5اسْمَعُوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ: أَمَا اخْتَارَ اللهُ فُقَرَاءَ هذَا الْعَالَمِ أَغْنِيَاءَ فِي الإِيمَانِ، وَوَرَثَةَ الْمَلَكُوتِ الَّذِي وَعَدَ بِهِ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ؟ 6وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَهَنْتُمُ الْفَقِيرَ. أَلَيْسَ الأَغْنِيَاءُ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْكُمْ وَهُمْ يَجُرُّونَكُمْ إِلَى الْمَحَاكِمِ؟ 7أَمَا هُمْ يُجَدِّفُونَ عَلَى الاسْمِ الْحَسَنِ الَّذِي دُعِيَ بِهِ عَلَيْكُمْ؟ 8فَإِنْ كُنْتُمْ تُكَمِّلُونَ النَّامُوسَ الْمُلُوكِيَّ حَسَبَ الْكِتَابِ: «تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». فَحَسَنًا تَفْعَلُونَ. 9وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ تُحَابُونَ، تَفْعَلُونَ خَطِيَّةً، مُوَبَّخِينَ مِنَ النَّامُوسِ كَمُتَعَدِّينَ. 10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ»، قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ. 12هكَذَا تَكَلَّمُوا وَهكَذَا افْعَلُوا كَعَتِيدِينَ أَنْ تُحَاكَمُوا بِنَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ. 13لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ.

14مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَانًا وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ، هَلْ يَقْدِرُ الإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟ 15إِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ الْيَوْمِيِّ، 16فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: «امْضِيَا بِسَلاَمٍ، اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا» وَلكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ؟ 17هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ؟ 21أَلَمْ يَتَبَرَّرْ إِبْرَاهِيمُ أَبُونَا بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَدَّمَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ؟ 22فَتَرَى أَنَّ الإِيمَانَ عَمِلَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَبِالأَعْمَالِ أُكْمِلَ الإِيمَانُ، 23وَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا» وَدُعِيَ خَلِيلَ اللهِ. 24تَرَوْنَ إِذًا أَنَّهُ بِالأَعْمَالِ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ، لاَبِالإِيمَانِ وَحْدَهُ. 25كَذلِكَ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ أَيْضًا، أَمَا تَبَرَّرَتْ بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَبِلَتِ الرُّسُلَ وَأَخْرَجَتْهُمْ فِي طَرِيق آخَرَ؟ 26لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ.



رِسَالَةُ يَعْقُوبَ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي، عَالِمِينَ أَنَّنَا نَأْخُذُ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ! 2لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا. 3هُوَذَا الْخَيْلُ، نَضَعُ اللُّجُمَ فِي أَفْوَاهِهَا لِكَيْ تُطَاوِعَنَا، فَنُدِيرَ جِسْمَهَا كُلَّهُ. 4هُوَذَا السُّفُنُ أَيْضًا، وَهِيَ عَظِيمَةٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، وَتَسُوقُهَا رِيَاحٌ عَاصِفَةٌ، تُدِيرُهَا دَفَّةٌ صَغِيرَةٌ جِدًّا إِلَى حَيْثُمَا شَاءَ قَصْدُ الْمُدِيرِ. 5هكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّمًا. هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟ 6فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ. هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ. 7لأَنَّ كُلَّ طَبْعٍ لِلْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ وَالزَّحَّافَاتِ وَالْبَحْرِيَّاتِ يُذَلَّلُ، وَقَدْ تَذَلَّلَ لِلطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ. 8وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا. 9بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ. 10مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ! لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا! 11أَلَعَلَّ يَنْبُوعًا يُنْبِعُ مِنْ نَفْسِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ الْعَذْبَ وَالْمُرَّ؟ 12هَلْ تَقْدِرُ يَا إِخْوَتِي تِينَةٌ أَنْ تَصْنَعَ زَيْتُونًا، أَوْ كَرْمَةٌ تِينًا؟ وَلاَ كَذلِكَ يَنْبُوعٌ يَصْنَعُ مَاءً مَالِحًا وَعَذْبًا!

13مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. 14وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ. 15لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. 16لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ. 17وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. 18وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ.



رِسَالَةُ يَعْقُوبَ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ 2تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. 3تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ.

4أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا للهِ. 5أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟ 6وَلكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذلِكَ يَقُولُ: «يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». 7فَاخْضَعُوا للهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ. 8اِقْتَرِبُوا إِلَى اللهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ. 9اكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَابْكُوا. لِيَتَحَوَّلْ ضَحِكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ، وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. 10اتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ.

11لاَ يَذُمَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ. الَّذِي يَذُمُّ أَخَاهُ وَيَدِينُ أَخَاهُ يَذُمُّ النَّامُوسَ وَيَدِينُ النَّامُوسَ. وَإِنْ كُنْتَ تَدِينُ النَّامُوسَ، فَلَسْتَ عَامِلاً بِالنَّامُوسِ، بَلْ دَيَّانًا لَهُ. 12وَاحِدٌ هُوَ وَاضِعُ النَّامُوسِ، الْقَادِرُ أَنْ يُخَلِّصَ وَيُهْلِكَ. فَمَنْ أَنْتَ يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ؟

13هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ: «نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ». 14أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ. 15عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: «إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هذَا أَوْ ذَاكَ». 16وَأَمَّا الآنَ فَإِنَّكُمْ تَفْتَخِرُونَ فِي تَعَظُّمِكُمْ. كُلُّ افْتِخَارٍ مِثْلُ هذَا رَدِيءٌ. 17فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ.



رِسَالَةُ يَعْقُوبَ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ. 2غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ. 3ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ. 4هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ، الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إِلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ. 5قَدْ تَرَفَّهْتُمْ عَلَى الأَرْضِ، وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي يَوْمِ الذَّبْحِ. 6حَكَمْتُمْ عَلَى الْبَارِّ. قَتَلْتُمُوهُ. لاَ يُقَاوِمُكُمْ!

7فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإِخْوَةُ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ. هُوَذَا الْفَّلاَحُ يَنْتَظِرُ ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ، مُتَأَنِّيًا عَلَيْهِ حَتَّى يَنَالَ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ. 8فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ. 9لاَ يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَيُّهَا الإِخْوَةُ لِئَلاَّ تُدَانُوا. هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ. 10خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالاً لاحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ: الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. 11هَا نَحْنُ نُطَوِّبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ.

12وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ يَا إِخْوَتِي، لاَ تَحْلِفُوا، لاَ بِالسَّمَاءِ، وَلاَ بِالأَرْضِ، وَلاَ بِقَسَمٍ آخَرَ. بَلْ لِتَكُنْ نَعَمْكُمْ نَعَمْ، وَلاَكُمْ لاَ، لِئَلاَّ تَقَعُوا تَحْتَ دَيْنُونَةٍ.

13أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ. 14أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، 15وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ، وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ. 16اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا. طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا. 17كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. 18ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا، فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا.

19أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنْ ضَلَّ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ عَنِ الْحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ، 20فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ، يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا.

بطرس الأولى

رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى

 الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1بُطْرُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى الْمُتَغَرِّبِينَ مِنْ شَتَاتِ بُنْتُسَ وَغَلاَطِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَأَسِيَّا وَبِيثِينِيَّةَ، الْمُخْتَارِينَ 2بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ.

3مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، 4لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ، 5أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ. 6الَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ، مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ ­ إِنْ كَانَ يَجِبُ ­ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، 7لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 8الَّذِي وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ. ذلِكَ وَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ لكِنْ تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ، 9نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ. 10الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ، 11بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ، وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا. 12الَّذِينَ أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهذِهِ الأُمُورِ الَّتِي أُخْبِرْتُمْ بِهَا أَنْتُمُ الآنَ، بِوَاسِطَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوكُمْ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُرْسَلِ مِنَ السَّمَاءِ. الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا.

13لِذلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ، فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 14كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، 15بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. 16لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ». 17وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ، 18عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، 19بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، 20مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، 21أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ. 22طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ. 23مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ. 24لأَنَّ: «كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ، وَكُلَّ مَجْدِ إِنْسَانٍ كَزَهْرِ عُشْبٍ. الْعُشْبُ يَبِسَ وَزَهْرُهُ سَقَطَ، 25وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ». وَهذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا.



رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ، 2وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ، 3إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ.

4الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَرًا حَيًّا مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ، 5كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ ­كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ­ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. 6لِذلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ: «هنَذَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى». 7فَلَكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تُؤْمِنُونَ الْكَرَامَةُ، وَأَمَّا لِلَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ، «فَالْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ، هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ» 8«وَحَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ. الَّذِينَ يَعْثُرُونَ غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْكَلِمَةِ، الأَمْرُ الَّذِي جُعِلُوا لَهُ» 9وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. 10الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ.

11أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ، أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ، 12وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً، لِكَيْ يَكُونُوا، فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ، يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ الافْتِقَادِ، مِنْ أَجْلِ أَعْمَالِكُمُ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُلاَحِظُونَهَا. 13فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ، 14أَوْ لِلْوُلاَةِ فَكَمُرْسَلِينَ مِنْهُ لِلانْتِقَامِ مِنْ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَلِلْمَدْحِ لِفَاعِلِي الْخَيْرِ. 15لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ: أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ. 16كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ. 17أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ.

18أَيُّهَا الْخُدَّامُ، كُونُوا خَاضِعِينَ بِكُلِّ هَيْبَةٍ لِلسَّادَةِ، لَيْسَ لِلصَّالِحِينَ الْمُتَرَفِّقِينَ فَقَطْ، بَلْ لِلْعُنَفَاءِ أَيْضًا. 19لأَنَّ هذَا فَضْلٌ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ اللهِ، يَحْتَمِلُ أَحْزَانًا مُتَأَلِّمًا بِالظُّلْمِ. 20لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ، 21لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ. 22«الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ»، 23الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْل. 24الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ. 25لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ، لكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ إِلَى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا.



رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1كَذلِكُنَّ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، كُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِكُنَّ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لاَ يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ، يُرْبَحُونَ بِسِيرَةِ النِّسَاءِ بِدُونِ كَلِمَةٍ، 2مُلاَحِظِينَ سِيرَتَكُنَّ الطَّاهِرَةَ بِخَوْفٍ. 3وَلاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ، مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ، 4بَلْ إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ. 5فَإِنَّهُ هكَذَا كَانَتْ قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، 6كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ إِبْرَاهِيمَ دَاعِيَةً إِيَّاهُ «سَيِّدَهَا». الَّتِي صِرْتُنَّ أَوْلاَدَهَا، صَانِعَاتٍ خَيْرًا، وَغَيْرَ خَائِفَاتٍ خَوْفًا الْبَتَّةَ.

7كَذلِكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ، كُونُوا سَاكِنِينَ بِحَسَبِ الْفِطْنَةِ مَعَ الإِنَاءِ النِّسَائِيِّ كَالأَضْعَفِ، مُعْطِينَ إِيَّاهُنَّ كَرَامَةً، كَالْوَارِثَاتِ أَيْضًا مَعَكُمْ نِعْمَةَ الْحَيَاةِ، لِكَيْ لاَ تُعَاقَ صَلَوَاتُكُمْ. 8وَالنِّهَايَةُ، كُونُوا جَمِيعًا مُتَّحِدِي الرَّأْيِ بِحِسٍّ وَاحِدٍ، ذَوِي مَحَبَّةٍ أَخَوِيَّةٍ، مُشْفِقِينَ، لُطَفَاءَ، 9غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرّ بِشَرّ أَوْ عَنْ شَتِيمَةٍ بِشَتِيمَةٍ، بَلْ بِالْعَكْسِ مُبَارِكِينَ، عَالِمِينَ أَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ لِكَيْ تَرِثُوا بَرَكَةً. 10لأَنَّ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ الْحَيَاةَ وَيَرَى أَيَّامًا صَالِحَةً، فَلْيَكْفُفْ لِسَانَهُ عَنِ الشَّرِّ وَشَفَتَيْهِ أَنْ تَتَكَلَّمَا بِالْمَكْرِ، 11لِيُعْرِضْ عَنِ الشَّرِّ وَيَصْنَعِ الْخَيْرَ، لِيَطْلُبِ السَّلاَمَ وَيَجِدَّ فِي أَثَرِهِ. 12لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ، وَلكِنَّ وَجْهَ الرَّبِّ ضِدُّ فَاعِلِي الشَّرِّ».

13فَمَنْ يُؤْذِيكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِالْخَيْرِ؟ 14وَلكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا، 15بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ، 16وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ. 17لأَنَّ تَأَلُّمَكُمْ إِنْ شَاءَتْ مَشِيئَةُ اللهِ، وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ خَيْرًا، أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ شَرًّا. 18فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، 19الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ، 20إِذْ عَصَتْ قَدِيمًا، حِينَ كَانَتْ أَنَاةُ اللهِ تَنْتَظِرُ مَرَّةً فِي أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى، الَّذِي فِيهِ خَلَصَ قَلِيلُونَ، أَيْ ثَمَانِي أَنْفُسٍ بِالْمَاءِ. 21الَّذِي مِثَالُهُ يُخَلِّصُنَا نَحْنُ الآنَ، أَيِ الْمَعْمُودِيَّةُ. لاَ إِزَالَةُ وَسَخِ الْجَسَدِ، بَلْ سُؤَالُ ضَمِيرٍ صَالِحٍ عَنِ اللهِ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 22الَّذِي هُوَ فِي يَمِينِ اللهِ، إِذْ قَدْ مَضَى إِلَى السَّمَاءِ، وَمَلاَئِكَةٌ وَسَلاَطِينُ وَقُوَّاتٌ مُخْضَعَةٌ لَهُ.



رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ، 2لِكَيْ لاَ يَعِيشَ أَيْضًا الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ، لِشَهَوَاتِ النَّاسِ، بَلْ لإِرَادَةِ اللهِ. 3لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ، 4الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ يَسْتَغْرِبُونَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَرْكُضُونَ مَعَهُمْ إِلَى فَيْضِ هذِهِ الْخَلاَعَةِ عَيْنِهَا، مُجَدِّفِينَ. 5الَّذِينَ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا لِلَّذِي هُوَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ. 6فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ.

7وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ. 8وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا. 9كُونُوا مُضِيفِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ. 10لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ. 11إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ. وَإِنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.

12أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، 13بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ. 14إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ. 15فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِل، أَوْ سَارِق، أَوْ فَاعِلِ شَرّ، أَوْ مُتَدَاخِل فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. 16وَلكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ. 17لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟ 18وَ«إِنْ كَانَ الْبَارُّ بِالْجَهْدِ يَخْلُصُ، فَالْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ أَيْنَ يَظْهَرَانِ؟» 19فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ،فِي عَمَلِ الْخَيْرِ.



رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ، وَالشَّاهِدَ لآلاَمِ الْمَسِيحِ، وَشَرِيكَ الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ، 2ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، 3وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ. 4وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى.

5كَذلِكَ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ، وَكُونُوا جَمِيعًا خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». 6فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ، 7مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ.

8اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. 9فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ.

10وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. 11لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.

12بِيَدِ سِلْوَانُسَ الأَخِ الأَمِينِ، ­كَمَا أَظُنُّ­ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ وَاعِظًا وَشَاهِدًا، أَنَّ هذِهِ هِيَ نِعْمَةُ اللهِ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي فِيهَا تَقُومُونَ. 13تُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّتِي فِي بَابِلَ الْمُخْتَارَةُ مَعَكُمْ، وَمَرْقُسُ ابْنِي. 14سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةِ الْمَحَبَّةِ. سَلاَمٌ لَكُمْ جَمِيعِكُمُ الَّذِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. آمِينَ.

 

بطرس الثانية

رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيَةُ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1سِمْعَانُ بُطْرُسُ عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَرَسُولُهُ، إِلَى الَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَانًا ثَمِينًا مُسَاوِيًا لَنَا، بِبِرِّ إِلهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: 2لِتَكْثُرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ بِمَعْرِفَةِ اللهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا.

3كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، 4اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. 5وَلِهذَا عَيْنِهِ ­وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ­ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، 6وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، 7وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. 8لأَنَّ هذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 9لأَنَّ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هذِهِ، هُوَ أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ، قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ السَّالِفَةِ. 10لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا. 11لأَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ.

12لِذلِكَ لاَ أُهْمِلُ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ دَائِمًا بِهذِهِ الأُمُورِ، وَإِنْ كُنْتُمْ عَالِمِينَ وَمُثَبَّتِينَ فِي الْحَقِّ الْحَاضِرِ. 13وَلكِنِّي أَحْسِبُهُ حَقًّا ­ مَا دُمْتُ فِي هذَا الْمَسْكَنِ­ أَنْ أُنْهِضَكُمْ بِالتَّذْكِرَةِ، 14عَالِمًا أَنَّ خَلْعَ مَسْكَنِي قَرِيبٌ، كَمَا أَعْلَنَ لِي رَبُّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ أَيْضًا. 15فَأَجْتَهِدُ أَيْضًا أَنْ تَكُونُوا بَعْدَ خُرُوجِي، تَتَذَكَّرُونَ كُلَّ حِينٍ بِهذِهِ الأُمُورِ. 16لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. 17لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ». 18وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. 19وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، 20عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. 21لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.



رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيَةُ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1وَلكِنْ، كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا. 2وَسَيَتْبَعُ كَثِيرُونَ تَهْلُكَاتِهِمْ. الَّذِينَ بِسَبَبِهِمْ يُجَدَّفُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ. 3وَهُمْ فِي الطَّمَعِ يَتَّجِرُونَ بِكُمْ بِأَقْوَال مُصَنَّعَةٍ، الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ مُنْذُ الْقَدِيمِ لاَ تَتَوَانَى، وَهَلاَكُهُمْ لاَ يَنْعَسُ. 4لأَنَّهُ إِنْ كَانَ اللهُ لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلاَئِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِي سَلاَسِلِ الظَّلاَمِ طَرَحَهُمْ فِي جَهَنَّمَ، وَسَلَّمَهُمْ مَحْرُوسِينَ لِلْقَضَاءِ، 5وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى الْعَالَمِ الْقَدِيمِ، بَلْ إِنَّمَا حَفِظَ نُوحًا ثَامِنًا كَارِزًا لِلْبِرِّ، إِذْ جَلَبَ طُوفَانًا عَلَى عَالَمِ الْفُجَّارِ. 6وَإِذْ رَمَّدَ مَدِينَتَيْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، حَكَمَ عَلَيْهِمَا بِالانْقِلاَبِ، وَاضِعًا عِبْرَةً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يَفْجُرُوا، 7وَأَنْقَذَ لُوطًا الْبَارَّ، مَغْلُوبًا مِنْ سِيرَةِ الأَرْدِيَاءِ فِي الدَّعَارَةِ. 8إِذْ كَانَ الْبَارُّ، بِالنَّظَرِ وَالسَّمْعِ وَهُوَ سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ، يُعَذِّبُ يَوْمًا فَيَوْمًا نَفْسَهُ الْبَارَّةَ بِالأَفْعَالِ الأَثِيمَةِ. 9يَعْلَمُ الرَّبُّ أَنْ يُنْقِذَ الأَتْقِيَاءَ مِنَ التَّجْرِبَةِ، وَيَحْفَظَ الأَثَمَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ مُعَاقَبِينَ، 10وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَذْهَبُونَ وَرَاءَ الْجَسَدِ فِي شَهْوَةِ النَّجَاسَةِ، وَيَسْتَهِينُونَ بِالسِّيَادَةِ. جَسُورُونَ، مُعْجِبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، لاَ يَرْتَعِبُونَ أَنْ يَفْتَرُوا عَلَى ذَوِي الأَمْجَادِ، 11حَيْثُ مَلاَئِكَةٌ­ وَهُمْ أَعْظَمُ قُوَّةً وَقُدْرَةً ­ لاَ يُقَدِّمُونَ عَلَيْهِمْ لَدَى الرَّبِّ حُكْمَ افْتِرَاءٍ. 12أَمَّا هؤُلاَءِ فَكَحَيَوَانَاتٍ غَيْرِ نَاطِقَةٍ، طَبِيعِيَّةٍ، مَوْلُودَةٍ لِلصَّيْدِ وَالْهَلاَكِ، يَفْتَرُونَ عَلَى مَا يَجْهَلُونَ، فَسَيَهْلِكُونَ فِي فَسَادِهِمْ 13آخِذِينَ أُجْرَةَ الإِثْمِ. الَّذِينَ يَحْسِبُونَ تَنَعُّمَ يَوْمٍ لَذَّةً. أَدْنَاسٌ وَعُيُوبٌ، يَتَنَعَّمُونَ فِي غُرُورِهِمْ صَانِعِينَ وَلاَئِمَ مَعَكُمْ. 14لَهُمْ عُيُونٌ مَمْلُوَّةٌ فِسْقًا، لاَ تَكُفُّ عَنِ الْخَطِيَّةِ، خَادِعُونَ النُّفُوسَ غَيْرَ الثَّابِتَةِ. لَهُمْ قَلْبٌ مُتَدَرِّبٌ فِي الطَّمَعِ. أَوْلاَدُ اللَّعْنَةِ. 15قَدْ تَرَكُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ بْنِ بَصُورَ الَّذِي أَحَبَّ أُجْرَةَ الإِثْمِ. 16وَلكِنَّهُ حَصَلَ عَلَى تَوْبِيخِ تَعَدِّيهِ، إِذْ مَنَعَ حَمَاقَةَ النَّبِيِّ حِمَارٌ أَعْجَمُ نَاطِقًا بِصَوْتِ إِنْسَانٍ. 17هؤُلاَءِ هُمْ آبَارٌ بِلاَ مَاءٍ، غُيُومٌ يَسُوقُهَا النَّوْءُ. الَّذِينَ قَدْ حُفِظَ لَهُمْ قَتَامُ الظَّلاَمِ إِلَى الأَبَدِ. 18لأَنَّهُمْ إِذْ يَنْطِقُونَ بِعَظَائِمِ الْبُطْلِ، يَخْدَعُونَ بِشَهَوَاتِ الْجَسَدِ فِي الدَّعَارَةِ، مَنْ هَرَبَ قَلِيلاً مِنَ الَّذِينَ يَسِيرُونَ فِي الضَّلاَلِ، 19وَاعِدِينَ إِيَّاهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ الْفَسَادِ. لأَنَّ مَا انْغَلَبَ مِنْهُ أَحَدٌ، فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضًا! 20لأَنَّهُ إِذَا كَانُوا، بَعْدَمَا هَرَبُوا مِنْ نَجَاسَاتِ الْعَالَمِ، بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يَرْتَبِكُونَ أَيْضًا فِيهَا، فَيَنْغَلِبُونَ، فَقَدْ صَارَتْ لَهُمُ الأَوَاخِرُ أَشَرَّ مِنَ الأَوَائِلِ. 21لأَنَّهُ كَانَ خَيْرًا لَهُمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ الْبِرِّ، مِنْ أَنَّهُمْ بَعْدَمَا عَرَفُوا، يَرْتَدُّونَ عَنِ الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ الْمُسَلَّمَةِ لَهُمْ. 22قَدْ أَصَابَهُمْ مَا فِي الْمَثَلِ الصَّادِقِ: «كَلْبٌ قَدْ عَادَ إِلَى قَيْئِهِ»، وَ«خِنْزِيرَةٌ مُغْتَسِلَةٌ إِلَى مَرَاغَةِ الْحَمْأَةِ».



رِسَالَةُ بُطْرُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيَةُ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1هذِهِ أَكْتُبُهَا الآنَ إِلَيْكُمْ رِسَالَةً ثَانِيَةً أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، فِيهِمَا أُنْهِضُ بِالتَّذْكِرَةِ ذِهْنَكُمُ النَّقِيَّ، 2لِتَذْكُرُوا الأَقْوَالَ الَّتِي قَالَهَا سَابِقًا الأَنْبِيَاءُ الْقِدِّيسُونَ، وَوَصِيَّتَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ، وَصِيَّةَ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ. 3عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي آخِرِ الأَيَّامِ قَوْمٌ مُسْتَهْزِئُونَ، سَالِكِينَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ، 4وَقَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ مَوْعِدُ مَجِيئِهِ؟ لأَنَّهُ مِنْ حِينَ رَقَدَ الآبَاءُ كُلُّ شَيْءٍ بَاق هكَذَا مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ». 5لأَنَّ هذَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ بِإِرَادَتِهِمْ: أَنَّ السَّمَاوَاتِ كَانَتْ مُنْذُ الْقَدِيمِ، وَالأَرْضَ بِكَلِمَةِ اللهِ قَائِمَةً مِنَ الْمَاءِ وَبِالْمَاءِ، 6اللَّوَاتِي بِهِنَّ الْعَالَمُ الْكَائِنُ حِينَئِذٍ فَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَهَلَكَ. 7وَأَمَّا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ الْكَائِنَةُ الآنَ، فَهِيَ مَخْزُونَةٌ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ عَيْنِهَا، مَحْفُوظَةً لِلنَّارِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَهَلاَكِ النَّاسِ الْفُجَّارِ.

8وَلكِنْ لاَ يَخْفَ عَلَيْكُمْ هذَا الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ: أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ. 9لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ. 10وَلكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا.

11فَبِمَا أَنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ، أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟ 12مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الَّذِي بِهِ تَنْحَلُّ السَّمَاوَاتُ مُلْتَهِبَةً، وَالْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً تَذُوبُ. 13وَلكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ.

14لِذلِكَ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ أَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ هذِهِ، اجْتَهِدُوا لِتُوجَدُوا عِنْدَهُ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ عَيْبٍ، فِي سَلاَمٍ. 15وَاحْسِبُوا أَنَاةَ رَبِّنَا خَلاَصًا، كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، 16كَمَا فِي الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هذِهِ الأُمُورِ، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ، كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ.

17فَأَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ قَدْ سَبَقْتُمْ فَعَرَفْتُمُ، احْتَرِسُوا مِنْ أَنْ تَنْقَادُوا بِضَلاَلِ الأَرْدِيَاءِ، فَتَسْقُطُوا مِنْ ثَبَاتِكُمْ. 18وَلكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَهُ الْمَجْدُ الآنَ وَإِلَى يَوْمِ الدَّهْرِ. آمِينَ.

 

يوحنا الأولى

رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. 2فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. 3الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 4وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.

5وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. 6إِنْ قُلْنَا: إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. 7وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ. 8إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا. 9إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ. 10إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا.



رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. 2وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا.

3وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. 4مَنْ قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُهُ» وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. 5وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ: 6مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا. 7أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَسْتُ أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلْ وَصِيَّةً قَدِيمَةً كَانَتْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ. الْوَصِيَّةُ الْقَدِيمَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا مِنَ الْبَدْءِ. 8أَيْضًا وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ، مَا هُوَ حَقٌّ فِيهِ وَفِيكُمْ: أَنَّ الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ الْحَقِيقِيَّ الآنَ يُضِيءُ. 9مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي النُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى الآنَ فِي الظُّلْمَةِ. 10مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ. 11وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ.

12أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. 13أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الآبَ. 14كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ.

15لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. 16لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. 17وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.

18أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. 19مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا. 20وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ. 21لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكُمْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ، بَلْ لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَهُ، وَأَنَّ كُلَّ كَذِبٍ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ. 22مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ. 23كُلُّ مَنْ يُنْكِرُ الابْنَ لَيْسَ لَهُ الآبُ أَيْضًا، وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِالابْنِ فَلَهُ الآبُ أَيْضًا.

24أَمَّا أَنْتُمْ فَمَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ فَلْيَثْبُتْ إِذًا فِيكُمْ. إِنْ ثَبَتَ فِيكُمْ مَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ، فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَثْبُتُونَ فِي الابْنِ وَفِي الآبِ. 25وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 26كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ هذَا عَنِ الَّذِينَ يُضِلُّونَكُمْ. 27وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌّ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ.

28وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ. 29إِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ بَارٌّ هُوَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصْنَعُ الْبِرَّ مَوْلُودٌ مِنْهُ.



رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. 2أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. 3وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ. 4كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضًا. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي. 5وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ. 6كُلُّ مَنْ يَثْبُتُ فِيهِ لاَ يُخْطِئُ. كُلُّ مَنْ يُخْطِئُ لَمْ يُبْصِرْهُ وَلاَ عَرَفَهُ.

7أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ: مَنْ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ بَارٌّ. 8مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. 9كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ. 10بِهذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ: كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ.

11لأَنَّ هذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا. 12لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ.

13لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ. 14نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ. 15كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. 16بِهذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. 17وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ 18يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ! 19وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ. 20لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ.

21أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا، فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ. 22وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ. 23وَهذِهِ هِيَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا كَمَا أَعْطَانَا وَصِيَّةً. 24وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَعْطَانَا.



رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ. 2بِهذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، 3وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ. 4أَنْتُمْ مِنَ اللهِ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، وَقَدْ غَلَبْتُمُوهُمْ لأَنَّ الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ. 5هُمْ مِنَ الْعَالَمِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ يَتَكَلَّمُونَ مِنَ الْعَالَمِ، وَالْعَالَمُ يَسْمَعُ لَهُمْ. 6نَحْنُ مِنَ اللهِ. فَمَنْ يَعْرِفُ اللهَ يَسْمَعُ لَنَا، وَمَنْ لَيْسَ مِنَ اللهِ لاَ يَسْمَعُ لَنَا. مِنْ هذَا نَعْرِفُ رُوحَ الْحَقِّ وَرُوحَ الضَّلاَلِ.

7أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. 8وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ. 9بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. 10فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا.

11أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَحَبَّنَا هكَذَا، يَنْبَغِي لَنَا أَيْضًا أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا. 12اَللهُ لَمْ يَنْظُرْهُ أَحَدٌ قَطُّ. إِنْ أَحَبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَاللهُ يَثْبُتُ فِينَا، وَمَحَبَّتُهُ قَدْ تَكَمَّلَتْ فِينَا. 13بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِينَا: أَنَّهُ قَدْ أَعْطَانَا مِنْ رُوحِهِ. 14وَنَحْنُ قَدْ نَظَرْنَا وَنَشْهَدُ أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَ الابْنَ مُخَلِّصًا لِلْعَالَمِ. 15مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ. 16وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي للهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ. 17بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا. 18لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ. 19نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً. 20إِنْ قَالَ أَحَدٌ: «إِنِّي أُحِبُّ اللهَ» وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟ 21وَلَنَا هذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ: أَنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَاهُ أَيْضًا.



رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. 2بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. 3فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً، 4لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. 5مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟

6هذَا هُوَ الَّذِي أَتَى بِمَاءٍ وَدَمٍ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ. لاَ بِالْمَاءِ فَقَطْ، بَلْ بِالْمَاءِ وَالدَّمِ. وَالرُّوحُ هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ، لأَنَّ الرُّوحَ هُوَ الْحَقُّ. 7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. 8وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ. 9إِنْ كُنَّا نَقْبَلُ شَهَادَةَ النَّاسِ، فَشَهَادَةُ اللهِ أَعْظَمُ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ شَهَادَةُ اللهِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا عَنِ ابْنِهِ. 10مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ فَعِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ. مَنْ لاَ يُصَدِّقُ اللهَ، فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِبًا، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا اللهُ عَنِ ابْنِهِ. 11وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. 12مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.

13كَتَبْتُ هذَا إِلَيْكُمْ، أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ، لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَيْ تُؤْمِنُوا بِاسْمِ ابْنِ اللهِ. 14وَهذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ: أَنَّهُ إِنْ طَلَبْنَا شَيْئًا حَسَبَ مَشِيئَتِهِ يَسْمَعُ لَنَا. 15وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبْنَا يَسْمَعُ لَنَا، نَعْلَمُ أَنَّ لَنَا الطِّلِبَاتِ الَّتِي طَلَبْنَاهَا مِنْهُ. 16إِنْ رَأَى أَحَدٌ أَخَاهُ يُخْطِئُ خَطِيَّةً لَيْسَتْ لِلْمَوْتِ، يَطْلُبُ، فَيُعْطِيهِ حَيَاةً لِلَّذِينَ يُخْطِئُونَ لَيْسَ لِلْمَوْتِ. تُوجَدُ خَطِيَّةٌ لِلْمَوْتِ. لَيْسَ لأَجْلِ هذِهِ أَقُولُ أَنْ يُطْلَبَ. 17كُلُّ إِثْمٍ هُوَ خَطِيَّةٌ، وَتُوجَدُ خَطِيَّةٌ لَيْسَتْ لِلْمَوْتِ. 18نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ. 19نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ. 20وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 21أَيُّهَا الأَوْلاَدُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. آمِينَ.

يوحنا الثانية

رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الثَّانِيَةُ

 

1اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ. 2مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ: 3تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.

4فَرِحْتُ جِدًّا لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضًا سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ. 5وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا. 6وَهذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ: أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ: كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا.

7لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِيًا فِي الْجَسَدِ. هذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ. 8انْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالَ أَجْرًا تَامًّا. 9كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعًا. 10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ، وَلاَ يَجِيءُ بِهذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. 11لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.

12إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَق وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَمًا لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً. 13يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ. آمِينَ.

يوحنا الثالثة

رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الثَّالِثَةُ

 

1اَلشَّيْخُ، إِلَى غَايُسَ الْحَبِيبِ الَّذِي أَنَا أُحِبُّهُ بِالْحَقِّ.

2أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ. 3لأَنِّي فَرِحْتُ جِدًّا إِذْ حَضَرَ إِخْوَةٌ وَشَهِدُوا بِالْحَقِّ الَّذِي فِيكَ، كَمَا أَنَّكَ تَسْلُكُ بِالْحَقِّ. 4لَيْسَ لِي فَرَحٌ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ أَسْمَعَ عَنْ أَوْلاَدِي أَنَّهُمْ يَسْلُكُونَ بِالْحَقِّ.

5أَيُّهَا الْحَبِيبُ، أَنْتَ تَفْعَلُ بِالأَمَانَةِ كُلَّ مَا تَصْنَعُهُ إِلَى الإِخْوَةِ وَإِلَى الْغُرَبَاءِ، 6الَّذِينَ شَهِدُوا بِمَحَبَّتِكَ أَمَامَ الْكَنِيسَةِ. الَّذِينَ تَفْعَلُ حَسَنًا إِذَا شَيَّعْتَهُمْ كَمَا يَحِقّ للهِ، 7لأَنَّهُمْ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ خَرَجُوا، وَهُمْ لاَ يَأْخُذُونَ شَيْئًا مِنَ الأُمَمِ. 8فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقْبَلَ أَمْثَالَ هؤُلاَءِ، لِكَيْ نَكُونَ عَامِلِينَ مَعَهُمْ بِالْحَقِّ.

9كَتَبْتُ إِلَى الْكَنِيسَةِ، وَلكِنَّ دِيُوتْرِيفِسَ ­ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَهُمْ ­ لاَ يَقْبَلُنَا. 10مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذَا جِئْتُ فَسَأُذَكِّرُهُ بِأَعْمَالِهِ الَّتِي يَعْمَلُهَا، هَاذِرًا عَلَيْنَا بِأَقْوَال خَبِيثَةٍ. وَإِذْ هُوَ غَيْرُ مُكْتَفٍ بِهذِهِ، لاَ يَقْبَلُ الإِخْوَةَ، وَيَمْنَعُ أَيْضًا الَّذِينَ يُرِيدُونَ، وَيَطْرُدُهُمْ مِنَ الْكَنِيسَةِ. 11أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ، فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ.

12دِيمِتْرِيُوسُ مَشْهُودٌ لَهُ مِنَ الْجَمِيعِ وَمِنَ الْحَقِّ نَفْسِهِ، وَنَحْنُ أَيْضًا نَشْهَدُ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ شَهَادَتَنَا هِيَ صَادِقَةٌ. 13وَكَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَهُ، لكِنَّنِي لَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ بِحِبْرٍ وَقَلَمٍ.

14وَلكِنَّنِي أَرْجُو أَنْ أَرَاكَ عَنْ قَرِيبٍ فَنَتَكَلَّمَ فَمًا لِفَمٍ. 15سَلاَمٌ لَكَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ الأَحِبَّاءُ. سَلِّمْ عَلَى الأَحِبَّاءِ بِأَسْمَائِهِمْ.

 

يهوذا

رسالة يَهُوذَا

 

1يَهُوذَا، عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَخُو يَعْقُوبَ، إِلَى الْمَدْعُوِّينَ الْمُقَدَّسِينَ فِي اللهِ الآبِ، وَالْمَحْفُوظِينَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ: 2لِتَكْثُرْ لَكُمُ الرَّحْمَةُ وَالسَّلاَمُ وَالْمَحَبَّةُ.

3أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ. 4لأَنَّهُ دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ لِهذِهِ الدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ.

5فَأُرِيدُ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ، وَلَوْ عَلِمْتُمْ هذَا مَرَّةً، أَنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا خَلَّصَ الشَّعْبَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، أَهْلَكَ أَيْضًا الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا. 6وَالْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ حَفِظَهُمْ إِلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلاَمِ. 7كَمَا أَنَّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَالْمُدُنَ الَّتِي حَوْلَهُمَا، إِذْ زَنَتْ عَلَى طَرِيق مِثْلِهِمَا، وَمَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ، جُعِلَتْ عِبْرَةً مُكَابِدَةً عِقَابَ نَارٍ أَبَدِيَّةٍ. 8وَلكِنْ كَذلِكَ هؤُلاَءِ أَيْضًا، الْمُحْتَلِمُونَ، يُنَجِّسُونَ الْجَسَدَ، وَيَتَهَاوَنُونَ بِالسِّيَادَةِ، وَيَفْتَرُونَ عَلَى ذَوِي الأَمْجَادِ. 9وَأَمَّا مِيخَائِيلُ رَئِيسُ الْمَلاَئِكَةِ، فَلَمَّا خَاصَمَ إِبْلِيسَ مُحَاجًّا عَنْ جَسَدِ مُوسَى، لَمْ يَجْسُرْ أَنْ يُورِدَ حُكْمَ افْتِرَاءٍ، بَلْ قَالَ: «لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ!». 10وَلكِنَّ هؤُلاَءِ يَفْتَرُونَ عَلَى مَا لاَ يَعْلَمُونَ. وَأَمَّا مَا يَفْهَمُونَهُ بِالطَّبِيعَةِ، كَالْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ النَّاطِقَةِ، فَفِي ذلِكَ يَفْسُدُونَ. 11وَيْلٌ لَهُمْ! لأَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ قَايِينَ، وَانْصَبُّوا إِلَى ضَلاَلَةِ بَلْعَامَ لأَجْلِ أُجْرَةٍ، وَهَلَكُوا فِي مُشَاجَرَةِ قُورَحَ. 12هؤُلاَءِ صُخُورٌ فِي وَلاَئِمِكُمُ الْمَحَبِّيَّةِ، صَانِعِينَ وَلاَئِمَ مَعًا بِلاَ خَوْفٍ، رَاعِينَ أَنْفُسَهُمْ. غُيُومٌ بِلاَ مَاءٍ تَحْمِلُهَا الرِّيَاحُ. أَشْجَارٌ خَرِيفِيَّةٌ بِلاَ ثَمَرٍ مَيِّتَةٌ مُضَاعَفًا، مُقْتَلَعَةٌ. 13أَمْوَاجُ بَحْرٍ هَائِجَةٌ مُزْبِدَةٌ بِخِزْيِهِمْ. نُجُومٌ تَائِهَةٌ مَحْفُوظٌ لَهَا قَتَامُ الظَّلاَمِ إِلَى الأَبَدِ. 14وَتَنَبَّأَ عَنْ هؤُلاَءِ أَيْضًا أَخْنُوخُ السَّابعُ مِنْ آدَمَ قَائِلاً: «هُوَذَا قَدْ جَاءَ الرَّبُّ فِي رَبَوَاتِ قِدِّيسِيهِ، 15لِيَصْنَعَ دَيْنُونَةً عَلَى الْجَمِيعِ، وَيُعَاقِبَ جَمِيعَ فُجَّارِهِمْ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ فُجُورِهِمْ الَّتِي فَجَرُوا بِهَا، وَعَلَى جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ الصَّعْبَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا عَلَيْهِ خُطَاةٌ فُجَّارٌ». 16هؤُلاَءِ هُمْ مُدَمْدِمُونَ مُتَشَكُّونَ، سَالِكُونَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِهِمْ، وَفَمُهُمْ يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ، يُحَابُونَ بِالْوُجُوهِ مِنْ أَجْلِ الْمَنْفَعَةِ. 17وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَاذْكُرُوا الأَقْوَالَ الَّتِي قَالَهَا سَابِقًا رُسُلُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 18فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَكُمْ: «إِنَّهُ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ سَيَكُونُ قَوْمٌ مُسْتَهْزِئُونَ، سَالِكِينَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ فُجُورِهِمْ». 19هؤُلاَءِ هُمُ الْمُعْتَزِلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، نَفْسَانِيُّونَ لاَ رُوحَ لَهُمْ.

20وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، 21وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. 22وَارْحَمُوا الْبَعْضَ مُمَيِّزِينَ، 23وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ، مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ.

24وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ، 25الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ.

رؤيا يوحنا

رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الأَوَّلُ

 

1إِعْلاَنُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ اللهُ، لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ، وَبَيَّنَهُ مُرْسِلاً بِيَدِ مَلاَكِهِ لِعَبْدِهِ يُوحَنَّا، 2الَّذِي شَهِدَ بِكَلِمَةِ اللهِ وَبِشَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِكُلِّ مَا رَآهُ. 3طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ.

4يُوحَنَّا، إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ الْكَائِنِ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، وَمِنَ السَّبْعَةِ الأَرْوَاحِ الَّتِي أَمَامَ عَرْشِهِ، 5وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، 6وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.

7هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. نَعَمْ آمِينَ. 8«أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ» يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

9أَنَا يُوحَنَّا أَخُوكُمْ وَشَرِيكُكُمْ فِي الضِّيقَةِ وَفِي مَلَكُوتِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَصَبْرِهِ. كُنْتُ فِي الْجَزِيرَةِ الَّتِي تُدْعَى بَطْمُسَ مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 10كُنْتُ فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ، وَسَمِعْتُ وَرَائِي صَوْتًا عَظِيمًا كَصَوْتِ بُوقٍ 11قَائِلاً: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَالَّذِي تَرَاهُ، اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: إِلَى أَفَسُسَ، وَإِلَى سِمِيرْنَا، وَإِلَى بَرْغَامُسَ، وَإِلَى ثِيَاتِيرَا، وَإِلَى سَارْدِسَ، وَإِلَى فِيلاَدَلْفِيَا، وَإِلَى لاَوُدِكِيَّةَ».

12فَالْتَفَتُّ لأَنْظُرَ الصَّوْتَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعِي. وَلَمَّا الْتَفَتُّ رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ، 13وَفِي وَسْطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ، وَمُتَمَنْطِقًا عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. 14وَأَمَّا رَأْسُهُ وَشَعْرُهُ فَأَبْيَضَانِ كَالصُّوفِ الأَبْيَضِ كَالثَّلْجِ، وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ. 15وَرِجْلاَهُ شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ، كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ. وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 16وَمَعَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ، وَسَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ، وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا. 17فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: «لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، 18وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ. 19فَاكْتُبْ مَا رَأَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هذَا. 20سِرَّ السَّبْعَةِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِي، وَالسَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ: السَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ هِيَ مَلاَئِكَةُ السَّبْعِ الْكَنَائِسِ، وَالْمَنَايِرُ السَّبْعُ الَّتِي رَأَيْتَهَا هِيَ السَّبْعُ الْكَنَائِسِ».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الثَّانِي

 

1اُكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ: «هذَا يَقُولُهُ الْمُمْسِكُ السَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ، الْمَاشِي فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ: 2أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ، وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلاً، فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ. 3وَقَدِ احْتَمَلْتَ وَلَكَ صَبْرٌ، وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ. 4لكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ: أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى. 5فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى، وَإِّلاَّ فَإِنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إِنْ لَمْ تَتُبْ. 6وَلكِنْ عِنْدَكَ هذَا: أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا. 7مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ».

8وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا: «هذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ: 9أَنَا أَعْرِفُ أَعْمَالَكَ وَضِيْقَتَكَ وَفَقْرَكَ مَعَ أَنَّكَ غَنِيٌّ. وَتَجْدِيفَ الْقَائِلِينَ: إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ هُمْ مَجْمَعُ الشَّيْطَانِ. 10لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ. 11مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَلاَ يُؤْذِيهِ الْمَوْتُ الثَّانِي».

12وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَرْغَامُسَ: «هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ السَّيْفُ الْمَاضِي ذُو الْحَدَّيْنِ: 13أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ، وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي، وَلَمْ تُنْكِرْ إِيمَانِي حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ. 14وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ: أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا. 15هكَذَا عِنْدَكَ أَنْتَ أَيْضًا قَوْمٌ مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّذِي أُبْغِضُهُ. 16فَتُبْ وَإِّلاَّ فَإِنِّي آتِيكَ سَرِيعًا وَأُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي. 17مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى، وَأُعْطِيهِ حَصَاةً بَيْضَاءَ، وَعَلَى الْحَصَاةِ اسْمٌ جَدِيدٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ غَيْرُ الَّذِي يَأْخُذُ».

18وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي ثِيَاتِيرَا: «هذَا يَقُولُهُ ابْنُ اللهِ، الَّذِي لَهُ عَيْنَانِ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَرِجْلاَهُ مِثْلُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ: 19أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإِيمَانَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّ أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى. 20لكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ: أَنَّكَ تُسَيِّبُ الْمَرْأَةَ إِيزَابَلَ الَّتِي تَقُولُ إِنَّهَا نَبِيَّةٌ، حَتَّى تُعَلِّمَ وَتُغْوِيَ عَبِيدِي أَنْ يَزْنُوا وَيَأْكُلُوا مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ. 21وَأَعْطَيْتُهَا زَمَانًا لِكَيْ تَتُوبَ عَنْ زِنَاهَا وَلَمْ تَتُبْ. 22هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ، وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ، إِنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ. 23وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ. فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبِ، وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. 24وَلكِنَّنِي أَقُولُ لَكُمْ وَلِلْبَاقِينَ فِي ثِيَاتِيرَا، كُلِّ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ هذَا التَّعْلِيمُ، وَالَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا أَعْمَاقَ الشَّيْطَانِ، كَمَا يَقُولُونَ: إِنِّي لاَ أُلْقِي عَلَيْكُمْ ثِقْلاً آخَرَ، 25وَإِنَّمَا الَّذِي عِنْدَكُمْ تَمَسَّكُوا بِهِ إِلَى أَنْ أَجِيءَ. 26وَمَنْ يَغْلِبُ وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إِلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَانًا عَلَى الأُمَمِ، 27فَيَرْعَاهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ، كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ، كَمَا أَخَذْتُ أَنَا أَيْضًا مِنْ عِنْدِ أَبِي، 28وَأُعْطِيهِ كَوْكَبَ الصُّبْحِ. 29مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ

 

1وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي سَارْدِسَ: «هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ: أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّ لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ. 2كُنْ سَاهِرًا وَشَدِّدْ مَا بَقِيَ، الَّذِي هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَمُوتَ، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ أَعْمَالَكَ كَامِلَةً أَمَامَ اللهِ. 3فَاذْكُرْ كَيْفَ أَخَذْتَ وَسَمِعْتَ، وَاحْفَظْ وَتُبْ، فَإِنِّي إِنْ لَمْ تَسْهَرْ، أُقْدِمْ عَلَيْكَ كَلِصٍّ، وَلاَ تَعْلَمُ أَيَّةَ سَاعَةٍ أُقْدِمُ عَلَيْكَ. 4عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ. 5مَنْ يَغْلِبُ فَذلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا، وَلَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَسَأَعْتَرِفُ بِاسْمِهِ أَمَامَ أَبِي وَأَمَامَ مَلاَئِكَتِهِ. 6مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ»

7وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي فِيلاَدَلْفِيَا: «هذَا يَقُولُهُ الْقُدُّوسُ الْحَقُّ، الَّذِي لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ، الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ: 8أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ. هَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ، لأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً، وَقَدْ حَفِظْتَ كَلِمَتِي وَلَمْ تُنْكِرِ اسْمِي. 9هنَذَا أَجْعَلُ الَّذِينَ مِنْ مَجْمَعِ الشَّيْطَانِ، مِنَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ يَكْذِبُونَ ­ هنَذَا أُصَيِّرُهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَ رِجْلَيْكَ، وَيَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا أَحْبَبْتُكَ. 10لأَنَّكَ حَفِظْتَ كَلِمَةَ صَبْرِي، أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ لِتُجَرِّبَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ. 11هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ. 12مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُودًا فِي هَيْكَلِ إِلهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلهِي، أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ. 13مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».

14وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ: «هذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ: 15أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا! 16هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. 17لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. 18أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ. 19إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ. 20هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. 21مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ. 22مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الرَّابعُ

 

1بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي السَّمَاءِ، وَالصَّوْتُ الأَوَّلُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَبُوق يَتَكَلَّمُ مَعِي قَائِلاً: «اصْعَدْ إِلَى هُنَا فَأُرِيَكَ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ هذَا». 2وَلِلْوَقْتِ صِرْتُ فِي الرُّوحِ، وَإِذَا عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَعَلَى الْعَرْشِ جَالِسٌ. 3وَكَانَ الْجَالِسُ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهَ حَجَرِ الْيَشْبِ وَالْعَقِيقِ، وَقَوْسُ قُزَحَ حَوْلَ الْعَرْشِ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهُ الزُّمُرُّدِ. 4وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ. 5وَمِنَ الْعَرْشِ يَخْرُجُ بُرُوقٌ وَرُعُودٌ وَأَصْوَاتٌ. وَأَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ. 6وَقُدَّامَ الْعَرْشِ بَحْرُ زُجَاجٍ شِبْهُ الْبَلُّورِ. وَفِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ: 7وَالْحَيَوَانُ الأَوَّلُ شِبْهُ أَسَدٍ، وَالْحَيَوَانُ الثَّانِي شِبْهُ عِجْل، وَالْحَيَوَانُ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ مِثْلُ وَجْهِ إِنْسَانٍ، وَالْحَيَوَانُ الرَّابِعُ شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ. 8وَالأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ حَوْلَهَا، وَمِنْ دَاخِل مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا، وَلاَ تَزَالُ نَهَارًا وَلَيْلاً قَائِلَةً: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي». 9وَحِينَمَا تُعْطِي الْحَيَوَانَاتُ مَجْدًا وَكَرَامَةً وَشُكْرًا لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، الْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، 10يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ: 11«أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ

 

1وَرَأَيْتُ عَلَى يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ سِفْرًا مَكْتُوبًا مِنْ دَاخِل وَمِنْ وَرَاءٍ، مَخْتُومًا بِسَبْعَةِ خُتُومٍ. 2وَرَأَيْتُ مَلاَكًا قَوِيًّا يُنَادِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَنْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ؟» 3فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ فِي السَّمَاءِ وَلاَ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ تَحْتَ الأَرْضِ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ. 4فَصِرْتُ أَنَا أَبْكِي كَثِيرًا، لأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مُسْتَحِقًّا أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَقْرَأَهُ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ. 5فَقَالَ لِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: «لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ السَّبْعَةَ».

6وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ. 7فَأَتَى وَأَخَذَ السِّفْرَ مِنْ يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ. 8وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا أَمَامَ الْخَروفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ. 9وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، 10وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ». 11وَنَظَرْتُ وَسَمِعْتُ صَوْتَ مَلاَئِكَةٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ، وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ، 12قَائِلِينَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مُسْتَحِقٌّ هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ!». 13وَكُلُّ خَلِيقَةٍ مِمَّا فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ وَتَحْتَ الأَرْضِ، وَمَا عَلَى الْبَحْرِ، كُلُّ مَا فِيهَا، سَمِعْتُهَا قَائِلَةً: «لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ الْبَرَكَةُ وَالْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ». 14وَكَانَتِ الْحَيَوَانَاتُ الأَرْبَعَةُ تَقُولُ: «آمِينَ». وَالشُّيُوخُ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ خَرُّوا وَسَجَدُوا لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ السَّادِسُ

 

1وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْخَرُوفُ وَاحِدًا مِنَ الْخُتُومِ السَّبْعَةِ، وَسَمِعْتُ وَاحِدًا مِنَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلاً كَصَوْتِ رَعْدٍ: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» 2فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلاً، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ.

3وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّانِيَ، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّانِيَ قَائِلاً: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» 4فَخَرَجَ فَرَسٌ آخَرُ أَحْمَرُ، وَلِلْجَالِسِ عَلَيْهِ أُعْطِيَ أَنْ يَنْزِعَ السَّلاَمَ مِنَ الأَرْضِ، وَأَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأُعْطِيَ سَيْفًا عَظِيمًا.

5وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّالِثَ، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّالِثَ قَائِلاً: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَسْوَدُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ مِيزَانٌ فِي يَدِهِ. 6وَسَمِعْتُ صَوْتًا فِي وَسَطِ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلاً: «ثُمْنِيَّةُ قَمْحٍ بِدِينَارٍ، وَثَلاَثُ ثَمَانِيِّ شَعِيرٍ بِدِينَارٍ. وَأَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ فَلاَ تَضُرَّهُمَا».

7وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الرَّابِعَ، سَمِعْتُ صَوْتَ الْحَيَوَانِ الرَّابعِ قَائِلاً: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» 8فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمَوْتُ، وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ، وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ أَنْ يَقْتُلاَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْمَوْتِ وَبِوُحُوشِ الأَرْضِ.

9وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ، 10وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ:«حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟» 11فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ.

12وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ السَّادِسَ، وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، وَالشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ، وَالْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ، 13وَنُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ كَمَا تَطْرَحُ شَجَرَةُ التِّينِ سُقَاطَهَا إِذَا هَزَّتْهَا رِيحٌ عَظِيمَةٌ. 14وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ كَدَرْجٍ مُلْتَفّ، وَكُلُّ جَبَل وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا. 15وَمُلُوكُ الأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالأَغْنِيَاءُ وَالأُمَرَاءُ وَالأَقْوِيَاءُ وَكُلُّ عَبْدٍ وَكُلُّ حُرّ، أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ، 16وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ وَالصُّخُورِ: «اسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْخَرُوفِ، 17لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ السَّابعُ

 

1وَبَعْدَ هذَا رَأَيْتُ أَرْبَعَةَ مَلاَئِكَةٍ وَاقِفِينَ عَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الأَرْضِ، مُمْسِكِينَ أَرْبَعَ رِيَاحِ الأَرْضِ لِكَيْ لاَ تَهُبَّ رِيحٌ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ عَلَى الْبَحْرِ، وَلاَ عَلَى شَجَرَةٍ مَا. 2وَرَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَالِعًا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ مَعَهُ خَتْمُ اللهِ الْحَيِّ، فَنَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ الأَرْبَعَةِ، الَّذِينَ أُعْطُوا أَنْ يَضُرُّوا الأَرْضَ وَالْبَحْرَ، 3قَائِلاً: «لاَ تَضُرُّوا الأَرْضَ وَلاَ الْبَحْرَ وَلاَ الأَشْجَارَ، حَتَّى نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ». 4وَسَمِعْتُ عَدَدَ الْمَخْتُومِينَ مِئَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا، مَخْتُومِينَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: 5مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ رَأُوبِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ جَادَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. 6مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ مَنَسَّى اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. 7مِنْ سِبْطِ شَمْعُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ لاَوِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. 8مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ يُوسُفَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.

9بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ 10وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «الْخَلاَصُ لإِلهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ». 11وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ، وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ، وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا ِللهِ 12قَائِلِينَ: «آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإِلهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ!» 13وَأجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ قَائِلاً لِي: «هؤُلاَءِ الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، مَنْ هُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَوْا؟» 14فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ لِي: «هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ 15مِنْ أَجْلِ ذلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ، وَيَخْدِمُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلاً فِي هَيْكَلِهِ، وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ. 16لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ، وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ، وَلاَ تَقَعُ عَلَيْهِمِ الشَّمْسُ وَلاَ شَيْءٌ مِنَ الْحَرِّ، 17لأَنَّ الْخَرُوفَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ

 

1وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ السَّابِعَ حَدَثَ سُكُوتٌ فِي السَّمَاءِ نَحْوَ نِصْفِ سَاعَةٍ. 2وَرَأَيْتُ السَّبْعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ يَقِفُونَ أَمَامَ اللهِ، وَقَدْ أُعْطُوا سَبْعَةَ أَبْوَاق. 3وَجَاءَ مَلاَكٌ آخَرُ وَوَقَفَ عِنْدَ الْمَذْبَحِ، وَمَعَهُ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَأُعْطِيَ بَخُورًا كَثِيرًا لِكَيْ يُقَدِّمَهُ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ جَمِيعِهِمْ عَلَى مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ الْعَرْشِ. 4فَصَعِدَ دُخَانُ الْبَخُورِ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ مِنْ يَدِ الْمَلاَكِ أَمَامَ اللهِ. 5ثُمَّ أَخَذَ الْمَلاَكُ الْمِبْخَرَةَ وَمَلأَهَا مِنْ نَارِ الْمَذْبَحِ وَأَلْقَاهَا إِلَى الأَرْضِ، فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَبُرُوقٌ وَزَلْزَلَةٌ.

6ثُمَّ إِنَّ السَّبْعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الأَبْوَاقُ تَهَيَّأُوا لِكَيْ يُبَوِّقُوا. 7فَبَوَّقَ الْمَلاَكُ الأَوَّلُ، فَحَدَثَ بَرَدٌ وَنَارٌ مَخْلُوطَانِ بِدَمٍ، وَأُلْقِيَا إِلَى الأَرْضِ، فَاحْتَرَقَ ثُلْثُ الأَشْجَارِ، وَاحْتَرَقَ كُلُّ عُشْبٍ أَخْضَرَ.

8ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ الثَّانِي، فَكَأَنَّ جَبَلاً عَظِيمًا مُتَّقِدًا بِالنَّارِ أُلْقِيَ إِلَى الْبَحْرِ، فَصَارَ ثُلْثُ الْبَحْرِ دَمًا. 9وَمَاتَ ثُلْثُ الْخَلاَئِقِ الَّتِي فِي الْبَحْرِ الَّتِي لَهَا حَيَاةٌ، وَأُهْلِكَ ثُلْثُ السُّفُنِ.

10ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ الثَّالِثُ، فَسَقَطَ مِنَ السَّمَاءِ كَوْكَبٌ عَظِيمٌ مُتَّقِدٌ كَمِصْبَاحٍ، وَوَقَعَ عَلَى ثُلْثِ الأَنْهَارِ وَعَلَى يَنَابِيع الْمِيَاهِ. 11وَاسْمُ الْكَوْكَبِ يُدْعَى «الأَفْسَنْتِينُ». فَصَارَ ثُلْثُ الْمِيَاهِ أَفْسَنْتِينًا، وَمَاتَ كَثِيرُونَ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْمِيَاهِ لأَنَّهَا صَارَتْ مُرَّةً.

12ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ الرَّابِعُ، فَضُرِبَ ثُلْثُ الشَّمْسِ وَثُلْثُ الْقَمَرِ وَثُلْثُ النُّجُومِ، حَتَّى يُظْلِمَ ثُلْثُهُنَّ، وَالنَّهَارُ لاَ يُضِيءُ ثُلْثُهُ، وَاللَّيْلُ كَذلِكَ. 13ثُمَّ نَظَرْتُ وَسَمِعْتُ مَلاَكًا طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ قَائِلاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «وَيْلٌ! وَيْلٌ! وَيْلٌ لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ بَقِيَّةِ أَصْوَاتِ أَبْوَاقِ الثَّلاَثَةِ الْمَلاَئِكَةِ الْمُزْمِعِينَ أَنْ يُبَوِّقُوا!».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ

 

1ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ الْخَامِسُ، فَرَأَيْتُ كَوْكَبًا قَدْ سَقَطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَأُعْطِيَ مِفْتَاحَ بِئْرِ الْهَاوِيَةِ. 2فَفَتَحَ بِئْرَ الْهَاوِيَةِ، فَصَعِدَ دُخَانٌ مِنَ الْبِئْرِ كَدُخَانِ أَتُونٍ عَظِيمٍ، فَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ وَالْجَوُّ مِنْ دُخَانِ الْبِئْرِ. 3وَمِنَ الدُّخَانِ خَرَجَ جَرَادٌ عَلَى الأَرْضِ، فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا كَمَا لِعَقَارِبِ الأَرْضِ سُلْطَانٌ. 4وَقِيلَ لَهُ أَنْ لاَ يَضُرَّ عُشْبَ الأَرْضِ، وَلاَ شَيْئًا أَخْضَرَ وَلاَ شَجَرَةً مَا، إِلاَّ النَّاسَ فَقَطِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ خَتْمُ اللهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ. 5وَأُعْطِيَ أَنْ لاَ يَقْتُلَهُمْ بَلْ أَنْ يَتَعَذَّبُوا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ. وَعَذَابُهُ كَعَذَابِ عَقْرَبٍ إِذَا لَدَغَ إِنْسَانًا. 6وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ سَيَطْلُبُ النَّاسُ الْمَوْتَ وَلاَ يَجِدُونَهُ، وَيَرْغَبُونَ أَنْ يَمُوتُوا فَيَهْرُبُ الْمَوْتُ مِنْهُمْ. 7وَشَكْلُ الْجَرَادِ شِبْهُ خَيْل مُهَيَّأَةٍ لِلْحَرْبِ، وَعَلَى رُؤُوسِهَا كَأَكَالِيلَ شِبْهِ الذَّهَبِ، وَوُجُوهُهَا كَوُجُوهِ النَّاسِ. 8وَكَانَ لَهَا شَعْرٌ كَشَعْرِ النِّسَاءِ، وَكَانَتْ أَسْنَانُهَا كَأَسْنَانِ الأُسُودِ، 9وَكَانَ لَهَا دُرُوعٌ كَدُرُوعٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَصَوْتُ أَجْنِحَتِهَا كَصَوْتِ مَرْكَبَاتِ خَيْل كَثِيرَةٍ تَجْرِي إِلَى قِتَال. 10وَلَهَا أَذْنَابٌ شِبْهُ الْعَقَارِبِ، وَكَانَتْ فِي أَذْنَابِهَا حُمَاتٌ، وَسُلْطَانُهَا أَنْ تُؤْذِيَ النَّاسَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ. 11وَلَهَا مَلاَكُ الْهَاوِيَةِ مَلِكًا عَلَيْهَا، اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «أَبَدُّونَ»، وَلَهُ بِالْيُونَانِيَّةِ اسْمُ «أَبُولِّيُّونَ». 12الْوَيْلُ الْوَاحِدُ مَضَى هُوَذَا يَأْتِي وَيْلاَنِ أَيْضًا بَعْدَ هذَا.

13ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّادِسُ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا وَاحِدًا مِنْ أَرْبَعَةِ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ اللهِ، 14قَائِلاً لِلْمَلاَكِ السَّادِسِ الَّذِي مَعَهُ الْبُوقُ: «فُكَّ الأَرْبَعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الْمُقَيَّدِينَ عِنْدَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ». 15فَانْفَكَّ الأَرْبَعَةُ الْمَلاَئِكَةُ الْمُعَدُّونَ لِلسَّاعَةِ وَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ، لِكَيْ يَقْتُلُوا ثُلْثَ النَّاسِ. 16وَعَدَدُ جُيُوشِ الْفُرْسَانِ مِئَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَأَنَا سَمِعْتُ عَدَدَهُمْ. 17وَهكَذَا رَأَيْتُ الْخَيْلَ فِي الرُّؤْيَا وَالْجَالِسِينَ عَلَيْهَا، لَهُمْ دُرُوعٌ نَارِيَّةٌ وَأَسْمَانْجُونِيَّةٌ وَكِبْرِيتِيَّةٌ، وَرُؤُوسُ الْخَيْلِ كَرُؤُوسِ الأُسُودِ، وَمِنْ أَفْوَاهِهَا يَخْرُجُ نَارٌ وَدُخَانٌ وَكِبْرِيتٌ. 18مِنْ هذِهِ الثَّلاَثَةِ قُتِلَ ثُلْثُ النَّاسِ، مِنَ النَّارِ وَالدُّخَانِ وَالْكِبْرِيتِ الْخَارِجَةِ مِنْ أَفْوَاهِهَا، 19فَإِنَّ سُلْطَانَهَا هُوَ فِي أَفْوَاهِهَا وَفِي أَذْنَابِهَا، لأَنَّ أَذْنَابَهَا شِبْهُ الْحَيَّاتِ، وَلَهَا رُؤُوسٌ وَبِهَا تَضُرُّ. 20وَأَمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا بِهذِهِ الضَّرَبَاتِ، فَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى لاَ يَسْجُدُوا لِلشَّيَاطِينِ وَأَصْنَامِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُبْصِرَ وَلاَ تَسْمَعَ وَلاَ تَمْشِيَ، 21وَلاَ تَابُوا عَنْ قَتْلِهِمْ وَلاَ عَنْ سِحْرِهِمْ وَلاَ عَنْ زِنَاهُمْ وَلاَ عَنْ سَرِقَتِهِمْ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الْعَاشِرُ

 

1ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ قَوِيًّا نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ، مُتَسَرْبِلاً بِسَحَابَةٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ قَوْسُ قُزَحَ، وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَرِجْلاَهُ كَعَمُودَيْ نَارٍ، 2وَمَعَهُ فِي يَدِهِ سِفْرٌ صَغِيرٌ مَفْتُوحٌ. فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْبَحْرِ وَالْيُسْرَى عَلَى الأَرْضِ، 3وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ كَمَا يُزَمْجِرُ الأَسَدُ. وَبَعْدَ مَا صَرَخَ تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا. 4وَبَعْدَ مَا تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا، كُنْتُ مُزْمِعًا أَنْ أَكْتُبَ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لِيَ: «اخْتِمْ عَلَى مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ وَلاَ تَكْتُبْهُ». 5وَالْمَلاَكُ الَّذِي رَأَيْتُهُ وَاقِفًا عَلَى الْبَحْرِ وَعَلَى الأَرْضِ، رَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، 6وَأَقْسَمَ بِالْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَمَا فِيهَا وَالأَرْضَ وَمَا فِيهَا وَالْبَحْرَ وَمَا فِيهِ: أَنْ لاَ يَكُونَ زَمَانٌ بَعْدُ! 7بَلْ فِي أَيَّامِ صَوْتِ الْمَلاَكِ السَّابعِ مَتَى أَزْمَعَ أَنْ يُبَوِّقَ، يَتِمُّ أَيْضًا سِرُّ اللهِ، كَمَا بَشَّرَ عَبِيدَهُ الأَنْبِيَاءَ.

8وَالصَّوْتُ الَّذِي كُنْتُ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ السَّمَاءِ كَلَّمَنِي أَيْضًا وَقَالَ: «اذْهَبْ خُذِ السِّفْرَ الصَّغِيرَ الْمَفْتُوحَ فِي يَدِ الْمَلاَكِ الْوَاقِفِ عَلَى الْبَحْرِ وَعَلَى الأَرْضِ». 9فَذَهَبْتُ إِلَى الْمَلاَكِ قَائِلاً لَهُ: «أَعْطِنِي السِّفْرَ الصَّغِيرَ». فَقَالَ لِي: «خُذْهُ وَكُلْهُ، فَسَيَجْعَلُ جَوْفَكَ مُرًّا، وَلكِنَّهُ فِي فَمِكَ يَكُونُ حُلْوًا كَالْعَسَلِ». 10فَأَخَذْتُ السِّفْرَ الصَّغِيرَ مِنْ يَدِ الْمَلاَكِ وَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ فِي فَمِي حُلْوًا كَالْعَسَلِ. وَبَعْدَ مَا أَكَلْتُهُ صَارَ جَوْفِي مُرًّا. 11فَقَالَ لِي: «يَجِبُ أَنَّكَ تَتَنَبَّأُ أَيْضًا عَلَى شُعُوبٍ وَأُمَمٍ وَأَلْسِنَةٍ وَمُلُوكٍ كَثِيرِينَ».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الْحَادِي عَشَرَ

 

1ثُمَّ أُعْطِيتُ قَصَبَةً شِبْهَ عَصًا، وَوَقَفَ الْمَلاَكُ قَائِلاً لِي: «قُمْ وَقِسْ هَيْكَلَ اللهِ وَالْمَذْبَحَ وَالسَّاجِدِينَ فِيهِ. 2وَأَمَّا الدَّارُ الَّتِي هِيَ خَارِجَ الْهَيْكَلِ، فَاطْرَحْهَا خَارِجًا وَلاَ تَقِسْهَا، لأَنَّهَا قَدْ أُعْطِيَتْ لِلأُمَمِ، وَسَيَدُوسُونَ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا. 3وَسَأُعْطِي لِشَاهِدَيَّ، فَيَتَنَبَّآنِ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا، لاَبِسَيْنِ مُسُوحًا». 4هذَانِ هُمَا الزَّيْتُونَتَانِ وَالْمَنَارَتَانِ الْقَائِمَتَانِ أَمَامَ رَبِّ الأَرْضِ. 5وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَأْكُلُ أَعْدَاءَهُمَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، فَهكَذَا لاَ بُدَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ. 6هذَانِ لَهُمَا السُّلْطَانُ أَنْ يُغْلِقَا السَّمَاءَ حَتَّى لاَ تُمْطِرَ مَطَرًا فِي أَيَّامِ نُبُوَّتِهِمَا، وَلَهُمَا سُلْطَانٌ عَلَى الْمِيَاهِ أَنْ يُحَوِّلاَهَا إِلَى دَمٍ، وَأَنْ يَضْرِبَا الأَرْضَ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ كُلَّمَا أَرَادَا. 7وَمَتَى تَمَّمَا شَهَادَتَهُمَا، فَالْوَحْشُ الصَّاعِدُ مِنَ الْهَاوِيَةِ سَيَصْنَعُ مَعَهُمَا حَرْبًا وَيَغْلِبُهُمَا وَيَقْتُلُهُمَا. 8وَتَكُونُ جُثَّتَاهُمَا عَلَى شَارِعِ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تُدْعَى رُوحِيًّا سَدُومَ وَمِصْرَ، حَيْثُ صُلِبَ رَبُّنَا أَيْضًا. 9وَيَنْظُرُ أُنَاسٌ مِنَ الشُّعُوبِ وَالْقَبَائِلِ وَالأَلْسِنَةِ وَالأُمَمِ جُثَّتَيْهِمَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَنِصْفًا، وَلاَ يَدَعُونَ جُثَّتَيْهِمَا تُوضَعَانِ فِي قُبُورٍ. 10وَيَشْمَتُ بِهِمَا السَّاكِنُونَ عَلَى الأَرْضِ وَيَتَهَلَّلُونَ، وَيُرْسِلُونَ هَدَايَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لأَنَّ هذَيْنِ النَّبِيَّيْنِ كَانَا قَدْ عَذَّبَا السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ. 11ثُمَّ بَعْدَ الثَّلاَثَةِ الأَيَّامِ وَالنِّصْفِ، دَخَلَ فِيهِمَا رُوحُ حَيَاةٍ مِنَ اللهِ، فَوَقَفَا عَلَى أَرْجُلِهِمَا. وَوَقَعَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا يَنْظُرُونَهُمَا. 12وَسَمِعُوا صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لَهُمَا: «اصْعَدَا إِلَى ههُنَا». فَصَعِدَا إِلَى السَّمَاءِ فِي السَّحَابَةِ، وَنَظَرَهُمَا أَعْدَاؤُهُمَا. 13وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَسَقَطَ عُشْرُ الْمَدِينَةِ، وَقُتِلَ بِالزَّلْزَلَةِ أَسْمَاءٌ مِنَ النَّاسِ: سَبْعَةُ آلاَفٍ. وَصَارَ الْبَاقُونَ فِي رَعْبَةٍ، وَأَعْطَوْا مَجْدًا لإِلهِ السَّمَاءِ. 14الْوَيْلُ الثَّانِي مَضَى وَهُوَذَا الْوَيْلُ الثَّالِثُ يَأْتِي سَرِيعًا.

15ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّابِعُ، فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ قَائِلَةً: «قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ». 16وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا الْجَالِسُونَ أَمَامَ اللهِ عَلَى عُرُوشِهِمْ، خَرُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا ِلله 17قَائِلِينَ: «نَشْكُرُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، لأَنَّكَ أَخَذْتَ قُدْرَتَكَ الْعَظِيمَةَ وَمَلَكْتَ. 18وَغَضِبَتِ الأُمَمُ، فَأَتَى غَضَبُكَ وَزَمَانُ الأَمْوَاتِ لِيُدَانُوا، وَلِتُعْطَى الأُجْرَةُ لِعَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ وَالْقِدِّيسِينَ وَالْخَائِفِينَ اسْمَكَ، الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، وَلِيُهْلَكَ الَّذِينَ كَانُوا يُهْلِكُونَ الأَرْضَ». 19وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ

 

1وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، 2وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ. 3وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ. 4وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ، حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ. 5فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ، 6وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا.

7وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ 8وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ. 9فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ. 10وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلاً فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلاً. 11وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ. 12مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلاً».

13وَلَمَّا رَأَى التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ، 14فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ. 15فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ. 16فَأَعَانَتِ الأَرْضُ الْمَرْأَةَ، وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ. 17فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

1ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، فَرَأَيْتُ وَحْشًا طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى قُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجَانٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ اسْمُ تَجْدِيفٍ. 2وَالْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتُهُ كَانَ شِبْهَ نَمِرٍ، وَقَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ، وَفَمُهُ كَفَمِ أَسَدٍ. وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَانًا عَظِيمًا. 3وَرَأَيْتُ وَاحِدًا مِنْ رُؤُوسِهِ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ لِلْمَوْتِ، وَجُرْحُهُ الْمُمِيتُ قَدْ شُفِيَ. وَتَعَجَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ وَرَاءَ الْوَحْشِ، 4وَسَجَدُوا لِلتِّنِّينِ الَّذِي أَعْطَى السُّلْطَانَ لِلْوَحْشِ، وَسَجَدُوا لِلْوَحْشِ قَائِلِينَ: «مَنْ هُوَ مِثْلُ الْوَحْشِ؟ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ؟» 5وَأُعْطِيَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا أَنْ يَفْعَلَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا. 6فَفَتَحَ فَمَهُ بِالتَّجْدِيفِ عَلَى اللهِ، لِيُجَدِّفَ عَلَى اسْمِهِ، وَعَلَى مَسْكَنِهِ، وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي السَّمَاءِ. 7وَأُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَأُمَّةٍ. 8فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ. 9مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ! 10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجْمَعُ سَبْيًا، فَإِلَى السَّبْيِ يَذْهَبُ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَقْتُلُ بِالسَّيْفِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ. هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإِيمَانُهُمْ.

11ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشًا آخَرَ طَالِعًا مِنَ الأَرْضِ، وَكَانَ لَهُ قَرْنَانِ شِبْهُ خَرُوفٍ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ، 12وَيَعْمَلُ بِكُلِّ سُلْطَانِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ أَمَامَهُ، وَيَجْعَلُ الأَرْضَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي شُفِيَ جُرْحُهُ الْمُمِيتُ، 13وَيَصْنَعُ آيَاتٍ عَظِيمَةً، حَتَّى إِنَّهُ يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ قُدَّامَ النَّاسِ، 14وَيُضِلُّ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِي أُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَهَا أَمَامَ الْوَحْشِ، قَائِلاً لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَصْنَعُوا صُورَةً لِلْوَحْشِ الَّذِي كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ. 15وَأُعْطِيَ أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ، وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْشِ يُقْتَلُونَ. 16وَيَجْعَلَ الْجَمِيعَ: الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، وَالأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ، وَالأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، تُصْنَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلَى يَدِهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جَبْهَتِهِمْ، 17وَأَنْ لاَ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعَ، إِّلاَّ مَنْ لَهُ السِّمَةُ أَوِ اسْمُ الْوَحْشِ أَوْ عَدَدُ اسْمِهِ. 18هُنَا الْحِكْمَةُ! مَنْ لَهُ فَهْمٌ فَلْيَحْسُبْ عَدَدَ الْوَحْشِ، فَإِنَّهُ عَدَدُ إِنْسَانٍ، وَعَدَدُهُ: سِتُّمِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ

 

1ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا خَرُوفٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ. 2وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا كَصَوْتِ ضَارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ، 3وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّرْنِيمَةَ إِّلاَّ الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ. 4هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ. هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ. هؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً ِللهِ وَلِلْخَرُوفِ. 5وَفِي أَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُوجَدْ غِشٌّ، لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ.

6ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ، 7قَائِلاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ، وَاسْجُدُوا لِصَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ».

8ثُمَّ تَبِعَهُ مَلاَكٌ آخَرُ قَائِلاً: «سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا!».

9ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاَكٌ ثَالِثٌ قَائِلاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، 10فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ. 11وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلاً لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ». 12هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ. هُنَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ وَإِيمَانَ يَسُوعَ.

13وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لِي: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ». «نَعَمْ» يَقُولُ الرُّوحُ: «لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ».

14ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ. 15وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ، يَصْرُخُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إِلَى الْجَالِسِ عَلَى السَّحَابَةِ: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ وَاحْصُدْ، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتِ السَّاعَةُ لِلْحَصَادِ، إِذْ قَدْ يَبِسَ حَصِيدُ الأَرْضِ». 16فَأَلْقَى الْجَالِسُ عَلَى السَّحَابَةِ مِنْجَلَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَحُصِدَتِ الأَرْضُ.

17ثُمَّ خَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، مَعَهُ أَيْضًا مِنْجَلٌ حَادٌّ. 18وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْمَذْبَحِ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى النَّارِ، وَصَرَخَ صُرَاخًا عَظِيمًا إِلَى الَّذِي مَعَهُ الْمِنْجَلُ الْحَادُّ، قَائِلاً: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ الْحَادَّ وَاقْطِفْ عَنَاقِيدَ كَرْمِ الأَرْضِ، لأَنَّ عِنَبَهَا قَدْ نَضِجَ». 19فَأَلْقَى الْمَلاَكُ مِنْجَلَهُ إِلَى الأَرْضِ وَقَطَفَ كَرْمَ الأَرْضِ، فَأَلْقَاهُ إِلَى مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ. 20وَدِيسَتِ الْمَعْصَرَةُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ دَمٌ مِنَ الْمَعْصَرَةِ حَتَّى إِلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ

 

1ثُمَّ رَأَيْتُ آيَةً أُخْرَى فِي السَّمَاءِ، عَظِيمَةً وَعَجِيبَةً: سَبْعَةَ مَلاَئِكَةٍ مَعَهُمُ السَّبْعُ الضَّرَبَاتُ الأَخِيرَةُ، لأَنْ بِهَا أُكْمِلَ غَضَبُ اللهِ. 2وَرَأَيْتُ كَبَحْرٍ مِنْ زُجَاجٍ مُخْتَلِطٍ بِنَارٍ، وَالْغَالِبِينَ عَلَى الْوَحْشِ وَصُورَتِهِ وَعَلَى سِمَتِهِ وَعَدَدِ اسْمِهِ، وَاقِفِينَ عَلَى الْبَحْرِ الزُّجَاجِيِّ، مَعَهُمْ قِيثَارَاتُ اللهِ، 3وَهُمْ يُرَتِّلُونَ تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفِ قَائِلِينَ: «عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ! 4مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَارَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ؟ لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ».

5ثُمَّ بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا قَدِ انْفَتَحَ هَيْكَلُ خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ فِي السَّمَاءِ، 6وَخَرَجَتِ السَّبْعَةُ الْمَلاَئِكَةُ وَمَعَهُمُ السَّبْعُ الضَّرَبَاتِ مِنَ الْهَيْكَلِ، وَهُمْ مُتَسَرْبِلُونَ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ وَبَهِيٍّ، وَمُتَمَنْطِقُونَ عِنْدَ صُدُورِهِمْ بِمَنَاطِقَ مِنْ ذَهَبٍ. 7وَوَاحِدٌ مِنَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ أَعْطَى السَّبْعَةَ الْمَلاَئِكَةِ سَبْعَةَ جَامَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مَمْلُوَّةٍ مِنْ غَضَبِ اللهِ الْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. 8وَامْتَلأَ الْهَيْكَلُ دُخَانًا مِنْ مَجْدِ اللهِ وَمِنْ قُدْرَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ الْهَيْكَلَ حَتَّى كَمِلَتْ سَبْعُ ضَرَبَاتِ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

1وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ الْهَيْكَلِ قَائِلاً لِلسَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ: «امْضُوا وَاسْكُبُوا جَامَاتِ غَضَبِ اللهِ عَلَى الأَرْضِ». 2فَمَضَى الأَوَّلُ وَسَكَبَ جَامَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَحَدَثَتْ دَمَامِلُ خَبِيثَةٌ وَرَدِيَّةٌ عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ بِهِمْ سِمَةُ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِصُورَتِهِ.

3ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الثَّانِي جَامَهُ عَلَى الْبَحْرِ، فَصَارَ دَمًا كَدَمِ مَيِّتٍ. وَكُلُّ نَفْسٍ حَيَّةٍ مَاتَتْ فِي الْبَحْرِ. 4ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الثَّالِثُ جَامَهُ عَلَى الأَنْهَارِ وَعَلَى يَنَابِيعِ الْمِيَاهِ، فَصَارَتْ دَمًا. 5وَسَمِعْتُ مَلاَكَ الْمِيَاهِ يَقُولُ: «عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَكُونُ، لأَنَّكَ حَكَمْتَ هكَذَا. 6لأَنَّهُمْ سَفَكُوا دَمَ قِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَاءَ، فَأَعْطَيْتَهُمْ دَمًا لِيَشْرَبُوا. لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ!» 7وَسَمِعْتُ آخَرَ مِنَ الْمَذْبَحِ قَائِلاً: «نَعَمْ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! حَقٌّ وَعَادِلَةٌ هِيَ أَحْكَامُكَ».

8ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الرَّابعُ جَامَهُ عَلَى الشَّمْسِ، فَأُعْطِيَتْ أَنْ تُحْرِقَ النَّاسَ بِنَارٍ، 9فَاحْتَرَقَ النَّاسُ احْتِرَاقًا عَظِيمًا، وَجَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ الَّذِي لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى هذِهِ الضَّرَبَاتِ، وَلَمْ يَتُوبُوا لِيُعْطُوهُ مَجْدًا. 10ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الخَامِسُ جَامَهُ عَلَى عَرْشِ الْوَحْشِ، فَصَارَتْ مَمْلَكَتُهُ مُظْلِمَةً. وَكَانُوا يَعَضُّونَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ مِنَ الْوَجَعِ. 11وَجَدَّفُوا عَلَى إِلهِ السَّمَاءِ مِنْ أَوْجَاعِهِمْ وَمِنْ قُرُوحِهِمْ، وَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِهِمْ. 12ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ السَّادِسُ جَامَهُ عَلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ الْفُرَاتِ، فَنَشِفَ مَاؤُهُ لِكَيْ يُعَدَّ طَرِيقُ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ. 13وَرَأَيْتُ مِنْ فَمِ التِّنِّينِ، وَمِنْ فَمِ الْوَحْشِ، وَمِنْ فَمِ النَّبِيِّ الْكَذَّابِ، ثَلاَثَةَ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ شِبْهَ ضَفَادِعَ، 14فَإِنَّهُمْ أَرْوَاحُ شَيَاطِينَ صَانِعَةٌ آيَاتٍ، تَخْرُجُ عَلَى مُلُوكِ الْعَالَمِ وَكُلِّ الْمَسْكُونَةِ، لِتَجْمَعَهُمْ لِقِتَالِ ذلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، يَوْمِ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. 15«هَا أَنَا آتِي كَلِصٍّ! طُوبَى لِمَنْ يَسْهَرُ وَيَحْفَظُ ثِيَابَهُ لِئَّلاَ يَمْشِيَ عُرْيَانًا فَيَرَوْا عُرْيَتَهُ». 16فَجَمَعَهُمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى بِالْعِبْرَانِيَّةِ «هَرْمَجَدُّونَ».

17ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ السَّابعُ جَامَهُ عَلَى الْهَوَاءِ، فَخَرَجَ صَوْتٌ عَظِيمٌ مِنْ هَيْكَلِ السَّمَاءِ مِنَ الْعَرْشِ قَائِلاً: «قَدْ تَمَّ!» 18فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَبُرُوقٌ. وَحَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهَا مُنْذُ صَارَ النَّاسُ عَلَى الأَرْضِ، زَلْزَلَةٌ بِمِقْدَارِهَا عَظِيمَةٌ هكَذَا. 19وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ، وَمُدُنُ الأُمَمِ سَقَطَتْ، وَبَابِلُ الْعَظِيمَةُ ذُكِرَتْ أَمَامَ اللهِ لِيُعْطِيَهَا كَأْسَ خَمْرِ سَخَطِ غَضَبِهِ. 20وَكُلُّ جَزِيرَةٍ هَرَبَتْ، وَجِبَالٌ لَمْ تُوجَدْ. 21وَبَرَدٌ عَظِيمٌ، نَحْوُ ثِقَلِ وَزْنَةٍ، نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى النَّاسِ. فَجَدَّفَ النَّاسُ عَلَى اللهِ مِنْ ضَرْبَةِ الْبَرَدِ، لأَنَّ ضَرْبَتَهُ عَظِيمَةٌ جِدًّا.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ السَّابعُ عَشَرَ

 

1ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتُ وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً لِي: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ دَيْنُونَةَ الزَّانِيَةِ الْعَظِيمَةِ الْجَالِسَةِ عَلَى الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، 2الَّتِي زَنَى مَعَهَا مُلُوكُ الأَرْضِ، وَسَكِرَ سُكَّانُ الأَرْضِ مِنْ خَمْرِ زِنَاهَا». 3فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ مَمْلُوءٍ أَسْمَاءَ تَجْدِيفٍ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ. 4وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا، 5وَعَلَى جَبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «سِرٌّ. بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ». 6وَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ سَكْرَى مِنْ دَمِ الْقِدِّيسِينَ وَمِنْ دَمِ شُهَدَاءِ يَسُوعَ. فَتَعَجَّبْتُ لَمَّا رَأَيْتُهَا تَعَجُّبًا عَظِيمًا!

7ثُمَّ قَالَ لِي الْمَلاَكُ: «لِمَاذَا تَعَجَّبْتَ؟ أَنَا أَقُولُ لَكَ سِرَّ الْمَرْأَةِ وَالْوَحْشِ الْحَامِلِ لَهَا، الَّذِي لَهُ السَّبْعَةُ الرُّؤُوسِ وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ: 8الْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتَ، كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، وَهُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَصْعَدَ مِنَ الْهَاوِيَةِ وَيَمْضِيَ إِلَى الْهَلاَكِ. وَسَيَتَعَجَّبُ السَّاكِنُونَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، حِينَمَا يَرَوْنَ الْوَحْشَ أَنَّهُ كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، مَعَ أَنَّهُ كَائِنٌ. 9هُنَا الذِّهْنُ الَّذِي لَهُ حِكْمَةٌ! اَلسَّبْعَةُ الرُّؤُوسِ هِيَ سَبْعَةُ جِبَال عَلَيْهَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةً. 10وَسَبْعَةُ مُلُوكٍ: خَمْسَةٌ سَقَطُوا، وَوَاحِدٌ مَوْجُودٌ، وَالآخَرُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ. وَمَتَى أَتَى يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى قَلِيلاً. 11وَالْوَحْشُ الَّذِي كَانَ وَلَيْسَ الآنَ فَهُوَ ثَامِنٌ، وَهُوَ مِنَ السَّبْعَةِ، وَيَمْضِي إِلَى الْهَلاَكِ. 12وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ لَمْ يَأْخُذُوا مُلْكًا بَعْدُ، لكِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ سُلْطَانَهُمْ كَمُلُوكٍ سَاعَةً وَاحِدَةً مَعَ الْوَحْشِ. 13هؤُلاَءِ لَهُمْ رَأْيٌ وَاحِدٌ، وَيُعْطُونَ الْوَحْشَ قُدْرَتَهُمْ وَسُلْطَانَهُمْ. 14هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ». 15ثُمَّ قَالَ لِيَ: «الْمِيَاهُ الَّتِي رَأَيْتَ حَيْثُ الزَّانِيَةُ جَالِسَةٌ، هِيَ شُعُوبٌ وَجُمُوعٌ وَأُمَمٌ وَأَلْسِنَةٌ. 16وَأَمَّا الْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى الْوَحْشِ فَهؤُلاَءِ سَيُبْغِضُونَ الزَّانِيَةَ، وَسَيَجْعَلُونَهَا خَرِبَةً وَعُرْيَانَةً، وَيَأْكُلُونَ لَحْمَهَا وَيُحْرِقُونَهَا بِالنَّارِ. 17لأَنَّ اللهَ وَضَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا رَأْيَهُ، وَأَنْ يَصْنَعُوا رَأْيًا وَاحِدًا، وَيُعْطُوا الْوَحْشَ مُلْكَهُمْ حَتَّى تُكْمَلَ أَقْوَالُ اللهِ. 18وَالْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي لَهَا مُلْكٌ عَلَى مُلُوكِ الأَرْضِ».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ

 

1ثُمَّ بَعْدَ هذَا رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ، لَهُ سُلْطَانٌ عَظِيمٌ. وَاسْتَنَارَتِ الأَرْضُ مِنْ بَهَائِهِ. 2وَصَرَخَ بِشِدَّةٍ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْعَظِيمَةُ! وَصَارَتْ مَسْكَنًا لِشَيَاطِينَ، وَمَحْرَسًا لِكُلِّ رُوحٍ نَجِسٍ، وَمَحْرَسًا لِكُلِّ طَائِرٍ نَجِسٍ وَمَمْقُوتٍ، 3لأَنَّهُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا قَدْ شَرِبَ جَمِيعُ الأُمَمِ، وَمُلُوكُ الأَرْضِ زَنَوْا مَعَهَا، وَتُجَّارُ الأَرْضِ اسْتَغْنَوْا مِنْ وَفْرَةِ نَعِيمِهَا».

4ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتًا آخَرَ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «اخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي لِئَلاَّ تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا، وَلِئَلاَّ تَأْخُذُوا مِنْ ضَرَبَاتِهَا. 5لأَنَّ خَطَايَاهَا لَحِقَتِ السَّمَاءَ، وَتَذَكَّرَ اللهُ آثَامَهَا. 6جَازُوهَا كَمَا هِيَ أَيْضًا جَازَتْكُمْ، وَضَاعِفُوا لَهَا ضِعْفًا نَظِيرَ أَعْمَالِهَا. فِي الْكَأْسِ الَّتِي مَزَجَتْ فِيهَا امْزُجُوا لَهَا ضِعْفًا. 7بِقَدْرِ مَا مَجَّدَتْ نَفْسَهَا وَتَنَعَّمَتْ، بِقَدْرِ ذلِكَ أَعْطُوهَا عَذَابًا وَحُزْنًا. لأَنَّهَا تَقُولُ فِي قَلْبِهَا: أَنَا جَالِسَةٌ مَلِكَةً، وَلَسْتُ أَرْمَلَةً، وَلَنْ أَرَى حَزَنًا. 8مِنْ أَجْلِ ذلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَتَأْتِي ضَرَبَاتُهَا: مَوْتٌ وَحُزْنٌ وَجُوعٌ، وَتَحْتَرِقُ بِالنَّارِ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ الَّذِي يَدِينُهَا قَوِيٌّ.

9«وَسَيَبْكِي وَيَنُوحُ عَلَيْهَا مُلُوكُ الأَرْضِ، الَّذِينَ زَنَوْا وَتَنَعَّمُوا مَعَهَا، حِينَمَا يَنْظُرُونَ دُخَانَ حَرِيقِهَا، 10وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ لأَجْلِ خَوْفِ عَذَابِهَا، قَائِلِينَ: وَيْلٌ! وَيْلٌ! الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ بَابِلُ! الْمَدِينَةُ الْقَوِيَّةُ! لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ جَاءَتْ دَيْنُونَتُكِ. 11وَيَبْكِي تُجَّارُ الأَرْضِ وَيَنُوحُونَ عَلَيْهَا، لأَنَّ بَضَائِعَهُمْ لاَ يَشْتَرِيهَا أَحَدٌ فِي مَا بَعْدُ، 12بَضَائِعَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَجَرِ الْكَرِيمِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْبَزِّ وَالأُرْجُوانِ وَالْحَرِيرِ وَالْقِرْمِزِ، وَكُلَّ عُودٍ ثِينِيٍّ، وَكُلَّ إِنَاءٍ مِنَ الْعَاجِ، وَكُلَّ إِنَاءٍ مِنْ أَثْمَنِ الْخَشَبِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالْمَرْمَرِ، 13وَقِرْفَةً وَبَخُورًا وَطِيبًا وَلُبَانًا وَخَمْرًا وَزَيْتًا وَسَمِيذًا وَحِنْطَةً وَبَهَائِمَ وَغَنَمًا وَخَيْلاً، وَمَرْكَبَاتٍ، وَأَجْسَادًا، وَنُفُوسَ النَّاسِ. 14وَذَهَبَ عَنْكِ جَنَى شَهْوَةِ نَفْسِكِ، وَذَهَبَ عَنْكِ كُلُّ مَا هُوَ مُشْحِمٌ وَبَهِيٌّ، وَلَنْ تَجِدِيهِ فِي مَا بَعْدُ. 15تُجَّارُ هذِهِ الأَشْيَاءِ الَّذِينَ اسْتَغْنَوْا مِنْهَا، سَيَقِفُونَ مِنْ بَعِيدٍ، مِنْ أَجْلِ خَوْفِ عَذَابِهَا، يَبْكُونَ وَيَنُوحُونَ، 16وَيَقُولُونَ: وَيْلٌ! وَيْلٌ! الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ الْمُتَسَرْبِلَةُ بِبَزّ وَأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَالْمُتَحَلِّيَةُ بِذَهَبٍ وَحَجَرٍ كَرِيمٍ وَلُؤْلُؤٍ! 17لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ خَرِبَ غِنىً مِثْلُ هذَا. وَكُلُّ رُبَّانٍ، وَكُلُّ الْجَمَاعَةِ فِي السُّفُنِ، وَالْمَّلاَحُونَ وَجَمِيعُ عُمَّالِ الْبَحْرِ، وَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ، 18وَصَرَخُوا إِذْ نَظَرُوا دُخَانَ حَرِيقِهَا، قَائِلِينَ: أَيَّةُ مَدِينَةٍ مِثْلُ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ؟ 19وَأَلْقَوْا تُرَابًا عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَصَرَخُوا بَاكِينَ وَنَائِحِينَ قَائِلِينَ: وَيْلٌ! وَيْلٌ! الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، الَّتِي فِيهَا اسْتَغْنَى جَمِيعُ الَّذِينَ لَهُمْ سُفُنٌ فِي الْبَحْرِ مِنْ نَفَائِسِهَا! لأَنَّهَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ خَرِبَتْ! 20اِفْرَحِي لَهَا أَيَّتُهَا السَّمَاءُ وَالرُّسُلُ الْقِدِّيسُونَ وَالأَنْبِيَاءُ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَانَهَا دَيْنُونَتَكُمْ».

21وَرَفَعَ مَلاَكٌ وَاحِدٌ قَوِيٌّ حَجَرًا كَرَحىً عَظِيمَةٍ، وَرَمَاهُ فِي الْبَحْرِ قَائِلاً: «هكَذَا بِدَفْعٍ سَتُرْمَى بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، وَلَنْ تُوجَدَ فِي مَا بَعْدُ. 22وَصَوْتُ الضَّارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ وَالْمُغَنِّينَ وَالْمُزَمِّرِينَ وَالنَّافِخِينَ بِالْبُوقِ، لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَكُلُّ صَانِعٍ صِنَاعَةً لَنْ يُوجَدَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَصَوْتُ رَحىً لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. 23وَنُورُ سِرَاجٍ لَنْ يُضِيءَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَصَوْتُ عَرِيسٍ وَعَرُوسٍ لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. لأَنَّ تُجَّارَكِ كَانُوا عُظَمَاءَ الأَرْضِ. إِذْ بِسِحْرِكِ ضَلَّتْ جَمِيعُ الأُمَمِ. 24وَفِيهَا وُجِدَ دَمُ أَنْبِيَاءَ وَقِدِّيسِينَ، وَجَمِيعِ مَنْ قُتِلَ عَلَى الأَرْضِ».



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ

 

1وَبَعْدَ هذَا سَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ فِي السَّمَاءِ قَائِلاً: «هَلِّلُويَا! الْخَلاَصُ وَالْمَجْدُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا، 2لأَنَّ أَحْكَامَهُ حَقٌّ وَعَادِلَةٌ، إِذْ قَدْ دَانَ الزَّانِيَةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي أَفْسَدَتِ الأَرْضَ بِزِنَاهَا، وَانْتَقَمَ لِدَمِ عَبِيدِهِ مِنْ يَدِهَا». 3وَقَالُوا ثَانِيَةً: «هَلِّلُويَا! وَدُخَانُهَا يَصْعَدُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ». 4وَخَرَّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا وَالأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتِ وَسَجَدُوا ِللهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ قَائِلِينَ: «آمِينَ! هَلِّلُويَا!». 5وَخَرَجَ مِنَ الْعَرْشِ صَوْتٌ قَائِلاً: «سَبِّحُوا لإِلهِنَا يَا جَمِيعَ عَبِيدِهِ، الْخَائِفِيهِ، الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ!». 6وَسَمِعْتُ كَصَوْتِ جَمْعٍ كَثِيرٍ، وَكَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، وَكَصَوْتِ رُعُودٍ شَدِيدَةٍ قَائِلَةً: «هَلِّلُويَا! فَإِنَّهُ قَدْ مَلَكَ الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. 7لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوفِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا. 8وَأُعْطِيَتْ أَنْ تَلْبَسَ بَزًّا نَقِيًّا بَهِيًّا، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ».

9وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفِ!». وَقَالَ: «هذِهِ هِيَ أَقْوَالُ اللهِ الصَّادِقَةُ». 10فَخَرَرْتُ أَمَامَ رِجْلَيْهِ لأَسْجُدَ لَهُ، فَقَالَ لِيَ: «انْظُرْ! لاَ تَفْعَلْ! أَنَا عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إِخْوَتِكَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ. اسْجُدْ ِللهِ! فَإِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ».

11ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ. 12وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ اسْمٌ مَكْتُوبٌ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ إِّلاَ هُوَ. 13وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ، وَيُدْعَى اسْمُهُ «كَلِمَةَ اللهِ». 14وَالأَجْنَادُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ عَلَى خَيْل بِيضٍ، لاَبِسِينَ بَزًّا أَبْيَضَ وَنَقِيًّا. 15وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ سَيْفٌ مَاضٍ لِكَيْ يَضْرِبَ بِهِ الأُمَمَ. وَهُوَ سَيَرْعَاهُمْ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ، وَهُوَ يَدُوسُ مَعْصَرَةَ خَمْرِ سَخَطِ وَغَضَبِ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. 16وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ».

17وَرَأَيْتُ مَلاَكًا وَاحِدًا وَاقِفًا فِي الشَّمْسِ، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً لِجَمِيعِ الطُّيُورِ الطَّائِرَةِ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ: «هَلُمَّ اجْتَمِعِي إِلَى عَشَاءِ الإِلهِ الْعَظِيمِ، 18لِكَيْ تَأْكُلِي لُحُومَ مُلُوكٍ، وَلُحُومَ قُوَّادٍ، وَلُحُومَ أَقْوِيَاءَ، وَلُحُومَ خَيْل وَالْجَالِسِينَ عَلَيْهَا، وَلُحُومَ الْكُلِّ: حُرًّا وَعَبْدًا، صَغِيرًا وَكَبِيرًا».

19وَرَأَيْتُ الْوَحْشَ وَمُلُوكَ الأَرْضِ وَأَجْنَادَهُمْ مُجْتَمِعِينَ لِيَصْنَعُوا حَرْبًا مَعَ الْجَالِسِ عَلَى الْفَرَسِ وَمَعَ جُنْدِهِ. 20فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ وَالنَّبِيِّ الْكَذَّابِ مَعَهُ، الصَّانِعِ قُدَّامَهُ الآيَاتِ الَّتِي بِهَا أَضَلَّ الَّذِينَ قَبِلُوا سِمَةَ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ سَجَدُوا لِصُورَتِهِ. وَطُرِحَ الاثْنَانِ حَيَّيْنِ إِلَى بُحَيْرَةِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ بِالْكِبْرِيتِ. 21وَالْبَاقُونَ قُتِلُوا بِسَيْفِ الْجَالِسِ عَلَى الْفَرَسِ الْخَارِجِ مِنْ فَمِهِ، وَجَمِيعُ الطُّيُورِ شَبِعَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الْعِشْرُونَ

 

1وَرَأَيْتُ مَلاَكًا نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُ مِفْتَاحُ الْهَاوِيَةِ، وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى يَدِهِ. 2فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ، 3وَطَرَحَهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ لِكَيْ لاَ يُضِلَّ الأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ، حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. وَبَعْدَ ذلِكَ لاَبُدَّ أَنْ يُحَلَّ زَمَانًا يَسِيرًا.

4وَرَأَيْتُ عُرُوشًا فَجَلَسُوا عَلَيْهَا، وَأُعْطُوا حُكْمًا. وَرَأَيْتُ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ وَمِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْجُدُوا لِلْوَحْشِ وَلاَ لِصُورَتِهِ، وَلَمْ يَقْبَلُوا السِّمَةَ عَلَى جِبَاهِهِمْ وَعَلَى أَيْدِيهِمْ، فَعَاشُوا وَمَلَكُوا مَعَ الْمَسِيحِ أَلْفَ سَنَةٍ. 5وَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ فَلَمْ تَعِشْ حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. هذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى. 6مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً ِللهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ.

7ثُمَّ مَتَى تَمَّتِ الأَلْفُ السَّنَةِ يُحَلُّ الشَّيْطَانُ مِنْ سِجْنِهِ، 8وَيَخْرُجُ لِيُضِلَّ الأُمَمَ الَّذِينَ فِي أَرْبَعِ زَوَايَا الأَرْضِ: جُوجَ وَمَاجُوجَ، لِيَجْمَعَهُمْ لِلْحَرْبِ، الَّذِينَ عَدَدُهُمْ مِثْلُ رَمْلِ الْبَحْرِ. 9فَصَعِدُوا عَلَى عَرْضِ الأَرْضِ، وَأَحَاطُوا بِمُعَسْكَرِ الْقِدِّيسِينَ وَبِالْمَدِينَةِ الْمَحْبُوبَةِ، فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مِنَ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُمْ. 10وَإِبْلِيسُ الَّذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، حَيْثُ الْوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَارًا وَلَيْلاً إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.

11ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ، الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ! 12وَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَانْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ. 13وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ، وَسَلَّمَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا. وَدِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. 14وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي. 15وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ

 

1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. 2وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. 3وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ. 4وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». 5وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ». 6ثُمَّ قَالَ لِي: «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا. 7مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا. 8وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي».

9ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتِ الْمَمْلُوَّةِ مِنَ السَّبْعِ الضَّرَبَاتِ الأَخِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَرُوفِ». 10وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَل عَظِيمٍ عَال، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، 11لَهَا مَجْدُ اللهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ. 12وَكَانَ لَهَا سُورٌ عَظِيمٌ وَعَال، وَكَانَ لَهَا اثْنَا عَشَرَ بَابًا، وَعَلَى الأَبْوَابِ اثْنَا عَشَرَ مَلاَكًا، وَأَسْمَاءٌ مَكْتُوبَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 13مِنَ الشَّرْقِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الشِّمَالِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الْجَنُوبِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الْغَرْبِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ. 14وَسُورُ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَسَاسًا، وَعَلَيْهَا أَسْمَاءُ رُسُلِ الْخَرُوفِ الاثْنَيْ عَشَرَ. 15وَالَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعِي كَانَ مَعَهُ قَصَبَةٌ مِنْ ذَهَبٍ لِكَيْ يَقِيسَ الْمَدِينَةَ وَأَبْوَابَهَا وَسُورَهَا. 16وَالْمَدِينَةُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً مُرَبَّعَةً، طُولُهَا بِقَدْرِ الْعَرْضِ. فَقَاسَ الْمَدِينَةَ بِالْقَصَبَةِ مَسَافَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ غَلْوَةٍ. الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالارْتِفَاعُ مُتَسَاوِيَةٌ. 17وَقَاسَ سُورَهَا: مِئَةً وَأَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، ذِرَاعَ إِنْسَانٍ أَيِ الْمَلاَكُ. 18وَكَانَ بِنَاءُ سُورِهَا مِنْ يَشْبٍ، وَالْمَدِينَةُ ذَهَبٌ نَقِيٌّ شِبْهُ زُجَاجٍ نَقِيٍّ. 19وَأَسَاسَاتُ سُورِ الْمَدِينَةِ مُزَيَّنَةٌ بِكُلِّ حَجَرٍ كَرِيمٍ. الأَسَاسُ الأَوَّلُ يَشْبٌ. الثَّانِي يَاقُوتٌ أَزْرَقُ. الثَّالِثُ عَقِيقٌ أَبْيَضُ. الرَّابِعُ زُمُرُّدٌ ذُبَابِيٌّ 20الْخَامِسُ جَزَعٌ عَقِيقِيٌّ. السَّادِسُ عَقِيقٌ أَحْمَرُ. السَّابِعُ زَبَرْجَدٌ. الثَّامِنُ زُمُرُّدٌ سِلْقِيٌّ. التَّاسِعُ يَاقُوتٌ أَصْفَرُ. الْعَاشِرُ عَقِيقٌ أَخْضَرُ. الْحَادِي عَشَرَ أَسْمَانْجُونِيٌّ. الثَّانِي عَشَرَ جَمَشْتٌ. 21وَالاثْنَا عَشَرَ بَابًا اثْنَتَا عَشَرَةَ لُؤْلُؤَةً، كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَبْوَابِ كَانَ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ. وَسُوقُ الْمَدِينَةِ ذَهَبٌ نَقِيٌّ كَزُجَاجٍ شَفَّافٍ. 22وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلاً، لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ الْقَادِرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ وَالْخَرُوفُ هَيْكَلُهَا. 23وَالْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا. 24وَتَمْشِي شُعُوبُ الْمُخَلَّصِينَ بِنُورِهَا، وَمُلُوكُ الأَرْضِ يَجِيئُونَ بِمَجْدِهِمْ وَكَرَامَتِهِمْ إِلَيْهَا. 25وَأَبْوَابُهَا لَنْ تُغْلَقَ نَهَارًا، لأَنَّ لَيْلاً لاَ يَكُونُ هُنَاكَ. 26وَيَجِيئُونَ بِمَجْدِ الأُمَمِ وَكَرَامَتِهِمْ إِلَيْهَا. 27وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا، إِّلاَّ الْمَكْتُوبِينَ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ.



رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ

 

1وَأَرَانِي نَهْرًا صَافِيًا مِنْ مَاءِ حَيَاةٍ لاَمِعًا كَبَلُّورٍ، خَارِجًا مِنْ عَرْشِ اللهِ وَالْخَرُوفِ. 2فِي وَسَطِ سُوقِهَا وَعَلَى النَّهْرِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ، شَجَرَةُ حَيَاةٍ تَصْنَعُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ثَمَرَةً، وَتُعْطِي كُلَّ شَهْرٍ ثَمَرَهَا، وَوَرَقُ الشَّجَرَةِ لِشِفَاءِ الأُمَمِ. 3وَلاَ تَكُونُ لَعْنَةٌ مَا فِي مَا بَعْدُ. وَعَرْشُ اللهِ وَالْخَرُوفِ يَكُونُ فِيهَا، وَعَبِيدُهُ يَخْدِمُونَهُ. 4وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ، وَاسْمُهُ عَلَى جِبَاهِهِمْ. 5وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.

6ثُمَّ قَالَ لِي: «هذِهِ الأَقْوَالُ أَمِينَةٌ وَصَادِقَةٌ. وَالرَّبُّ إِلهُ الأَنْبِيَاءِ الْقِدِّيسِينَ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَرِيعًا».

7«هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ».

8وَأَنَا يُوحَنَّا الَّذِي كَانَ يَنْظُرُ وَيَسْمَعُ هذَا. وَحِينَ سَمِعْتُ وَنَظَرْتُ، خَرَرْتُ لأَسْجُدَ أَمَامَ رِجْلَيِ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُرِينِي هذَا. 9فَقَالَ لِيَ: «انْظُرْ لاَ تَفْعَلْ! لأَنِّي عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إِخْوَتِكَ الأَنْبِيَاءِ، وَالَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هذَا الْكِتَابِ. اسْجُدْ ِللهِ!». 10وَقَالَ لِي: «لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ. 11مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ».

12«وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ. 13أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ». 14طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، 15لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا.

16«أَنَا يَسُوعُ، أَرْسَلْتُ مَلاَكِي لأَشْهَدَ لَكُمْ بِهذِهِ الأُمُورِ عَنِ الْكَنَائِسِ. أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ».

17وَالرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَنِ: «تَعَالَ!». وَمَنْ يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ: «تَعَالَ!». وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا.

18لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. 19وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ.

20يَقُولُ الشَّاهِدُ بِهذَا: «نَعَمْ! أَنَا آتِي سَرِيعًا». آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ.

21نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.

 

أحبك ربي يسوع
Back to content